النمذجة بالتحليل المورفولوجي لدور التحالفات الاستراتيجية في تحقيق مقومات التکامل بين الذکاء التنافسي والإستراتيجي للجامعات المصرية ( جامعة عين شمس نموذجاً)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

تستهدف الدراسة الحالية إحداث طفرة إستراتيجية في أداء الجامعات المصرية من أجل وضعها في مقدمة الجامعات العالمية داخل العديد من التصنيفات العالمية ، وبالتالي نحن في حاجة لامتلاک جامعاتنا لمقومات الذکاء التنافسي والاستراتيجي ، وذلک من أجل تحليل استراتيجيات الجامعات المنافسة على جميع المستويات العالمية والاقليمية ، وأيضاً امتلاک جميع مقومات الذکاء الاستراتيجي والتي تکمن في استشراف مستقبل الجامعات ، والتفکير بمنطق النظم ، وزيادة الدافعية والحدس و الإبداع لديها ، وبالتالي نحن في حاجة لنماذج حديثة تقوم بتفعيل هذا المقومات مثل التحالفات الاستراتيجية ، حيث لجأت العديد من الجامعات العالمية لهذا النمط لتحقيق مقومات الذکاء التنافسي والاستراتيجي لها ، وبالتالي تحاول الدراسة الحالية عمل نمذجة باستخدام التحليل المورفولوجي _ وهو أحد انماط الادوات والأساليب المستقبلية _ لدور لدور التحالفات الاستراتيجية في تحقيق متطلبات التکامل بين الذکاء التنافسي والاستراتيجي .

الكلمات الرئيسية


النمذجة بالتحلیل المورفولوجی لدور التحالفات الاستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة

( جامعة عین شمس نموذجاً)

د/أحمد محمد محمدعبد العزیز

أستاذ التخطیط الاستراتیجی المساعد

قسم أصول التربیة

کلیة التربیة – جامعة عین شمس

المستخلص

تستهدف الدراسة الحالیة إحداث طفرة إستراتیجیة فی أداء الجامعات المصریة من أجل وضعها فی مقدمة الجامعات العالمیة داخل العدید من التصنیفات العالمیة ، وبالتالی نحن فی حاجة لامتلاک جامعاتنا لمقومات الذکاء التنافسی والاستراتیجی ، وذلک من أجل تحلیل استراتیجیات الجامعات المنافسة على جمیع المستویات العالمیة والاقلیمیة ، وأیضاً امتلاک جمیع مقومات الذکاء الاستراتیجی والتی تکمن فی استشراف مستقبل الجامعات ، والتفکیر بمنطق النظم ، وزیادة الدافعیة والحدس و الإبداع لدیها ، وبالتالی نحن فی حاجة لنماذج حدیثة تقوم بتفعیل هذا المقومات مثل التحالفات الاستراتیجیة ، حیث لجأت العدید من الجامعات العالمیة لهذا النمط لتحقیق مقومات الذکاء التنافسی والاستراتیجی لها ، وبالتالی تحاول الدراسة الحالیة عمل نمذجة باستخدام التحلیل المورفولوجی _ وهو أحد انماط الادوات والأسالیب المستقبلیة _ لدور لدور التحالفات الاستراتیجیة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والاستراتیجی .

الکلمات المفتاحیة : التحالفات الاستراتیجیة ، الذکاء التنافسی ، الذکاء الاستراتیجی ، التحلیل المورفولوجی

Morphological Analysis-Based Modeling of the Role of Strategic Alliances in Achieving the Fundamentals of Integration between Competitive and Strategic Intelligence in Egyptian Universities

(Ain Shams University as a case study)

Dr. Ahmed Mohammad Abdel Aziz

Associate Professor of Strategic Planning

Department of Foundations of Education

Faculty of Education-Ain Shams University

Abstract

The current study aims at achieving a strategic breakthrough in the performance of Egyptian universities in an attempt to place them among the leading universities in the overall world university rankings. In order to achieve this goal, the Egyptian universities have to possess the fundamentals   of competitive and strategic intelligence so that they can analyze the strategies of competitive universities at the regional and global level. In addition, our universities have to possess the basics of strategic intelligence which can be manifested in the ability to predict the future of universities, to think logically and systematically, and to increase motivation, intuition and creativity. Accordingly, our universities need modern models to activate these essentials such as strategic alliances to which many universities have resorted in order to achieve the fundamentals of strategic and competitive intelligence. In this regard, the current study attempts to propose a modeling of the role of strategic alliances in achieving the fundamentals of integration between competitive and strategic intelligence. This modeling is primarily based on morphological analysis which is considered one of future study methods and tools.

Key Terms: Strategic alliances- competitive intelligence- strategic intelligence- morphological analysis


النمذجة بالتحلیل المورفولوجی لدور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة

( جامعة عین شمس نموذجًا)

د/أحمد محمد محمدعبد العزیز

أستاذ التخطیط الإستراتیجی المساعد

قسم أصول التربیة

کلیة التربیة – جامعة عین شمس

أولا- المقدمة:

اتسمت البیئات التی تعمل بها المنظمات فی جمیع القطاعات الإنتاجیة منها والخدمیة بالتعقد؛ وذلک نتیجة التغییرات السریعة المتلاحقة التی أدَّت إلى زیادة الاضطرابات والتهدیدات التی تواجهها، حیث أصبح من الصعوبة تحدید حجم التهدیدات التی تواجه هذه المنظمات، وبالتالی لجأت جمیع المنظمات إلى تبنی التفکیر الإستراتیجی بکل قواعده ومحدداته وخطواته ونماذجه؛ وذلک من أجل محاولة مواجهة هذه التهدیدات.  

ونتیجة لزیادة التعقید والمنافسة بین بیئات المنظمات، لجأت العدید منها إلى محاولة توفیر نظم للتنبؤ الإستراتیجی بها، ویعتمد ذلک – کما أکَّد آنسوف  Ansoff- على تواجد نظم للمعلومات الإستراتیجیة تقوم بوضع تصور واضح عن الفرص التی تتواجد فی بیئات المنظمات، وأیضًا التهدیدات التی تواجهها. کما أکَّد أهمیة تواجد مواصفات للنظم الإداریة للتعامل مع القضایا الإستراتیجیة التی تؤثر فی تنافسیة المنظمات.

 (Jokull Johannesson , 1994 , 2)

وتشهد الجامعات کغیرها من المنظمات فی جمیع أنحاء العالم حالیًا مستوى مرتفعًا من القدرة التنافسیة فی العدید من العملیات التی تتم داخلها، والتی تساعد الجامعات فی القیام بوظائفها للحصول على مخرجات تعلیمیة وبحثیة وخدمیة على درجة من الجودة تتناسب مع متطلبات العملاء الداخلیین المتمثلین فی الطلاب، وأعضاء هیئة التدریس، والإداریین... إلخ. وأیضًا العملاء الخارجیین، مثل القطاعات التنمویة بالمجتمعات، حیث أصبح للجامعات العدید من المعاییر التی تضعها فی التصنیفات العالمیة.

لذا فقد لجأت العدید من المنظمات علی جمیع المستویات الإنتاجیة والخدمیة إلى بناء خطط إستراتیجیة تضمن لها التکیف مع التغیرات السریعة المتلاحقة فی البیئة الخارجیة المعقدة، وتحقِّق عن طریقها العدید من الأهداف التی تسعی إلى تحقیقها. لذا فقد اتخذت العدید من الإستراتیجیات فی سبیل تحقیق ذلک، لعل من أهمها التحالف بین المنظمات التی تعمل فی القطاع نفسه سواء على المستوى الخارجی أم الداخلی؛ لیحل التعاون محل التنافس.

وتجب الإشارة إلى امتلاک التحالفات الإستراتیجیة بین المؤسسات بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة العدید من الممیزات، لعل من أهمها السعی المستمر إلى تحقیق التمیز فی توظیف مواردها للحصول على أعلى عائد ممکن بأقل تکلفة ممکنة، وتحقیق نوع من التکامل التکنولوجی بین المؤسسات. کما أن المؤسسات تبحث عن أفضل أسالیب الإنتاج والتسویق، وذلک من خلال تشجیع الابتکار والإبداع من خلال الأفکار الجدیدة التی تنبع من وراء البحث العلمی بهذه المؤسسات.   

وبناء على ما سبق تحتاج الجامعات إلى نظم معلومات على أعلى مستوى من أجل وضع الإستراتیجیات التی تحقق لها أهدافها؛ لذا فلا بُدَّ للجامعات من امتلاک ذکاء إستراتیجی فی تحرکاتها من أجل التکیف مع طبیعة التغیرات التی تحدث فی بیئتها، حیث یجب أن تسعى إلى امتلاک فِرَق للذکاء الإستراتیجی تقوم بعمل مسح للبیئة الخارجیة التی تتواجد بها لتحلیل جمیع التحدیات التی تواجه الجامعات سواء فی الوقت الحالی أم فی المستقبل. وبالتالی أصبحت عدة جامعات على المستوى العالمی تمتلک فرقًا للذکاء الإستراتیجی من خلال تواجد قطاع بالجامعة خاص بالمعلومات الإستراتیجیة.  

وبتحلیل ما سبق یتضح تغیر طبیعة التنافس بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة والإقلیمیة، بل وأصبحت تتخذ العدید من الأشکال لمواجهة متغیرات البیئة التنافسیة شدیدة الصعوبة، وبذلک تجد هناک عددا من الجامعات تحاول الحفاظ على ممیزاتها التنافسیة المستدامة من أجل ضمان البقاء على مستوى التنافس العالمی أو الإقلیمی، فی حین تحاول جامعات أخرى الصعود ببناء میزة تنافسیة، وجامعات لا تستطیع الحفاظ على الممیزات التنافسیة لها؛ فیحدث لها تأخر فی الترتیب العالمی.

وبالتالی فهناک حاجة للجامعات المصریة إلى تحقیق متطلبات النجاح الإستراتیجی والتنافسی فی آن واحد، ومن ثَمَّ زادت الحاجة إلى تحقیق نوع من التکامل بین الذکاء التنافسی والذکاء الإستراتیجی من أجل تحقیق متطلبات القطاعات التنمویة بالمجتمعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وتحقیق الاستثمار الأمثل لجمیع الموارد الإستراتیجیة الملموسة وغیر الملموسة داخل الجامعات.

ونتیجة لما سبق أصبح من الصعب التحکم فی مسارات الجامعات المصریة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی؛ وذلک نتیجة تعقد الظروف الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة... إلخ المحیطة بالجامعات والمؤثرة فیها. وبالتالی تجعل من الصعوبة التحرک بدینامیکیات خطیة للجامعات تجاه تحقیق هذه المتطلبات، لذا زادت الحاجة إلى أسالیب التحلیل النوعی التی تعتمد على توظیف مقومات التصور والإبداع ضمن أطر عملیة محددة، وذلک من أجل وضع عدد من الحلول البدیلة لمسار التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی.

لذا لجأت الدراسة إلى استخدام أسلوب التحلیل المورفولوجی؛ لما له من ممیزات فی نمذجة دور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی، مما یترتب علیه وضع عدد کبیر جدًّا من الحلول والمسارات البدیلة، ثم الانتقاء من هذه المسارات ما یتناسب مع مقومات الواقع، من أجل طرح العدید من المسارات ومحاولة تنقیحها وفقا لعدد من المعاییر تساعدنا فی اختیار عدد من المسارات الأکثر احتمالًا، واستبعاد کل ما هو أضعف احتمالًا.    

ثانیا- مشکلة الدراسة: 

تشیر العدید من التصنیفات العالمیة إلى تقدم عدد من الجامعات العالمیة خلال عدة سنوات، والحفاظ على تقدمها وترتیبها فی مقدمة التصنیفات، مثل: جامعة هافارد، وکمبردج. وهناک أیضا جامعات کانت متأخرة فی هذه التصنیفات خلال مراحل زمنیة معینة واستطاعت إحداث طفرة إستراتیجیة، ووضعت نفسها فی المقدمة، کبعض الجامعات الترکیة، مثل جامعة الشرق الأوسط للتقنیة. وهناک جامعات أخرى ظلَّت تحتل مؤخرة التصنیفات العالمیة مثل الجامعات المصریة.

لذا فالجامعات المصریة فی حاجة ملحة إلى الذکاء التنافسی والإستراتیجی لتعدیل وضعها فی التصنیفات العالمیة، ومن ثَمَّ فهی فی أشد الحاجة إلى تبنی العدید من النماذج التی تساعد على تحقیق هذین النمطین من الذکاء. وبما أن العدید من الجامعات أقامت عددا من التحالفات الإستراتیجیة فی الکثیر من المجالات المختلفة من أجل تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی؛ لذا تسعى الجامعات المصریة إلى عقد عدد من التحالفات الإستراتیجیة مع العدید من الجامعات على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة من أجل تحقیق مقومات هذا التکامل.

ولکن هناک العدید من الإشکالیات التی تواجه الجامعات المصریة، منها إشکالیات على مستوى المدخلات، مثل: ضعف نظم استقطاب أعضاء هیئة التدریس، وعدم تناسب موارد التمویل مع متطلبات الجامعات، وقلة الموارد الفیزیقیة... إلخ. وإشکالیات على مستوى العملیات سواء فی أنشطة التدریس أو البحث العلمی أو خدمة المجتمع أو نظم الإدارة... إلخ. وإشکالیات على مستوى المخرجات فی عدم وجود تناسب بالدرجة المتوقعة بین کفاءة الخریجین ومتطلبات القطاعات التنمویة بالمجتمع وضعف المخرجات القیمیة... إلخ.

وبالتالی تقف هذه الإشکالیات عائقا أمام عقد هذه التحالفات؛ مما یترتب علیه صعوبة تحقیق مقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی. وبالتالی نحن فی حاجة إلى نمذجة مقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی من أجل رسم العدید من المسارات البدیلة التی تساعد التحالفات الإستراتیجیة فی تفعیل هذه المقومات؛ ومن ثَمَّ فنحن فی حاجة إلى أسلوب یساعد على نمذجة هذا الدور؛ لذا تسعى الدراسة إلى استخدام أسلوب التحلیل المورفولوجی من أجل تحقیق خطوات النمذجة.

وتسعى الدراسة الحالیة إلى الإجابة عن السؤال الرئیس التالی:

"کیف یمکن نمذجة دور التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی لها باستخدام التحلیل المورفولوجی ؟" 

وبناء على ما سبق یمکن صیاغة المشکلة فی عدد من الأسئلة التالیة:

1-   ما بنیة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة والعالمیة والإقلیمیة؟

2-   ما مقومات تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة؟

3-   کیف یمکن تحقیق متطلبات النمذجة بالتحلیل المورفولوجی فی الدراسات العلمیة؟ 

4-     ما دور التحلیل المورفولوجی فی نمذجة  دور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والتنافسی للجامعات المصریة؟ 


ثالثًا- فرضیات الدراسة: 

هناک عدد من الفروض التی تسعى الدراسة الحالیة إلى الکشف عن مدى صحتها أوخطئها، وتنبثق من الفرضیة الأساسیة التالیة:

  • الفرضیة الرئیسة: تسهم مقومات التحالفات الإستراتیجیة للجامعات المصریة فی تحقیق التکامل بین النجاح الإستراتیجی والتنافسی لها.

وینبثق عن هذه الفرضیة الأساسیة عددٌ من الفرضیات الفرعیة الآتیة:

  • الفرضیة الفرعیة الأولى: تؤثر مقومات التحالفات الإستراتیجیة فی قدرة الجامعات المصریة على استشراف مستقبلها.
  • الفرضیة الفرعیة الثانیة: تزید مقومات التحالفات الإستراتیجیة من قدرة الجامعات المصریة  على التفکیر النظمی.
  • الفرضیة الفرعیة الثالثة: تثیر مقومات التحالفات الإستراتیجیة الدافعیة لدى الموارد البشریة بالجامعات المصریة.
  • الفرضیة الفرعیة الرابعة: تزید مقومات التحالفات الإستراتیجیة من قدرة الجامعات المصریة على الحدس.
  • الفرضیة الفرعیة الخامسة: تعمل مقومات التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات الإبداع بالجامعات المصریة.
  • الفرضیة الفرعیة السادسة: تساعد مقومات التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی. 


رابعًا- أهداف الدراسة: 

هناک عدد من الأهداف التی تسعى الدراسة إلى تحقیقها، لعل من أهمها ما یأتی:

1-   تحلیل عناصر التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة والعالمیة والإقلیمیة؛ وذلک من أجل التعرف على مبررات الأخذ بهذه التحالفات، وتحلیل أهم ممیزاتها وعیوبها. 

2-   التعرف على أهم متطلبات تحقیق التکامل بین النجاح الإستراتیجی والتنافسی للجامعات المصریة، وذلک محاولة لوضع الجامعات المصریة على الخریطة العالمیة، واحتلال ترتیبات متقدمة فی التصنیفات العالمیة. 

3-   التعرف على الخطوات الأساسیة والواجب اتباعها من أجل تحقیق متطلبات النمذجة باستخدام التحلیل المورفولوجی فی العدید من الدراسات العلمیة بشکل عام، وفی القطاع التربوی بشکل خاص.

4-    رصد عدد من المسارات المستقبلیة البدیلة من خلال نمذجة دور مقومات التحالفات الإستراتیجیة داخل الجامعات المصریة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والتنافسی للجامعات المصریة. 

خامسًا- أهمیة الدراسة: 

تظهر أهمیة الدراسة الحالیة فی قدرتها على إثارة انتباه الجامعات المصریة لأهم العناصر الواجب توافرها لتحقیق مستلزمات النجاح على المستویات الإستراتیجیة والتنافسیة؛ وذلک من أجل محاولة توفیرها فی الخطط الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة لها، حیث تعد هذه العناصر بمثابة العمود الفقری للخطط على جمیع المستویات بالجامعات لمواجهة التغیرات السریعة والمتلاحقة فی بیئة الجامعات، والتی تزداد تعقدا فی العقد الثانی من القرن الحادی والعشرین.

کما تظهر أهمیة هذه الدراسة فی محاولة الجامعات المصریة توفیر مقومات التحالفات الإستراتیجیة؛ حتى یکتب لها النجاح عند تکوینها. وأیضا نتیجة توافر هذه المقومات تلجأ الجامعات المصریة إلى التحالف مع الجامعات القویة ذات السمعة العالمیة، والتی لها ترتیب متقدم فی التصنیفات العالمیة؛ لأن التحالف مع جامعات ضعیفة متأخرة فی التصنیفات العالمیة لیست له أیة قیمة مضافة على مکانة الجامعات المصریة.

وتأسیسا على ما سبق تتضح أهمیة تواجد نماذج التحالفات الإستراتیجیة فی الجامعات المصریة نظرًا لطبیعة التغیرات التی تحدث فی بیئة العمل داخل القطاعات التنمویة بالمجتمعات، وقدرة التحالفات علی ملاحقة هذه المتغیرات، وبالتالی تکوین مخرجات بشریة لها قدرات ذات طبیعة خاصة داخل تخصصات دقیقة تسهم فی تحقیق طفرات إستراتیجیة فی المجتمع المصری، وبالتالی یزداد العائد الاقتصادی من الجامعات المصریة؛ مما یؤدی إلى تحقیق تنمیة شاملة للمجتمع المصری. 

سادسًا- منهجیة الدراسة:

فرض موضوع الدراسة استخدام منهجیة مرکبة إحداهما المنهج الوصفی؛ وذلک من أجل دراسة التحالفات الإستراتیجیة کما هی فی الواقع، ووصف تأثیرها فی تحقیق الذکاء التنافسی والإستراتیجی، وجمع المعلومات الخاصة بذلک مع التعبیر عنها کمیًّا وکیفیًّا، تمهیدًا لفهم التحالفات وتشخیصها وتحلیلها، وتحدید العلاقات بین التحالفات الإستراتیجیة والذکاء التنافسی والإستراتیجی، وصولًا إلى إمکانیة تطبیق هذه التحالفات مع الجامعات المصریة والتحکم فیها.

 والمنهجیة الأخرى تتمثل فی التحلیل المورفولوجی لبنیة التحالفات الإستراتیجیة کمدخل لتحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی؛ حیث إن التحلیل المورفولوجی أحد أهم المناهج الاستشرافیة القادرة على وضع عدد کبیر جدًّا من السیناریوهات، ثم اختیار الأقرب للتحقیق من بین هذه السیناریوهات. وتجب الإشارة إلى أن التحلیل المورفولوجی یعتمد على التفکیر الاستقرائی Inductive Thinkingالقائم على تبسیط المعرفة الکلیة لمعرفة جزئیة، وأیضًا التفکیر القیاسی أو الاستدلالی أو الاستنباطی Deductive Thinkingالقائم على استقراء المعرفة الکلیة من المعرفة الجزئیة السابقة.

 

سابعًا- نموذج الدراسة:  

یشیر الشکل رقْم (1) إلى نموذج الدراسة، الذی یوضح متغیرات الدراسة، التی تکمن فی المتغیر الخاص بمقومات التحالفات الإستراتیجیة ودورها فی تحقیق عناصر النجاح الإستراتیجی والتنافسی للجامعات المصریة: 

 

شکل رقْم (1)

نموذج الدراسة

تحدید المصطلحات:   

هناک خمسة مصطلحات رئیسة یجب التصدی لها؛ وذلک کمحاولة لفهم المتغیرات الرئیسة للدراسة، وهما: التحالفات الإستراتیجیة، والذکاء التنافسی، والذکاء الإستراتیجی، وذلک على النحو الآتی: 

1-   النمذجة Modeling: ینتمی مفهوم النمذجة /النموذج، مثل مفهوم النظام أو النظریة، إلى فئة من المفاهیم التی تشمل نطاقًا غیر محدود من المفاهیم؛ حیث إن الطبیعة المفتوحة لهذه المفاهیم تجعل من الصعب منحها تعریفًا شاملًا ودقیقًا من وجهة نظر فلسفة العلم. وکثیرًا ما نجد أن مفهوم النموذج یعتمد على مفهوم "التمثیل"، سواء أکان تمثیلا ریاضیا أم رمزیا أم مفاهیمیا للشیء الذی یتم تصمیمه أو معالجته أو تطویره من منظور شامل، حیث تتم المعالجة من خلال مجموعة من الرموز لتمثیل أغراضنا الحالیة. (Tom Ritchey , 2018,81) 

وبالتالی نحن فی حاجة إلى نمذجة مقومات النجاح التنافسی والإستراتیجی من خلال التحالفات الإستراتیجیة؛ وذلک من أجل التعرف على المسارات المختلفة والنماذج المطروحة من أجل وضع العدید من الحلول المختلفة، واختیار ما یتناسب منها مع طبیعة المقومات التی تتواجد فی الجامعات لتطبیق النموذج المختار. 

2-  التحلیل المورفولوجی Morphological Analysis: طریقة تقوم على تحلیل المشکلة أو القضیة البحثیة لمجموعة من الأفکار الفرعیة الجزئیة. أی تتم تجزئة القضیة البحثیة لعدد من الفرعیات، ثم إعادة ترکیب هذه الأفکار الجزئیة مع بعضها البعض بشکل منطقی من جدید لتکوین أفکار کلیة جدیدة ذات خصائص معینة. وبالتالی فهو أسلوب یرکِّز على الشکل والنوعیة أکثر من ترکیزه على الوظیفة والکم. (عثمان محمد غنیم، 2011، 87)

لذا یتمیز التحلیل المورفولوجی بالعدید من الممیزات فی القطاع التربوی؛ لما له من قدرة فائقة على تحلیل المشکلة من خلال تقطیعها إلى عدد من الأجزاء الصغیرة، ثم إعادة ترکیبها بشکل منطقی وبطریقة معینة؛ وذلک من أجل الحصول على عدد کبیر من الأفکار التی لم تکن مطروحة من قبل، ومحاولة اختیار المناسب منها فی ضوء المقومات، واستبعاد غیر المناسب وفقا لعدد من المعاییر.

3-   التحالفات الإستراتیجیة Strategic Alliance : تستقر العدید من الأدبیات على أن التحالفات الإستراتیجیة اتفاقیات طویلة الأجل ودولیة بین شرکاء الأعمال، ویتم إبرامها على أساس مبادئ الشراکة، وکفایة الفوائد المستمدة من الاتحاد، ولکن مع الحفاظ على الاستقلالیة التنظیمیة للأطراف. ویعرفها آخرون بأنها علاقات إستراتیجیة هادفة بین الشرکات المستقلة التی تشترک فی أهداف متوافقة، وتسعى جاهدة إلى تحقیق منافع متبادلة، وتقر بمستوى عال من الاعتماد المتبادل. کما تم تناولها على أنها ترتیب تجاری دائم وطوعی بین شرکتین بما فی   ذلک التبادل أو المشارکة أو التطویر التعاونی للمنتجات والتقنیات والخدمات؛ وذلک لأن الوصول إلى الأصول والقدرات لدى کل منهما یعد أمرًا حاسمًا بالنسبة إلى الأداء الناجح لهذه المنظمات.  (Roya Shakeri, Reza Radfar,2017, 290)

 کما تشیر الأدبیات إلى أن التحالفات الإستراتیجیة هی نوع من أنواع التعاون بین المنظمات على المدى القصیر أو الطویل، ویشتمل على تبادل المنتجات والتقنیات والخدمات أو تقاسمها أو المشارکة فی تطویرها من أجل تحقیق مجموعة مشترکة من الأهداف أو تلبیة حاجة تجاریة حرجة. وعلى الرغم من ترکیزها على التعاون، فإن المنظمات التی تشکل تحالفات إستراتیجیة تحافظ على هویاتها الأولیة. وهی تهدف إلى تحقیق التآزر، حیث تکون فوائد کل شریک مرتبطة بمشارکة التحالف أکبر من جهودهم الفردیة.  (Lin ,Haiying , 2010 ,4 )

وبالتالی فالتحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات تعدُّ اتفاقیات مرتبطة بمدى زمنی معین بین هذه الجامعات، ویتم إبرامها على أساس العدید من المبادئ سواء التدریسیة المتمثلة فی اتفاقیات البرامج والمقررات أم البحثیة المتجسدة فی تحالفات المعرفة والأبحاث أم الخدمیة التی تسهم فی تقدیم منتجات/خدمات تتناسب مع متطلبات العملاء من الجامعات سواء القطاعات التنمویة بالمجتمعات أم غیرها من العملاء. 

4-   الذکاء التنافسی Competitive Intelligence: وفی السیاق نفسه عرَّف کالوف وسکینرSkinner Calof and الذکاء التنافسی بأنه علم وفن إعداد الشرکات للمستقبل من خلال عملیة إدارة المعرفة الممنهجة من خلال خلق المعرفة من المعلومات المتاحة بشکل مفتوح سواء بالتخطیط أو بالتحلیل أو بالجمع... إلخ، وذلک من أجل وضعها أمام صانعی القرار. ویضیف هوفمان Hoffman بأنه: محرک ابتکار یستقطب أعمالا أفضل من خلال محاولة تبنی إستراتیجیة للأعمال التجاریة، کما قدمت جمعیة خبراء المهارة التنافسیة (SCIP 2007) تعریفا للذکاء التنافسی بأنه "برنامج منهجی وأخلاقی لجمع المعلومات الخارجیة وتحلیلها وإدارتها والتی یمکن أن تؤثر فی خطط الشرکة وقراراتها وعملیاتها". (Jean-Pierre Kruger 2010, 50-51)

وتأسیسًا على ما سبق یتضح أهمیة تواجد ذکاء تنافسی للجامعات التی تحتاج إلى التواجد على القمة دائمًا، کما أنه لا یتضمن جمع معلومات عن الجامعات التنافسیة الأخرى ومنظومة العمل داخل هذه الجامعات فقط، بل أیضًا لا بُدَّ من استنتاج معلومات ومحاولة خلق معلومات، کما لا یتوقف الأمر على المعرفة فقط، بل یجب على متخذی القرارات وصانعی السیاسات محاولة الاستفادة من هذه المعلومات، وأیضا وضعها أمام المخططین لوضع الخطط الإستراتیجیة التی تجعل الجامعات متقدمة فی المستقبل.  

5-    الذکاء الإستراتیجی Strategic Intelligence: یُعرف الذکاء الإستراتیجی بأنه الشکل المحدد للتحلیل المطلوب للمنظمات؛ وذلک من أجل صیاغة السیاسات والخطط على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة. کما أن نظم الذکاء الإستراتیجی لا تتعامل مع الأهداف الفردیة بقدر ما تتعامل مع الاتجاهات العامة التی یمکن تفسیرها من خلال النظر فی مجموعة کبیرة من الأنشطة المستهدفة. ومن ثم فلا بُدَّ من توافر قیادات بمواصفات معینة لترجمة نتائج التحلیل المطلوب للمعلومات إلى مجموعة من الخطوات کترجمة للذکاء الإستراتیجی.  (Don McDowell,2009,17)

وبتحلیل الاتجاه الثالث فی التعریف نجد إلقاء اللوم على القیادات فی عدم قدرتها على وضع الجامعات على الخریطة العالمیة، رغم أنها تمتلک القدرة على تغییر سیاسة الجامعات تجاه مجتمعاتها، والقدرة على اتخاذ القرارات التی تسمح بتغییر الخریطة التنافسیة لها على المستوى الإستراتیجی، کما أنها تمتلک القدرة على وضع الرؤى المستقبلیة للجامعات، وتبنِّی التفکیر النظمی عند اتخاذ القرارات وعند وضع إستراتیجیة الجامعات، وتحقیق متطلبات الشراکة بین الجامعات والقطاعات التنمویة بالمجتمع.

المبحث الأول: بنیة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات وأهم إشکالیاتها  

یحاول المبحث الحالی تحلیل بنیة التحالفات الإستراتیجیة بین المنظمات بعضها البعض بصفة عامة، وأیضًا بین الجامعات بصفة خاصة، من أجل تحلیل أهمیة تواجدها بالجامعات المصریة من أجل الهدف الإستراتیجی الذی تسعى إلى تحقیقه، والذی یکمن فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی؛ حتی تعود لها الریادة على المستویات العالمیة والعربیة والإفریقیة مرة أخرى. ومن ثم یحقق العدید من الطفرات الإستراتیجیة بالمجتمع المصری.

لذا نحاول فی الجزء الحالی تحلیل بنیة التحالفات الإستراتیجیة على النحو التالی:

 

أولًا- ماهیة التحالف الإستراتیجی للجامعات: 

هناک عدد من المصطلحات المترابطة مع مفهوم التحالفات الإستراتیجیة، لعل من أهمها  الاندماج والاستحواذ، کما أن هناک بعض الدراسات تدمج بین مصطلحی الشراکة والتحالف؛ لذا لا بُدَّ من توضیح الفرق بین هذه المصطلحات قبل تحلیل مفهوم التحالفات الإستراتیجیة بصفة عامة وبالنسبة للجامعات بصفة خاصة؛ حتی یتم توضیح مدى التداخل بینهما، وبالتالی یتم استیعاب مبررات الحاجة للتحالفات فی الجامعات المصریة مع غیرها من الجامعات على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة.

وتشیر الأدبیات إلى أن الاندماج Merger هو "الجمع بین منظمتین معًا، بشکل یؤدی إلى الإبقاء على حیاة إحداهما دون الأخرى". فی حین یشیر الاستحواذ Acquisition إلى "قیام منظمة بالسیطرة على منظمة أو أکثر". ومن ثَمَّ فالاستحواذ یعبِّر عن سیطرة إحدى المنظمات على الأخرى، وبالتالی تکون هناک منظمة مُسْتَثْمِرة ومنظمة مُسْتَثْمَر فیها، وبالتالی یُطلق على إحداهما الشرکة القابضة (Holding Company)، وعلى الأخرى الشرکة التابعة (Subsidiary) ولکن دون اختفاء إحداهما قانونیًّا. (ملاک عطیة، 2011، 316)

ویوضح الجدول رقْم (1) عددا من النقاط من أجل توضیح أوجه الاتفاق والاختلاف بین التحالف والاندماج والاستحواذ؛ حتى لا یتم الخلط بینها عند الحدیث على مستوى الجامعات بصفة عامة والجامعات المصریة بصفة خاصة من أجل إیضاح ماهیة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات.

جدول رقْم (1)

مقارنة بین التحالف والاندماج والاستحواذ

التحالف

الاندماج

الاستحواذ

اتفاق تبادل منافع طویلة الأجل، یتم بمقتضاه المشارکة فی الموارد والمعرفة والقدرة والتکنولوجیا.

یتولد عنه تکوین کیان قانونی جدید.

لا یتولد عنه ظهور کیان قانونی جدید.

تتعدد صور التحالف بین اتفاقیات الشراء والتراخیص، والتعاون التسویقی طویل الأجل، وتکوین الفرق المتعاونة للبحوث، والتطویر إلى المشارکة فی المخاطر. ویتوقف ذلک على مدى المشارکة الفعالة والربط بین قوى الشرکتین.

الأشکال المقترحة للکیان القانونی الجدید هی:

1-                المزج بین شرکتین.

2-                تکوین شرکة محدودة  من شرکتین محدودتین.

3-                تکوین شرکة قابضة جدیدة تضع تحت حکمها الشرکتین المحدودتین.

یحدث الاستحواذ إذا قامت شرکة بامتلاک أسهم شرکة أخرى. کما أن أحد خصائصه الرئیسیة هی الرغبة فی إحداث التعاون بین عوامل الإنتاج فی الشرکتین تحت قیادة واحدة. 

یحدث بعد مفاوضات واتفاقیات مطولة بین الطرفین.

یحدث بعد مفاوضات واتفاقیات مطولة بین الطرفین.

یحدث فی الغالب نتیجة وجود نقص فی توازن القوى بین الأطراف.

المصدر: (ملاک عطیة، 2011،317-318).

وبتحلیل الجدول رقْم (1) یتضح تواجد فروق کبیرة بین المصطلحات الثلاثة، فلکل واحد منها معنى مختلف تمامًا عن الآخر. فالتحالف یعنی تحقیق تبادل منفعة وزیادة قوى کل من الطرفین. فی حین یشیر الاندماج إلى دخول مؤسسة داخل مؤسسة أخرى لحمایتها من الانهیار ومحاولة البقاء بداخلها. بینما الاستحواذ هو تواجد صراع بین عدد من المؤسسات فی نسبة الأسهم للمنظمة ومحاولة الحصول على أعلى نسبة للأسهم.

وبالتالی فالاندماج لا یحدث بالجامعات؛ حیث لا توجد جامعة تندمج فی أخرى مع تکوین کیان قانونی جدید، فقد لجأت العدید من الجامعات فی عدد من الدول العالمیة إلى الانفصال من الداخل لتکوین عدد من الجامعات الجدیدة ولیس الاندماج، وبالتالی فمصطلح الاندماج لن نسمع عنه فی قطاع الجامعات. بینما من الممکن تواجد الاستحواذ فی الجامعات، خاصة فی الجامعات الخاصة التی تتکون من حاملی الأسهم، فمن الممکن استحواذ إحدى المؤسسات على نسبة فی أسهم الجامعات بدرجة أعلى من غیرها، ولکن صیغة التحالفات هی النمط التی یتواجد على المستوى العالمی للجامعات باختلاف الهدف من التحالفات.      

هناک مصطلحان شائعان یعبِّران عن مستویات العلاقة بین الجامعات والمؤسسات التنمویة بالمجتمع أو مع غیرها من الجامعات، فمثلًا هناک مصطلح الشراکة Partnership للتعبیر عن تواجد علاقة بین عدد من الشرکاء، ولکنها ترتبط بمدى زمنی قصیر، وترکز على قضایا آنیة ومُلَحَّة، ویکون الغرض منها حل مشکلات معینة، مثل المشکلات المتواجدة بالقطاعات الخدمیة، والتی تستغرق دورات زمنیة محددة لتلبیة حاجات آنیة معینة. فی حین یشکِّل التحالف Alliance اتحادا أو اتفاقا على إقامة علاقة تعاون تتوافر فیها النِّدِّیَّة بین الطرفین أصحاب العلاقة، ویعبر عن مدى زمنی طویل، کما یرکز على قضایا مستقبلیة یتوقع منها فائدة لطرفی العلاقة معًا. (أحمد کردی، 2011)

فی هذا السیاق یتم تعریف التحالف الإستراتیجی على أنه ترتیب تعاونی طویل الأجل بین شرکتین مستقلتین أو أکثر تنخرط فی أنشطة تجاریة لتحقیق مکاسب اقتصادیة متبادلة. وبالتالی فالترکیز فی هذا التعریف على المدى الطویل للتحالفات، ولیست فترة زمنیة محددة، ومن ثم  فالغرض من هذه التحالفات لن یکون عابرًا لمشروع محدد، بمجرد انتهائه ینتهی التحالف، بل لمدى طویل جدًّا وفی عدد کبیر من المشروعات. (Eric W. K.Tsang,1998,209)

وبالتالی تختلف التحالفات الإستراتیجیة عن المشروعات المشترکة بین المنظمات، حیث تتجاوز التحالفات فی المشروعات التقلیدیة؛ إذ تقوم المشروعات المشترکة على أساس مساهمة شریکین بمقدار محدود من الموارد، ویتطور المشروع من ذاته. فی حین تکون التحالفات قائمة على امتلاک حقوق المساهمین  لإحدى المنظمتین أو کلیهما، حیث لکل شریک خبرة أو مهارة معینة، وعادة ما یکونوا مُکمِّلین لبعضهما، کما تقع الاستفادة على کلٍّ منهما. ( ره داوده & دولفان سلمان، 2014، 435)

إن هناک خلطا کبیرا لدى البعض بین إستراتیجیة التحالف والتحالفات الإستراتیجیة، ولذلک تجب الإشارة إلى أن إستراتیجیة التحالف أوسع وأعمق؛ إذ تشتمل على أبعاد کثیرة، إضافة إلى أنها تتضمن إستراتیجیة الأعمال والرؤیة الدینامیکیة، بالإضافة إلى اعتماد عدد من المداخل، مثل محفظة الأعمال، لضمان دیمومة التحالفات من خلال توفیر البِنَى التحتیة التی تتقبل ذلک. کما تجب الإشارة إلى أن التحالفات الإستراتیجیة لا یکتب لها النجاح إذا لم ترتبط بإستراتیجیة التحالف بشکل موضوعی. ( ره داوده & دولفان سلمان، 2014، 435)

وتشیر العدید من الأدبیات إلى أن التحالفات الإستراتیجیة هی علاقات تشمل طرفین أو أکثر بغرض تحقیق مکاسب متبادلة بین الأطراف المتحالفة. ومن هذا المنطلق قد تکون التحالفات بین أفراد أو بین مجموعات أو بین منظمات رسمیة، مثل: الشرکات، والمؤسسات، والحکومات، والمجتمعات، ویکون لکل منهما مصالح من وراء هذا التحالف؛ حیث توفر التحالفات فرصًا للمنفعة المتبادلة، کما تتجاوز نتائجها ما یمکن لأی منظمة أو قطاع واحد أن یحققه منفردًا، ویحدث ذلک فی إطار عقد قانونی یشمل حقوق کل منهما. (Jerome R.Cordts , 2008 , 51-52)  

کما تم تعریف التحالفات الإستراتیجیة بأنها: "اتفاق یحدد ویضبط التعاون لأجل طویل بین مؤسستین أو مجموعة مؤسسات مستقلة قانونیًّا، متنافسة أو ذات قدرات تنافسیة مختلفة، تستهدف الحصول على مزایا وأرباح من مشروع مشترک، مع الاحتفاظ باستقلالیة القرار خارج إطار التحالف وفی السوق". (نوال هانی، 2014، 42)

هناک عدد من الأشکال المختلفة للتحالفات الإستراتیجیة، منها ما هو على مستوى الإنتاج، ومنها ما هو على مستوى البحوث المشترکة والتنمیة، ومنها ما هو على مستوى التسویق، ومنما هو على مستوى الموردین، والتوزیع، والاتفاقیات... إلخ. کما توجد تحالفات بین قطاعات تمتلک هیاکل ومهام إدارة مختلفة جوهریًّا، فعلى سبیل المثال، الشراکة الأمریکیة لمکافحة المناخ ((USCAP هی تحالف بین القطاعات تم تشکیله من قِبَل عشر شرکات فی الولایات المتحدة وأربع منظمات غیر حکومیة بیئیة. ویسعى هذا التحالف إلى وضع برنامج إلزامی للتبادل التجاری للانبعاثات من انبعاثات ثانی أکسید الکربون. (Lin ,Haiying , 2010 ,4-5 )

بتحلیل التعریفات السابقة تتضح مدى قدرة التحالفات على تعظیم الإفادة من الموارد المشترکة بین الطرفین أو الأطراف على جمیع المستویات البشریة والمالیة والمادیة والفیزیقیة... إلخ؛ وذلک من أجل استیعاب جمیع المتغیرات البیئیة داخل بیئة العمل، مما یترتب علیه تجنب التهدیدات التی تواجه المؤسسات من جراء هذه التحالفات. وبالتالی فالتحالفات تکون بین منظمات فی عدد من الدول تسعى إلى تحقیق هدف مشترک لکل منها.

وتجب الإشارة إلى أن الدوافع الاقتصادیة تعدُّ من أهم مبررات التحالفات بین المؤسسات العالمیة، حیث تزداد التحالفات على المستوى الاقتصادی وتقل على المستوى الاجتماعى؛ حیث إن الاعتماد على الموارد الاقتصادیة التی تتواجد فی کلتا المنظمتین هی الهاجس الرئیسی للتحالف، وذلک من أجل الحصول على أعلى کفاءة ممکنة للمنظمات المتحالفة.  

وبالتالی فالتحالف الإستراتیجی بین الجامعات یتمثل فی تواجد نوع من المشارکة فی الأنشطة التی تقوم بها الجامعات. فعلى سبیل المثال تواجد مقررات یتم تدریسها فی العدید من الجامعات من أجل إیجاد تکامل فی المعلومات، وأیضًا تکوین فِرَق بحثیة متکاملة فی الجامعات المختلفة، وکذلک محاولة توفیر خدمات مجتمعیة لجامعات التعاون من أجل زیادة قوة الجامعات فی بناء مجتمعاتها. 

کما یعرف التحالف الإستراتیجی بـأنه: "تعاون مشترک بین شرکتین أو أکثر، وفیه یقوم الشرکاء بتحدید أهداف التحالف بدقة، مع استغلال جید للمزایا النسبیة المتوافرة لدى کل طرف متحالف؛ وذلک بغرض التحسین من قدرتهم التنافسیة ومکانتهم ونصیبهم السوقی، مع مراعاة التقییم الدوری لأداء التحالف الفعلی". کما یعرف بأنه: "علاقة تتم من أجل تحسین أوجه معینة فی الأداء". (سماح زکریا، 2015، 191)

ویعرف التحالف الإستراتیجی أیضًا بأنه سعی مشترک لمنظمتین أو أکثر  إلى تکوین علاقة تکاملیة تبادلیة من أجل تحقیق أعلى استفادة من الموارد المشترکة فی بیئة حرکیة تنافسیة؛ وذلک لاستباق المتغیرات المتوقعة لاقتناص الفرص. کما یعرفه Zoogah بأنه: "حالة تعاون على المدى الطویل بین منظمتین أو أکثر لتنفیذ عملیات محددة لتحقیق مکاسب متبادلة وتعظیم الأداء من خلال تقلیل التکالیف أو توسیع الرقعة السوقیة". کما یعرفه Sroka بأنه علاقة تبادل ومشارکة وتعاون بین منظمتین فی تطویر الموارد والقابلیات لتحقیق المنافع المشترکة. ویتفق Demirkan مع هذا التعریف مع التأکید على تطویر الموارد المشترکة بینهما وتبادلها ومشارکتها. ( ره داوده & دولفان سلمان، 2014، 434-435)

ویوضِّح الشکل رقْم (2) التحالفات الإستراتیجیة بین جامعتین یجمعهما العدید من المصالح المشترکة من أجل تحقیق أهداف معینة تسعى إلى تعظیم الاستفادة من الموارد المتاحة بکلٍّ منهما.

 

 

 

 

شکل (2)

التحالف الإستراتیجی بین جامعتین

المصدر: ( بن عزة محمد أمین، 2005، 35).

وبناء على التعریفات السابقة تتضح قدرة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات على تعظیم الاستفادة من جمیع الموارد المتاحة بها، واستیعاب المتغیرات البیئیة وترجمتها إلى العدید من الفرص التی یمکن الاستفادة منها؛ حتی لا تتحول إلى تهدیدات تواجه کیان الجامعات. کما أن التحالفات تساعد على التنبؤ بالمتغیرات البیئیة ودراسة النتائج المترتبة علیها، ویکون للجامعات السبق فی التنبؤ بهذه المتغیرات ودراسة آثارها على جمیع المؤسسات الإنتاجیة منها والخدمیة. 

ویقصد بالتحالف الإستراتیجی بین الجامعات محاولة إیجاد نوع من التعاون بین الجامعات المصریة بعضها البعض، أو بین الجامعات المصریة والجامعات العربیة والعالمیة، وبالتالی یکون التحالف على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة؛ وذلک من أجل حمایة الجامعات المصریة من التهدیدات التی تواجهها، وتؤدی إلى مزید من التراجع فی التصنیفات العالمیة، وبالتالی یکون العائد بجمیع مستویاته الملموس وغیر الملموس مقسما على الجامعات. 

ومن ثَمَّ فالتعاون بین الجامعات المصریة والجامعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة هو بدیل قوی للتنافس بینها، وتستفید الجامعات المصریة من خبرات الجامعات العالمیة فی التقدم على جمیع المستویات العلمیة والتدریسیة والمجتمعیة. ویترتب على ذلک عدد من الالتزامات على الجامعات المصریة تجاه الجامعات الأخرى، کما تحاول کل منهما توفیر رقابة على الآخر للتأکد من سیر العملیات بالوضع الذی تم الاتفاق علیه.  

ثانیًا- مبررات التحالف الإستراتیجی للجامعات: 

هناک اتفاق بین العدید من الأدبیات على تواجد العدید من المبررات التی تبرر حاجة الجامعات المصریة إلى التحالفات الإستراتیجیة، لعل من أهمها ما یلی:

1-   التغییر الدینامیکی المستمر: یهدِّد التغییرُ المنظماتِ بصفة عامة والجامعاتِ بصفة خاصة عبر العصور المختلفة، فالتغییر یحدث سواء أکان مخططا له أم غیر مخطط له، فهو أمر لا مفر منه؛ لذا کان من المفضل التخطیط للتغییر، الذی أصبح هدف کل المنظمات؛فالتغییر من المشکلات التی تواجه المنظمات النشطة مثل الجامعات. وفشلت العدید من نماذج التغییر فی شرح الظواهر الفریدة للجامعات على نحو ملائم؛ حیث إن التغییرات المتعمدة فی برامج الخدمة المهیکلة لیس بسیطًا ولا مضمونًا حتى فی حالة توافر الدوافع المطلوبة.      (Penny Little Smith,1994,17)

لذا لا بُدَّ من تواجد إدارة خاصة بالتغییر فی الجامعات تسمى إدارة التغییر، ووظائفها: اتخاذ القرارات للمشارکة بشکل استباقی فی عملیة التغییر، وأیضًا مواجهة العواقب بشکل سلبی. کما تجب الإشارة إلى أن العقود المقبلة تقدم فرصًا غیر مسبوقة لإعادة توجیه البرامج داخل الجامعات، وأن هناک تهدیدا لأعضاء هیئة التدریس بمغادرة الجامعات إن لم یحدث تکیف مع البرامج الجدیدة. ویتم تغییر عملیة الاستقطاب لأعضاء هیئة التدریس بما یتناسب مع المهارات المطلوبة لتنفیذ هذه البرامج؛ لذا زادت الدعوة إلى إصلاح الجامعات، وإعداد القادة بطرق تتناسب مع طبیعة هذه التغیرات. (Penny Little Smith,1994,18-19)

وتأسیسًا على ما سبق تتضح أهمیة التحالفات بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة والإقلیمیة لمواجهة التغییر؛ حیث تساعد التحالفات فی التنبؤ بالتغییرات التی قد تحدث فی البیئة الجامعیة، وبالتالی لا بُدَّ من رسم الخطط الإستراتیجیة للتغییر؛ حتى لا یحدث التغییر دون تخطیط، فسوف أن یؤدی إلى العدید من الانعکاسات السلبیة على الأداء الإستراتیجی للجامعات المصریة.   

2-   المنافسة الشدیدة: تعد المنافسة الشدیدة بین الجامعات على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة أحد أهم المبررات الأساسیة للتحالفات الإستراتیجیة، إذ تسعى العدید من الجامعات لتحقیق التنمیة بکل جوانبها، حیث زاد التنافس فی الآونة الأخیرة بین المخرجات الجامعیة فی سوق العمل أو فی طبیعة العلاقات بین الجامعات والمؤسسات التنمویة بالمجتمع، ونتیجة هذا التنافس الشدید بین الجامعات لجأت العدید من الجامعات على المستوى العالمی إلى عقد التحالفات الإستراتیجیة؛ لما لها من ممیزات فی مواجهة التنافس الشدید.

