صيغة تعليمية مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من الممارسات التعليمية لمؤسسات الفکر التربوي الإسلامي وبعض التجارب العالمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

المستخلص :يهدف البحث لتقديم صيغة تعليمية مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من الممارسات التعليمية لمؤسسات الفکر التربوي الإسلامي وبعض التجارب العالمية الناجحة في مجال تطبيق التعليم داخل الأسرة بصورة نظامية تتولاه جهات رسمية مسؤولة في وزارة التعليم ،حيث تطلب الوصول لبناء الصيغة التعليمية المقترحة الإجابة عن ثلاث أسئلة من أسئلة الدراسة ومناقشتها ،حيث ناقشت الباحثة في الإجابة عن السؤال الأول الممارسات التعليمية في مؤسسات الفکر التربوي الإسلامي في مجال طرق التدريس، وفي السؤال الثاني الممارسات التعليمية في مؤسسات الفکر التربوي الإسلامي في مجال الوسائل والأنشطة ، وفي السؤال الثالث الممارسات التعليمية في مؤسسات الفکر التربوي الإسلامي في مجال محتوى المناهج ،وتناولت في الإطار المفاهيمي عرضا لبعض التجارب العالمية الناجحة للاستفادة منها في هذا الموضوع .

الكلمات الرئيسية


صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من الممارسات التعلیمیة لمؤسسات الفکر التربوی الإسلامی وبعض التجارب العالمیة

بحث من إعداد : د.بدریه خلف حمدان العنزی

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة

کلیة العلوم الاجتماعیة-قسم أصول التربیة

مسار التربیة الإسلامیة

المستخلص :یهدف البحث لتقدیم صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من الممارسات التعلیمیة لمؤسسات الفکر التربوی الإسلامی وبعض التجارب العالمیة الناجحة فی مجال تطبیق التعلیم داخل الأسرة بصورة نظامیة تتولاه جهات رسمیة مسؤولة فی وزارة التعلیم ،حیث تطلب الوصول لبناء الصیغة التعلیمیة المقترحة الإجابة عن ثلاث أسئلة من أسئلة الدراسة ومناقشتها ،حیث ناقشت الباحثة فی الإجابة عن السؤال الأول الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال طرق التدریس، وفی السؤال الثانی الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال الوسائل والأنشطة ، وفی السؤال الثالث الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال محتوى المناهج ،وتناولت فی الإطار المفاهیمی عرضا لبعض التجارب العالمیة الناجحة للاستفادة منها فی هذا الموضوع .

الکلمات المفتاحیة / التعلیم داخل الأسرة –مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی –الممارسات التعلیمیة .

 

 

 

Abstract:

    The purpose of this study was to propose a homeschooling framework for muslim families derived from the practices of Islamic educational thought as well as some international experiences in conducting licensed homeschooling under the supervision of the ministries of education.

In order to develop the proposed framework, the study answered three main research questions; the first of which addressed the practices in the field of the teaching methods in homeschooling in the Islamic educational thought. The second research question addressed the practices in the field of teaching aids and activities in the institutions of Islamic educational thought. The third research question dealt with the practices in the field of curriculum content in the institutions of Islamic educational thought.

In addition to discussing the results of the above-mentioned questions, the researcher presented a conceptual framework, in which some of the successful international experiences in the field of homeschooling were discussed and utilized in the finally proposed homeschooling framework.

 

Keywords: Homeschooling, institutions of Islamic educational thought, teaching practices.


صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من الممارسات التعلیمیة لمؤسسات الفکر التربوی الإسلامی وبعض التجارب العالمیة

بحث من إعداد : د.بدریه خلف حمدان العنزی

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة

کلیة العلوم الاجتماعیة-قسم أصول التربیة

مسار التربیة الإسلامیة

مقدمة :

قامت التربیة الإسلامیة على أسس مختلفة عن جمیع أنواع التربیة الأخرى وعن جمیع الفلسفات التربویة فی کل أنحاء العالم ، وأول هذه الأسس وأهمها هو أنها ربانیة المصدر، أی أن کل قضایاها ومبادئها وخصائصها وأهدافها ومؤسساتها وجوانبها لا تنفک بحال من الأحوال من حیث واقع تطبیقاتها عن الوحی فی رسم کل توجیهات التربیة بدءا من الفرد وانتهاء بالمجتمع .

ومن هذا المنطلق ومن أجل أن التربیة مرتبطة بالفرد والمجتمع وتنمیته منذ نشأته لتحقیق عدة أهداف ,جاءت أهم إحدى هذه الرکائز التی تقوم علیها التربیة الإسلامیة وهی المؤسسات التربویة منذ بزوغ فجر الإسلام ساعیة لبناء الإنسان الکامل لتضمن له حیاة مستقرة وسعادة فی الدنیا والآخرة , ممارسة فی ذلک عددا من الأسالیب التعلیمیة والمناهج المختلفة – وإن تنوعت فی مستویات أدائها - ومحققة عددا من الأهداف فی بناء شخصیة الفرد المسلم الناجح , لتغرس للمسلم قیمته کفرد وقیمته کجزء من مجتمع فتنتج  مجتمعا فریدا من حیث تکامله الدنیوی والأخروی ، فردا یتسم بالحیویة والسعی والعطاء وعمارة الأرض فی کل زمان ومکان .

والممارسات التربویة لهذه المؤسسات من عصر النبوة وعبر التاریخ لیست على نمط واحد , فهی من نواحِ عدة تختلف من فترة لأخرى, فتوسع رقعة  بلاد الإسلام و اختلاف الأوضاع سیاسیة کانت أو اقتصادیة أو غیرها له أکبر الأثر على طروء التغییر على تلک الممارسات , بل التغییر یکون حتى فی العصر الواحد .

 وتعتبر الأسرة أول مؤسسة اجتماعیة فی التربیة الإسلامیة یتلقى الطفل فیها تربیته وتعلیمه من خلال الوالدین، إذ کانت ولا تزال المؤسسة الوحیدة التی تعَلم وتهذب الطفل وتنقل إلیه خبرات الحیاة ومهاراتها المحدودة ومعارفها البسیطة، وقد کان المعلمون منذ عهد الأئمة أبی بکر وعمر وعثمان وعلی رضی الله عنهم یعلمون أطفال المسلمین، کما کان التعلیم مسؤولیة الآباء لوجوب تعلیم الأبناء دینهم، حتى إن القابسی فی" رسالة المعلمین " لا یجد للأب الذی لا یعلم ابنه عذراً إلا إذا کان فقیراً ، فالتعلیم المنظم لم یکن موجوداً فی صدر الإسلام بل کان الآباء هم الذین یقومون بواجب التعلیم زیادة على ما کان یتعلمه البعض فی حلقات المسجد. (محجوب، 2013م، ص50_74) .

ومع تطور الأحوال ودخول التغیرات المتسارعة ،یزداد الحمل والثقل التربوی على الأسرة تجاه أبنائها ،کبقیة مؤسسات التربیة ،فلا یمکن للمدرسة وحدها ولا لبقیة المؤسسات أن تقوم بدور فاعل ومؤثر فیما تهدف إلى تحقیقه من خطط تعلیمیة وتربویة وأصبح الثقل علیها کبیرا جدا ، إذ لابد من بروز دور تکاملی بین هذه المؤسسات .

وقد کان للأسرة فی الفکر التربوی الإسلامی دور بارز فی عملیة التربیة والتعلیم ، حیث کان بیت الأسرة المسلمة مکاناً هاماً للتعلیم، إذ یتلقى فیه الأبناء تعلیمهم الأول ویکتسبوا فیه صنوفاً من المعرفة کروایة الحدیث والشعر والأدب والتاریخ و التفقه فی الدین. (أبو جبلة، 1998م، ص183-185).

  وبالمقابل رکزت التربیة التقلیدیة المعاصرة على المادة الدراسیة داخل المدرسة دون اعتبار فی غالب الأحوال للتفاعل بین تلک المادة وبین حاجات الفرد وقدراته ومیوله، ودون النظر إلى ما ینتج عن هذا التفاعل من اتجاهات نفسیة تحدد ما یحبه الإنسان وما یکرهه (عبدالواسع، 1403ه، ص23).

وسیبدو الأمر على خلاف ذلک فیما لو تم التفکیر فی الوقت المعاصر فی کیفیة تفعیل دور الأسرة للمشارکة مع المدرسة جنبا إلى جنب  فی عملیة التربیة والتعلیم وبصورة منظمة ومدروسة یتم الاعتراف بها والاعتماد علیها من قبل الإدارات التعلیمیة وقیاداتها ، حیث یعتبر الآباء والأمهات هم الأعرف بأبنائهم وبما یحتاجون إلیه من مهارات وعلوم لتطویر عقولهم وصقل شخصیاتهم، بما یعود علیهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة ،فضلاً عن احتمالیة وجود بعض الظروف التی قد تعیق الأبناء عن الذهاب إلى المدرسة کالحروب والتغیرات السیاسیة الطارئة، وانتشار بعض الأمراض والأوبئة ،وتفشی الانقطاع والتسرب من المدارس دون أسباب معلومة فی غالب الأحوال، حیث " یعد التسرب مشکلة لا یقع عبء حملها على النظام التعلیمی فقط وإنما هی تحتاج إلى جهد اقتصادی واجتماعی وثقافی وتربوی شامل"( مرسی ،1988م،ص262).

إن ما یوجد فی الفکر التربوی الإسلامی من نماذج قیمة لتفعیل الدور التعلیمی والتربوی للأسرة المسلمة فی الأسالیب والأنشطة والمناهج والوسائل ،یوضح أن للتربیة الإسلامیة خلال عصورها الماضیة فضل السبق فی إدراک المربین المسلمین أهمیة الأسرة بصفتها من أکثر  مؤسسات التربیة تأثیرا فی بناء شخصیة الفرد الناجح ، وفی الوقت الذی تراجعت فیه الأسرة المسلمة المعاصرة عن إدراک مکانة هذا الدور، بالرغم من ارتفاع وتیرة العدید من التحدیات المعاصرة ، وجدت الباحثة أن هناک اتجاها عالمیا معاصرا متنامیا للاهتمام بشکل ملموس بالتعلیم داخل الأسرة وبصورة منظمة ومعتمدة من الجهات المسؤولة عن التعلیم فی تلک الدول ،یوضح هذا الاتجاه بعض الدراسات العلمیة کدراسة بیل (2013 ) عن "کیفیة مواجهة متطلبات التربیة فی القرن الواحد والعشرین عن طریق التعلیم داخل المنزل" ، ودراسة صغیر(2011) عن " التعلیم داخل الأسرة عن طریق الآباء المسلمین " فی المجتمع الأمریکی ، ودراسة رای (2015) فی الولایات المتحدة الأمریکیة عن " التعلیم فی المنزل والحقائق البحثیة المرتبطة به" ، ودراسة مارتن (2010) " التعلیم داخل الأسرة فی ألمانیا والولایات المتحدة " ،ودراسة لکونزمان (2010) عن" التعلیم فی المنزل والدین – توضیح الارتباط: "

وکذلک دراسة شیبرد (2010)  " الوالدین کمعلمین – دراسة حالة لخبرات ثلاثة عائلات فی التعلیم داخل الأسرة " ، ودراسة أجراها جمال الدین وآخرون (2015) عن " الاتجاهات الحدیثة فی ممارسات التعلیم داخل المنزل – مراجعة نظریة " وغیرها من دراسات تقرر وتؤکد أهمیة ما تم عرضه فی بدایة هذه المقدمة .

مشکلة البحث :

أجریت العدید من الدراسات العلمیة التی تهدف إبراز ما فی الفکر التربوی الإسلامی من قضایا التربیة والتعلیم ، ومن مؤسسات وما یجری فیها من ممارسات تربویة ، ومن حرکة علمیة قویة ارتبطت بذلک وکانت نتیجة له عبر عصور المسلمین الزاهرة ، منها على سبیل المثال –لا الحصر- دراسة عبیر المهیلب (2012) عن " جهود العلماء الإصلاحیة فی الحیاة الاجتماعیة فی دمشق خلال القرن الثامن " ، ودراسة  شطناوی (2008) حول " التربیة والتعلیم فی بلاد الشام فی دولة الممالیک البحریة " ، ودراسة أخرى أجراها النهار (2007)  بعنوان" قراءة فی إنجازات عصر الممالیک العلمیة: العلوم التطبیقیة أنموذجا ، 648 - 923ه " ودراسة  الطاسان (1995) بعنوان " التعلیم فی مکة فی العهد المملوکی " ، ودراسة المروانی (2012) عن " المسئولیة التربویة للأسرة المسلمة فی غرس حب العلم " التی أشارت لوفرة الأسالیب والوسائل التربویة النافعة للأسرة ،والمستمدة من التراث التربوی الإسلامی .

وفی الدراسات الأجنبیة التی أشارت الباحثة لعدد منها-آنفا – یلاحظ من خلالها أن التعلیم داخل الأسرة انتشر انتشاراً واسعاً فی الآونة الأخیرة فی المجتمعات الغربیة کالولایات المتحدة الأمریکیة وکندا ونیوزلندا وغیرها من الدول المتقدمة ، وسعت لاستحداث أسالیب جدیدة فی مجال تطویر هذا النوع من التعلیم .

"کما یلاحظ أن التعلیم داخل الأسرة منتشر فی عدد من الدول ومنها بریطانیا إذ یلتحق به حوالی (20) ألف طالب منزلی، وکندا حوالی (10) آلاف طالب منزلی، واسترالیا (20) الف طالب منزلی، ونیوزلندا حوالی (7000) آلاف طالب منزلی، وکذلک منتشر فی فرنسا والمکسیک، وأسبانیا والسوید والنرویج وهولندا (قلموش، 2014م، ص7) .

ففی "أمریکا تشیر الدراسات المعنیة بهذه الظاهرة إلى أن حرکة التعلیم داخل الأسرة تنمو بسرعة کبیرة، إذ یرى البعض أن عدد طلاب المنازل فی أمریکا لم یتعد (10) آلاف طالب فی أواخر الخمسینیات وأوائل الستینیات من القرن العشرین؛ ووفقا لآخر إحصاء لأعوام 1999م و2003م و2008م یدرس أکثر من (1.5) ملیون طالب داخل الأسرة ، وهو ما یعنی أن الظاهرة تنمو بمعدل سنوی سریع یصل إلى ( 15%) سنویاً" (قلموش، 2014 ، ص6) .

کما أشارت دراسة رای (2015) أن حوالی   ( 2.2) ملیون طالب فی الولایات المتحدة الأمریکیة قد تلقوا تعلیماً داخل الأسرة منفصلًا عن ذلک التعلیم التقلیدی داخل المدرسة، وذلک فی عام( 2010) کما أظهرت نتائج هذه الدراسة أن أعداد الطلاب الذین یخضعون للتعلیم داخل أسرهم آخذة فی النمو عامًا تلو الآخر، حیث تقدر نسبة هذا النمو من 2% إلى 8% لکل عام . 

وتأسیسا على ما سبق تحاول الدراسة الحالیة أن تبنی صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة توائم هذه الصیغة ما بین معطیات الفکر التربوی الإسلامی مستفیدة مما کان یدور فی مؤسساته من ممارسات تعلیمیة فی الأسالیب والوسائل والمحتوى التعلیمی الذی کان یقدم فیها إذ تعد هذه الممارسات الأکثر قربا والتصاقا بمصادرنا الإسلامیة الأصیلة وأکثر استیعابا وفهما لها من حیث التطبیق فی واقع الحیاة التربویة لذا تعد نموذجا یمتلک قیمة عالیة لا یمکن نسیانها أو اعتبارها ضمن وقائع الماضی التاریخی فقط ، وبین معطیات تجارب التعلیم العالمیة المعاصرة الناجحة ، والتی لا تتعارض مع هذه المصادر وهذه الثوابت بل مما یستفیده المسلمون من غیرهم مادام یخدم العلم التربوی فی عدد من الجوانب ویسهم فی تطویره  داخل الأسرة فی الوقت المعاصر وبما یواکب التطور التکنولوجی والمعلوماتی فی هذه المجالات لتستطیع الأسرة المسلمة أن  تجمع بین الأصالة التی تنبثق عن مصادر التربیة الإسلامیة وثوابتها والتی تمثل عقیدتها الموجه الأول لسلوکها ، والمعاصَرة التی تجعلها غیر مغتربة عن مجریات هذا العصر وطبیعة التحول والتطور الهائل على کافة المستویات ، عن طریق التجدید فی إیجاد سبل تعلیمیة تربویة فعالة تتیح للأسرة المسلمة أن یکون لها دور بارز فیها وغیر تقلیدی ،کون التجدید والمعاصرة سمة أساسیة من سمات التربیة الإسلامیة کما قرر ذلک الوحی .

