العوامل المؤثّرة في صناعة القرار واتخاذه لدى مديري المدارس في الرّيف الأردني

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

هدفت الدراسةُ الحاليّةُ تعرّفَ العوامل المؤثّرة في صناعة القرار واتخاذه لدى مديري المدارس في الرّيف الأردني. ودرجة تأثر استجابات المستجيبين بمتغيّرات کل من الجنس والوظيفة والخبرة العمليّة، ولتحقيق هدف الدراسة تم تطوير استبانة مکوّنة من 26 فقرة موزعة على أربعة أبعاد، وزّعت على عيّنة مکوّنة من 185 فرداً من المعلّمين والمديرين التابعين لمجتمع الدراسة للعام الدراسي 2018 -2019. وأظهرت نتائج الدراسة ارتفاع درجة تأثير کل من العوامل الشخصيّة، والإنسانيّة، والتنظيميّة والإداريّة في صناعة القرار واتخاذه لدى مديري المدارس في الرّيف الأردني، وتوسط درجة تأثير العوامل البيئيّة والاجتماعيّة، کما أظهرت أن هناک أثراً ذا دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة ( α ≤ 0.05) لمتغيّر الوظيفة

الكلمات الرئيسية


العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی

د. عمر علی الرفایعه

(أستاذ الإدارة والتخطیط التربوی المساعد/ کلیة التربیة

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة)

المستخلص: هدفت الدراسةُ الحالیّةُ تعرّفَ العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی. ودرجة تأثر استجابات المستجیبین بمتغیّرات کل من الجنس والوظیفة والخبرة العملیّة، ولتحقیق هدف الدراسة تم تطویر استبانة مکوّنة من 26 فقرة موزعة على أربعة أبعاد، وزّعت على عیّنة مکوّنة من 185 فرداً من المعلّمین والمدیرین التابعین لمجتمع الدراسة للعام الدراسی 2018 -2019. وأظهرت نتائج الدراسة ارتفاع درجة تأثیر کل من العوامل الشخصیّة، والإنسانیّة، والتنظیمیّة والإداریّة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی، وتوسط درجة تأثیر العوامل البیئیّة والاجتماعیّة، کما أظهرت أن هناک أثراً ذا دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة ( α ≤ 0.05) لمتغیّر الوظیفة.


Factors influencing taking and decision-making of school principals in the Jordanian countryside. Omar Ali Alrafayia

Abstract: The present study aimed to identify factors influencing taking and decision-making of school principals in the Jordanian countryside. and the degree to which respondents' responses were influenced by the variables of the gender, job, and work experience. To achieve the objective of the study, a questionnaire consisting of 4 aspects with 26 paragraphs was distributed to a sample of 185 teachers and principals of the study society for the academic year 2018-2019. The results of the study showed that the personal, human, organizational and administrative factors had a high degree of influence where the environmental and social factors had a medium degree of influence on the decision making of the school principals in the Jordanian countryside. and there was a statistically significant effect at the level of ( α ≤ 0.05)of the function variable.

 


العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی

د. عمر علی الرفایعه

(أستاذ الإدارة والتخطیط التربوی المساعد/ کلیة التربیة

 جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة)

المقالة I.                    مقدمة:

للنظام التعلیمی بیئاته التی یعمل معها، یتأثر بها ویؤثر فیها، والمدرسة جزءٌ من هذا النظام، معنیّةٌ بتحقیق أهدافه وغایاته، وهی الجهة المنفّذة لکل سیاساته وبرامجه، ویتضح دورها من خلال جملة القرارات التی یتخذها مدیر المدرسة. من هنا تأتی ضرورة العنایة بالقرار المدرسی وآلیاته، استناداً إلى تطور الفکر الإداریّ فی مجال صناعة القرار واتخاذه فی المنظمات على اختلافها، حیث کان من نتائج هذا التطور الاحتکام إلى جملة من المعاییر أهمها: أن یکون القرار علمیّاً موضوعیّاً، یستند إلى المعلومات والبیانات الدقیقة، وإلى معرفة شمولیّة بکل متغیّراته، للوصول بالقرار إلى مرحلة الرُشد، التی تکاد تنتفی عندها نسبة الخطأ (رسمی،2007). ومع أن استخدام الأسالیب العلمیّة فی صناعة القرار تزید من عقلانیة القرار ورُشده، إلا أن مجرد الاعتماد علیها وحدها لا یکفی، إذ لا بد من مراعاة متغیّرات أخرى بیّنها سایمون کما یشیر المغربی (2004) منها متغیّر الإنسان والبیئة الاجتماعیّة والتنظیمیّة وغیرها من المتغیّرات. وأحیاناً تکون المتغیّرات على شکل معوّقات کثیرة تبرز بعد اتخاذ القرار، وتحدیداً فی مرحلة التنفیذ أهمّها: المعوّقات التنظیمیّة، والمناخ التنظیمی السائد، والمرکزیّة الشدیدة، وعدم تفویض الصلاحیات إلى غیر ذلک من العوامل التی یجب على المدیرین العمل على تحیید أثرها من أجل الارتقاء بنوعیة قراراتهم(الطیّب، 1999)، مع التأکد من مراعاة البعد الإنسانی فی هذا التناول من خلال إشراک الأطراف المؤثّرة والمتأثرة بالقرار (Spear, 1996)، وقد جاءت تأکیدات کثیرة على هذه التشارکیة، حیث أکدت منظمة الیونسکو على ضرورة أن تخرج المدارس من عزلتها لتتفاعل مع مجتمعها المحلیّ من خلال الشراکات، وفتح المجالات للتفاعل مع أفراده ومؤسساته، بما فی ذلک إشراکه فی القرارات التی تخدم أبناءه من الطلبة (الیونسکو،1993)، ولعل من أهم الأمور التی تدعو إلى هذه التشارکیة ما تشهده المنظمات الیوم من تعقد بیئة العمل، ومن تحدیات فی بیئتها الخارجیة، مع ارتفاع حدة المنافسة، وزیادة المطالبات من قبل العاملین بإشراکهم فی القرارات (العامری والغالبی، 2011)

إن من إیجابیات هذه التشارکیة أنها فتحت المجال لیلتقی المعلّمون والمدیرون على اختیار البدائل بعد إثرائها بالمناقشة والتحلیل، ضمن عملیّة منهجیة تأخذ فی حسبانها تأثیر العوامل المختلفة. وتحسّن التشارکیة فی صناعة القرار من نوعیته وتزید من درجة رُشده، فهی تمکّن مدیرَ المدرسة من التعرّف على آراء العاملین معه، مع الاستفادة من خبراتهم وتنوّعها، مما یزید من البدائل أمامه، ویوسّع من مجال المفاضلة بین تلک البدائل(کنعان،2003)، (القروانی،2017). لکن واقع المدارس فی الرّیف الأردنی یشیر إلى ضعف فی درجة إشراک مدیر المدرسة للمعلّمین فی صناعة القرار واتخاذه، وهذا ما خلُصت إلیه دراسة المخاریز(2018) التی أجراها على مدارس محافظة المفرق، وهی إحدى مناطق الرّیف الأردنی، وکان من نتائجها أن درجة إشراک المدیرین للمعلّمین فی القرارات کانت متوسطة، مما یستدعی المعالجة لتطویر المدیرین بالتدریب وتنمیة مهارات صناعة القرار لدیهم.