والجامعات المصریة کغیرها من الجامعات تأثرت بالتنافس الشدید بین الجامعات فی تحقیق مقومات الجودة فی مخرجاتها البحثیة والبشریة والخدمیة؛ لذا زادت حاجة الجامعات المصریة إلى التحالفات من أجل مواجهة هذا التنافس، وامتلاک میزة تنافسیة تحاول إعادة هیکلتها مرة أخرى، ووضعها على المسار العالمی ضد التنافس العالمی والإقلیمی والمحلی.

3-   التحول لاقتصاد المعرفة: ثمَّة عدید من الدول، مثل: مالیزیا، تسعى فی الوقت الراهن إلى التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، وبالتالی تحاول تکثیف جهودها لتحسین الموارد البشریة وتطویرها من خلال تشجیع الشرکات على التحالفات مع المنظمات الدولیة،والترکیز على تحسین التدریب والتطویر؛ لذا قامت مالیزیا بإدراج سیاسة مفتوحة للتحالفات الإستراتیجیة من أجل تعزیز المعرفة التکنولوجیة والتعلم المحلی والخبرة فی صناعات مختارة، بحیث یحصل السکان المحلیون على فرصة التعلم واکتساب المهارات الجدیدة وتجربتها. Zuraina Dato Mansor,2009,74-75))

إزاء ذلک زادت الحاجة إلى التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات؛ وذلک من أجل محاولة الاستفادة من خبرات العدید من الدول فی بناء اقتصاد المعرفة بکل مرتکزاته داخل المجتمع المصری، حیث إن الجامعات هی النواة الرئیسة لتعزیز المعرفة التکنولوجیة والتعلم المحلی من أجل تحقیق متطلبات اقتصاد المعرفة.  

4-  البیئة الافتراضیة: إن تغیُّر البیئة التی تتواجد فیها الجامعات على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة نحو الافتراضیة، أدى إلى تواجد تغییر فی أنماط اکتساب المعرفة وتطبیقها وتبادلها، ومن ثَمَّ زادت الحاجة إلى تواجد إعادة تنظیم نظم الإدارة بالجامعات من أجل محاولة الاستفادة المثلى من المعرفة المنتجة من الجامعات، وأیضًا من المنتجات والخدمات اللوجیستیة المختلفة التی توجدها الجامعات لمجتمعاتها. (Zhigang Li & others , 2016,276).

وفی الإطار نفسه فإن التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات تساعدها على محاولة الاستفادة من مواردها فی تبنِّی العدید من الصیغ الافتراضیة الجدیدة للجامعات، ومحاولة تطبیقها على الجامعات المصریة من أجل تعزیز قوتها بالتحالفات الإستراتیجیة.      

5-  تعزیز المیزة التنافسیة: مع ظهور العدید من التصنیفات العالمیة للجامعات، نجد أن کثیرا من الجامعات استحدثت عددا من الأنشطة والأدوات والتقنیات من أجل الارتقاء بمکانتها على المستوى العالمی لتحظى باستقطاب العدید من الطلاب إلیها، وأیضًا استقطاب العدید من المؤسسات التنمویة بمجتمعها والعدید من المجتمعات، وبالتالی توفیر مصادر تمویلیة للجامعات من أجل تجوید مخرجاتها، وبالتالی تسعى الجامعات إلى التحالف للتعرف على إستراتیجیات هذه الجامعات للتنافس من أجل محاولة توظیف مواردها بأعلى درجة ممکنة.

وفی السیاق نفسه فإن الجامعات تتأثر کغیرها من المؤسسات بالضغوط التنافسیة، فعندما فرضت البیئة الإلکترونیة نفسها على الساحة أسرعت العدید من الجامعات الأمریکیة مثل جامعة ویسترن  إلى إنشاء جامعة افتراضیة لتقدیم الخدمة التعلیمیة فی أی مکان وفی أی زمان بالجودة المطلوبة. کما أسرعت جامعة ولایة بنسلفانیا بالتفکیر فی إنشاء جامعة افتراضیة، وأیضًا شکلت جامعة میتشجان فِرَقًا لدراسة تأثیر التنافس عبر البیئة الافتراضیة، وکیف یتم ربط احتیاجات الولایة والمؤسسات بهذا النموذج الجدید فقامت بإنشاء نموذج جامعی افتراضی أکثر شمولًا، وکان لمؤسسة MVAC دورًا کبیرًا فی توفیر الخبرات والموارد الإضافیة لإنشاء الجامعة الافتراضیة مستغلة السمعة المؤسسیة لها. ( Scott G. Rosevear,1999,119)

وتأسیسا على ما سبق یتم تعزیز المیزة التنافسیة للجامعات المصریة المتحالفة من خلال استکشاف الفرص البحثیة فی العدید من المجالات، أو الدخول فی مجالات دقیقة على مستوى النانو والبیکو... إلخ. کما یتم تعزیز المیزة التنافسیة أیضًا من خلال الخبرة الإداریة المکتسبة من خلال التحالف، والتی تؤدی إلى مزید من التنظیم لجمیع الأنشطة التی تقوم بها جامعات التحالف.

6-   تقاسم المخاطر: حیث تساعد التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة على مواجهة التهدیدات المجتمعیة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة التی تواجه جامعات التحالف، إذ یتحمل التحالف تکالیف مواجهة هذه المخاطر. کما یساعد التحالف على تقدیم منتجات وخدمات أکثر للسوق التی تنتمی إلیه جامعات التحالف؛ مما یؤدی إلى زیادة القوة فی السوق، وزیادة الاستثمارات الهیکلیة، وبالتالی یقلل من تعرض الأصول للخطر.     

7-   تعاظم الریع: تسعى الجامعات إلى تحقیق عائد یزید عن تکلفة الفرصة البدیلة، وهی تمتلک موارد نادرة، مثل: حقوق التألیف، والنشر، وبراءات الاختراع... إلخ، وتحتاج إلى الاستفادة من هذه الموارد بتکلفة أقل، أو الحصول على الأفضل بالتکلفة نفسها. وتلعب التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات على تعظیم الاستفادة من هذا الموارد وتحقیق ریع أکبر، حیث یزید التحالف من قوة الجامعات طوال فترة التحالف، کما یساعد التحالف على تعظیم الریع الناتج من هذه الموارد من خلال تداخل هذه الموارد مع عوامل الصناعة الإستراتیجیة؛ لذا لا بُدَّ من وجود تجانس بین الجامعات، فکلما زادت درجة التجانس زادت فرص تشکیل تحالفات. والتحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات على المستوى الدولی تحقق ریعا أکثر منها على المستوى المحلی.  (Eric W. K.Tsang,1998,210-211).  

وفی السیاق نفسه فإن الجامعات المصریة تحتاج إلى زیادة العائد الاقتصادی من العملیة التعلیمیة، وخاصة فی ضوء ضآلة الموارد المالیة المخصصة للجامعات المصریة؛ لذا فهی فی أمس الحاجة إلى تعاظم الریع الناتج من التدریس فی الحصول على مخرجات بشریة تتناسب مع المتطلبات التنمویة، وتعاظم الریع الناتج عن البحث العلمی بداخلها من خلال اختراق مجالات بحثیة دقیقة تحقق طفرات إستراتیجیة بالمجتمع، وأیضًا تعاظم الریع الناتج من الخدمات المجتمعیة التی تقدمها الجامعات المصریة لمجتمعها.     

8-   تعزیز السمعة الأکادیمیة: تسعى العدید من التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة إلى تعزیز سمعتها فی بیئات سوقیة أخرى، ولذا تسعى الجامعات المصریة من خلال التحالفات إلى تسویق برامجها أو مخرجاتها البشریة أو البحثیة خلال سوق جدیدة، وبالتالی یکون الهدف الأسمى للجامعات المصریة من التحالفات الإستراتیجیة تعزیز السمعة الأکادیمیة لها فی أسواق جدیدة، وبالتالی جذب المزید من الاستثمارات لها سواء فی استقطاب الطلاب أو بتسویق مخرجاتها البحثیة... إلخ.

9-   التصنیف العالمی: تسعى العدید من الجامعات فی کل دول العالم إلى تحسین ترتیبها العالمی فی العدید من التصنیفات؛ لذا فإنها ترکز على المقومات الأساسیة للوصول إلى      المکانة العالمیة، مثل: استقطاب أعضاء هیئة تدریس ذوی کفاءات عالیة، وأیضًا محاولة اکتشاف الموهبة عند الطلاب، وبالتالی لا بُدَّ من تواجد کتلة حرجة من الطلاب المتفوقین وأعضاء هیئة التدریس البارزین، وهی نفس وجهة نظر الشرکة القائمة على الموارد، والتی تقترح أنه من أجل الحصول على میزة تنافسیة مستدامة، تلعب الموارد، مثل رأس المال البشری، دورًا أساسیًّا إذا کانت قَیّمة ونادرة وغیر قابلة للتقلیب بشکل سلیم وغیر قابلة للاستبدال.  (Marlena Leon Mendoza et al, 2014 ,97)

لذا فالجامعات المصریة کغیرها من الجامعات تحاول أن تضع نفسها فی مقدمات التصنیفات العالمیة، وبالتالی لا بُدَّ لها من دراسة مستمرة للمعاییر التی تتم فی ضوئها هذه التصنیفات، ثم العمل على تواجدها داخلها، ویتم ذلک من خلال عقد عدد من التحالفات مع الجامعات العالمیة والإقلیمیة المتمیزة. فالتحالفات تساعد فی تحقیق الیقظة الإستراتیجیة المستمرة لجامعتنا المصریة.

ثالثًا- أشکال التحالف الإستراتیجی وأنماطه بین الجامعات: 

هناک عدد من الأشکال والأنماط للتحالفات الإستراتیجیة التی تمت بالفعل بین الجامعات، وأشکال أخرى من التحالفات الإستراتیجیة التی لم تتم. وهذه التحالفات الإستراتیجیة قد تکون  أفقیةHorizontal Alliance  بین الجامعات المتنافسة بعضها البعض لتحقیق العدید من الأهداف، لعل من أهمها زیادة کفاءة الجامعات وزیادة إنتاجیتها البحثیة المتمیزة. وقد تکون التحالفات رأسیة Vertical Alliance بین الجامعات والمؤسسات التنمویة بالمجتمع ومؤسسات التعلیم قبل الجامعی من أجل التأکد من کفاءة الطلاب الملتحقین بالجامعات، وأیضًا التأکد من ملاءمة المخرجات الجامعیة لمتطلبات المؤسسات التنمویة بالمجتمع.

وفی السیاق نفسه تجب الإشارة إلى أن هناک ثلاثة أنواع من التحالفات الإستراتیجیة بین المؤسسات المتنافسة، تکمن أولها فی التحالفات المتکاملة حیث تتکامل المؤسسات بأصول ومؤهلات من طبیعة مختلفة، وهدفها استغلال شبکة توزیعیة للمؤسسة من خلال طرف آخر. وثانیها تحالفات التکامل المشترک وتُعقد من أجل تحقیق اقتصادیات الحجم فی مرحلة من مراحل الإنتاج، ولکن المنتجات خاصة بکل حلیف، وقد تظل هناک منافسة مشترکة بینهما. وثالثهما تحالفات شبه الترکیز التی تجمع المؤسسات التی تقوم بإنتاج منتج مشترک وتطویره وتسویقه، وهناک تشابه فی الأصول، ولکن الهدف الوصول إلى الحجم الأمثل للإنتاج، بینما المنتج وحید ومشترک بالنسبة إلى جمیع الأطراف، ویطرح فی السوق بشکل مشترک.  (نوال هانی، 2014، 46)       

وتجب الإشارة إلى أن أشکال التحالفات الإستراتیجیة وأنماطها تُبنى على أساس ثلاث فئات من الموارد، تتجسد الفئة الأولى فی الموارد المادیة والمتمثلة فی الجوانب المالیة والفیزیقیة بالجامعات، فی حین تتمثل الفئة الثانیة فی الموارد غیر المادیة والتی تتجسد فی السمعة والتکنولوجیا والجوانب التنظیمیة، وأخیرا تتواجد الفئة الثالثة فی الموارد البشریة بما فی ذلک الثقافة والتدریب وخبرة جمیع أعضاء هیئة التدریس بالجامعات.  (Lin ,Haiying , 2010 ,14 )

ومن هذا المنطلق یحاول الجزء الحالی تحلیل هذه الأشکال والأنماط بین هذه التحالفات الإستراتیجیة؛ لکی تستفید الجامعات المصریة من ممیزاتها، وتحاول تطبیقها بداخلها من أجل الخروج من مأزق التراجع المستمر للتصنیفات العالمیة، وفی الوقت نفسه یزداد ثقل الجامعات المصریة فی مجتمعاتها. لذا یتم عرض هذه الأشکال والأنماط على النحو التالی: 

1-   تحالف المقررات: 

یظهر هذا النمط من التحالفات فی تواجد العدید من المقررات داخل عدد من الکلیات فی عدد من الدول، وذلک من أجل ظهور توحد فی نمط المعلومات المقدمة للطلاب فی المستوى التعلیمی نفسه، وبالتالی یمکن تبادل أعضاء هیئة التدریس بین هذه الکلیات من أجل اکتساب الخبرات داخل هذه الدول.

ویظهر التحالف فی المقررات من خلال تواجد عدد من المقررات یتم تدریسها من خلال اثنین أو أکثر من أعضاء هیئة التدریس، أو من خلال مجموعات التدریس من المجموعات المهنیة داخل العدید من الدول. ویرجع تحالف المقررات إلى عام 2001م عندما قام معهد ماساتشوستس للتکنولوجیا (MIT) بتنفیذ خطة المناهج عبر التعلیم المفتوح لترسیخ مفهوم المعرفة کنوع من الرفاهیة العامة وتعزیز المشارکة الحرة،د، وقد استجابت العدید من الجامعات بعدد من الأنشطة وبشکل ایجابی. وفی عام 2002م اتفقت حلقة العمل المکونة من اتحاد الأمم المتحدة والتی عُقِدَت فی باریس بفرنسا على توسیع ومد المناهج التعلیمیة المفتوحة لتشتمل جمیع مصادر التعلیم المتنوعة والمراجع والتطبیقات. (Jinzhong Ma , 2014,163)

ومن المنطلق نفسه تم طرح موارد التعلیم المفتوح من خلال تکنولوجیات المعلومات والاتصالات ICT وذلک لأعضاء هیئة التدریس وجمیع الدارسین بشرط الاستخدام غیر التجاری، وتحقیق مزید من الحریة للتشاور والاختیار من کل هذه المصادر التعلیمیة المتنوعة. وفی عام 2005م تم إقامة عدد من التحالفات خلال عدد من المقررات التعلیمیة المفتوحة، وقد ضم هذا التطور المؤسسی أکثر من 200 عضو من أعضاء جامعیین لتقاسم الموارد، وبعض تحالفات التعاون، مثل: التحالفات الإسبانیة المفتوحة، والشبکة الإفریقیة الجامعیة الافتراضیة، وتحالف المناهج التعلیمیة المفتوحة الیابانیة، وتحالف المناهج التعلیمیة المفتوحة فی الصین. وقد اجتذب کل تحالف عدة مئات من المقررات خلال عدد من اللغات، مثل اللغة الإسبانیة، فهناک بالفعل 111 جامعة فی 23 دولة فتحت 1407 مقرر، والجامعات تأتی أساسا من أوربا وأمریکا اللاتینیة والبلدان الناطقة باللغة الإسبانیة، والغرض من التحالف هو أن تأخذ ممیزات مقررات قویة بدلا من وحدات ضعیفة.  (Jinzhong Ma, 2014,163)

وفی السیاق نفسه تمتلک الجامعات الصینیة عددًا کبیرًا جدًّا من التحالفات مع جامعات التنمیة داخل الولایات المتحدة الأمریکیة والاتحاد الأوربی، فهناک جامعة الصین، وجامعة بکین للملاحة الفضائیة والجویة، وجامعة تسینغوا، وتسع جامعات أخرى محلیة، وثنتان وستون کلیة، حیث یقدم التحالف مناهج عالیة الجودة، ومحاولة توفیر موارد التعلیم، کما تم توفیر عدد من الدورات المفتوحة عبر الإنترنت. کما أنشأتِ لجنةُ التعلیم فی الصین فی أبریل 2012م ببلدیة شنغهای بتحالف ثلاثین کلیة مرکزَ شنغهای للمناهج الجامعیة. (Jinzhong Ma , 2014,165)   

وبتحلیل تحالفات المقررات نجد أنها تتمتع بالعدید من الممیزات، لعل من أهمها: الاتصال الدولی المستمر مع الجامعات العالمیة، والاتصال المستمر بکل تحدیث فی المقررات العلمیة، والاطلاع على أحدث التخصصات فی عدد من الجامعات العالمیة... إلخ. کما أنه من التحالفات التی تحتاج عددا بسیطا من الإجراءات، لعل من أهمها تواجد الأنماط الحدیثة من التعلیم، مثل التعلیم الافتراضی والإلکترونی... إلخ داخل الجامعات.

لذا نحن فی حاجة داخل جامعاتنا المصریة إلى تعزیز أنماط التعلیم الإلکترونی والافتراضی المختلفة أولًا، ثم تحلیل العدید من المقررات التی تتواجد فی عدد من الجامعات العالمیة ذات السمعة القویة؛ وذلک من أجل محاولة إجراء التحالفات فی العدید من المقررات الحدیثة الدقیقة التی سیکون لها تأثیر فی سمعة الجامعات المصریة بعد إجراء هذه التحالفات، وأیضًا فی العائد منها على القطاعات التنمویة بالمجتمع.  

2-  تحالفات البرامج: 

هذا النوع من التحالفات یظهر فی البرامج الجدیدة التی تقدمها الجامعات لمواجهة التغییرات الحادثة فی المجتمع، حیث إن دراسة التحالف فی إعداد البرامج یؤدی إلى قاعدة أوسع من التغطیة، ویعطی نتائج أفضل من الذی تقدمه جامعة واحدة، حیث تختلف طبیعة جامعة عن الأخرى وفقًا للعدید من المتغیرات التی تحکم عمل الجامعة.

ومن أهم ممیزات تحالفات البرامج الاستفادة من أصول الجامعات والمؤسسات البحثیة الکبیرة والمؤسسات الإقلیمیة، وأیضًا الاستفادة من أعضاء هیئة التدریس بجامعات التحالف والذین یتمتعون بخلفیة قویة فی إعداد البرامج وتجهیزها بشکل جید وتقدیم التدریب للممارسین. کما أن هذا التحالف أیضًا یستفید من قاعدة المعرفة التی تتواجد بالجامعات، وقد تناولت بشکل مباشر أو غیر مباشر هذه البرامج ومضمونها لمواجهة التغییرات المتوقع حدوثها فی البیئة، ویجب على الجامعات إحداث نوع من التکیف معها.  (Penny Little Smith,1994,20)

ومن المنطلق نفسه تسعى التحالفات إلى تحقیق الجودة فی البرامج المقدَّمة، وبالتالی تحقیق جودة هیئة التدریس؛ لذا تضع معاییر معینة فی اختیار أعضاء هیئة التدریس القائمین على التدریس، إذ یجب أن یکون جمیع المحاضرین المسئولین عن إلقاء المحاضرات والمشارکة فی الأبحاث والاستشارات التجاریة... إلخ فی الجامعات حاصلین على درجة الماجستیر على الأقل، لذا فإن جامعات التحالف تقوم بإرسال المحاضرین والأساتذة المهرة وذوی الخبرة فی الجامعات المتحالفة لضمان مستوى البرامج وجودتها، وبالتالی تساعد المؤسسة الشریکة على تحقیق مجموعة المعاییر المطلوبة بموجب برنامج التحالف. Zuraina Dato Mansor,2009, 77))

وفی السیاق ذاته نجد أن تحالف البرامج یقوم على فلسفة مهمة تکمن فی تبادل أعضاء هیئة التدریس بین الجامعات؛ وذلک من أجل تعظیم الاستفادة منهم فی عدد من الجامعات، وأیضًا لتطویر البرامج فی جامعات التحالف من أجل الحصول على الجودة وفقًا للمعاییر المتفق علیها داخل الهیئات العالمیة للجودة والاعتماد الأکادیمی، وأیضًا تقدیم الدعم لمعاونی هیئة التدریس للارتقاء بأدائهم بما یتناسب مع المتغیرات العالمیة فی مجال إعداد البرامج التعلیمیة.

    ولکی تنجح هذه الجهود التعاونیة، أشار لین وهوفیت ((Lane and Hoffett إلى أنه یجب قبول المفاهیم التالیة من قبل الجامعات المعنیة: (Penny Little Smith,1994,20)

1. قیام کل جامعة بمهمة مختلفة.

2. تتعاون الجامعات عن طیب خاطر مع بعضها البعض.

3. تتوقع کل جامعة قدرات أعضاء هیئة التدریس بها من حیث قدرتهم على تنفیذ البرامج.

4. تتمتع کل جامعة بدرجة عالیة من المرونة فی تطویر برامجها باستمرار.

5. یجب أن تکون الجامعات مفتوحة للمخاطر والابتکار.

7. یجب أن تشترک الجامعات علنًا فی الموارد المادیة والبشریة.

 وبتحلیل المهام التی یجب أن تقوم بها جامعات التحالف فی إعداد البرامج، لا بُدَّ من تقسیم المهام بین جامعات التحالف، حیث یقوم کل منها بمهام تتناسب مع طبیعة عملها وتخصصها والجوانب المتمیزة بها، ومحاولة استغلال قدرات أعضاء هیئة التدریس فی تنفیذ البرامج، کما یجب أن تکون الجامعات مستقبلة لجمیع الأفکار الإبداعیة فی البرامج التدریبیة، متحملة العدید من المخاطر تجاه استقبال هذه الأفکار، کما یجب الاشتراک بقدرات الجامعات البشریة      والمادیة... إلخ. 

وقد عززت التکنولوجیا التحالفات الإستراتیجیة؛ حیث هیَّأت الفرصة للجامعات لتنفیذ البرامج من خلال أجهزة الکمبیوتر والاتصالات والشبکات، وبالتالی تقدیم خدمة أکثر فاعلیة من خلال توسیع الحدود الجامعیة بغض النظر عن الوقت والمکان. فقد أنشأت جامعة میتشجان ماجستیر إدارة الأعمال العالمیة، کما قدمت دورات باستخدام التلفزیون التفاعلی لآسیا وأوربا، کما کان لها العدید من الأهداف عبر نشر برامجها لعل من أهمها اکتشاف طرق جدیدة لخلق المعرفة.  ( Scott G. Rosevear,1999,94-95)

وبالتالی لا بُدَّ من الإشارة إلى أن تحالفات البرامج لا تکتفی بالتحالفات على مستوى البکالوریوس/اللیسانس فقط، بل تمتد تحالفات البرامج إلى الدراسات العلیا والماجستیر والدکتوراه. ویشرح الجدول رقْم (2) العدید من الأمثلة التی توضح ذلک.


جدول رقْم (2)

وصف الدرجات المزدوجة

م

الدرجة المزدوجة

الموقع

نوع الجامعات

الترتیب الأکادیمی العالمی

1

ماجستیر فی إدارة الأعمال

ماجستیر العلوم فی الدراسات الإداریة

الصین/الولایات المتحدة

حکومیة/خاصة

فی أفضل 50 جامعة

2

ماجستیر فی الإدارة والشئون العامة

 

فرنسا/ألمانیا

 

خاص/حکومی

أفضل50/أفضل 100

3

بکالوریوس إدارة الأعمال الدولیة

المملکة المتحدة/فرنسا

حکومی/خاص

لم یتم التصنیف فی أعلى 500

4

بکالوریوس فی إدارة الأعمال/ BBus (مع مرتبة الشرف) الدراسات التجاریة

باکستان/المملکة المتحدة

 

خاص/حکومی

لم یتم التصنیف فی أعلى 500/ من 100-150

5

ماجستیر فی إدارة الصحة /

ماجستیر فی إدارة الأعمال

 

أسترالیا/الهند

حکومی/خاص

من 100-150 / لم یتم التصنیف فی أعلى 500

6

ماجستیر فی العلوم المالیة / ماجستیر فی إدارة الأعمال العالمیة

الولایات المتحدة/کوریا

خاص/خاص

  أفضل 50 / 150-200

7

الماجستیر المزدوج فی التمویل العالمی

  هونج کونج/الولایات المتحدة

حکومی/خاص

  أفضل 100 / أفضل 50

8

ماجستیر مزدوج فی إدارة الأعمال التنفیذیة

الولایات المتحدة/سنغافورة

حکومی/حکومی

فی أفضل 50

(Source: Vik Naidoo & Linda D. Hollebeek , 2016,3115)

وبتحلیل الجدول رقْم (2) یتضح أن تحالف المقررات یوجد على مستوى البکالوریوس/اللیسانس، وأیضًا على مستوى الدراسات العلیا والماجستیر والدکتوراه، ویتواجد بین جامعات حکومیة وأخرى مماثلة لها، أو بین حکومیة وأخرى خاصة، إذن لیس شرطا أن تکون جامعات التحالف حکومیة فقط أو خاصة فقط. کما یوجد اختلاف فی الترتیب العالمی لجامعات التحالف، حیث لیس من الضروری إجراء التحالف بین جامعات لها الثقل نفسه فی الترتیب العالمی، بل من الممکن أن یوجد اختلاف فی الترتیب، ویحاول کل منهما الاستفادة من الآخر، بل من الممکن إجراء التحالف بین جامعات خارج التصنیف وأخرى داخل التصنیف.

3-   تحالفات البحث والتطویر:

منذ تسعینیات القرن الماضی، نظرت المؤسسات إلى المشارکة فی المعرفة باعتبارها واحدة من الإستراتیجیات المهمة المطلوبة للحفاظ على المیزة التنافسیة؛ وذلک لأن "تکامل المعرفة" هو أمر مرکزی بالنسبة إلى قدرة المؤسسة التنافسیة. وقد تزامن هذا الاهتمام المتزاید بمشارکة المعرفة مع ظهور التحالفات الإستراتیجیة عبر الحدود. وهناک عوامل تؤدی إلى تقاسم المعرفة فی تحالفات الأعمال، مثل: سمات المعرفة، وخصائص الشریک، وتفاعل الشرکاء، والتعلم، وهیکل حوکمة التحالف. ویعد تکامل المعرفة أحد أهم العناصر التی ساعدت الجامعات على الدخول بقوة فی هذه التحالفات مع قطاع الصناعة. (Xiaoqing Li et el, 2014,343)

ولا ینعکس التمیز البحثی فی الجامعات علی حجم البحوث وجودتها فحسب، بل على قدرتها على جذب المؤسسات التنمویة لها ومحاولة المشارکة فی تمویلها من أجل الاستفادة من العائد؛ لذا فإن الجامعات العالمیة تسعى إلى توفیر بنیة تحتیة لازمة لجذب العلماء الموهوبین    والاحتفاظ بهم. فالتمیز فی طبیعة الأبحاث هو مصدر میزة تنافسیة للجامعات فی التحالفات الإستراتیجیة، وبالتالی تعزز الجامعات سمعتها وتزداد قدرتها علی جذب التمویل والموهوبین والطلاب... إلخ، وهذا یحتاج نوعا من الثقافة التنظیمیة التی تعتمد فی نجاحها على        إشراک جمیع المستفیدین فی عملیة صنع القرار، لتحقیق التکیف الداخلی والخارجی لجامعات التحالف، ویتطلب أیضًا رؤیة إستراتیجیة للجامعات تسعى إلى الحفاظ على سمعتها مستقبلیًّا. (Xiaoqing Li et el, 2014,345).

وبالتالی تقتضی التحالفات الإستراتیجیة البحثیة بین الجامعات إجراء العدید من البحوث المشترکة بین الجامعات، وذلک بعدة طرق سواء عن طریق قیام جامعات التحالف بتوفیر التمویل الملائم لذلک البحث، أو عن طریق توفیر الموارد الفیزیقیة اللازمة، أو عن طریق توفیر فِرَق العمل البحثیة التی تقوم بذلک... إلخ، وبالتالی فالتحالفات البحثیة لها العدید من الفوائد على جامعات التحالف تجعلها دائمًا على قمة التصنیفات العالمیة.

4-   تحالفات التعلم:

یکمن هدف هذا النوع من التحالفات فی تعلم الجامعات من بعضها البعض، وتعد هذه التحالفات فئة مهمة من التحالفات البینیة فی الجامعات وهی الأکثر شیوعا، کما تعزِّز خفض تکالیف عملیة البحث عن المعرفة، وتعلما مؤسسیًّا رشیقا، وتنامی قدرة التعاون بین جامعات التحالف، حیث إن المنظمات دائمًا توقِّع على تحالفات من أجل الوصول إلى موارد قیمة من المنظمات الحلیفة مثل المعرفة. ویعد الجانب الحاسم فی تحالفات التعلم هو عملیة نقل المعرفة؛ لأنه یسمح لجامعات التحالف بالاستجابة السریعة للتغیرات فی البیئة التی تتطور فیها، ومن الأفضل نقل المعرفة الضمنیة من خلال الممارسات والخبرات الاجتماعیة. (Marlena Leon Mendoza et al, 2014 ,97).

وتعد المعرفة معلومات متراکمة تم اکتسابها من خلال الخبرة أو التواصل أو الاستدلال، ولها شکلان: صریحة، وضمنیة. وفی المؤسسات یتم تقسیم المعرفة إلى معرفة نظریة، وأخرى تقنیة/تطبیقیة؛ حیث إنه عند تطبیق المعرفة النظریة وتحویلها إلى منتجات والاستفادة منها نحصل على المعرفة التقنیة. کما تؤکد الأدبیات أن الجامعة تنتج نوعین من المعرفة، إحداهما المعرفة الأکادیمیة، والأخرى المعرفة التنظیمیة غیر الأکادیمیة، وکلاهما یسهم فی دعم الهدف الأساسی للجامعات، والذی یکمن فی إنتاج المعرفة الأکادیمیة ونشرها، ولکن المعرفة التنظیمیة تشیر إلى الخبرة الإداریة الکلیة المتراکمة، وهی مطلوبة لدعم الهدف الأساسی.  (Xiaoqing Li et el, 2014,344)

ومن المنطلق نفسه تجب الإشارة إلى تواجد نوعین من التحالفات، أحدهما التحالفات من أجل اکتساب المعرفة وتکون لدیها نیة للتعلم، والآخر تحالفات الوصول إلى المعرفة لتسهیل تبادلها، ویسمح التداخل التنافسی بین شرکاء التحالف فی انفتاح المشارکة فی المعرفة، وکلما زاد التفاهم المتبادل بین الأطراف المتحالفة سهل تبادل المعرفة وبالتالی تزداد القدرة الاستیعابیة لدى الشرکاء. فعلى الرغم من أن جامعات المملکة المتحدة أکثر تقدما فی القدرة البحثیة والسمعة والترتیب من جامعات الصین، إلا أنهما لا یتنافسان فی السوق نفسها، فکل منهما یستقطب عملاءه من السوق المحلیة الخاصة به، على الرغم من أن شرکاء کل منهما فی الصناعة نفسها، ولدیهم قاعدة معرفیة مماثلة؛ مما یؤدی إلى قدرة استیعابیة عالیة المستوى. (Xiaoqing Li et el, 2014,346).  

وتأسیسًا على ما سبق فإنه ینبغی النظر فی عملیة نقل المعرفة من حیث المکان والزمان والآلیات، وهنا تلعب عملیات القیادة والاتصال دورًا مهمًّا فی نقل المعرفة بین جامعات التحالف. وهناک عدد من الآلیات المستخدمة لنقل المعرفة، لعل من أهمها: تناوب الأعضاء، والتکنولوجیا، وهیکل الجامعة، والشبکات الاجتماعیة. کما أن هناک مجموعة من العوائق الرئیسیة لنقل المعرفة، وهی: نقص الحافز، وعدم القدرة الاستیعابیة، ونقص المصداقیة، والعلاقة الشاقة بین المصدر والمستلم، والغموض السببی (المستحق إلى تعقید المعرفة). (Marlena Leon Mendoza et al, 2014 ,98)

وفی السیاق نفسه تجب الإشارة إلى أهمیة تحالفات التعلم بین الجامعات، حیث إنها أحد أهم مصادر إنتاج المعرفة ونشرها وتسویقها وتطبیقها... إلخ. لذا فالهدف الأساسی من تحالفات التعلم یکمن فی تبادل المعرفة التی تم التوصل إلیها من خلال العدید من الأبحاث والدراسات فی العدید من المجالات، وذلک من أجل توصیلها إلى الطلاب، وأیضًا لفتح العدید من المجالات العلمیة المتعلقة بها فی عدد من التخصصات.

وتحتاج الجامعات المصریة إلى تحالفات التعلم من أجل تحقیق الأهداف التی سبق ذکرها من هذه التحالفات، ولکن لا بُدَّ من تواجد عدد من القیادات على جمیع المستویات لها تأثیر کبیر فی تحقیق ذلک، وذلک من خلال عدد من الإجراءات والسیاسات اللازمة لتفعیل ذلک، حیث لا بُدَّ من توافر عدد من المقومات تسمح بتواجد هذا النوع من التحالفات، لعل من أهمها: تواجد هیکل للجامعة یسمح بتحقیق ذلک، وتوافر السیاسات التی تسمح بتناوب أعضاء هیئة التدریس بین جامعات التحالف، والترکیز على المعرفة التکنولوجیة، وغیرها من المقومات التی یجب توافرها بالجامعات المصریة. 

وتعرض الدراسة أحد تحالفات التعلم بین جامعة UEES التی تحظى بسمعة جیدة فی المجتمع الذی تتواجد فیه؛ وذلک لجودة خدماتها، والقدرات المهنیة لطلاب الدراسات العلیا، وجامعة Ecotec التی أصبحت جامعة فی عام 2006م، حیث کانت مدرسة تکنولوجیة حتى عام 2005م تؤهل الطلاب للالتحاق بسوق العمل، وکلتاهما فی مدینة جواکیل Guayaquil بالإکوادور. وقد تم توقیع هذا التحالف منذ عام 2006م، وهناک العدید من السمات المشترکة بینهما، نحو: کلتاهما مؤسسات خاصة، وهناک تقاسم بینهما فی الأعضاء خلال مجموعة المستثمرین الخاصة بهم، کما أنهما أنْهَیَا بنجاح بعض المشروعات معا. (Marlena Leon Mendoza et al, 2014 ,99-100).

وهناک العدید من الأسباب التی دعت جامعة Ecotec إلى اقتراح توقیع تحالف مع UEES، لعل من أهمها حصول Ecotec على ما یلی: الوفاء بالشرط المطلوب بموجب القانون، والتعلم من UEES کیفیة إدارة الجامعة، ومشارکة التکنولوجیا، وتلقی المشورة لتصمیم برامجها الأکادیمیة. بینما الأسباب التی دعت جامعة UEES إلى التحالف هی: استقبال طلاب Ecotec فی برامج الدراسات العلیا الخاصة بها، والحصول على قیمة سنویة بمفهوم الاستشارة، وکسب نقاط لتقدیم المشورة إلى الجامعات الصغیرة الضروریة للاعتماد الوطنی. وفی نهایة عام 2006م حصلت Ecotec نتیجة هذا التحالف على تصریح لتصبح جامعةً. (Marlena Leon Mendoza et al, 2014 ,100)

ومن المنطلق نفسه تجب الإشارة إلى أنه فی الوقت الذی قررت فیه Ecotec أن تصبح جامعة، تم إنشاء خمس جامعات جدیدة فی الإکوادور. وبسبب هذا، کان مستوى المنافسة من أجل کسب الطلاب من السوق صعبًا بشکل متزاید، وکان یجب على Ecotec أن تقوم بشیء فرید وجذَّاب للطلاب من أجل البقاء على قید الحیاة فی سیاق التنافس. (Marlena Leon Mendoza et al, 2014 ,100)

وتأسیسًا على ما سبق فیهدف التعلم من شریک التحالف بشکل أساسی إلى تضمین اکتساب نوعین من المعرفة: المعلومات، والخبرات. ویمکن نقل المعرفة بما تتضمنها من حقائق ومقترحات واضحة وأنماط  بدرجات من النزاهة. ومن ناحیة أخرى تتضمن الخبرات المعرفة الضمنیة المعقدة والتی یصعب تقنینها؛ لذا فإن تحالفات التعلم تعد عملیة موجهة لمساعدة الشرکة ومدیریها على التعلم، والاستفادة من المعرفة الفنیة لإدارة التحالف والممارسات الأفضل، وتتضمن هذه العملیة جهودًا متعمّدة لتوضیح إدارة التحالف وتشفیرها ومشارکتها،            وإضفاء الطابع الداخلی علیها، ومعرفة مدى معرفتها فی الشرکات. (Roya Shakeri& Reza Radfar,2017, 291)

وبالتالی لا بُدَّ من دراسة العدید من تحالفات التعلم داخل الجامعات المصریة، ودراسة الأسباب التی دعت إلى مثل هذا التحالف، والنتائج المترتبة على نجاح هذا التحالف؛ وذلک من أجل عمل محاکاة مع العدید من هذه التجارب، ومحاولة توفیر الدعم اللازم داخل جامعاتنا لعقد مثل هذا النوع من التحالفات بالجامعات المصریة، وذلک من أجل تحقیق الأهداف الإستراتیجیة للجامعات المصریة.

 

 

5-   تحالفات التسویق والتوزیع:  

إن تحالفات التسویق تستهدف نقل الأفکار وبراءات الاختراع من المحیط الجامعی فی العدید من الجامعات إلى الجامعات الأخرى المشارکة فی التحالف؛ وذلک لقدرتها على تسویقها للمجتمع الخارجی، ومحاولة الاستفادة منها لتلبیة احتیاجات السوق فی عصر التنافسیة. وقد یبدأ التسویق من المقترحات البحثیة التی یجب العمل بها، أو مقترحات ببرامج ریادیة أو التسویق للمخرجات البشریة... إلخ؛ وذلک من أجل تعظیم الربح لأعلى درجة ممکنة.

علاوة على ذلک، فإنه عندما تدخل جامعات المملکة المتحدة والصین فی تحالفات إستراتیجیة، فإن الحافز الرئیسی لهما البحث عن السوق؛ لذا یمیلون إلى استخدام أسالیب تتسم بخفض الالتزام. فی حین أن أولئک الذین یسعون إلى تعزیز سمعتهم واتباع أهداف طویلة الأجل یعتمدون نهجا عالی الالتزام، یقترح أن الجامعات التی تحفز على اکتساب مجموعة متنوعة من أنواع المعرفة من خلال تشکیل التحالفات یجب أن تکون مستعدة للالتزام بمشارکة المعرفة بشکل أکبر من تلک التی تحفزها عملیة الانضمام إلى المعرفة، على الرغم من أن الالتزام العالی یعنی ارتفاع تکالیف المشارکة.  (Xiaoqing Li et el, 2014,346)

وقد تم اعتماد نهج أکثر تطورًا للتسویق بما فی ذلک التعاون فی التنفیذ فی العدید من الجامعات للاستفادة من العولمة، وترکز وزارة التعلیم العالی بمالیزیا على تحسین جودة الخدمات التعلیمیة وضمان جودة برامج الجامعات الحکومیة والخاصة. ومن خلال سعیهم إلى تحقیق هذه الأهداف قاموا بإنشاء مکاتب ترویجیة فی عدد من المدن کدبی، وجاکرتا، ومدینة هوتشی، وبکین. کما اعتمدت الوزارة إستراتیجیات تسویقیة أخرى تشمل: تقدیم حوافز إلى المؤسسات التی تروج للتعلیم فی الخارج، والاعتراف بالدرجات المالیزیة من قِبَل الدول الأجنبیة، وإنشاء وکالة وطنیة جدیدة للجودة للجامعات الحکومیة والخاصة، أی وکالة المؤهلات المالیزیة (MQA). والهدف النهائی لجمیع هذه الإستراتیجیات هو جعل مالیزیا وجهة مفضلة للطلاب الدولیین والمحلیین لمتابعة تعلیمهم العالی، إلى جانب جعل التعلیم سلعة تصدیریة مهمة ستولد العملات الأجنبیة للبلاد.  Zuraina Dato Mansor,2009, 75))

وقد وضعت الوزارة خطة 2007-2010 لترویج الأنشطة التعلیمیة التی تقدمها الجامعات المالیزیة فی الخارج، وتسعى باستمرار إلى رفع مستوى الجامعات المالیزیة؛ لذا تسعى إلى عقد العدید من التحالفات التسویقیة مع العدید من الجامعات الأجنبیة وخاصة ذات الترتیب الأعلى منها فی العدید من التصنیفات العالمیة؛ وذلک من أجل التسویق لمخرجاتها التعلیمیة فی السوق العالمی، وبالتالی تسعى الجامعات المالیزیة إلى تعزیز الصفات والممیزات البارزة فی البرامج التی تقدمها، وتحقیق أعلى درجات الجودة بها. Zuraina Dato Mansor,2009, 77))

لذا یجب أن یظهر الهدف من تحالفات التسویق لجامعاتنا المصریة؛ وذلک من أجل وضعه فی الخطط الإستراتیجیة لها؛ حیث إن الجامعات المصریة تفتقر إلى العدید من إستراتیجیات التسویق لمخرجاتها البشریة والبحثیة والخدمیة التی تقدمها إلى المجتمع العالمی والإقلیمی، وبالتالی تحتاج الجامعات المصریة إلى هذا النمط من تحالفات التسویق مع العدید من الجامعات ذات السمعة العالمیة من أجل ترویج مخرجاتها. 

 

6-   تحالفات الجامعة ومؤسسات الصناعة:

ظهر هذا النمط من التحالفات نتیجة تواجد اختلاف فی أهداف مؤسسات الصناعة والجامعات؛ حیث تهدف مؤسسات الصناعة من التطویر الدائم لمنتجاتها إلى اقتحام الأسواق التنافسیة، فی حین تهدف الجامعات کمنظمات بحثیة غیر هادفة إلى الربح إلى تولید المعرفة العلمیة ونشرها؛ لذا تحاول تطویر موارد المعرفة المختلفة. ومن ثم فإنه من الممکن أن یحدث تقابل السوق مع المعرفة العلمیة، ویحدث بینهما تکامل وتحالف، حیث تستفید المؤسسات الصناعیة من الحصول على المکسب المعتدل من جراء تعزیز قدراتهم الابتکاریة من هذا التحالف، وتستفید الجامعات کمنظمات بحثیة من فهم أفضل لکیفیة تطبیق معارفها العلمیة فی أنشطة الابتکار، مما یولد مدخلات للاکتشافات العلمیة الجدیدة، وبالتالی یتم خلق إمکانات عالیة من هذا التحالف بین الجامعات ومؤسسات الصناعة. Isabel Estrad &others , 2016 , 2009)  )   

وتجب الإشارة إلى وجود هذا التحالف على الرغم من تواجد اختلاف کبیر فی البیئات المؤسسیة لکل منهما، حیث تمیل الجامعات کمنظمات بحثیة للتأکید على منطق العلم طویل الأجل، والنشر العلمی للمعرفة، ومعاییر حمایة المعرفة. فی حین تؤکد مؤسسات الصناعة من خلال غایاتها وأهدافها إلى احتلال مکانة متقدمة فی السوق بین منافسیها. 

فعلی سبیل المثال کان هناک تحالف بین جامعة میتشجان وولایة میتشجان ومؤسسة MVAC لصناعة السیارات، وکان لکلیهما أثر فی نجاح الجامعة؛ فالولایة کانت مسئولة عن توفیر التمویل الکافی عن طریق وضع نسب من عوائد المؤسسات للجامعة من أجل الحفاظ على الجودة العالیة فی التدریس والبحث العلمی، وکانت مؤسسات صناعة السیارات مسئولة عن توظیف الخریجین وتمویل أبحاث أعضاء هیئة التدریس بالجامعة، ویمکن اعتبار الجمع بین تناقص الموارد والحاجة إلى الابتکار کان سببا فی وجود هذا التحالف. وتجب الإشارة إلى أن الضغط السیاسی کان عاملًا فی انضمام الجامعة والولایة للمشارکة فی MVAC وذلک من أجل الاستجابة لاحتیاجات الدولة.  ( Scott G. Rosevear,1999,117-118)

حیث کانت صناعة السیارات أحد العوامل الحاسمة للاستقرار الاقتصادی للجامعة، حیث کان مهمتها دعم مساعی الدولة، وقد أبدت جامعة ولایة میشیجان فخرًا فی بعثة منحة الأراضی الخاصة بها، وأرادت أن تکون الداعم الرئیسی لمبادرات الولایة؛ لذا سعت إلى المشارکة فی MVAC لتوفیر احتیاجات الولایة، وأرادت الجامعة أداء دورها کجامعة عامة بشکل أفضل مستغلة جمیع مواردها المتاحة لها بولایة میتشجان، واستغلال موافقة المؤسسات على إقامة التحالف لتحقیق توازن المصالح الخاصة مع توقعات الولایة من الخدمات التی تقدمها الجامعة لها، کما طالب رؤساء مؤسسة MVAC مشارکة جمیع الجامعات والکلیات الحکومیة فی میتشجان فی مباردة جدیدة، تکون أهم أهدافها استجابة الجامعات للتحدیات بشکل مبتکر ومرن، وتلبیة احتیاجات الصناعة بشکل أفضل.  ( Scott G. Rosevear,1999,118-119)

وبتحلیل التجربة السابقة لجامعة میتشجان، نجد أن هناک العدید من العوامل التی تسهم فی تکوین هذا التحالف، مثل: الدعم السیاسی للولایة فی توفیر کل المستلزمات للجامعة للقیام بالمهام المطلوبة منها، وأیضًا إلزام العدید من المؤسسات على تقدیم الدعم الکامل للجامعات، وأیضًا التحفیز المستمر من المؤسسات لاستقبال الجدید فی مجال البحث العلمی، الذی یجعل المؤسسة فی حالة تقدُّم مستمر، وأیضًا فإن استقبال المخرجات البشریة للجامعة وتوظیفها یزید الحافز للطلاب على الالتحاق بالجامعة.

رابعًا- محاور التحالفات الإستراتیجیة للجامعات:  

ثَمَّة ثلاثة محاور رئیسة تُبنى علیها التحالفات الإستراتیجیة للجامعات مثل غیرها من التحالفات الإستراتیجیة على مستوى المؤسسات الإنتاجیة بصفة عامة والخدمیة بصفة خاصة، وتتجسد فی، أولا: تواجد المشروع الذی یقوم حوله التحالف. وثانیا: العلاقة بین الجامعات التی یُراد أن تدخل فی التحالفات. وثالثا: الصیغة القانونیة التی تکون بین جامعات التحالف؛ لتوضیح البنود الأساسیة لهذا التحالف. وسوف یتم تناول کل محور على النحو التالی:

(أ‌)    المشروع: ویعنی الأنشطة التی تقوم بها المؤسسات فی التحالف لتحقیق المصالح المشترکة، وتوضیح کیفیة تحقیق المصالح المشترکة من خلال تبادل للموارد الطبیعیة والبشریة والمعرفیة والتکنولوجیة... إلخ. وقد تکون الموارد المشترکة متشابهة أو مختلفة حسب المجال، حیث إن مؤسسسات التحالف تقوم ببعض الأنشطة الخاصة بالتحالف وأخرى خاصة بها، ویکون هناک جهاز رقابی لجمیع الأنشطة التی تم الاتفاق علیها، کما یکون هناک اتفاق من خلال عدد من القرارات بشأن النتائج والمزایا المتبادلة للمشروع. (بن عزة محمد أمین، 2005، 35-36)

 ویتجسد هذا فی بنود التعاون بین الجامعات المصریة بعضها البعض أو بینها وبین الجامعات العالمیة والإقلیمیة، سواء على مستوى التدریس من خلال تبادل الطلاب بین الجامعات أو تبادل أعضاء هیئة التدریس بین الجامعات؛ وذلک لاکتساب خبرات مشترکة بین الموارد البشریة بعضها البعض، وأیضًا وجود فِرَق بحثیة على مستوى المجالات البحثیة التی تخدم القطاعات التنمویة فی البلاد التی یتم فیها التحالف؛ حتى یتم تحقیق أعلى عائد ممکن من هذا التحالف.

وفی السیاق نفسه یتم تکوین مجلات علمیة مشترکة بین الجامعات بعضها البعض من أجل تواجد نشر علمی مشترک، أو فتح النشر لأعضاء هیئة التدریس فی الجامعات بعضها البعض من خلال عدد من الممیزات، وأیضًا القیام بعدد من الدراسات المسحیة للقطاعات التنمویة داخل مجتمعات التحالف من أجل التعرف على نقاط الضعف بداخلها، ومحاولة تقدیم خدمات لها من خلال الجامعات من أجل تعظیم العائد من هذه التحالفات. 