أسئلة البحث :

نظرا لأن بناء الصیغة التعلیمیة المقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة والمستفادة من الممارسات التعلیمیة لمؤسسات الفکر التربوی الإسلامی وبعض التجارب العالمیة المعاصرة الناجحة یتطلب مرحلة سابقة تعتمد على الإجابة عن عدد من الأسئلة البحثیة ، تتمثل فیما یلی:

السؤال الأول : ما الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال محتوى المناهج ؟

السؤال الثانی: ما الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال طرق التدریس ؟

السؤال الثالث : ما الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال الوسائل والأنشطة ؟

وستعتمد الباحثة على ما تتوصل إلیه من نتائج حول أسئلة الدراسة الثلاث ، وعلى الجانب النظری الذی ناقشت فیه الباحثة بعض التجارب العالمیة المعاصرة للتعلیم داخل الأسرة وبصورة منظمة ومعتمدة من المؤسسات الرسمیة ،إلى بناء الصیغة التعلیمیة المقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة.

 

أهداف البحث :

یسعى البحث إلى وضع صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من الممارسات التعلیمیة لمؤسسات الفکر التربوی الإسلامی وبعض التجارب العالمیة المعاصرة ،وذلک من خلال تحقیق الأهداف الفرعیة التالیة :

1- الکشف عن الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال محتوى المناهج .

1- الکشف عن الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال طرق التدریس .

2- تعرف الممارسات التعلیمیة من مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال الوسائل التعلیمیة والأنشطة  .

4- الاستفادة من بعض التجارب العالمیة المعاصرة فی نجاح التعلیم فی التعلیم المنزلی وتحقیقه للأهداف التعلیمیة ،لتوظیفه فی بناء الصیغة التعلیمیة المقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة تحقیقا لمفهوم الأصالة والمعاصرة فی التربیة الإسلامیة .

الدراسات السابقة :  

من خلال التتبع الواسع للدراسات السابقة ذات العلاقة بموضوع الدراسة الحالیة ،وجدت الباحثة أن الدراسات العربیة المرتبطة فی بعض جوانبها به محدودة جدا ، بینما هناک عدد لابأس به من الدراسات الأجنبیة، بحیث أوردت الباحثة معظم  الدراسات ذات العلاقة بدراستها والتی وقعت فی حدود البحث الواسع الذی قامت به للتأکد من عدم وجود دراسة مطابقة لهذه الدراسة ،حیث تبین لها عدم وجود دراسة فی هذا الموضوع ، وستعرض الباحثة هذه الدراسات وفقا لزمن إجرائها من الأقدم للأحدث .

 وتتمثل هذه الدراسات فیما یلی.

1-  دراسة مارتن (2010م بعنوان : " التعلیم فی المنزل فی ألمانیا والولایات المتحدة" . هدفت تلک الدراسة إلى إلقاء الضوء على ظاهرة التعلیم داخل الأسرة فی بعض الدول ومنها ألمانیا والولایات المتحدة، وترجع أهمیة تلک الدراسة إلى تناولها هذا النمط من التعلیم فی دولتین کبیرتین وهما ألمانیا والولایات المتحدة من أجل الوقوف على مدى انتشاره فی تلک الدول، ومدى قدرة الأنظمة التعلیمیة فی تلک الدول على التمشی مع ذلک النمط من التعلیم ، ولتحقیق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفی التحلیلی ، واستخدم المقابلة کأداة لجمع المعلومات والبیانات حیث کانت عینة الدراسة مکونة من 22 أسرة کانت تمارس التعلیم داخل الأسرة ، وکانت تلک الأسر غالبًا ما یقوم الأمهات داخلها بالتدریس للأطفال، وکان الهدف من تلک المقابلات هو الوقوف على مدى ملائمة ذلک النمط التعلیمی للأطفال فی سنوات الدراسة، وکیف یمکن أن یستغنی الطالب عن النظام التقلیدی للتعلیم داخل المدارس عن طریق هذا النمط الجدید، وأظهرت الدراسة عدة نتائج منها : أن التعلیم فی الأسرة فی تلک الدول أصبح ظاهرة اعتبرها التربویون ظاهرة إیجابیة ولیست سلبیة، حیث تنقسم تلک الظاهرة إلى نوعین : منها ما یقوم فیه الآباء والأمهات بدعم المدرسة عن طریق تدریب أطفالهم داخل المنزل على المقررات الدراسیة وممارسة الأنشطة اللاصفیة معًا ، أما النوع الثانی من هذه الظاهرة مع هذا النوع فهو عبارة عن طریقة یستغنی بها الطالب عن المدرسة ککل، ویتلقى تعلیمه من مصدر واحد فقط داخل الأسرة، وأوضحت نتائج تلک الدراسة أیضًا أن الآباء والأمهات لیس لدیهم نیة لإکمال هذا النمط من التعلیم حتى وصول الطالب إلى المرحلة الجامعیة، ولکن کان هذا النظام بشکل مؤقت خلال تلک المرحلة المبکرة من حیاة الطالب الدراسیة. وعند سؤال تلک العائلات عن الدافع وراء استخدامهم لنمط التعلیم داخل الأسرة ، کانت الإجابات متنوعة ومنها الهروب من التکلفة الباهظة لبعض المدارس، أیضًا عدم ثقة هؤلاء الآباء والأمهات فی التعلیم المقدم من  المدرسة، ورغبتهم فی ضمان جودة التعلیم الذی یقدم لأطفالهم داخل المنزل

 2- کما قدّم دوماس وآخرون (2010م) دراسة بعنوان : " التحلیل البنائی للتعلیم فی الأسرة من وجه نظر العلوم الاجتماعیة " هدفت تلک الدراسة إلى عمل تحلیل بنائی لظاهرة التعلیم داخل الأسرة، وذلک من وجهة نظر العلوم الاجتماعیة، حیث اعتبرت تلک الدراسة أن التعلیم داخل الأسرة آخذ فی الانتشار، ویمثل وجود صراع بین المدرسة والآباء والأمهات من أجل ضمان تعلیم ذی جودة مقدم لأطفالهم، وترجع أهمیة تلک الدراسة إلى تناول التعلیم داخل الأسرة من وجهة نظر العلوم الاجتماعیة کذلک الناحیة القانونیة، ولتحقیق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفی التحلیلی، واستخدم الاستبیان کأداة لجمع المعلومات والبیانات، حیث کانت عینة الدراسة مکونة من معلومات وبیانات من المعلمین، بلغ عددهم 7 معلمین، کذلک مجموعة من الآباء والأمهات الذین یمارسون التعلیم فی المنزل وکان عددهم ستة عشر  ( 16) أبا وخمس( 5 ) أمهات، کما کانت العینة مکونة من أحد المتخصصین فی القانون وذلک للوقوف على مدى قانونیة هذا النوع من التعلیم، وکانت عینة الدراسة موجودة بالکامل فی ولایة کالیفورنیا فی الولایات المتحدة الأمریکیة، وأظهرت الدراسة عدة نتائج ومنها:  ، أن المحاکم فی الولایات المتحدة قد أیدت هذا النوع من التعلیم، واعتبرت أن الأب والأم هما المنوط بهما اتخاذ قرار خضوع أو عدم خضوع طفلهم للتعلیم بکافة أنواعه، ومن هنا فإنه لا توجد أیة مسئولیة قانونیة على الأب أو الأم تجاه هذا الطفل الذی یذهب إلى المدرسة ویتلقى تعلیمه فی أسرته فقط، وأما من حیث آراء المعلمین فقد أوضحت أن التعلیم داخل الأسرة لا یعوض الطفل عن الذهاب إلى المدرسة، وذلک لغیاب طبیعة التنافس الذی یکون بین الأطفال داخل حجرة الصف، کذلک عدم وجود طریقة یمکن من خلالها أن یختلط الطفل مع أقرانه فی أنشطة یمکن لها أن تؤدی إلى ثبات تلک المعرفة التی یتلقاها داخل المدرسة.

3- أیضاً أجرى کونزمان (2010م ) دراسة بعنوان " التعلیم فی المنزل والدین – توضیح الارتباط" هدفت الدراسة إلى توضیح الارتباط بین الأسس الدینیة والتعلیم داخل المنزل، حیث ترجع أهمیة تلک الدراسة إلى تناولها العلاقة بین التعلیم فی الأسرة، والأسس الدینیة التی یتم تدریسها للأطفال فی المجتمع الأمریکی، وذلک لعقد الارتباط بین العقیدة التی یتناولها الأطفال عن طریق التعلیم الدینی وتلک المعلومات الدینیة التی یخضعون لتعلیمها عن طریق العلوم المختلفة، ولتحقیق أهداف تلک الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفی التحلیلی، وقام باستخدام المقابلة کأداة لجمع المعلومات والبیانات، حیث کانت عینة الدراسة مکونة من مجموعة من الآباء والأمهات الذین یخضعون لبعض الدورات التدریبیة التربویة فی جامعة إندیانا فی الولایات المتحدة الأمریکیة، وکان الهدف من تلقی تلک الدورات دعم قدرتهم على تعلیم أولادهم داخل المنزل، وأظهرت تلک الدراسة أن الآباء والأمهات عینة الدراسة والذین کان عددهم 7 أفراد (5 أمهات، 2 آباء) کانوا یعارضون نمط التعلیم التقلیدی داخل المدرسة لخلوه من نظام یمکن من خلاله أن یتلقى الطالب دعمًا دینیًا مناسبًا لتلک المرحلة المبکرة، ومن هنا فقد قام هؤلاء الآباء والأمهات بتصمیم الفصول داخل منازلهم، والجمع بین الأطفال وبعضهم البعض من العائلات المختلفة کالجیران أو الأقارب من أجل إعطائهم نوع من التعلیم یربط بین العلوم الدینیة، والعلوم المختلفة، ومن هنا کان التعلیم داخل الأسرة بالنسبة لهؤلاء الآباء والأمهات حلاً یمکن من خلاله عدم الفصل بین العلوم المختلفة والعلوم الدینیة لتلک العلوم على حد قولهم، والتی یجب أن یتعلمها الطالب فی تلک المرحلة المبکرة من تلقیه العلم.

4- وأجرى شیبرد (2010م) دراسة بعنوان " الوالدین کمعلمین – دراسة حالة لخبرات ثلاث عائلات فی التعلیم داخل الأسرة" هدفت  إلى دراسة حالة ثلاث عائلات یمارسون التعلیم داخل منازلهم ، حیث تحاول الدراسة إلقاء الضوء على هذا النمط من التعلیم، ومدى نجاحه فی إعداد طلاب قادرین على مواجهة وتحقیق الأهداف التعلیمیة للمراحل العمریة التی یعیشون فیها، وترجع أهمیة تلک الدراسة إلى تناولها هذا النوع من التعلیم ، من خلال مناقشة آراء عائلات تقوم بهذا النمط من التعلیم بشکل مباشر للوقوف على ارتباط نمط التعلیم داخل الأسرة ، ببعض المتغیرات الأخرى، مثل: مدى نجاح الطلاب وقدرتهم على مواجهة مستقبلهم المهنی، کذلک درجة اقتناع الآباء والأمهات داخل تلک الأسر بجدوى ذلک النوع من التعلیم فی تربیة أبنائهم ، ولتحقیق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفی الکیفی، واستخدم المقابلة کأداة لجمع المعلومات والبیانات؛ حیث قام الباحث بعمل مقابلات مع ثلاث عائلات فی مدینة "إندیانا" بالولایات المتحدة الأمریکیة، من أجل تکوین فکرة عامة عن الظروف التی یقوم من خلالها هؤلاء الآباء والأمهات بتطبیق نمط التعلیم المنزلی، وأظهرت تلک الدراسة بعض النتائج المرتبطة بخبرة هذه العائلات فی ممارسة التعلیم داخل الأسرة؛ ومنها: الاقتناع التام لدى الآباء والأمهات الذین تکونت منهم عینة الدراسة بنمط التعلیم فی المنزل، وتشجیعهم لأصدقائهم وجیرانهم على ممارسة هذا النمط مع أبنائهم، حیث اقتنع هؤلاء الآباء والأمهات بقدرتهما على مواجهة الحاجات الدراسیة لأبنائهم، وضمان نوع جید من التعلیم لهم. وعند سؤال العینة عن مدى اقتناعهم بتحقیق المستقبل المهنی الجید لأولادهم نتیجة هذا النوع من التعلیم ، فقد ذکرت  عینة الدراسة اطمئنانهم على مستقبل أطفالهم المهنی بعد ممارسة التعلیم داخل الأسرة لهم؛ حیث یخضع هؤلاء الطلاب للامتحانات بشکل سنوی داخل إطار المدارس، ویحققون درجات مرتفعة من شأنها أن تکون دالة على التحصیل الدراسی المتمیز الذی یحققه أطفالهم ، ومن هنا فقد أوضحت نتائج الدراسة أن التعلیم داخل الأسرة یمکن أن یمثل نمطًا من التعلیم موازیًا للتعلیم التقلیدی، ویمکن أن یحل محله، ویبرر ذلک هذا الانتشار الواسع لتلک الظاهرة فی العالم بشکل عام، والولایات المتحدة بشکل خاص، حیث یقوم الطلاب الممارسین لهذا النوع من التعلیم بتلقی تعلیمهم داخل أسرهم، ثم الخضوع للامتحانات  داخل إحدى المدارس التی توفر لهم هذه الخدمة.

5- وقدم بیل (2013 م) دراسة بعنوان " کیفیة مواجهة متطلبات التربیة فی القرن الواحد والعشرین عن طریق التعلیم فی هدفت الدراسة إلقاء الضوء على ظاهرة التعلیم فی المنزل ، ومدى قدرة هذه الظاهرة على مواجهة متطلبات القرن الواحد والعشرین، وترجع أهمیة تلک الدراسة إلى تناولها ظاهرة التعلیم داخل الأسرة، وکیف یمکن لهذا النمط من التعلیم مواجهة متطلبات القرن الواحد والعشرین، وتحقیق أهداف التربیة للطلاب مقارنة بالأسلوب التقلیدی فی التعلیم وهو التعلیم المدرسی، ولتحقیق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوثائقی؛ حیث قام الباحث بمراجعة الأدبیات المرتبطة بظاهرة التعلیم داخل الأسرة، کذلک بعض الإحصائیات والنشرات الواردة بشأن هذا النمط من التعلیم، ومدى انتشاره فی الولایات المتحدة الأمریکیة والهند ، وأظهرت نتائج الدراسة أن ظاهرة التعلیم داخل الأسرة آخذة فی الانتشار، وذلک على مستوى الولایات المتحدة الأمریکیة بجمیع ولایاتها، حیث أوضح الباحث أن 93% من العائلات الأمریکیة تمیل إلى الرضا عن نمط التعلیم داخل الأسرة، بینما لا تقوم نسبة کبیرة بتطبیق هذا النمط من التعلیم داخل إطار الأسرة، کما أوضحت نتائج الدراسة أیضًا أن نسبة کبیرة من أولئک الذین یطبقون نمط التعلیم داخل الأسرة ، کانوا یطبقونه بغرض دینی، وبلغت نسبتهم 92% من مجمل الأسر التی تقوم بتطبیق هذا النمط، کما أوضحت نتائج الدراسة أن التعلیم داخل الأسرة  فی الهند ضیق الانتشار بنسبة کبیرة، حیث لا تتعدى الأسر الهندیة التی تقوم بتطبیقه  ألف أسرة على مستوى الدولة ککل، ومن هنا فقد أرجع الباحث ذلک التباین فی النتائج إلى بعض الأسباب، ومنها: أن المجتمع الأمریکی یقوم بتطبیق نوع موحد من التعلیم فی إطار مناهج شاملة، یستطیع من خلالها المعلمون داخل المدارس تحقیق أهداف التربیة للقرن الواحد والعشرین، وهذا ما أدى إلى عدم اقتناع الکثیر من الأسر بجدوى تلک النظم التعلیمیة فی تنمیة شخصیة أبنائهم، وإعدادهم لمتطلبات القرن الواحد والعشرین فلجأت هذه الأسر إلى تطبیق نمط التعلیم فی المنزل، وعلى النقیض من ذلک فإن دولة الهند تتمیز بطابع ثقافی متنوع من حیث الثقافة واللغة فی آن واحد، وهذا ما أدى إلى اختلاف نمط التعلیم فی الکثیر من مدن الهند ومقاطعاتها، من أجل تلبیة الحیز الثقافی الخاص بکل منطقة، وهذا ساعد أولیاء الأمور داخل الأسر من الاقتناع بعدم جدوى التعلیم داخل الأسرة فی تحقیق الأهداف التی تستطیع المدرسة تحقیقها.