لقد اختلف المفکرون فی ترتیب العوامل المؤثّرة فی القرار من حیث درجة تأثیرها؛ فیرى سیزر (Sezer, 2016) أن العامل الرئیس الذی یؤثر على عملیّة صناعة القرار لدى مدیری المدارس هو القوانین واللوائح، بعدها تأتی العوامل الأخرى المتمثلة فی آراء المعلّمین ونواب المدیر واقتراحاتهم، ثم الأهداف التعلیمیّة للمدرسة. وقد اشترط الباحثون ضرورة فهم جمیع العوامل التی تؤثر فی عملیّة صنع القرار واتخاذه، ذلک أن العوامل التی تؤثر فی عملیات صناعة القرار قد تؤثر على النتائج المترتبة على هذه القرارات (Dietrich, 2010)، وهذا الاشتراط یعتبر تطوراً آخرَ فی الفکر الإداریّ المتعلق بعملیّات صناعة القرار واتخاذه، وینسحب هذا الأمر على المؤسسات التعلیمیّة ومنها المدرسة. وعند البحث ومراجعة الدراسات السابقة نجد أن هناک اختلافاً بین المدینة والرّیف والبادیة فی نوعیة العوامل المؤثّرة فی القرار المدرسی، ودرجة تأثیر کل عامل منها، وهذا الاختلاف مرده إلى طبیعة المناطق الرّیفیّة والمتغیّرات التابعة لها. فتبیّن الدراسات العربیة عموماً أن الرّیف فی الوطن العربی لم یحظ بما حظیت به المدینة من تنمیة واهتمام رسمی فی جمیع المجالات ومنها التعلیم، ویندرج ذلک على التعلیم فی الرّیف الأردنی، حیث یقدّم التعلیم فیه من خلال المدارس الحکومیة، وتکاد المدارس الخاصة أن تنعدم فیه، وبالتالی یعقد أهل الرّیف کل الأمل على المدارس الحکومیة فی تدریس أبنائهم لتحقیق مستویاتٍ مرتفعة من التحصیل، مما یؤثر إیجاباً على قبولهم فی مؤسسات التعلیم العالی.

للریف الأردنی خصوصیته من ناحیة اهتمام أبنائه بالتعلیم العام والعالی، ومن حیث إن اقتصاده مبنیٌ على الوظائف العامّة، وشیءٍ من الزراعة، وبعض الحرف والمهن التی انتقلت إلیه من المدن المجاورة، وهذه الخصوصیة تُلقی بظلالها على الوضع التعلیمی فی الرّیف، بما فیه أنماط الإدارة المدرسیّة وقراراتها.

المقالة II.                مشکلة الدراسة.

یکثر الحدیث فی الفکر الإداریّ عن صناعة القرار واتخاذه لأهمیتهما فی الممارسة الإداریّة، حیث یدخل القرار فی وظائف الإدارة کلّها. وهذا ما ینطبق على الإدارة المدرسیّة، مع ما للقرار فیها من خصوصیّة وخطورة متعلقة بطبیعة تعاملاته مع العنصر البشری، المتمثل فی جمیع الأطراف المتأثرة بالقرار من طلبة ومعلّمین وأولیاء أمور، فضلاً عن کونه العنصر الهامّ والمحدّد لفاعلیّة المدرسة، حیث إن هذه الفاعلیّة مرهونة بفاعلیّة قرارات إدارتها کما یشیر إلى ذلک درکار (Drucker, 1954) وهذه الفاعلیّة أکدت علیها منظمات وهیئات دولیة معنیّة بالتعلیم والتنمیة، فتشیر منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة (OECD, 2009) إلى التحدیات التی تواجه قادة المدارس بسبب ارتفاع سقف التوقعات المتزایدة من المدارس والتعلیم بشکل عام فی قرنٍ یتمیّز بالابتکار التکنولوجی والهجرة والعولمة. لهذا تتغیّر أدوار قادة المدارس، حیث لم یعد مقبولاً أن یکونوا مجرد مدیرین جیدین، وإنما لا بد أن یکونوا فاعلین بما یرفع من درجة فاعلیّة مدارسهم، حیث أصبح ینظر للقیادة المدرسیّة الفاعلة على أنها مفتاح إصلاح التعلیم وأداة تحسین مخرجاته، وعلیها المؤمل فی تحقیق ذلک، وإدراکا لهذه القیمة تهتم النظم التعلیمیّة بتطویر القیادات المدرسیّة لزیادة درجة فاعلیتها.

ومن خلال النظر فی تقاریر وزارة التربیة والتعلیم، المتعلقة بخطط التطویر فی بعض مدیریات التعلیم ومدارسها فی الرّیف الأردنیّ نجد أن هناک نقصاً فی الدورات التدریبیة المقدمة للمعلّمین والمعلّمات، ونقصاً آخر فی البیئة المدرسیّة من حیث الغرف الصفیّة، وخللاً فی عملیّات   لا یةمبتطونظة المدرسیة، ل تواصل أولیاء الأمور مع المدرسة، بالإضافة إلى أن سجلات الأنشطة الفعلیّة فی بعض المدارس لا ترتفع إلى المدیریّات، وأن هناک مؤشراتٍ على عدم اتخاذ قراراتٍ بشأن القضایا التی تُناقش فی الاجتماعات المشترکة مع ممثلین من المجتمع المحلی، کما أن القرارات التی تتخذ غالباً لا یتم تنفیذها، (وزارة التربیة والتعلیم، 2013 أ)، وکل هذا یعطی مؤشراتٍ على ضعف عملیّات صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی کثیر من المناطق التعلیمیّة. وفی تقریر آخر یتبیّن أن نصف القضایا التی تناقش فی الاجتماعات المشترکة لم یُتخذ قرارٌ بشأنها، کما تبیّن أنه لیس هناک أدلة على تنفیذ القرارات المتخذة فی تلک الاجتماعات (وزارة التربیة والتعلیم، 2013 ب). وتکاد هذه الملحوظات تتکرر فی مدیریات أخرى (وزارة التربیة والتعلیم، 2019 ج). هذا بالإضافة إلى ما بیّنته الوزارة فی خطتها الاستراتیجیة من تحدیات متعلّقة بعمل المدیرین ومهاراتهم، حیث تُشیر الخطة الاستراتیجیة لوزارة التربیة والتعلیم الأردنیة (2018-2022) إلى جملة من التحدیات التی تواجه القیادة المدرسیّة والمشارکة المجتمعیة من أهمها: ضعف القیادة المدرسیّة فی العدید من المدارس، وتَرَکُزِ القرارات على تطویر البنیة التحتیّة والإجراءات الروتینیّة على حساب تحدیث وتطویر الکفایات القیادیّة والتعلیمیّة لکلا الجنسین، وکذلک ضعف القیادة التربویة التشارکیّة فی المدرسة، بالإضافة إلى تأثیر العادات والتقالید المجتمعیة، والعوامل العشائریة والمحسوبیات أحیاناً على کفاءة القیادة التعلیمیّة وفاعلیتها(وزارة التربیة والتعلیم، 2019). والمتتبع لهذه التقاریر على موقع الوزارة الالکترونی یدرک أن هذه العوامل یکثر بروزها فی المجتمعات الرّیفیّة بدرجة أعلى منها فی المدن. ومن هنا تتمثل مشکلة الدراسة فی سعیها للتعرّف على العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی.

المقالة III.               أسئلة الدراسة:

  1. ما العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه کما یعرضها الفکر الإداری الحدیث؟
  2. ما العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ؟
  3. هل هناک فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة ( α ≤ 0.05) فی إجابات أفراد عیّنة الدراسة على مقیاس العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی تُعزى لمتغیّرات: والجنس، والوظیفة، والخبرة العملیّة؟

المقالة IV.              أهمیّة الدراسة:

تأتی أهمیة هذه الدراسة من أهمیة اتخاذ القرار فی إدارة المؤسّسة التعلیمیّة، خصوصاً عند إدراک ما یعتری القرار من مشکلات وحاجة إلى التطویر، ویتوقع لنتائج هذه الدراسة أن یفید منها المهتمون بتطویر العملیّة التعلیمیّة وأهمّهم:

  1. وزارة التربیة والتعلیم الأردنیة.
  2. القادة الإداریّون فی مدیریات التربیة والتعلیم فی مناطق الرّیف الأردنی.
  3. الباحثون والأکادیمیون، فی مجال الإدارة والتخطیط التربوی.
  4. مدیرو المدارس فی الرّیف الأردنیّ المستهدفون بالدراسة الحالیّة.