وتأسیسًا على ما سبق تتضح أهمیة تواجد هذه التحالفات من خلال عدد من المشروعات تقوم على استغلال الموارد المتاحة فی جامعات التحالف سواء أکانت هذه الموارد ملموسة أو کانت غیر ملموسة، وأیضًا محاولة توفیر نظم رقابة مشترکة بین جامعات التحالف للتأکد من سیر الجامعات المتحالفة على طریق تحقیق الأهداف المشترکة للتحالف.   

(ب) العلاقة: لا بُدَّ من توافر العدید من العلاقات البشریة والمادیة القائمة على تبادل المعلومات؛ وذلک محاولة لتجسید الواقع. وهذه العلاقة لا بُدَّ أن تکون قائمة على الأهداف الطویلة والمتوسطة الأجل للتحالف. (بن عزة محمد أمین، 2005، 36) 

ومن المنطلق نفسه بالنسبة إلى تحالفات الجامعات تلعب المعلومات دورًا رئیسًا فی نجاح العلاقات البشریة والمادیة، وتکون المعلومات شاملة لجمیع نقاط القوة والضعف والفرص والتهدیدات التی تتواجد فی الجامعات المتحالفة، کما لا بُدَّ من توافر نظم للاتصالات بین الجامعات؛ لتساعد على تحقیق العدید من الأهداف، لعل من أهمها تعظیم الاستفادة، والتقویم المستمر للمشروعات المقامة بین الجامعات.

وفی السیاق نفسه تجب الإشارة إلى أن التفکیر بلغة العلاقة یعد أحد المتطلبات الأساسیة لنجاح هذه المشروعات؛ حیث إنه لا بُدَّ من توافر عدد من العلاقات بین جمیع الأطراف، وذلک من أجل تحقیق الأهداف المشترکة، وبالتالی تعظیم العائد من هذه المشروعات بأقصى درجة ممکنة سواء أکان على المستوى المالی أو الثقافی أو الإجتماعی... إلخ.     

(ج)العقد: وهو المسئول عن توضیح الکیفیة القانونیة التی توضح وتنظم العلاقة بین مؤسسات التحالف، وأیضًا الإطار التشریعی والقانونی فی ضوء الخطط الإستراتیجیة للدول التی توجد بها مؤسسات التحالف؛ حتى لا یکون التحالف مخالفا للقوانین الخاصة بالمجتمع.      (بن عزة محمد أمین، 2005، 36)    

لذا لا بُدَّ من تواجد  نمط قانونی تنظیمی للعقود التی تقوم علیها المشروعات بین الجامعات المتحالفة، حیث إن هناک عددا من مقومات النجاح لهذه المشروعات، لعل من أهمها تواجد عدد من المقومات والأطر القانونیة لجمیع بنود التعاقد حیث لا یتم الإخلال بأحدها فی المستقبل، کما لا بُدَّ أیضًا من توافر أطر مجتمعیة تقوم علیها هذه العقود.       

خامسًا- نظریات التحالف الإستراتیجی للجامعات: 

هناک عدد من النظریات التی تفسِّر التحالفات الإستراتیجیة بین المؤسسات بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة، لعل من أهمها ما یلی:

1-   نظریة الألعاب: وتلجأ إلیها المؤسسات فی حالة البحث عن ترقیة السلوک الاجتماعی عندما ینعدم التحکم الذاتی فی المتغیرات التی تحدد النتیجة النهائیة للقرار، وقد صنف Gugler درجتین من الألعاب إحداهما الألعاب غیر التعاونیة وتُبنى على فرضیة التراجع عن الاتفاقیات وعدم إمکانیة الاتصال، وذلک عندما تکون مصالح اللاعبین متعارضة کلیًّا أو جزئیًّا، ولکن هناک تکرار للأعمال بین اللاعبین نظراً لبینیة الأعمال. وهناک الألعاب التعاونیة وتکون فیها الاتفاقیات ملزمة ونهائیة بین الأطراف، ویکون الاتصال مثالیًّا، حیث یمنحهم التعاون فائدة کلیة تزید أو تفوق تلک التی یحصلون علیها انفرادیًّا، لکن یجب الاتفاق على تقاسم الفائدة مستقبلًا. (نوال هانی، 2014، 43-44)

وبالتالی یجب على الجامعات المصریة أن تتبنى نظریة الألعاب التعاونیة؛ لأننا فی حاجة إلى تحقیق أعلى فائدة ممکنة من الخدمات التی تقدمها الجامعات المصریة، کما أننا فی حاجة إلى إعادة هیکلة جمیع العملیات التی تحدث داخل الجامعات المصریة على المستوى التدریسی والبحثی والخدمی من أجل محاولة الاستفادة من المواد المتاحة بداخلها والتی یتم إهدارها، کما أن نظریة الألعاب غیر التعاونیة لا یصلح تطبیقها على الجامعات بصفة عامة والمصریة بصفة خاصة؛ لأن مصالح الجامعات مشترکة.       

2-  نظریة تکلفة الصفقات: بمبادرة من Ronald Coase وبتطویر وإضافة من Oliver Eaton Williamson برزت نظریة تکلفة الصفقات، التی تهدف إلى تنظیم التبادلات الاقتصادیة بین المؤسسات، وبالتالی یتم اتخاذ القرارات من خلال ظرف اقتصادی، حیث البحث عن تخفیض التکالیف، وأیضًا کبدیل عن التوجه بالسوق وخاصة فی حالة ضعف السوق وعدم کفایته وعدم التأکد من فاعلیته. کما تهدف نظریة تکلفة الصفقات إلى محاولة تقلیل التکالیف فی جمیع المراحل سواء مرحلة التفاوض أو مرحلة صیاغة العقد أو مرحلة تنفیذ العقد؛ ومن ثَمَّ تعد هذه النظریة مرحلة وسطى بین صفقات السوق ذات التکلفة العالیة وقیام المؤسسة بالنشاط بنفسها.  (نوال هانی، 2014، 44)

وبناء على ما سبق فإن الجامعات فی حاجة إلى تبنی هذه النظریة؛ وذلک من أجل محاولة تقلیل التکالیف لأقل درجة ممکنة والحصول على أعلى عائد، وعدم غزو الأسواق والاعتماد علیها بدرجة کبیرة وخاصة فی ضوء زیادة المخاطرات، وأیضًا عدم الاعتماد على نفسها فی العملیات التی تقوم بها، حیث نحتاج إلى هذه النظریة لتکون الجامعات المصریة فی هذه المرحلة الوسطى ما بین صفقات المؤسسات التنمویة بالمجتمع والقیام بعملیاتها بدرجة من الاستقلالیة، حیث إن جامعاتنا فی حاجة إلى تحسین القدرة التنافسیة ومحاولة البقاء فی المجتمع العالمی والإقلیمی. 

3-  نظریة الوکالة: ترکز هذه النظریة على الاهتمام بعامل الثقة بین الحلفاء، وتتجسد  علاقة الوکالة ووضع إحدى المؤسسات تحت تصرف الأخرى، أی أنها علاقة تعاقدیة بین الطرفین. وبالتالی طبقًا لهذه النظریة تعد التحالفات الإستراتیجیة أفضل خیار للمؤسسة؛ لأنها تسهل مراقبة التعاقدات المتبادلة، وکونها أیضًا أساسا للالتحام والترابط لمنع عرقلة التصرفات الانتهازیة. (نوال هانی، 2014، 44)

ولیست الجامعات المصریة فی حاجة إلى تبنی نظریة الوکالة، وإخضاع مجموعة من الأنشطة بداخلها لتصرفات جامعات أخرى عالمیة لیست على درایة تامة بطبیعة المجتمع المصری واحتیاجاته، کما أن العملیات داخل الجامعات دائمًا تکون مناسبة لطبیعة المدخلات التی تکون نابعة من المجتمع، وأیضًا فی حاجة إلى تکوین مخرجات تتناسب مع طبیعة متطلبات المؤسسات التنمویة بالمجتمع المصری.

وتأسیسًا على ما سبق فیجب على الجامعات المصریة إحداث دمج بین نظریة الألعاب ونظریة تکلفة الصفقات من أجل محاولة الاستفادة من الممیزات التی تحققها کل منهما من حیث تقلیل وتیرة المخاطرة التی تواجه الجامعات المصریة وتجنب التهدیدات، وأیضًا محاولة تلبیة الحاجات المشترکة لجامعات التحالف وتغطیتها بشکل کامل، کما أنها أیضًا ترکز على إعطاء أهمیة کبیرة للمستقبل. 

 

 

سادسًا: خصائص التحالفات الإستراتیجیة للجامعات: 

أصبحت التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات ضرورة فی مجتمع القرن الحادی والعشرین، ولم یعد نوعا من الرفاهیة أو الوجاهة؛ حیث إن معظم الجامعات المصریة أصبحت تعانی عددا من الإشکالیات على الرغم من توافر عدد من الممیزات بها، لعل من أهمها: الموارد البشریة الأکادیمیة التی تعد من أهم عناصر القوة التی توجد بها، وکم الأبحاث التی تنتج سنویًّا، وغیرهما من الممیزات. لذا نحن فی حاجة إلى هذه التحالفات للاستفادة منها فی محاولة وضع الجامعات المصریة على الطریق العالمی من خلال نقاط القوة التی تحتویها.

لذا نحاول فی الجزء الحالی تحلیل الخصائص التی تتمیز بها التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات بصفة عامة، وذلک من أجل وضع محاولة للاستفادة من هذه الخصائص فی الجامعات المصریة. ویتم تناولها على النحو التالی:

1-     ثقافیة: حیث إن التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات تسمح بتواجد درجة من التبادل الثقافی بین جامعات التحالف، حیث تتوافر درجة من التعاون بین الموارد البشریة فی هذا التحالف سواء على مستوى الموارد البشریة الأکادیمیة أو الموارد البشریة الإداریة فی عدد من الاجتماعات من أجل الوصول إلى تحقیق الأهداف المتفق علیها.  

2-    اقتصادیة: فالعائد الاقتصادی الناتج من هذه التحالفات سیکون مرتفعا بدرجة عالیة جدًّا عمَّا کانت منعزلة عن باقی الجامعات؛ حیث یعمل التحالف على استغلال جمیع نقاط القوة التی توجد فی کل منها سواء على مستوى الموارد الملموسة أو غیر الملموسة من أجل الحصول على أعلى عائد ممکن من هذا التحالف، حیث لا بُدَّ من الترکیز على الجوانب التکنولوجیة والبحثیة التی تحقق عائدا أعلى. 

3-    اجتماعیة: فمن أهم مقومات التحالف الإستراتیجی بین الجامعات تقدیم خدمات مجتمعیة على درجة عالیة من التمیز، حیث یقوم التحالف على دراسة کل احتیاجات المجتمع الذی تتواجد به هذه الجامعات، من أجل دراسة کیفیة تقدیم هذه الخدمات من خلال عدد من الدراسات داخل الجامعات تقوم على تقدیم هذه المخرجات، کما یتطلب ذلک توافر نوع من التعاون بین الجامعات والمراکز البحثیة والقطاعات التنمویة بالمجتمع. 

4-     معلوماتیة: فالتحالف الإستراتیجی بین الجامعات یعتمد على توافر حجم من المعلومات بین جامعات التحالف، عن جمیع الجوانب البشریة والتمویلیة والبحثیة والاجتماعیة والتشریعیة والسیاسیة... إلخ، وذلک خلال فترات التحالف وما قبلها من أجل تفعیل کل الجوانب القانونیة التی تقوم علیها التحالفات.   

5-    قانونیة: فالتحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات تقوم على عقود وصیغ قانونیة بین الجامعات المتحالفة؛ لذا یجب على الجامعات دراسة جمیع الصیغ القانونیة التی یمکن أن تقوم علیها هذه العقود القانونیة، إذ لا بُدَّ من تواجد أطر قانونیة تحکم هذه التحالفات؛ حتى لا ینتج عنها مخرجات غیر مرغوب فیها.

6-    إداریة: حیث إن هذه التحالفات الإستراتیجیة یجب أن تقوم على عدد من الجوانب الإداریة، حیث تحتاج إلى نوعیة جدیدة من الإدارة للجامعات تتمیز بالمرونة فی عدد من الجوانب سواء فی تبادل أعضاء هیئة التدریس، أو فی عدد من الجوانب البحثیة أو فی الجوانب المجتمعیة، إذ یحتاج التحالف الإستراتیجی إلى تواجد مشارکة فی الإدارة للجامعات فی کل منها.  

7-    تنمویة: حیث تقوم التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات على استغلال جمیع      الموارد المتاحة بالجامعات سواء أکانت موارد بشریة أو فیزیقیة أو مالیة أو معلوماتیة أو تشریعیة... إلخ، وأیضًا قدرة الجامعات على خدمة المجتمع الذی تتواجد فیه، وبالتالی یقوم التحالف على تحقیق متطلبات التنمیة داخل المجتمعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة.

وفی السیاق نفسه من الممکن تناول هذه الخصائص للجامعات المصریة من خلال الأبعاد التخطیطیة سواء على المستوى الإستراتیجی أو التکتیکی أو التشغیلی. ویتم تناول هذه المستویات على النحو التالی:

(أ‌)     الإستراتیجی: فالتحالفات بین الجامعات المصریة یکون لها هدف إستراتیجی واضح یکمن فی مواجهة حجم المخاطر التی تواجه جامعاتنا فی المستقبل، سواء على مستوى التدریس أو البحث العلمی أو خدمة المجتمع، وبالتالی یتم التخطیط فی هذا التحالف لاستغلال کل نقاط القوة التی تتواجد بجامعاتنا المصریة من موارد بشریة وبحثیة وفیزیقیة... إلخ من أجل مواجهة التهدیدات المستقبلیة التی قد تؤدی إلى فناء الجامعات المصریة فی المستقبل.

وأیضًا محاولة التغلب على کل نقاط الضعف التی توجد بها، من قصور فی التمویل، واقتصار البحث العلمی على الموضوعات الثانویة، والابتعاد عن الموضوعات الأساسیة التی یحتاجها المجتمع المصری الذی هو فی أشد الحاجة إلى تطبیق نتائجها للحصول على أفضل مخرجات معینة، وبالتالی یتم استغلال کل الفرص المتاحة أمام الجامعات المصریة من خلال هذا التحالف، وبالتالی یکون لهذا التحالف أهداف إستراتیجیة تسعى الجامعات إلى تحقیقها خلال فترة زمنیة معینة.

(ب) التکتیکی: على الجامعات المصریة ترجمة کل الأهداف الإستراتیجیة للتحالف الإستراتیجی إلى عدد من الأهداف التکتیکیة التی یتم تحقیقها خلال فترات زمنیة معینة خلال فترة التحالف. فتقوم الجامعات المصریة من خلال مجالس الجامعات ومجالس الکلیات بترجمة الأهداف الإستراتیجیة إلى خطط عمل تکتیکیة للتدریس من خلال الموارد البشریة الأکادیمیة والبحث العلمی داخل الجامعات، وأیضًا من خلال الخدمات الاجتماعیة التی تقدمها إلى المجتمع.  

(ج) التشغیلی: تقوم فِرَق العمل بالأقسام داخل الکلیات على ترجمة کل الأهداف الإستراتیجیة والتکتیکیة إلى أهداف تشغیلیة فی الوظائف التی تقوم بها الأقسام والکلیات على مستوى التدریس والبحث العلمی وخدمة المجتمع.

وبتحلیل هذه الخصائص تجب الإشارة إلى حاجة الجامعات المصریة إلى مثل هذا النوع من التحالفات؛ وذلک من أجل الاستفادة من نقاط القوة التی تتواجد فی الجامعات المصریة ولا تلتفت إلیها المؤسسات التنمویة فی المجتمع، وبالتالی توافر هذه التحالفات یعمل على إعادة صیغ السیاسات والتشریعات الخاصة بالجامعات من أجل الاستفادة من هذه التحالفات، وأیضًا توفیر التمویل الکافی للحصول على العائد المتوقع من هذا التحالف.

کما یتم تطویر الجامعات المصریة ووضعها على الخریطة العالمیة؛ مما یؤدی بجامعات أخرى على مستوى العالم إلى محاولة عقد مجموعة من التحالفات الإستراتیجیة مع الجامعات المصریة من أجل الاستفادة من نقاط قوتها، وبالتالی یزداد العائد على الجامعات المصریة، مما یترتب علیه الارتقاء بأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، والارتقاء بنظم التدریب، والنظم البحثیة، والنظم الخدمیة المجتمعیة.

 

سابعًا- أهداف التحالف الإستراتیجی:

هناک عدد من الأهداف تسعى التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات إلى تحقیقها، لعل من أهمها ما یلی: (أحمد الکردی، 2011) (Zhigang Li & others , 2016) (Lin ,Haiying , 2010 ,20-21 )

1-   تقلیل المنافسة: هناک اتفاق عام بین الجامعات المتحالفة على عدد من الأهداف التی تسعى إلى تحقیقها، لعل من أهمها ألا تکون متنافسة بعد ذلک، بل یکون هناک نوع من التعاون بینها قائم على محاولة استغلال جمیع الموارد المتاحة بالجامعات المصریة وجامعات التحالف؛ وبالتالی تقل حدة التنافس بین الجامعات.

2-   اقتسام المخاطر: حیث تفرض التحدیات العالمیة والإقلیمیة دائمًا عددا من المخاطر على الجامعات على جمیع المستویات؛ لذا فإن التحالف بین الجامعات یقتسم هذه المخاطر، حیث إن التحالف یتصدی لهذه المخاطر دائمًا بدرجة أعلى من درجة تصدی الجامعات المصریة وحدها.    

3-   التکامل فی الخدمات والمنتجات: فالتکامل بین جامعات التحالف فی تقدیم المنتجات والخدمات یجعله دائم التمیز؛ لأن المنتجات والخدمات التی تقدمها الجامعات یحدث لها تقادم بعد فترة، وبالتالی فالتحالف لجذب خریجی الجامعات، وتقوم باستحداث مهاراته وتخصصاته بما یتناسب مع متطلبات القطاعات التنمویة بالمجتمع، واستحداث کل ذلک مع طلابها الملتحقین بها، وأیضاً الترکیز فی البحث العلمی على التخصصات الدقیقة المطلوبة، والترکیز على الخدمات التی یحتاجها المجتمع المحلی داخل جامعات التحالف.

4-  تجاوز عقبات التسویق: فالتسویق هدف إستراتیجی للتحالف، حیث ینتج عن  التحالف بین الجامعات المصریة والجامعات العالمیة والإقلیمیة عرض ممیزات ومخرجات کل  جامعات للإخرى ومخرجاتها داخل مجتمعها، وبالتالی تقل التکلفة التی تقوم برصدها الجامعات للإعلان عن نفسها؛ إذ تحقق ذلک بدرجة ما فی مجتمعات التحالف. 

5-   غزو أسواق جدیدة: حیث إن التحالفات تساعد الجامعات المصریة على دخول مجتمعات أخرى، وبالتالی التعرف على احتیاجاتها العلمیة؛ مما یؤدی إلى توسعة نطاق البحث العلمی بجامعاتنا المصریة، وأیضًا محاولة تقدیم الخدمات إلى جمیع مجتمعات التحالف.

6-   اتساع نطاق المعرفة: فالمعرفة الناتجة من البحث العلمی داخل جامعات التحالف، وأیضًا الناتجة من عملیات التدریس داخل جامعات التحالف تصل إلى أضعاف مضاعفة من المعرفة التی تنتجها کل جامعة على حدة، حیث یکون هناک تحفیز على إنتاج المعرفة داخل جامعات التحالف بدرجات کبیرة جدًّا من أجل تحقیق متطلبات ونصوص التعاون بینها، مما یؤدی إلى تضاعف حجم المعرفة من هذا التحالف. 

7-   زیادة قیمة الأصول المعرفیة: فالتحالفات تزید من قوة المعرفة المنتجة التی تتناسب مع طبیعة المجتمع، وبالتالی تساعد المعرفةُ المنتجة الجامعاتِ على التکیف مع التغیرات الحادثة فی المجتمعات، کما أنها تزید من الابتکار، وبالتالی حمایة الجامعات من التهدیدات التی تواجهها فی المستقبل.

8-    تجنب إهدار موارد المعرفة: حیث تلعب التحالفات الإستراتیجیة دورًا کبیرًا فی تجنب الاستثمار المتکرِّر فی ابتکار المعرفة فی جامعات التحالف، وبالتالی یتم تجنب الهدر فی جمیع موارد المعرفة، حیث یتم تقدیم التوجیه النظریلمنظمی التحالفات بین الجامعات.  

9-   استغلال القدرات المتاحة: حیث تسمح التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات باستغلال جمیع القدرات المتاحة فی جامعات التحالف سواء أکانت قدرات بحثیة أو تدریسیة أو خدمیة.

10-     اکتشاف فرص جدیدة: فالتحالفات الإستراتیجیة تکشف عن فرص جدیدة للجامعات المتحالفة یجب اقتناصها.

ثامنًا- أهمیة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات:

تجب الإشارة إلى أهمیة تواجد التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة وعدد من الجامعات العالمیة والإقلیمیة، وتظهر هذه الأهمیة فیما یلی: (Jinzhong Ma , 2014,163-164)

1-   تعزیز العدالة التعلیمیة: حیث یوفر التحالف موارد تعلیمیة ذات جودة عالیة، وتحسین بیئة الاتصال، وتبادل أفضل للطلاب، وبالتالی یتم اکتشاف المواهب والقدرات. حیث تعانی العدید من الکلیات بوجود خلل فی توزیع موارد التعلیم.

2-   تحسین قدرات التعلم الذاتی للطلاب: حیث یتم إدماج تکنولوجیا المعلومات بالعملیة التعلیمیة، وبالتالی یتم استخدام السبورة الإلکترونیة، وحجرة الفیدیو... إلخ، وبالتالی یتم اختراق الجدران السمیکة للفصول وتحدیث المعرفة وتوسیع الرؤیة... إلخ.

3-   دعم السیاسات: حیث یتم ترکیز السیاسات على تعزیز عمق التعاون بین تکنولوجیا المعلومات والتعلیم، وبالتالی دعم السیاسات التعلیمیة المعلوماتیة من أجل تعزیز بناء البنیة التحتیة وموارد المعلومات، وتعزیز المحتوى التعلیمی ووسائل التدریس، وطرق التدریب الحدیث والابتکاری... إلخ.

4-   تکوین مقررات عبر الإنترنت  على مدى واسع داخل البیئة العالمیة: وبالتالی یفرض ذلک نوعا من التدریس المفتوح، وبالتالی خلق الفضاء الظاهری من أجل إیجاد مساحة تعلم حقیقی، وکسر الحد من الزمان والمکان. 

وبالتالی لا بُدَّ من تواجد إدارة متمیزة داخل الجامعات المصریة لتحقیق هذه الأهداف، حیث إن التحالفات سوف تُجبر الجامعات المصریة على تغییر نمط اختیار القیادات الأکادیمیة الجامعیة بحیث تتناغم مع ما هو مطلوب منهم؛ مما یؤدی إلى زیادة کفاءة منظومة العمل الجامعی. 

کما تظهر أهمیة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات فی العدید من الجوانب، لعل من أهمها علی سبیل المثال لا الحصر، محاولة تحقیق القیادة فی تقدیم المخرجات الجامعیة على مستوى یتناسب مع المتطلبات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة للجودة، وذلک عن طریق الاستثمار الأفضل للموارد المتاحة بالجامعات فی البحث عن موارد مالیة تساعد الجامعات فی تقدیم أفضل ما یمکن من خدماتها.

وفی السیاق نفسه تظهر أهمیة التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات فی محاولة تحقیق مقومات الابتکار والإبداع لدى منظومة الجامعات، وذلک من أجل تحقیق التکامل التکنولوجی بین جامعات التحالف، کما تبحث الجامعات عن أفضل الأسالیب المستخدمة فی تسویق خدماتها الجامعیة، کما أنها تحقق المزید من فرص الاتصال بین جامعاتنا والجامعات العالمیة والإقلیمیة سواء على مستوى التدریس أو البحث العلمی أو خدمة المجتمع، مما یؤدی إلى اکتساب العدید من الخبرات التی تؤدی بدورها إلى تعزیز القدرات التنافسیة لجامعات التحالف.

کما أن التحالفات الإستراتیجیة تساعد على عرض مخرجات جامعات التحالف فی دول کل منها، وبالتالی الخروج من النطاق المحلی إلى النطاق العالمی فی عرض المخرجات الجامعیة، وبالتالی تظهر الحاجة إلى تحقیق التمیز فی طبیعة المخرجات عن طریق تبادل المعرفة واکتسابها بالدرجة التی تساعد على تحقیق ذلک، وبالتالی تعمل القیادات الأکادیمیة على استغلال الفرص المتاحة أمام الجامعات، مما یؤدی إلى تزاید سمعة الجامعات على المستوى العالمی والإقلیمی.

کما أن الأهمیة الکبرى من هذه التحالفات تظهر فی تحسین المکانة التنافسیة لجامعات التحالف، حیث إن هناک العدید من الجامعات قفزت فی التصنیفات العالمیة والإقلیمیة نتیجة إجراء العدید من التحالفات؛ لأن ذلک ساعدها على تزاید قدرتها التنافسیة، وبالتالی تظهر العدید من الممیزات التنافسیة لجامعات التحالف سواء فی المهارات أو الخبرات التدریسیة أو الأسالیب المستخدمة. وأیضًا بناء میزة تنافسیة من خلال بحث علمی متمیز فی عدد من المجالات الدقیقة التی یحتاج إلیها المجتمع العالمی والإقلیمی والمحلی، وبالتالی تزداد الخدمات المجتمعیة التی تقدمها الجامعات إلى المجتمع.  

تاسعًا- ممیزات التحالف الإستراتیجی بین الجامعات:

هناک عدد من الممیزات التی تتمتع بها التحالفات الإستراتیجیة على المستوى العالمی وله انعکاساته على المستوى المصری، فإذا تم بناء هذه التحالفات على الدرجة المتوقعة تکون الجامعات المصریة قد حققت العدید من الممیزات، لعل من أهمها ما یلی:

1-    تطبیق أحدث التقنیات فی التدریس؛ مما یؤدی إلى التخلص من ثقافة الذاکرة التی تکرَّست کثیرا فی جامعاتنا المصریة، والتحول إلى ثقافة الإبداع من خلال توفیر البیئة الملائمة للإبداع.

2-   ربط البحث العلمی باحتیاجات المجتمعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة؛ مما یؤدی إلى التخلص من الموضوعات التقلیدیة التی لا تمس حاجة المجتمعات، والاقتراب بشدة من الموضوعات التی یکون لها أثر عالمی فی مخرجاتها، وبالتالی یتم توفیر الشروط الأساسیة للبیئة العلمیة التی تسعى إلى تحقیق ذلک.

3-     الانتقال بالجامعات المصریة فی التصنیفات العالمیة إلى مواقع متقدمة؛ مما یؤدی إلى زیادة الإقبال علیها مرة أخرى، وبالتالی تعود لها الریادة مرة أخرى على المستوى العربی والإفریقی.

4-   تزاید الاندماج بین الجامعات المصریة والقطاعات التنمویة داخل المجتمع المصری من أجل محاولة توفیر کل الإمکانات التطبیقیة للأبحاث العلمیة، وذلک من أجل الخروج بمخرجاتها إلى حیز التطبیق، مما یؤدی إلى الارتقاء بالعائد الاقتصادی لها.            

5-   تخترق الجامعات المصریة القطاعات التنمویة داخل العدید من دول التحالف، والتعرف على احتیاجاتهم والمشکلات التی تواجههم، وبالتالی یتم توجیه البحث العلمی بمخرجاته إلى خدمة هذه القطاعات؛ مما یؤدی إلى الارتقاء بالمجتمع المصری، وتحقیق طفرة إستراتیجیة للاقتصاد المصری عن طریق الجامعات المصریة.

6-   تحقیق نوع من التکامل بین مخرجات جامعات التحالف على المستوى التدریسی والبحثی والخدمی؛ مما یؤدی إلى اکتساب العدید من الخبرات للموارد البشریة الأکادیمیة بجامعاتنا المصریة.

7-   توفیر بیئة الابتکار فی جامعات التحالف بکل ما تحتاج إلیه من مقومات على المستوى البشری والمعلوماتی والإداری والثقافی... إلخ. 

8-     تکوین الکتلة الحرجة على المستوى العالمی، حیث إن التحالف بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة ذات الثقل العالمی، یعمل على تکوین کتلة حرجة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة.

عاشرًا- الشروط الأساسیة لبناء التحالفات الإستراتیجیة:

هناک عدد من الشروط الواجب توافرها لبناء تحالفات إستراتیجیة - بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة والإقلیمیة - تحقق الأهداف الإستراتیجیة التی تسعى الجامعات المصریة إلیها، حیث سعت العدید من الجامعات على المستوى العالمی إلى مثل هذا النوع من التحالفات من أجل مواجهة سوق التنافس العالمی، وتکوین مخرجات تتناسب مع متطلبات السوق العالمی.

لذا یجب عرض هذه الشروط على النحو التالی:  

1-   تواجد فلسفة مشترکة بین جامعات التحالف سواء على مستوى الرؤیة أو الرسالة أو الغایات أو الأهداف أو القِیَم، بحیث یکون هناک عوامل مشترکة بین جامعات التحالف، وبالتالی تسعى کل منها إلى تحقیق الأهداف، وبالتالی لا تکون کل جامعة فی وادٍ منعزل عن الجامعات الأخرى. 

2-   توافر عدد من الإمکانات المشترکة بین بیئة العمل الجامعی بکل منها سواء على مستوى الموارد البشریة أو الموارد الفیزیقیة أو الموارد المعلوماتیة... إلخ؛ حتى یکون التحالف قائمًا على التوازن بینها من أجل استغلال الموارد المتاحة بکل منها. 

3-   توافر عدد من الممیزات التنافسیة بالنسبة إلى کل منها؛ حتى یکون التحالف قائمًا على إستراتیجیة استغلال الممیزات التنافسیة بکل منها، مما یسمح بالتقدم العلمی لجامعات التحالف، وبالتالی توفر لها الاستفادة من هذا التحالف.

4-   الاتفاق على التعاون ولیس التنافس، وبالتالی تحاول کل جامعة من جامعات التحالف الارتقاء بالأخرى من خلال محاولة توفیر بدائل إستراتیجیة للمشکلات التی تواجه کل جامعة من جامعات التحالف، وبالتالی یکون التحالف قائما على التعاون ولیس التنافس. 

5-   وجود مبرر من التحالف بین الجامعات، مثل: تواجد قصور فی المخرجات الجامعیة لمجتمع ما وحاجته إلى هذه المخرجات المجتمعیة من الآخر، سواء أکانت هذه المخرجات بشریة أم بحثیة أم خدمیة... إلخ. أی فتح مجتمعات جدیدة للمخرجات الجامعیة المتمیزة، أو محاولة توفیر الإمکانیات لجامعات التحالف من أجل تحقیق متطلبات الابتکار والإبداع، أو تحقیق تکامل بین الجامعات فی التدریس والبحث العلمی وخدمة المجتمع من أجل محاولة تقلیص الوقت الکافی لجمیع الموارد البشریة بجامعات التحالف للابتکار والإبداع.

6-   وجود تأثیر إستراتیجی للتحالف فی أداء الجامعات، من حیث تحقیق متطلبات الجودة، والوصول بالمخرجات الجامعیة إلى التمیز، وبالتالی إعادة ترتیب الجامعات المتحالفة فی التصنیفات العالمیة بعد التحالف عن ذی قبل، ولن یتم ذلک إلا بوجود خطط إستراتیجیة تسعى إلى تعظیم أقصى استفادة من التحالف.

7-   تشابه جامعات التحالف فی الإستراتیجیة المتبعة فی التدریس والبحث العلمی وخدمة المجتمع، حتى لا تتبع جامعة إستراتیجیات مخالفة عن جامعات أخرى؛ مما یترتب علیه تقدم جامعة فی التصنیف العالمی وتأخر الجامعة الأخرى، وهذا یتناقض مع متطلبات النجاح فی التحالف والقائم على التعاون ولیس التنافس للوصول إلى أعلى ترتیب على المستوى العالمی.

8-   الدراسة المستفیضة للمجتمع الذی توجد به جامعات التحالف لمعرفة طبیعة التحدیات الاقتصادیة والاجتماعیة والبیئیة... إلخ التی تواجه عمل جامعات التحالف، وأیضًا معرفة ثقافة الجامعات من خلال ثقافة المجتمع الذی تعمل فیه؛ وبالتالی تزداد القدرة على توقع مواجهة الجامعات للمخاطر التی تواجهها فی المستقبل. 

حادی عشر- عوامل نجاح التحالف الإستراتیجی:

هناک عدد من العوامل التی یجب توافرها فی نوعیة التحالف الإستراتیجی بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة من أجل تحقیق نجاح هذا التحالف بدرجة عالیة. ویتطلب ذلک تحقیق الأهداف التی سعت الیها الجامعات المصریة من خلال هذا التحالف، وبالتالی لا بُدَّ من تحلیل هذه العوامل للعمل على توافرها لتحقیق المخرجات المتوقعة. وتجب الإشارة إلى تواجد قسمین لعوامل النجاح، یتجسد القسم الأول فی العوامل الخارجیة، والآخر فی العوامل الداخلیة.

والجزء الحالی من البحث یحاول تحلیل هذه العوامل من أجل محاولة توفیرها للجامعات المصریة، وهی على النحو التالی: (Marko Kohtamäki et al , 2018,190)

(أ‌)     دراسة تجربة التحالفات الإستراتیجیة السابقة وتقییمها: حیث لا بُدَّ من توافر إدارة إستراتیجیة بداخل الجامعات تقوم بدراسة جمیع تجارب التحالفات الإستراتیجیة الناجحة بین الجامعات ومحاولة تقییمها من أجل الاستفادة منها فی تدریب القیادات العلیا بالجامعات من أجل توفیر المتخصصین فی إدارة التحالفات الإستراتیجیة.

(ب) قدرات العلاقات: والتی تکمن فی توفیر إدارة تعمل على توفیر کل عوامل النجاح لعلاقات التحالفات الإستراتیجیة، وتکون على درایة فنیة بصیاغة وتدوین وتقاسم واستیعاب جمیع العملیات التی یتم على أساسها التحالف، من حیث: التعبیر اللفظی عما یوجد من خلل، أو تدوین کل الملاحظات على هذه التحالفات؛ من أجل تحقیق الاستیعاب الداخلی للجامعات عن طبیعة هذه التحالفات.

(ج) إدارة إستراتیجیة للتحالف: لا بُدَّ أن توفِّر الجامعات إدارة تمتلک جمیع المهارات التأسیسیة ذات الصلة بمرحلة ما بعد تکوین التحالفات، حیث تکون مسئولة عن التنسیق بین جامعات التحالف، وأیضًا إجراء کافة الاتصالات الممکنة بین الطرفین، وزیادة عدد الروابط التی تتم بینهما.

(د) توجیه التحالف: على الجامعات المتحالفة امتلاک محفظة تحتوی على عدد من المهارات التی تمتلکها الجامعات، تحاول من خلالها عرض القدرات المتفوقة للجامعات، مثل: قدرات مسح بیئات التحالف، وقدرات التنسیق بینها، وقدرات التعلم من تجارب التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات.

(هـ) کفاءة التحالفات: حیث یجب البحث الدائم عن تطویر التحالفات بین الجامعات من خلال إدارتها، وذلک من خلال تحلیل القدرة التنظیمیة للجامعات لمحاولة إیجاد إدارة خاصة بالتحالفات فی ضوء إمکانیات الجامعات، وتطویرها من آن لآخر بما یتناسب مع المتغیرات العالمیة، وذلک من خلال دراسة تجارب التحالفات على المستوى العالمی، ودراسة درجة میل الشرکاء لهذه الأنواع من التحالفات. 

(و) الکفاءة التعاونیة: وتتجسد فی العلاقة التی تتکون بین الکیانات التنظیمیة المشارکة فی إکساب الثقة لنجاح هذه التحالفات، وذلک من خلال التنسیق بین کل القطاعات المسئولة عن توفیر مقومات نجاح هذه التحالفات؛ لذا لا بُدَّ من تفعیل شبکة الاتصالات بین کل هذه الجهات.

(ز) تکامل العملاء: یعد العملاء أحد أهم المقومات الأساسیة لنجاح التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات؛ حیث لا بُدَّ من الوصول إلى درجة معینة من کفاءة التکامل مع العملاء، وأیضًا البحث عن تکوینها والسیطرة علیها من خلال العدید من الاتصالات بین هؤلاء العملاء.

(ح) کفاءة العلاقات: فالجامعات لا تعمل منعزلة عن المؤسسات التنمویة بالمجتمع؛ لذا فهی فی حاجة إلى تکوین شبکة من العلاقات بین المنظمات المشترکة فی هذه التحالفات.

(ط) قدرات Network: حیث إنها المسئولة عن نجاح العلاقات، کما أنها توفر المهارات اللازمة لنجاح العلاقات، وأیضًا تساعد الشبکات على معرفة السوق وتحلیله.  

(ک) القدرة على التواصل: لأن هناک العدید من الأنشطة والروتین التنظیمی التی یجب أن یتم تنفیذها فی الجامعات، وذلک من خلال العدید من المراحل سواء فی بدء علاقات العمل لصالح الجامعات أو تطویرها أو إنهائها، وذلک من خلال محاولة توفیر عناصر الجاذبیة للجامعات المتحالفة.

ثانی عشر- مقومات التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات: 

ثمَّة عدد من مقومات النجاح التی یجب توافرها فی نوعیة التحالف الإستراتیجی بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة من أجل تحقیق نجاح بدرجة عالیة لهذا التحالف، ویتطلب ذلک تحقیق الأهداف التی سعت إلیها الجامعات المصریة من خلال هذا التحالف، وبالتالی لا بُدَّ من تحلیل هذه المقومات للعمل على توفیرها لتحقیق المخرجات المتوقعة.

ویتم تناول هذه المقومات على النحو التالی:  (إیاد التمیمی، شاکر الخشالی، 2015، 645-646)، (سماح زکریا، 2015، 196-197)

(أ‌)     الإطار المؤسساتی Institutional Frame: یشیر إلى القوانین والقواعد والأحکام التی تنظم العمل داخل الجامعات، وذلک من أجل تأیید وتعزیز اتجاهات رؤساء الجامعات وعمداء الکلیات للدخول فی تحالفات إستراتیجیة مع جامعات عالمیة وإقلیمیة ومحلیة. کما أنه لا بُدَّ من وضع القیم الاجتماعیة فی الاعتبار لاکتساب الشرعیة والدعم والقبول، فالإطار المؤسساتی هو المسئول عن تعزیز الثقة المتبادلة بین الجامعات.

(ب) التکافؤ بین أطراف التحالف الواحد:  حیث لا بُدَّ أن تسعى الجامعات المصریة إلى تکوین تحالفات مع أطراف متکافئة معها فی القدرات الإجرائیة والتنفیذیة. ولکی یحدث ذلک لا بُدَّ من توافر نوع من التوازنات فی القوى بین التحالفات؛ حتى لا تطغى الجامعات المتحالفة فی القرارات على الجامعات المصریة؛ لذا لا بُدَّ من تواجد الموارد بالقوة نفسها داخل جامعات التحالف. ومن الممکن أیضًا تواجد تکامل فی الموارد بین جامعات التحالف سواء أکان ذلک فی الموارد البشریة أو المالیة أو الفیزیقیة أو المعلوماتیة... إلخ.

(ج) الالتزام المتبادل: على جامعات التحالف المصریة وغیرها القیام بالأدوار المنوطة بها بدرجة عالیة من الدقة من أجل تحقیق الأهداف الموضوعة من قِبَل جامعات التحالف. لذا یجب تبادل المعلومات باستمرار عن منظومة العمل داخل کل جامعة من جامعات التحالف لمعرفة مدى نجاح التحالف، وبالتالی توفیر الاطمئنان لدى کل منها عن سیر العمل وفق الخطة الموضوعة. ولضمان تواجد الالتزام المتبادل بین جامعات التحالف فإنه لا بُدَّ من رصد تکالیف لتخطیط نجاح هذا التحالف، نظرًا لتبادل حقوق الملکیة للأصول الاقتصادیة والمعرفیة. 

(د) تبادل المعلومات: إن هناک ضرورة لتواجد نظم تبادل المعلومات عن جامعات التحالف، من أجل التعرف باستمرار على طبیعة العمل داخل المنظومة الجامعیة، حیث لا بُدَّ من تواجد إدارة خاصة بالمعلومات تکون قادرة على توفیر المعلومات باستمرار عن کل القضایا الإستراتیجیة بالجامعات، وجمیع الأنشطة التی تحدث داخلها، والمتغیرات الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة... إلخ المؤثرة فی عمل الجامعات.  

(هـ) وضوح الغرض الإستراتیجی: حیث یجب على کل جامعة من جامعات التحالف العمل على تحقیق الغرض من هذا التحالف، ویتضح ذلک من مجموعة الأهداف التی توضع لتحقیقها من قبل التحالف، وبالتالی یتم رسم نوع معین من الأداء قابل للتحقیق.

ثالث عشر- معوقات نجاح التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات: 

هناک عدد من المعوقات التی تقف أمام نجاح التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات المصریة وغیرها من الجامعات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، ونحاول فی الجزء الحالی رصد هذه المعوقات؛ حتى یتم التغلب علیها من خلال السیناریوهات التی تقوم على قدرة التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین النجاح التنافسی والإستراتیجی لهذه الجامعات.

وبالتالی فهناک ضرورة ملحة إلى تحلیل کل هذه المعوقات من أجل التخطیط لمواجهتها، وهی على النحو التالی:

  • معوقات بشریة: وتکمن فی نقص الخبرة التی یجب توافرها فی الموارد البشریة القائمة على إحداث التحالف، فتقوم بوضع عدد من الشروط داخل التحالفات قد لا تستطیع الجامعات اتباعها، وأیضًا استقطاب الجامعات لموارد بشریة غیر قادرة على تنفیذ بنود التحالفات.
  • معوقات معلوماتیة: وتکمن فی قیام جامعات التحالف بوضع معلومات غیر معبرة عن الوضع الحالی للجامعة، ومضللة فی المقومات التی تمتلکها الجامعات.
  • معوقات إداریة: حیث إن اتخاذ العدید من القرارات داخل جامعات التحالف أثناء فترة التحالف مخالفة لقوانین العمل بالتحالف، قد یؤدی إلى الإخلال بطبیعة العمل ضمن بنود التحالف. وأیضًا من المعوقات الإداریة عدم التوصیف الصحیح لمجموعة المهام التی یجب أن تقوم بها الموارد البشریة بالجامعات.
  • معوقات سیاسیة: فقد تتعرض المجتمعات التی تتوافر بها جامعات التحالف لتغیرات سیاسیة تخلق حالة من عدم الاستقرار السیاسی تقف عائقا أمام تنفیذ التحالفات. 
  • معوقات ثقافیة: حیث إن ثقافة المجتمع غیر قادرة على تقبل هذه التحالفات، وبالتالی لا بُدَّ أن تضع الجامعاتُ ثقافةَ المجتمع الذی تتواجد فیه فی الاعتبار؛ حتى لا تقف عائقا أمام تنفیذ التحالف. 
  • معوقات متعلقة بالشریک: قد تختلف القیم الأکادیمیة للمتحالفین؛ مما یؤدی إلى إضعاف التحالف من حیث مدى الإقبال على هذه الجامعات. فمن الممکن أن یکون المناخ الأکادیمی والمدنی والسیاسی لمجتمع ما مقیدا لهذه التحالفات، ویقف عائقا أمام نجاحها، وبالتالی لا بُدَّ من تواجد نظرة ثاقبة عند اختیار المتحالف.

فعلى سبیل المثال سادت حالة من التوتر التحالف بین جامعة ییل والجامعة الوطنیة فی سنغافورة، وعانى التحالف من قبول منخفض من قبل بعض مکوناته الرئیسة بسبب سوء التوافق الملحوظ بین القیم الأکادیمیة للجامعات المعنیة والمناخ الأکادیمی والمدنی والسیاسی الأکثر تقییدًا فی سنغافورة، مما أثر فی سمعة کل منهما، وبالتالی من الممکن أن سمعة جامعات التحالف المتدنیة تکون أقل من سمعة الجامعات قبل التحالف، وبالتالی لا بُدَّ من وضع العدید من الضوابط لاختیار الشریک الإستراتیجی فی التحالف للحد من العواقب السلبیة، فیجب أن تزید التحالفات السمعة والانضباط والمصداقیة التنظیمیة لجامعات التحالف ولیس العکس.     (Vik Naidoo & Linda D. Hollebeek , 2016,3113).

وبالتالی لیس کل تحالف ناجحا، بل من الممکن أن یحدث العکس، وبالتالی یجب ألا تسعى الجامعات المصریة إلى عقد تحالف مع جامعات مختلفة معها فی العدید من القیم، ویختلف مناخها الأکادیمی عن المناخ الأکادیمی لجامعاتنا. کما توجد العدید من العوائق السیاسیة لهذه الجامعات قد تؤدی إلى فشل التحالف، وبالتالی لا بُدَّ من إعداد دراسات واعیة عن الجامعات التی تسعى الجامعات المصریة إلى التحالف معها.

  • معوقات بیئیة: قد یکون المناخ البیئی لجامعات التحالف غیر متناسب مع طبیعة التحالفات الإستراتیجیة، فقد لا یتلائم طبیعة العقد على المشروعات التی یجب أن تتم بین جامعات التحالف مع البیئة التی تتواجد بها الجامعات، حیث إن البیئة هی مصدر العدید من الموارد، کما أنها أیضًا المستقبل الرئیسی للمخرجات الجامعیة. وقد تتواجد مخرجات جامعیة تتناسب مع طبیعة مجتمع ما ولکنها لا تتناسب مع طبیعة مجتمع آخر وذلک وفقًا لعدد من المعاییر.
  • معوقات اقتصادیة: قد تظهر العدید من المعوقات المتعلقة بالاقتصاد داخل المجتمع الذی تتواجد به الجامعات. کما أنه من الممکن تواجد فقر فی الموارد المالیة المخصصة للجامعات، مما یقف عائقا أمامها فی تنفیذ العدید من المشروعات. کما تحتاج التحالفات إلى مرونة فی السیاسات الاقتصادیة للمجتمع الذی تتواجد فیه، فعندما یکون هناک جمود فی السیاسات الاقتصادیة یقف ذلک عائقا أمام الجامعات. 

المبحث الثانی: بنیة التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی بالجامعات

هناک عدد من المتطلبات الواجب توافرها فی الجامعات المصریة من أجل تحقیق التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی؛ لذا یجب تحلیل کلٍّ منهما من أجل الوصول إلى هذه المتطلبات التی یتم وضعها أمام متخذی القرار من أجل تحقیقها إن أرادوا وضع الجامعات المصریة فی التصنیفات العالمیة ، وأیضًا على خریطة التنافسیة فی تقاریر التنافسیة العالمیة.

ویحاول الجزء الحالی التصدی لکلٍّ منهما على حدة، ثم الدمج بینهما من خلال تناول المتطلبات، لذا سیتم تناولهما على النحو التالی:

أولًا- ماهیة الذکاء الإستراتیجی والتنافسی للجامعات:

هناک عدد من العناصر التی یتم تناولها فی هذا الجزء من أجل تحلیل ماهیة کلّ من الذکاء  الإستراتیجی والذکاء التنافسی للجامعات بصفة عامة وللجامعات المصریة بصفة خاصة، وأهمیة تحقیق کل منهما فی جامعاتنا؛ وذلک للتعرف على أهم التحدیات التی تقف عائقا أمام تواجد کلٍّ منهما فی جامعاتنا المصریة. ومن ثَمَّ یجب تناول مفهوم کل منهما على حدة، ثم إیجاد العلاقة بینهما، وشرح الأهداف التی یتم تحقیقها من تواجد کل منهما، وکذلک أهمیة تحقیق کل منهما.

ولکن قبل الخوض فی أنواع الذکاء محل الدراسة ینبغی التعرف على التسلسل الهرمی للذکاء، وأهمیة تواجده نظرًا لطبیعة التغییر التی تمر بها الجامعات، والتی تقوم بإحداث العدید من التحولات فی طبیعة العمل بداخلها، إذ لا بُدَّ من تواجد الذکاء داخل المؤسسات لضمان البقاء على الخریطة العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، ویتضح التسلسل الهرمی للذکاء من الشکل رقم (2).