 6- کما أجرت لورین النخالة (2013م) دراسة بعنوان " درجة ممارسة الأسرة الفلسطینیة للأسالیب التربویة المتضمنة فی الفکر التربوی الإسلامی وسبل تطویرها " هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على درجة ممارسة الأسرة الفلسطینیة  للأسالیب التربویة المتضمنة فی الفکر التربوی الإسلامی وسبل تطویرها، استخدمت الباحثة المنهج الوصفی التحلیلی  ولتحقیق أهداف الدراسة قامت الباحثة باستخدام أداتین الأولى الاستبانة مکونة من(41) عبارة موزعة على خمسة مجالات، طبقت على عینة عشوائیة مقدراها (700) طالب وطالبة، بنسبة (6.5%) من مجتمع الدراسة المکون من (10723) طالب وطالبة من محافظتی غرب غزة وشرق غزة، أما الأداة الثانیة فکانت مقابلة مع عدد من المتخصصین فی مجال التربیة الإسلامیة وتدریسها، وکان من أبرز نتائج هذه الدراسة: أن درجة ممارسة الأسرة الفلسطینیة للأسالیب التربویة المتضمنة فی الفکر التربوی الإسلامی حصلت على وزن نسبی (87.90%) ، وبدرجة کبیرة جدا .

7- کما أجرت هنادی عبدالمحسن (2015م) دراسة بعنوان" العوامل المنزلیة المشجعة على التدریس المنزلی للقراءة لطلبة الحلقة الأولى من التعلیم الأساسی من وجهة نظر المعلمین وأولیاء الأمور فی مدینة عمان" .

 هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على العوامل المنزلیة المشجعة على التدریس المنزلی للقراءة لطلبة الحلقة الأولى من التعلیم الأساسی من وجهة نظر المعلمین وأولیاء الأمور فی مدینة عمان، قامت الباحثة باستخدام المنهج الوصفی المسحی، کما اشتملت عینة الدراسة على خمسة عشر (15) مدرسة حکومیة من ثلاثة ألویة تم اختیارها باستخدام العینة العشوائیة العنقودیة متعددة المراحل، وتم توزیع الاستبانة على معلمی الحلقة الأولى وأولیاء الأمور فیها وبلغ عدد المعلمین (170) معلماً ومعلمة، وبلغ عدد أولیاء الأمور (78) ولی أمر.

وکان من أبرز نتائج هذه الدراسة ما یأتی:  العوامل المنزلیة المشجعة على التدریس المنزلی للقراءة لدى طلبة الحلقة الأولى من التعلیم الأساسی من وجهة نظر المعلمین کانت بدرجة مرتفعة ومتوسطة، وجاءت العوامل المنزلیة المشجعة على التدریس المنزلی للقراءة لدى طلبة الحلقة الأولى من التعلیم الأساسی من وجهة نظر أولیاء الأمور کانت بدرجة مرتفعة ومتوسطة.

8- وقام رای (2015م) بإجراء دراسة بعنوان "التعلیم فی الأسرة والحقائق البحثیة المرتبطة به" .تهدف هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على التعلیم داخل الأسرة، والحقائق البحثیة المرتبطة به حیث تتناول الدراسة التعلیم فی المنزل من حیث المزایا والعیوب، کذلک تُلقی الدراسة الضوء على الإحصائیات المرتبطة به بالولایات المتحدة الأمریکیة، وترجع أهمیة الدراسة إلى تناولها التعلیم فی الأسرة کأحد الاقتراحات الموجودة على الساحة کبدیل للتعلیم التقلیدی داخل المدارس، کما تنبع أهمیة تلک الدراسة من إبرازها لتلک الأرقام المرتبطة بمدى انتشار التعلیم فی الأسرة فی إحدى الدول الکبرى وهی الولایات المتحدة الأمریکیة، ولتحقیق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوثائقی حیث قام الباحث بمراجعة الأدبیات المرتبطة بالتعلیم فی الأسرة، کذلک مراجعة بعض الإحصائیات المرتبطة بمدى انتشار هذا النوع من التعلیم فی الولایات المتحدة الأمریکیة ، وذلک من أجل جمع المعلومات والبیانات، وأظهرت تلک الدراسة عدة نتائج منها: أن حوالی 2.2ملیون طالب فی الولایات المتحدة الأمریکیة قد تلقوا تعلیماً فی الأسرة منفصلًا عن التعلیم التقلیدی داخل المدرسة، وذلک فی عام 2010م. کما أظهرت نتائج الدراسة أن أعداد الطلاب الذین یخضعون للتعلیم فی أسرهم آخذة فی النمو عامًا تلو الآخر، حیث تقدر نسبة هذا النمو من 2% إلى 8% لکل عام، کما أظهرت نتائج الدراسة أن التعلیم فی الأسرة یتمیز بالقدرة على متابعة الطالب بشکل مستمر، وتنوع الأنشطة الدراسیة من أنشطة صفیة إلى أنشطة لا صفیة داخل المنزل بحیث یستطیع المعلم والذی یتمثل فی الأب أو الأم أو کلیهما من متابعة الطالب طوال الوقت، ومن هنا یستطیع الطالب تحصیل مواده الدراسیة بشکل أفضل، وأوصت تلک الدراسة بضرورة وضع الکتب الإرشادیة وتصمیم المناهج التی یمکن تطبیقها داخل الأسرة، وتصمیم الدورات لهؤلاء الآباء والأمهات الذین یقومون بتربیة أبنائهم وتقدیم هذا النوع من التعلیم لهم .

9- وأجرى جمال الدین وآخرون (2015 م ) دراسة بعنوان : " الاتجاهات الحدیثة فی ممارسات التعلیم فی المنزل – مراجعة نظریة " هدفت الدراسة إلى مراجعة الاتجاهات الحدیثة فی ممارسة التعلیم داخل الأسرة، حیث ترجع أهمیتها إلى اهتمامها بهذا النمط من بالتعلیم من الناحیة النظریة لتحاول الإجابة على بعض التساؤلات الخاصة بالنموذج الذی یتم من خلاله ممارسة هذا النوع من التعلیم، وترجع أهمیتها أیضًا إلى اهتمامها بمدى تناول البحوث التربویة لهذا النمط من التعلیم ومعالجته نظریًا، ولتحقیق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوثائقی لجمع المعلومات والبیانات، وقام بمراجعة الأدبیات المرتبطة بالتعلیم فی الأسرة داخل السیاق المالیزی، وأوضحت نتائج تلک الدراسة أن ظاهرة التعلیم داخل الأسرة فی مالیزیا تتمیز بطابع متوسط الحجم، حیث لا تمیل تلک الظاهرة فی کثیر من الأحیان إلى احتلال دور التعلیم التقلیدی الممارس داخل المدارس، حیث ذکرت الدراسة أن معظم الدراسات المرتبطة بالتعلیم داخل الأسرة ، قد تم عملها فی الولایات المتحدة الأمریکیة، حیث توجد نسبة کبیرة توضح انتشاره فی الولایات المتحدة، وقد أرجع الباحث ذلک إلى تنوع الهویات الثقافیة داخل إطار الولایات المتحدة الأمریکیة، أما على مستوى المجتمع المالیزی فکانت الظاهرة تتمیز بانتشار متوسط، أرجعه الباحث لعدم وجود هذا التنوع الثقافی والدینی فی مالیزیا، وقدرة المؤسسات التعلیمیة على الوفاء بمتطلبات تنمیة شخصیة الطلاب، ونقل المعرفة العلمیة السلیمة لهم بشکل یرضی المجتمع ککل، وعلى رأسهم أولیاء أمور هؤلاء الطلاب الذین یخضعون لهذا النوع من التعلیم. 

 التعلیق على الدراسات السابقة :

من خلال استعراض الدراسات السابقة نجدها تتفق جمیعها مع الدراسة الحالیة فی موضوعها الأساسی وهو ممارسة التعلیم  داخل الأسرة ،مع اختلافها مع الدراسة الحالیة فی الجوانب والمجالات التی بحثتها ،وإضافة إلى اتفاقها فی الموضوع فقد اتفق عدد کبیر منها مع الدراسة الحالیة فی المنهج المستخدم ،فنجد أن کل من دراسة مارتن (2010م) ودراسة کونزمان (2010م) ودراسة  شیبرد (2010م) ودراسة بیل (2013م)،ودراسة رای (2015م) ودراسة جمال الدین وآخرون (2015م)،قد استخدمت المنهج الوثائقی، بینما اختلفت معها فی ذلک کل من دراسة دوماس (2010م) ودراسة لورین النخالة (2013م) ودراسة هنادی عبدالمحسن (2015م) حیث استخدمت هذه الدراسات مناهج أخرى لتحقیق أهدافها،   أما من حیث اتفاق واختلاف المجالات التی تناولتها الدراسات السابقة مع الدراسة الحالیة فلم یوجد من بینها دراسة لا عربیة ولا أجنبیة هدفت لبناء صیغة تعلیمیة مقترحة للتعلیم داخل الأسرة فیما یتعلق بالدراسات الأجنبیة ،أو هدفت لبناء صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة مستفادة من ممارسات المؤسسات فی الفکر التربوی الإسلامی والتجارب العالمیة الناجحة فیما یتعلق بالدراسات العربیة ،  أما من حیث النتائج التی توصلت إلیها هذه الدراسات فنجد أنها تؤکد على جدوى وأهمیة التعلیم داخل الأسرة وما حققه من إیجابیات موازیة فی الکفاءة للتعلیم المدرسی ،فاتفقت دراسة کل من مارتن (2010م)، ودراسة دوماس (2010م)، ودراسة کونزمان (2010م)، ودراسة شیبرد (2010م)،ودراسة بیل(2013م) ،ودراسة جمال الدین وآخرون(2015م)،ودراسة هنادی عبدالمحسن(2015م)، على أن التعلیم فی محیط الأسرة هو نمط بدیل للتعلیم المدرسی، یحقق عددا کبیرا من الأهداف التی یحققها التعلیم فی المدرسة ،إضافة إلى أهداف أخرى ینفرد بها، ویتمیز بها عن التعلیم المدرسی ، فاتفقت الدراسات الأجنبیة جمیعها على تزاید عدد الأسر المطبقة لهذا النمط من التعلیم، وانتشاره بحیث أصبح ظاهرة فی عدد من الدول المتقدمة ،واتفقت على أنه نمط یخضع لشروط معینة وله قوانینه المنظمة له فی تلک الدول ،وأن المناهج التی تسمح تلک الدول للآباء والأمهات بها هی المناهج التی یتم تقدیمها فی المدارس ،مع تنوع فی طبیعة الوسائل والأنشطة من دولة لأخرى ما بین أنشطة تحدد نوعیتها المدارس للآباء والأمهات ، وأخرى یترک لهم مجال واسع فی عملیة اختیارها بما یحقق الأهداف المحددة ،ثم یختبر الطلاب الذین تلقوا تعلیما داخل الأسرة مع أقرانهم فی نفس المرحلة فی المدارس النظامیة ،وبینت الدراسات أیضا أن أغلب تلک الدول تهتم بمتابعة الأسر التی تخضع لهذا النوع من التعلیم، والتأکد من تقدیمه بالشکل الذی یتماشى مع الأهداف  التعلیمیة ،وتقدیم الدعم لتلک الأسر ما بین دورات تدریبیة ولقاءات وأنشطة توعویة، والتزوید بالوسائل التعلیمیة المناسبة، وأوصى بعض هذه الدراسات ضرورة تصمیم مناهج تلائم التعلیم داخل الأسرة وتواجه بعض معوقات تحقیقه للأهداف المرسومة من حیث مدى قدرته على تنمیة الهویة والعلاقات الاجتماعیة للطالب ،ومستوى الإعداد التربوی للآباء والأمهات الذین یتولون هذا النوع من التعلیم ،أو مدى تحقیقه للتکامل النفسی والمعرفی والوجدانی .

أهمیة الدراسة :

1- ندرة الدراسات – على حد علم الباحثة  – التی تناولت التعلیم داخل الأسرة بصورة منظمة ومخطط لها ،وعدم وجود دراسة تناولت بناء صیغة تعلیمیة مستفادة من الممارسات التربویة لمؤسسات الفکر التربوی الإسلامی وبعض التجارب العالمیة المعاصرة التی طبقت هذا النوع من التعلیم، بما یجعله مشارکا قویا للتعلیم فی مؤسسات التربیة الأخرى فی المجالات المحددة فی الدراسة، إذ کانت أغلب الدراسات ترکز على تشخیص الواقع التربوی الذی یجری داخل الأسرة فقط .

2- تحاول الباحثة من خلال هذه الدراسة تقدیم مقترحات کحلول لعدد من المشکلات التربویة التی قد تسببها مجموعة من الظروف کالانقطاع عن الدراسة ، أو المشکلات : العامة والأزمات الاقتصادیة والسیاسیة الطارئة والتی قد یمر بها أی مجتمع من المجتمعات ،ومنها ما أشار له (کومبز، 1971) کمشکلة الزیادة السکانیة المطردة مع الزیادة الشدیدة فی التطلع للتعلیم والضغط على المدارس والجامعات ، والنقص فی الموارد المالیة ،والجمود الملازم لنظم التعلیم الذی یجعلها تستجیب ببطء شدید لکی تلائم بین ظروفها الداخلیة وبین التغیرات والاحتیاجات الجدیدة ،حیث یسهم بناء صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة المعاصرة فی تقدیم بعض البدائل والحلول سواء فی ظل مثل هذه الظروف ، أو فی ظل الأوضاع الطبیعیة مساندا فی ذلک فی إنجاح العملیة التعلیمیة النظامیة فی المدارس .(کومبز ، ف (1971م) .

3- مساعدة المعنیین والمسؤولین فی وزارة التعلیم من خلال تقدیم هذه الصیغة المقترحة لهم لدراسة تطبیقها وتفعیلها فی المجتمع السعودی ضمن نظامه التعلیمی ، کونها جمعت بین السمات الأساسیة الممیزة للمجتمع المسلم والمنطلقة من ثوابته ومصادره العقدیة ، وبین التحدیات المعاصرة وکیفیة التناغم والتعایش معها ومواکبتها بما یحقق للمؤسسات التربویة فی مجتمعنا الدخول فی المنافسة العالمیة فی المجال التربوی والتعلیمی وبأسالیب وحلول وبدائل جدیدة .

4- بعث وإحیاء التراث التربوی الإسلامی وما یزخر به من قضایا مرتبطة بعملیة التربیة والتعلیم ، والتی لاتزال ذات قیمة علمیة وتربویة فی تکوین شخصیة الفرد المسلم وتربیته وتعلیمه ،حیث تعد هذه الدراسة نوعا من الجهد فی غربلة ما فی التراث التربوی الإسلامی مما هو مفید ومناسب فی الوقت الحاضر للتطبیق والتفعیل ، دون إقصاء لمعطیات الحاضر من تطور أحدث تغییرا لبعض هذه الأسالیب أو الوسائل أو المناهج ،وإحداث المزاوجة بین ما کان أصیلا نافعا للتطبیق ، وما هو جدید موافق للتطور التقنی والتکنولوجی فی الأسالیب والوسائل والمناهج التربویة والتعلیمیة ،حیث سیعتمد بناء الصیغة التعلیمیة المقترحة داخل الأسرة على هذه المنطلقات .