المقالة V.                 أهداف الدراسة

سعت هذه الدراسة إلى تحقیق الأهداف التالیة:

  1. تحدید العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه کما یعرضها الفکر الإداریّ الحدیث.
  2. تحدید العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی؟
  3. معرفة أثر متغیّرات کل من (الجنس، والوظیفة، والخبرة العملیّة) على درجة تقدیر أفراد العیّنة على مقیاس العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی.
  4. تقدیم مقترحات تساعد الجهات ذات العلاقة، ومن بینها وزارة التربیة والتعلیم الأردنیة، والقادة الإداریّین فی مدیریات التربیة والتعلیم، لتطویر مهارات صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس، للوصول بممارساتهم الإداریّة إلى القرار الرشید، وبما یتلاءم مع غایات النظام التعلیمیّ الأردنیّ وأهداف المدرسة.

المقالة VI.              التعریفات الإجرائیة للمصطلحات

اتخاذ القرار: یعرفه الطویل (2001) والتکریتی (2003)، بأنه عملیّة المفاضلة بین البدائل واختیار البدیل الأفضل، وإصدار قرار بصدده. ویعرّفه الباحث إجرائیاً: بأنه العملیّة التی من خلالها یُغلّبُ مدیر المدرسة بدیلاً من البدائل مع العزم على تنفیذه.

صناعة القرار: تعرّف صناعة القرار على أنها حصیلة الجهود الجماعیّة المشترکة التی تتعاون فیها الأطراف المعنیة بموضوع القرار لدراسته من جمیع جوانبه وجمع معلوماته وبیاناته لتحلیلها وتفسیرها وصولاً إلى قرار یحقق أهداف المنظمة ویعبر عن طموحاتها (مرسی، 2001). وتعرّف صناعة القرار إجرائیاً فی هذه الدراسة على أنها کل العملیّات التی تسبق اتخاذ القرار، ویُشرِکُ المدیرُ فیها المعلّمین ومن له علاقة بهذه العملیّات للوصول إلى القرار المناسب لمصلحة المدرسة وطلابها.

العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه: یعرفها دیترک (Dietrich, 2010) بأنها الأمور التی تؤثر على الخیارات التی یتخذها الناس؛ من خبرات سابقة، وتحیزات معرفیّة، وأمور شخصیّة وغیرها مما قد یؤثر على عملیّة اختیار البدائل، وبالتالی یؤثر على النتائج.

وتعرّف إجرائیا فی هذه الدراسة: بأنها ما تحدده نتائج الدراسة الحالیّة من عوامل مؤثرة فی القرار المدرسی فی الرّیف الأردنی، وما یظهره المستجیبون من تقدیرات لدرجة تأثیر هذه العوامل على القرار المدرسی، من خلال استجاباتهم على فقرات الاستبانة فی مجالاتها الأربعة.

المقالة VII.            حدود الدراسة

الحدود الموضوعیة: تقتصر الدراسة الحالیّة على العوامل المؤثرة فی صناعة القرار واتخاذه.

 الحدود المکانیة: تم تطبیق أداة الدراسة على مدیری المدارس ومعلمیها فی مدیریة التربیة والتعلیم لمنطقة الشوبک، ومدیریة التربیة والتعلیم لمنطقة البتراء الواقعتین ضمن حدود ریف محافظة معان جنوب الأردن.

الحدود الزمانیة: طبقت أداة الدراسة على عیّنة الدراسة فی الفصل الأول من السنة الدراسیّة 2018/2019.

الإطار الفکری لصناعة القرارات المدرسیّة

صناعة القرار واتخاذه.

یعرّف الأصفهانی، (1984) القرار فی لغة العرب على عدة معانٍ، منها البتُّ فی الأمر، والقضاء، والحکم، والقطع، والفصل، والعزم على فعل أمر، کما یعنی الاستقرار على رأی أو قصد. وقد أخذت الإدارة الحدیثة من هذا التعریف ما یدل على استقرار رأی صاحب الأمر أو المدیر على خیار أو بدیل من البدائل، حیث یعرّفه الطویل (2001) بأنه عملیّة المفاضلة بین البدائل واختیار البدیل الأفضل، وإصدار قرار بصدده. وأما بارکر (1998) فیعرّف القرار بأنه اختیار الإنسان لعمل ما مع الالتزام به، ومطالبة الآخرین الذین یمثلهم صاحب القرار بأن یلتزموا به فی مکان العمل، أو الأسرة، أو غیر ذلک.

یرتکز السلوک التنظیمی حول القرارات وهو محصلة لها من وجهة نظر سایمون کما یشیر المغربی (2004)، وحتى نفهم السلوک التنظیمی ونعرف مناخ المنظمة لا بد من معرفة کیفیة اتخاذ القرارات فیها، وما المؤثرات فی هذه القرارات، ویزداد الأمر دقة عندما یطلب من المدیر عدم الاکتفاء باتخاذ القرار، وإنما علیه أن ینظر أیضاً إلى ردود الأفعال الناتجة عن هذا القرار.

وتعتبر القرارات الإداریّة – من وجهة علماء القانون الإداریّ – وسیلة تستخدمها الإدارة لتمکینها من القیام بوظائفها ومباشرة النشاطات الموکلة إلیها (کنعان، 2007). لذا نجد من یعرّفها على أنها عمل قانونیّ یصدر بالإرادة المنفردة للإدارة بما لها من سلطة بمقتضى القانون لغرض إحداث أثر قانونیّ معیّن (البصیصی، 2017)، وهذا التعریف قریب من تعریف مجلس الدولة المصری للقرار الإداریّ؛ حیث بیّن أنه إفصاح عن إرادة الإدارة المنفردة الملزمة للأفراد بما لها من سلطة عامّة، والذی یصدر فی الشکل الذی تتطلبه القوانین واللوائح، وذلک بقصد إحداث أثر قانونی متى کان ممکناً وجائزاً قانونیاً، وکان الباعث علیه ابتغاء مصلحة عامّة( علم الدین، 1968)، ویتضح من هذا التعریف أن هناک بعض العناصر الجوهریة اللازمة لوجود القرار الإداریّ أهمها:

  1. تحدید الاختصاص: بمعنى من الذی یتخذ القرار؟
  2. الشکل: کیف یُتخذ القرار؟ أو ما الصورة التی یصدر بها القرار؟
  3. السبب: لماذا یُتخذ القرار؟
  4. الإجراءات: ما الخطوات التی یجب أن یمرَّ بها القرار قبل اتخاذه.
  5. محل القرار: من سیتأثر بالقرار؟
  6. الغایة: لماذا یُتخذ القرار؟

هذه التساؤلات ضروریة لصناعة القرار الإداریّ کما یراها کنعان (2007)، ذلک أن القرارات الإداریّة هی جوهر عمل القیادیة الإداریّة فی المنظمات على اختلافها، وهی نقطة انطلاقها فی جمیع النشاطات والتصرفات التی تتم داخلها، وحتى فی علاقاتها وتفاعلها مع بیئتها الخارجیة، ویعتبر توقف اتخاذ القرارات تعطیلاً للعمل، واضراراً بمصالح المنظّمة، مما یؤدی إلى اضمحلال دورها، وبالتالی زوالها، وهذا ینطبق تماماً على المؤسّسة التعلیمیّة.