 

 

 

شکل رقْم (2)

التسلسل الهرمی للذکاء (jay Liebowitz,2006,7)

بتحلیل الشکل رقْم (2) یتضح أن القاعدة تکمن فی البیانات التی یتم تجمیعها، وتلیها معالجة البیانات وتحویلها إلى معلومات فی الطبقة الثانیة من الهرم، ثم استغلال الاطلاع الواسع للموارد البشریة بالجامعات والمتجسدة فی أعضاء هیئة التدریس، ومعاونیهم، والهیئات الإداریة فی تحویل المعلومات إلى معرفة فی الطبقة الثالثة من الهرم، ولن یتأتَّى ذلک إلا من خلال الاطلاع الواسع لهم وخبرتهم، وبالتالی یتم اکتساب خبرة فی مجال التخصص الذی یتم العمل به والمتجسد فی الطبقة الرابعة من الهرم، وأخیرًا عندما تمتلک الموارد البشریة الخبرة لفترات زمنیة طویلة تصل إلى قمة التسلسل الهرمی للذکاء والمتجسد فی امتلاکهم درجة من الحکمة.

وبالتالی لا بُدَّ من الإشارة إلى أهمیة التحول الفردی عن طریق التعلم إلى التحول التنظیمی، الذی یعد مهمًّا جدًّا لزیادة ذکاء المنظمات؛ إذ یتجسد الذکاء التنظیمی فی قدرته على تجمیع کل فوائد القیمة المضافة المستمدة من الأصول غیر الملموسة للمنظمة والمتمثلة فی المعارف التی یمتلکها الأفراد بداخلها ومعارف المستهلکین والموردین... إلخ. وبالتالی لزیادة معدل الذکاء بالمنظمة، فإننا فی حاجة إلى فهم التسلسل الهرمی للمکونات التی تساهم فی ذکاء المنظمة.    (jay Liebowitz,2006,7-8)

وتجب الإشارة إلى أن مصطلح الذکاء هو مصطلح جماعی یتضمن مختلف أشکال الذکاء التی تم تحدیدها للاستخدام داخل المنظمة، ویشمل: الذکاء الاصطناعی، وإدارة المعرفة، وذکاء الأعمال، والذکاء التنافسی، والذکاء الإستراتیجی. وذلک کما یتضح فی الشکل رقْم (3) الذی یتناول بنیة الذکاء للمنظمات بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة.

 

                                

 

 

شکل  رقْم (3)

بنیة الذکاء

(jay Liebowitz,2006,14). Jean-Pierre Kruger,2010,42))

وتشیر الطبقة الداخلیة من الشکل رقْم (3) إلى الذکاء الاصطناعی، والذی یتضمن توظیف الأنظمة الذکیة، مثل قوة الحوسبة، لتکمل قوة الدماغ البشریة، کما یحدد کیف یحدث التعلم البشری والتفکیر والتفسیر والعملیات المعرفیة الأخرى، وذلک لیحل محل صانعی القرار. وتتضمن التطبیقات النموذجیة للذکاء الاصطناعی نظمًا خبیرة أو قائمة على المعرفة، ومعالجة اللغة الطبیعیة، والتفکیر على أساس الحالة، وفهم الکلام، والروبوتات، ورؤیة الکمبیوتر، والشبکات العصبیة، والخوارزمیات العامة، والأنظمة الذکیة الهجینة. وهناک العدید من التقنیات للذکاء الصناعی ولها عدد من الفوائد عند تطبیقها. (Jean-Pierre Kruger,2010,42-43)

وتمثل إدارة المعرفة KM الطبقة التالیة من الإطار الموضح فی الشکل رقْم (3)، والتی تُعنى بتأسیس عملیات ضروریة لتحدید البیانات والمعلومات والمعرفة التی تحتاجها المنظمة من البیئة الداخلیة والخارجیة والاحتفاظ بها، وتحویلها إلى قرارات وأفعال من جانب المنظمات والأفراد، وبالتالی تعد منهجیة متکاملة للاعتراف وإدارة وتقاسم جمیع الملکیة الفکریة، بما فی ذلک قواعد البیانات والمستندات، والسیاسات والخبرات الموجودة فی أذهان الأفراد. إذن فإدارة المعرفة KM عملیة تقوم من خلالها المنظمات باکتساب المهارات فی مجال التعلم (المعرفة الداخلیة)، ومعرفة الترمیز (المعرفة الخارجیة)، وتوزیع المعرفة. کما تستخدم تقنیات الذکاء الاصطناعی فی تنظیم المعرفة وتبادلها من قِبَل الموارد البشریة. (Abbas keikha et al , 2016 , 265)

وتشیر الطبقة الثالثة من الشکل رقْم (3) إلى ذکاء الأعمال، والمتمثل فی إدارة الأعمال لوصف التطبیقات والتقنیات فی مجالات جمع البیانات والمعلومات وعرضها وتحلیلها من أجل مساعدة المنظمات فی نهایة المطاف فی اتخاذ قرارات العمل المثالی. وبالتالی یعد ذکاء الأعمال BI مجموعة من القدرات والتقنیات والأدوات والإستراتیجیات التی یمکن أن تساعد المدیرین على فهم ظروف العمل بکفاءة أکبر، ومن ثَمَّ فإنه یعد أداة فعالة لتحسین عملیة صنع القرار. (Abbas keikha et al , 2016 ,264-265)

ویشکل الذکاء التنافسی CI الطبقة الرابعة من الشکل رقْم (3)، وهو فن إیجاد المعلومات وجمعها ومعالجتها وحفظها واستخدامها من قِبَل الموظفین على جمیع مستویات المنظمة، لتشکیل مستقبل المنظمة مع حمایة الوضع الحالی ضد التهدیدات التنافسیة. وبالتالی یعد الذکاء التنافسی CI هو العملیة المنهجیة للحصول على المعلومات من المنافسین واستکشاف هذه المعلومات من أجل تسهیل التعلم التنظیمی، والتحسین، وتحدید الأهداف فی مجال الصناعة والسوق والعملاء، وبالتالی فهو المسئول عن زیادة القیمة، وأیضًا هو المسئول عن التدفق المستمر والمنتظم للمعرفة لتقییم البیئة الداخلیة والخارجیة للمنظمة، حیث یتم جمع الجوانب التنافسیة للبیئة وتحلیلها من مصادر قانونیة شرعیة، ویتم استخدامه فی نهایة المطاف لتحسین عملیة صنع القرارات الإستراتیجیة والتشغیلیة. (Abbas keikha et al , 2016 ,265)

وتتمثل الطبقة النهائیة بالشکل رقْم (3) فی الذکاء الإستراتیجی، حیث یمثل الذکاء الإستراتیجی مخرجات العملیات الأربعة الأولى، ویتجسد فی الخطط الإستراتیجیة التی تضعها المنظمات؛ لتحافظ على وضعها فی البیئة التی تتواجد فیها بالمستقبل، وضمان استمراریتها، ویتم ترجمة الخطط الإستراتیجیة إلى خطط تکتیکیة وتشغیلیة، وإلى مجموعة من القرارات الإستراتیجیة التی تفعِّل الخطط الإستراتیجیة.

وتأسیسًا على ما سبق یتضح أن الذکاء الذی تسعى الجامعات المصریة إلى امتلاکه یتضمن ترکیبة من الذکاءات المختلفة، تحتوی على الذکاء الاصطناعی والمتجسد فی قدرة البرامج الحاسوبیة على محاکاة القدرات الذهنیة، وخاصة فی القدرة على التعلیم والاستنتاج ورد الفعل، وبالتالی نحن فی حاجة لأنْ تمتلک الموارد البشریة هذه القدرات، وأن تستعین بقدرات الذکاء الاصطناعی فی تحقیق ذلک، ولن یتم ذلک داخل الجامعات المصریة إلا فی وجود إدارة للمعرفة قائمة على جمع کل هذه المعلومات ومحاولة تحلیلها وتفسیرها، والتوصل إلى نوعیة جدیدة من المعرفة وتطبیقها أو تسویقها.

وفی السیاق نفسه فالجامعات فی حاجة إلى ذکاء الأعمال من أجل توظیف کل المعلومات عن منظومة العمل داخل الجامعات، ورسم الطریق للجامعات من خلال هذه المعلومات لتحسین أدائها، ومحاولة مواءمة التنفیذ مع الإستراتیجیة. ثم إنها فی حاجة إلى الذکاء التنافسی الذی یضع أنظمة رصد معلوماتی لکل الجامعات المتنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة؛ وذلک من أجل وضعها أمام متخذی القرار. وأخیرًا فهی فی حاجة إلى الذکاء الإستراتیجی الذی یقوم برسم مسار الجامعات فی المستقبل من خلال رسم الإستراتیجیات التی تجعل جامعاتنا المصریة على القمة باستمرار، واتخاذ القرارات التی تسمح بذلک، ورسم السیاسات التی تفعِّل تحقیق ذلک.

ویتناول الجزء الحالی ماهیة کل منهما من خلال تناول مفهومهما، ثم محاولة الدمج بینهما، وذلک على النحو التالی:  

1-  الذکاء التنافسی للجامعات:

یکمن الذکاء التنافسی للجامعات فی عمل مسح بیئی کامل عن البیئة الداخلیة والخارجیة التی تتواجد فیها الجامعات؛ وذلک من أجل تحلیل وضع جامعاتنا على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة، وأیضًا تحلیل وضع الجامعات الأخرى التنافسی، وأهم الإستراتیجیات التی تتبعها، لذا فالذکاء التنافسى یرکز بدرجة عالیة جدًّا على کم المعلومات التی یجب جمعها سواء داخل منظومة العمل بالجامعات أو المعلومات الخاصة بالبیئة الخارجیة، وأیضًا العمل على معالجتها من أجل توخی الحذر من اللاتأکد الذی یحدث دائمًا فی البیئة التی تزداد تعقیدًا.

وقد عرَّفت جمعیة خبراء المهارة التنافسیة (SCIP) الذکاء التنافسی CI على أنه: برنامج منهجی وأخلاقی لجمع وتحلیل وإدارة أی تولیفة من البیانات والمعلومات والمعرفة فیما یتعلق ببیئة الأعمال التی تعمل فیها المنظمة؛ وذلک حتى تحدد المنظمة المسار الذی تسلکه فی هذه البیئة التی تعمل بها. وأیضًا سوف تُمنح المنظمة میزة تنافسیة کبیرة، کما تساعد على اتخاذ قرارات سلیمة دورها الأساسی هو الإنذار المبکر الإستراتیجی. (Katja Wolter , 2011, 186) 

حیث إن المنافسین الحالیین والقادمین هم تلک المنظمات التی تعدها المنظمة منافسین فی مجال الأعمال نفسها التی تقوم بها، والذین تتنافس معهم للحصول على حصتهم فی السوق. کما أن الذکاء التنافسی CI له علاقة باکتشاف ما سیفعله منافسو الأعمال قبل قیامهم بذلک. ومن الناحیة الإستراتیجیة، اکتساب المعرفة المسبقة بطرق قانونیة بإستراتیجیات المنافسین وتخطیط إستراتیجیة الأعمال الخاصة بها لمقاومة خططهم. ویشمل ذلک العدید من الأسالیب على مستوى المجموعة التکتیکیة، ولکنه یتطلب أیضًا دمج البنیة التحتیة للمعلومات القائمة وتحلیل المعلومات وتوزیعها، وأخیرًا دعم قرارات العمل على أساس تلک المعلومات وتحلیلها.(Katja Wolter , 2011, 187).

وبالتالی فلا یجب أن تتنظر الجامعات المصریة لتشاهد الإستراتیجیات التی تتبعها العدید من الجامعات الأخرى المنافِسَة للحصول على أعلى عائد ممکن، والوصول إلى القمة فی التصنیفات العالمیة، بل یجب علیها تخصیص إدارة خاصة بالمعلومات التنافسیة تحاول اشتقاق الإستراتیجیات التی سوف تتبعها الجامعات على المستوى الإستراتیجی؛ حتی یتسنى لها توقع السیاسات التی تتبعها من أجل ترجمة هذه الإستراتیجیات، لذا لا بُدَّ من تواجد نظم إنذار مبکر لجامعاتنا المصریة.

لذا فقد عرف الذکاء التنافسی (CI) على أنه "عملیة منظمة وأخلاقیة لحشد وتحلیل وإدارة المعلومات الخارجیة التی یمکن أن تؤثر فی خطط المنظمة وقراراتها وعملیاتها ". کما عرف بأنه "القدرة علی تطویر آلیات تنظیمیة متمیزة کافیة لامتلاک المعلومات الضروریة ونشرها واستخدامها بشکل فاعل لتحقیق التمیز والتکیف مع التحولات السوقیة". کما یعرف بأنه "برنامج رسمی لجمع المعلومات عن منافسی المنظمة". ویعرف بأنه "عملیة تحلیلیة لتحویل البیانات غیر المتکاملة عن المنافس إلى معرفة مفیدة ودقیقة عن مواقعه وأدائه وقدراته وتوجهاته".   (عبد الله العامری، 2011، 23-24)

وقد حدد کلٌّ من فلیشر وبنسوسان Fleisher and Bensoussan (2007) الذکاء التنافسى (CI)  بأنه عملیة تقوم فیها المنظمات بجمع معلومات فعلیة داخل البیئة التنافسیة التی تتواجد فیها حول المنافسین، وحول الإستراتیجیة التی تتبعها کل منها، والوضع السوقی والتنافسی لکلٍّ منها، وذلک من خلال تحلیل الأحداث والبیانات والتصورات فی أنماط تحرک المنظمات فیما یتعلق بالأعمال داخل البیئة التنافسیة، ثم وضع هذه المعلومات أمام المخططین داخل المنظمة ومتخذی القرار، لاتخاذ القرار الأفضل فی ظل المعلومات الدقیقة عن البیئة التنافسیة للمنظمة.  کما یجب أن یکون القائمون على تحلیل البیانات والمعلومات أعضاء بالمنظمة ذوی خبرة؛ وذلک من أجل توظیف مهاراتهم ومعرفتهم وقدراتهم للکشف عن العلاقات، وسعیًا إلى تحقیق درجة أکبر من التنافس بفاعلیة أکبر.  Laura Camilla Seitovirta , 2011,11) ) 

کما ینظر إلى الذکاء التنافسی من وجهة نظر إیتوار Ettorre على أنه: "عملیة الغرض منها التعرف على ما یفعله المنافسون من أجل البقاء دائمًا متقدمًا علیهم، ولن یتم ذلک إلا من خلال جمع معلومات قابلة للتنفیذ حول المنافسین، ومحاولة الاستفادة منها بشکل مثالی فی التخطیط طویل الأجل وقصیر الأجل". کما تناوله کل من تان وأحمد  Tan and Ahmed  على أنه: "هیکل مستمر ومتفاعل للأشخاص والمعدات والإجراءات لجمع المعلومات الخاصة بالمنافسین فی الوقت المناسب وبالدقة الملائمة وتحلیلها وتوزیعها لوضعها أمام متخذی القرار التسویقیِّین لتحسین خططهم للتسویق وتطبیقه ومراقبته". فی حین یتناوله هاستر Huster  على أنه "القدرة على فهم وتحلیل وتقییم البیئة الداخلیة والخارجیة المرتبطة بالعملاء والمنافسین والأسواق والصناعة، واستخدام المعرفة المکتسبة للتخطیط الإستراتیجی على المدى الطویل والقصیر". وبالتالی یرکز التعریف على المحتوى والهدف. (Jean-Pierre Kruger 2010, 50)

ومن ثَمَّ یمکن تعریف الذکاء التنافسی على أنه عملیة منهجیة لاسترجاع المعلومات حول السوق والمنافسین والتکنولوجیات ومحاولة تحلیلها؛ وذلک من أجل فهم حیوی لبیئة المنظمات المنافسة حتى تکون أمام أعین متخذی القرار. کما أن الذکاء التنافسی یکمن فی البیانات الموجهة بشأن المواقع التنافسیة والإستراتیجیات والممارسات، وبالتالی یظهر الذکاء التنافسی فی قدرة متخذی القرار على تحدید التأثیرات المتوقعة فی المنظمة. (Katja Wolter , 2011, 186) 

وبالتالی فالجامعات التی تحتاج إلى البقاء دائمًا على القمة لا بُدَّ لها من تحلیل مستمر للجامعات المنافسة لها على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وبالتالی فالوسیلة التی تساعد على تحقیق ذلک هی رسم هیکل خاص بجمیع المعلومات المطلوبة عن الجامعات المنافسة سواء فی عناصر البیئة الداخلیة التی تعمل بها، أو فی عناصر البیئة الخارجیة المؤثرة فیها بشکل مباشر أو غیر مباشر، ورسم التوقیت الملائم للحصول على هذه المعارف واستثمارها من خلال وضعها أمام المخططین علی جمیع المستویات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة، وذلک من أجل ترجمه ذلک فی إستراتیجیة تسویقیة تسمح بالریادة.  

کما أنه یمکن النظر إلى الذکاء التنافسی (CI) من وجهة نظر فلیشر وبنسوسان Fleisher and Bensoussan على أنه التطور الحادث فی معالجة المدخلات الأولیة للوصول إلى النواتج النهائیة، حیث یبدأ بمجموعة من البیانات الأساسیة الخام المتفرقة، والتی یتم تنظیمها بعد ذلک من قِبَل ممارسی الذکاء التنافسی (CI) لتصبح معلومات، ویظهر الذکاء التنافسی (CI) عندما یتم وضعها فی صیغة مفیدة لاحتیاجات صانع القرار، وبالتالی یتمثل الهدف منه فی اکتشاف الفرص أو التهدیدات بشکل استباقی؛ وذلک للقضاء على أو تقلیل النقاط العمیاء والمخاطر والمفاجآت، وتقلیل وقت رد الفعل إلى تغییرات المنافسین والسوق. والهدف من ذلک هو التأکد من أن صانعی القرار لدیهم معلومات دقیقة وحدیثة عن البیئة التنافسیة للمنظمة وخطة لاستخدام تلک المعلومات.  Laura Camilla Seitovirta , 2011,11) ) 

وفی السیاق نفسه تجب الإشارة إلى أن الذکاء التنافسیCI  یعتمد بدرجة کبیرة على أبحاث السوق، والتی تقوم بالترکیز على المشکلات المرتبطة بالتسویق المربح للمنتجات أو الخدمات التی تقدمها المنظمات. ومن ثَمَّ تعد أبحاث السوق أساسًا للذکاء التنافسی CI الذی یقوم على مجموعة من الاستنتاجات والتوقعات من هذه البیانات والمعلومات التی تم تجمیعها فی أبحاث السوق؛ وذلک من أجل تحدید الموقع التنافسی للمنظمة، لذا فهو یعد قیمة مضافة إلى قمة تطویر الأعمال. (Katja Wolter , 2011, 187) .

ومن المنطلق نفسه فإن الذکاء التنافسی CI یؤدی إلى ذکاء الأعمال BI الذی یعتمد على توسیع نطاق الذکاء التنافسی BI على جمیع وحدات المنظمة وفی جمیع القطاعات، حیث إن BI یعد عملیة تفاعلیة لاستکشاف المعلومات الهیکلیة وتحلیلها لتمییز الاتجاهات أو الأنماط، وبالتالی یتم استخلاص النتائج ومحاولة إحداث التغییر من خلال تبنی إستراتیجیة تنافسیة لوحدات الأعمال فی القطاع الذی تتواجد فیه ضد القوى التنافسیة الخمسة والمتجسدة فی: قوة المستهلکین، وقوة الموردین، وقوة المنافسیین الحالیین، واحتمالیة المنافسین الجدد، والبدائل التی تتواجد فی السوق التی تعمل به المنظمة. ویتم توضیح ذلک بالشکل رقْم (4) (Katja Wolter , 2011, 188)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقْم (4)

العملیات التکراریة للذکاء التنافسی

(Katja Wolter , 2011, 188)

وبانعکاس الشکل رقْم (4) على قطاع التعلیم الجامعی تتضح أهمیة بحوث السوق بالنسبة إلى الجامعات، والتی تکمن فی دراسة العدید من المشکلات الخاصة بتسویق المخرجات الجامعیة من منتجات/خدمات للقطاعات التنمویة بالمجتمع؛ وذلک حتى ترتکز علیها عملیات الذکاء التنافسی CI التی تقوم على القیمة المضافة لکل هذه البیانات والمعلومات التی تم تجمیعها، ثم یؤدی إلى نمط من ذکاء الأعمال BI من أجل محاولة تعمیم کل هذه المعلومات على جمیع الأقسام والتخصصات بالجامعات من أجل عمل مقارنة مرجعیة مع الجامعات المنافسة فی التخصص نفسه؛ حتى یتسنى لنا الوصول إلى إستراتیجیة تنافسیة تحمی الجامعات من تهدیدات القوى التنافسیة الخمسة.

وقد أشارت العدید من الأدبیات إلى تقسیم الذکاء التنافسی إلى أربع فئات واسعة من التحلیل تبعا للطلب من المنظمة، وهی على النحو التالی:  (Jean-Pierre Kruger,2010,55)

الفئة الأولى: التحلیل المخصص الذی یتم تنفیذه فقط عند الطلب أو استجابة لحدث فی السوق، ویحدث لمرة واحدة فقط، بناءً على حاجة أو موضوع معین، ولا یتطلب أی موظف أو قسم رسمی.

الفئة الثانیة: یقوم الفریق المخصص بتنفیذ مشروع ما بإجراء تحلیل على أساس المشروع لفهم تأثیر منافس فی هذا المشروع.

الفئة الثالثة: وهو التحلیل المستمر، والذی یتم إجراؤه بواسطة قسم الاستخبارات التنافسیة الرسمی؛ وذلک بغرض الحصول على إجابات عن احتیاجات استخباراتیة محددة بشکل دقیق من قِبَل صانعی القرار.

الفئة الرابعة: والمتمثل فی إﺟﺮاء ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ وﺷﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﻗﺴﻢ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺴﺘﻤﺮ، واﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت.  ویوفر تقییم البیئة الخارجیة بأکملها مخرجات لهذا التحلیل.

وبتحلیل التعریفات السابقة یتضح ترکیز الذکاء التنافسی (CI) على عملیة جمع المعلومات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة الخاصة بالجامعات سواء على مستوى الموارد البشریة أو الموارد المالیة أو الفیزیقیة أو التشریعات والسیاسات... إلخ، والتی تختص بجامعاتنا والجامعات المنافسة لها؛ وذلک من أجل تقلیل وتخفیف من حدة اللاتأکد التی تتواجد فی البیئة الخاصة بالجامعات.

وتأسیسًا على ما سبق یتضح أن الذکاء التنافسی (CI) یسهم فی تأسیس الخطط الإستراتیجیة التی یجب أن تتبعها الجامعات، ومن ثم وضع الخطط التکتیکیة التی تساعد على تنفیذ الخطط الإستراتیجیة. وبالتالی یتجسد الذکاء التنافسی فی قدرة أصحاب القرار على اتخاذ مجموعة من القرارات على المستویین التکتیکی والتشغیلی تتجاوز الذکاء التنافسی للجامعات الأخرى. وبالتالی فالذکاء التنافسی یسهم بدرجة کبیرة جدًّا فی اتخاذ القرارات الإستراتیجیة للجامعات التی تسهم فی تحسین الوضع التنافسی لها، وینبثق منها القرارات التکتیکیة والتشغیلیة.   

ومن ثمَّ فلا بُدَّ للجامعات المصریة من تصمیم بنى تحلیلیة خاصة وملائمة              لمعالجة المعلومات التی یتم تجمیعها عن جمیع القوى الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والتکنولوجیة... إلخ. وأیضًا المعلومات الخاصة بجمیع المؤسسات التنمویة بالمجتمع المحلی، وأیضًا التخصصات والمجالات التی یوجد فیها فقر بحثی على المستوى العالمی، ویجب الخوض فیه داخل جامعاتنا المصریة؛ وبذلک یتم توفیر جمیع الفرص المتاحة أمام الجامعات ووضعها أمام متخذی القرار.     

2-  مفهوم الذکاء الإستراتیجی للجامعات:

تزداد حاجة الجامعات إلى الذکاء الإستراتیجی فی إدارتها؛ وذلک نظرًا لتعقد البیئة العالمیة، وزیادة حدة المنافسة والصراع بین الجامعات، وصعوبة التنبؤ بالمتغیرات المستقبلیة... إلخ، لذا یحاول الجزء الحالی تحلیل مفهوم الذکاء الإستراتیجی من خلال ثلاثة اتجاهات رئیسة، یتم تناولها على النحو التالی:

یظهر الاتجاه الأول من خلال تحلیل عدد من التعریفات لعل من أهمها تعریف تریغو وزیمرمان الذی تناول الذکاء الإستراتیجی على أنه نظام استخبارات إستراتیجیة یسعى إلى الوصول للمعلومات الإستراتیجیة الکاملة عن البیئة الحالیة والمستقبلیة للمنظمة، وذلک من خلال عملیة مسح شامل للسلوک الإستراتیجی للمنظمة والسلوکیات المتبعة فی بیئة التشغیل الداخلی وفی عملیات التسویق الخارجی، وأیضًا التهدیدات التی تواجه المنظمات فی البیئة المستقبلیة. وبالتالی فالذکاء الإستراتیجی هو نظام رسمی لجمع وتجمیع وفهرسة وتحلیل وتوصیل البیانات للإستراتیجیین حول السلوکیات الناجحة للمنظمة فی البیئة المتوقع أن توجد بها المنظمة فی المستقبل. (Jokull Johannesson , 1994 , 2-3)    

وعرفه دیجنارو Degenaro بأنه "أداة لتوفیر معلومات شاملة عن البیئة الخارجیة لکبار صناع القرار فی الوقت المناسب، وبما یدعم عملیة تطویرهم للإستراتیجیة". کما عرفه Tham&Kim بأنه "توفیر معلومات للمنظمة عن بیئة أعمالها لتضع تصورًا إزاء عملیاتها الراهنة، ثم إدارة التغییر استعددا للمستقبل من خلال تصمیم الإستراتیجیات الملائمة لخلق قیمة للزبون، وتحسین الربحیة فی الأسواق الحالیة".  (عبد الله العامری، 2011، 15-16).  

یتصدى الاتجاه الأول لکون الذکاء الإستراتیجی للجامعات یکمن فی جمع المعلومات الإستراتیجیة من البیئة التی تعمل بها، والتی تکمن فی رصد الفرص المتاحة أمام هذه الجامعات والعمل على اقتناصها من خلال استغلال نقاط القوة التی توجد بالجامعات، وتحلیل التهدیدات التی تواجه الجامعات ومحاولة الاستعداد لمواجهتها من خلال التغلب على جمیع نقاط الضعف التی توجد بالجامعات؛ وذلک من أجل وضع هذه المعلومات أمام متخذی القرار من أجل الاستفادة منها فی صنع القرارات التی یتم وضعها على المستوى الإستراتیجی، حیث یزداد تفعیل قدراتهم على التنبؤ بمستقبل الجامعات، وبالتالی یتم تحقیق متطلبات التخطیط المستقبلی الناجح للجامعات؛ لأنها فی هذه الحالة تکون قادرة على التکیف مع المتغیرات المستقبلیة للبیئة التنافسیة للجامعات التی تزداد یومًا بعد یوم على المستوى العالمی، وتحتاج عددًا من المتطلبات من أهمها محاولة تغییر السیاسات التی تحکم العمل بالجامعات. 

وبالتالی عند تبنی هذا الاتجاه فی الجامعات المصریة یتحقق الذکاء الإستراتیجی لها من خلال ضمان بقائها فی المجتمعات المحلیة والإقلیمیة والعالمیة من خلال تغییر السیاسات التی تضمن بقاءها على الخریطة العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وأیضًا تحقیق درجات عالیة من العائد الاقتصادی لها لیس فی الوقت الحالی فقط بل على مستوى التوجهات المستقبلیة للجامعات فی القرن الحادی والعشرین والبیئة المتغیرة باستمرار.

فی حین یؤکد الاتجاه الثانی التحلیل التنافسی للمنظمات المنافسة، وذلک من خلال محاولة التعرف على جمیع الإستراتیجیات التی یحاول المنافسون اتباعها للحصول على حصة المنظمة وأرباحها فی السوق، حیث تسعى العدید من المنظمات المنافسة إلى تطویر منتجاتها وخدماتها باستمرار لتهدید المنتجات الحالیة للمؤسسات المنافسة لها؛ لذا ظهرت العدید من المصطلحات، مثل: الذکاء التنافسی، وذکاء السوق، والتحلیل التنافسی، ونظم المسح التنافسی... إلخ.

وبالتالی یتمثل الاتجاه الثانی فی تواجد نظم استخبارات إستراتیجیة خاصة بتحلیل السوق التنافسی للمنظمات المنافسة وتحلیل الإستراتیجیات المتبعة لهم، وذلک للاستدلال على العدید من المؤشرات الخاصة بالوضع المستقبلی لهذه المنظمات فی المستقبل، لذا یجب محاولة استیعاب الأهداف المستقبلیة والإستراتیجیة لهم. وبالتالی فهناک فئتان من البیانات تحتاجها المنظمات، تتجسد إحداهما فی البیانات المتعلقة بالتشغیل والسلوک التنافسی للمنظمة، والأخرى المتعلقة بالسلوک الإستراتیجی لها. (Jokull Johannesson , 1994 , 3)

     وتأسیسًا على ما سبق یتضح ترکیز الاتجاه الثانی على أهمیة تحلیل القدرات التنافسیة للجامعات المتنافسة على جمیع المستویات فی التصنیفات العالمیة وتقاریر التنافسیة العالمیة، وأیضًا المقاییس التی تم وضع هذه الجامعات على أساسها فی المقدمة، کما یتم تحلیل الخطط الإستراتیجیة لهذه الجامعات للتعرف على الخریطة الإستراتیجیة لتحرکاتهم فی الوضع الراهن، وأیضًا الأهداف الإستراتیجیة التی یتم وضعها والسعى إلى تحقیقها على المستوى المستقبلی، وقدراتهم التنافسیة على المستوى التدریسی والبحثی والخدمی، ومقومات تواجد مثل هذه القدرات فی جامعاتهم.

وبناء على ما سبق تتضح أهمیة تطبیق هذا الاتجاه فی الجامعات المصریة من أجل تحلیل القدرات التنافسیة للجامعات العالمیة والإقلیمیة التی سبقتها ووضعت نفسها على الخریطة العالمیة. وهناک عدد من الجامعات العربیة مثل الجامعات السعودیة المتمثلة فی جامعة الملک سعود وجامعة الملک عبد العزیز التی حافظت على بقائها فی وضعها التنافسی من خلال تقاریر التنافسیة العالمیة؛ لذا لا بُدَّ من تحلیل هذه الجامعات واقتباس الطرق التی تبنتها للوصول إلى هذا الوضع التنافسی مع الحفاظ على متغیرات البیئة المصریة.

ولا بُدَّ من وضع خریطة لبناء القدرات التنافسیة للجامعات المصریة من خلال تحلیلها للجامعات التنافسیة على المستوى الإقلیمی، وحینما تقع الجامعات المصریة فی مقدمة هذه الجامعات جمیعًا، یتم تحلیل الجامعات العالمیة من خلال الإستراتیجیات التی یتبعونها من أجل الوصول إلى المکانة العالمیة وقدرتها على الارتقاء بالمکانة الاقتصادیة للمجتمعات الی تتواجد بها، حیث إن تقدم الجامعات المصریة یساعد على تحقیق نوع من التقدم الاقتصادی للمجتمع المصری.   

ویرکز الاتجاه الثالث على القیادة التی تتواجد بالمنظمات وقدراتها على اتخاذ القرارات، حیث یعرِّفه ماکوبی Maccoby بأنه ذکاء یجب أن تتسم به قادة المنظمات، حیث یجب توافر عناصر الاستشراف التی تکمن فی: تفکیر النظم، والرؤیة المستقبلیة، والشراکة، والقدرة على تحفیز العاملین. (عبد الله العامری، 2011، 16)

کما یؤکد میلر Miller ولیبوایتز Liebowitz أن الذکاء الإستراتیجی (SI) مصطلح یستخدم لأنشطة الاستخبارات فی سیاق التخطیط الإستراتیجی والإدارة الإستراتیجیة، حیث یتناول الذکاء الإستراتیجی (SI) احتیاجات صانعی القرار رفیعی المستوى للترکیز على الأنشطة الاستباقیة. کما یلاحظ فیتالا Viitala وبیرتمیماکی Pirttimäki قدرة الذکاء الإستراتیجی (SI) على تدعیم الإدارة الإستراتیجیة خاصة من خلال ارتفاع مستوى اتخاذ القرار، وذلک من خلال جمع المعلومات وتحلیلها وتوزیعها، کما تزداد قدرته فی وضع إستراتیجیة مناسبة تلائم الظروف والأعمال للمنظمات من خلال الفهم الحقیقی للواقع. Laura Camilla Seitovirta , 2011,12) ) 

لذا لا بُدَّ من وضع عدد من المعاییر عند اختیار القیادات الإستراتیجیة للجامعات المصریة من أجل المساهمة فی وضع هذه الجامعات على خریطة التنافس العالمی، وبالتالی فالجامعات المصریة فی حاجة إلى تغییر سیاساتها تجاه عدد من الممیزات التنافسیة التی یجب تواجدها، فعلى سبیل المثال لا الحصر: تواجد أعضاء هیئة تدریس أجانب بالجامعات المصریة، وإعارة عدد من أعضاء هیئة التدریس المصریین إلى الخارج، وتبنی العمل بالفِرَق البحثیة، وحل المشکلات المجتمعیة، واستقطاب الطلاب الأجانب للدراسة بجامعاتها... إلخ. وهذه السیاسات فی حاجة إلى نوعیة مختلفة من القیادات على المستوى الإستراتیجی.

وأخیرًا فإن الاتجاه الرابع یلقی الضوء على الهدف من الذکاء الإستراتیجی (SI)، الذی یکمن فی الحفاظ على القدرة التنافسیة للمنظمات فی مواجهة التحدیات والتغیرات المستقبلیة من وجهة نظر سیروف Thierauf. کما یؤکد ماک جوناجل McGonagle أنه یجب أن یکون بمثابة رادار یقوم بتنبیه المنظمات إلى التهدیدات والفرص فی بیئتها الخارجیة، وبالتالی فالهدف من الذکاء الإستراتیجی هو تقدیم الإنذارات المبکرة للمنظمات لتؤثر فی التفکیر الإستراتیجی لها، کما أنه یسهم فی تنفیذ الإستراتیجیة وتعدیلها فی البیئة التنافسیة، کما تزداد قدرته فی تحدید مدى استدامة الإستراتیجیة؛ وذلک من خلال اتخاذ أفضل القرارات الإستراتیجیة لتحقیق أقصى نجاح للمنظمات.  Laura Camilla Seitovirta , 2011,12) )

3-  العلاقة التکاملة بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التناقسی للجامعات:

بتحلیل التعریفات الخاصة بکلٍّ من الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی نجد أن الذکاء التنافسی یعد العمود الفقری للذکاء الإستراتیجی، ولکن الذکاء الإستراتیجی أعم وأشمل من الذکاء التنافسی، حیث یلتقیان فی العدید من النقاط، ویتکاملان فی نقاط أخرى، ونحاول سرد هذه النقاط على النحو التالی:

  • یرکز الذکاء التنافسی على توفیر المعلومات الخاصة بالإستراتیجیات المتبعة للجامعات المنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة ومحاولة تحلیلها، فی حین یرکز الذکاء الإستراتیجی على المعلومات الإستراتیجیة عن البیئة الداخلیة للجامعات والبیئة الخارجیة التی تتواجد فیها، والتحدیات العالمیة التی تؤثر فی طبیعة العمل بالجامعات؛ وذلک من أجل توجیه إنذار مبکر للجامعات عن الوضع الذی تبقى فیه بسیاساتها الحالیة فی الوضع التنافسی مستقبلًا، وبالتالی فالذکاء الإستراتیجی أعم وأشمل من الذکاء التنافسی.
  • یهتم الذکاء التنافسی بوضع المعلومات أمام متخذی القرار لاتخاذ القرارات التشغیلیة للجامعات، بینما یهتم الذکاء الإستراتیجی بوضع المعلومات الإستراتیجیة أمام متخذی القرار لاتخاذ القرارات الإستراتیجیة والتکتیکیة للجامعات، وبالتالی تحدید الوضع المستقبلی للجامعات.   
  • یهتم کلٌّ منهما بالتحلیل على النطاق العالمی والإقلیمی من أجل التعرف على إستراتیجیاتهم وأهدافهم وأدواتهم وتقنیاتهم والرؤیة التی یسعون إلى تحقیقها. 
  • مستوى الذکاء التنافسی للجامعات یعبر عن مستوى الذکاء الإستراتیجی للجامعات، فکلما زادت قوة الذکاء الإستراتیجی یظهر ذلک فی قوة الذکاء التنافسی.

 

4- الاختلافات بین الذکاء الإستراتیجی وغیره من أنواع الذکاء الأخرى: 

     هناک عدد من الاختلافات الجوهریة بین الذکاء الإستراتیجی والتنافسی أو غیره من أنواع الذکاء الأخرى، لعل من أهمها:

  1. المهام والترکیز: حیث یتسم الذکاء الإستراتیجی باتساع المهام، حیث یحاول توفیر فهم الهیکل المؤسسی من خلال فحص المشکلات من أجل وضع الخطط التی تعمل على التطویر الشامل، کما أن الذکاء الإستراتیجی یرکز على فئة معینة مستهدفة، کما أنه یتعامل مع الموضوعات غیر المألوفة بعکس أنواع الذکاء الأخرى مثل الذکاء التکتیکی، أو تکون الموضوعات مألوفة ولکن یتم التحقیق فیها بطریقة أعمق مما هو مطلوب بالضبط مع تحدید جمیع القیود؛ لذا فنحن فی حاجة إلى نوعیة مختلفة من الموارد البشریة بالجامعات لتحقیق الذکاء الإستراتیجی. وتجب الإشارة إلى أن الذکاء الإستراتیجی یخدم الاحتیاجات والاهتمامات المستقبلیة أکثر من أنواع الذکاء الأخرى، فمثلًا یهتم الذکاء التکتیکی بتقدیم نصیحة سریعة لدعم العملیات الجاریة.  (Don McDowell ,2009,21-22)

وفی الإطار نفسه لکی تمتلک الجامعات ذکاء إستراتیجیا فلا بُدَّ من أن یکون ترکیزها على المنظومة بالکامل، وعدم الترکیز على أحد عناصرها فقط، کما یجب أن یکون التطویر شاملًا للموارد البشریة والمالیة والفیزیقیة... إلخ. لذا یجب أن یتم الترکیز على متطلبات عملائها الداخلیین من الطلاب وأعضاء هیئة التدریس والإداریین... إلخ، وعملائها الخارجیین من المؤسسات التنمویة بالمجتمع. 

  1. تخطیط مشروعات البحث الإستراتیجیة: تتسم الخطط الذکیة بقدرتها على تغطیة الوقت، وتوفیر الموارد اللازمة للقیام بمهام الخطة، لکن یتسم الذکاء الإستراتیجی بإدراک المخطط للتعقید الذی سوف یقابله مستقبلًا أثناء تنفیذ الخطط؛ لذا فعلیه التحلیل بطریقة مختلفة لجمیع الموارد المتاحة والممکن إحضارها، وذلک من خلال مشروعات للبحث قائمة على تغطیة جمیع مراحل الخطة الإستراتیجیة حسب الحاجة، کما أنه یمد التخطیط التکتیکی بسرعة التصرف ومرونته عند مواجهة الظروف التشغیلیة المتغیرة بشکل عاجل.  (Don McDowell ,2009,22)

وفی السیاق نفسه فالبیئة التی تعمل بها الجامعات معقدة، وتحتاج إلى عدد من مشروعات البحث الإستراتیجیة التی تحاول توقع التغییرات التی تمر بها الجامعات مستقبلًا، وتحاول توفیر الموارد التی تحتاجها فی هذه البیئة المعقدة، کما أنها تحتاج إلى عدد من المشروعات البحثیة تساعدها على سرعة اتخاذ القرار أثناء حدوث أی تغییر غیر متوقع عند تنفیذ الخطة.

  1. جمع البیانات والمعلومات وتحلیلها وتقییمها: تعد عملیة جمع البیانات والمعلومات   أحد أهم الفروق الجوهریة بین الذکاء الإستراتیجی وغیره من أنواع الذکاء الأخرى، حیثیحتاج الذکاء الإستراتیجی إلى جمع البیانات والمعلومات من جمیع المصادر التی یمکن تخیلها سواء فی الداخل أو الخارج، المتوقعة منها أو غیر المتوقعة، المتعلقة بمدى تحقیق الأهداف المرسومة للمنظمة أو غیر المتعلقة، والمتواجدة داخل المصادر الحکومیة والمصادر غیر الحکومیة... إلخ. فی حین تهتم أنواع الذکاء الأخرى، کالذکاء التکتیکی على سبیل المثال، بالمعلومات المتعلقة بتحدید الهدف فقط لا غیر، لذا نجد ترکیزهم على الأفراد والخطط والقدرات... إلخ، لذا یحتاج المحلل الإستراتیجی إلى قضاء وقت أکبر فی تحلیل البیانات لتناسب فئات المعلومات، ویحتاج أیظًا إلى رؤیة معینة عند التحلیل تعتمد على تخیل کل ما هو ممکن وغیر ممکن، حتى فی حالة توافر دلیل إحصائی أو موضوعی، کما یحتاج الذکاء الاستراتیجی إلى أسالیب مختلفة فی تقییم البیانات؛ وذلک  نظرًا للکم الهائل من البیانات التی تقع أمام المحلل، والتی لا تستطیع الطرق التقلیدیة التعامل معها. (Don McDowell ,2009,22)

لذا یجب على الجامعات الاستعانة بخبراء قادرین على تحدید جمیع البیانات التی یتم جمعها، وألا یتم الاقتصار على البیانات الخاصة بالجامعات فقط، بل یجب جمع البیانات والمعلومات التی قد تؤثر فی الأداء الجامعی سواء بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة، حیث إن کل ما یحدث فی المجتمع العالمی والإقلیمی والمحلی یؤثر بطریقة ما فی أداء الجامعات؛ لذا نحن فی حاجة إلى عدد من الأسالیب والتقنیات الإستراتیجیة لتحقیق متطلبات الذکاء الإستراتیجی.

  1. وضع الفروض الإستراتیجیة: حیث یحتم علینا الذکاء الإستراتیجی اتباع المنهج العلمی من حیث محاولة الاستفادة من کم البیانات التی تم جمعها عن الجامعات، إذ یجب وضع مجموعة من الفروض الإستراتیجیة التی تحدد مسار الجامعات فی البیئة التنافسیة من خلال الموارد المتاحة لها، وحاجة المؤسسات التنمویة إلى الجامعات، فکلما تم التوسع فی جمع البیانات تم وضع عدد أکبر من الفروض التی تحدد المسار الإستراتیجی للجامعات، حتى یتم ترجمتها والتحرک فی المسار الإستراتیجی الصحیح.   
  2. الإعلان عن نتائج البحوث الإستراتیجیة: فالمنظمات التی تمتلک ذکاء إستراتیجیا تقوم بالإعلان المستمر عن النتائج المترتبة على تطبیق الإستراتیجیة بشکل مستمر، کما أُنه یُعرض بطریقة تفصیلیة بعکس نظم الإبلاغ الأخرى، فقد یکتفی الذکاء التکتیکی بالإبلاغ الشفهی فقط للقادة، وذلک بغرض إحاطتهم بکل ما یحدث من أجل محاولة تقدیم النصائح، فی حین یرکز الذکاء الإستراتیجی على التفاصیل وتحویلها إلى عدد من التقاریر لتغطیة عدد من المسائل المتعلقة بذلک. (Don McDowell ,2009,23)

 

وبالتالی لا بُدَّ من تحویل جمیع البیانات المتعلقة بالجامعات إلى تقاریر خاصة، وأن تکون هناک إصدارات خاصة بالجامعات تتضمن جمیع الموارد الخاصة بها، والعملیات التی تتم بداخها للتوصل إلى المخرجات النهائیة ؛ حتى یتحتم علی المخططین الإستراتیجیین تغییر المسار الإستراتیجی للجامعات. کما تجب أیضًا المقارنة بین تقاریر الجامعات المختلفة، والحصول على التقاریر الخاصة بأفضل الممارسات داخل الجامعات التی حققت أفضل مخرجات ممکنة. 

ویوضح الجدول رقْم (3) مجموعة من الفروق بین الذکاء الإستراتیجی والتکتیکی  والتشغیلی (العملیات) على النحو التالی:

جدول رقْم (3)

الفرق بین الذکاء الإستراتیجی والتکتیکی والتشغیلی

المستوى

التوصیف

تحلیل الذکاء الإستراتیجی (SIA)

یعد بمثابة إطار لمستویات القرارات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة، کما یراقب القضایا التی لها تأثیرات طویلة الأجل والتی یتم اتخاذها بشکل متکرر، ویصعب عکسها، ومواردها المکثفة، وبعیدة المدى بطبیعتها. کما أنه مهتم أیضا بتحدید المواقع التنافسیة.

تحلیل الذکاء التکتیکی  (TIA)

یعمل کحلقة بین التحلیل على المستوى الکلی والجزئی، مع الترکیز على القضایا الفردیة والمحددة. وتعمل TIA على المستوى الوظیفی، وتدعم القرار.

تحلیل الذکاء التشغیلی (OIA)

مما یجعل ذلک أقل انتشارًا من اتخاذ القرارات الإستراتیجیة. إنه ینطوی على صیاغة السیاسات وتنفیذها. ویدعم اتخاذ القرارات الیومیة التی تؤثر فی المنظمة لفترات زمنیة قصیرة.

Source : Laura Camilla Seitovirta , 2011,16   

وبتحلیل الجدول رقْم (3) یتضح أن الجامعات المصریة تفتقر إلى تواجد الذکاء الإستراتیجی والتکتیکی والتشغیلی، وبالتالی فنحن فی حاجة إلى عدد من القرارات الإستراتیجیة للمجلس الأعلى للجامعات یکون بها نوع من الذکاء الإستراتیجی، وهذه القرارات تکون خاصة بالقضایا الجامعیة، مثل: سیاسات القبول، والتمویل، والإدارة الجامعیة... إلخ؛ وذلک من أجل الارتقاء بالأداء التدریسی والبحثی والخدمی على المدى البعید، کما تجب المراقبة المستمرة لسیاسات الجامعات العالمیة المتقدمة فی التصنیفات العالمیة.

کما أن الجامعات المصریة تحتاج أیضًا إلى نوع من الذکاء التکتیکی فی تحلیل القرارات الإستراتیجیة التی تتخذها؛ وذلک للربط بین تطویر الجامعات على المستوى الکلی من المجلس الأعلى للجامعات، وقدرة کل جامعة على حدة فی الارتقاء بأدءها التدریسی والبحثی والخدمی. کما تحتاج الجامعات إلى الذکاء التشغیلی فی صیاغة وتنفیذ السیاسات التی ترتقی بأداءها على الفترات الزمنیة القصیرة.   

ثانیًا: عملیات الذکاء التنافسی للجامعات:

تشیر العدید من الأدبیات إلى عدد من العملیات التی یجب أن تقوم بها الجامعات حتى تمتلک القدرة على التفوق على منافسیها، وامتلاکها مهارات الذکاء التنافسی، وهذه العملیات یتم توضیحها بالشکل رقْم (5)، الذی یقوم بتوضیح مدى ترابط هذه العملیات وتکاملها؛ وذلک من أجل تحلیل کل منها على حدة، ثم شرح أهمیة تواجد هذه العملیات داخل الجامعات المصریة إن أرادت التنافس على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة.

 

 

 

 

 

شکل رقْم (5)

عملیات الذکاء التنافسی Jean-Pierre Kruger,2010,53))

ویتم تناول کل عملیة على حدة للتعرف على التسلسل المنطقی للعملیات، ومدى تداخل بعض العملیات مع بعضها البعض على النحو التالی:

1-    التخطیط والترکیز:

هو الخطوة الأهم فی العملیة بأکملها؛ إذ یجب على المنظمات من خلال إدارتها تحدید الاحتیاجات أو الموضوعات الرئیسة التی ینبغی ترکیز الذکاء التنافسی علیها، مثل: الآثار الإستراتیجیة والتکتیکیة المترتبة، وما القضایا ذات الأولویة؟ وما القرارات المحددة التی یحاول صانع القرار اتخاذها؟ وما الافتراضات الحالیة؟ وما البیانات التی تستند إلیها؟ وما موثوقیة هذه المصادر؟ وما هی القرارات المحددة التی یحاول صانع السیاسة اتخاذها؟ وبالتالی تحدد هذه العملیة الترکیز الصحیح، وتساعد على إستراتیجیة البحث المقابلة للمصادر المتاحة، وقیود الوقت والمیزانیة، کما أنها تساعد على تحدید جوانب غامضة أکثر من لغز الذکاء.  (Bernardus Johannes Odendaal, 2004,20).