- حدود الدراسة :

 سوف تقتصر الدراسة فی حدودها الموضوعیة على بناء صیغة تعلیمیة مقترحة مستفادة من الممارسات التعلیمیة فی الفکر التربوی الإسلامی والتجارب العالمیة المعاصرة فی ثلاث مجالات : فی الأسالیب التعلیمیة ، وفی الوسائل التعلیمیة، وفی محتوى المناهج التعلیمیة.

 

المصطلحات:

- صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة : تقصد بها الباحثة فی هذه الدراسة: منظومة  متکاملة مقترحة مبنیة فی ضوء نتائج الدراسة لتکون بدیلا مشارکا للتعلیم  النظامی، وذلک من خلال الاستفادة من تطبیقات التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی والتجارب العالمیة المعاصرة التی طبقت التعلیم داخل الأسرة وفق نظام معین وذلک فی مجال الأسالیب والوسائل التعلیمیة ومحتوى المناهج .

- الفکر التربوی الإسلامی : فی هذه الدراسة لا یقصد به المفهوم الشامل لمعنى الفکر التربوی الإسلامی الذی یشمل مجموعة الأفکار والآراء والنظریات التی احتوتها دراسات الفقهاء والفلاسفة والعلماء المسلمین ، وإنما یقصد به جملة الممارسات السلوکیة التی صدرت عن المسلمین فی عصور التربیة الإسلامیة وتتصل بالقضایا التعلیمیة والتربویة ،خاصة فی مجال الأسالیب التربویة والوسائل والأنشطة ،ومحتوى المناهج (علی ،2010 ،ص53) .

- التعلیم المنزلی : بدیل تعلیمی یکون فیه الآباء مسؤولین وبشکل کامل عن تعلیم أبنائهم خارج الأطر الرسمیة فی المدارس الحکومیة أو الخاصة. هو: شکل بدیل أو داعم للتعلیم.                                 (Macloughlin&chambers,2004)  

- منهج الدراسة :

 یستخدم البحث المنهج الوصفی فی أسلوبه الوثائقی ، ومعتمدا على الطریقة الاستقرائیة فی تتبع المعلومات والحقائق وتحلیلها وصولا إلى نتائج عامة یتم فی ضوئها بناء الصیغة التعلیمیة المقترحة .

- الإطار المفاهیمی للبحث :

س / عدد المؤسسات المنوطة بالتعلیم  فی الفکر التربوی الإسلامی والتجارب العالمیة المعاصرة  .

لکی نصل إلى صیغة تعلیمیة مقترحة مستقاة من الفکر التربوی الإسلامی مرورا بالتجارب العالمیة المعاصرة ، قسمنا الإطار المفاهیمی إلى مبحثین للإجابة على هذا التساؤل .

المبحث الأول : مؤسسات التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی .

 بالبحث تبین أن هناک العدید من مؤسسات التعلیم فی العصور الإسلامیة، مع تفاوت نسبی فی الأدوار المنوطة بها - حیث کانت المساجد والکتاتیب وبعض الأماکن العامة والخاصة - هی المؤسسات العلمیة الأولیة عند العرب فی عهد رسول الله صلى الله علیه وسلم وخلفائه الراشدین، وکان إلى جانب تلک المؤسسات العلمیة مواطن جدیدة للتعلیم تلت ذلک العهد وهی قصور الأمراء ، ومنازل الأعیان. (طلس، 2012، ص47) 

وقد کانت المؤسسات التربویة فی الفکر التربوی الإسلامی أبرز جوانب التطبیقات التربویة وضوحا ، وجاءت بقیة الجوانب کالمحتوى العلمی ،وطرق التدریس وأسالیبه ،ونوعیة اختیار المعلمین تبعا للمکان أو المؤسسة التی تتم فیها عملیة التربیة والتعلیم مکملة لهذا الدور التربوی الرائع ، ویمکن للباحثة بیان أهم هذه المؤسسات ومایدور بداخل تلک المؤسسات من ممارسات تعلیمیة فی الآتی :

أولا : المکتب أو الکتاب :

 اختلف اللغویون فی اشتقاقات هذه الکلمة ودلالة کل اشتقاق ،فعند ابن منظور المکتب أو الکتاب :موضع تعلیم الکتّاب (أی الصبیان)،والجمع الکتاتیب والمکاتب، وعلى هذا فهو یرى جواز إطلاق لفظة (الکتّاب) على موضع التعلیم وعلى الصبیان الذین یتعلمون فی هذا الموضع ، بینما یفصل المبرد-کما یقول ابن منظور- فی معنى کل اشتقاق هذه الکلمة ، فیجعل المکتب موضع التعلیم ،والمُکْتِب المعلم ،والکُتّاب الصبیان، ویخطیء من یطلق على الموضع لفظ الکُتّاب (ابن منظور ، ج10 ، ص 481) .

وقد عرف المسلون هذا النوع من التعلیم منذ فجر الإسلام ،ولعل الحاجة إلیه قد ظهرت بدرجة أکبر بعد هجرة المسلمین إلى المدینة ،إذ فی هذه الفترة- العهد المدنی- نزلت الآیات الخاصة بالعبادات والأحکام والمعاملات والآداب الاجتماعیة العامة ، التی یحتاج النشء المسلم إلى تعلمها ،وازداد اهتمام المسلمین بتأسیس المکاتب فی عهد الخلفاء الراشدین ، وذلک لاتساع الفتوحات الإسلامیة وزیادة الداخلین فی الإسلام ، فقد أمر عمر بن الخطاب رضی الله عنه ببناء بیوت المکاتب ،ونَصَب الرجال لتعلیم أبناء المسلمین وتأدیبهم ،وجعل لهم رزقا من بیت المال ،وأمر أن یکون التعلیم على فترتین أثناء النهار،من بعد صلاة الصبح إلى الضحى ،ومن صلاة الظهر إلى العصر ، واستمر اهتمام المسلمین فی العصور التالیة لعصر الخلفاء الراشدین بهذا التعلیم الأولی (العرینی ،1995،ص 102) .

وفی عهد الدولة الأمویة عندما انتشرت الدواوین فی عهد عبدالملک بن مروان وتأکدت أهمیة القراءة والکتابة ،ازداد عدد المکاتب بحیث أصبح فی کل قریة کتّاب ،وکانت أحجام الکتاتیب مختلفة ، فبعضها عبارة عن حجرة واحدة ،والآخر قد یشغل مکانا متسعا ، ،فیروی یاقوت فی "معجم الأدباء ،ص354" أن کتّاب أبی قاسم البلخی کان به ثلاثة آلاف تلمیذ ،وکان فسیحا جدا یتسع لهذا العدد، ولهذا احتاج البلخی أن یرکب حماراً لیتردد بین هؤلاء وأولئک ویشرف عل جمیع تلامیذه"  .

کما اختلف أیضا عدد المعلمین فی الکتاب ، فبعضها فیه معلم واحد ،والآخر قد یکون فیه أکثر من ذلک ،وکان المعلم یخصص جزءا من الأجرة التی یأخذها لتأثیث الکتّاب ،وأحیانا یتعاون معه بعض الآباء فی ذلک ،وکانت أدوات الدراسة عبارة عن مصحف ،وعدد من الألواح والدُّوى والأقلام .

- أنواع الکتاتیب :

 لوحظ من خلال القراءة المتوسعة فی الفکر التربوی الإسلامی عن الکتاتیب ،أن هناک عدة أنواع ،یمکن أن تصنف وفقا للآتی :

أ- أنواع الکتّاب من الناحیة الاجتماعیة : هناک نوعان من المکاتب :

- أحدهما یطلق علیه مکاتب الأیتام ، یُنشؤها أهل الخیر والعلم لتعلیم الأیتام والفقراء ،ومنهج الدراسة فیه یسیر وفق شروط من یوقف المال علیها، کما یطلق علیها مکاتب السبیل، وکان یخصص لکل مکتب مؤدِّب یساعده عریف . (متولی ،2004 ) .

 ولعل هذا النوع من المکاتب ظهر الاهتمام به نتیجة تأثیر الظروف السیاسیة فی ذلک الوقت من کثرة الفتوح واتساعها ،حیث یکثر أبناء وأیتام الشهداء ،وکذا یکثر السبی والغنائم .

- الثانی :هی المکاتب الخاصة وینشؤها من یتخذ التعلیم حرفة له ،ویدفع الصبیان فیها أجر تعلیمهم (متولی ، 2004م ) .

ب-أنواع الکتاتیب من الناحیة العلمیة : هناک نوعان أیضا وفقا لهذا التصنیف :

    -الکتّاب لتعلیم الکتابة : کان موجودا قبل الإسلام داخل الجزیرة العربیة وخارجها،إلا أنه أخذ یکتسب أهمیة أکبر بعد الإسلام ،لیتم فیه تعلیم تعالیم هذا الدین ،وتعلم القراءة والکتابة ،ونتیجة لاهتمام النبی صلى الله علیه وسلم بتعلیم الکتابة لأبناء المسلمین حیث کان یفدی الکاتبین من الأسرى مقابل تعلیم أبناء المسلمین الکتابة ،وتقریب من کانوا یعرفون الکتابة إلیه وجعلهم بعض خاصته ،أثرت هذه السیاسة التربویة منه - صلى الله علیه وسلم - فی الخلفاء والأمراء الذین فتحوا الشام والمشرق الإسلامی فیما بعد ، حیث ساروا علیها ،وأنشأوا الکتاتیب وأرسلوا أبناءهم إلیها ،ومن الشواهد على ذلک ما قاله إیاس بن معاویة :" کنت فی مکتب بالشام ،وکنت صبیا " ویشیر الشاهد إلى وجود صبیان من النصارى والمسلمین بهذا المکتب ، کما أن هناک أشخاصا عاشوا فی القرن الثالث اقترنت أسماؤهم بصفة المکتب ،مثل عثمان بن عبدالرحمن المکّتب من حرَّان ،وعبید الله بن محمد المکِّتب من بیت ( لهیا)، والعباس بن عثمان المکّتب ، الذی سکن حی الراهب بدمشق وتوفی ( 239هـ ) وغیرهم ،مما یعنی أن ذلک کان معروفا فی العصر الذی سبق هذا العصر مباشرة (أبیض ،1989 م).

- الکتَّاب القرآنی :وهو ما یمکن أن یسمى بالنوع الثانی من الکتّاب من حیث الغرض الذی یسعى لتحقیقه ،أو هو نوع مطوّر من الکتاب الذی کان فی بدایة أمره لتعلیم القراءة والکتابة والدین ،حیث قالت (ملکة أبیض ،1989 ،ص143) عنه "هو مؤسسة إسلامیة کیَّف العرب من خلالها الکّتاب القدیم بصورة تلبی حاجات التعلیم الدینی الجدید " مبینة أنه رغم صعوبة تحدید زمان هذا التطور ومکانه ،إلا أن المرجح أنه ظهر أیام الخلیفة عمر بن الخطاب، مستندة إلى الشاهد الذی یقول "إنه کان بالمدینة أیام عمر ثلاثة معلمین یعلمون الصبیان ،وأن عمر کان یرزق کلا منهم خمسة عشر درهما کل شهر " .وأشارت إلى أن الکتاتیب الخاصة بتعلیم الکتابة وإن کانت قد تأخرت نسبیا فی إنشائها بالشام ،إلا أنهم سارعوا إلى إنشاء الکتاتیب القرآنیة منذ القرن الأول الهجری ،أی مع بدایة عهد الدولة الأمویة فی المشرق بدلیل بعض الشواهد التی أوردتها ومنها " مرَّ الولید بن عبد الملک على معلم کتّاب فوجد عنده صبیة ،فقال :ما تصنع هذه عندک ؟ فقال : أعلمها الکتابة والقرآن ،فأشار علیه الخلیفة بأن یجعل من یعلمها أصغر منها سنا " ومنها " أن عبدالله بن زید ،وأبو قلابة الجرمی    ( ت104هـ ) انتقلا من البصرة إلى داریا وأقاما فیها مکتبا یعلمان فیه الصبیان القرآن ".

المرحلة العمریة لمن یلتحق بالکتاب : وضح العرینی (1995)  بما أن التعلیم فی المکتب یعتبر تعلیما أولیا وأساسیا للنشء فی المجتمعات الإسلامیة ، فالصبی یدخل الکتّاب بعد أن یکون قد اکتسب من أسرته بعض المعارف ،وخاصة من نشأ فی بیئة علمیة ،ولم تکن هناک سن معینة یبدأ عندها الطفل فی تلقی العلم ،وإنما کان ذلک متروکا لتقدیر آباء الصبیان ،کما یخضع الأمر لطبیعة الصبی نفسه ومدى قدرته على التعلم المبکر، وبالتالی فإن السن المثلى لبدء التعلیم فی المکتب هی ما بین الخامسة والسابعة ،وذلک لأن الصبی فی هذه السن یکون قد تخطى الطفولة المبکرة التی یکثر الطفل فیها - غالبا - اللهو واللعب ،کما أن الطفل فی سن ما قبل الخامسة یمیل إلى الانطلاق ، وإجباره على القعود فی مکان معین لتلقی العلم أمر صعب . ولیس هناک تحدید معین للسن الذی تنتهی عنده هذه المرحلة لتبدأ المرحلة التی تلیها ، حیث یعتمد على قدرة الصبی على التعلیم فتمتد أو تقصر بحسب ذلک .

مکان الکتّاب :

المکاتب من هذا الجانب تنقسم إلى قسمین :

- من حیث المکان منها ما هو فی المساجد .

- ومنها ما هو خارجها أو قریبا منها .

ومن الأسباب التی دعت إلى ضرورة أن تبنى مکاتب خارج المساجد ، أن الحی الواحد ربما یحتاج إلى أکثر من مکتب واحد ، ولاشک أن المساجد لا تستوعب الأعداد المتزایدة من المکاتب ، لأن ذلک سیؤدی إلى التشویش على المصلین ، أو على حلقات العلماء الآخرین .

منهج الدراسة بالمکتب :

أشار ابن خلدون إلى طریقة التعلیم التی تجری فی المکاتب لأهل الأمصار الإسلامیة ، ومشیرا إلى الأسلوب الذی یدرس من خلاله منهج المکتب ،یقول ابن خلدون : "وأما أهل المشرق فیخلطون فی التعلیم کذلک على ما یبلغنا ولا أدری مدى عنایتهم بها ،والذی یُنقل لنا أن عنایتهم بدراسة القرآن ومصحف العلم وقوانینه فی زمن الشبیبة ولا یخلطون بتعلیم الخط بل لتعلیم الخط عندهم قانون ومعلمون له على انفراده کما تُتعلم سائر الصنائع ، ولا یتداولونها فی مکاتب الصبیان ، وإذا کتبوا لهم الألواح فبخط قاصر عن الإجادة ،ومن أراد تعلُّم الخط فعلى قدر ما یسنح له بعد ذلک من الهمة فی طلبه ویبتغیه من أهل صنعته " (ابن خلدون ، د.ت ،ص 689) .

وهنا یبین ابن خلدون أن منهج الدراسة فی المکتب فی المشرق الإسلامی خلال القرن الأول والثانی کان یرکز على تعلیم الشباب القرآن وبعض العلوم الأخرى ، وأشار إلى أن تعلیم  الکتابة والخط یتم بشکل مستقل ومعلمون خاصون عمن یعلمون القرآن ،فهم یفصلون فی تعلیم صبیانهم بین تعلیم القرآن الذی یقوم به الملقِّن، وبین تعلیم الکتابة والقراءة واللغة وما إلیها مما یقوم به المکتِّب ، ولهذا ذهب بعض الباحثین المحدثین إلى أن أهل المشرق ،لدیهم نوعان من المکاتب لکل مکتب منهج مستقل (العرینی ،1995).