تختلف نظرة علماء الإدارة للقرار عن نظرة علماء القانون الإداریّ کما یبیّن ذلک کنعان(2007)، حیث یؤکد علماء القانون على مسئولیة متخذ القرار والتزامه بالقوانین حتى تکون قراراته مشروعة، فی حین ینظر علماء الإدارة إلى جوانب أخرى تؤثر فی عملیّة اتخاذ القرارات، وهی الجوانب والعوامل المرتبطة بالنواحی السیکولوجیة والبیئیّة والتنظیمیّة والتی تعکس تأثیراتها على عملیات اتخاذ القرارات، وبالتالی تؤثر على ما ینتج من هذه القرارات من تبعات. ولعل من المفید معرفة أن أهل القانون الإداریّ یرون أن الإدارة تستخدم ثلاثة مکونات لتحقیق أهدافها: الموارد البشریة، والموارد المادیّة بما فیها المالیّة والمعدّات والتجهیزات والبنى التحتیّة، وأما المکوّن الثالث فهو مجموعة التصرفات القانونیّة التی تتم ممارستها بوسیلتین: العقود الإداریّة والقرارات الإداریّة (علم الدین، 1968). من هنا ندرک قیمة القرار الإداریّ فی حیاة المنظمات بما فیها المؤسسات التعلیمیّة.

الفاعلیّة فی اتخاذ القرار

تعتبر القرارات الإداریّة من المهام الجوهریّة للقائد حیث وصف سایمون (1961) القائد بأنه متخذ قرارات، وقد ظهرت أهمیتها فی الفکر الإداریّ الحدیث لارتباطها بجمیع وظائف الإدارة من تخطیط وتنظیم وتوظیف وتوجیه ومتابعة، لذا تتوقف مسألة نجاح المنظمة فی تحقیق أهدافها على نوعیة القرارات الصادرة عن قیادتها، وعلى درجة فاعلیّة هذه القرارات، ولأهمیة مراعاة الفاعلیّة فی اتخاذ القرار نجد أحد رواد الفکر الإداریّ الحدیث وهو بیتر درکار (Drucker, 1954) یجعلها عنصراً هامّاً من عناصر الفاعلیّة الإداریّة، ویصنّفها على أشکال منها: الفاعلیّة فی اتخاذ القرار، وفاعلیّة الاتصالات، وفاعلیّة إدارة الوقت وغیرها، ومجمل هذه الفاعلیّات لیست قدرة فطریّة لدى القائد، ولکنها قدرة مکتسبة یمکن له تعلّمها، واکتساب مهاراتها لیصبح قائداً فاعلاً، کما یرى درکار (Drucker, 1954) أن القرار الفاعل هو الذی یتم اتخاذه على أساس مخاطرة محسوبة، ولیس على أساس مخاطرة طائشة، من هنا کان على متخذ القرار اعتبار جمیع المتغیّرات والعوامل داخل المنظمة، وفی محیطها وبیئتها الخارجیة. من أجل ذلک کان لزاماً على المنظمة الترکیز على مهارات اتخاذ القرار فی عملیات تطویر قیاداتها.

قد یکون من السهل اتخاذ القرارات لکن الأهم من ذلک والأصعب النظر إلى فاعلیّة القرار ودراسته جیداً، ذلک أن مفهوم اتخاذ القرار لا یعنی القرار بحد ذاته، وإنما یشمل أیضاً کل الأفعال اللازمة لوضع هذا القرار موضع التنفیذ (Griffith, 1959. وتتراوح القرارات فی المنظمات عموماً بین قرارات استراتیجیة وقرارات تشغیلیة، وأخرى روتینیة وکلّها تلتقی لتحقیق الأهداف Harvey, 2007) ) ولا یقبل من الإداریّ اختیار الخیارات الصحیحة فحسب، ما لم یتحول القرار إلى عمل وتنفیذ، حیث یؤکد دراکر(Drucker, 1967) على أن الاختیار دون تنفیذ فاعل لا یعدو أن یکون فی أحسن الأحوال مجرد نیّة حسنة، وهذا لا یُجدی فی تحقیق الأهداف، من هنا نجده یعرّف لنا القرار الفاعل على أنه العملیّة التی یتم من خلالها الاختیار الواعی والدقیق للبدائل، ومن ثم إدارتها خلال التنفیذ لتحقیقها، ومن خلال اشتراطه الدقة والوعی فی الاختیار فإنه یؤکد على عملیّة منهجیّة واضحة محددة العناصر متسلسلة الخطوات لصناعة القرار واتخاذه.

لا غنى للمدرسة عن القرار الرشید، الذی یشکل صلب العملیّة الإداریّة وصلب عمل مدیر المدرسة (بطاح والسعود، 1997)، ولعل القرار الذی یصدر عن مدیر المدرسة له خصوصیته من حیث الأطراف المتأثرة به من طلبة ومعلّمین وموظفین وأولیاء أمور، بل أحیانا تتأثر منطقة أو بیئة اجتماعیة کاملة بقرار مدیر المدرسة.

یتردد إلى جانب مصطلح اتخاذ القرار مصطلح آخر لا یقل أهمیة وشأناً عنه فی المؤسّسة التعلیمیّة؛ وهو صناعة القرار، تلک التی جعلها سایمون، (2003) قلب الإدارة. وإذا کانت عملیّة اتخاذ القرار منوطة بشخص واحد، هو من بیده صلاحیات اتخاذ القرار فی المؤسّسة، فإن صناعة القرار تکون بمشارکة عدة أطراف من ذوی المصلحة، على أن یبقى اتخاذ القرار بید المخوّل رسمیاً بذلک (التکریتی، 2003؛ جواد، 2001).

ترى هارفیHarvey, 2007) ) أن عملیّة صنع القرار ما هی إلا مرحلة اقتراحاتٍ ینظر فیها صنّاعُ القرار فی سیاق عمل المنظمة وموقعها الاستراتیجی، وتقترح فیها البدائل وتحسب المخاطر والنتائج المحتملة، وتخضع لعملیات مراجعة وتدقیق ومن ثم التوصل إلى قرار محدد. وعملیّة صناعة القرار بهذا الوصف تجعلها عرضةً للخطأ البشری، لأن صانعی القرار لدیهم شخصیاتٌ وتحیزاتٌ ومواقفُ مختلفةٌ، وبعضهم قد تبرز لدیه رغبةٌ فی المخاطرة، وهذا ما یجعل من التوصل للقرار الرشید أمراً ضروریاً وصعباً فی آن واحد. وتتعقد عملیّة صناعة القرار واتخاذه متأثرة بالتعقیدات الطارئة على صعید الحیاة والأعمال، ولهذا یرى ساعاتی (2000) أن هذا التعقید یستلزم منا تطویر الآلیات التی یمکن بها إبصار کامل العلاقات وتبصُّرِها فی شبکتها الکلّیة. ثم یضیف درکار (2003) إلى هذا الإطار الاهتمام بإنسانیة الإنسان کأخطر متغیّرات عملیّة صناعة القرار، ولاستکمال صورة هذا الإطار المنظم لصنع القرار نجد الطویل (2006) یشیر إلى ضرورة مراعاة القیم وحفظها، عند اتخاذ القرار فی المؤسّسة التعلیمیّة، ومن أهمّ هذه القیم: المصداقیة، والعدالة والتسامح، والتضامن.