لذا تحاول الإدارة باستمرار تحدید هذه الاحتیاجات وتنقیحها لمحاولة إعلامها بکل ما یحیط بهذه الاحتیاجات والموضوعات من أجل اتخاذ القرارات والمبادرات الإستراتیجیة المرتکزة على هذه الموضوعات، وتقدم هذه العملیة الأولى التوجیه بشأن الموارد اللازمة لإکمال المهمة وتحدید الغرض والنتائج المطلوبة. Jean-Pierre Kruger,2010,54))

ومن الضروری فی هذه المرحلة لکل من المستهلکین ومنتجی الذکاء فهم المهمة المطروحة. وتحدد هذه المرحلة الترکیز الصحیح، وتساعد على تطویر إستراتیجیة البحث المقابلة للمصادر المتاحة، وقیود المیزانیة والوقت. کما أنها ستساعد على تحدید جوانب غامضة أکثر من لغز الذکاء، وهو ما قد یکون تم تجاهله.

وبالتالی فالجامعات المصریة إن أرادت تطبیق نظم الذکاء الإستراتیجی بداخلها، فلا بُدَّ من أن تحاول الإدارة - على جمیع المستویات سواء المجلس الأعلى للجامعات أو داخل کل جامعة على حدة - تحدید احتیاجاتها بصورة مستمرة، وأیضًا تحدید الموضوعات التی قد تؤثر بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة فی الجامعات داخل البیئة التنافسیة العالمیة والإقلیمیة والمحلیة؛ وذلک من أجل تحلیل کل المعلومات الخاصة بهذه الاحتیاجات والموضوعات لوضع خطط لها، یتم تنفیذها من خلال عدد من القرارات والمبادرات الإستراتیجیة المرتکزة على هذه الموضوعات. لذا تسعى هذه المبادرات إلى تحقیق أعلى عائد ممکن بأقل تکلفة وأقل فترة زمنیة ممکنة.

2-    التجمیع:

تتضمن هذه العملیة تجمیع المعلومات الخاصة بالاحتیاجات التی تم تحدیدها فی العملیة الأولى، والموضوعات ذات التأثیر فی عمل المنظمة، وذلک من خلال عدد من المصادر الأولیة والثانویة، من خلال استخدام عدد من التقنیات المتاحة. ولکن یتم ذلک وفقًا لعدد من القیود، مثل: القیود الزمنیة، والمالیة، والتنظیمیة، والإعلامیة، والقانونیة... إلخ، حیث ترکز نظم الذکاء التنافسی الناجحة على هذه المعلومات التی تم جمعها ذات الصلة بالاحتیاجات، وضمن الحدود الأخلاقیة والقانونیة.  Jean-Pierre Kruger,2010,54))

لقد زادت أهمیة المعلومات فی بیئة الأعمال الحدیثة، بل أصبحت المعرفة المورد الأکثر أهمیة، وأصبحت المنظمات لا تستطیع العمل منعزلة عن منافسیها؛ لذا لا بُدَّ من التعرف على إستراتیجیات المنظمات المنافسة، وذلک من خلال المعلومات الحالیة والمحتملة المتعلقة بالمنافسة سواء حصة المنافسین فی السوق أو علاقة النوعیة بالسعر أو حجم المبیعات والإستراتیجیات المتبعة... إلخ. (Edin Kalac et al , 2015 ,27)

وبالتالی یجب أن توفر الجامعات المصریة منظومة معلوماتیة على مستوى المجلس الأعلى للجامعات، وعلى مستوى الکلیات أیضًا. وتحاول هذه المنظومة جمع کل المعلومات المطلوبة عن الجامعات التنافسیة على جمیع المستویات، مستخدمة أفضل الأسالیب والتقنیات فی جمع هذه المعلومات، بشرط عدم تعارضها مع الجوانب الأخلاقیة، وأیضًا تکون فی ظل النظم القانونیة.

 

3-    التحلیل: 

لا بُدَّ من هذه العملیة حتى تستفید المنظمة من الذکاء التنافسی، فهی إضافة قیمة للمعلومات التی تم جمعها وتحویلها إلى معلومات استخباریة قابلة للتنفیذ. ونعنی بتحلیل المعلومات وضعها فی سیاق وتنبؤات معینة، وذلک من خلال الاستنتاجات والتوصیات التی تم الوصول إلیها من خلال أدلة. وتجب الإشارة إلى تواجد أربعة أنواع محددة من المخرجات التحلیلیة، وهی: التحلیل التَّنَبُّئِی، وتحلیل التوجیه، وتحلیل التحلیلات، والتحلیل المتخصص. (Bernardus Johannes Odendaal, 2004,21)

وتشیر العدید من الأدبیات إلى توافر مجموعة واسعة من تقنیات التحلیل تصل إلى أکثر من  2000 تقنیة، منها ما هو على مستوى استخبارات الدولة، ومنها ما هو على مستوى تحلیل الأعمال والأسالیب الاحتکاریة التی طورتها المنظمات لمحاولة تلبیة احتیاجاتها المحددة. وتشمل تقنیات التحلیل ما یلی: (Bernardus Johannes Odendaal, 2004,22)

تقنیات التحلیل واسعة النطاق، وتشمل الفئات العامة التالیة:

• تقنیات التحلیل الإستراتیجی، مثل: تحلیل SWOT.

• تقنیات تحلیل تنافسیة العملاء، مثل: تحلیل Blindspot.

• تقنیات التحلیل البیئی، مثل: تحلیل القضایا، وتحلیل السیناریو، وتحلیل البیئة الکلیة (STEEP و PEST).

• تقنیات التحلیل التطوری، مثل: تحلیل منحنى الخبرة، وتحلیل براءات الاختراع.

• أخیرًا هناک العدید من تقنیات التحلیل المالی المتاحة، مثل: النسبة المالیة، وتحلیل القوائم.

وتؤکد العدید من الأدبیات أهمیة احتواء عملیة التحلیل على ست مراحل تتجسد فی:  جمع البیانات، وتکثیف المعلومات، واستخلاص النتائج، وبناء السیناریوهات، ودراسة الآثار المترتبة على المواقع التنافسیة، واقتراح توصیات للعمل. ویجب أن یتضمن التحلیل اختبار المعلومات، ومصادر الموثوقیة، والدقة، والتوقیت، والاکتمال.  Jean-Pierre Kruger,2010,54))

ووفقا لبیرنهارت Bernhardt)) تکمن قیمة الذکاء القابل للتنفیذ فی حقیقة أنه موجه نحو المستقبل دائمًا، کما یساعد الإدارة على تطویر إستراتیجیات تنافسیة أفضل؛ فیسهل فهما أفضل للتغییر فی البیئة التنافسیة من المنافس، کما أنه یساعد فی تحدید إستراتیجیات وخطط المنافسین الحالیة منها والمستقبلیة. ((Bernardus Johannes Odendaal, 2004,22

وبالتالی فإن الجامعات المصریة تضع المعلومات الخاصة بجمیع الجامعات المنافسة لها على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، والمتعلقة بمعاییر الجودة التی یتم تطبیقها، وطبیعة تأثیر المخرجات الجامعیة فی المجتمع الذی تتواجد فیه، وطبیعة العمل داخل المنظومة الجامعیة، وطبیعة الأبحاث المنجزة وکیفیة تمویلها... إلخ؛ وذلک من أجل إجراء SWOT على هذه المعلومات من أجل وضعها أمام متخذی القرار بالمجلس الأعلى للجامعات لمحاولة اتخاذ القرارات الملائمة التی تضع الجامعات المصریة فی بیئة تنافسیة عالمیة، ویتم رسم السیناریوهات المتوقعة لجامعاتنا المصریة بعد تنفیذ هذه القرارات من أجل دراسة الآثار المترتبة على ذلک.

4-    الاتصالات: 

بعد تحلیل المعلومات فی مرحلة التحلیل والتوصل إلى السیناریوهات والآثار المترتبة واقتراح التوصیات، یتم عرض کل ذلک على الجهات ذات الصلاحیات المناسبة، والتی تمتلک مسئولیة التصرف على أسس من الذکاء، حیث تم توفیر إجابات عن جمیع الحاجات التی تم تحدیدها فی المرحلة الأولى، ولکن یجب أن توُفَّر فی وقت مناسب لاتخاذ الإجراءات الملائمة. Jean-Pierre Kruger,2010,54-55))

وتأسیسًا على جمیع المراحل السابقة تأتی أهمیة هذه المرحلة فی توفیر نظم للاتصال بین القائمین على تحدید الاحتیاجات والقائمین على جمع البیانات والمعلومات والقائمین على تحلیل هذه المعلومات ومتخذی القرار؛ وذلک من أجل تفعیل الذکاء التنافسی لجامعاتنا المصریة. ولکن یجب أن یتم ذلک فی الوقت المخطط له؛ إذ یلعب الوقت دورًا رئیسًا فی أهمیة الاستفادة من المعلومات؛ لأن الحصول على المعلومات فی توقیت غیر ملائم یفقدها قیمتها.

5-    العملیات والبنیة الأساسیة:   

أکَّدت العدید من الأدبیات أهمیة تواجد العدید من السیاسات والإجراءات المناسبة والبنیة التحتیة التی تسمح لجمیع الموارد البشریة بالمنظمة بالمساهمة بفاعلیة فی عملیات الذکاء الإستراتیجی من أجل الحصول على منافع بدرجة أکبر من العملیات نفسها التی قد تتم، ولکن بدرجة أقل. Jean-Pierre Kruger,2010,55))

وبالتالی لا تعد هذه عملیة من العملیات التی لها تسلسل منطقی داخل العملیات، بل تعد داخل کل عملیة منها، حیث لا بُدَّ من توافر البنیة التحتیة للجامعات التی تسمح بتواجد نظم للذکاء التنافسی، وتسمح لجمیع الموارد البشریة العاملة بالجامعات على جمیع المستویات سواء أعضاء هیئة تدریس أو معاونیهم أو إداریین... إلخ بالمشارکة فی جمیع العملیات التی تم ذکرها من قبل للحصول على عائد أکبر من عدم مشارکتهم، حیث إن جمیع نماذج التخطیط الحدیثة تؤکد مشارکة الجمیع فی الحصول على أکبر قدر ممکن من المعلومات.

6-    الوعی التنظیمی والثقافة:    

لن یتم تطبیق الذکاء التنافسی بنجاح إلا فی وجود ثقافة تنظیمیة ذات درجة کبیرة من الوعی بأهمیة العملیات السابقة، وفی الوقت نفسه تکون داعمة لها. وبالتالی لا بُدَّ من توافر البیئة المناسبة التی تسمح بذلک، وتساعد على تحقیق الأهداف المخطط لها، وبالتالی لا بُدَّ من التعلیم المستمر لمفهوم الذکاء ووظیفة عملیة الاستخبارات التنافسیة؛ حتى تصل إلى درجة کونها ثقافة تمیز المنظمة عن غیرها من المنظمات. Jean-Pierre Kruger,2010,55))

وبناء على ما سبق تتضح أهمیة تواجد وعی تنظیمی داخل الجامعات المصریة بالذکاء التنافسی وعملیاته وتقنیاته، ولن یتم ذلک إلا بالتعلیم المستمر للقیادات الجامعیة لمفهوم الذکاء التنافسی، وکیفیة تطبیقه على الجامعات المصریة، ومحاولة توفیر البیئة الملائمة لهذا التطبیق؛ إذ إن الوعی التنظیمی بذلک یساعد على توفیر البیئة الملائمة لنجاح عملیات الذکاء التنافسی، وتکوین ثقافة تنظیمیة بالجامعات تسمح بذلک.

ثالثًا- القضایا الأخلاقیة والقانونیة المتعلقة بالذکاء التنافسی CI والإستراتیجی SI للجامعات:

تعد القیم أحد أهم العوامل الحاکمة لنجاح الأعمال داخل المنظمات بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة، حیث یظن البعض بعدم وجود جوانب أخلاقیة لعملیة جمع المعلومات اللازمة سواء فی الذکاء التنافسی أو الإستراتیجی، ولکن على العکس تمامًا هناک أُطر حاکمة للعمل بهذه المرحلة، فجمع المعلومات لا یعنی التجسس أو سرقة المعلومات بکل الوسائل، بل هناک العدید من الأطر الحاکمة لذلک، والتی تتمثل فی حقوق الملکیة الفکریة. 

وهناک عدد من المعاییر الأخلاقیة والقانونیة التی یجب أن تتبعها المنظمات، وقد حددتها لجنة SCIP باعتبارها المنظمة الرئیسة لمحترفی الذکاء التنافسی CI والإستراتیجی SI على النحو التالی:  (Bernardus Johannes Odendaal, 2004,17-18)

  • السعی باستمرار إلى زیادة الاعتراف واحترام المهنة.
  • الامتثال لجمیع القوانین المعمول بها على المستوى المحلی والدولی.
  • الکشف بدقة عن جمیع المعلومات ذات الصلة، بما فی ذلک هویة الشخص والتنظیم قبل جمیع المقابلات.
  • الاحترام الکامل لجمیع طلبات سریة المعلومات.
  • تجنب تضارب المصالح فی الوفاء بالواجبات.
  • تقدیم توصیات واستنتاجات صادقة وواقعیة فی تنفیذ الواجبات.
  • ﺗﻌزﯾز ﻣدوﻧﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺎت ھذه ﺿﻣن ﺷرﮐﺗﮭﺎ، ﻣﻊ ﻣﻘﺎوﻟﯾن ﺧﺎرﺟﯾﯾن وﺿﻣن اﻟﻣﮭﻧﺔ ﺑﺄﮐﻣﻟﮭﺎ.
  • اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺼﺎدق ﺑﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺸﺮکة وأهداﻓﻬﺎ وﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ.

     وتأسیسًا على ما سبق تتضح أهمیة الجوانب الأخلاقیة والقانونیة فی جمع المعلومات عن الجامعات المنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وأن یکون هناک احترام کامل لسریة کل المعلومات التی تم جمعها، وأهمیة الکشف عن هویة المعلومات التی تم جمعها عن کل الجامعات المنافسة، والإعلان عن الإستراتیجیات والخطط التی تم الحصول علیها من المنافسین.

رابعًا: أهداف تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی CI والإستراتیجی SI للجامعات: 

هناک عدد من الأهداف التی یمکن تحقیقها من خلال تواجد نظم للجامعات بصفة عامة والجامعات المصریة بصفة خاصة تسعى إلى تحقیق نوع من التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی، إذ یتقاطعان فی العدید من الأهداف، بل من الممکن أن یکون التقاطع فی جمیع الأهداف، حیث یعتمد کلاهما على المعلومات التی یتم جمعها سواء على مستوى الجامعات المنافسه فی الذکاء التنافسی أو على مستوى البیئة الداخلیة والخارجیة التی تتواجد بها الجامعات فی الذکاء الإستراتیجی، ولعل من أهم هذه الأهداف ما یلی:

1-   جمع المعلومات التی تحتاجها القیادات الجامعیة فی اتخاذ القرارات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة، حیث إنه لا بُدَّ من تحدید نقاط القوة التی تتواجد داخل المنظومة الجامعیة، وأیضًا نقاط الضعف التی تهدد کیانها، والفرص المتاحة من أجل استغلالها، والتهدیدات التی تواجهها مستقبلًا ویجب تجنبها. لذا یساعد الذکاء الإستراتیجی والتنافسی على إحداث إنذار مبکر للجامعات عن الفرص المتاحة أمامها، والتهدیدات التی تواجهها وتعوق عملها. 

2-   عرض المعلومات التی تم جمعها عن کل ما یخص البیئة الداخلیة للجامعات والبیئة الخارجیة المحیطة بها والمؤثرة فیها على الأجل الطویل بطریقة تساعد متخذی القرار على إدراک خطورة الوضع المستقبلی، ومحاولة اتخاذ القرارات التی یتفادى بها ذلک الوضع المتوقع للجامعات.

3-   اتخاذ العدید من القرارات على جمیع المستویات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة فی التوقیت الصحیح والسلیم لها، وتکون هذه القرارات مستندة على حقائق ومعلومات ولیست عشوائیة؛ حیث إن القرارات هی مخرجات المعلومات التی یتم تجمیعها، وذلک من أجل إحداث الفارق بین الوضع الحالی للجامعات والوضع المرغوب تحقیقه والوصول إلیه.

4-   الدرایة المستمرة لقیادات الجامعات بالتغیرات الحادثة فی الجامعات التنافسیة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، إذ أصبحت البیئة المعقدة التی تعمل بها المنظمات بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة سریعة التغیر، وبالتالی فالقیادات فی حاجة مستمرة إلى إدراک هذه التغیرات إن أرادت الاستمرار والتنافس.   

5-   تفسیر المعلومات التی یتم جمعها عن جمیع عناصر البیئة الداخلیة للجامعات، وأیضًا جمیع عناصر البیئة الخارجیة المؤثرة فی عمل الجامعات، وأخیرًا جمیع المعلومات الخاصة بالجامعات المنافسة، إذ إن جمع المعلومات فقط غیر کافٍ لفهم إستراتیجیات المنافسین، بل یجب تواجد نظم داخل الجامعات تعمل على تفسیر هذه المعلومات من أجل استغلالها الاستغلال الأمثل داخل منظومة العمل بالجامعات.  

6-   محاولة رسم صورة هیکلیة للجامعات المنافسة من جمیع الزوایا المختلفة سواء على المستوى الداخلی أو الخارجی، بحیث یتم عمل مقارنة مرجعیة بطریقة مستمرة للجامعات مع الجامعات المنافسة؛ وذلک لإحداث التقییم المستمر، وعمل العدید من المعاییر التی یتم التحرک على أساسها. 

7-   التنبؤ بالمسار الإستراتیجی للجامعات فی البیئة التنافسیة المعقدة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، والتی تتضمن مخرجات منظومة التعلیم قبل الجامعی، وأیضًا المتطلبات المتغیرة للقطاعات التنمویة بالمجتمعات، ومتطلبات الملتحقین بالجامعات المتغیرة مع متغیرات السوق.

8-   خلق ثقافة إستراتیجیة داخل الجامعات تضع المستقبل دائمًا أمام أعینها، وأیضًا خلق ثقافة تنافسیة قائمة على التحلیل المستمر للمنافسین، واحترام الإستراتیجیة المتبعة من خلالهم، وبالتالی فإن هذه الثقافة المؤسسیة تفرض على الجمیع نوعیات مختلفة من العمل داخل الجامعات، وتوجد روح التعاون بطریقة مستمرة، والبحث المستمر عن جمیع المعلومات المتاحة.

9-   ترجمة الذکاء الإستراتیجی والتنافسی إلى إستراتیجیات قابلة للتنفیذ على أرض الواقع، وتکون نتاجا للمخرجات المعلوماتیة التی تم جمعها عن المنافسین والبیئة الداخلیة والخارجیة وتفسیرها وتحلیلها، من أجل الاستفادة منها وتطبیقها، وکذلک خلق نوعیة جدیدة من المعرفة تقود الجامعات إلى وضع حالی ومستقبلی أفضل.

10-    تحقیق التکیف للجامعات مع متغیرات مجتمع القرن الحادی والعشرین، حیث تزداد البیئة العالمیة تعقیدا، ویزداد التنافس بین المؤسسات بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة، وبالتالی لا بُدَّ أن تتکیف الجامعات مع المتغیرات الحالیة والمستقبلیة، مما یتطلب نوعا من التخطیط المستقبلی.

11-    تواجد نظم معلوماتیة داخل الجامعات تقوم برصد کل ما هو جدید فی مجال التدریس والبحث العلمی وخدمة المجتمع؛ وذلک من أجل تحقیق أعلى عائد ممکن على الجامعات، وأیضًا جمیع المعلومات الخاصة بجمیع الجامعات العالمیة والإقلیمیة وخاصة المتقدمة منها من أجل معرفة إستراتیجیاتها.

12-    وضع الجامعات على خریطة التنافس العالمی من خلال سعی الجامعات إلى تحقیق متطلبات الجودة بها، ثم السعی إلى تحقیق التمیز من خلال تبنی نموذج لتحقیق متطلبات هذا التمیز، وبالتالی تقود الجامعات مجتمعاتها إلى تحقیق طفرات إستراتیجیة فی الاقتصاد، وبالتالی تدخل مجتمعاتها تنافس مجتمع المعرفة.

13-         تغییر القناعات لدى القیادات العلیا لتغییر المعاییر التی یتم على أساسها تعیین القیادات بالجامعات من أجل تحقیق نوع من المواءمة بین أنماط القیادات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة على مستوى الجامعات والقرارات على جمیع المستویات الإستراتیجیة والتکتیکیة والتشغیلیة.

14-    تغییر السیاسات داخل الجامعات، حیث یجب تبنی سیاسات إبداعیة تعمل على الوصول إلى عدد من براءات الاختراع على المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة من أجل التغلب على جمیع المشکلات المجتمعیة، وزیادة الطلب على مخرجات الجامعات سواء أکانت بشریة أم بحثیة أم خدمیة.

15-    تبنی إستراتیجیة من إستراتیجیات التنافس سواء القیادة فی التکالیف أو التمیز أو الترکیز، حیث تعتمد کل منها على عدد من الرکائز لا بُدَّ من توافرها، حیث لا بدیل عن تبنی إحداها من أجل تحقیق متطلبات النجاح الإستراتیجی.         

وتأسیسًا على ما سبق، فإن وضع کل هذه الأهداف الإستراتیجیة وما ینبثق عنها من أهداف تکتیکیة وتشغیلیة داخل إستراتیجیة الجامعات المصریة یحقِّق لها النجاح الإستراتیجی، وبالتالی یتم وضع الجامعات المصریة على خریطة التنافس العالمی، وتتصدر الجامعات فی تقریر التنافسیة العالمیة، وأیضًا نجدها فی التصنیفات الدولیة فی وجود جمیع المعاییر والمقاییس التی یتم التقویم على أساسها.

خامسًا: أهمیة تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی CI والذکاء الإستراتیجی SI للجامعات: 

تظهر أهمیة تحقیق التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی للجامعات بصفة عامة والمصریة بصفة خاصة فی إعادة هیکلة نظم التدریس والبحث العلمی بالجامعات من أجل محاولة تقدیم مخرجات تتناسب مع متطلبات القطاعات التنمویة بالمجتمع، ومع متطلبات المجتمع العالمی من خلال تقدیم معرفة فی مجالات متخصصة على مستوى دقیق جدًّا، وبالتالی تزداد القدرة التنافسیة للجامعات نتیجة زیادة الإقبال على مخرجاتها، کما یسعى العدید من الطلاب فی العدید من الدول إلى محاولة الالتحاق بجامعاتنا للحصول على هذه الخدمات التعلیمیة، مما یزید من سمعة جامعاتنا على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة.

وفی الإطار نفسه فإن تحقیق هذا النمط من التکامل یضمن للجامعات البقاء فی المجتمعات؛ حیث إن الجامعات التی تتعرف على إستراتیجیات منافسیها، وتحاول الاستفادة منها تستطیع البقاء أمام التهدیدات التی تواجهها فی المستقبل؛ لأن الجامعات التی تعیش منعزلة عن منافسیها، قد تتعرض للفناء، حیث هناک العدید من المنظمات الأخرى تحاول أن تحل محل الأبحاث التی تنتجها الجامعات، إذ أقامت العدید من المنظمات مراکز بحثیة داخلها من أجل حل العدید من مشکلاتها، وبالتالی یمکنها الاستغناء عن المخرجات البحثیة للجامعات.

وتعود أهمیة التکامل بینهما فی بناء نظام معلومات بالجامعات یقوم بتدعیم الإدارة العلیا بالجامعات والمتجسدة فی رئیس الجامعة، والنوَّاب، أو على مستوى العمداء، والوکلاء، لبناء العدید من القرارات الإستراتیجیة. وأیضًا له أهمیة على المستویات التکتیکیة والتشغیلیة داخل الأقسام فی تبنی عدد من السیاسات التی تدعم تطبیق القرارات، حیث هناک تطور مضطرب للمعلومات والتکنولوجیات والأجهزة والبرامج والأنشطة... إلخ، یجعل هناک صعوبة فی تحقیق جودة المعلومات، وبالتالی یؤدی تحقیق التکامل بینهما إلى امتلاک میزة تنافسیة للجامعات فی الصراع التنافسی الحدیث.  (Edin Kalac et al , 2015 ,27)

کما أن تحقیق التکامل بینهما یؤدی إلى تحقیق نوع من الإبداع على المستویین القریب والبعید؛ حیث إن الذکاء التنافسی یجعل وضع الجامعات الحالی فی المقدمة نتیجة للمحاولات المستمرة والشرسة بین الجامعات المنافسة من خلال استغلال نقاط القوة التی تتمتع بها الجامعات، فی حین أن الذکاء الإستراتیجی یسهم فی استمرار وضع الجامعات فی المقدمة على المدى البعید، حیث لا غنى لأحدهما عن الآخر، فلا یمکن تحقیق وضع إستراتیجی للجامعات فی المقدمة دون مراعاة وضعها الحالی. 

وفی السیاق نفسه تعود أهمیة تحقیق التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والتنافسی فی تطویر إدارة الجامعات المصریة عن طریق اختیار القیادات الإستراتیجیة التی تؤمن بأهمیة العمل الجماعی کأحد أهم عناصر منظومة الابتکار، کما تؤمن بأهمیة تواجد قطاع لمعالجة المعلومات داخل الجامعات، وتؤمن أیصًا بأهمیة تواجد نظم للتخطیط الإستراتیجی، وبالتالی یتم حل المشکلات التی تتواجد بالجامعات بأسلوب علمی ممنهج.

کما یؤدی التکامل بین الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی إلى تحقیق النجاح الإستراتیجی من خلال التشخیص المستمر لأوضاع الجامعات المصریة على الخریطة العالمیة والعربیة والإفریقیة، وإظهار نقاط القوة التی یجب الحفاظ علیها، ومحاولة القضاء على نقاط الضعف التی تظهر بها أو المستمرة منها، وبالتالی تتحقق أهمیة النجاح الإستراتیجی فی التقویم المستمر لأوضاع جامعاتنا المصریة على المستوى الإستراتیجی؛ مما یساعدنا على السیر فی مخططاتنا الإستراتیجیة. 

وبناء على ما سبق تصل جامعاتنا المصریة إلى موقع على الخریطة العالمیة والإقلیمیة والمحلیة یضمن لها الاستمرار والنمو والبقاء، وقراءة التحدیات التی تواجهها فی المستقبل؛ مما یجعلها تتخذ العدید من القرارات تساعد على رسم العدید من المسارات المستقبلیة لجامعاتنا من أجل البقاء. وبالتالی فإن سعی الجامعات إلى الحصول على أعلى عائد ممکن بأقل تکلفة ممکنة وفی أقل فترة زمنیة یجعلها تستمر فی تواجدها عالمیًّا وإقلیمیًّا ومحلیًّا.

وتجب الإشارة إلى أهمیة استخدام إحدى الأسالیب الاقتصادیة التی تحقق الحصول على الجودة المرغوبة مع تخفیض التکالیف لأدنى حد ممکن، ویتم ذلک من خلال محاولة الاستغناء عن عدد من الموارد والأنشطة التی تکون غیر مؤثرة، ومحاولة إلغاء کل ما هو غیر مؤثر فی نجاح العملیة التعلیمیة ویقوم باستنزاف الموارد؛ وذلک من أجل تحسین الأداء المالی وغیر المالی للجامعات، وذلک من خلال تقدیم مخرجات تتناسب مع متطلبات الجودة العالمیة والإقلیمیة والمحلیة سواء على مستوى المخرجات البشریة أو البحثیة أو الخدمیة.

کما تجب الإشارة إلى أهمیة التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق نوع من التکیف لجامعاتنا المصریة مع المتغیرات العالمیة من شدة المنافسة بین الجامعات، والتطورات التکنولوجیة الهائلة، وتغیر الأسالیب المستخدمة فی تقدیم الخدمات... إلخ؛ حیث إن التکیف عملیة نفسیة دینامیکیة مستمرة تحاول من خلالها المنظمات تغییر أسالیبها لمعالجة المواقف الصعبة المختلفة التی تواجهها، ویحتاج ذلک نوعا من المرونة فی التعامل مع البیئة الخارجیة. (عبد الودود الجنابی، 2017،35)

وبناء على ما سبق تتضح أهمیة إحداث هذا التکامل فی تعزیز خط الدفاع الأول لجامعاتنا المصریة تجاه العدید من التهدیدات التی تواجهها فی المستقبل، إذا تم توظیف العملیات الخاصة بکل منها التوظیف الأمثل، حیث أصبحت تقنیات الذکاء الإستراتیجی والتنافسی من أهم أدوات امتلاک میزة تنافسیة إستراتیجیة لجامعاتنا المصریة تحاول بها التواجد بین الجامعات المتنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة.

وبذلک تکون الجامعات قد حققت من خلال التحالفات الإستراتیجیة درجة من النجاح یساعدها على تحقیق النمو المطلوب منها فی بیئة متغیرة باستمرار، وتحقیق مستوى عال من الأداء على مستوى الموارد البشریة والفیزیقیة والمعلوماتیة... إلخ. ویظهر ذلک من خلال عدد من المؤشرات تکمن فی حجم الإقبال على خریجی الجامعات، وعدد براءات الإختراع، وإقبال المؤسسات التنمویة على المخرجات البحثیة من الجامعات... إلخ.  

سابعًا: مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات:

هناک عدد من المقومات الأساسیة للذکاء التنافسی على جمیع المستویات البشریة والمالیة والمعلوماتیة... إلخ، وهناک أیضًا عدد من المقومات الأساسیة للذکاء الإستراتیجی تکمن فی الاستشراف، والتفکیر النظمی، والرؤیة، والشراکة، والدافعیة، والحدس، والإبداع، ویتم دمجهما معًا فی هذا المحور للترابط القوی بینهما، حیث إن نجاح کلٍّ منهما یؤثر فی الآخر. وسیتم تناول هذه المقومات علی النحو التالی:

1-   الاستشراف (Foresight): حیث یجب أن تمتلک الجامعات فِرَقًا قادرة على إدراک المستقبل من خلال تحلیلها لجمیع نقاط القوة والضعف فی الجامعات، وقدرتها على رصد الفرص والتهدیدات التی تواجهها، ولن یتم ذلک إلا بخطط إستراتیجیة تقودنا إلى مستقبل أفضل.

2-   تفکیر النظم (System Thinking): فالجامعات یجب أن تمتلک جمیع أنماط التفکیر النظمی، ولا بُدَّ من أن یتم التفکیر بلغة العلاقات بین کافة مکونات النظام التعلیمی والفاعلین الرئیسیین فیه، حیث هناک علاقات اعتماد بین المکونات الداخلیة للنظام التعلیمی بعضها البعض، وبینها وبین البیئة الخارجیة المحیطة بالنظام، وجمیعها علاقات متداخلة ومتشابکة؛ لذا فالتفکیر النظمی ینتقل من الترکیز على الأشیاء إلى الترکیز على العلاقات. (سحر صبری& نعمة زهران، 2012، 24-25)

وبالتالی انتقل التفکیر النظمی من القیاس إلى التخطیط القائم على التصورات، لذا ظهر التفکیر التصوری، ولن یتم تصور العلاقات بین مدخلات النظام التعلیمی بعضها البعض إلا فی سیاق البیئة الخارجیة، وبالتالی ظهر التفکیر السیاقی. ونظرًا لصعوبة التنبؤ بالأحداث المستقبلیة ظهر التفکیر الاحتمالی للتنبؤ بالاحتیاجات المستقبلیة من الموارد وغیرها. وأیضًا نظرًا لصعوبة مجال التربیة ومدى علاقته بالمجالات الأخرى على مستوى الاقتصاد والسیاسة والبیئة...إلخ، ظهر التفکیر التقریبی لتحویل التفکیر النظمی الشبکی إلى نظریة علمیة.  (سحر صبری& نعمة زهران، 2012، 25-26)

وبتحلیل ما سبق تتضح أهمیة التفکیر النظمی للجامعات إن أرادت امتلاک نظم للذکاء الإستراتیجی؛ حیث إننا فی حاجة إلى تحلیل العلاقة بین کافة المدخلات للعملیة التعلیمیة ودراسة العلاقات بینها فی سیاق البیئة الخارجیة التی تتواجد فیها، وذلک لوضعها أمام متخذی القرار، حیث إننا فی حاجة إلى تصور النتائج المترتبة على العلاقات بین کل هذه المدخلات، وذلک لوضع عدد من الاحتمالات للتغیر فی الأحداث المستقبلیة من خلال معرفة تقریبیة للنتائج المترتبة.   

3-   الرؤیة (Vision): من أحد أهم مقومات الذکاء الإستراتیجی؛ إذ یجب على الجامعات الاهتمام برسم صورة ذهنیة لها فی المستقبل، وهذه الصورة یجب أن  تشتمل على جمیع المخرجات المطلوبة من المنظومة الجامعیة لوضع جامعاتنا على الخریطة العالمیة. فهناک حاجة إلى موارد بشریة أکادیمیة بصفات وخصائص تتناسب مع متطلبات التنافسیة على المستوى الإستراتیجی.

کما أن طریقة إعدادهم وتدریبهم للحصول على المخرجات التدریسیة والبحثیة والخدمیة التى تتناسب مع متطلبات وضع جامعاتنا على الخریطة العالمیة. کما أنه أیضًا یجب وضع صورة ذهنیة للموارد المالیة الملائمة لکل هذه المخرجات، وکذلک الموارد الفیزیقیة والمعلوماتیة والتشریعیة... إلخ. کما یتم الاستعانة بخبراء إستراتیجیین فی مجال التدریس، والبحث العلمی، وإدارة الموارد المالیة والبشریة والمعلوماتیة، وبخبراء فی التخطیط الإستراتیجی؛ وذلک لرسم رؤیة إستراتیجیة لجامعاتنا تتناسب مع الموارد والإمکانات المتاحة، وفی الوقت نفسه تعمل على الارتقاء بأداء الجامعات المصریة للمستوى العالمی.    

4-   الشراکة (Partnership): هناک عدد من الدوافع لعقد الجامعات تحالفات إستراتیجیة بدلًا من الاندماج، منها دوافع خاصة بالمجتمع، وأخرى خاصة بالمنتجات/الخدمات التی تقدمها الجامعات، ومنها ما هو خاص بالموارد سواء البشریة أو المادیة أو المعلوماتیة أو الفیزیقیة... إلخ؛ وذلک من أجل تحسین الأداء ورفع الکفاءة دون اللجوء للاندماج. کما أن التحالفات تساعد الجامعات على مواجهة التحدیات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وإشباع حاجات عملائها، والإبداع فی حل المشکلات، والتفوق فی الأداء، کما أن التحالفات تساعد على تحویل التنافس إلى تعاون. (تامر حمدان، 2015، 34-36)

     وبما أن المعرفة أصبحت أهم مصادر التنمیة الاقتصادیة بالمجتمعات، حیث أصبحت التنمیة الاقتصادیة قائمة على تطبیق مخرجات البحث العلمی، وبالتالی أصبحت الموارد البشریة المنتجة للمعرفة من أهم الممیزات التنافسیة، وبما أن الجامعات والمراکز البحثیة أهم مصادر إنتاج المعرفة، فقد زادت الحاجة إلى شراکة الجامعات مع المؤسسات التنمویة بالمجتمعات، وقد ظهرت العدید من النماذج العالمیة التی تقوم على الشراکة بین الجامعات والمؤسسات الانتاجیة والتنمویة، لعل من أهمها: الحاضنات التکنولوجیة، والحدائق التکنولوجیة، وحدائق العلوم، ومراکز التمیز... إلخ.     

5-     الدافعیة (Motivating)من أحد أهم مرتکزات النجاح الإستراتیجی توافر الدافعیة لدى جمیع الموارد البشریة بالجامعات لتحقیق أهدافها الإستراتیجیة التی تسعى إلى تحقیق الرؤیة المتوقعة، لذا لابد من القادة الإستراتیجیین بالجامعات محاولة التحفیز بکل الطرق والوسائل الممکنة سواء عن طریق الإقناع بالعائد من تحقیق الرؤیة أو من خلال معرفة مدى تأثیر الرؤیة فی أداء الجامعات. ومن الممکن أن تکون الدافعیة من خلال الموارد المالیة عند تحقیق الأهداف، فالقائد الإستراتیجی یمتلک العدید من المحفزات التی تتناسب مع طبیعة الموارد البشریة بالجامعات. 

6-   الحدس (Intuition):     یکمن الحدس فی قدرة القادة الإستراتیجیین بالجامعات على تخمین الأحداث التی تمر بها الجامعات فی البیئة التنافسیة، وإدراک المشکلات التی قد تقع بها الجامعات قبل حدوثها، واتخاذ القرارات الملائمة بناء على الخبرات المتراکمة من خلال إدراک عقلی لظروف القرار، کما أنه یکمن فی توقع المخاطر المحیطة من خلال المعلومات المتاحة، وبالتالی محاولة اقتناص الفرص. (تامر حمدان، 2015، 37)

وبالتالی لا بُدَّ من معاییر معینة یجب أن تتوافر عند اختیار القادة الإستراتیجیین للجامعات، مثل: توافر الحدس لدیهم بجمیع المخاطر التی یمر بها المجتمع من الوجود المتردی للجامعات، والقدرة على أن یدرک الفرص ویقتنصها، وبالتالی یجب أن یمتلک القدرة على رسم سیناریوهات مستقبلیة للمشکلات التی تقع فیها الجامعات، وکیفیة مواجهتها من خلال اتخاذ عدد من القرارات التی تساعد على تکیف الجامعات مع التحدیات لمواجهة المشکلات.   

7-   الإبداع (Innovation): لابد أن یکون الإبداع أسلوب حیاة للجامعات فی مجتمع المعرفة، حیث لا بُدَّ أن تعتمد الجامعات على القدرات الخاصة للموارد البشریة بداخلها فی إنتاج أعمال عظیمة بطریقة مستمرة، وبالتالی فالإبداع هو أسلوب حیاة للجامعات فی هذا العصر. إن عملیة الإبداع أیضًا تعد عملیة إداریة لها مجموعة من المراحل یجب أن تمر بها، مثل: اکتشاف المشکلة وتحدیدها وتشخیصها، وجمع البیانات وتحلیلها، ووضع الحلول البدیلة وتقییمها، وتطبیق الحل المختار، والتقویم، والتحقق من صحة الحل. (عبد الرحمن توفیق، 2007)

وتأسیسًا على ما سبق یتضح أن الإبداع شقان، أحدهما یتجسد فی تقدیم الجامعات لعدد من براءات الاختراع أو عدد من المنتجات الجدیدة أو الخدمات الجدیدة، فی حین یتجسد الشق الآخر لعملیة الإبداع فی الإبداع الإداری، والذی یکمن فی تقدیم حلول جدیدة للمشکلات القائمة بالجامعات، والتی تتغیر شکلها مع التغیر الحادث بالمجتمع، ومحاولة تطبیقها من خلال اتخاذ عدد من القرارات التی تسمح بذلک.   

8-   مقومات الذکاء التنافسی: تکمن مقومات الذکاء التنافسی فی ستة مقومات أساسیة، تتمثل أولاها فی تواجد نمط من القیادات الجامعیة یمتلک مهارات الذکاء التنافسی من حیث اتخاذ القرارات الملائمة لذلک. وثانیها تواجد خطة للذکاء التنافسی داخل الجامعات؛ لذا لا بُدَّ من توافر المقوم الثالث المتمثل فی مصادر المعلومات الموثقة عن کل نقاط القوة والضعف للجامعات المنافسة، بینما یتجسد المقوم الرابع فی تحلیل إستراتیجیات الجامعات المنافسة.فى حین یتجسد المقوم الخامس فی تحلیل دافعیة الموارد البشریة، والمقوم السادس یظهر فی تحفیز الموارد البشریة العاملة على جمع المعلومات الدقیقة عن المنافسین. وأخیرًا لا بُدَّ من ترجمة کل ما سبق فی عدد من الأنشطة الرئیسة بالجامعات التی تتضمن الذکاء التنافسی.

وبتحلیل جمیع مقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، تتضح أهمیة تواجد ترابط بینهما؛ لأن استشراف مستقبل الجامعات المصریة یتطلب رؤیة تتفق علیها جمیع الموارد البشریة بها، ولن یتم وضع هذه الرؤیة بطریقة صحیحة إلا بتطبیق التفکیر النظمی بکل أنماطه سواء التفکیر بلغة العلاقات أو التصوری أو الاحتمالی... إلخ. کما أن الرؤیة لا بُدَّ أن تشتمل على إحداث عدد من الشراکات سواء مع الجامعات الأخرى أو مع القطاعات التنمویة بالمجتمع؛ لذا لا بُدَّ من توافر قادة یمتلکون ذکاء على التوقع وإدارک المستقبل، کما یجب أن یمتلکوا القدرة على اتخاذ عدد من القرارات تصحح المسار الحالی، وتستطیع زیادة القدرة على الإبداع من خلال تحفیز جمیع الموارد البشریة بالجامعات، ولن یتحقق نجاح ذلک إلا بوجود تحلیل مستمر لإستراتیجیات للجامعات المنافسة والاستفادة منها فی وضع خطة للذکاء التنافسی تتضمن العدید من الأنشطة التی تقوم بتنفیذها الجامعات من خلال قرارات للقیادات تساعد على تفعیل ذلک.

سابعًا: معوقات تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات: 

هناک العدید من المعوقات التی تواجه الجامعات بصفة عامة والمصریة بصفة خاصة فی تحقیق متطلبات الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی، ولعل من أهمها ما یلی:

1-   معوقات معلوماتیة: حیث هناک العدید من المعوقات المعلوماتیة تقف عائقا أمام نجاح عملیات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، لعل من أهمها الاختیار السیئ لمجموعات الرصد المعلوماتی للبیئة الخارجیة؛ وبالتالی تقوم الخطط على أساس علمی خاطئ سواء فی رصد الفرص المتاحة أمام الجامعات، أو فی رصد التهدیدات التی تواجه الجامعات.

2-   معوقات إداریة: تتنوع المعوقات الإداریة بین ما هو متعلق ببناء الخطط على أسس علمیة غیر صحیحة، سواء فی اختیار فریق التخطیط أو فی عدم التعاون مع القطاعات التنمویة بالمجتمع أو الإنفاق على وضع الخطط الإستراتیجیة... إلخ. وما هو متعلق باختیار القیادات الجامعیة الذی یخضع لعدد من المعاییر لیس من بینها البعد الإستراتیجی. 

3-   معوقات اقتصادیة: لا یوجد رصد موارد مالیة بدرجة تتناسب مع عملیات الذکاء التنافسی والإستراتیجی،؛ إذ یتطلب النمطان موارد مالیة ضخمة تتناسب مع طبیعة عمل کلٍّ منهما، وهذا غیر متوافر فی الجامعات المصریة.   

4-   معوقات بشریة: حیث تفتقر الجامعات المصریة إلى الموارد البشریة ذات الکفاءة العالیة القادرة على تطبیق الذکاء التنافسی والإستراتیجی بها، من حیث المهارات والقدرات المطلوبة لذلک، وأیضًا الإیمان بأهمیة تواجد کلیهما داخل جامعاتنا المصریة من أجل الصعود إلى المستوى العالمی.

5-   معوقات اجتماعیة: تحتفظ العدید من المؤسسات التی تتواجد بالمجتمع المصری بالمعلومات، ولا تحاول الإفصاح عنها حتى للجامعات. کما أن هناک انعزالا بین المؤسسات التنمویة بالمجتمع والجامعات المصریة، فکیف یکون هناک ذکاء تنافسی وإستراتیجی فی هذه البیئة الاجتماعیة؟!

6-   معوقات تشریعیة وسیاسیة: لا توجد سیاسات ملزمة للمؤسسات بتوفیر کل المعلومات وأوجه التعاون المختلفة مع فِرَق الذکاء التنافسی والإستراتیجی بالجامعات المصریة، حیث تعمل الجامعات المصریة فی معزل عن المجتمع لعدم وجود تشریعات وسیاسات ملزمة بذلک.

المبحث الثالث: التحلیل المورفولوجی ودوره فی عملیة النمذجة  

یحاول الجزء الحالی توضیح دور نمذجة التحلیل المورفولوجی فی رسم السیناریوهات المستقبلیة لجامعاتنا المصریة، وذلک عند إجراء العدید من التحالفات الإستراتیجیة مع الجامعات العالمیة والإقلیمیة لتحقیق متطلبات تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی، حیث یحاول توضیح أهمیة التحالفات الإستراتیجیة للجامعات المصریة فی الوقت الراهن، وخاصة فی البیئة التنافسیة المعقدة التی تتواجد بها.

 لذا نحاول تحلیل العدید من النقاط لإدراک دور نمذجة التحلیل المورفولوجی فی بناء السیناریوهات، لعل من أهمها: السیاق التاریخی للحقول المورفولوجیة، والتصدی لماهیة التحلیل المورفولوجی، وأهدافه التی یسعى إلى تحقیقها، وکذلک الأهمیة التی تعود على المؤسسات من تطبیقه، والخطوات الواجب اتباعها عند تطبیق أسلوب التحلیل المورفولوجی على دور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة.

ویتم تناول کل محور منها على النحو التالی :  

أولًا- السیاق التاریخی للحقول المورفولوجیة:

تشیر العدید من الأدبیات إلى أن أصل اقتراح نسخة عامة من التحلیل المورفولوجی یرجع إلى العالم الفیزیائی السویسری الأمریکی فریتز زویکی (1898-1974) الذی استخدمها فی أربعینیات القرن العشرین، حیث تم إدخال التحلیل المورفولوجی لأول مرة فی مجال البیولوجیا، وکان یُستخدم فی تعمیم المنطق الاندماجی للهیکل البیولوجی للهیئات العضویة، ثم اقترح زویکی Zwicky  تحلیلًا مورفولوجیًا عامًا فی أواخر الأربعینیات تم تطبیقه فی مجموعة واسعة من التخصصات العلمیة، بما فی ذلک تخطیط المنتج، والتنبؤ التکنولوجی، والدراسة المستقبلیة، وحل المشکلات الاجتماعیة. وقد أجریت هذه البحوث بشکل عام بطریقة نوعیة، وشدَّد بعض العلماء على القیود المفروضة على الذاتیة والافتقار إلى الإبداع، وکان الانحیاز البشری یعد عنق زجاجة حاسمًا للتعاون الفعال لتطویر المصفوفة المورفولوجیة. (Heeyeul Kwon , 2018,58).

وقد نُفِّذت مورفولوجیات ناجحة فی علم الأحیاء، والجیولوجیا، وعلم النبات، واللغویات، وعلم الفلک؛ لذا رسخ التحلیل المورفولوجی کطریقة لنمذجة العلاقات الهیکلیة بین الأشیاء والظواهر فی عدد من المجالات العلمیة، ویکمن الهدف منه فی تحقیق منظور تخطیطی حول کل الحلول الممکنة لمشکلة واسعة النطاق من خلال مخطط یقوم بتصنیف وفحص المجموعة الکاملة للعلاقات المتضمنة فی مشکلات معقدة متعددة الأبعاد وغیر قابلة للقیاس الکمی. وقد توصل ریتشی  Ritcheyبتعمیم الطریقة فی إطار الأمن القومی إلى عدد من السیناریوهات والإستراتیجیات للسیاسات، وبالتالی فإنه طریقة منظمة للنظر فی العدید من الأمور، وخاصة فی المشکلات المعقدة.  Guy Duczynski , 2018,62))

وبتحلیل الجزء السابق نجد انتشار التحلیل المورفولوجی فی العدید من المجالات، وخلال أنواع مختلفة من المشکلات، فهو لا یقتصر على مجال واحد فقط، کما أنه لا یقتصر على المشکلات العلمیة فقط، بل یتطرق إلى حل المشکلات البسیطة منها والمعقدة، کما أنه استخدم فی مجال الدراسات المستقبلیة، وبالتالی اخترق التحلیل عالم التنبؤ الاستشرافی بمستقبل مشکلة ما فی مجتمع خلال فترات زمنیة مستقبلیة. 