وأشار عباس (1989 ،ص184) إلى بعض مناهج الدراسة فی کتّاب الأندلس فقال : "ولیس لدینا أی خبر عن عدد الطلاب الذین کانوا یخضعون لإشراف مکتب واحد ، ولا عن الساعات التی کانوا یقضونها یومیا فی الکتّاب ،أما أیام التدریس فیمکننا أن نقدِّر أنها تشمل کل أیام الأسبوع ماعدا یوم الجمعة والعیدین ، وربما صح لنا أن نتصور بأن ساعات التدریس کانت تقل فی رمضان عما هی علیه فی الشهور الأخرى ، ولا تسوی المدینة والأریاف فی هذا التقدیر، ففی حال البوادی والأریاف قد یذهب بنا الظن إلى أن الطلاب - أو بعضهم- کانوا ینقطعون عن الحضور فی أیام القطاف والعصیر والحصاد والدیاس مساعدة منهم لأهلیهم ، وخصوصا أن الحضور لم یکن إجباریا، لأنه مرتبط بالأجر الذی یدفعه الطالب للمعلم ".

 أما عن محتوى التدریس فإن ابن خلدون نقل فی مقدِّمته عن أهل الأندلس فی هذا الشأن قائلاً : " وأما أهل الأندلس فمذهبهم تعلیم القرآن والکتاب  من حیث هو ، وهذا هو الذی یراعونه فی التعلیم ، إلا أنه لما کان القرآن أصل ذلک وأسّه ومنبع الدین والعلوم جعلوه أصلا فی التعلیم ،فلا یقتصرون لذلک علیه فقط بل یخلطون فی تعلیمهم للولدان روایة الشعر فی الغالب والترسُّل   وأخذهم بقوانین العربیة وحفظها وتجوید الخط والکتاب ،ولاتختص عنایتهم فیه بالخط أکثر من جمیعها إلى أن یخرج الولد من عمر البلوغ إلى  الشبیبة وقد شدا بعض الشیء فی العربیة والشعر والبَصَر بهما وبرَّز فی الخط والکتابة وتعلَّق  بأذیال العلم على الجملة لو کان فیها سنَد لتعلیم  العلوم ،لکنهم ینقطعون عن ذلک لانقطاع سند   التعلیم فی آفاقهم ولا یحصل بأیدیهم إلا ما حصل   من ذلک التعلیم الأول " .  

إذن فتعلیم القرآن الکریم هو أول ما یُبدأ به فی کتّاب الأندلس قراءة وکتابة ، وهو المحور الذی یدور علیه التعلیم فی المکتب، لکن هل یکلف الصبیان فی المکتب بقراءة وکتابة القرآن کله أو أجزاء منه ؟ وهل یکتفی المعلم بتعلیم الصبی القراءة فقط ؟ أم لابد من الاستظهار وتفهم المعانی ؟ یجیب عن ذلک (العرینی ،1995،ص86) فیقول:

   یبدو- وکما تشیر المصادر- أن التعلیم یتم بالتدرج من السهل إلى الصعب حیث یبدأ الصبی  أولاً بتهجی کلمات الآیة ،وضبط حروفها وکتابتها  باللوح على هیئة کلمات مقطعة ثم جمعها لتکون آیة ، یقرؤها المعلم مجوّدة فیرددها الصبیان خلفه، حتى یقوِّموا قراءتهم ثم یطلب المعلم منهم واحدا واحداً قراءتها حتى یطمئن إلى قراءتهم لها بطریقة صحیحة ، ویتم حفظها بعد ذلک ،وتزداد مع تقدم الصبیان فی التعلیم الآیات التی یقرؤونها ویحفظونها بهذه الطریقة ،   ولوحظ أن الصبیان یستفیدون من هذه الطریقة  بأنهم یتعلمون القراءة والکتابة وتحسین الخط ،ویحفظون القرآن ویتعلمون قواعد التجوید  وتطبیقاتها  .   

أما عن استیعابهم لمعانی القرآن ، وحفظ القرآن کله أو جزء منه فبین أن الصبی لایشترط أن یحفظ القرآن کله لکی ینهی هذه المرحلة من التعلیم ، وفیما یتعلق بتفهم المعانی،فإن أعمارهم بصفة عامة قاصرة عن الفهم الکامل لمعانی القرآن ،ویقتصر المعلم على تفهیمهم ما تستطیع عقولهم استیعابه وما یحتاجونه فی إقامة الفرائض ، وخاصة الصلاة .وکان للآباء دور فعال وبارز فی تحدید نوع ما یقدم لأبنائهم من تعلیم ،حیث کانوا ینتقون لأبنائهم الکتاتیب ، ویتفقون مع معلمیها على الأجر ویشارطونهم على مقدارها أسبوعیا، کما یشارطونهم على ما یجب أن یتعلمه أبناؤهم (طلس، 2012م، ص67).

کما أنه من سمات المحتوى التعلیمی المقدم فی هذه المؤسسات ومنها الکتاب أنه کان یراعی القدرات والمواهب عند المتعلم ، وکان المعلم له دور مهم فی تحدیده واختیاره ،فقال الزرنوجی فی رسالته (1425، ص31) : "ینبغی لطالب العلم أن لا یختار نوع العلم بنفسه ، بل یفوض أمره إلى الأستاذ ، فإن الأستاذ قد حصل له من التجارب فی ذلک فکان أعرف بما ینبغی لکل أحد وما یلیق بطبیعته" . کما جاء فی ترجمة ابن الخطیب المری : " أنه کان له ولدان أحدهما یقال له شمس الدین کان ذکیاً حتى أنه أوصى به أحد تلامذته المشهورین قال : " وأوصیه ثم أوصیه بأن یبالغ فی تربیة ولدی أبی بکر فإن أثار الفطنة والذکاء ظاهرة علیه " (محجوب، 2007م، ص106).

وینبغی أن یبتدئ بشیء یکون أقرب إلى فهمه فیصف (الزرنوجی، 1425، ص49) فی رسالته یقول : " کان الشیخ الإمام الأستاذ شرف الدین العقیلی رحمه الله یقول : الصواب عندی فی هذا ما فعله مشایخنا- رحمهم الله- فإنهم کانوا یختارون للمبتدئ صغارات المبسوط لأنه أقرب إلى الفهم والضبط ، وأبعد من الملالة، وأکثر وقوعاً بین الناس " .

أجرة التعلیم فی الکتّاب :

 کان تقاضی الأجر على التعلیم أکثر ما یمیز فترة التعلیم فی الکتّاب ،لأن معلم الکتّاب لا یجد وسیلة أخرى یرتزق منها ، وأن فکرة التخلی عن الأجر جملة لم تکن قاعدة إلا فی الطور النهائی من مرحلة ما بعد الکتَّاب ، وهی مرحلة ما فوق الکتّاب أو طور التخصص الکلی فی الفقه أو الحدیث أو القراءة أو العربیة ، لأن أکثر القائمین على هذه العلوم کانوا من المتورعین الذین یعتمدون فی تعیشهم على مورد خارج نطاق العلم (عباس ، 1989م ) .

ثانیا: المساجد :

تعد مرحلة التعلیم فی المساجد المرحلة التی تلی التعلیم فی الکتّاب ،وتتجلى فی هذه المرحلة حریة الاختیار ،لأن الطالب یقصد فیها مؤدبا أو شیخاً طارت سمعته فی التعلیم ،بملء إرادته ،فإذا لم یفد منه تحوّل إلى غیره ،کما یُحکم الطالب فی هذه المرحلة قسطاً من الثقافة الأساسیة ، ثم إذا شاء التمیز تمهّر فی واحد أو غیر واحد من العلوم .

ووضحت (ملکة أبیض،1989) أن الخطوط العامة للعملیة التربویة ترسم على صعید المرکز،إلا أن وضع هذه الخطط موضع التنفیذ یترک فیه مجال واسع للأفراد والجماعات المختلفة ، وحین یستهدی هؤلاء فی عملهم بالنموذج الأول ، نموذج الرسول الکریم صلى الله علیه وسلم ،ویتبادلون خبراتهم وتجاربهم فتتقارب التطبیقات المختلفة ، فتصبح أشبه ما تکون بوجوه متعددة لتحقیق هدف واحد، وإذا انتقلنا إلى إدارة التربیة - فی الشام على سبیل المثال-وإدارة المسجد بصفته المؤسسة المعدة لتقدیم التربیة العامة، نجد أن ملامح هذا النموذج تتجلى فیها خلال الفترة الأولى ،فترة الخلفاء الراشدین والأمویین ، وتضعف تدریجیا فی الفترة العباسیة .

کان الاهتمام بالمسجد کمؤسسة تربویة فی الفکر التربوی الإسلامی بالغا وظاهرا ، حیث ارتبط تاریخ التربیة الإسلامیة ارتباطا وثیقا بالمسجد ، وقد قامت حلقات الدراسة فی المسجد منذ نشأ ، واستمرت کذلک على مر السنین والقرون ، ولعل السبب فی جعل المسجد مرکزا ثقافیا هو أن التعلیم فی صدر الإسلام کان یتضمن دراسات دینیة تشرح تعالیم الدین الجدید وتوضح أسسه وأحکامه وأهدافه ، ثم أخذت مهمة المسجد خلال العصور الإسلامیة التالیة فی التوسع ، فاتخذه المسلمون إضافة إلى کونه مکانا للعباده وشرح تعالیم الدین، معهدا لمراحل متقدمة فی التعلیم وداراً للقضاء وساحة تتجمع فیه الجیوش ومکانا لاستقبال السفراء . ( شلبی ، 1976، ص102).

 ومن الأمثلة على ذلک ، المسجد الجامع فی قرطبة والذی لم کان مرآة لازدیاد ضروب النشاط العلمی أیضا ، وقد واکب النمو فی قرطبة ازدیاد عدد مساجدها، ففی حین کانت مساجدها أیام عبدالرحمن الداخل (490) مسجدا ،قفز هذا الرقم أیام الناصر وابن أبی عامر إلى ما یقارب ألفی (2000) مسجدا ،وإذا کانت المدن الأندلسیة الأخرى ، ومعها البوادی الأندلسیة ، لا تستطیع مجاراة قرطبة فی هذا النمو، فإنها کانت تجد کفایتها من المساجد ، وهذا الازدیاد مطرد فی عددها ، وهو أحد أسباب تأخر ظهور "المدرسة" فی الأندلس عما علیه الوضع فی المشرق الإسلامی ، یؤید ذلک ما قاله (عباس ،1989،ص179) الذی عزى سر تأخر ظهور المدرسة فی الأندلس إلى فترة بلغت قرنین أو أکثر عن ظهورها فی المشرق إلى الاستکثار العام من المساجد والاهتمام الکبیر بها فیقول : " ولعلنی لا أستبق النتائج إذ أقول أن هذا الاستکثار العام من المساجد من أهم الأسباب التی أخرت ظهور المدرسة فی الأندلس ، بعد فترة تبلغ حوالی قرنین أو أکثر من ظهورها فی المشرق ، وثانی تلک الأسباب المهمة أن الدولة لم تتدخل فی توجیه طلب العلم فی الأندلس ، بل ترکته حرا خاضعا لمبادرات فردیة " .

منهج الدراسة فی المسجد:

 إن معظم التعلیم فی المسجد کان یتطلب معرفة القراءة والکتابة بصورة مسبقة ، وهذا یعنی أن دور الکتّاب سابق للمسجد ، کما أن عددا من الشیوخ دأبوا منذ نهایة القرن الأول على مطالبة الذین یودون حضور حلقاتهم فی المسجد بتعلم القرآن قبل قبولهم فیها (أبیض،1989).

 وعند تتبع مناهج التدریس فی المساجد فی الفکر التربوی الإسلامی لوحظ  أن الدراسة بالمساجد تقسّم إلى ثلاث مراحل :

- مرحلة ابتدائیة لحفظ القرآن الکریم ودراسة فوق ما درس فی الکتاتیب .

- مرحلة (ثانویة) تتسع فیها الدراسة على أیدی مدرسین أکثر علماً .

- مرحلة (عالیة) أو(نهائیة) تدرس فیها أمهات الکتب على ید طائفة من الجهابذة ، وکان الطالب هو الذی ینقل نفسه من مرحلة إلى أخرى . ولم یکن هناک حد للسن أو البقاء فی مرحلة دراسیة ،وغلبت العلوم الشرعیة على الدراسات فی المساجد ، ودرست فیها أیضا العلوم اللسانیة من نحو وصرف وبلاغة ،وکذلک الجغرافیة والریاضة ، والمنطق والفلسفة والطب ، ولکن الغالب أن الطب کان یدرس فیما یسمى بدار العلم على نطاق أوسع (متولی ،2005م ).

ووضح مرسی (1988م،ص 286) بعضا من المحتوى الدراسی الذی یتم فی المساجد فقال :" وکان الشیخ یفتتح الدرس بالبسملة والحمد لله والحوقلة والصلاة على النبی ، وقد یتلوا آیات من القرآن الکریم أو الحدیث الشریف ما یتصل بطلب العلم ویحث علیه، ثم یبدأ فی الکلام عن موضوع درسه وکانت الدروس تتنوع فمنها ما یهدف إلى التوعیة العامة بأمور الدین وأصوله وأحکامه ، ومنها ما کان دروسا منظمة فی علم من العلوم " .

ومنذ أن جلس النبی صلى الله علیه وسلم فی المساجد معلما ، صار التقلید أن یجلس العلماء وحولهم المستمعون ، وهذا هو نظام الحلقات الذی انتشر فی ربوع العالم الإسلامی ، وکان العالم أو الشیخ یبدأ الدرس بالبسملة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله علیه وسلم . وکانت أسالیب التدریس تتلخص فی الإملاء والشرح والمناقشة ، فالمعلم أو الشیخ یملی ما لدیه ویشرح مای صعب على الطلبة فهمه ،ویسمح لهم أثناء الإملاء أو الشرح بالمناقشة فیما یعن لهم ، والغالب أنه کانت تخصص ساعات البکور والذهن فی نشاطه ، لدراسة العلوم النقلیة کالتفسیر والحدیث والفقه والنحو والصرف وغیرها(متولی ،2005م).

وفصل مرسی (2000م ،ص286) عن بعض طرق التدریس فی المساجد فی العهود الإسلامیة قائلا : " وکان الشیخ یقوم بالإملاء بتؤدة وتأن وبترتیب المسائل والأمور، ویقوم الطلاب بتسجیل مای ُملی علیهم فی کناشاتهم ،وقد یقوم الشیخ بتملیة النص ثم یقوم بشرحه ویقوم الطلاب بتسجیل هذا الشرح على هامش النص ، وعندما یکمل الشیخ أمالیه ، کانت تعرض علیه أو یقوم الطلاب بقراءتها علیه لتصحیح ما قد یکون بها من أخطاء ، ثم یوقع الشیخ على نسخة الطالب مجیزا إیاه على روایته وتدریس هذه الأمالی من بعده ، وکان للطالب أن یسأل أستاذه بتأدب للاستیضاح ،وعلیه أن یختار الوقت المناسب للسؤال ، وکان الأستاذ أحیانا هو الذی یوجه الأسئلة لاختبار فهم طلابه وکان یقوم بالإجابة عما یصعب من الأشیاء ، وکان الشیخ یُنهی درسه عادة بعبارة : والله أعلم ورسوله " . وهذه الطرق للتدریس فی المساجد شبیهة بالطرق المعاصرة الموجودة الآن فی المساجد ، خاصة المساجد الکبیرة أو المشهورة کالحرمین ، أو المعروفة بالأنشطة العلمیة والدینیة ، إلا أنه لا یُقارن دور المسجد التربوی الآن بذلک العصر، نتیجة وجود المدارس الیوم .

وأشارت (ملکة أبیض ،1989) إلى طرق التدریس فی المشرق الإسلامی ،من خلال نقل نص للرحالة ابن جبیر ،فی رحلته التی قام بها فی القرن السادس الهجری والتی نقل فیها أسالیب أهل الشام فی التعلیم الابتدائی حیث یقول : "وتعلیم الصبیان للقرآن بهذه البلاد المشرقیة کلها ، إنما هو تلقین ، ویعلمون الخط فی الأشعار وغیرها، تنزیها لکتاب الله عز وجل عن ابتذال الصبیان له بالإثبات والمحو، وقد یکون فی أکثر البلاد الملقن على حدة ،والمکتّب على حدة ، فینفصل من التلقین إلى التکتیب ،لهم فی ذلک سیرة حسنة ، ولذلک ما یتأتى لهم من حسن الخط ،لأن المعلم لا یشتغل بغیره ، فهو یستفرغ جهده فی التعلیم والصبی فی التعلم کذلک".