ثمّةَ فرقٌ فی النظرة لصناعة القرار واتخاذه بین الأمس والیوم؛ فبالأمس کان الترکیز منصباً على القرار المنطقیّ الذی یستند إلى اعتبارات ریاضیّة کمیّة أو نوعیّة، لکن الیوم استجدت اعتباراتٌ أخرى أهمها: النظرة الشمولیّة، والتفکیر النُظُمی Systems thinking، الذی أشار إلیه بیتر سینج (Senge, 1996) فی کتاباته. فلربما یفشل القرار مع أنه منطقیّ، وذلک بسبب غیاب النظرة الشمولیّة المستندة إلى التفکیر النُظمیّ عند صناعة القرار واتخاذه، وهذا ما تحتاجه المؤسّسة التعلیمیّة الیوم. ویؤکد ذلک الساعاتی (2000) عندما یصرّح بأن القادة والإداریّین لیسوا بحاجة إلى طرق التفکیر السهلة لحل المشکلات، ولا إلى طرق التفکیر المعقدة والصعبة أیضاً، بل یحتاجون إلى النظر إلى المشکلات بطریقة مُنظّمة منهجیّة تراعی جمیع عناصر المشکلة وأبعادها للوصول إلى القرار الأمثل والرشید، وحتى هذه النظرة الشمولیة أحیاناً لا تکفی إن لم تُضبط بضابط المعاییر الأخلاقیة فی صناعة القرار واتخاذه لیصبح القرار قراراً أخلاقیاً (Lennick & Kiel, 2005؛ ساعاتی، 2000).

من خلال ما سبق یتضح أن عملیّة صناعة القرار الفاعل واتخاذه تقوم على منهجیة علمیّة مکوّنة من أربع مراحل کما یشیر کنعان(2009) هی: تشخیص المشکلة، بمعنى التحری عن السبب الرئیس لها، وعدم الاکتفاء بدراسة أعراضها؛ حیث ثمة فرق بین الأعراض والمسببات، ثم البحث عن بدائل الحلول الممکنة، ثم تقییم هذه البدائل، أی دراسة کل بدیلٍ دراسةً مستفیضة مستوفیة المعاییر، التی من أهمها دقة المعلومات التی نستند إلیها، وأخیراً اختیار بدیل من هذه البدائل، أی اختیار الحل الأفضل للمشکلة، على أن یکون الأقل کلفة من الناحیتین المادیّة والمعنویّة مع تحقیقه للهدف. من هنا ندرک العلاقة بین اتخاذ القرار ومنهجیة حل المشکلات، بل یرى کل من علی والساعد (2001) أنه لا بد من وجود مشکلة لإصدار القرار، بمعنى أن خلف کل قرار مشکلة، وعلى متخذ القرار البحث عن أسباب المشکلة، التی تظهر فی صورة فجوة ما بین ما هو واقع وما هو مأمول أو مرغوب. من هنا ندرک قیمة القرار المدرسی، وأهمیة البحث والتقصی فی بواعثه ومبرراته.

تتعامل المدرسة ممثلة فی إدارتها مع أطراف عدة، منها العاملون فی المدرسة، من معلّمین وموظفین وإداریین، کما تتعامل مع الطلبة وأولیاء الأمور، وهذه أطراف لکل منها حقوق، کما أن علیها واجبات، وعلى متخذ القرار فی المدرسة أن یحفظ لهذه الأطراف جمیعاً حقوقها فی الاشتراک فی صناعة القرار، مع توخی العدالة فیما بینهم من حیث إشراکهم فی صناعة القرار، بحیث یکون للأشخاص المعنیین بتنفیذه فرصة مناسبة للمشارکة عند صناعة القرار والتصویت علیه، وأن یتم تعرّف جمیع البدائل، دون الاقتصار على بدیل بعینه عند ملامسة المنفعة الذاتیة (Lennick & Kiel, 2005؛ ساعاتی، 2000). ویبقى القرار الإداریّ الرشید ضرورة لنجاح الإدارة فی تحقیق أهدافها، إلى جانب ذلک نجده یُسهم إسهاماً کبیراً فی تحقیق رؤیة المنظمة، لکن القرار الرشید یکاد یکون عملة نادرة بسبب ظروف تحول بین متخذ القرار والوصول إلى هذا النوع من القرارات، ومن أهم هذه الظروف کما یراها سایمون (2003):

  1. عدم إدراک المشکلة بشکل جید مما یُصَعّبُ من أمر صیاغتها وتحدیدها بشکل دقیق.
  2. الإمکانات المحدودة فی جمع وتحلیل معلومات البدائل المطروحة.
  3. النقص فی الخبرة والمعرفة لدى متخذ القرار.
  4. درجة التغیر فی العوامل البیئیّة الداخلیّة والخارجیّة.
  5. المحددات الإنسانیّة، والأبعاد الشخصیّة لدى متخذ القرار.

العوامل المؤثّرة فی القرار الإداریّ

عوامل کثیرة تؤثر فی صناعة القرار واتخاذه فی المنظمات على اختلافها، ولکی یکون القائد الإداریّ مصیباً فی قراراته، علیه ألا یکتفی بالمعلومات والبیانات، بل لا بد له من امتلاک نظرة ثاقبة للأمور، حتى یستطیع التحکّم فی العوامل المؤثّرة فی قراره، فأحیانا تکون هذه العوامل کفیلة بالتسبب فی مشکلات معقدة، لذا یتوقع من القادة الإداریّین أن یکونوا حلّالین للمشکلات المستعصیة (العلاق، 2010)، ویحدد سیرجوفانی(Sergiovanni, 1974) جملة من العوامل أو القوى المؤثّرة فی اتخاذ القرار وصیاغته، من أهمها العوامل الذاتیة المتعلقة بشخص المدیر کذکائه وقیمه وتربیته، والعوامل المتعلقة بالطبیعة الإنسانیّة، وکذلک العوامل المتعلقة بالمنظمة والعوامل المتعلقة بالبیئة الخارجیّة بشکل عام. فی حین یراها دیترک (Dietrich, 2010) متمثلة فی النواحی الشخصیّة، والإنسانیّة، والإداریّة والتنظیمیّة، والعوامل البیئیّة والاقتصادیّة، والضغوط الاجتماعیّة ومنها: الرؤساء والزملاء، والعلاقات الشخصیّة فی المجتمع المحلی، والوضع العائلی ممتد القرابة، والنسب، ووسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعی، والروابط الأسریّة، والوظائف الرسمیّة العلیا. وهذه العوامل لم تنظر إلیها المدرسة التقلیدیة فی الإدارة، وإنما رکّز علیها رواد المدرسة السلوکیّة، من هنا أکدت نتائج أبحاثهم على هذه العوامل وتأثیراتها على القرار ومتخذه، حتى شملت العادات والتقالید والقیم الاجتماعیّة والنظم السیاسیة والاقتصادیة. کل هذه العوامل یرون أنها تحدُّ أو تقلل من درجة الرُشد فی اتخاذ القرار الإداریّ، ثم إنهم أکدوا على أن هذه العوامل لیست ساکنة وإنما تتمیز بالحرکیّة الدائمة والتغیّر تبعاً لتغیّر البیئات، ویرى کنعان (2003) أنها لا تؤثر فی العملیّات، بل إنها تؤثر فی فاعلیّة القرار، هذه العوامل تکررت فی نتائج الدراسات المیدانیّة المختلفة فضلاً عن وجودها فی الأدب النظری ومراجعه العلمیّة:

  1. العوامل الشخصیّة ومن بینها القیم ومعتقداته وتوجهاته، ودرجة انفتاحه على الآخرین، وهذا ما توصل إلیه الدراسة المیدانیّة لکل من هارت، وولتر (Hart, Walter, 2018).
  2. العوامل التنظیمیّة کالالتزام بالقوانین والسیاسات العامّة للدولة والوزارة التی تتبع لها المؤسّسة، ومدى موافقة السلطات العلیا على القرار إلى غیر ذلک، ومراعاة الجهات الرقابیة والتشریعیة. وهذه العوامل مؤثرة فی القرار المدرسیّ کما توصلت إلیها دراسة سیزر (Sezer, 2016) ودراسة (أبو حمدی وبطاح، 2005).
  3. العوامل الإنسانیّة: وهی تُرشد متخذ القرار إلى القرار الرشید، وقد تکون نابعة من شخصه، أو من شخص من یساعده فی عملیات صناعة القرار من مساعدین أو مستشارین، أو ممن أشرکهم فی صناعة القرار من الأطراف ذات المصالح. ویتعامل متخذ القرار مع أنماط مختلفة من الناس، ولا دخل له فی اختیارهم بل هم مفروضون علیه فی غالبهم، فمدیر المدرسة لا یمکن له اختیار المعلّمین وأولیاء الأمور، لذلک لیس أمامه إلا التعامل مع هذه الأنماط المختلفة، مع ضمان الوصول إلى القرار الرشید. کما أن هذه العوامل کانت من نتائج دراسة (أبو حمدی وبطاح، 2005) المیدانیة.
  4. العوامل البیئیّة والاجتماعیّة: هذه العوامل بالإضافة إلى تناول الفکر الإداریّ لها، کذلک تم بحثها ودراستها میدانیاً لتحدیدها وقیاس أثرها، وکما جاء فی دراسة (التویم، 2010) ودراسة العجمی (2006).

المقالة VIII.         التعلیم فی الرّیف الأردنی:

یتمثل الاستثمار الاستراتیجی فی الأردن فی تعلیم الإنسان، ورأس المال البشری فیه هو الثروة الحقیقیة من منظور الدولة، ولقد بدأ بناءُ الإنسان فی الأردن بإیجاد نظام تعلیمیّ متطوّر یراعی متطلبات التنمیة فی کل قطاعات المجتمع، وقد لُمست آثار تطور هذا النظام لعقود، إلا أن الظروف المحیطة بالأردن -کما یشیر رئیس المرکز الوطنیّ لتنمیة الموارد البشریّة -أثرت فی منظومة التعلیم وتطوّرها، وبدأت هناک إشارات لإدانة هذا النظام، أبرزها تدنی مستوى استجابته لمتطلبات القطاعات التنمویة (عبابنة، 2014)، ویتأثر الرّیف الأردنی بهذا الأمر، خصوصاً أن أهله یرکّزون على تعلیم أبنائهم کأساس للتوظیف وتحسین الدخل، بعد أن قل اعتمادهم على الزراعة. ولقد أثّرت السیاسات التنمویّة والتعلیم فی الرّیف العربی عموماً، وکذلک الأمر بالنسبة للریف الأردنی، على أن هناک تفاوتاً بین المدن والأریاف، من حیث الاهتمام الرسمی بالحاجات التعلیمیّة.

ساهمت الحکومات المتعاقبة فی الأردن فی تحدید المناطق الریفیة فی الأردن من خلال تخطیطها للتنمیة، أو من خلال خطابها الرسمیّ، وتأثرت منظومة التعلیم والمدارس بهذا التحدید، فأحیانا یطلق مسمّى المدارس الأقل حظاً على بعض مدارس الرّیف والبادیة (لجنة المکرمة الملکیة،2019) وهی المدارس التی لا یحظى طلابها بنسب قبول عالیة فی الجامعات الأردنیة، ولعل هذا یکون اعترافاً رسمیاً بأن ظروف المدارس وطلبتها فی الأریاف تختلف عنها فی المدن، وهو أمر واقع تدعمه التقاریر الرسمیة والدراسات التی بیّنت عزوف المعلّمین من أهل المدن عن العمل فی مدارس الرّیف، مما یفوّت الفرصة على الطلبة فی التمیّز فی بعض التخصصات العلمیّة(عبابنه، 2014)، و(لجنة المکرمة الملکیة، 2019). ولقد أقرّ کل من وزارة التربیة والتعلیم ومجلس التعلیم العالی بحق بعض المناطق النائیة عن المدن فی استثناءات متعلقة بقبول أبنائها فی الجامعات الرسمیّة، اعترافاً منها بأن الظروف المعیشیة والاقتصادیة لأهل هذه المناطق تؤثر على تحصیل أبنائهم لنتائج تؤهلهم للالتحاق بالتعلیم الجامعی، ومحاولة لتحقیق العدالة الاجتماعیّة فی منح فرص التعلیم الجامعی لجمیع شرائح المجتمع، ومن جهة ثانیة تشکل هذه الخطوة حلاً لنقص الموارد البشریة العاملة فی مدارس تلک المناطق من خلال تعلیم أبنائها لیعودوا للعمل فیها. وأحیاناً تقرر وزارة التربیة والتعلیم أن بعض هذه المدارس ذات ظروف خاصة وهی المدارس البعیدة عن مراکز المحافظات ولا تحصل على التسهیلات والمرافق المطلوبة أو فیها نقص، إضافة إلى عدم حصولها على مدرسین بالمستوى المطلوب من حیث المؤهل العلمیّ والخبرة العملیّة، ("غضیة الحسینی"، 2000)، (طناش، 2012).

یمتاز المجتمع الرّیفی بقوة العلاقات بین أفراده مقارنة مع سکان المدن، وتقوم العلاقات السائدة بین أفراده على أساس علاقة الوجه للوجه، أی علاقات الأواصر القویة، التی تعتمد على اللقاء المباشر والتعاون والتکافل الدائم، والتفاهم المشترک الوثیق (عزام وآخرون، 2010، ص114)، ومن هنا نجد أن العلاقة بین إدارة المدرسة وبین الأهالی فی الرّیف غالباً ما تکون مصبوغة بهذه الصبغة؛ أی التواصل المباشر، فنجد أن مدیر المدرسة یعرف جمیع أولیاء الأمور وعائلاتهم الممتدة، وربما یتکرر لقاؤه معهم فی أکثر من وقت ومکان خارج المدرسة ولغیر أغراض دراسة أبنائهم، بمعنىً آخر فإن طبیعة هذه العلاقات تلقی بظلالها على العلاقة مع المدرسة وإدارتها، مما یجعل لها اعتباراً لدى متخذ القرار المدرسی.

المقالة IX.              الدراسات السابقة:

استعرض الباحث بعض الدراسات التی تناولت العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه، ودرس أوجه التشابه والاختلاف بینها وبین دراسته الحالیّة، وقد أفاد منها فی توجیه دراسته وأداتها، وکان من أهم الدراسات التی رجع إلیها:

دراسة هارت، وولتر (Hart, Walter. 2018). التی هدفت تعرّفَ العوامل والعملیّات التی تؤثر فی القرارات التی یصدرها مشرفو المدارس عند مواجهتهم للمعضلات المهنیّة، وهل تکون عقلانیّة أم حدسیة؟ واستخدم فیها منهج البحث الکیفی النوعی، وأجرى مقابلات مع 13 مدیراً من مدیری المدارس فی المنطقة الجنوبیّة الشرقیّة من الولایات المتحدة الأمریکیّة، لمعرفة العوامل التی أثرت فی قراراتهم، ومدى استخدامهم للقرار العقلانی أو الحدسی، وکان من أهم نتائج هذه الدراسة، أن قرارات المشرفین کانت تتأثر باعتقادهم وإیمانهم بضرورة تغلیب مصلحة الطلاب، وکانت قرارتهم تتأثر بتصوراتهم وتوقعاتهم حول قبول المجتمع لهذه القرارات، کما أنها تتأثر برأی المستشارین الذین یثقون فیهم.