وتجب الإشارة إلى امتلاک فریتز زویکی Fritz Zwicky رائد التحلیل المورفولوجی العدید من المواهب والمعرفة فی مجالات متعددة بما فی ذلک الهندسة والریاضیات والفیزیاء التجریبیة، والأهم من ذلک أنه عالم ریاضیات وفیزیائی، وقد تعلَّم فن التفکیر المجرد، وجلب هذا التفکیر إلى التصمیم الهندسی، وهذا التفکیر التجریدی من حیث الصفات الرمزیة، أو فضاءات التمثیل التصمیمی، أو تولید الحلول من مساحة التمثیل، وقد اقترح طریقة التحلیل المورفولوجی خلال محاضرة فی جامعة أکسفورد 1948م. Tomasz Arciszewski,2018,93) )

ومن المنطلق نفسه لا بُدَّ من توافر مهارات خاصة للباحث المقتحم منهجیة التحلیل المورفولوجی لمعالجة المشکلات؛ لما له من طبیعة خاصة فی تحلیل المشکلة المعقدة لعدد من الأجزاء، ثم محاولة تصنیف هذه الأجزاء فی نموذج یتکون من صفوف رأسیة وأفقیة، ثم محاولة الدمج بین هذه الصفوف لإجراء العدید من المحاولات لحل هذه المشکلة من خلال العدید من المسارات لها، ثم اختیار المسار الأنسب. 

ویوضح الشکل رقْم (6) أول حقل مورفولوجی أنشأه زویکی لاستشراف مستقبل التِّلِسْکوب فی مجال الفیزیاء الفضائیة والتصمیمات الهندسیة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقْم (6)

الحقل المورفولوجی الأصلی لزویکی

(المصدر: محمد سلیم قلاله، 2017، 142)

 

ویتضح من تحلیل الشکل رقْم (6) تجزئة مکونات التلسکوب إلى  A1,A2,A3... إلخ، وأیضًا مسار الضوء فی التلسکوب إلى  B1,B2,B3... إلخ، وأیضًا الطاقة المستخدمة إلى C1,C2, C3... إلخ، وهکذا حتى X1,X2,X3... إلخ. وتم عمل سیناریو کلی کما بالشکل وعدد من السیناریوهات الجزئیة. فعلى سبیل المثال کما موضح بالشکل المکون A1 عندما یکون مسار الضوء کما موضح بالفرض الثانی B2، وفی حالة استهلاک طاقة کالفرض الثانی C2 مع الافتراض الثالث X3.

وبالتالی قدَّم لنا القاعدة الحسابیة التی یمکن بها تقدیم عدد الافتراضات، فمثلا إذا کان هناک نظام یتکون من خمسة مکونات، ولکل مکون منها أربعة افتراضات، فقد نحصل على 1024 تولیفة ممکنة تشکل الحقل المورفولوجی الذی یحصر کل السیناریوهات المحتملة، وهی نتیجة ضرب الافتراضات الأربعة داخل المکونات الخمسة 4×4×4×4)×(4. ولکن من الممکن تقلیصها من خلال استبعاد التولیفات الأقل احتمالًا والإبقاء فقط على الأکثر احتمالا والتی تکون قابلة للتنفیذ، ولکن تظل هناک صعوبة التقلیص فی حالة زیادة افتراضات الحقل المورفولوجی، فمثلًا زیادة افتراض واحد فقط للمکونین الرابع والخامس یجعل الافتراضات تصل إلى 1600 افتراض من ناتج (4×4×4×5×5)، وبالتالی تزداد صعوبة التحکم فی الحقل المورفولوجی إذا کانت المکونات مرتفعة. (محمد سلیم قلاله، 2017، 143)  

ومن الممکن التعرف علی التقلیص المورفولوجی من خلال تحلیل الشکل رقْم (7) الذی یوضح العلاقة بین السیناریوهات الجزئیة والکلیة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقْم (7)

الحقل المورفولوجی للسیناریوهات الکلیة

(المصدر: محمد سلیم قلاله، 2017، 152)

 

     وبتحلیل الشکل رقْم (7) یتضح أنه یمکن تقلیص الحقل المورفولوجی لعدد من السیناریوهات الجزئیة الموضحة بالشکل الأفقی لافتراضات المکونات، حیث تم تجمیعها فی مستوى أفقی واحد. وأیضًا من الممکن الوصول إلى عدد من السیناریوهات الکلیة الناتجة من خلیط من السیناریوهات الجزئیة، فعلى سبیل المثال السیناریو الناتج من الافتراض الأول فی السیناریو الجزئی X1 مع الافتراض الثانی للسیناریو الجزئی X2 والافتراض الثانی للسیناریو الجزئی X3 مع الافتراض الأول للسیناریو الجزئی X4 لتکوین السیناریو الکلی (1,2,2,1).

وتجب الإشارة إلى دور المدرسة الفرنسیة فی تطویر التحلیل المورفولوجی الذی ابتکره زویکی من خلال وسیلتین هما على النحو التالی: (محمد سلیم قلاله، 2017، 151-153) 

الأولی: التطبیق المعلوماتی والمعروف باسم مورفول (Morphol) فی بدایة تسعینیات القرن الماضی، وجرى إعداده بالتعاون بین شرکة (ie3) ومخبر لیبسور (Lipsor) المتخصص فی الاستشراف الإستراتیجی والتنظیم، وساعد هذا البرنامج فی إعداد أبحاث فی أکثر من تخصص سواء فی تطویر التکنولوجیا العسکریة، أو قطاع الاتصالات، أو القطاع الاقتصادی. ومن أهم مزایا البرنامج تقلیص حقل الممکنات بواسطة الحاسوب، والوصول إلى سیناریوهات جزئیة ثم کلیة جرى اعتماد بعضها فی المجال التطبیقی. 

الأخرى: إعداد السیناریوهات من خلال نظام الکلاود (Cloud) أو ما سُمی بـ "السینارین تولز" (Scenaring Tools) منذ سنة 1915، وتعتمد على التحلیل عن بُعد خلال عدد من الباحثین المتواجدین فی أکثر من موقع؛ إذ جرت الاستفادة من خدمات الإنترنت. وهذه المنهجیة الجدیدة فی التحلیل المورفولوجی عبارة عن استخدام فعَّال لوسیلتین متکاملتین جرى ابتکارهما، تسمى الأولى الرادار الاستشرافی (Rader Prospectif)، والأخرى مورفول (Morphol)؛ وذلک من أجل تسهیل التعامل الجماعی مع مکونات النظام المدروس أو متغیراته عبر المراحل التی یمر بها التطبیق.    


ثانیًا- ماهیة التحلیل المورفولوجی:

 تجب الإشارة إلى أن مصطلح مورفولوجی Morphology مأخوذ من الأصل الإغریقی Morphe وهی تعنی دراسة الشکل Shape/Form، وبالتالی فالتحلیل المورفولوجی طریقة مفاهیمیة (غیر محددة کمیًّا)، ویمکن مقارنتها بمجموعة واسعة من أسالیب النمذجة العلمیة الأخرى، مثل: نمذجة دینامیکیات النظام (SDM)، وشبکات بایزیان (BN)، وأشکال مختلفة من الرسوم البیانیة المؤثرة... إلخ. إن جمیع طرق النمذجة تعتمد على الاختلافات بین مجموعة مشترکة من المکونات والخصائص، ویتم تطویرها من خلال نفس العملیة المتکررة التی تتضمن دورات التحلیل والترکیب، وفی الواقع  یمکن أن تکون الاختلافات فی خصائص النمذجة نفسها.  (Tom Ritchey , 2018,81)

وبالتالی یرتکز أسلوب التحلیل المورفولوجی على الدمج بین أسالیب التفکیر الإبداعی، والمتجسدة فی التفکیر الاستقرائی Inductive Thinking وهذا یعنی تبسیط المعرفة الکلیة إلى معرفة جزئیة، ثم التفکیر القیاسی أو الاستدلالی أو الاستنباطی Deductive Thinking الذی یقوم باستقراء المعرفة الکلیة من المعرفة الجزئیة السابقة. ویمکن القول بأن التحلیل المورفولوجی قائم على تبسیط المعقد من خلال تجزئة الکل، ثم تقدم معرفة جدیدة من خلال إعادة ترکیب الأجزاء لتصبح کلًّا جدیدًا، أی أنها قائمة على التحلیل ثم التولیف ثم الترکیب، لتقدم فی النهایة معرفة حدسیة لا تتعارض مع العقل بل تتکامل معه. وبالتالی یعد التفکیر الاستقرائی والاستنباطی العمود الفقری للتحلیل الموفولوجی الذی یحقق متطلبات المنهج النظمی فی التعامل مع القضایا البحثیة. (عثمان محمد غنیم، 2011، 82)

وبالتالی نحن فی حاجة إلى تفکیک جمیع مقومات التحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات، وأیضًا عناصر التفکیر التنافسی والإستراتیجی، ویحتاج ذلک إلى نوع من التفکیر الاستقرائی، ثم یتم وضع هذه العناصر فی نموذج، ومحاولة تطبیق الأسلوب الاستنباطی الذی یعتمد على استنباط المسارات المختلفة للتحالفات فی سبیل تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة.

ویعد التحلیل المورفولوجی من المنظور الهندسی طریقة للحصول على معرفة التصمیم، وإنشاء مساحة تمثیل تصمیم تجریدیة، واستخدام هذه المساحة لتولید حلول تصمیم محتملة بشکل عشوائی، إذن فالتحلیل المورفولوجی طریقة تصمیم مبتکرة لتکوین مفاهیم تصمیمیة جدیدة. وتجب الإشارة إلى زیادة أهمیة هذا التحلیل فی الوقت الحالی عن أربعینیات القرن العشرین؛ نظرًا لاکتشاف علوم الحاسب الآلی، کما ظهرت علوم ناتجة عنها مثل الذکاء الاصطناعی. Tomasz Arciszewski,2018,92) )

وهناک معیاران على الأقل للحصول على الحد الأدنى من تعریف التحلیل المورفولوجی تحلیلًا علمیًّا، أولهما احتواء النموذج على معاملین/متغیرین أو أکثر یمکن أن یدعم مجموعة من الحالات أو القیم، أی ما یُسمّى نطاق المتغیر أو نطاق القیم، کما تشکل أبعاد الفضاء النمذجة المراد تطویرها، ویستخدم مصطلح "المعامل" فی مفهوم "علم الأنظمة" باعتباره واحدًا من مجموعة من العوامل التی تحدد النظام وتحدد سلوکه، بینما یکمن المعیار الآخر فی أن تکون المعاملات/المتغیرات قادرة على إقامة علاقات، على سبیل المثال: سببیة، أو إحصائیة، أو منطقیة، أو مشروطیة، أو معیاریة  بین المعاملات المختلفة، بحیث یکون کل معامل مرتبطا أو مقیدا أو متأثرا بأحد البارامترات الأخرى على الأقل. (Tom Ritchey , 2018,82)

وبتحلیل ما سبق یتضح أن التحلیل المورفولوجی سوف یطرح لنا العدید من المسارات المختلفة لدور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، حیث یتوافر به عدد من المتغیرات سواء فی مقومات التحالفات الإستراتیجیة والذکاء التنافسی وعناصر الذکاء الاستراتیجی؛ لذا سوف یکون هناک طرح لعدد کبیر من المسارات، وعلینا فی ضوء عدد من المعاییر تقلیص هذه المسارات لعدد محدود یمکن تطبیقه على أرض الواقع.

کما یمکن تعریف التحلیل المورفولوجی کأسلوب عام للنمذجة غیر المحددة کمیًّا. وتهدف هذه الطریقة إلى تحدید وهیکلة جمیع الجوانب والحلول الممکنة لمساحات المشکلة غیر القابلة للاختزال والمعقدة، والتی تنطوی فی معظم الحالات على السلوک البشری والخیار السیاسی، وعادة ما تتخلل هذه المشکلات مع العملیات المعیاریة والقضائیة، مما یجعلها أقل وصولًا إلى القیاس الکمی أو النمذجة السببیة؛ لذلک فإن إیجاد حلول لهذه المشکلات یتطلب انفتاحًا لا یمکن المساس به من العقل إلى إمکانیات جدیدة غیر متوقعة. ویصف زویکی نفسه بالفعل الطریقة بأنها "البحث الکلی". (Iver Johansen,2018,118)

وتأسیسًا على ما سبق فإن العملیة المورفولوجیة لا تقدم أی ادعاءات نظریة أو تفسر شرح ظاهرة معینة من حیث العلاقات بین السبب والنتیجة، والمعلومات الوحیدة التی یمکن استخلاصها من العملیة المورفولوجیة هی ما إذا کان الحل المعطى ثابتًا أم لا، أی ما إذا کان یتعلق بشیء قد یکون موجودًا فی العالم الحقیقی. وبالتالی، فإن التحلیل المورفولوجی یمثل أداة هیکلة مشکلة بقدر ما هو وسیلة للتحلیل والنمذجة. (Iver Johansen,2018,119)

فأسلوب التحلیل المورفولوجی غیر کمی بدرجة کبیرة، ولکنه یحتاج إلى درجة من التوافیق بین العناصر المختلفة للنموذج، ولکنها تحتاج الى توظیف العقل بدرجة کبیرة فی توفیر مساحة کافیة لمقومات التحالفات الإستراتیجیة وعناصر الذکاء التنافسی والإستراتیجی؛ وذلک من أجل إیجاد عدد کاف من الحلول تتناسب مع مقومات التطبیق على أرض الواقع، وتحتاج إلى العقل بدرجة أکبر فی توظیف ذلک.

ویجب أن نمیز بین النماذج الثابتة والدینامیکیة بالرغم من اختلاف استخدامها وفقا للسیاقات المختلفة، وثمة اتفاق عام على أن النماذج الدینامیکیة تتمیز بوجود مجالات محددة للمتغیرات بشکل واضح، کما أن الوصلات الارتباطیة بین المتغیرات هی الاتصالات بین المجالات الخاصة بها، وهذا یعنی أن مساحة النمذجة یمکن معالجتها عن طریق واحد أو أکثر من متغیرات النموذج على أنها مستقلة، وتغییر قیمها کمدخلات وتحقیق النتائج على المتغیرات التابعة المتبقیة کمخرجات. وقد شملت النماذج الدینامیکیة: التحلیل المورفولوجی، ونمذجة دینامیکیات النظام (SDM)، وشبکات بایزیان (BN)... إلخ، وتستخدم غالبًا فی العلوم الطبیعیة (Tom Ritchey , 2018,82)

بینما فی النماذج الثابتة، یتم التعامل مع المتغیرات کمربعات سوداء، ویشار فقط إلى بنیة الربط الشاملة (الرسوم)، ولا یمکن الحصول على تقلبات المدخلات والمخرجات الدینامیکیة فی الواقع، وهذا هو السبب فی کثیر من الأحیان أن یشار إلیها على هیئة رسوم بیانیة أو مخططات انسیابیة... إلخ؛ وذلک لکی یظهر التأثیر الکلاسیکی لدینامیکیة النظام (SD)، وغالبًا ما تکون نماذج ثابتة. (Tom Ritchey , 2018,82)

فغالبیة المشکلات التربویة تحتاج إلى العدید من النماذج الدینامیکیة، حیث هناک العدید من المجالات المختلفة للعدید من المتغیرات فی المشکلات التربویة، فهناک مجالات محددة بشکل واضح وصریح للتحالفات الإستراتیجیة بین الجامعات، وأیضًا لعناصر الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات. وبما أننا فی حاجة إلى استخدام التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق الذکاء التنافسی والإستراتیجی، إذن هناک العدید من الوصلات التی تربط بین هذه المتغیرات؛ لذا فالنماذج الدینامیکیة هی الأنسب فی معظم الأحوال للمشکلات التربویة. 

ویستند التحلیل المورفولوجی لزویکی على مبدأ "الانقسام والتکامل"، أی التحلیل والتولیف، ولکن فی سیاق التصمیم الهندسی، یمکن وصف ذلک من خلال سبعة افتراضات أساسیة صیغت هنا بعد تعدیلها وتوسیعها من المفاهیم الأصلیة لزویکی، ویتم عرض کل منها على النحو التالی: Tomasz Arciszewski,2018,93) )

1. اکتساب المعارف المتعلقة بالمشکلة الهندسیة التی یجب معالجتها وتخزینها فیما یسمى   بـ "المربع المورفولوجی"، أو "الحقل المورفولوجی" لزویکی Zwicky، والذی یطلق علیه الیوم أیضًا "morphospace" إذ تمثل هذه المساحة المحظورة لمعرفة مجال المشکلة التی یجب أخذها فی الاعتبار ویتم استخدامها حصریًّا لإنتاج الحلول.

2. یمکن تحلیل کل سمة (مقسَّمة) إلى عدد محدود من الشروط أو الحالات أو القیم المحتملة التی تمثل بدائل محددة ممکنة للسمة المعینة، وجمیع السمات ونطاقات القیمة الخاصة بها تشکل حلولًا "للمشاکل الفرعیة"، وتمثل مجموعة من المعارف حول مفاهیم التصمیم الممکنة.

3- وصف مفهوم تصمیم لنظام هندسی (قد یکون فعلیًّا أو مجردًا) بواسطة عدد محدود من السمات الرمزیة ومزیج فرید من قیمها، حیث تحدد کل سمة رمزیة میزة مختلفة لمفهوم التصمیم من الناحیة المثالیة. وینبغی أن یکون هذا الوصف ضروریًّا وکافیًا لتحدید جمیع المفاهیم المعروفة والتمییز بینها.

4. یجب اعتبار کل مشکلة فرعیة مستقلة عن جمیع المشکلات الفرعیة الأخرى، أی أنه یجب تعلیق علاقاتها مع المشکلات الفرعیة الأخرى مؤقتًا.

5. المجال المورفولوجی الناتج عن ذلک هو "مساحة تمثیل التصمیم الهندسی" للمشکلة.

6. أی حل محتمل للمشکلة برمتها (مفهوم التصمیم) یتم تمثیله بمجموعة من قیم السمات، قیمة واحدة من کل عمود من أعمدة الحقل.

7. یتم إنشاء جمیع الحلول المحتملة للمشکلة بطریقة غیر متحیزة من خلال تولید عشوائی لمجموعات من القیم الرمزیة من جمیع الأعمدة فی الحقل، قیمة واحدة من العمود.

وبتحلیل ما سبق تتضح أهمیة استخدام التحلیل المورفولوجی فی مجال الدراسات التربویة بشکل عام، وفی هذه الدراسة بشکل خاص؛ لما له من قدرة فائقة على تجزئة المشکلات إلى عدد کبیر جدًّا من الأجزاء، ثم محاولة وضع عدد من السمات تحت هذه الأجزاء، ویتم وضعها فی نموذج، یتم على أساسه اختیار عدد من الحلول العشوائیة یتم اختیار أفضلها فی ضوء الظروف والإمکانات المتاحة. 

ثالثًا- أهداف التحلیل المورفولوجی:

هناک العدید من الأهداف التی یسعى التحلیل المورفولوجی إلى تحقیقها عند حل مشکلة ما، والتعرف على أسبابها، أو تناول قضیة بحثیة فی مجال ما، أو المسار المستقبلی لوضع معین عن طریق التنبؤ بعدد من البدائل المستقبلیة، لعل من أهمها ما یلی: Marin Zec&Florian Matthes,2018,168) (Chamim Christopher Pu,1993,2)(

1-   تقسیم المشکلات المعقدة إلى مشکلات فرعیة یمکن النظر فیها بشکل منفصل؛ حتى یتم التعامل من خلال عدد من المشکلات الفرعیة، حیث یتم تحلیل المشکلة إلى عدد من متغیراتها الرئیسة، ثم یتم إنشاء القیم المحتملة داخل کل متغیر.

2-   تولید عدد من الحلول الأولیة للمشکلة من خلال ما یسمى صندوق Zwicky (أی حقل مورفولوجی)، حیث یتم الجمع بین الحلول الجزئیة المختلفة، واستبعاد غیر الملائم للتطبیق العملی.

3-   تقطیع الصورة الخاصة بمشهد ما سواء التعرف على أسباب مشکلة أو تناول المسار المستقبلی لقضیة ما... إلخ إلى عدد کبیر جدًّا من المعلومات. 

4-    الوصف الکمی للهیاکل الهندسیة الناتجة عن تجزئة أسباب المشکلة، حیث یتم وضع کم من السیناریوهات تحت الدراسة لتحدید أیها أنسب ویمکن تطبیقه وفق الظروف المواتیة.

5-   التغییر المنهجی للمحتوى الهندسی لهیکل المشکلة، مع محاولة الحفاظ على الشکل الحقیقی الذی یعبر عن جمیع المعلومات الخاصة بالمشکلة. 

6-   تولید العدید من الأفکار الجدیدة، فکلما زادت الأفکار الجدیدة زادت إمکانیة الحصول على الجودة من خلال وجود أفکار خلاقة فیما بینها، حیث تصنف منهجیات تولید الأفکار إلى مجموعتین أساسیتین هما: بدیهیة، ومنطقیة.

 


رابعًا-  أهمیة التحلیل المورفولوجی:

     ترجع أهمیة التحلیل المورفولوجی إلى تعدد استخداماته فی العدید من المجالات سواء فی صنع العدید من القرارت، أو فی إعداد العدید من البدائل المستقبلیة والسیناریوهات لمشکلة مطروحة، أو فی توقع مستقبلی، أو فی عرض العلاقات المعقدة بصورة شاملة وواضحة... إلخ. وبالتالی یتم تناول کل منها بشیء من التحلیل على النحو التالی:

فالتحلیل المورفولوجی مصدر القوة التی تمتلکها القیادات العلیا فی اتخاذ العدید من القرارات خلال عدد من المشکلات الصعبة المعقدة، حیث لا توجد صیاغة حسابیة واحدة کافیة لدمج جمیع وجهات النظر المختلفة لأصحاب المصلحة حول المشکلة المطروح. فبحوث العملیات تتطلب صیاغة ریاضیة ملائمة ومباشرة للمشکلة، حیث إن المشکلات المعقدة لا تحتوی على حلول صحیحة أو خاطئة، بل یتم البحث عن الحل الأفضل. وبالتالی فالتحلیل المورفولوجی هو النهج الناعم لبنیة المشکلة، وبالتالی یولد نوعا من الاستبصار الإستراتیجی لعدد من الأفکار المتعلقة بالمشکلة؛ وذلک من أجل تعزیز التفاهم المشترک بین جمیع أطراف المصلحة. Marin Zec&Florian Matthes,2018,168) )  

کما أن التحلیل المورفولوجی قادر على وضع عدد کبیر جدًّا من المسارات أو البدائل المستقبلیة للمشکلة المطروحة أو التوقعات المستقبلیة لمجال ما. ویتم الحصول من هذه المسارات على عدد من السیناریوهات تقوم برسم المستقبل. وبالتالی فهو له أهمیة کبیرة جدًّا فی مجال التخطیط والدراسات المستقبلیة سواء فی الجامعات أو فی جمیع المؤسسات بصفة عامة، وبالتالی فهو یحاول التقلیل من المخاطر التی تقابل الجامعات؛ لأنه یتوقعها، ویرسم الطریق للجامعات لمواجهتها.  


رابعا- خطوات التحلیل المورفولوجی:

هناک عدد من الخطوات التی یجب اتباعها عند استخدام التحلیل المورفولوجی فی التعامل مع المشکلات المعقدة أو القضایا البحثیة التی تحتاج مجهودا خاصا. ومن أهم ممیزات هذا الأسلوب أنه من الممکن أن یتعامل معه باحث واحد فقط، ولکنه یحتاج إلى عصف ذهنی لتولید بدائل وحلول عدیدة، ومن الممکن أن یتعامل معه فِرَقُ عَمَلٍ سواء داخل الجامعات ومراکز البحوث أو داخل الوزارات من أجل تولید أکبر عدد ممکن من البدائل الإستراتیجیة للقضیة البحثیة التی تم تناولها أو للمشکلة المعقدة التی تم طرحها لمحاولة تکوین الإبداع فی حلها.

ویوضح الشکل رقْم (8) الخطوات اللازم اتباعها لتوظیف المنهج المورفولوجی فی التعامل مع المشکلات أو القضایا البحثیة؛ وذلک من أجل معرفة الخطوات الواجب اتباعها فی الجهات المختلفة لتطبیق هذا الأسلوب على أرض الواقع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقْم (8)

خطوات أسلوب التحلیل المورفولوجی

( المصدر: إعداد الباحث)

ویتم تناول الخطوات بشیء من التفصیل على النحو التالی:

  • ·        المرحلة الأولی- تحدید المشکلة وصیاغتها:

یکمن الهدف من هذه المرحلة فی إعداد صیاغة مشکلة ابتکاریة معینة، أی تحویل التحدی الابتکاری إلى صیاغة مشکلة بشکل صحیح، ویمکن تفسیر هذه المرحلة أیضًا على أنها عملیة لاکتساب معرفة بمجال المشکلة. وتتکون من أربع خطوات:

الخطوة الأولى- صیاغة التحدی الابتکاری:

فی هذه الخطوة یتم صیاغة ما یجب إنجازه کنتیجة لعملیة الاختراع مثل "تطویر آلة طیران باستخدام الطاقة الشمسیة"، أو "تطویر نظام فرملة للسیارات لا یسخن فی ظروف السباق القصوى". ومن الممکن أن یکون التحدی المبدئی محددًا مسبقًا، أو یمکن صیاغته کنتیجة لمحادثة مع مستثمر، و/أو مع مجموعة من خبراء المجال، أو بعد اختبار ابتکاری أولی... إلخ.

 وهناک عدد من الشروط للتحدی الابتکاری، لعل من أهمها: أن یکون قصیرا یتکون من جملة واحدة لا تزید عن 20 کلمة، وأن یکون مکتوبا بلغة عادیة لا توجد به مصطلحات تقنیة، ولا ینبغی أن تستخدم فیه کلمات قد توحی بحلول محددة. (Tomasz Arciszewski,2018 ,95).

وبالتالی فهذه الخطوة ضروریة إذا کانت هناک حاجة إلى موضوع غیر موجود على الساحة التربویة، ویراد تطبیقه داخلها. ولکن عند تواجد مشکلة تربویة ما ویُراد استخدام التحلیل المورفولوجی فی حلها فلا داعی للخطوة الأولى التی تکمن فی صیاغة التحدی الابتکاری، وبذلک تزداد مرونة هذا الأسلوب فی تطبیق خطواته وفقا لطبیعة المشکلة المطروحة، تتصل بالتنبؤ بالمستقبل، أما حل لمشکلة فی الواقع.


الخطوة الثانیة- تحدید نطاق/مجال المشکلة:

تتناول هذه المرحلة جمع البیانات والمعلومات من أجل اکتساب المعرفة وتمثیلها، حیث یتم الحصول على المعلومات من مختلف الإدارات داخل المؤسسة، حیث یجب النظر فی جمیع المجالات التی تؤثر فی التحدی الابتکاری أو المؤثرة فی المشکلة سواء من مصادر أولیة أو ثانویة؛ وذلک حتى یتم تضمینها فی جدول فی المرحلة التالیة، حیث یکمن الهدف من هذه الخطوة فی تحدید جسم المعرفة الهندسیة؛ لیکون أکثر فائدة فی معالجة التحدی الابتکاری أو معالجة المشکلة المطروحة. (Peter A.Haydo , 2018,149)

مرة أخرى، تتناول المرحلة الأولى البیانات واکتساب المعرفة وتمثیلها. یستخدم التحلیل المورفولوجی هاهنا لأداء المهام الحساسة. یتم الحصول على المعلومات من مختلف الإدارات داخل الشرکة ویتم تنظیمها فی شکل جدول. فی المرحلة الثانیة، تنشئ الدالة الهدف علاقة بین قیم السمات فی الجدول. وقد تم ذلک وفقا لنهج Ritchey لاستخدام التحلیل الصرفی مع وسائل أخرى. یتم تقدیم القیود ویتعرض النموذج لعملیة تحسین، یتم عرض نتائجها فی شکل قیم مخصصة لمتغیرات القرار. وهی تحدد سیناریو الحالة المثلى بکمیات تصنیع ممکنة لکل موقع إنتاج. وتلک التی یمکن أن تنتج وتُسلم بتکلفة أقل ستجذب تخصیصات حجم أکبر للإنتاج أکثر من غیرها.

الخطوة الثالثة- تحدید حدود المشکلة:

تحاول هذه الخطوة عمل أکبر حقل مورفولوجی استعاری من خلال جسم المعرفة لزیادة احتمال الاختراعات، وذلک من أجل تکوین حل وسطی بین الحاجة إلى تحقیق أقصى قدر من الابتکار والحاجة إلى تقلیل الجهود والتکالیف للحد الأدنى. وبالتالی تحاول هذه الخطوة حصر المشکلة واکتساب المعرفة من خلال مجموعة المعارف المتاحة التی یتم استخدامها لتولید مفاهیم التصمیم المختلفة، ویجب استخدام الأسالیب التقلیدیة والحدیثة لاکتساب المعرفة، کما یجب تحلیل براءات الاختراع ذات الصلة بمجال المشکلة. (Tomasz Arciszewski,2018 ,95)

وتأتی أهمیة هذه الخطوة بعد الخطوة الثالثة فی المرحلة الأولى، حیث إنه بعد جمع البیانات والمعلومات المتعلقة بالمشکلة، یجب محاولة تصنیف هذه البیانات والمعلومات وفقًا لحقل مورفولوجی معین، یجمع بین کل البیانات والمعلومات التی تم جمعها حول المشکلة من أجل وضع حدود معینة للمشکلة المطروحة.

الخطوة الرابعة- صیاغة المشکلة:

وتُبنى هذه الخطوة بناء على الخطوتین السابقتین، حیث یتم صیاغة المعلومات التی تم جمعها لتحدید الخصائص الرمزیة والقیم الخاصة بها، وبالتالی سیتم وصف نطاق المشکلة والعدید من المجالات اللاحقة فی حوالی من 200 إلى 300 کلمة کحد أقصى فی عبارات هندسیة بسیطة، علی عکس التحدی الابتکاری یتم وصفه باللغة العادیة. ویجب تحدید العدید من المفاهیم الرئیسة التی ستؤدی فی النهایة إلى العدید من الصفات الرمزیة للحقل المورفولوجی.     (Tomasz Arciszewski,2018 ,95).

وبعد نهایة المرحلة الأولى یجب صیاغة المشکلة المراد حلها، أو التحدی الابتکاری الذی یجب تحقیقه، حیث إن المشکلة أو التحدی الابتکاری هو المخرج النهائی للمرحلة الأولى، حیث إنه بعد هذه الخطوة المهمة ننتقل إلى مرحلة التحلیل، حیث یتم تحلیل المشکلة أو التحدی الابتکاری لعدد من المتغیرات ینبثق عنها مجموعة من القیم داخل هذه المتغیرات، ویتم عرض مرحلة التحلیل من خلال خطواتها الأربعة. 

  • ·        المرحلة الثانیة- التحلیل:

تعد من أهم المراحل فی بناء الحقل المورفولوجی نظرًا لتحویل جسم المعرفة التی تم التوصل إلیه فی المرحلة الأولى إلى عدد من السمات والقیم یتم وضعها فی الحقل المورفولوجی. وتتکون هذه المرحلة من أربع خطوات على النحو التالی:

الخطوة الأولى- تحدید السمات /المعاملات الرمزیة:

تبدأ مرحلة التحلیل بتحدید السمات الرمزیة التی یُطلق علیها المعاملات (المتغیرات)، والتی تمثل "مشکلة الفضاء" الأولیة، حیث إن المتغیرات فی النماذج المورفولوجیة تتکون من متغیرات الفئة المنفصلة، ولا توجد بینها علاقات متریة أو حسابات عدیدة متضمنة، حتى لو کان المتغیر مرتبطا بمقیاس الحجم، مثل الوزن أو شریحة الدخل، فإنه یتم أیضًا معاملته کفئات منفصلة. وخاصیة القیاس المستخدمة فی النمذجة المورفولوجیة هی الترتیب، بینما بعض الأشکال من GMA تسمح باستخدام الاحتمالات أو العلاقات الرقمیة. (Iver Johansen,2018,119)

وهناک خمسة معاییر مستخدمة فی تحدید المتغیرات، أولها: نوع المتغیر (مستمر/منفصلة/غیر محدد). وثانیها: الوصلات بین المتغیرات (موجهة/غیر موجهة). وثالثها: العلاقات بین المتغیرات (مقاسة/غیر محسوبة کمیًّا). ورابعها: العلاقات الحلقیة بین المتغیرات (حلقی/لاحلقی). وأخیرا: نوع العلاقات بین المتغیرات (ریاضیة/احتمالیة/غیر سببیة/شبه سببیة).  (Iver Johansen,2018,119)

 وبالتالی یتم فی هذه الخطوة وضع رموز لمجموعة المتغیرات التی تحکم التحدی الابتکاری، ومن الممکن العمل دون وضع رموز. ویتم وضع المتغیرات فی الجدول مباشرة، وبالتالی لا بُدَّ من التفکیر بشکل جاد مع العدید من ورش العمل فی مجموعة المتغیرات التی تحکم التحدی الابتکاری؛ وذلک من أجل وضع نمذجة للتحدی الابتکاری أو للمشکلة التی یتم البحث لها عن العدید من البدائل والحلول المختلفة.

 

الخطوة الثانیة- تحدید قیم السمات الرمزیة: 

وتتکامل هذه الخطوة مع السابقة، حیث إنه بعد تحدید السمات، کما فی الجدول رقْم (4) والممثلة بالحروف A,B,C,D,E، یتم تحدید نطاقات القیم الخاصة بها، وهی العناصر التی توجد تحت کل سمة کما بالجدول، فمثلا السمة A یوجد تحتها عدد من القیم الخاصة بها والممثلة بالرموز A1,A2,A3,A4، وهکذا باقی السمات. وتستغرق تحدید القیم وقتا أقل من تحدید السمات، ویجب کتابة أسماء السمات الرمزیة على أوراق منفصلة، ثم العمل علیها بترتیب عشوائی؛ حتى لا یکون هناک حُکم سابق لأوانه فیما یتعلق بالقیم الفردیة والعلاقات بین الصفات الرمزیة. وهناک اتجاه هندسی للترکیز على الصفات والقیم المجدیة وتکون "ذات مغزى"، وهناک اتجاه آخر یؤکد أفضلیة تواجد المزید من السمات؛ حتى لا یکون هناک تحیز شخصی تجاه سمة معینة. (Tomasz Arciszewski,2018 ,96)

حیث لا بُدَّ أن تحتوی المتغیرات على مجموعة من القیم بداخلها، والتی تسهم فی بناء النموذج المورفولوجی أو ما یُطلق علیه الحقل المورفولوجی، وبالتالی لا بُدَّ من رصد هذه القیم قبل محاولة بناء الحقل. ومن الممکن استخدام عدد من الرموز فی رصد المتغیرات بالقیم التی تحتویها.

الخطوة الثالثة- بناء الحقل/الصندوق المورفولوجی:  

بعد تحدید السمات الرمزیة للمشکلة والتی یتم وضعها کمعاملات فی صفوف رأسیة، وأیضًا تحدید القیم الخاصة بکل سمة من هذه السمات داخل کل صف، یتم بناء الصندوق المورفولوجی -أو المصفوفة متعددة الأبعاد-  کما بالجدول رقْم (4)، والذی یحتوی على جمیع الحلول المتعلقة بالمشکلة، ویشیر "الحل" فی هذا الصدد إلى الشکل أو التکوین حیث یتم تعیین قیمة واحدة لکل معامل من A إلىE ، وبالتالی یحتوی الصندوق المورفولوجی فی حد ذاته على الحقل المورفولوجی بأکمله للمشکلة المعطاة، وتتضمن مساحة المشکلة کل الحلول التی یمکن بناؤها على أساس مجموعة المعاملات، ومع ذلک فإن مساحة المشکلة تتکون عادة من کمیة کبیرة من "الضوضاء" فی شکل حلول غیر متناسقة أو مستحیلة. (Iver Johansen,2018,118)

 

جدول رقْم (4)

حقل مورفولوجی یتکون من خمس سمات رمزیة (A-E) لأحد التصمیمات الهندسیة

الموصلاتE=

عدد المکونات=D

شکل القسم C=

نوع الجزءB=

المواد A=

لا شیء E1=

D1 = 1

مستطیل=C1

مصمت  = B1

صلب  A1=

لحام E2=

D2 = 2

مربع  = C2

أجوف = B2

خرسانة مسلحةA2=

مسمار ملولب= E3

D3 = 3

دائری  = C3

أخرى = B3

خشب A3=

المسامیر E4=

D4 = 4

C4=   "I"

 

مواد أخرى A4=

لاصق E5=

D5 = >4

"T"   =C5

 

 

أخرى  E6=

 

أخرى C6 =

 

 

Source: (Tomasz Arciszewski,2018 ,93)

وبتحلیل الحقل المورفولوجی نجد أنه یتکون من خمس سمات رمزیة تبدأ من الحرف A وتنتهی بالحرف E، وکل منهما له دلالة داخل الحقل المورفولوجی. ویندرج تحت کل رمز عدد من السمات الممیزة له، وهذه السمات هی المسببة لعدد الحلول الناتجة من هذا الحقل، حیث ینتج عنه 2160 حلًّا، وهی ناتج ضرب السمات التی توجد داخل کل عمود من هذه الأعمدة. أی حاصل ضرب 4×3×6×5×6.

الخطوة الرابعة- التحقق من النتائج:  

بناء على الخطوة السابقة فإنه یستلزم إجراء تحلیل شامل للحقل المورفولوجی بأکمله من أجل تقلیل کمیة هذا الضجیج، ولتحدید مساحة الحل، حیث إن مساحة الحل هی مجموعة فرعیة منقحة من مساحة المشکلة التی تحتوی فقط على حلول تعد متسقة. ویتم تقییم الاتساق فی هذا السیاق على أساس معیارین، أولهما: الاتساق المنطقی، أی: عدم تعارض العلاقات الداخلیة للمفاهیم المعنیة بشکل متبادل. وآخرهما: الاتساق التجریبی، أی: الحل لا یمکن أن یستند إلى افتراضات مستحیلة تجریبیا أو افتراضات غیر محتملة. (Iver Johansen,2018,118)

وبالتالی یتم مسح مساحة الحل المتبقیة ویتم اختیار أفضل الحلول للتطبیق العملی، وذلک حتى فی المجال المورفولوجی الصغیر نسبیا حیث إنه قد یحتوی على عدد کبیر من الحلول النظریة، ویتضح ذلک من خلال حقیقة أن مصفوفة تتکون من ستة سمات/معاملات، لکل منها أربع قیم، فإنها تحتوی على 4096 حلًّا ناتجا عن ضرب 4×4×4×4×4×4. لذا فإن فحص کل واحد من التکوینات فی المصفوفة سیکون مهمة معقدة بشکل لا یمکن التغلب علیه حتى بالنسبة إلى الحقل المورفولوجی الکبیر بشکل معتدل. ولحسن الحظ هناک طریقة حول هذه المشکلة فی معظم المجالات المورفولوجیة، حیث إن هناک العدید من أزواج القیمة التی یمکن تقییمها على أنها غیر متناسقة، سواء على أسس منطقیة بحتة، أو تجریبیة، وبما أن مساحة الحل لا یمکن أن تحتوی على أزواج قیم غیر متناسقة، عادة یمکن إلغاء الغالبیة العظمى من التکوینات فی المجال المورفولوجی من مزید من التحلیل ویتم التخلص من أزواج القیم غیر المتناسقة، ومن ثم، التهیئات غیر المتسقة، باستخدام إجراء یسمى تقییم التناسق المتقاطع. لیس من غیر المعتاد أن تقلل هذه العملیة من المجال المورفولوجی بنسبة تزید عن 90٪. حتى إذا لم یکن الأمر کذلک، وقد یحدث أحیانًا أن تظل مساحة کبیرة من الحلول بعد تحلیل التناسق، سیتم زیادة البنیة والرقابة على المجال المورفولوجی. (Iver Johansen,2018,119)

أی أنه قبل الانتهاء من مرحلة التحلیل یجب التأکد من تحویل جسم المعرفة التی تم جمعها تحویلا صحیحا إلى الحقل، ویجب مشارکة جمیع المختصین فی هذه الخطوة؛ وذلک لأن فشل عملیة التحقق من النتائج قد یؤدی إلى إعاقة عملیة التجمیع، إذ تکشف عملیة التجمیع الکثیر عمَّا قد یلزم لإکمال مرحلة التحلیل، وبالتالی یتم بعد ذلک الانتقال إلى مرحلة التجمیع لتکوین عدد من المسارات المختلفة لحل المشکلة أو لمواجهة التحدی الابتکاری.

  • ·        المرحلة الثالثة- التجمیع: 

یتم فی هذه الخطوة رسم ملامح عدد من المجموعات الناتجة عن الحقل المورفولوجی، وذلک عن طریق تکوین جیل بطریقة عشوائیة وتحلیل الجدوى لکل هذه المجموعات، ویتم ذلک فی خطوتین على النحو التالی: 

الخطوة الأولى- تکوین جیل عشوائی من مفاهیم التصمیم المحتملة: 

وهذه الخطوة هی الأکثر تحفیزًا فی المنهج المورفولوجی؛ حیث یتم تولید التصمیمات المختلفة من السمات الرمزیة داخل الجدول. فمثلًا یتم عمل جیل کالتالی: A1، ​​وB1، وC4، وD1، وE1، أو جیل آخر کالتالی: A2، وB1، وC1، وD1، وE1. ویوضح الجدولان رقْم (5)، ورقْم (6) إحدى هذه المجموعات. ویتم اختیار المجموعات بشکل عشوائی حیت یتم تجنب فرض     التحیز بوعی أو بدون وعی على مجال المشکلة. ولکن هناک خطأ أکثر شیوعًا یتمثل فی صعوبة التغلب على الأفکار المسبقة حول العلاقات بین قیم الأعمدة المجاورة، حیث إن اختیار       القیم سوف یتأثر بذلک؛ لذا یجب البدء فی تقییم هذه العلاقات وجدوى الترکیبات المختلفة.     وثمة طرق مختلفة لتولید المجموعات العشوائیة إمَّا یدویًّا وإما عن طریق دعم الکمبیوتر. (Tomasz Arciszewski,2018 ,97)

وتعد هذه الخطوة نتیجة للعملیة المورفولوجیة، حیث تقدم وصفًا مجردًا لمساحة الحل بالکامل، أی جمیع الحلول الممکنة -أو النماذج- المرتبطة بمشکلة معینة، وبالتالی فإن مساحة الحل ترقى إلى تصنیف أی مشکلة أو ظاهرة معینة متعددة الأبعاد، وبالتالی فإن کل حل -أو تکوین فی المجال المورفولوجی- هو تمثیل ثابت داخلیًّا لظواهر العالم الحقیقی المتشابهة والتی یمکن تجمیعها معًا. (Iver Johansen,2018,119)

 

جدول رقْم (5)

تصمیم مجموعة من الحلول المورفولوجیة

الموصلاتE=

عدد المکونات=D

شکل القسمC=

نوع الجزء B=

المواد A=

لا شیءE1=

D1 = 1

مستطیل=C1

مصمت  = B1

صلب  A1=

لحام E2=

D2 = 2

مربع = C2

أجوف = B2

خرسانة مسلحة A2=

مسمار ملولب= E3

D3 = 3

دائری = C3

أخرى = B3

خشب A3=

المسامیر E4=

D4 = 4

C4= "I"

 

مواد أخرى A4=

لاصق E5=

D5 = >4

"T" =C5

 

 

أخرى E6=

 

أخرى C6 =

 

 

Source: (Tomasz Arciszewski,2018 ,94)

ویتضح من الجدول رقْم (5) أنه تم اختیار مجموعة من الحلول المورفولوجیة للحقل المتکون من خلال تکوین تولیفة من A1 لنوع المادة، وذلک مع B1 لنوع الأجزاء، وC4 لشکل القسم، واختیار D1 لعدد المکونات، وأخیرًا E1 لنوعیة الموصلات المستخدمة بین الأجزاء المختلفة للتصمیم الهندسی. ویمکن اختیار مجموعة أخرى من المجموعات المورفولوجیة کما بالجدول رقْم (6). 

 

جدول رقْم (6)

تصمیم مجموعة من الحلول المورفولوجیة

الموصلاتE=

عدد المکونات=D

شکل القسم C=

نوع الجزء B=

المواد A=

لا شیء E1=

D1 = 1

مستطیل=C1

مصمت  =B1

صلب A1=

لحام E2=

D2 = 2

مربع = C2

أجوف  = B2

خرسانة مسلحة A2=

مسمار ملولب E3=

D3 = 3

دائری = C3

أخری  = B3

خشب A3=

المسامیر E4=

D4 = 4

C4= "I"

 

مواد أخرى A4=

لاصق E5=

D5 = >4

"T" =C5

 

 

أخرى  E6=

 

أخرى C6 =

 

 

Source: (Tomasz Arciszewski,2018 ,94)

 

ویتضح من الجدول رقْم (6) أنه تم اختیار مجموعة من الحلول المورفولوجیة للحقل المتکون من خلال تکوین تولیفة منA2  لنوع المادة، وذلک مع B1 لنوع الأجزاء، وC1 لشکل القسم، واختیار D1 لعدد المکونات، وأخیرًا E1 لنوعیة الموصلات المستخدمة بین الأجزاء المختلفة للتصمیم الهندسی.

الخطوة الثانیة- تحلیل الجدوى:  

یکمن الهدف من تحلیل الجدوى فی القضاء على المزید من النظر فی جمیع تولیفات السمات الرمزیة وقیمها التی قد تعد مستحیلة أو عدیمة الفائدة. وهی عملیة ذاتیة للغایة ویجب تنفیذها بعنایة، ویمکن مقارنتها بتصفیة مفاهیم التصمیم المحتملة من أجل القضاء على مفاهیم غیر مجدیة، حیث إن النتیجة قد تکون طوفانًا لعدد کبیر جدًّا من المجموعات، بما فی ذلک غیر المجدیة. ویجب البحث عن التصمیم الذهبی الذی یمکن تسجیله کبراءة اختراع، ویؤدی إلى تطبیقات هندسیة. وهناک سببان رئیسان لاعتبار مجموعة معینة غیر مجدیة، أولهما: إزالة التولیفات التی تنتهک قوانین الطبیعة. وآخرهما: المجموعات غیر المتناسبة مع الوقت المطلوب أو فی حدود المیزانیة، وقد یتم رفضها؛ لأنها غیر مجدیة. (Tomasz Arciszewski,2018 ,97)

  • ·        المرحلة الرابعة- عرض النتائج:  

ویتم فی هذه الخطوة وضع تقریر مفصل عن النتائج التی تم التوصل إلیها من خلال عملیة مکونة من أربع مراحل تتناول تحدیا ابتکاریا به درجة من التعقید، وذلک على النحو التالی:

الخطوة الأولى- إعداد الملخص التنفیذی:  

یجب أن یکون "الملخص التنفیذی" قصیرًا نسبیًّا من صفحة إلى صفحتین، ویجب أن یقدم وصفًا شاملًا لـ"صیاغة المشکلة"، و"مفاهیم التصمیم الجدیدة". وتتم قراءة التقریر النهائی من قِبَل العدید من الأشخاص، بما فی ذلک صانعو القرار الذین لدیهم خلفیة هندسیة قلیلة أو لا یملکون خلفیة کافیة، ولکنهم قد یکونون مؤثرین للغایة، وهؤلاء الأشخاص قارئون مهمِّون بشکل خاص؛ لأنهم یمکنهم المساعدة فی تحویل مفاهیم التصمیم إلى منتجات. لذلک یجب إعداد "الملخص التنفیذی" بلغة بسیطة واضحة، ویُفضل أن تکون غیر تقنیة، وبدون رسوم کثیرة قد تربک القُرَّاء غیر المهندسین. (Tomasz Arciszewski,2018 ,97).


الخطوة الثانیة- عرض صیاغة المشکلة:   

بعد ذلک یمکن إضافة "صیاغة المشکلة" مرة أخرى حیث إنها قد عرضت فی المرحلة الأولى، ولکن یتم عرض المشکلة بدرجة مفاهیمیة عالیة تختلف عن الفهم المحدود فی بدایة المشکلة، لذا فمن الممکن إعادة صیاغتها وعرضها بعد تحدیثها.

الخطوة الثالثة- عرض مفاهیم التصمیم الجدیدة المختارة:  

ولعل الجزء الأکثر أهمیة فی التقریر النهائی هو القسم الأخیر "مفاهیم التصمیم الجدیدة".  إذ یجب تقسیم هذا إلى ستة أقسام: (Tomasz Arciszewski,2018 ,98)

1. "المجال المورفولوجی".

2. "عملیة تولید الفکرة".

3. "تحلیل الجدوى".

4. "مفاهیم التصمیم الواعد".

5. "مفاهیم التصمیم المفیدة".

6. "مفاهیم التصمیم المثیرة للاهتمام".