 ثالثا: بیوت العلماء والشیوخ

التعلیم فی بیوت العلماء والشیوخ هو شکل آخر من مؤسسات التعلیم التی تهدف إلى تخفیف الکلفة فی المال والجهد ، أو تکون أحیانا بسبب ظروف تحول دون خروج العالم من منزله ،فیذهب طلاب العلم إلى منزله یتعلمون منه .

وتشیر المصادر التاریخیة إلى بعض منازل العلماء التی کان لها إسهامٌ فی الحرکة التعلیمیة والفکریة مثل منزل أبی سلیمان المنطقی ، حیث کانت تعقد فیه الندوات الثقافیة والفکریة التی تردد کثیرون من طلاب العلم علیها وتناولت المناقشات فیه مختلف الموضوعات الفلسفیة  والنفسیة والأخلاقیة لذلک کانت حلقات العلم  فی منزل أبی سلیمان المنطقی تضم" الفلاسفة والأطباء والریاضیین والفلکیین والمؤرخین والشعراء وغیرهم من الذین وفدوا من أنحاء العالم الإسلامی شوقاً للمعرفة وسعیاً وراء العلم (متولی، 1412ه، ص202).

ومن هنا یتبین من عرض ما سبق ، أن مؤسسات التربیة والتعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی لعبت أدوارا فعالة فی بناء شخصیة الفرد المسلم ، واتخذت فی تحقیق کل ذلک مناهج مختلفة وعلوم متنوعة وطرق تدریس وأنشطة تقویم متعددة ، کما اتسمت بطابع خاص میزها فی ذلک العصر ، حیث لاحظت الباحثة الأثر الکبیر والفاعل فی مشارکة الوالدین فی الکتاتیب ، والدلیل على ذلک حرص الآباء على معرفة الأسالیب والسلوکیات التی یمارسها المعلم لتعلیم أبنائهم ، کما أن انتقاء الآباء لأبنائهم معلمین یبرهن على اهتمام وترکیز الآباء على محتوى ما یتم تدریسه لأبنائهم وحرصهم على اختیار أفضل المعلمین الذین یمارسون أسالیب تربویة ناجحة ویستخدمون أفضل الوسائل التعلیمیة التی تتناسب مع أبنائهم ، وکذلک یعد التعلیم فی القصور من  أمیز وأفضل مؤسسات التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی ، حیث کان هناک تفرد وتمیز واضح فی منهاج التعلیم وذلک لأن من أسس اختیاره مراعاة مستقبل المتعلمین ، وهو یشترک فی هذا الأسلوب وهذه الطریقة مع أساسیات فکرة التعلیم داخل الأسرة .وبذا بات واضحا من أن مشارکة الآباء فی توجیه المعلمین فیما یدرس لأبنائهم .

المبحث الثانی : التعلیم المنزلی فی التجارب العالمیة المعاصرة.

إذا نظرنا إلى تجارب الدول فی التعلیم داخل الأسرة نجد أن هناک اثنین من الدوافع تدعو الآباء والأمهات لتعلیم أطفالهم فی المنزل أحدهما یرتبط بعدم رضا الآباء عن المدارس المحلیة والرغبة فی زیادة مساهمتهم فی عملیة تعلیم أطفالهم وتطورهم ، والدافع الآخر یأتی من رغبة الآباء والأمهات فی مزید من التحکم فی المحتوى الذی یدرس لأطفالهم وفی کیفیة تعلیمهم ذلک ، کما یمکن للآباء والأمهات تعلیم أطفالهم تعالیم دینیة أو أخلاقیة معینة .

کما یرى الآباء والأمهات أن التعلیم داخل الأسرة یناسب القدرات الفردیة للطفل ومواهبه کما ینبغی ، وسوف یعرض البحث هنا بعضا من التجارب العالمیة المعاصرة حول تطبیق هذه الدول لهذا النمط من التعلیم حیث یعتبر خیارًا قانونیًا کبدیل عن الالتحاق بالمدارس الحکومیة أو الدولیة فی عدة دول وعلى النقیض من ذلک فإن التعلیم داخل الأسرة  فی مجموعة من الدول الأخرى یعد أمرًا غیر قانونی أو یصبح مقیداً بحالات معینة.

تجربة التعلیم داخل الأسرة فی الولایات المتحدة الأمریکیة : یسمى التعلیم داخل الأسرة فی الولایات المتحدة الأمریکیة بمصطلح التعلیم اللا مدرسی حیث بدأ فی عام 1993 م فی جمیع الولایات الأمریکیة تقریبًا وتستند فلسفة التعلیم فی الأسرة فی الولایات المتحدة الأمریکیة إلى قیم العائلة الاجتماعیة والدینیة وتشمل المناهج معظم المواد التعلیمیة المقررة فی المدارس الرسمیة کالریاضیات واللغات والعلوم والفنون والأنشطة (Wolochow , 2011 P 8)                                                    

وتشترط السلطات التعلیمیة المحلیة  إعلامها برغبة أولیاء الأمور فی تدریس أبنائهم داخل الأسرة حیث یتولى المشرفون التربویون القیام بزیارات للمنزل ویشترط أن یکون الأبوین معلمین فی الأصل ویحملان مؤهلات  تدریس، وهذا الشرط یلقى نقدًا واسعًا من  الآباء لأنهم یرون أنه ضد تشجیع التعلیم داخل الأسرة.

 (Van Pelt, 2015 P12)                                                                        

 وتعتمد الوسائل الخاصة بالتعلیم داخل الأسرة فی الولایات المتحدة الأمریکیة على ما یقوم به الآباء والأمهات تجاه الأبناء من تعلیم یرتبط فی المقام الأول بطریقة عرض المناهج

التی یتم تدریسها فی المدرسة وذلک عن طریق الاستفادة من المصادر المعلوماتیة فی تدریس تلک المناهج والحصول على الأنشطة المناسبة من شبکة المعلومات الدولیة والتی تساعد الآباء والأمهات فی تحسین قدرتهم على تقدیم تلک المناهج بالوسائل التعلیمیة المناسبة . (Tian-tian, 2013 P 34)                                                

کما یعتمد التعلیم داخل الأسرة فی الولایات المتحدة الأمریکیة على الأنشطة التی تقوم بها النوادی فی کل حی حیث یعتمد الآباء والأمهات على تلک الأنشطة کأنشطة تعلیمیة تربویة یتم من خلالها تقدیم المعرفة إلى الأطفال بطریقة لا مدرسیة ولا منزلیةفی الوقت نفسه                                           , م2010 P. 18) .(Martin  

 وتتضمن المناهج التی یقوم الآباء والأمهات بتدریسها للأطفال فی المنزل فی الولایات المتحدة الأمریکیة على المواد التی یتم تدریسها فی المدارس حیث یعتمد الآباء والأمهات فی کثیر من الأحیان على المناهج الدراسیة التی یتم تدریسها فی المدرسة النظامیة و یقوم الآباء والأمهات باختیار الطریقة التی یرى کل منهم مناسبتها للطفل بحیث تلائم هذا الطفل ومواهبه إذا کان موهوبًا ، کذلک تناسب قدراته الضعیفة إذا کان هذا الطفل لدیه قصور فی تلقی المعرفة ، و یقوم الآباء والأمهات أیضا بإضافة بعض اللمسات المرتبطة بقیمهم الاجتماعیة والدینیة إلى تلک المناهج خاصة إذا کان هؤلاء الآباء والأمهات لیس لدیهم ثقة فی قیام المدرسة بتوصیل تلک القیم الدینیة والاجتماعیة إلى أطفالهم فی التعلیم النظامی . (Tian-tian, 2013 P 34)                     

ویتقدم الطلاب فی نهایة کل عام دراسی إلى المدرسة النظامیة لأداء الامتحانات فی المواد الدراسیة المرتبطة بالمرحلة السنیة والصفیة التی یقوم بتلقی التعلیم داخل المنزل فیها. وأوضحت الإحصاءات والدراسات أن التعلیم فی المنزل آخذ فی النمو السریع فی الولایات المتحدة الأمریکیة بمعدل 4 % سنویًا ، کذلک أوضحت الدراسات أن طلاب هذا النوع من التعلیم قد حصلوا على معدلات علیا فی الامتحانات فقد سجل طلاب التعلیم داخل الأسرة فی معظم الولایات نتائج مرتفعة تتراوح ما بین 86% فی مادة القراءة ، و73% فی مادة الریاضیات، وأن تلک النتائج تفوق الحد الأدنى المطلوب لاختبارات القبول بالجامعات الأمریکیة. (Van Pelt, 2015 P 15)                     

وفیما یتعلق بالمناهج المرتبطة بالتعلیم المنزلی فی الولایات المتحدة الأمریکیة فقد  أوضحت الدراسات ومنها دراسة مارتن (2010،ص43) أن طلاب التعلیم المنزلی   یشارکون فی العدید من الأنشطة الترفیهیة ویقضون نسبة کبیرة من الوقت فی الأنشطة الاجتماعیة خارج المنزل وذلک فی الفترة المسائیة أو فی عطلة نهایة الأسبوع من خلال الاشتراک مع طلاب المدارس العامة والجماعات الریاضیة الکشفیة کما یشارک هؤلاء الطلاب فی الرحلات المدرسیة والبرامج التعاونیة التی یقیمها أولیاء أمور طلاب التعلیم المنزلی مع بعضهم البعض .

تجربة التعلیم داخل الأسرة فی کندا :

 تعتمد کندا على التعلیم  داخل الأسرة وتعتبره عملیة تعلیمیة یشارک فیها الطفل ویتفاعل معها داخل المنزل ویتم الاعتراف بهذا النوع من التعلیم  فی المقاطعات الکندیة حیث ینص القانون الکندی على أن الطفل الذی یتلقى تعلیمه فی داخل الأسرة ویعیش تجربة تربویة ویخضع لتقویم أمام لجنة مدرسیة فإنه یعامل مثل التلمیذ النظامی وذلک مراعاة للمستوى الأکادیمی وحقه فی الحصول على الشهادة الرسمیة ووضعت السلطات الأکادیمیة الکندیة ملفًا تعریفیاً للتعلیم داخل الأسرة وحددت الوسائل والمناهج والأسالیب التی یتم اتباعها وذلک کنوع  من التنظیم لهذا النوع من التعلیم حیث تعتمد أسالیب هذا النمط من التعلیم فی کندا على قیام الأب والأم بمصاحبة أولادهم إلى المکتبات العامة وإلى الأنشطة الترفیهیة التی تقیمها المدارس أو المؤسسات التربویة تلک المؤسسات التی ینخرط فیها الأولاد بحیث یتعلم هؤلاء الطلاب خبرات جدیدة من خلال تلک الأنشطة، وتقوم السلطات الأکادیمیة الکندیة بمراقبة الأب والأم فیما یخص التعلیم المنزلی وذلک وقوفًا على مدى تحقیق الآباء والأمهات للأهداف التعلیمیة الخاصة بالمرحلة السنیة للطفل الذی یعتبر تلمیذًا داخل منزله

 (Finnie, 2016 P 46)                                                                            

کما تنتهج کندا مجموعة من الأدوات التی یمکن من خلالها تحسین أسالیب قیام الوالدین بالتعلیم داخل الأسرة للأطفال وذلک  لضمان مستوى تعلیمی متمیز سواء کان ذلک داخل المدارس أو خارجها ویتم ذلک عن طریق تصمیم دورات تدریبیة للآباء والأمهات الذین یمارسون التعلیم داخل الأسرة لتدریبهم على الأسالیب المتبعة فی التدریس حیث لا تشترط الحکومة الکندیة أن یکون الأب والأم من الحاصلین على مؤهل تربوی مناسب یمکنهما من التدریس لأطفالهما  داخل المنزل .

(McKeown, et al 2012 P 14)                                                                

وفی کندا یتم استخدام مجموعة من الوسائل التی تقدمها الحکومة الکندیة بشکل مجانی إلى الآباء والأمهات الذین یمارسون التعلیم داخل الأسرة حیث تقوم تلک الوسائل بمساعدة الآباء والأمهات فی ضمان تعلیم سلیم یتم تقدیمه للأطفال داخل منازلهم وتتضمن تلک الوسائل مجموعة من الأجهزة والرسوم التوضیحیة والکتب المدرسیة التی یتسلمها الطلاب داخل المدارس النظامیة وتقوم الحکومة بتصمیم برامج تدریبیة داخل المدارس لتدریب الآباء والأمهات على استخدام تلک الوسائل التعلیمیة التی تقدمها الحکومة لهم لمساعدتهم فی تعلیم أبنائهم داخل المنزل.

  (Greenwalt, 2016 P 20)                                                                      

وتتضمن المناهج التی یتم تدریسها داخل الأسرة فی کندا مناهج نظامیة یتم تدریسها فی المدارس لکن تعتمد الأسر التی تقوم بتعلیم أبنائها منزلیاً على محتویات مرتبطة بالقیم الدینیة والاجتماعیة والثقافیة للمجتمع الأم حیث یشکل المهاجرون نسبة کبیرة فی کندا، ویحاول هؤلاء المهاجرون من خلال تطبیق التعلیم داخل الأسرة المحافظة على التراث الذی جاءوا به وذلک عن طریق تعلیم الأبناء القیم الدینیة والاجتماعیة للمجتمع الأصلی ، وتتنوع المحتویات الخاصة بالمناهج المرتبطة بالتعلیم داخل الأسرة فی کندا من محتویات دینیة إلى محتویات للغات معینة  یحرص الآباء والأمهات على تعلیمها للأطفال، کذلک محتویات مرتبطة بالقیم بحیث یضمن الآباء والأمهات تعلیم أبنائهم بشکل یناسب القیم التی تربى علیها الآباء والأمهات ، وهنا یجب التنویه إلى أن التعلیم داخل الأسرة فی کندا یعتبر ثمرة للتعاون بین الحکومة والآباء والأمهات حیث یساعد کلاً منهم الآخر، فتقوم الحکومة بدورها فی تدریب الآباء والأمهات وتوفیر المحتویات والوسائل التعلیمیة کما یقوم الآباء والأمهات بإرسال الأطفال فی فترة الاختبارات إلى المدارس بحیث یتم اختبارهم بالطریقة المناسبة والتی تتلاءم مع أقرانهم فی فصول الدراسة النظامیة .  (Anthony, 2010 P14)                                  


تجربة التعلیم داخل الأسرة فی المملکة المتحدة:

تعتبر المملکة المتحدة ضمن الدول التی تعترف بالتعلیم داخل الأسرة ولا تجرم امتناع الآباء والأمهات عن إرسال أبنائهم إلى المدرسة ، ومن هنا فإن هذا النمط من التعلیم فی المملکة المتحدة یعتبر قانونیاً، وعلى الرغم من ذلک فإن المملکة المتحدة متمثلة فی الحکومة تقوم بتطبیق بعض الإجراءات التی من خلالها یمکن لها ضمان حصول الأبناء فی سن المدرسة على تعلیم جید سواء کان هذا التعلیم داخل المدارس أو خارجها .(Kapitulik, 2011 P37)                                          

ویعتمد التعلیم داخل الأسرة فی المملکة المتحدة على مجموعة من الأسالیب تقوم من خلالها الحکومة بتدریب الآباء والأمهات على کیفیة تقدیم المعرفة المناسبة للأطفال فی سن المدرسة، حیث یکون ذلک بالاتفاق بین أولیاء الأمور والمدارس التی یسجل فیها الطلاب ولا یذهبون إلى تلک المدارس إلا للامتحانات فقط ، ویقوم الآباء والأمهات بتعلیم الطالب داخل المنزل ومن هنا فإن الأسلوب الذی تنتهجه المملکة المتحدة فی تقنین عملیة التعلیم داخل الأسرة یساعد الآباء والأمهات فی کثیر من الأحیان فی ممارسة حقهم فی تعلیم أبنائهم بحریة، کذلک یساعد الحکومة فی ضمان حصول کل طفل فی المرحلة الدراسیة على تعلیم یناسب مستوى الطفل الإنجلیزی ویحافظ على تقدمه الدراسی.(Mulyadi, 2010 P 82)                                                      

وقد ظهر فی المملکة المتحدة ما یسمى    بالمدارس المرنة Floppy Schools وهی تلک المدارس التی یتم تسجیل الطلاب فیها ویمکنهم الحضور إلى المدرسة فی أی وقت ،کذلک یمکنهم عدم الحضور نهائیًا إلا للامتحانات ، ویعطی  نظام المدارس المرنة للطالب الحق فی الحصول على الکتب الدراسیة، کذلک یکون لولی الأمر الحق فی الحصول على الوسائل التعلیمیة التی تمکنه من تطبیق تجربة تعلیمیة داخل الأسرة لأطفاله، ویرى کوک‏. (Cook, et al 2013 P 10)                                            

إن المدارس المرنة فی المملکة المتحدة مثلت مراکز تدریبیة أکثر من اعتبارها مدارس حیث توفر تلک المدارس المرنة استشارات للآباء والأمهات حول تقدیم الوسائل المناسبة للمحتوى التعلیمی الذی یتم تدریسه للطلاب کذلک استخدام طرق التدریس المناسبة التی تمکن الآباء والأمهات من تقدیم المعرفة لأطفالهم فی کل مرحلة سنیة مستقلة.                                                       (West, 2011 P 24)

ویذکر ویست أن محتوى المناهج التی یتم تقدیمها للأطفال فی التعلیم داخل الأسرة فی بریطانیا یتم تصمیمها من قبل وزارة التعلیم فی المملکة المتحدة بحیث لا یتوفر للآباء والأمهات الفرصة فی اختیار المعرفة التی یتم تقدیمها للطلاب لکن فی مقابل ذلک یتوفر الخیار أمام الآباء والأمهات فی إضافة أی أجزاء فی تلک المناهج یرى الأب أو الأم صلاحیة تدریسها للطفل فی تلک المرحلة ، وخلاصة ذلک أن الآباء والأمهات لیس لدیهم خیار الحذف من تلک المناهج لکن لدیهم خیار الإضافة علیها لیتم تقدیمه للطلاب داخل الأسرة ، وفی کثیر من الأحیان فإن مناهج التعلیم فی المنزل تکون مشابهة لنظام التعلیم النظامی داخل المدارس إلا أن المناهج التی یتم تدریسها داخل الأسرة یتم إثراؤها  ببعض المواد التعلیمیة  والوسائل التی تناسب عملیة التدریس داخل المنزل ولا تلائم التعلیم النظامی داخل المدارس.