ودراسة القروانی (2017) التی هدفت الکشفَ عن درجة إسهام المعلّمین والمعلّمات فی صناعة القرارات فی مدارس محافظة سلفیت من وجهة نظرهم، واستخدم الباحث المنهج الوصفیّ التحلیلی، معتمداً على الاستبانة فی جمع البیانات، وقد وزّعها على 200معلماً ومعلمة من العاملین فی مدارس محافظة سلفیت بفلسطین المحتلة، وکان من نتائجها أن درجة إسهام المعلّمین والمعلّمات فی صناعة القرارات فی مدارس محافظة سلفیت کانت مرتفعة على الأبعاد الأربعة، ومتوسطة على البعد الخامس وعلى الدرجة الکلّیة.

ودراسة سیزر (Sezer, 2016) التی کان هدفها الکشف عن آراء مدیری المدارس حول أولویات المهمّة، والعوامل التی تؤثر على عملیّة صنع القرار لدى مدیری المدارس، واستخدم الباحث المنهج النوعیّ لتحقیق أهداف دراسته، تکوّنت مجموعة الدراسة من 20 مدیراً من مدیری المدارس فی مرکز مدینة طرابزون الترکیة للسنة الدراسیة 2013/2014. وتم الحصول على البیانات باستخدام نموذج الشبکة المهیکلة الذی تم تطویره من قبل الباحث. وتم تحلیل البیانات باستخدام طریقة التحلیل الوصفیّ، وکان من أهم نتائج الدراسة: أن العامل الرئیس الذی یؤثر فی الغالب على عملیّة صنع القرار لدى مدیری المدارس هو القوانین واللوائح، ثم تأتی العوامل الأخرى وعلى رأسها آراء المعلّمین، ونواب المدیرین، والاقتراحات، والأهداف التعلیمیّة للمدرسة.

ودراسة (العضیانی، 2014) التی هدفت تحدید العوامل الاجتماعیّة المؤثّرة فی اتخاذ القرار لدى المدیرین بوزارة المعارف، وکان مجتمع الدراسة مکوّناً من الموظفین الذین یشغلون وظیفة مدیری العموم، ومن مدیری الإدارات بوزارة المعارف فی مدینة الریاض بالمملکة العربیة السعودیة، واستخدم الباحث المنهج الوصفیّ فی دراسته، کما استخدم الاستبانة لجمع بیاناتها، وکان من أهم نتائجها: أن الخبرة من أکثر العوامل تأثیراً فی القرارات، کما أجمع المستهدفون بالدراسة على أن ذوی المؤهلات العلمیّة المرتفعة یتمتعون بقدرة کبیرة على اتخاذ القرارات، وأن هناک جملة من العوامل تؤثر فی اتخاذ القرار، وأن التدریب المقدم للمدیرین یزید من مقدراتهم فی مجال اتخاذ لقرار. کما أن للعوامل الأسریة تأثیرها على اتخاذ القرارات لدى المدیرین.

ودراسة (التویم، 2010) التی هدفت تعرّفَ العوامل المؤثّرة فی صناعة القرارات لدى مدیری المدارس الابتدائیة فی منطقة تبوک بالمملکة العربیة السعودیة، وتحدیدها من وجهة نظرهم. وکانت عیّنة الدراسة مکونة من 181 مدیراً، واستخدمت الاستبانة فی جمع البیانات، وکان من نتائجها: أن حصلت جمیع مجالات العوامل المؤثّرة فی صناعة القرارات لدى مدیری المدارس الابتدائیة على درجة مرتفعة، وجاءت العوامل البیئیّة فی المرتبة الأولى، والعوامل التنظیمیّة فی المرتبة الثانیة، وتلتها العوامل الشخصیّة فی المرتبة الثالثة.

ودراسة العواودة ویاغی(2009) التی هدفت تحدید العوامل المؤثّرة فی نمط اتخاذ القرار فی المؤسسات العامّة فی الأردن، حیث استخدم الباحثان المنهج الوصفیّ، وطوّرا مقیاسا من 46 فقرة، وزّعَ على کامل مجتمع الدراسة والبالغ عدده 413 فرداً، وکان من نتائج الدراسة، أن هناک أثراً ذا دلالة إحصائیة بین المتغیّرات التنظیمیّة (وضوح اللوائح والتعلیمات، والمستوى الإداریّ، وتوفر المعلومات، وطبیعة المشکلة، والنمط القیادی للمدیر، وعنصر المخاطرة، وبیئة القرار: داخلیة أم خارجیة.

ودراسة العجمی (2006) التی هدفت تعرُّفَ العوامل المؤثّرة فی عملیّة اتخاذ القرار الإداریّ لدى مدیری ومدیرات المدارس الثانویة فی دولة الکویت من وجهة نظرهم. تکوّنت عیّنة الدراسة من 172 مدیراً ومدیرةً، واستخدمت الاستبانة لجمع البیانات والمعلومات، وکان من أهم النتائج أن العوامل التنظیمیّة جاءت فی المرتبة الأولى من حیث تأثیرها فی عملیّة اتخاذ القرار لدى المدیرین، ویلیها العوامل الإداریّة، وجاءت العوامل الإنسانیّة فی المرتبة الثالثة، وأما العوامل البیئیّة فجاءت فی المرتبة الأخیرة، کما بیّنت نتائج الدراسة أن هناک فروقاً دالة إحصائیاً فیما یتعلق بالعوامل المؤثّرة فی عملیّة اتخاذ القرار الإداریّ تُعزى لصالح من یحملون المؤهل العلمی الأعلى، ولصالح أصحاب الخبرة الطویلة (11)سنة فأکثر، ولم تکن هناک فروق ذات دلالة إحصائیة تبعا لمتغیّر الجنس.

ودراسة (أبو حمدی وبطاح، 2005) التی هدفت تعرُّفَ أثر العوامل الإنسانیّة والبیئیّة والتنظیمیّة على عملیّة اتخاذ القرار لدى مدیری المدارس فی إقلیم الجنوب فی الأردن، وعلاقة ذلک ببعض المتغیّرات. واستخدمت الباحثة المنهج الوصفیّ، کما استخدمت الاستبانة لجمع البیانات، وکان من أهم نتائجها: أن أهم العوامل الإنسانیّة المؤثّرة فی اتخاذ القرار العدالة وتحمل المسؤولیة، والالتزام، أما العوامل التنظیمیّة فأکثرها أهمیّة الالتزام بالقوانین والأنظمة والتشریعات، وفتح قنوات اتصال فاعل، وکان أقلها أهمیّة عدد المعلّمین ومشکلة تبادل الأفکار مع المستویات الإداریّة العلیا، وأما العوامل البیئیّة فکان أهمها تأثیراً فی اتخاذ القرار التأثر بالقیم الدینیّة ومراعاة الأعراف والتقالید، وأقلها تأثیراً التأثر بالتنظیمات غیر الرسمیّة والمحسوبیّة والمجاملة، وتدخُّل العلاقات الشخصیّة.

ودراسة جلاسبورغ (Glassberg, 2004) لاختبار العلاقة بین اتخاذ القرار التشارکی والرضا الوظیفی لدى معلمی المدارس الابتدائیّة الحکومیّة فی مدینة نیویورک الأمریکیّة، وقد اختبرت الدراسة فرضیّات وجود علاقة إیجابیة بین المشارکة فی اتخاذ القرار والرضا الوظیفی للمعلّمین، تکوّنت عیّنة الدراسة من 318 معلماً، تم اختیارهم بطریقة عشوائیّة من 56 مدرسة ابتدائیّة من المدارس الحکومیّة التابعة ل 32 مقاطعة فی مدینة نیویورک، وتم تقییم التشارکیّة فی صناعة القرار باستخدام تحلیل ارتباط القرار واستبانة تدرجت فقراتها على نظام لیکرت، حیث تکوّن تحلیل الانحدار من 16 فقرة ذات دلالات متغیّرة لمظاهر اتخاذ القرار فی المدرسة، أما الرضا الوظیفی فقد قُیّم باستخدام نموذج لیکرت وکان من النتائج: عدم وجود دلائل تؤید الفرضیّة القائلة بوجود علاقة ذات دلالة إحصائیة بین التشارکیة فی اتخاذ القرار من جهة، والرضا الوظیفی عند العاملین فی المدرسة من جهة أخرى.