یقدم القسم الأول "المجال المورفولوجی" مساحة المشکلة، ویوفر تعریفات محددة        بعنایة للخصائص الرمزیة وقیمها. أما القسم الثانی الخاص بـ"عملیة تولید الفکرة" ینبغی وصف العملیة مع شرح واضح لکیفیة ضمان المجال المورفولوجی بأن تتم العملیة بشکل عشوائی، ویجب أن تکون الاختبارات العشوائیة مفصلة. ویقدم القسم الثالث "تحلیل الجدوى" معاییر الجدوى لمفاهیم التصمیم الجدیدة، ویجب أن یشرح لماذا تم استخدام هذه المعاییر،           ویمکن أیضا تضمین وصف موجز لتحلیل الحساسیة، إذا تم إجراء مثل هذه التحلیلات.   (Tomasz Arciszewski,2018 ,98)

کما یجب أن تقدم الأقسام: الرابع، والخامس، والسادس المفاهیم التی یعدها علم المورفولوجی مفهومة وواعدة ومثیرة للاهتمام على التوالی، وذلک من حیث جودتها وإمکانیة تصنیعها أو قابلیتها للبناء، ویجب أن تکون المفاهیم الواعدة ثلاثة على الأکثر، کما یجب أن تقدم من ثلاثة إلى خمسة من مفاهیم التصمیم المفیدة، حیث تستحق مزیدًا من التقصی ولکنها أقل روایة من المفاهیم من المجموعة السابقة. وأخیرًا، یمکن أن تشتمل على مفاهیم التصمیم المثیرة للاهتمام بحیث لا تزید عن خمسة، وقد لا تکون مجدیة فی الوقت الحالی ولکنها تنطوی على إمکانیة إلهام المخترعین فی وقت لاحق، ویمکن أن یتضمن هذا القسم أیضًا مفاهیم یجب أن تنتظر المزید من التقدم فی التقنیة قبل أن تصبح مجدیة.  (Tomasz Arciszewski,2018 ,98)

وهناک العدید من الأدبیات التی تناولت خطوات تطبیق المنهج المورفولوجی بشکل مختصر، وذلک من خلال تناول الأساس المنهجی الکامل الذی بُنی علیه والمتضمن فی مفهوم الانقسام والتکامل، حیث یستند إلى تقسیم المشکلة إلى وحدات صغیرة وتقدیمها فی جدول، وذلک من خلال الخطوات التالیة: (Peter A.Haydo , 2018,148):

1. یستخدم نهج عالم مغلق لاکتساب معرفة المجال وتخزینه فی الجداول المورفولوجیة.

2. یتم وصف مفهوم التصمیم لنظام هندسی بواسطة عدد محدود من الصفات الرمزیة وقیمها.

3. تحدد کل سمة رمزیة سمة مجردة مختلفة لمفهوم التصمیم للنظام الهندسی المستقبلی.

4. أی مشکلة معقدة یمکن تقسیمها إلى عدد محدود من المشکلات الفرعیة الأولیة التی لا یمکن تقسیمها إلى أبعد من ذلک.

5. یجب اعتبار کل مشکلة فرعیة مستقلة عن المشکلات الفرعیة المتبقیة وتعلیق علاقاتها.

6. یمکن تمثیل جمیع المشکلات الفرعیة (وحلولها) بشکل منهجی فی جدول واحد یتکون من عدد من الصفوف والأعمدة.

7. یعد کل صف فی الجدول مستقلا بشکل مؤقت عن جمیع الصفوف الأخرى.

8. یرمز کل صف فی الجدول إلى مشکلة فرعیة أولیة ممثلة بسمة رمزیة وعدد من القیم الممکنة.

وترتبط الافتراضات 9 و 10 بالعملیة العکسیة والمتضمنة لعملیة الدمج وإعادة الحلول:

9. یتم تمثیل أی حل محتمل من خلال سلسلة من قیم السمات من جمیع الصفوف فی الجدول.

10. یؤدی التولید العشوائی إلى مجموعات قیم السمات إلى حل محتمل غیر متحیز.

المبحث الرابع: إجراءات الدراسة المیدانیة ونتائجها 

یحاول الجزء الحالی التعرف على قدرة التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة، وذلک من خلال تحلیل آراء عینة الدراسة فی ذلک، وأیضًا اختبار فروض الدراسة؛ وذلک من أجل الوصول إلى العدید من النتائج التی تساعد الدراسة فی التحلیل المورفولوجی لمتغیراتها، وبناء العدید من السیناریوهات التی تسهم فی تحقیق ذلک.

أولًا- مجتمع الدراسة:

تکوَّن مجتمع الدراسة من أعضاء هیئة التدریس بجامعة عین شمس باعتبارها إحدى الجامعات الحکومیة بالمجتمع المصری بما تحتویه من کلیات تطبیقیة وإنسانیة، وذلک کمحاولة لتعمیم النتائج من الدراسة على الجامعات المصریة للاستفادة من نمط التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والذکاء الإستراتیجی.


ثانیًا- عینة الدراسة:

اقتصرت الدراسة على اختیار عینة عشوائیة من بعض الکلیات بجامعة عین شمس، مثل: الهندسة، والتجارة، والتربیة، على اعتبار الهندسة من الکلیات التطبیقیة، والتجارة من الکلیات الإنسانیة، والتربیة تجمع بین العلوم الطبیعیة التطبیقیة والعلوم الإنسانیة والتربویة، وبذلک تصبح العینة ممثلة للمجتمع الأصلی وهم أعضاء هیئة التدریس بجامعة عین شمس، وأیضًا اشتملت العینة على جمیع المستویات والدرجات العلمیة سواء على درجة أستاذ أو أستاذ مساعد أو مدرس.

ثالثًا- أداة الدراسة:

اعتمدت الدراسة الحالیة على الاستبانة لجمع البیانات والمعلومات اللازمة لتحقیق الهدف من الدراسة، والذی یکمن فی الکشف عن قدرة مقومات التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی. وتتألف الاستبانة من نوعین من البیانات،  الأول متعلق بالخصائص الشخصیة لعینة الدراسة، مثل: النوع، والتخصص العلمی، والکلیة التی تنتمی إلیها، والتخصص العلمی، والفئة العمریة. والآخر یتعلق بقدرة التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی. وقد اعتمدت الأداة على مقیاس لیکرت الخماسی من حیث درجة التأثیر: (5)=عالیة جدًّا، و(4)=عالیة، و(3)=متوسطة، و(2)=ضعیفة، و(1)=ضعیفة جدًّا. 

رابعًا- صدق وثبات الدراسة:

وقد تم التأکد من صدق الاستبانة عن طریق "الاتساق الداخلی" لمفردات المقیاس، والذی یشیر إلی حساب معامل الارتباط بین درجة کل عبارة ودرجة المحور التی تنتمی إلیه کما هو موضح بالجدول رقْم (7)، ثم حساب معامل الارتباط بین درجة کل محور والدرجة الکلیة للمقیاس، وهذا ما یوضحه الجدول رقْم (7)، وبالتالی یتم عرض کل منهما للتأکد من صدق الاستبانة.

 

جدول رقْم (7)

معاملات الارتباط بین درجة العبارة والمحور الذی تنتمی إلیه

المحور الأول

المحور الثانی

المحور الثالث

المحور الرابع

المحور الخامس

المحور السادس

رقم

العبارة

معامل الارتباط

رقم

العبارة

معامل الارتباط

رقم

العبارة

معامل الارتباط

رقم

العبارة

معامل الارتباط

رقم

العبارة

معامل الارتباط

رقم

العبارة

معامل الارتباط

1

0.582

1

0.756

1

0.746

1

0.693

1

0.693

1

0.945

2

0.902

2

0.956

2

0.583

2

0.586

2

0.634

2

0.903

3

0.775

3

0.657

3

0.564

3

0.703

3

0.735

3

0.704

4

0.846

4

0.645

4

0.902

4

0.704

4

0.608

4

0.647

5

0,659

5

0.834

5

0.834

 

 

5

0.843

5

0.852

6

0.894

6

0.903

6

0.701

 

 

6

0.596

 

 

7

0.645

7

0.672

 

 

 

 

 

 

 

 

8

0.765

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ویتضح من الجدول رقْم (7) أن قیم معاملات الارتباط بین درجة کل عبارة ودرجة المحور الذی تنتمی إلیه أکبر من القیمة الجدولیة عند مستوى دلالة 0.01 وهی ( 0.330)، مما یدل على تواجد اتساق داخلی بین العبارات والمحور الذی تنتمی إلیه. ویتم من خلال جدول رقْم (8) حساب معاملات الارتباط بین المحاور الفرعیة والدرجة الکلیة للأداة.

جدول رقْم (8)

معاملات الارتباط بین المحاور الفرعیة والدرجة الکلیة للأداة

المحور

معامل الارتباط بالدرجة الکلیة

الأول

0.836

الثانی

0.759

الثالث

0.975

الرابع

0.839

الخامس

0.834

السادس

0.903

ومن تحلیل الجدول رقْم (8) یتضح أن جمیع معاملات الارتباط دالة عند مستوى دلالة 0.01، وهذا یؤکد صدق الاتساق الداخلی للاستبانة بین المحاور التی تتکون منها الأداة، وبین الأداة بالهدف التی تسعى الکلیة إلى تحقیقها.

أما بالنسبة إلى ثبات الأداة فقد تم الاعتماد على مؤشر ألفا کرونباخ الذی أفادت نتائجه، کما هو موضح بالجدول رقْم (9)، اجتیاز جمیع المحاور النسبة الدنیا المطلوبة وهی (0.6).

جدول رقْم (9)

معاملات الثبات لمحاور الاستبانة

العناصر

المحور الأول

المحور الثانی

المحور الثالث

المحور الرابع

المحور الخامس

المحور السادس

ألفا کرونباخ

0.84

0.87

0.95

0.86

0.83

0.78

ویتضح من الجدول رقْم (9) أن جمیع معاملات الثبات مرتفعة، مما یؤکد ثبات الاستبانة، وذلک من خلال قیم معاملات ألفا کرونباخ، وبالتالی فإن الأداة المستخدمة تتمیز بالصدق والثبات، ومن ثم یمکن استخدامها عملیًّا.

خامسًا- الأسالیب الإحصائیة المستخدمة فی الدراسة:

هناک عدد من الأسالیب الإحصائیة التی لجأت إلیها الدراسة؛ وذلک من أجل تحقیق أهداف الدراسة المیدانیة، وهذه الأسالیب:

1-   مقاییس النزعة المرکزیة ومقاییس التشتت: وتتمثل فی الوسط الحسابی والتکرارات والنسب المئویة، وذلک من أجل تحلیل خصائص عینة الدراسة، ووصف آرائها حول متغیرات الدراسة، وأیضًا الانحراف المعیاری لقیاس مدى تشتت العبارات عن وسطها الحسابی.

2-   اختبار ألفا کرونباخ: وذلک من أجل فحص واختبار مدى الاعتماد على أداة الدراسة فی قیاس المتغیرات التی تناولتها. 

3-   تحلیل الانحدار البسیط: وذلک لاختبار أثر المتغیرات المستقلة لمقومات التحالفات الإستراتیجیة فی المتغیر التابع المتمثل فی الذکاء التنافسی والإستراتیجی.

سادسًا- خصائص عینة الدراسة:

یحاول الجزء الحالی تحلیل خصائص عینة الدراسة من خلال تحلیل عدد من المتغیرات مثل متغیر: النوع، والتخصص العلمی، والکلیة، والدرجة العلمیة، والفئة العمریة؛ وذلک بهدف الحصول على معلومات تتناسب مع المراد الکشف عنه، وهو قدرة التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة.

1-  النوع: یحاول متغیر النوع الکشف عن طبیعة العینة من أجل تحلیل الآراء التی یتم الحصول علیها، ودرجة توقعها بالنسبة إلى متغیر النوع. ویوضح الجدول رقْم (10) هذا المتغیر.

جدول رقْم (10)

توزیع عینة الدراسة وفقًا لمتغیر النوع

 

الذکور

الإناث

الإجمالی

التکرار

32

37

69

النسبة المئویة

46.4%

53.6%

100%

وبتحلیل الجدول رقْم (10) یتضح تزاید العینة بالنسبة إلى الإناث عن الذکور، حیث جاءت الإناث بدرجة أکبر عن الذکور حوالی 7.2%؛ ویرجع ذلک لتقارب أعداد أعضاء هیئة التدریس الذکور والإناث وفقًا للإحصائیات، کما تشیر إحصاءات التعلیم العالی لعام 2013/2014 تزاید أعداد الإناث عن الذکور بالنسبة للهیئة المعاونة. 

2-   التخصص العلمی: ویرصد المتغیر الحالی طبیعة التخصص العلمی، سواء على مستوى العلوم الطبیعیة أو على مستوى العلوم الإنسانیة لتوضیح مدى تأثیر کل منهما فی نتائج الدراسة. ویوضح الجدول رقْم (11) هذا المتغیر

 

جدول رقْم (11)

توزیع عینة الدراسة وفقًا لمتغیر التخصص العلمی

 

العلوم الطبیعیة 

العلوم الإنسانیة 

الإجمالی

التکرار

44

25

69

النسبة المئویة

63.8%

36.2%

100%

وبتحلیل الجدول رقْم (11) یتضح تزاید العینة بالنسبة إلى العلوم الطبیعیة عن العلوم الإنسانیة؛ ویرجع ذلک إلى ترکیز الدراسة على العلوم الطبیعیة نظرًا لزیادة اهتماماتهم بمثل هذا الموضوع، وتأثیر التحالفات فی الذکاء التنافسی والإستراتیجی، مما یؤدی إلى الارتقاء بالعائد من أبحاثهم العلمیة، وزیادة تمویلها، وتوجیهها من أجل الاستفادة منها، وتدعیم التحالف.

3-   الکلیة: ویرجع أهمیة هذا المتغیر إلى معرفة تأثیر الکلیة التی ینتمی لها أعضاء هیئة التدریس فی نتائج الدراسة؛ لذا قامت الدراسة بالتنوع ما بین کلیة التربیة والتجارة والهندسة داخل جامعة عین شمس. ویوضح الجدول رقْم (12) هذا المتغیر.

جدول رقْم (12)

توزیع عینة الدراسة وفقًا لمتغیر الکلیة

 

التربیة

التجارة

الهندسة

الإجمالی

التکرار

42

15

12

69

النسبة المئویة

60.9%

21.7%

17.4%

100%

وبتحلیل الجدول رقْم (12) تتضح تزاید العینة بالنسبة إلى کلیة التربیة؛ وذلک لاحتوائها على علوم طبیعیة وإنسانیة وتربویة، کما یوجد تقارب بین أعداد العینة فی کلیتی الهندسة والتجارة.

4-   الدرجة العلمیة:  ویرجع أهمیة هذا المتغیر لمعرفة تأثیر الدرجة العلمیة التی ینتمی لها أعضاء هیئة التدریس فی نتائج الدراسة، لذا قامت الدراسة بالتنوع ما بین کلیة التربیة والتجارة والهندسة داخل جامعة عین شمس. ویوضح الجدول رقْم (13) هذا المتغیر.

جدول رقْم (13)

توزیع عینة الدراسة وفقًا للدرجة العلمیة

 

أستاذ 

أستاذ مساعد 

مدرس 

الإجمالی

التکرار

10

24

35

69

النسبة المئویة

14.5%

34.8%

50.7%

100%

وبتحلیل الجدول رقْم (13) تتضح تزاید العینة بالنسبة إلى فئة المدرس، وقلتها بالنسبة إلى فئة أستاذ، بینما جاءت متوسطة بالنسبة إلى فئة أستاذ مساعد؛ وذلک نظرًا لانشغال فئة الأساتذة بدرجة کبیرة جدًّا، وعدم توافر الوقت الکافی للاستبیانات، کما تتواجد فئة مدرس بدرجة أکبر بالکلیات نظرًا لکثرة الأعباء على عاتقهم، وأیضَا فئة أستاذ مساعد.

5-   الفئة العمریة: وقد تم تحلیل الفئة العمریة التی تنتمی إلیها العینة لمعرفة مدى تأثیر درجة الخبرة فی نتائج الدراسة، حیث إنه کلما زادت الخبرة تکون النتائج قریبة من الواقع، وبالتالی یوضح الجدول رقمْ (14) هذا المتغیر.

 

جدول رقْم (14)

توزیع عینة الدراسة وفقًا لمتغیر الفئة العمریة

 

أقل من 40

 من 40 إلى 50 

أکبر من 50 

الإجمالی

التکرار

28

24

17

69

النسبة المئویة

40.6%

34.8%

24.6%

100%

وبتحلیل الجدول رقْم (14) یتضح تقارب أعداد الفئة العمریة أقل من 40 مع أعداد الفئة العمریة من 40 إلى 50؛ وذلک نظرًا لتزاید فئة المدرس وأستاذ مساعد، ونظرًا لنقص العینة فی فئة الأستاذ، فقد وصلت الفئة العمریة أکبر من 50 حوالی 24.6% من العینة الکلیة.

سابعًا- نتائج عینة الدراسة:   

یحاول الجزء الحالی تحلیل نتائج عینة الدراسة وفقًا لدور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق الذکاء التنافسی، وأیضًا فی تحقیق أبعاد الذکاء الإستراتیجی، والتی تتجسد فی الاستشراف والرؤیة، والتفکیر النظمی، والحدس، والدافعیة، والإبداع. وبالتالی یتم عرض المؤشرات الإحصائیة الأولیة لإجاباتهم من خلال المتوسطات الحسابیة والانحرافات المعیاریة لکل متغیرات الدراسة، وبالتالی یتم تحدید الوزن النسبی للعبارات داخل کل متغیر، ویتم تناول هذه الأبعاد على النحو التالی:

المحور الأول- أثر التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی للجامعات المصریة:

ویستعرض الجدول رقْم (15) العبارات الخاصة بقدرة التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی للجامعات المصریة، وذلک من خلال المتوسطات والانحرافات المعیاریة  لإجابات أفراد العینة فی هذا المحور.


جدول رقْم (15)

تأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الذکاء التنافسی بالنسبة إلى الجامعات المصریة

م

العبارات

الوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

الترتیب للأهمیة

1

تغیر التحالفات من طبیعة اختیار القیادات الجامعیة. 

3.72

0.55

5

2

تساعد التحالفات على إدراک أهمیة الذکاء التنافسی بالنسبة إلى القیادات الجامعیة.

3.32

0.82

6

3

تمتلک التحالفات القدرة على وضع خطة للذکاء التنافسی  للجامعات. 

4.06

0.62

2

4

تُقدم التحالفات جمیع المعلومات الخاصة بالبیئة التنافسیة للجامعات.     

3.83

0.53

4

5

تساعد التحالفات على الاحتفاظ بسجل لجمیع المصادر الموثقة للمعلومات التنافسیة.

2.84

0.84

7

6

تُحفز  التحالفات الجامعات علی دراسة إستراتیجیات الجامعات المنافسة. 

4.36

0.58

1

7

تُحفز التحالفات الموارد البشریة بالجامعات على تسجیل ملاحظاتهم ومعلوماتهم التنافسیة.

3.22

0.68

8

8

تُدعم التحالفات جمیع أنشطة الذکاء التنافسی للجامعات.     

3.94

0.72

3

المتوسط العام والانحراف المعیاری العام للبعد السادس للذکاء الإستراتیجی

3.66

0.67

 

وبتحلیل الجدول رقْم (15) یتضح تواجد تأثیر قوی للتحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی للجامعات المصریة، ویتضح ذلک من خلال حصول العبارة الخاصة بتحفیز الجامعات علی دراسة إستراتیجیات الجامعات المنافسة على المرکز الأول فی الأهمیة، لدراسة نقاط القوة والضعف لدى المنافسین، ومن هنا تزداد قدرتها على وضع خطة للذکاء التنافسی لجامعات التحالف، لذا حصلت العبارة الخاصة بالذکاء التنافسی على المرکز الثانی، مما یترتب على ذلک محاولة الجامعات تدعیم جمیع أنشطة الذکاء التنافسی بداخلها، لذا حصلت هذه العبارة على المرکز الثالث.

وفی السیاق نفسه تحاول التحالفات جمع المعلومات الخاصة بالجامعات المنافسة من حیث طبیعة المدخلات والعملیات التی تتم بداخلها لتکوین المخرجات التی ساعدت الجامعات على تحقیق مراکز متقدمة فی التصنیفات العالمیة، لذا حصلت العبارة الخاصة بالمعلومات التنافسیة على المرکز الرابع، وبالتالی تختلف طبیعة القیادات الإستراتیجیة التی تتلائم مع هذه الأعمال، وبالتالی حصلت العبارة الخاصة بالقیادات على المرکز الخامس، حیث لا بُدَّ من قناعة القیادات بأهمیة الذکاء التنافسی، وتلعب التحالفات دورًا فی تحقیق ذلک، لذا حصلت العبارة الخاصة بذلک على المرکز السادس.

لذا نحن فی حاجة إلى تسجیل وتوثیق جمیع المعلومات الخاصة بالبیئة التنافسیة، سواء عن طبیعة الجامعات المنافسة، وطبیعة أعضاء هیئة التدریس بهم، ونسبة الطلاب إلى أعضاء هیئة التدریس... إلخ، لذا حصلت العبارة الخاصة بتوثیق المعلومات على المرکز السابع، وبالتالی فإن التحالفات الاستراتیجیة تُحفز جمیع الموارد البشریة بالجامعات على تسجیل ملاحظاتهم ومعلوماتهم التنافسیة؛ لکی تزید من قوة الجامعات التنافسیة، لذا حصلت العبارة الخاصة بذلک على المرکز الثامن. 

ولکن تجب الإشارة إلى انخفاض درجة التشتت فی استجابات أفراد عینة الدراسة حول المحور الخاص بتأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی متطلبات الذکاء التنافسی للجامعات المصریة، حیث هناک تقارب کبیر فی وجهات نظر أفراد عینة الدراسة حول هذا المحور، ویظهر ذلک فی تقارب قیم المتوسطات الحسابیة للآراء حول عبارات هذا المحور، کما کان مستوى الدلالة أقل من (0.05) لجمیع العبارات.

المحور الثانی- قدرة التحالفات الإستراتیجیة على استشراف مستقبل الجامعات المصریة:

ویستعرض الجدول رقْم (16) العبارات الخاصة بقدرة التحالفات الإستراتیجیة على استشراف مستقبل الجامعات المصریة، وذلک من خلال المتوسطات والانحرافات المعیاریة  لإجابات أفراد العینة فی هذا المحور.

جدول رقْم (16)

قدرة التحالفات الإستراتیجیة على استشراف مستقبل الجامعات المصریة

م

العبارات

الوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

الترتیب للأهمیة

1

تستغل التحالفات الإطار المؤسسی لجامعتنا فی رسم إستراتیجیتها فی الأمد البعید. 

3.81

0.76

2

2

تسعى التحالفات إلى البحث المستمر عن المعلومات الخاصة بمستقبل الجامعات.

3.66

0.83

6

3

تلتزم التحالفات برصد الفرص المتاحة لجامعتنا لاقتناصها. 

3.78

0.89

3

4

تنمی التحالفات الاستشعار المستمر بالقضایا الإستراتیجیة.

3.56

0.65

7

5

یقتضی الالتزام المتبادل للتحالفات توقع انعکاسات التغییرات على أداء  الجامعات.

3.74

0.67

4

6

تسعى التحالفات إلى حل المشکلات التی تواجه جامعتنا مستقبلیًّا. 

3.84

0.87

1

7

یحث الغرض الإستراتیجی للتحالفات على دراسة الأفکار الجدیدة ومدى تطبیقها.

3.69

0.91

5

المتوسط العام والانحراف المعیاری العام للبعد الأول للذکاء الإستراتیجی

3.73

0.78

 

وبتحلیل الجدول رقْم (16) یتضح مدى اهتمام أعضاء هیئة التدریس بأهمیة التحالفات الإستراتیجیة ودورها فی استشراف مستقبل الجامعات المصریة، بدلیل حصول العبارة الخاصة بقدرة التحالفات على حل المشکلات التی تواجه جامعاتنا على المرکز الأول فی الأهمیة، حیث إن التحالفات تساعد الجامعات على محاولة التخلص من جمیع مشکلاتها لتمتلک قوة المنافس نفسه. وأیضًا احتلال العبارة الخاصة بقدرة التحالفات على استغلال الإطار المؤسسی لرسم الإستراتیجیات المرکز الثانی من حیث الأهمیة، حیث تسعى الجامعات المصریة إلى رسم إستراتیجیات مختلفة تساعد على استمرار التحالفات؛ لذا حصل اقتناص الفرص على المرکز الثالث فی الأهمیة لتساعد الجامعات المصریة فی تبنی استراتیجیات مختلفة تدعم هذه التحالفات.

کما حصلت العبارة الخاصة بتوقع الانعکاسات على أداء الجامعات على المرکز الرابع؛ ویعود ذلک إلى استفادة التحالفات من المعلومات المتاحة لدیها لتوقع انعکاسات التغییرات على أداء الجامعات الإستراتیجی، وفی هذه الحالة تحتاج الجامعات المصریة إلى الحصول على أکبر قدر ممکن من الأفکار الجدیدة لیتم تطبیقها لدعم الغرض الإستراتیجی للتحالفات، وبالتالی حصلت العبارة الخاصة بالأفکار الجدیدة على المرکز الخامس، کما تحتاج الجامعات إلى دعم إستراتیجیة الجامعات على البحث المستمر عن المعلومات؛ لذا جاءت هذه العبارة بالمرکز السادس، وأخیرًا تأتی العبارة الخاصة باستشعار القضایا الإستراتیجیة التی تؤثر فی التحالفات فی المرکز السابع والأخیر.

ولکن تجب الإشارة إلى انخفاض درجة التشتت فی استجابات أفراد عینة الدراسة حول المحور الخاص بدور التحالفات الإستراتیجیة فی زیادة قدرة الجامعات المصریة على الاستشراف والرؤیة، حیث هناک تقارب کبیر فی وجهات نظر أفراد عینة الدراسة حول هذا المحور، ویظهر ذلک فی تقارب قیم المتوسطات الحسابیة للآراء حول عبارات هذا المحور، کما کان مستوى الدلالة أقل من (0.05) لجمیع العبارات.


المحور الثالث- قدرة التحالفات الإستراتیجیة على تطبیق التفکیر النظمی بالجامعات المصریة:

یستعرض الجدول رقْم (17) العبارات الخاصة بقدرة التحالفات الاستراتیجیة على تطبیق التفکیر النظمی بالجامعات المصریة، وذلک من خلال المتوسطات والانحرافات المعیاریة  لإجابات أفراد العینة فی هذا المحور.

جدول رقْم (17)

قدرة التحالفات الإستراتیجیة على تطبیق التفکیر النظمی بالجامعات المصریة

م

العبارات

الوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

الترتیب للأهمیة

1

تساعد التحالفات على فهم العلاقات بین المدخلات التعلیمیة، وأیضا بینها وبین البیئة الخارجیة المحیطة بها.   

3.69

0.79

4

2

ترکز التحالفات على تفاعلات النظام التعلیمی مع المؤسسات التنمویة .  

3.84

0.82

1

3

تساعد التحالفات فی وضع تصور لنظم المعلومات المطلوب جمعها. 

3.82

0.93

2

4

یقتضی الالتزام المتبادل بین الجامعات المتحالفة دراسة احتمالات التغیر بالأحداث المستقبلیة.

3.52

0.69

6

5

تضع التحالفات معرفة تقریبیة لجامعتنا عن الظواهر الأکثر تأثیرا.

3.74

0.86

3

6

ترسم التحالفات لجامعتنا مواصفات للموارد البشریة المطلوبة للتفکیر النظمی.

3.58

0.73

5

المتوسط العام والانحراف المعیاری العام للبعد الثانی للذکاء الإستراتیجی

3.70

0.80

 

وبتحلیل الجدول رقْم (17) یتضح قدرة التحالفات الإستراتیجیة على تدعیم العلاقة بین الجامعات المصریة والمؤسسات التنمویة بالمجتمع؛ لذا حصلت العبارة الخاصة بدور التحالفات فی التفاعل مع المؤسسات التنمویة على المرکز الأول، وأیضًا تساعد التحالفات على تطبیق التفکیر التصوری بدلیل حصول تطبیق تصور لنظم المعلومات على المرکز الثانی، وأیضًا تطبیق التفکیر التقریبی، وهو أحد أهم مداخل التفکیر النظمی، بدلیل حصول العبارة الخاصة بالظواهر الأکثر تأثیرًا على المرکز الثالث.

واتفقت العینة على دور التحالفات فی تطبیق التفکیر النظمی بین المدخلات بعضها البعض، وبینها وبین البیئة الخارجیة المحیطة بها، لذا حصلت العبارة الخاصة بذلک على المرکز الرابع، وبالتالی فنحن فی حاجة إلى نوعیة مختلفة من الموارد البشریة بالجامعات، وتؤکد التحالفات على ذلک بدلیل حصول العبارة الخاصة بالموارد البشریة على المرکز الخامس، وبالتالی تساعد التحالفات على دراسة احتمالات التأثر بالأحداث المستقبلیة، ومن ثم حصلت هذه العبارة على المرکز السادس.

ولکن تجب الإشارة إلى انخفاض درجة التشتت فی استجابات أفراد عینة الدراسة حول المحور الخاص بدور التحالفات الإستراتیجیة على تطبیق التفکیر النظمی بالجامعات المصریة؛ حیث هناک تقارب کبیر فی وجهات نظر أفراد عینة الدراسة حول هذا المحور، ویظهر ذلک فی تقارب قیم المتوسطات الحسابیة للآراء حول عبارات هذا المحور، کما کان مستوى الدلالة أقل من (0.05) لجمیع العبارات.

المحور الرابع- قدرة التحالفات الإستراتیجیة على زیادة دافعیة الجامعات المصریة: 

یستعرض الجدول رقْم (18) العبارات الخاصة بقدرة التحالفات الإستراتیجیة على زیادة دافعیة الجامعات المصریة، وذلک من خلال المتوسطات والانحرافات المعیاریة  لإجابات أفراد العینة فی هذا المحور.


جدول رقْم (18)

قدرة التحالفات الإستراتیجیة على زیادة دافعیة الجامعات المصریة

م

العبارات

الوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

الترتیب للأهمیة

1

ترفع التحالفات الروح المعنویة لجمیع الموارد البشریة  بالجامعات.    

3.95

0.49

3

2

تزید التحالفات الحافز لدى الموارد البشریة على تحقیق الأهداف الإستراتیجیة للجامعات.

4.25

0.58

2

3

تُمکن التحالفات جمیع الموارد البشریة بالجامعات على المشارکة فی وضع الرؤى.  

3.57

0.59

4

4

ترتقی التحالفات بالعائد الاقتصادی للموارد البشریة بالجامعات. 

4.67

0.54

1

المتوسط العام والانحراف المعیاری العام للبعد الثالث للذکاء الإستراتیجی

4.11

0.55

 

وبتحلیل الجدول رقْم (18) یتضح قدرة التحالفات الإستراتیجیة على الارتقاء بالعائد الاقتصادی للموارد البشریة بالجامعات المصریة؛ لذا حصلت العبارة الخاصة بالارتقاء بالعائد على المرکز الأول فی الأهمیة، مما یزید الحافز للموارد البشریة بالجامعات على تحقیق الأهداف الإستراتیجیة من أجل الحصول على العائد الأعلى، وبالتالی حصلت العبارة الخاصة بذلک على المرکز الثانی، ویترتب على ذلک زیادة الروح المعنویة لدى جمیع الموارد البشریة بالجامعات وبالتالی حصلت عبارتها على المرکز الثالث، ویترتب على ما سبق محاولة الجامعات مشارکة جمیع الموارد البشریة فی وضع الرؤى الخاصة بها، لذا حصلت العبارة الخاصة بذلک على المرکز الرابع.

ولکن تجب الإشارة إلى انخفاض درجة التشتت فی استجابات أفراد عینة الدراسة حول المحور الخاص بدور التحالفات الإستراتیجیة على زیادة الدافعیة لجمیع الموارد البشریة بالجامعات المصریة؛ حیث هناک تقارب کبیر فی وجهات نظر أفراد عینة الدراسة حول هذا المحور، ویظهر ذلک فی تقارب قیم المتوسطات الحسابیة للآراء حول عبارات هذا المحور، کما کان مستوى الدلالة أقل من (0.05) لجمیع العبارات.

المحور الخامس- تأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الحدس للجامعات المصریة:

یستعرض الجدول رقْم (19) العبارات الخاصة بقدرة التحالفات الإستراتیجیة على زیادة الحدس بالنسبة للجامعات المصریة، وذلک من خلال المتوسطات والانحرافات المعیاریة  لإجابات أفراد العینة فی هذا المحور.

جدول رقْم (19)

تأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الحدس بالنسبة للجامعات المصریة

م

العبارات

الوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

الترتیب للأهمیة

1

تدرک التحالفات المشکلات التی تواجه الجامعات قبل حدوثها وتوجد حلولا لها.   

4.25

0.72

4

2

توجد التحالفات حلولا مقترحة للمشکلات المستقبلیة للجامعات.

4.03

0.66

5

3

تُحدد التحالفات المسار الحالی والمستقبلی للجامعات.  

4.33

0.69

3

4

تحقق التحالفات متطلبات الیقظة الإستراتیجیة للجامعات.  

4.53

0.68

2

5

تنظم التحالفات الانسجام بین جمیع الموارد البشریة داخل الجامعات.

2.76

0.82

6

6

تساعد التحالفات فی اتخاذ القرارات الإستراتیجیة الملائمة للجامعات.

4.75

0.53

1

المتوسط العام والانحراف المعیاری العام للبعد الرابع للذکاء الإستراتیجی

4.1

0.68

 

وبتحلیل الجدول رقْم (19) یتضح تأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الحدس بالنسبة إلى الجامعات المصریة، ویتظهر ذلک من خلال حصول العبارة الخاصة بقدرة التحالفات على اتخاذ القرارات الإستراتیجیة على المرکز الأول، حیث تحاول الجامعات المصریة الحفاظ على قوتها فی هذه التحالفات؛ لذا تسعى إلى اتخاذ القرارات الملائمة للإبقاء على هذه التحالفات لتزداد قوة الجامعات، وبالتالى تسعى الجامعات إلى تحقیق متطلبات الیقظة الإستراتیجیة، وبالتالی حصلت العبارة الخاصة بالیقظة الإستراتیجیة على المرکز الثانی فی الأهمیة، ولتحقیق هذه المتطلبات لا بُدَّ على الجامعات من تحدید المسار الحالی والمستقبلی لها، لذا حصلت العبارة الخاصة بالمسارات على المرکز الثالث.

وفی السیاق نفسه لکی یتم التحرک فی المسار المستقبلی الذی رسمته الجامعات، یجب علیها دراسة جمیع المشکلات التی من المتوقع أن تقابلها فی المستقبل، وتحاول إیجاد حلول لها من أجل السیر فی الطریق السلیم، لذا حصلت العبارتان الخاصتان بدراسة المشکلات والحلول على المرکزین الرابع والخامس. ولکن هناک العدید من المقومات التی تساعد على تحقیق کل ما سبق من تحدید المسار ودراسة المشکلات وإیجاد حلول لها، لعل من أهمها تحقیق الانسجام بین جمیع الموارد البشریة بالجامعات، لذا جاءت فی المرکز السادس. 

ولکن تجب الإشارة إلى انخفاض درجة التشتت فی استجابات أفراد عینة الدراسة حول المحور الخاص بتأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الحدس بالنسبة إلى الجامعات المصریة؛ حیث هناک تقارب کبیر فی وجهات نظر أفراد عینة الدراسة حول هذا المحور، ویظهر ذلک فی تقارب قیم المتوسطات الحسابیة للآراء حول عبارات هذا المحور، کما کان مستوى الدلالة أقل من (0.05) لجمیع العبارات.


المحور السادس- قدرة التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات الإبداع للجامعات المصریة:

یستعرض الجدول رقْم (20) العبارات الخاصة بقدرة التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق متطلبات الإبداع بالنسبة للجامعات المصریة، وذلک من خلال المتوسطات والانحرافات المعیاریة  لإجابات أفراد العینة فی هذا المحور.

جدول رقْم (20)

تأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الإبداع بالنسبة للجامعات المصریة

م

العبارات

الوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

الترتیب للأهمیة

1

ترکز التحالفات على استخراج القدرات الإبداعیة لأعضاء هیئة التدریس.    

3.95

0.43

2

2

تساعد التحالفات على تحلیل قدرات الطلاب الإبداعیة.

3.86

0.48

3

3

تُمکن التحالفات الإدارة الجامعیة من تقدیم حلول إبداعیة للمشکلات الجامعیة.    

3.79

0.59

4

4

تجعل التحالفات الجامعات تتسابق فی تقدیم براءات اختراع.  

4.21

0.61

1

5

تقتضی التحالفات التجدید فی المنتجات/الخدمات التی تقدمها الجامعات للمجتمع.

3.44

0.64

5

المتوسط العام والانحراف المعیاری العام للبعد الخامس للذکاء الإستراتیجی

3.85

0.55

 

وبتحلیل جدول رقْم (20) یتضح تواجد تأثیر قوی للتحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات الإبداع بالنسبة للجامعات المصریة، ویظهر ذلک من خلال حصول العبارة الخاصة بتسابق جامعات التحالف فی تسجیل براءات الاختراع على المرکز الأول، وذلک لتدعیم قوتها فی التحالف، ولن یتم تقدیم عدد أکبر من التحالفات إلا عند زیادة قدرات الإبداع، لذا حصلت العبارتان الخاصتان بالقدرات الإبداعیة لأعضاء هیئة التدریس والطلاب على المرکزین الثانی والثالث، وینعکس ذلک أیضًا على المنظومة الإداریة من خلال تقدیم حلول إبداعیة للمشکلات الجامعیة، لذا حصلت هذه العبارة على المرکز الرابع فی الأهمیة، مما یترتب علیه تقدیم منتجات/خدمات جدیدة من الجامعات للقطاعات التنمویة بالمجتمع، وبالتالی حصلت العبارة الخاصة بالمنتجات/الخدمات الجدیدة على المرکز الخامس.

ولکن تجب الإشارة إلى انخفاض درجة التشتت فی استجابات أفراد عینة الدراسة حول المحور الخاص بتأثیر التحالفات الإستراتیجیة فی الإبداع داخل الجامعات المصریة؛ حیث هناک تقارب کبیر فی وجهات نظر أفراد عینة الدراسة حول هذا المحور، ویظهر ذلک فی تقارب قیم المتوسطات الحسابیة للآراء حول عبارات هذا المحور، کما کان مستوى الدلالة أقل من (0.05) لجمیع العبارات.

ثامنًا- اختبار فرضیات الدراسة:

یرکز الجزء الحالی على مدى قبول أو رفض الفرضیة الرئیسة، التی تؤکد دور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة، والفرضیات الفرعیة التی تؤکد دور التحالفات فی تحقیق أبعاد الذکاء الاستراتیجی والذکاء التنافسی کل منهما على حدة، وذلک من خلال استخدام تحلیل الانحدار البسیط والمتعدد، وتحلیل المسار. ویحاول الجزء التالی اختبار فرضیات الدراسة، ولنبدأ بالفرضیة الرئیسة على النحو التالی:

  • الفرض الرئیسی: تسهم مقومات التحالفات الإستراتیجیة للجامعات المصریة فی تحقیق التکامل بین النجاح الإستراتیجی والتنافسی.

یتم اختبار الفرض الرئیسی باستخدام تحلیل الانحدار البسیط، کما هو موضح بالجدول رقْم (21).

جدول رقْم (21)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الرئیسة

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.5

0.25

0.52

14.93

0.00

وبتحلیل الجدول رقْم (21) یظهر تأثیر واضح لمقومات التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی، حیث بلغت قیمة معامل التحدید R2  (0.25) وبالتالی فالتغیر فی مقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة یرجع (25%) منه إلى تأثیر التحالفات الإستراتیجیة. کما بلغت درجة التأثیر (0.52) وهذا یعنی أن التغیر بوحدة واحدة فی مقومات التحالف الإستراتیجی یؤدی إلى التغیر فی مستوى الذکاء التنافسی والإستراتیجی بنسبة (52%). کما أکدت قیمة F  البالغة (14.93) أهمیة هذا التأثیر وبمستوى دلالة (0.00)، وبالتالی یمکن قبول فرضیة الدراسة الرئیسة.

وتم تقسیم فرضیة الدراسة الرئیسة إلى عدد من الفرضیات الفرعیة؛ وذلک من أجل دراسة تأثیر مقومات التحالفات الإستراتیجیة فی کل عناصر الذکاء التنافسی والإستراتیجی.

  • ·       الفرضیة الفرعیة الأولى: تساعد مقومات التحالفات الإستراتیجی على تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی. 

ویتم اختبار الفرضیة الفرعیة الأولى  کما هو موضح بالجدول رقْم (22).

 

جدول رقْم (22)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الفرعیة الأولى

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

               F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.92

0.58

0.67

18.75

0.00

 یتضح من تحلیل الجدول رقْم (22) وجود تأثیر للتحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات الذکاء التنافسی للجامعات المصریة، وقد ظهر ذلک فی العدید من الإحصائیات، فقد بلغ معامل التحدید R2 (0.58) ، کما بلغت درجة التأثیر(0.67)، وأیضًا بلغت قیمة F (18.75) عند مستوى دلالة (0.00 )، وبالتالی یتم قبول الفرضیة الفرعیة الأولى.

  • ·       الفرضیة الفرعیة الثانیة: تؤثر مقومات التحالفات الإستراتیجیة فی قدرة الجامعات المصریة على استشراف مستقبلها.

ویتم اختبار الفرضیة الفرعیة الثانیة  کما هو موضح بالجدول رفْم (23).

جدول رقْم (23)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الفرعیة الثانیة

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.53

0.28

0.45

10.42

0.00

 یتضح من تحلیل الجدول رقْم (23) وجود تأثیر للتحالفات الإستراتیجیة فی قدرة الجامعات المصریة على استشراف مستقبلها، حیث ظهر تأثیر دال إحصائیًّا إذ بلغ معامل التحدید R2 (0.28) ، کما بلغت درجة التأثیر (0.28)، وأیضًا بلغت قیمة F (10.26) عند مستوى دلالة (0.00)، وبالتالی یتم قبول الفرضیة الفرعیة الثانیة.

  • ·        الفرضیة الفرعیة الثالثة: تزید مقومات التحالفات الإستراتیجیة من قدرة الجامعات المصریة  على التفکیر النظمی.

ویتم اختبار الفرضیة الفرعیة الثالثة کما هو موضح بالجدول رقْم (24).

جدول رقْم (24)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الفرعیة الثالثة

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.57

0.32

0.39

12.35

0.00

  یتضح من تحلیل الجدول رقْم (24) وجود تأثیر للتحالفات الإستراتیجیة فی قدرة الجامعات المصریة على التفکیر النظمی، وقد ظهر فی العدید من الإحصائیات، إذ بلغ معامل التحدید R2 (0.32) ، کما بلغت درجة التأثیر (0.39)، وأیضًا بلغت قیمة F (12.35) عند مستوى دلالة (0.00)، وبالتالی یتم قبول الفرضیة الفرعیة الثالثة.

  • ·       الفرضیة الفرعیة الرابعة: تثیر مقومات التحالفات الإستراتیجیة الدافعیة لدى الموارد البشریة بالجامعات المصریة.

ویتم اختبار الفرضیة الفرعیة الرابعة کما هو موضح بالجدول رقْم (25).

جدول رقْم (25)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الفرعیة الرابعة

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.58

0.34

0.40

11.54

0.00

  یتضح من تحلیل الجدول رقْم (25) وجود تأثیر للتحالفات الإستراتیجیة فی إثارة الدافعیة لدى الموارد البشریة بالجامعات المصریة، وقد ظهر ذلک فی العدید من الإحصائیات، إذ بلغ معامل التحدید R2 (0.34) ، کما بلغت درجة التأثیر (0.40)، وأیضًا بلغت قیمة F (11.54) عند مستوى دلالة (0.00)، وبالتالی یتم قبول الفرضیة الفرعیة الرابعة.

  • ·       الفرضیة الفرعیة الخامسة: تزید مقومات التحالفات الإستراتیجیة من قدرة الجامعات المصریة على الحدس.

ویتم اختبار الفرضیة الفرعیة الخامسة  کما هو موضح بالجدول رقْم (26).

جدول رقْم (26)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الفرعیة الخامسة

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.57

0.33

0.75

13.24

0.00

  یتضح من تحلیل الجدول رقْم (26) وجود تأثیر للتحالفات الإستراتیجیة على الحدس بالنسبة للجامعات المصریة، وقد ظهر ذلک فی العدید من الإحصائیات، فقد بلغ معامل التحدید R2 (0.33) ، کما بلغت درجة التأثیر (0.75)، وأیضًا بلغت قیمة F (13.24) عند مستوى دلالة (0.00 )، وبالتالی یتم قبول الفرضیة الفرعیة الخامسة.

  • الفرضیة الفرعیة السادسة: تعمل التحالفات على تحقیق متطلبات الإبداع بالجامعات المصریة.

یتم اختبار الفرضیة الفرعیة السادسة کما هو موضح بالجدول رقْم (27).

 

 

جدول رقْم (27)

تحلیل الانحدار البسیط للفرضیة الفرعیة السادسة

(R)

الارتباط

(R2)

معامل التحدید

B

درجة التأثیر

F

معامل التباین

Sig.

مستوى الدلالة

0.44

0.19

0.47

8.94

0.00

 یتضح من تحلیل الجدول رقْم (27) وجود تأثیر للتحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق متطلبات الإبداع للجامعات المصریة، وقد ظهر ذلک فی العدید من الإحصائیات، فقد بلغ معامل التحدید R2 (0.19) ، کما بلغت درجة التأثیر (0.47)، وأیضًا بلغت قیمة F (8.94) عند مستوى دلالة (0.00 )، وبالتالی یتم قبول الفرضیة الفرعیة السادسة.

المبحث الخامس: نمذجة دور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة باستخدام التحلیل المورفولوجی

هناک عدد من الخطوات الرئیسة الواجب اتباعها عند تصمیم الرادار الاستشرافی لدور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة، وهی على النحو التالی:

أولا- تحدید النظام ومکوناته:

فی هذه المرحلة یتم تحدید مستویات التحلیل، کالمحیط العام، والأنظمة الخاصة، ثم نقوم بتحلیل أبعاد هذه المستویات. ویتجسد المحیط العام فی قسمین، یکمن احداهما فی مقومات التحالف الإستراتیجی، وهی خمسة مقومات: الإطار المؤسسی، والتکافؤ، والالتزام المتبادل، وتبادل المعلومات، ووضوح الغرض الإستراتیجی. بینما الآخر هو المحیط الخاص ویتمثل فی مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی، ویتضمن ستة متغیرات تکمن فی: الإستشراف والرؤیة، والتفکیر بمنطق النظم، والدافعیة، والحدس، والإبداع، والذکاء التنافسی. 

وهناک عدد من الأنظمة الخاصة تشمل ستة أنظمة تحتوی على عدد من المتغیرات یتم تحلیلها على النحو التالی:

  • فواعل الذکاء التنافسی: وتتضمن سبعة متغیرات أساسیة تتمثل فی: (القیادات الجامعیة، وخطة للذکاء التنافسی، ومعلومات البیئة التنافسیة، ومصادر المعلومات الموثقة، وإستراتیجیات الجامعات المنافسة، وتحفیز الموارد البشریة، وأنشطة الذکاء التنافسی).
  • الاستشراف والرؤیة: وتتضمن سبعة متغیرات على النحو التالی: (رسم الإستراتیجیات، والمعلومات المستقبلیة، ورصد الفرص، والاستشعار بالقضایا الإستراتیجیة، وانعکاسات التغیرات، وحل المشکلات المستقبلیة، ودراسة الأفکار الجدیدة).
  • التفکیر النظمی: ویتضمن ستة متغیرات، هی: (التفکیر بلغة العلاقات، والتفاعلات مع المؤسسات التنمویة، والتفکیر التصوری، والتفکیر الاحتمالی، والمعرفة التقریبیة، والموارد البشریة المطلوبة).   
  • الدافعیة: وتتضمن أربعة متغیرات تتمثل فی: (الروح المعنویة، والحوافز، والمشارکة فی الرؤى، وتوقع العائد).
  • الحدس:  ویتضمن خمسة متغیرات تتجسد فی: (توقع المشکلات وحلولها، وتحدید المسار الحالی والمستقبلی، والیقظة الإستراتیجیة، وانسجام الموارد البشریة، واتخاذ القرارات الإستراتیجیة). 
  • الإبداع: ویتضمن خمسة متغیرات تظهر فی: (استخراج القدرات الإبداعیة، وتحلیل القدرات الإبداعیة، وحلول إبداعیة للمشکلات، وبراءات الاختراع، والتجدید المستمر).

وبناء على ما سبق یتبین لنا وجود خمسة وأربعین متغیرا من المتغیرات المدروسة، والتی تشکل مجمل النظام وأساس إنشاء الحقل المورفولوجی لدور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی لجامعاتنا المصریة.