تجربة التعلیم داخل الأسرة فی نیوزیلندا : تعتبر تجربة نیوزیلندا فی التعلیم داخل الأسرة من أکثر التجارب حیویة حیث تتمتع تلک التجربة بتعاون کبیر بین أولیاء الأمور والحکومة فی نیوزیلندا من أجل ضمان نوع من التعلیم اللائق بمستوى الطلاب حیث یتوجب على الآباء والأمهات الحصول على إذن من الإدارة التعلیمیة یمکنهم من تعلیم أولادهم داخل المنزل، وهذا الإذن یعتبر التصریح الوحید داخل نیوزیلندا من أجل ممارسة التعلیم داخل الأسرة، وبدونه یکون هذا النوع من التعلیم غیر قانونی ویعاقب علیه القانون.(Mulyadi, 2010 P 27)                                          

وتقوم الحکومة فی نیوزیلندا قبل إصدار تصریح ممارسة التعلیم داخل الأسرة للآباء والأمهات لأولادهم بعمل مقابلات معهم من أجل ضمان قدرة هؤلاء الآباء والأمهات على تقدیم التعلیم المناسب للأطفال داخل الأسرة، وضمان المعرفة الموجودة لدى الآباء والأمهات والتی تمکنهم من التدریس لأطفالهم حیث تعتمد الأسالیب التی یتبعها الآباء والأمهات داخل المنزل على محصلة البرامج الحکومیة التدریبیة التی یتم تصمیمها لهؤلاء الآباء والأمهات من أجل تدریبهم على کیفیة التدریس لأطفالهم داخل  الأسرة والتی یکون الآباء والأمهات  مضطرین فی أغلب الأحیان إلى الخضوع  لها من أجل أن یتمکنوا من الحصول على الإذن من الحکومة لممارسة هذا التعلیم

 (Cook, et al 2013 P14)

 وتتنوع الوسائل التی  یستخدمها الآباء والأمهات من أجل تقدیم المعرفة لأولادهم  داخل الأسرة وتعتمد تلک الوسائل بشکل مباشر على محتویات البرامج التدریبیة التی تم تقدیمها للآباء والأمهات من أجل تطبیق هذا النمط من التعلیم  وتکون تلک الوسائل متنوعة ما بین استخدام شبکة المعلومات الدولیة (الإنترنت) ، والوسائل المتاحة داخل المدارس بشکل مجانی والتی یمکن للآباء والأمهات الحصول علیها تلک الوسائل (Dawson, 2010 P 20)                                                                         

التی تقوم الحکومة فی نیوزیلندا بإتاحتها لأولیاء الأمور بحیث یتمکنوا  من تقدیم تجربة تعلیمیة فریدة داخل الأسرة لأولادهم ساعدت بشکل کبیر فی نجاح فکرة هذا النمط من التعلیم فی نیوزیلندا کما أن وجود تصریح لدى الآباء والأمهات من أجل ممارسته قد ساهم بشکل مباشر أیضًا فی متابعة الحکومة لسیر العملیة التعلیمیة داخل الأسرة بحیث تضمن جودتها . (Morrison, 2014 P4)                                                       

نتائج الدراسة ومناقشتها:

أولا: الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال طرق التدریس .

اشتملت الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی على صور ومظاهر متعددة فی مجال طرق التدریس المطبقة ،والتی من الممکن الاستفادة منها فی نمط التعلیم داخل الأسرة ،کان أبرز طرق التدریس المطبقة ما یلی :

1- کانت تستخدم طریقة التلقین والاعتماد على الحفظ وفقا لعمر المتلقی وطبیعة ما یراد تزویده به من معارف ، وبما أن القرآن الکریم هو أساس العلم والمعرفة فیبدأُ به ،مع بقیة المعارف التی تقوی ملکة اللغة والطلاقة عند المتلقی کروایة الأدب والشعروفنون العربیة .

2-تزامن تعلیم المهارات مع تنمیة ملکة الحفظ کان مما یمیز طرق التدریس فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی، کتعلیم الخط والقراءة والکتابة ،حیث کان الطفل یتعلمهما معا من خلال حفظ آیات القرآن الکریم وکتابتها وضبطها وقراءتها ،فلم یکن هناک فصل بین وقت الحفظ ووقت إکساب المهارة المرتبطة به، مما کان له الدور الأکبر فی ترسیخ الحفظ وتنمیة المهارة فی آن واحد .

3-کانت طرق التدریس المطبقة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی تراعی المرحلة العمریة للمتلقین ،والفروق الفردیة بینهم، والمهمات المتوقعة لکل منهم فی مستقبل حیاته فکانت الطرق المستخدمة مثلا فی کل من الکتاتیب والمساجد ومنازل العلماء والقصور ومنازل الخلفاء تختلف فیما بینها ضمن مستویات معینة، وإن اتفقت فی بعض هذه الطرق ،کما کانت أیضا طرق التدریس فی کل من هذه المؤسسات تراعی نوع المحتوى التعلیمی المراد تعلیمه ،سواء معارف أو مهارات  أو قیم ،وهذا ما أشار إلى طرف منه ابن خلدون بقوله :" وأما أهل المشرق فیخلطون فی التعلیم کذلک على ما یبلغنا ولا أدری بم عنایتهم منها ، والذی یُنقل لنا أن عنایتهم بدراسة القرآن ومصحف العلم وقوانینه فی زمن الشبیبة ولا یخلطون بتعلیم الخط بل لتعلیم الخط عندهم قانون ومعلمون له على انفراده، کما تُتعلم سائر الصنائع ، ولا یتداولونها فی مکاتب الصبیان ، وإذا کتبوا لهم الألواح فبخط قاصر عن الإجادة ،ومن أراد تعلُّم الخط فعلى قدر ما یسنح له بعد ذلک من الهمة فی طلبه ویبتغیه من أهل صنعته " ( د.ت ،ص 689) .

4-کانت تعتمد طرق التدریس فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی الأسالیب التربویة الإسلامیة فی تعزیز السلوک المرغوب أو فی إبعاد السلوک السلبی کالترکیز على القدوة وضرورة استقامة سلوکه الدینی والأخلاقی والعلمی ،واستخدام الأسالیب الأخرى من ترغیب وترهیب وثواب وعقاب، أو حوار ومناقشة أو موعظة أو تدرج فی التعلیم بحسب المواقف التی تتطلبها المرحلة التی یتعلم فیها الفرد، وکانت ترکز هذه الأسالیب ،خاصة أسالیب الحوار والمناقشة على تنمیة المهارات العلیا فی التفکیر فی المراحل العلیا فی مؤسسات التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی .

کما أن جمیع هذه الطرق والأسالیب کان یمارسها الوالدان فی تعلیم أبنائهم ، وکانت تعتمد فی طبیعتها ونوعها على معرفة الوالدین لأبنائهم وما یحتاجونه.

ثانیا: الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال الوسائل والأنشطة.

من خلال ما تم عرضه ومناقشته فی الإطار المفاهیمی کان من أبرز الوسائل والأنشطة التعلیمیة التی استخدمها المربون فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی ما یلی :

- نجد مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی تزخر بأمثلة کثیرة على استخدام الوسائل التعلیمیة فی شتى المجالات العلمیة، فهذا الحسن بن الهیثم عالم البصریات العربی المشهور یخرج تلامیذه إلى برکة الوضوء فی صحن المسجد ویشرح لهم نظریة انکسار الضوء مستخدماً عصا فی برکة ماء، ونجد العالم العربی الإدریسی ینقش کرة من الفضة ویرسم علیها خارطة العالم المعروفة لدیه فی تلک الأیام وکثیر من الأمثلة غیرها (القبالی، 1429، ص32) .

ومن المعروف أن البیئة التی عاشها المسلمون فی صدر الإسلام کانت على درجة من البساطة والبدائیة بحیث لا یمکن تصور استخدام وسائل تعلیمیة متخصصة ومتطورة، ولکن من خلال تتبع سیرة الرسول صلى الله علیه وسلم وکیف کان یعلم صحابته، ومن خلال النظر إلى سلوک المربین المسلمین ووصایاهم، وماهی الوسائل التعلیمیة التی کانوا یستعینون بها لإیصال المعلومة فی المؤسسات التعلیمیة نستنتج أن هناک العدید من الوسائل التعلیمیة المستخدمة کما یلی :

- التطبیق العملی لما یتم تعلمه ، وکغیرها من الوسائل التربویة فی الإسلام أساسها ومصدر التوجیه لها هو الوحی ،فالله سبحانه وتعالى یقول "ولو أنهم فعلوا ما یوعظون به لکان خیرا لهم وأشد تثبیتا " (النساء،آیة 66).

حیث کان المعلمین والآباء والأمهات یدرکون تماما أن الممارسة العملیة هی الطریق الوحید لتکوین العادات، ونوع السلوک الإنسانی المرغوب، بحیث لا تصبح الفضیلة الخلقیة مثلاً مجرد فعل طاریء، یحدث مرة وینتهی، وإنما لابد من تکراره المرة بعد المرة الأخرى حتى یصبح عادة خلقیة أو قیمة أو مهارة متأصلة.

-کانت من الوسائل المستخدمة الوسائل البصریة والرسوم التوضیحیة، وکان المعلم الأول محمد صلى الله علیه وسلم هو أول من استخدم هذه الوسیلة وطبقها فی بعض توجیهاته لأمته ،واقتفى أثره فی ذلک المربون المسلمون، ومن أمثلة ذلک ما أثر عن النبی صلى الله علیه وسلم أنه استخدم الرسوم التوضیحیة فی عملیة التربیة والتعلیم فعن عبد الله بن مسعود قال: خط لنا رسول الله صلى الله علیه وسلم خطاً مربعاً، ثم خط وسطه خطاً، ثم خط حوله خطوطاً وخط خطاً خارجاً من الخط، فقال: "هذا الإنسان للخط الأوسط، وهذا الأجل محیط به، وهذه الأعراض الخطوط، فإن أخطأه واحد نهشه الأخر، وهذا الأمل للخط الخارج" (أخرجه الدارمی برقم 2198 ،ج2،ص304).

- استخدام الوسائل التی تتیحها البیئة آنذاک ،کالألواح والحصى وغیرها مما یعطی مؤشرا للتربویین فی مؤسسات التربیة فی کل عصر، ضرورة الاستفادة من کل الوسائل التعلیمیة التی تتیحها البیئة المحیطة وتفعیلها فی عملیة التعلیم، کل وسیلة بحسب الغرض الذی تحققه، وکانت تقع مهمة اختیار الوسیلة التعلیمیة المناسبة على الوالدین أو المعلم ،مع ملاحظة محدودیة الوسائل التعلیمیة المستخدمة فی بدایة تاریخ الفکر التربوی الإسلامی ،ثم تطورت وتعددت فی العصور التی تلت ذلک مع تطور حضارة المسلمین وتطور علومهم ،ومع تطور وسائل الکتابة والطباعة والترجمة ،وتطور التجربة فی العلوم الطبیعیة، والتی استخدمت فیها وسائل تعلیمیة لازالت تمثل الأسس التی قامت علیها الوسائل التعلیمیة الحدیثة.

ثالثا :الممارسات التعلیمیة فی مؤسسات الفکر التربوی الإسلامی فی مجال محتوى المناهج.

من خلال مناقشة الإطار المفاهیمی یتضح تعدد محتوى المناهج التی کانت تقدمها مؤسسات التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی ،واختلافها أحیانا واتفاقها أحیانا أخرى حسب نوعیة هذه المؤسسات ،وفیما یتعلق بسؤال البحث هذا ، یمکن أن نخلص للنتائج التالیة :

1-کان محتوى المناهج فی الکتّاب أو الکتاتیب یرکز على المعارف الأساسیة الأولیة ،کتعلیم القراءة والکتابة، والحساب والأعداد ،غیر أنه تمیز بالبدء فی أساس ذلک کله بتحفیظ الآیات القرآنیة ،وکتابتها على الألواح لمزید من التثبیت والحفظ ، ولتعلم مهارة القراءة والکتابة ، فلم یکن الهدف وهو تحقیق الحفظ مستقلا عن تنمیة المهارات أو غرس القیم.

2- کانت المناهج تراعی القدرات والمواهب عند المتعلم ، وکان المعلم له دور مهم فی تحدیدها واختیارها ، فإن المعلم قد حصل له من التجارب فی ذلک فکان أعرف بما ینبغی لکل واحد وما یلیق بطبیعته کما ذکر الزرنوجی فی رسالته ( 1425، ص 31 ) .

3- تکثیف الدراسات الدینیة بالمساجد کونها مرحلة متقدمة بعد الکتاتیب تشرح الدین الجدید وتوضح أحکامه وأهدافه ثم دارا للقضاء وساحة لتجمع الجیوش ومکانا لاستقبال الشعراء . شلبی ( 1976 ، ص 102 ) .

4- تطور مناهج التعلیم فی مؤسسات الفکر الإسلامی لیشمل :

- مرحلة ابتدائیة لحفظ القرآن الکریم ودراسة فوق ما درس فی الکتاتیب .

- مرحلة (ثانویة) تتسع فیها الدراسة على أیدی مدرسین أکثر علماً .

- مرحلة (عالیة) أو(نهائیة) تدرس فیها أمهات الکتب على ید طائفة من الجهابذة ، وکان الطالب هو الذی ینقل نفسه من مرحلة إلى أخرى . ولم یکن هناک حد للسن أو البقاء فی مرحلة دراسیة ،وغلبت العلوم الشرعیة على الدراسات فی المساجد ، ودرست فیها أیضا العلوم اللسانیة من نحو وصرف وبلاغة ،وکذلک الجغرافیة والریاضة ، والمنطق والفلسفة والطب ، ولکن الغالب أن الطب کان یدرس فیما یسمى بدار العلم على نطاق أوسع (متولی ،2005م ).

وبذلک نجد تفردا واضحا فی محتوى التعلیم مراعاة لحال المتعلمین ، وهو ما یشترک مع أساسیات فکرة التعلیم داخل الأسرة .

الصیغة التعلیمیة المقترحة للأسرة المسلمة والمستفادة من (الفکر التربوی الإسلامی – التجارب العالمیة المعاصرة )

 من خلال عرض مشکلة الدراسة والتی انبثقت منها أسئلة ثلاثة هی محور البحث ، والتی نوقشت فی الإطار المفاهیمی , توصلت الباحثة إلى بناء صیغة تعلیمیة مقترحة للأسرة المسلمة مستفادة من الفکر التربوی الإسلامی ومن خلال التجارب العالمیة المعاصرة على النحو التالی :

1-                أن التلقین المعتمد على الحفظ فی سن مبکر على نحو حلقات تحفیظ القرآن الکریم للصغار مع قوة الذاکرة وتطور طرق التدریس وتنوعها مع بعض الأناشید الهادفة والمتون الرائعة کتحفة الأطفال للجمزوری – رحمه الله – فی التجوید ، صورة رائعة لتنمیة ملکات الطفل العقلیة .

2-                تنمیة مهارات القراءة والکتابة والخط مع ملکة الحفظ کخطوة تالیة فی المستوى الثانی فی دور الحضانات ودور التحفیظ والروضة , مما له دور کبیر فی ترسیخ الحفظ وتنمیة المهارات فی آن واحد .

3-                تنوع أسالیب وطرق التدریس ما بین ترغیب وترهیب ، وثواب وعقاب  , والتدرج فی التعلیم حسب المواقف التی تتطلبها المرحلة لاسیما الحوار والمناقشة فی تنمیة مهارات التفکیر العلیا حسب معرفة الوالدین لأبنائهم وما یحتاجونه معتمدین فی ذلک على ما یقدم لهم من برامج تدریبیة ما بین انترنت ووسائل أخرى متاحة داخل المدارس بشکل مجانی " Dawson m , 2010 ,p 20 "  .

4-                الاهتمام بالوسائل التعلیمیة فی شتى المجالات العلمیة ، وتحدید النمط المناسب لکل ابن أو طالب حسب نظریة الأنماط " حسی – بصری – سمعی " ، بما یخدم العملیة التعلیمیة ویقرب العلوم بأقصر طریق

5-             التطبیق العملی لما یتعلمه الابن داخل الأسرة من خلال الممارسات العملیة بحیث لا تصبح الفضیلة الخلقیة مجرد فعل طارئ حتى یصبح عادة أو قیمة أو مهارة متأصلة  لقوله صلى الله علیه وسلم: «إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ» (صحیح الجامع؛ برقم: [2328]).

6-                تفعیل الوسائل العصریة الحدیثة لمواکبة عصر التقنیات ، کی یتعایش الابن فی بیئة متوازنة حتى لا یکون البیت والـأسرة بمعزل عن التقدم . 

7-                الاهتمام بالطریقة التکاملیة والتی تعنى بتعلیم القرآن مع القراءة والکتابة والحساب لتنمیة المهارات مع غرس القیم الإسلامیة الأصیلة .

8-                ضرورة تنظیم المناهج الأسریة برعایة وزارة التعلیم لتکون على أسس معتمدة ، ولیتماشى الأبناء داخل الأسرة مع رفقائهم بالفصول الدراسیة النظامیة ، بحیث یخضع الطلاب للامتحانات بشکل سنوی  داخل إطار المدارس کما هو الحال فی نموذج الولایات المتحدة الأمریکیة .

9-                یتوجب على الآباء والأمهات الحصول على إذن من إدارة التعلیم یمکنهم من ممارسة تعلیم أولادهم داحل المنزل ، ویعتبر هذا بمثابة تصریح من أجل ممارسة التعلیم داخل الأسرة کما هو فی نموذج نیوزیلاندا .

10-            جعل التعلیم داخل الأسرة اختیاریا متى شاؤوا ذلک ، بعلم ومتابعة المدرسة ، وهو ما یسمى فی المملکة المتحدة ب " المدارس المرنة " ، بحیث یحضر أو یغیب کیفما شاء ، غیر أنه یلزم بحضور الامتحانات ، حیث توفر هذه المدارس الاستشارات للآباء والأمهات حول تقدیم الوسائل المناسبة للمحتوى التعلیمی المقرر ، وکذلک طرق التدریس المناسبة لکل مرحلة سنیة مستقلة ، فتصبح المدرسة بمثابة مراکز تدریبیة أکثر من اعتبارها مدارس تقلیدیة ، لاسیما مع عصر الانفتاح التقنی والتعلیم عن بعد .

11-           ضرورة وضع السلطات السعودیة ملفا تعریفیا للتعلیم داخل الأسرة مع تحدید الوسائل والأسالیب والمناهج التی یتم اتباعها " مکتبات – أنشطة ترفیهیة .... "  وتراقب هذه السلطات الوالدین فیما یخص التعلیم المنزلی وقوفا على مدى تحقق الأهداف التعلیمیة الخاصة بالمرحلة السنیة التی یمر بها الطفل الذی یعتبر تلمیذا داخل منزله ، فهو ثمرة التعاون بین الحکومة والآباء والأمهات بحیث یساعد کل منهما الآخر . " النموذج الکندی "  .

12-Anthony ,    .2010 , p. 14 "

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


المراجع

قائمة المراجع العربیة

1-              ابن منظور، أبی الفضل جمال الدین.(د،ت) لسان العرب. ج 1, د، ت  دار صادر: بیروت.

2-              ابن خلدون، ولی الدین عبد الرحمن بن محمد. مقدمة ابن خلدون .دمشق :دار البلخی. ، د.ت .

3-              الألبانی ، صحیح الجامع الصغیر وزیادته (الفتح الکبیر) ، محمد ناصر الدین الألبانی ، المکتب الإسلامی  سنة النشر: 1408 – 1988م .

4-              الدارمی :  أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام بن عبد الصمد الدارمی، التمیمی السمرقندی (المتوفى: 255هـ) تحقیق: حسین سلیم أسد الدارانی الناشر، دار المغنی للنشر والتوزیع، المملکة العربیة السعودیة 1412 هـ - 2000 م

5-              التربیة والثقافة العربیة الإسلامیة فی الشَّام والجزیرة ، دار العلم للملایین - بیروت عام: 1980م .

6-              الحموی ، یاقوت : 1993 م ، دار الغرب الإسلامی معجم الأدباء إرشاد الأریب إلى معرفة الأدیب

7-              العریفی، علی بن حمود.(2010م).واقع المؤسسات التعلیمیة ومخرجاتها .ورقة مقدمة إلى ملتقى تبوک الثقافی الثانی بعنوان تحدیات الخطاب الثقافی العربی، النادی الأدبی،تبوک،2010م.

8-                  الزرنوجی  ، برهان الإسلام : تعلیم المتعلم طریق التعلیم (ت: قبانی) ،  ت :  مروان قبانی : هـ 1401 – 1981م .

8-                 شلبی، أحمد.(1976).تاریخ التربیة الإسلامیة.ط5،مکتبة النهضة المصریة ، القاهرة .  

9-             طلس، محمد أسعد. التربیة والتعلیم فی الإسلام ، 2012 م . القاهرة: مؤسسة هنداوی للتعلیم والثقافة.

10-         شلبی، مصطفى رسلان. (2000م).التربیة الإسلامیة أسسها طرائقها کفایات معلمها، القاهرة :دار الثقافة للنشر والتوزیع.

11-         عبد المحسن ، هنادی هادی : 2015 م ، العوامل المنزلیة المشجعة على التعلیم المنزلی ، جامعة الشرق الاوسط ، عمان .

12-         علی، سعید اسماعیل.(1423هـ).السنة النبویة رؤیة تربویة. القاهرة :دار الفکر العربی.

13-         القابسی ، أبو الحسن علی ، الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمین ،وأحکام المعلمین والمتعلمین ، الشرکة التونسیة للتوزیع ، ط 1 ، 1986 م .

14-           کومبز ، ف (1971م) .أزمة التعلیم فی عالمنا المعاصر(ترجمة) أحمد خیری کاظم وجابر عبدالحمید جابر، القاهرة :دار النهضة العربیة ) .

15-          محجوب، عباس.(2007م).التربیة والتعلیم فی کتب التراث. عمان: الأردن ،عالم الکتب الحدیث، جدار للکتاب العالمی.

16-         محجوب، عباس.(2013م).الفکر التربوی فی الإسلام. عالم الکتب الحدیث: إربد ، جدار للکتاب العالمی .

17-               مرسی، محمد. (1988م). الإدارة التعلیمیة وأصولها وتطبیقاتها. القاهرة: دار الکتب .

18-         مقدمة ابن خلدون (ت: الدرویش) ، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ولی الدین ، دار یعرب ،  سنة النشر: 1425 – 2004م .

قائمة المراجع الأجنبیة

1-      Anthony, K. V., & Burroughs, S. (2010). Making the transitionfrom traditional to home schooling: Home school family motivations. Current Issues in Education, 13(4).‏

2-      Cook, K. B., Bennett, and others ، (2013). Beyond the brick walls: Homeschooling students with special needs. Physical Disabilities: Education and Related Services, 32(2), 98-111.‏

3-      Dawson, W. (2010). Private tutoring and mass schooling in East Asia: Reflections of inequality in Japan, South Korea, and Cambodia. Asia Pacific Education Review, 11(1), 14-24.‏

4-      Finnie, R. (2016). A simple model of access and capacity for post-secondary schooling in Canada.‏

5-      Greenwalt, K. (2016). Home/Schooling Our Children. In Home/Schooling (pp. 95-108). Sense Publishers.‏

6-      Kapitulik, B. P. (2011). Resisting schools, reproducing families: Gender and the politics of homeschooling.‏‏

7-      Martin, A. T. (2010). Homeschooling in Germany and the United States. Arizona Journal of International & Comparative Law, 27(1), 225.‏

8-      McKeown, R., & Nolet, V. (Eds.). (2012). Schooling for sustainable development in Canada and the United States (Vol. 4). Springer Science & Business Media.‏

9-      Morrison, K. (2014). Homeschooling as an act of conscientious objection. Journal of Thought, 48(3/4), 33.‏

10-  Mulyadi , S. (2010). Effect of the psychological security and psychological freedom on verbal creativity of indonesia homeschooling students. International Journal of Business and Social Science, 1(2).‏

11-  Tian-tian, W. U. (2013). Homeschooling Curriculum and Teaching in the United States.‏

12-  Van Pelt, D. N. (2015). Home Schooling in Canada. Fraser Institute.‏

13-  West, C. (2011). Homeschooling Gifted and Advanced Learners. Prufrock Press.‏

14-  Wolochow, J. L., & Stanford, C. (2011). Conervative Christian Homeschooling In The United States: Is It

Producing Good Citizens ?.‏

 

 

المراجع
قائمة المراجع العربیة
1-              ابن منظور، أبی الفضل جمال الدین.(د،ت) لسان العرب. ج 1, د، ت  دار صادر: بیروت.
2-              ابن خلدون، ولی الدین عبد الرحمن بن محمد. مقدمة ابن خلدون .دمشق :دار البلخی. ، د.ت .
3-              الألبانی ، صحیح الجامع الصغیر وزیادته (الفتح الکبیر) ، محمد ناصر الدین الألبانی ، المکتب الإسلامی  سنة النشر: 1408 – 1988م .
4-              الدارمی :  أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام بن عبد الصمد الدارمی، التمیمی السمرقندی (المتوفى: 255هـ) تحقیق: حسین سلیم أسد الدارانی الناشر، دار المغنی للنشر والتوزیع، المملکة العربیة السعودیة 1412 هـ - 2000 م
5-              التربیة والثقافة العربیة الإسلامیة فی الشَّام والجزیرة ، دار العلم للملایین - بیروت عام: 1980م .
6-              الحموی ، یاقوت : 1993 م ، دار الغرب الإسلامی معجم الأدباء إرشاد الأریب إلى معرفة الأدیب
7-              العریفی، علی بن حمود.(2010م).واقع المؤسسات التعلیمیة ومخرجاتها .ورقة مقدمة إلى ملتقى تبوک الثقافی الثانی بعنوان تحدیات الخطاب الثقافی العربی، النادی الأدبی،تبوک،2010م.
8-                  الزرنوجی  ، برهان الإسلام : تعلیم المتعلم طریق التعلیم (ت: قبانی) ،  ت :  مروان قبانی : هـ 1401 – 1981م .
8-                 شلبی، أحمد.(1976).تاریخ التربیة الإسلامیة.ط5،مکتبة النهضة المصریة ، القاهرة .  
9-             طلس، محمد أسعد. التربیة والتعلیم فی الإسلام ، 2012 م . القاهرة: مؤسسة هنداوی للتعلیم والثقافة.
10-         شلبی، مصطفى رسلان. (2000م).التربیة الإسلامیة أسسها طرائقها کفایات معلمها، القاهرة :دار الثقافة للنشر والتوزیع.
11-         عبد المحسن ، هنادی هادی : 2015 م ، العوامل المنزلیة المشجعة على التعلیم المنزلی ، جامعة الشرق الاوسط ، عمان .
12-         علی، سعید اسماعیل.(1423هـ).السنة النبویة رؤیة تربویة. القاهرة :دار الفکر العربی.
13-         القابسی ، أبو الحسن علی ، الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمین ،وأحکام المعلمین والمتعلمین ، الشرکة التونسیة للتوزیع ، ط 1 ، 1986 م .
14-           کومبز ، ف (1971م) .أزمة التعلیم فی عالمنا المعاصر(ترجمة) أحمد خیری کاظم وجابر عبدالحمید جابر، القاهرة :دار النهضة العربیة ) .
15-          محجوب، عباس.(2007م).التربیة والتعلیم فی کتب التراث. عمان: الأردن ،عالم الکتب الحدیث، جدار للکتاب العالمی.
16-         محجوب، عباس.(2013م).الفکر التربوی فی الإسلام. عالم الکتب الحدیث: إربد ، جدار للکتاب العالمی .
17-               مرسی، محمد. (1988م). الإدارة التعلیمیة وأصولها وتطبیقاتها. القاهرة: دار الکتب .
18-         مقدمة ابن خلدون (ت: الدرویش) ، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ولی الدین ، دار یعرب ،  سنة النشر: 1425 – 2004م .
قائمة المراجع الأجنبیة
1-      Anthony, K. V., & Burroughs, S. (2010). Making the transitionfrom traditional to home schooling: Home school family motivations. Current Issues in Education, 13(4).‏
2-      Cook, K. B., Bennett, and others ، (2013). Beyond the brick walls: Homeschooling students with special needs. Physical Disabilities: Education and Related Services, 32(2), 98-111.‏
3-      Dawson, W. (2010). Private tutoring and mass schooling in East Asia: Reflections of inequality in Japan, South Korea, and Cambodia. Asia Pacific Education Review, 11(1), 14-24.‏
4-      Finnie, R. (2016). A simple model of access and capacity for post-secondary schooling in Canada.‏
5-      Greenwalt, K. (2016). Home/Schooling Our Children. In Home/Schooling (pp. 95-108). Sense Publishers.‏
6-      Kapitulik, B. P. (2011). Resisting schools, reproducing families: Gender and the politics of homeschooling.‏‏
7-      Martin, A. T. (2010). Homeschooling in Germany and the United States. Arizona Journal of International & Comparative Law, 27(1), 225.‏
8-      McKeown, R., & Nolet, V. (Eds.). (2012). Schooling for sustainable development in Canada and the United States (Vol. 4). Springer Science & Business Media.‏
9-      Morrison, K. (2014). Homeschooling as an act of conscientious objection. Journal of Thought, 48(3/4), 33.‏
10-  Mulyadi , S. (2010). Effect of the psychological security and psychological freedom on verbal creativity of indonesia homeschooling students. International Journal of Business and Social Science, 1(2).‏
11-  Tian-tian, W. U. (2013). Homeschooling Curriculum and Teaching in the United States.‏
12-  Van Pelt, D. N. (2015). Home Schooling in Canada. Fraser Institute.‏
13-  West, C. (2011). Homeschooling Gifted and Advanced Learners. Prufrock Press.‏
14-  Wolochow, J. L., & Stanford, C. (2011). Conervative Christian Homeschooling In The United States: Is It
Producing Good Citizens ?.‏