ثانیًا- تشکیل الحقل المورفولوجی لمکونات النظام:

وبعد عرض جمیع المتغیرات الأساسیة للتحالفات الإستراتیجیة والتی تتضمن خمسة متغیرات، وأیضًا المتغیرات الأساسیة للتکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی والمتضمنة ستة متغیرات، والمتغیرات الخاصة الداخلیة بمقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی والمتضمنة أربعة وثلاثین متغیرا، ومن خلال افتراض تطور کل مکون من المکونات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، یکون لدینا عدد کبیر من السیناریوهات الجزئیة.

ویحاول الشکل رقْم (9) عرض هذه السیناریوهات الجزئیة لاسخلاص أقرب هذه السیناریوهات إلى الواقع الممکن والمتاح.

 

شکل رقْم (9)

الحقل المورفولوجی لجانب من السیناریوهات الجزئیة

وبتحلیل الشکل رقْم (9) یتضح أننا أمام عدد کبیر من السیناریوهات الجزئیة الممکنة من خلال عدد التوفیقات التی یمکن الحصول علیها من کل حقل مورفولوجی من الحقول الأربعة، والنابعة من المتغیرات الرئیسة للدراسة. وتحاول السیناریوهات الاستکشافیة المطروحة الانطلاق من الوضع القائم، لوضع مجموعة من المسارات المستقبلیة تحاول بها الجامعات استغلال التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة، وبالتالی تحقیق التکامل بینهما.

وفی السیاق نفسه فإننا نحصل على عدد ضخم من السیناریوهات الجزئیة بالنسبة إلى الحقل المورفولوجی الناتج عن تحلیل أبعاد الذکاء التنافسی والإستراتیجی، وبالتالی فهذه السیناریوهات تتکون نتیجة حاصل ضرب افتراضات تطور المتغیرات الستة، والذی یتجسد أحدها فی الذکاء التنافسی، وخمسة آخرون فی الذکاء الإستراتیجی، وبالتالی فمن المفترض أن نحصل على 2304 سیناریو نتیجة حاصل ضرب (3×4×4×3×4×4). ولکن اختارت الدراسة أربعة سیناریوهات على سبیل المثال لتوضیح کیفیة استخراج السیناریوهات من الحقل المورفولوجی.

السیناریو الجزئی 1: وقد أطلقت علیه الدراسة "المسار الإستراتیجی للتحالفات الإستراتیجیة"، وینتج عن (3.3.4.3.4.4)، حیث إنه لا بُدَّ على الجامعات المصریة من استغلال الإطار المؤسسی للتحالف الإستراتیجی فی تحلیل إستراتیجیات الجامعات المنافسة على الأقل فی البلاد التی توجد بها جامعات التحالف، ثم على نطاق أوسع عندما تزداد قوة الجامعات؛ وذلک حتى نتمکن من رسم إستراتیجیة لجامعات التحالف نحاول اتباعها لوضع الجامعات المصریة على الخریطة العالمیة، وتکون هذه الإستراتیجیة قائمة على دراسة الظواهر الأکثر تأثیرًا فی جامعات التحالف، ودراسة وتوضیح العائد من الارتقاء بأداء الجامعات المصریة من خلال التحالفات الإستراتیجیة، ویتطلب ذلک وجود نوع من الیقظة الإستراتیجیة لجامعاتنا فی تبادل المعلومات مع جامعات التحالف، والخاصة بالبیئة الداخلیة والخارجیة لجامعاتنا؛ مما یترتب علیه تزاید عدد براءات الاختراع التی تقدمها الجامعات المتحالفة.    

السیناریو الجزئی 2:  وتم اطلاق اسم "المسار المستقبلی للتحالفات الإستراتیجیة" على هذا المسار، نظرًا لافتراض زیادة قدرة جامعات التحالف على تمویل أنشطة الذکاء التنافسی مما یدل على زیادة وعی القیادات بأهمیة الذکاء التنافسی، مما یترتب علیه زیادة قدرة جامعات التحالف على رصد الفرص المتاحة أمامها فی الوقت الحالی والمستقبلی، وبالتالی یتم اقتناص هذه الفرص، ولن یحدث ذلک إلا من خلال توافر نظم معلومات داخل جامعات التحالف. ولضمان نجاح نظم المعلومات بجامعات التحالف لا بُدَّ من رفع الروح المعنویة للموارد البشریة التی تقوم بجمع المعلومات، وذلک لتحدید المسار المستقبلی للجامعات فی تقدیم منتجات/خدمات جدیدة تحتاجها القطاعات التنمویة بالمجتمع، وأیضًا تؤدی إلى إشباع رغبات عملاء الجامعات المصریة من طلاب، وأعضاء هیئة تدریس، وإداریین، وأولیاء أمور. أی جمیع الموارد البشریة المنتفعة من وراء منتجات/خدمات جیدة.  

السیناریو الجزئی 3:  ویحدد قدرة جامعاتنا المصریة على تحقیق الإبداع؛ لذا أطلق علیه "المسار الإبداعی للتحالفات الإستراتیجیة"، وینطلق هذا المسار من تواجد إدارة خاصة بالمعلومات داخل جامعات التحالف، وتکون إحدى وظائفها دراسة الأفکار الجدیدة النابعة من جمیع الموارد البشریة بجامعات التحالف، سواء فی الابتکارات والإبداعات العلمیة من أعضاء هیئة التدریس أو من خلال القطاعات التنمویة فی مواصفات المخرجات الجامعیة أو فی الإبداع الإداری للعاملین بإدارات الجامعة، ویقتضی ذلک تواجد التزام متبادل لجامعات التحالف بینها وبین القطاعات التنمویة بالمجتمع، ویقتضی ذلک توافر نظم للحوافز بین جامعات التحالف والقطاعات التنمویة بمجتمعاتها؛ لذا لا بُدَّ من توقع المشکلات التی تقع بها الجامعات من أجل محاولة وضع عدد من الحلول الإبداعیة لهذه المشکلات.

 السیناریو الجزئی 4:  ویحدد أهمیة نظم الاستشعار لجامعات التحالف؛ لذا أطلق علیه "المسار الاستشعاری للتحالفات الإستراتیجیة"، وینطلق هذا المسار من تواجد إدارة خاصة بالمعلومات داخل جامعات التحالف، تکون من أهم وظائفها استشعار الفرص المتاحة أمام الجامعات من أجل اقتناصها، واستشعار التهدیدات التی تواجهها من أجل الاستعداد لها، واستغلال جمیع نقاط القوة بجامعات التحالف والناتجة من تفعیل العلاقة بینها وبین القطاعات التنمویة بالمجتمع، واستشعار العائد الاقتصادی والاجتماعی والثقافی... إلخ لجامعات التحالف من تواجد هذه النظم؛ لذا لا بُدَّ من استشعار المشکلات التی قد تواجه جامعات التحالف، واستغلال التکافؤ بین جامعات التحالف فی استخراج القدرات الإبداعیة للموارد البشریة من أجل محاولة وضع مجموعة من الحلول الإبداعیة وتحلیلها وإظهار دورها فی مواجهة المشکلات المستقبلیة.

ثالثًا- الرادار الاستشرافی: 

یتضمن الرادار الاستشرافی رصد وتحلیل جمیع المعلومات الناتجة من نظم تبادل المعلومات بین جامعات التحالف، والخاصة بالماضی والحاضر والمستقبل لکل متغیر من متغیرات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، وبالتالی یساعد على إضافة العدید من المتغیرات التی تمثل مکونات النظام، ومن ثَمَّ التعرف على افتراضات تحقیق مقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات المصریة، وذلک قبل إعداد الحقل المورفولوجی للوصول إلى بناء السیناریوهات.

ویوضح الشکل رقْم (10) الرادار الاستشرافی لمتغیرات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، وذلک لإدراک متغیرات کلٍّ منهما. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقْم (10)

الرادار الاستشرافی

وبتحلیل الشکل رقْم (10) تتضح أهمیة الرادار الاستشرافی فی إمکانیة إضافة عدد من المتغیرات الأخرى إلى الذکاء التنافسی أو الإستراتیجی، وذلک قبل الإعداد النهائی للحقل المورفولوجی الذی یساعدنا على وضع عدد من السیناریوهات الجزئیة لرسم المسار المستقبلی لدور التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والذکاء الإستراتیجی، ثم وضع هذه المسارات أمام متخذی القرار لاختیار أحدها وتطبیقه عند عقد عدد من التحالفات الإستراتیجیة مع العدید من الجامعات الأخرى.

 رابعًا- مورفول وإعداد السیناریوهات الکلیة:  

     فی هذه الخطوة یتم عرض المتغیرات أو المکونات وافتراض تطورها من خلال متوازی الأسطح ثلاثی الأبعاد، وذلک من أجل الحصول على عدد من الممیزات، لعل من أهمها الوصول إلى المعطیات بسهولة؛ مما یترتب علیه وضوح السیناریوهات عبر التداخل بین العدید من التولیفات لکل متغیرات/مکونات التطور التی تم طرحها عبر الرادار. ویتم توضیح ذلک من خلال الشکل رقْم (11).

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقْم (11)

متوازی الأسطح لنظام موروفول

وبتحلیل الشکل رقْم (11) یتضح أنه من الممکن تغییر فرضیة من فرضیات التطور بأخرى، وذلک من خلال عدد من المستویات الثانی T2 أو الثالث T3 أو الرابع T4، وبالتالی من الممکن الوصول إلى السیناریو الأقرب لإمکانات الجامعات المصریة عند عقد هذه التحالفات، بحیث یتم اتباعه للارتقاء بالعائد لأکبر قدر ممکن. وقد تم عرض السیناریو الجزئی رقْم (1) الذی أطلقت علیه الدراسة "المسار الإستراتیجی للتحالفات الإستراتیجیة"، والذی یتکون من (إستراتیجیات المنافس، ورسم الإستراتیجیة، ودراسة الظواهر المستقبلیة، وحساب العائد، وتواجد نظم للیقظة الإستراتیجیة، وتزاید براءات الاختراع ).

وبالتالی یتم عرض السیناریوهات الجزئیة فی متوازی الأسطح ثلاثی الأبعاد، وذلک من أجل إیجاد عدد من السیناریوهات الکلیة لمنظور التحالفات الإستراتیجیة لرسم دورها المستقبلی فی تحقیق مقومات التکامل بین الذکاء التنافسی والذکاء الإستراتیجی للجامعات المصریة، ویتضح ذلک من خلال الشکل رقْم (12) الذی یقوم بتوضیح الحقل المورفولوجی للسیناریوهات الکلیة النهائیة التی توصلت إلیها الدراسة.

 

شکل رقْم (12)

الحقل المورفولوجی للسیناریوهات الکلیة

السیناریو الکلی الأول: والذی أطلق علیه "الطریق للعالمیة"، حیث تکون هذا السیناریو من افتراضات السیناریو الأول نفسه، والذی یحدد المسار الإستراتیجی للتحالفات، ولکن بعد وضع هدف لهذا السیناریو، والذی یکمن فی مساعدة التحالفات الإستراتیجیة الجامعات المصریة على الوصول إلى قمة التصنیفات العالمیة، وذلک من خلال قیام التحالفات برصد جمیع إستراتیجیات الجامعات المنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وتحلیلها من أجل التفوق على هذه الجامعات. وبالتالی لا بُدَّ من وضع التزام متبادل من قِبَل التحالفات الإستراتیجیة لوضع مجموعة من إستراتیجیات التمیز للجامعات المصریة من أجل تعظیم العائد من العملیة التعلیمیة والبحثیة والخدمیة داخل جامعاتنا المصریة، بالإضافة إلى وضعها على قمة التصنیفات العالمیة، ویقتضی ذلک تغییر أنماط تفکیر قیادتنا لیصبح التفکیر بلغة العلاقات هو السائد، ومحاولة توفیر نظم للیقظة الإستراتیجیة تسجیل جمیع المعلومات التی تؤثر فی طبیعة عمل الجامعات سواء بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة، مما یزید من قدرة الجامعات المصریة من خلال التحالفات على توفیر عدد أکبر من براءات الاختراع وغیرها من المخرجات التی تساعدها على الوصول إلى القمة.   

السیناریو الکلی الثانی: یحدد مسارا آخر لجامعات التحالف تحت عنوان"إعلان التحدی"، حیث یتکون هذا السیناریو من افتراضات السیناریو الثانی نفسه، والذی یحدد المسار المستقبلی  للتحالفات، ولکن اختلف الهدف هنا عن سیناریو "الطریق للعالمیة"، حیث یکمن الهدف هنا فی دخول صراع وتحدٍّ مع الجامعات المنافسة، حیث کل منها یبحث عن التحدیث المستمر للمنتجات/الخدمات التی یقدمها، وبالتالی لا بُدَّ لجامعات التحالف من زیادة التمویل المخصص لأنشطة الذکاء التنافسی من أجل إعطائها الأهمیة المناسبة لها، وذلک حتى یتم اقتناص جمیع الفرص المتاحة أمام جامعات التحالف؛ لذا یجب على القیادات رفع الروح المعنویة لجمیع الموارد البشریة العاملة بالجامعات على کافة المستویات، وذلک من خلال توفیر جمیع المعلومات أمامهم للمسار المستقبلی الذی یجب أن تکون فیه الجامعات المصریة وسط الجامعات المنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، حیث إن هناک شرطا رئیسًا للجامعات المصریة لکی تظل متواجدة فی الصراع والتنافس مع الجامعات الأخرى یتمثَّل فی تقدیم منتجات/خدمات تتنافس بها مع ما تقدمه الجامعات المنافسة.  

السیناریو الکلی الثالث: یحدد مسارا آخر لجامعات التحالف تحت عنوان"حتمیة الإبداع"، حیث یتکون هذا السیناریو من افتراضات السیناریو الثالث نفسه، والذی یحدد المسار الإبداعی للتحالفات. ویختلف الهدف هنا عن السیناریوهات السابقة فی الاستفادة من التحالفات فی إخراج القدرات الإبداعیة لجمیع الموارد البشریة بجامعات التحالف، حیث لا بُدَّ أن یتوافر لدى الإطار المؤسسی للتحالف إدارة خاصة للمعلومات، تکون من أهم مهامها جمع المعلومات الخاصة بکل المؤثرات الخارجیة والداخلیة فی التحالفات، کما أنه یجب توافر نظم لتبادل المعلومات، وذلک من أجل تحلیل قدرات جامعات التحالف، من أجل طرح عدد من التوقعات الإبداعیة للمخرجات الجامعیة من منظومة التحالف الإستراتیجی، وکیفیة تحقیق الإبداع بها بأقصى درجة ممکنة، سواء فی خریج ذوی قدرات إبداعیة، أو فی بحث علمی یساعدنا على توقع المشکلات وتواجد عدد من الحلول الإبداعیة لها، ثم القیام بدراسة هذه الحلول الإبداعیة ومدى إمکانیة تطبیق کل منها فی الجامعات المصریة، وبالتالی لا بُدَّ من توافر الحوافز المالیة والمعنویة الملائمة للموارد البشریة المبدعة سواء أکان فی التدریس أم البحث العلمی أم فی تقدیم خدمات مجتمعیة.

السیناریو الکلی الرابع: ویحدد مسارًا آخر لجامعات التحالف تحت عنوان"استمرار الاستثناء"، حیث یتکون هذا السیناریو من افتراضات السیناریو الرابع نفسه، والذی یحدد المسار الاستشعاری للتحالفات، حیث یکمن الغرض الإستراتیجی الرئیسی للتحالفات فی تواجد نظم استشعار بالعدید من التغییرات التی سوف تطرأ على القطاعات التنمویة بالمجتمع، فمن الممکن أن یکون لها تأثیر فی أداء الجامعات. ولکن هناک بعض الاستثناءات فی الجامعات المصریة نظرًا لطبیعة المجتمع المصری تجعل هناک صعوبة فی الانصهار التام بین الجامعة والمجتمع؛ لذا لا بُدَّ من تواجد نظم للاستشعار وللمعلومات، وذلک من أجل تفعیل العلاقة بین الجامعات والقطاعات التنمویة بالمجتمع بنوعیة من الاستثناءات فی قانون تنظیم الجامعات، حیث تعد القطاعات التنمویة أحد مصادر التمویل، وبالتالی تساعد الاستثناءات التی تتخذها الجامعة لتواجد نظم للاستشعار على توقع المشکلات التی تقف عائقا أمام الجامعات. وأیضًا استخراج القدرات الإبداعیة التی تمتلکها الموارد البشریة بجامعات التحالف، لذا لا بُدَّ من توفیر حوافز استثنائیة لجمیع العاملین بنظم الاستشعار حتى لا یتم تجاهل أی مؤثر من المؤثرات، وبالتالی سیکون له تأثیر سلبی فی أداء جامعات التحالف.

خامسًا: السیناریو الأکثر احتمالًا "التحالفات الإستراتیجیة طریق الجامعات المصریة لتحقیق الذکاء التنافسی والإستراتیجی".   

تم اختیار هذا السیناریو لعدد من الأسباب، لعل من أهمها الاتفاق مع الرؤیة الإستراتیجیة للمعرفة والابتکار والبحث العلمی فی إستراتیجیة التنمیة المستدامة رؤیة مصر 2030، والتی ترکز على جعل المجتمع المصری مبدعا ومبتکرا ومنتجا للعلوم والتکنولوجیا والمعارف بحلول 2030. وهذه أهم دعائم اقتصاد المعرفة التی تسعى الجامعات العالمیة إلى استخدام ذکائها التنافسی والإستراتیجی فی تحقیق متطلباته، وبالتالی نحن فی حاجة فی هذه الدراسة إلى سیناریو یحاول تحقیق هذه الرؤیة، وأیضًا لا بُدَّ من تناسب السیناریو مع طبیعة المجتمع المصری وإمکاناته، وبالتالی لا بُدَّ من الدمج بین سیناریو "حتمیة الإبداع" و"الطریق للعالمیة" لتکوین السیناریو الأکثر احتمالًا.

ویقوم هذا السیناریو على قیام القیادات الجامعیة بتوفیر بیئة إبداعیة ومحفزة للابتکار، حیث یقوم الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات على إنتاج نوعیة مختلفة من المعرفة تتمیز بها الجامعات المصریة عن غیرها. ولن یتم توفیر هذه البیئة الإبداعیة إلّا من خلال تبنی صیغ عالمیة جدیدة تقوم بتفعیل ذلک. وبالتالی لا بُدَّ من دعم التحالفات الإستراتیجیة داخل الجامعات المصریة باعتبارها البنیة الرئیسیة للبحث العلمی وتطبیقاته، وهی أحد أهم مصادر المعرفة، وبالتالی أحد أهم القواعد المنظمة لعملیة الابتکار.

ومن المنطلق نفسه فإنه لتدعیم الابتکار داخل الجامعات المصریة من خلال التحالفات الإستراتیجیة لا بُدَّ من تبنی إستراتیجیة للتمیز داخل هذه الجامعات قائمة على التفوق على الجامعات المنافسة على جمیع المستویات العالمیة والإقلیمیة والمحلیة، وترتکز على مجموعة من القواعد، لعل من أهمها وجود نظام للیقظة الإستراتیجیة من خلال إدارة للمعلومات داخل الجامعات، ویقوم على جمع کل المعلومات حول إستراتیجیات الجامعات المنافسة. کما أنه من أهم قواعد إستراتیجیة التمیز تشجیع الأفکار الإبداعیة وبراءات الاختراع، ولن یتم ذلک إلا بتواجد التحالفات الإستراتیجیة التی تقوم بتوفیر البیئة اللازمة لتواجد هذا الإبداع وتحویله إلى  براءات اختراع، ومحاولة تطبیق هذه الأفکار والاستفادة منها.

وبالتالی تعد التحالفات الإستراتیجیة فی هذا السیناریو أحد أهم دعائم الابتکار؛ لِمَا لها من دور فی دعم التفکیر النظمی بلغة العلاقات، حیث العلاقة بین المدخلات بعضها البعض، وأیضًا العلاقة بالمخرجات، وکذلک العلاقة بین الجامعات والمراکز البحثیة بداخلها والمؤسسات التنمویة بالمجتمع الخارجی، حیث تسعى جمیعها إلى تحقیق هدف واحد یکمن فی تلبیة الاحتیاجات الاقتصادیة الکامنة فی السعی إلى توفیر مقومات اقتصاد المعرفة داخل المجتمع المصری، وأیضًا الاحتیاجات المجتمعیة الکامنة فی رفع جودة الحیاة للمواطنین، وتطویر جمیع الخدمات المقدمة للمواطنین فی جمیع القطاعات.

ومن المنطلق نفسه تحاول التحالفات الإستراتیجیة إیجاد التزام متبادل بین الجامعات المتحالفة أو بین الجامعات والمؤسسات التنمویة على تبنی الحلول الإبداعیة للعدید من المشکلات، وأیضًا تبنی الأفکار الإبداعیة، وذلک من خلال توفیر نظم للحوافز تقتضی تفعیل هذا الالتزام لتعظیم العائد من هذه التحالفات الإستراتیجیة، والتی تستهدف دائمًا نقل المجتمع المصری إلى مجتمع معرفة قائم على نوعیة مختلفة من الاقتصاد، والمعروف باقتصاد المعرفة، وأیضًا وضع الجامعات المصریة مع الجامعات المتحالفة على قمة التصنیفات العالمیة متفوقة بذلک على العدید من منافسیها.

سادسًا: آلیات تنفیذ السیناریو الأکثر احتمالا:   

هناک العدید من الآلیات التی یجب اتباعها من أجل تحویل السیناریو الأکثر احتمالًا إلى واقع فعلی یجعل المجتمع المصری فی مقدمة المجتمعات المتقدمة معرفیًّا، ویکون اقتصادها قائما بصفة أساسیة على اقتصاد المعرفة، لعل من أهمها ما یلی:

1-   القیادات الجامعیة: لا بُدَّ من تغییر أنماط اختیار القیادات الجامعیة؛ لتصبح أنماطا قادرة على استقطاب القیادات الإستراتیجیة التی تمتلک العدید من مهارات الذکاء التنافسی والإستراتیجی، وبالتالی تمتلک القدرة على إحداث التحول الإستراتیجی للجامعات المصریة من خلال التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق مقومات اقتصاد المعرفة، وهو ما یتفق مع رؤیة مصر 2030 فی تکوین مجتمع مبدع مبتکر منتج للعلوم والتکنولوجیا، وبالتالی تحقیق الطفرة الإستراتیجیة للمجتمع المصری.

2-   تغییر نمط استقطاب أعضاء هیئة التدریس: حیث تفترض التحالفات الإستراتیجیة نوعیة معینة من أعضاء هیئة التدریس، قادرة على تطبیق مهارات الذکاء التنافسی والإستراتیجی فی العملیات التدریسیة والبحثیة والخدمیة؛ لذا لا بُدَّ من توافر أنماط للاستقطاب تقوم على انتقاء أعضاء هیئة التدریس ذوی المهارات الملائمة للتدریس بالأسالیب الحدیثة التی یتطلبها مجتمع المعرفة، وأیضًا امتلاک مهارات بحثیة قادرة على اختراق العدید من المجالات الدقیقة من أجل إنتاج نوعیة مختلفة من المعرفة تتناسب مع متطلبات اقتصاد المعرفة.

3-   تغییر نمط استقطاب الإداریین: حیث تفترض التحالفات الإستراتیجیة نوعیة معینة من الإداریین، وذلک من أجل فهم طبیعة العمل داخل هذه التحالفات، تمتلک العدید من المهارات التی تتناسب مع مقومات الذکاء التنافسی والإستراتیجی للجامعات؛ حیث إن العمل الإداری جزء من منظومة العمل داخل جامعاتنا، وبالتالی نحن فی حاجة إلى نوعیة معینة من الإداریین، إذن لا بُدَّ من تغییر أنماط الاستقطاب لهذه النوعیة من الموارد البشریة.

4-   اختراق مجالات بحثیة دقیقة: تقتضی التحالفات الإستراتیجیة محاولة استغلال الجامعات المصریة ذکاءها التنافسی والإستراتیجی فی محاولة اختراق العدید من المجالات البحثیة الدقیقة التی یتم تناولها فی الجامعات العالمیة، والتی تکون على مستوى النانو والألفمتو والبیکو... إلخ، وتطبیقها فی العدید من المجالات الطبیة، والهندسیة، والزراعیة، والتکنولوجیة... إلخ، وذلک من أجل محاولة تحقیق طفرة إستراتیجیة  فی المجتمع المصری. 

5-   توفیر التمویل: على الجامعات المصریة زیادة مصادر تمویلها بحیث تحقق الجودة فی منظومة العمل بداخلها، وبالتالی تکون قادرة على عقد العدید من التحالفات الإستراتیجیة مع العدید من الجامعات المتمیزة على المستوى العالمی، وبالتالی تساعد التحالفات الإستراتیجیة على تحقیق التمیز المطلوب من جامعاتنا فی تحقیق مقومات اقتصاد المعرفة.

6-   إدارة المعلومات: الجامعات المصریة فی حاجة ملحة إلى تواجد إدارة خاصة بالمعلومات بداخلها، تکون مسئولة عن جمع المعلومات الخاصة بإستراتیجیات العدید من الجامعات الأخرى المنافسة على الصعیدین العالمی والإقلیمی، ومحاولة رصد جمیع نقاط القوة التی تتسلح بها هذه الجامعات، وأیضًا تجمیع نقاط الضعف التی تتواجد بداخلها، والفرص المتاحة لدیها فی تحقیق التواجد العالمی، وتحدید التهدیدات التی تواجه جامعاتنا، وأیضًا جمع المعلومات الخاصة بإمکانات الواقع التی تتواجد فیه.

7-  الشفاقیة: لا بُدَّ من محاولة تغییر القیم التی تتواجد داخل الجامعات المصریة، وأن تُسْتَبْدَل بها العدید من القیم التی تحتاجها التحالفات الإستراتیجیة؛ حیث إنه لا بُدَّ من توافر نوع من الشفاقیة لدى الجامعات المصریة عن العدید من المدخلات البشریة والمالیة والفیزیقیة... إلخ، وذلک من أجل محاولة التخطیط الإستراتیجی فی ضوء الإمکانیات المتاحة فی جامعاتنا.

8-   التشریعات والسیاسات: لا بُدَّ من تغییر التشریعات والسیاسات التی تحکم منظومة العمل بجامعاتنا المصریة، بحیث تتناسب التشریعات والسیاسات الجدیدة مع قدرة جامعاتنا على عقد العدید من التحالفات الإستراتیجیة مع العدید من الجامعات الأخرى العالمیة منها والإقلیمیة، وتتناسب أیضًا مع مقومات تحقیق التکامل بین الذکاء التنافسی والإستراتیجی داخل هذه الجامعات. 

9-   الرؤیة الإستراتیجیة: یجب أن تنطلق التحالفات الإستراتیجیة من رؤیة إستراتیجیة للجامعات المصریة قائمة على تحقیق الإبداع فی جمیع العملیات التی تحدث بداخل هذه المنظومة الجامعیة سواء فی التدریس أو البحث العلمی أو خدمة المجتمع؛ وذلک من أجل إنتاج نوعیة متمیزة من المعارف تتناسب مع متطلبات إقامة اقتصاد معرفة، وأیضًا من أجل التقابل مع رؤیة مصر 2030 فی تکوین مجتمع مبدع ومبتکر ومنتج للعلوم والتکنولوجیا.

10-    الرسالة: حیث لا بُدَّ أن تنبع رسالة الجامعات المصریة من رؤیتها الإستراتیجیة، ومن ثَمَّ فلا مناص من تغییر رسالة الجامعات المصریة، بحیث تقتضی الرسالة الجدیدة محاولة توفیر جمیع المقومات التی تساعد على نجاح التحالفات الإستراتیجیة فی تحقیق التمیز المتوقع لجامعتنا من أجل تحقیق التحول إلى اقتصاد المعرفة. وبالتالی لا بُدَّ من تغییر أدوات التدریس وتقنیاتها من أجل إنتاج المعرفة، والسعی إلى تحفیز الباحثین على اختراق مجالات بحثیة متمیزة، وأیضًا محاولة تحقیق المتطلبات التنمویة للمجتمع المصری.

11-    الغایات والأهداف الإستراتیجیة: حیث إن تحدید عدد من الغایات الإستراتیجیة للجامعات المصریة یکمن فی وضع هذه الجامعات على قمة التصنیفات العالمیة، وتحقیق القیادة لها فی الإبداع والابتکار فی العدید من المجالات والعلوم، وبالتالی یتم ترجمة هذه الغایات إلى  عدد من الأهداف الإستراتیجیة لجامعاتنا التی تقوم بتفعیل هذه الغایة من خلال المزید من التحالفات الإستراتیجیة مع جامعات ومؤسسات تنمویة ذات ثقل عالمی، وتطویر القدرة التنافسیة، وتحقیق الریادة فی التکنولوجیا.. إلخ.

12-    الإدارة الجامعیة: هناک العدید من الأدوات والتقنیات الحدیثة فی الإدارة الجامعیة والتی تتناسب مع متطلبات تحقیق نجاح هذة التحالفات الإستراتیجیة؛ لذا یجب على الجامعات المصریة تغییر الأنماط الإداریة التقلیدیة، وتبنی بعض هذه الأدوات والتقنیات التی تساعد على تفعیل ذلک.

13-    تبنی إستراتیجیة من إستراتیجیات التنافس لبورتر: تعمل على استغلال کل موارد الجامعات المصریة لتحقیق رؤیتها فی المستقبل من خلال هذا التحالف.

 


المصادر والمراجع

أولًا- باللغة العربیة:

1-    أحمد السید الکردی: "إطار مقترح لبناء وإدارة التحالفات الإستراتیجیة لدعم القدرات التنافسیة فی الجامعات المصریة"، ماجستیر، قسم إدارة الأعمال، کلیة التجارة، جامعة بنها، 2011م. 

2-    إیاد فاضل محمد التمیمی، وشاکر جار الله الخشالی: "أثر مقومات التحالف الإستراتیجی فی تحقیق النجاح الإستراتیجی: دراسة تطبیقیة فی البنوک التجاریة العاملة فی الأردن"، المجلة الأردنیة فی إدارة الأعمال، المجلد (11)، العدد(3)، 2015م.

3-    تامر حمدان عبد القادر مسلم: "أثر الذکاء الإستراتیجی على القیادة من وجهة نظر القیادات الإداریة العلیا فی الجامعات الفلسطینیة بقطاع غزة"، ماجستیر، قسم إدارة الأعمال، کلیة الاقتصاد والعلوم الإداریة، جامعة الأزهر – غزة، 2015م. 

4-    ره نج محمد نوری داوده، ودلوفان أمین سلیمان: "دور التحالفات الإستراتیجیة فی تعزیز التوجه الریادی للمنظمة"، مجلة جامعة زاخو، المجلد 2 (B)، العدد 2،  2014م.

5-    سحر صبری، ونعمة زهران: "التفکیر النظمی فی الدراسات المستقبلیة: من التحلیل إلى التعقید والترکیب والنمذجة"، سلسلة أوراق، وحدة الدراسات المستقبلیة بمکتبة الإسکندریة، العدد(6)، 2012م. 

6-     سماح زکریا محمد: "دور التحالفات الإستراتیجیة فی دعم وبناء المسؤولیة الاجتماعیة للجامعات المصریة"، مجلة کلیة التربیة بالإسکندریة، المجلد (25)، العدد (4)، 2015م.   

7-    عبد الرحمن توفیق: "تجارب الإبداع والجودة"، القاهرة، مرکز الخبرات المهنیة للإدارة، 2007م.

8-    عبد الله سعدون عبد الله العامری: "أثر الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی على النجاح الإستراتیجی: دراسة تطبیقیة على شرکة الخطوط الجویة الملکیة الأردنیة"، ماجستیر، قسم إدارة الأعمال، کلیة الأعمال، جامعة الشرق الأوسط، 2011م.

9-    عبد الودود شاکر عبد مرزوک الجنابی: "دور عوامل النجاح الحرجة فی تحقیق النجاح الإستراتیجی قدرات رأس المال البشری متغیرًا وسیطا "، ماجستیر کلیة الأعمال، جامعة الشرق الأوسط، 2017م.

10-                        عثمان محمد غنیم: "التحلیل المورفولوجی: تطبیق على حوادث المرور فی المدن "، مجلة جامعة أم القرى للعلوم الاجتماعیة، المجلد الثالث، العدد الأول، 2011م.

11-                        بن عزة محمد أمین: " التحالفات الإستراتیجیة کضرورة للمؤسسات الاقتصادیة فی ظل العولمة "، مجلة اقتصادیات شمال إفریقیا، العدد الثانی، 2005م.  

12-                        محمد سلیم قلاله: "التحلیل المورفولوجی وبناء السیناریوهات"، مجلة استشراف للدراسات المستقبلیة، قطر، المرکز العربی للأبحاث ودراسة السیاسات، 2017م.

13-                        ملاک طاهر مرسی عطیة: "التحالفات الإستراتیجیة التسویقیة"، مجلة البحوث المالیة والتجاریة، کلیة التجارة، جامعة بور سعید، العدد (2)، 2011م.

14-                        هانی نوال: "التحالفات الإستراتیجیة وتأثیرها على تنافسیة المؤسسات الصناعیة: حالة قطاع الصناعة الدوائیة – مجمع صیدال"، مجلة الاقتصاد والمجتمع، مخبر المغرب الکبیر الاقتصاد والمجتمع، العدد(10)، 2014م. 

ثانیًا- باللغة الإنجلیزیة:

 

1-     Arciszewski ,Tomasz: "Morphological Analysis in Inventive Engineering" , Technological Forecasting & Social Change , Issue (126) , 2018.

2-    Cordts , Jerome Richard.: " Higher Education Executives' Responses to the2002 National Survey of Higher Education Alliance Strategy and Practice: A Report of the Findings " , PhD , Human Development ,  Graduate School of Education , The George Washington University , 2003.

3-    Duczynski , Guy: " Investigating traffic congestion: Targeting Technological and social interdependencies through general morphological analysis " , Technological Forecasting & Social Change , Issue (126) , 2018.

4-    Estrad, Isabel et al : " The role of interpartner dissimilarities in Industry-University alliances: Insights from a comparative case study " , Research Policy , No(45) , 2016.

5-    Johannesson , Jokull: " " The Relationships among Strategic

      Intelligence Aggressiveness, Capability, and the Success of the 

      Strategic Intelligence Function" , Phd , the College o f Business 

      Administration , United States International University , 1994.

 

6-    Haydo, Peter A: " From Morphological Analysis to optimizing complex industrial operation scenarios " ,  Technological Forecasting & Social Change , Issue(126) , 2018.

7-    Kalac, Edin et al: " Competitive Intelligence: Importance and Application in Practice ",  Review of Innovation and Competitiveness , Vol(1) , No(1) , 2015.

8-    Johansen , Iver: "  Scenario modelling with morphological analysis" , Technological Forecasting & Social Change , Issue(126) , 2018.

9-    Keikha, Abbas et al: " Investigating effects of Strategic Intelligence of Managers on the performance of employees (Case Study: Private Banks in city of Zahedan) , International Journal of Scientific & Engineering Research, Vol(7), Issue (3), 2016.

10-                       Kohtamäki , Marko et al : " Alliance capabilities: A systematic review and future research directions " , Industrial Marketing Management ,  No(68), 2018

11-                       Kruger , Jean-Pierre: " a Study of Strategic Intelligence as a Strategic Management Tool in the Long-Term Insurance Industry in South Africa" , Master of Commerce , Business Management ,University of South Africa , 2010.

12-                       Li , Zhigang  et al : " The virtual alliance knowledge sharing model and selection strategy" , Procedia Computer Science , No( 91) ,  2016.

13-                       Li , Xiaoqing et al: " Knowledge sharing in China–UK higher education alliances ",International Business Review , Issue (23) , 2014. 

14-                       Liebowitz, jay:" Strategic Intelligence: Business Intelligence , Competitive Intelligence, and Knowledge Management " ,(Boca Raton , CRC Press (Auerbach Publication) , 2006).

15-                       Lin , Haiying: " Strategic Alliances for Environmental Improvements " , Phd, Department of Environmental Science and Public Policy , George Mason University , 2010.

16-                       Ma,Jinzhong et al: "The applicable strategy for the courses alliance in regional niversities based on MOOC platform, Procedia - Social and Behavioral Sciences , No (176), 2015.

17-                       Mansor, Zuraina Dato:" International Strategic Alliance in Higher Education Sectors (Learning for Competitive Advantage) - A Case From Malaysian Private College " , The Journal of Human Resource and Adult Learning , Vol(5) , No(2) , 2009

18-                       Mendoza, Marlena Leon et al: " Strategic alliances in higher education in Ecuador: the challenge of knowledge transfer and its effect on the learning curve " , Suma de Negocios , Vol(5) , Issue (12), 2014.

19-                       McDowell ,Don: " Strategic Intelligence A Handbook for Practitioners, Managers, and Users" , (Maryland , Scarecrow Press , 2009).

20-                       Naidoo ,Vik & Hollebeek,Linda D: " Higher education brand alliances: Investigating consumers' dual-degree purchase intentions" , Journal of Business Research , Issue (69) , 2016.

21-                       Odendaal , Bernardus Johannes:"Competitive Intelligence with Specific Reference to the Challenges Facing the Competitive Intelligence Professional in South Africa" , Master ,  Security Studies, the Faculty of Humanities , University of Pretoria , 2004.

22-                       Pu ,Chamim Christopher: " Morphological Operations in Image  Processing and Analysis" , Phd , Department of Computer and Information Science , Faculty of New Jersey Institute of Technology ,1993.

23-                       Ritchey, Tom: " General morphological analysis as a basic scientific modelling method" , Technological Forecasting & Social Change , Issue(126) , 2018.

24-                       Rosevear , Scott G.: " Understanding the Formation of a Cross-Industry Alliance in the Knowledge Industry " , Phd , Education , The University o f Michigan , 1999.

25-                       Seitovirta, Laura Camilla: " The Role of Strategic Intelligence Services in Corporate Decision Making " , Master's , Department of Management and International Business , Aalto University, School of Economics,2011

26-                       Shakeri, Roya& Radfar, Reza:"  Antecedents of strategic alliances performance in biopharmaceutical industry: A comprehensive model", Technological Forecasting & Social Change, Issue (122), 2017.

27-                         Smith , Penny Little: "Planned Change in Higher Education:a Case Study of the Nassp Alliance for Developing School Leaders " , Phd ,  the Department of Educational Leadership and Policy Analysis , East Tennessee State University , 1994.

28-                       Tsang , Eric W. K.: "Motives For Strategic Alliance: a Resource-based Perspective " , Scandinaviaian Journal of Management , Vol(14), Issue(3).1998

29-                       Wolter, Katja: " Application Management: challenges –Service Creation-Strategies " , in Frank Keuper , Christian Oecking , and Andreas Degenhardt (eds) , ( wiesbaden, Gabler-Verlag,2011). 

30-                       Zec ,Marin & Matthes, Florian: " Web-based software-support for collaborative morphological analysis in real-time " , Technological Forecasting & Social Change , Issue(126),2018.

31-                       Kwon, Heeyeul et al: "Toward data-driven idea generation: Application of Wikipedia to morphological analysis " , Technological Forecasting & Social Change , Issue (132) , 2018.

 

 

أولًا- باللغة العربیة:
1-    أحمد السید الکردی: "إطار مقترح لبناء وإدارة التحالفات الإستراتیجیة لدعم القدرات التنافسیة فی الجامعات المصریة"، ماجستیر، قسم إدارة الأعمال، کلیة التجارة، جامعة بنها، 2011م. 
2-    إیاد فاضل محمد التمیمی، وشاکر جار الله الخشالی: "أثر مقومات التحالف الإستراتیجی فی تحقیق النجاح الإستراتیجی: دراسة تطبیقیة فی البنوک التجاریة العاملة فی الأردن"، المجلة الأردنیة فی إدارة الأعمال، المجلد (11)، العدد(3)، 2015م.
3-    تامر حمدان عبد القادر مسلم: "أثر الذکاء الإستراتیجی على القیادة من وجهة نظر القیادات الإداریة العلیا فی الجامعات الفلسطینیة بقطاع غزة"، ماجستیر، قسم إدارة الأعمال، کلیة الاقتصاد والعلوم الإداریة، جامعة الأزهر – غزة، 2015م. 
4-    ره نج محمد نوری داوده، ودلوفان أمین سلیمان: "دور التحالفات الإستراتیجیة فی تعزیز التوجه الریادی للمنظمة"، مجلة جامعة زاخو، المجلد 2 (B)، العدد 2،  2014م.
5-    سحر صبری، ونعمة زهران: "التفکیر النظمی فی الدراسات المستقبلیة: من التحلیل إلى التعقید والترکیب والنمذجة"، سلسلة أوراق، وحدة الدراسات المستقبلیة بمکتبة الإسکندریة، العدد(6)، 2012م. 
6-     سماح زکریا محمد: "دور التحالفات الإستراتیجیة فی دعم وبناء المسؤولیة الاجتماعیة للجامعات المصریة"، مجلة کلیة التربیة بالإسکندریة، المجلد (25)، العدد (4)، 2015م.   
7-    عبد الرحمن توفیق: "تجارب الإبداع والجودة"، القاهرة، مرکز الخبرات المهنیة للإدارة، 2007م.
8-    عبد الله سعدون عبد الله العامری: "أثر الذکاء الإستراتیجی والذکاء التنافسی على النجاح الإستراتیجی: دراسة تطبیقیة على شرکة الخطوط الجویة الملکیة الأردنیة"، ماجستیر، قسم إدارة الأعمال، کلیة الأعمال، جامعة الشرق الأوسط، 2011م.
9-    عبد الودود شاکر عبد مرزوک الجنابی: "دور عوامل النجاح الحرجة فی تحقیق النجاح الإستراتیجی قدرات رأس المال البشری متغیرًا وسیطا "، ماجستیر کلیة الأعمال، جامعة الشرق الأوسط، 2017م.
10-                        عثمان محمد غنیم: "التحلیل المورفولوجی: تطبیق على حوادث المرور فی المدن "، مجلة جامعة أم القرى للعلوم الاجتماعیة، المجلد الثالث، العدد الأول، 2011م.
11-                        بن عزة محمد أمین: " التحالفات الإستراتیجیة کضرورة للمؤسسات الاقتصادیة فی ظل العولمة "، مجلة اقتصادیات شمال إفریقیا، العدد الثانی، 2005م.  
12-                        محمد سلیم قلاله: "التحلیل المورفولوجی وبناء السیناریوهات"، مجلة استشراف للدراسات المستقبلیة، قطر، المرکز العربی للأبحاث ودراسة السیاسات، 2017م.
13-                        ملاک طاهر مرسی عطیة: "التحالفات الإستراتیجیة التسویقیة"، مجلة البحوث المالیة والتجاریة، کلیة التجارة، جامعة بور سعید، العدد (2)، 2011م.
14-                        هانی نوال: "التحالفات الإستراتیجیة وتأثیرها على تنافسیة المؤسسات الصناعیة: حالة قطاع الصناعة الدوائیة – مجمع صیدال"، مجلة الاقتصاد والمجتمع، مخبر المغرب الکبیر الاقتصاد والمجتمع، العدد(10)، 2014م. 
ثانیًا- باللغة الإنجلیزیة:
 
1-     Arciszewski ,Tomasz: "Morphological Analysis in Inventive Engineering" , Technological Forecasting & Social Change , Issue (126) , 2018.
2-    Cordts , Jerome Richard.: " Higher Education Executives' Responses to the2002 National Survey of Higher Education Alliance Strategy and Practice: A Report of the Findings " , PhD , Human Development ,  Graduate School of Education , The George Washington University , 2003.
3-    Duczynski , Guy: " Investigating traffic congestion: Targeting Technological and social interdependencies through general morphological analysis " , Technological Forecasting & Social Change , Issue (126) , 2018.
4-    Estrad, Isabel et al : " The role of interpartner dissimilarities in Industry-University alliances: Insights from a comparative case study " , Research Policy , No(45) , 2016.
5-    Johannesson , Jokull: " " The Relationships among Strategic
      Intelligence Aggressiveness, Capability, and the Success of the 
      Strategic Intelligence Function" , Phd , the College o f Business 
      Administration , United States International University , 1994.
 
6-    Haydo, Peter A: " From Morphological Analysis to optimizing complex industrial operation scenarios " ,  Technological Forecasting & Social Change , Issue(126) , 2018.
7-    Kalac, Edin et al: " Competitive Intelligence: Importance and Application in Practice ",  Review of Innovation and Competitiveness , Vol(1) , No(1) , 2015.
8-    Johansen , Iver: "  Scenario modelling with morphological analysis" , Technological Forecasting & Social Change , Issue(126) , 2018.
9-    Keikha, Abbas et al: " Investigating effects of Strategic Intelligence of Managers on the performance of employees (Case Study: Private Banks in city of Zahedan) , International Journal of Scientific & Engineering Research, Vol(7), Issue (3), 2016.
10-                       Kohtamäki , Marko et al : " Alliance capabilities: A systematic review and future research directions " , Industrial Marketing Management ,  No(68), 2018
11-                       Kruger , Jean-Pierre: " a Study of Strategic Intelligence as a Strategic Management Tool in the Long-Term Insurance Industry in South Africa" , Master of Commerce , Business Management ,University of South Africa , 2010.
12-                       Li , Zhigang  et al : " The virtual alliance knowledge sharing model and selection strategy" , Procedia Computer Science , No( 91) ,  2016.
13-                       Li , Xiaoqing et al: " Knowledge sharing in China–UK higher education alliances ",International Business Review , Issue (23) , 2014. 
14-                       Liebowitz, jay:" Strategic Intelligence: Business Intelligence , Competitive Intelligence, and Knowledge Management " ,(Boca Raton , CRC Press (Auerbach Publication) , 2006).
15-                       Lin , Haiying: " Strategic Alliances for Environmental Improvements " , Phd, Department of Environmental Science and Public Policy , George Mason University , 2010.
16-                       Ma,Jinzhong et al: "The applicable strategy for the courses alliance in regional niversities based on MOOC platform, Procedia - Social and Behavioral Sciences , No (176), 2015.
17-                       Mansor, Zuraina Dato:" International Strategic Alliance in Higher Education Sectors (Learning for Competitive Advantage) - A Case From Malaysian Private College " , The Journal of Human Resource and Adult Learning , Vol(5) , No(2) , 2009
18-                       Mendoza, Marlena Leon et al: " Strategic alliances in higher education in Ecuador: the challenge of knowledge transfer and its effect on the learning curve " , Suma de Negocios , Vol(5) , Issue (12), 2014.
19-                       McDowell ,Don: " Strategic Intelligence A Handbook for Practitioners, Managers, and Users" , (Maryland , Scarecrow Press , 2009).
20-                       Naidoo ,Vik & Hollebeek,Linda D: " Higher education brand alliances: Investigating consumers' dual-degree purchase intentions" , Journal of Business Research , Issue (69) , 2016.
21-                       Odendaal , Bernardus Johannes:"Competitive Intelligence with Specific Reference to the Challenges Facing the Competitive Intelligence Professional in South Africa" , Master ,  Security Studies, the Faculty of Humanities , University of Pretoria , 2004.
22-                       Pu ,Chamim Christopher: " Morphological Operations in Image  Processing and Analysis" , Phd , Department of Computer and Information Science , Faculty of New Jersey Institute of Technology ,1993.
23-                       Ritchey, Tom: " General morphological analysis as a basic scientific modelling method" , Technological Forecasting & Social Change , Issue(126) , 2018.
24-                       Rosevear , Scott G.: " Understanding the Formation of a Cross-Industry Alliance in the Knowledge Industry " , Phd , Education , The University o f Michigan , 1999.
25-                       Seitovirta, Laura Camilla: " The Role of Strategic Intelligence Services in Corporate Decision Making " , Master's , Department of Management and International Business , Aalto University, School of Economics,2011
26-                       Shakeri, Roya& Radfar, Reza:"  Antecedents of strategic alliances performance in biopharmaceutical industry: A comprehensive model", Technological Forecasting & Social Change, Issue (122), 2017.
27-                         Smith , Penny Little: "Planned Change in Higher Education:a Case Study of the Nassp Alliance for Developing School Leaders " , Phd ,  the Department of Educational Leadership and Policy Analysis , East Tennessee State University , 1994.
28-                       Tsang , Eric W. K.: "Motives For Strategic Alliance: a Resource-based Perspective " , Scandinaviaian Journal of Management , Vol(14), Issue(3).1998
29-                       Wolter, Katja: " Application Management: challenges –Service Creation-Strategies " , in Frank Keuper , Christian Oecking , and Andreas Degenhardt (eds) , ( wiesbaden, Gabler-Verlag,2011). 
30-                       Zec ,Marin & Matthes, Florian: " Web-based software-support for collaborative morphological analysis in real-time " , Technological Forecasting & Social Change , Issue(126),2018.
31-                       Kwon, Heeyeul et al: "Toward data-driven idea generation: Application of Wikipedia to morphological analysis " , Technological Forecasting & Social Change , Issue (132) , 2018.