التعلیق على الدراسات السابقة

تکاد الدراسات السابقة تلتقی على المنهج الوصفیّ، وکذلک على الاستبانة کأداة لجمع البیانات، سوى دراسة هارت، وولتر (Hart, Walter, 2018) ودراسة سیزر (Sezer, 2016) اللتین استخدمتا المنهج النوعی، أما من حیث النتائج فکان هناک تفاوت بینها فی ترتیب العوامل المختلفة من حیث درجة تأثیرها فی صناعة القرار واتخاذه؛ حیث إن بعض هذه الدراسات بیّنت أثر العوامل الشخصیّة فی القرار مثل دراسة هارت، وولتر (Hart, Walter, 2018)ودراسة (التویم، 2010)، ومنها ما بیّن أثر العوامل التنظیمیّة وعلى رأسها القوانین واللوائح مثل دراسة سیزر (2016Sezer, )، ودراسة (التویم، 2010) ودراسة العواودة ویاغی(2009)، ودراسة العجمی (2006) ثم تأتی العوامل الأخرى وعلى رأسها آراء الأطراف الأخرى ذات المصلحة. ومنها ما أکد على أن الخبرة من أکثر العوامل تأثیراً فی القرارات مثل دراسة (العضیانی، 2014)

وتلتقی الدراسة الحالیّة مع معظم الدراسات السابقة فی المنهجیّة وأداة الدراسة، لکنها تتمیز عمّا سبقها من دراسات فی أنها بحثت العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه کعملیّتین مکمّلتین لبعضهما، کما تمیّزت على دراسة (أبو حمدی وبطاح، 2005) فی إضافتها لأثر العوامل الشخصیّة إلى الأبعاد المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه، وتختلف الدراسة الحالیّة عن الدراسات السابقة فی عیّنة الدراسة؛ من حیث استطلاعها آراء المعلّمین والمدیرین من الجنسین، حرصاً على قیاس أثر العوامل من وجهات نظرٍ مختلفة.

المقالة X.                 الطریقة والإجراءات

یتضمن هذا الجزء من الدراسة وصفاً للمنهج المستخدم فی الدراسة المیدانیّة، ومجتمعها، وعیّنتها، والأداة التی استخدمت جمع البیانات وصدقها وثباتها وطریقة تصحیحها، وفیما یلی عرضٌ لذلک:

 

منهج الدراسة

استناداً إلى أهداف الدراسة وأسئلتها وطبیعة مشکلتها، تم استخدام المنهج الوصفیّ المسحی، من خلال جمع البیانات والمعلومات النظریة من مصادرها من مراجع علمیّة ودراسات سابقة، ثمّ طوّر الباحث استبانة لغرض جمع البیانات المیدانیّة، لمعرفة العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى أفراد عیّنة الدراسة.

المجتمع والعیّنة:

تکّون مجتمع الدراسة من مدیری المدارس ومدیراتها والمعلّمین والمعلّمات فی مدارس المناطق التعلیمیة فی الرّیف الأردنی، وتم اختیار العیّنة بالطریقة العشوائیة العنقودیة متعددة المراحل، حیث وقع الاختیار على مدیریتین تعلیمیتین هما: مدیریة التربیة والتعلیم لمنطقة البتراء، ومدیریة التربیة والتعلیم لمنطقة الشوبک، حیث بلغ عدد المعلّمین لمدیریة التربیة والتعلیم لمنطقة البتراء 182 بینهم 10 مدیرین، وکان عدد المعلّمات 549 بینهن 30 مدیرة، فی حین کان عدد المعلّمین لمدیریة التربیة والتعلیم لمنطقة الشوبک 196 معلما بینهم 11 مدیراً، وکان عدد المعلّمات لنفس المدیریة 431 منهن 20 مدیرة، وتم توزیع الاستبانة على 250 فرداً من مجتمع الدراسة وبطریقة عشوائیة، وکان عدد الاستبانات المسترجعة والصالحة للتحلیل 185 استبانة، موزعة بحسب الجدول رقم 1 الذی یبین خصائص عیّنة البحث.

جدول1. توزیع العیّنة بحسب متغیّرات الوظیفة، الجنس، وسنوات الخبرة.

المتغیّر

العدد

النسبة %

الوظیفة

مدیر

34

18%

معلم

151

82%

الجنس

ذکر

41

22%

أنثى

144

78%

سنوات الخبرة العملیّة

أقل من 5 سنوات

29

16%

من 5 -أقل من 10 سنوات

35

19%

10 سنوات فأکثر

121

65%

المجموع

185

100%

 

أداة الدراسة:

تم بناء أداة الدراسة بحسب الخطوات التالیة:

  1. تمَّ تحدید العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه کما جاءت فی الفکر الإداریّ الحدیث. حیث وضعت ضمن قائمة واحدة.
  2. تمَّ الاطلاع على الدراسات السابقة التی عزّزت من بیان هذه العوامل وتحدیدها فی واقع القرار المدرسی.
  3. تمَّ استطلاع آراء عیّنة من ذوی الخبرة من مدیری المدارس والمعلّمین العاملین فی مناطق الرّیف الأردنی، من غیر عیّنة الدراسة، للتعرف على أشکال التأثیر على القرار المدرسیّ وتحدید العوامل المؤثرة فیه، وقد خرج الباحث بقائمة من هذه العوامل راجعها فی ضوء ما أسفرت عنه الدراسة النظریّة، وجعل هذه القائمة أساساً لبناء استبانة الدراسة.
  4.  استناداً إلى ما توصل إلیه الباحث فی الخطوات السابقة، وبعد مقارنة نتائجها قام بتطویر استبانة خاصة لجمع البیانات حول العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ، لتطبیقها على عیّنة الدراسة المیدانیّة. وتکوّنت الاستبانة من 30 فقرة موزّعة على أربعة أبعاد، وبعد إجراء ما یلزم لها من عملیات التأکد من صدقها وثباتها استقرّت على 26 فقرة، وذلک فق ما یلی من إجراءات:

صدق الأداة:

تم التأکد من الصدق الظاهری لأداة الدراسة من خلال عرض الفقرات فی صورتها الأولیة على (8) محکّمین من ذوی الاختصاص، وطلب إلیهم إبداء الرأی حول الفقرات الواردة فی الاستبانة من حیث: وضوح الصیاغة اللغویة للفقرة، وبیان درجة تعلّقها بالمجال. واستناداً إلى ملاحظاتهم تم حذف أربع فقرات، کما أُعید صیاغة بعض الفقرات التی أجمع علیها ما نسبته 75% من المحکّمین، وبذا أصبحت الاستبانة مکونة من جزأین: الجزء الأول المتعلق ببیانات المستجیبین، والجزء الثانی تکّون من 26 فقرة موزعة على أربعة مجالات هی: العواملالشخصیّة؛ وفیه سبع فقرات هی: (7-1) والعوامل الإنسانیّة، وفیه ست فقرات وهی: (13-8) العوامل التنظیمیّة والإداریّة، وفیه سبع فقرات هی: (20-14) والعوامل البیئیّة والاجتماعیّة، وفیه ست فقرات هی: (26-21).

ثبات الأداة

تم التحقق من ثبات الاستبانة بطریقة حساب الاتساق الداخلی للمقیاس باستخدام معادلة (کرونباخ ألفا)، بعد تطبیقها على عیّنة استطلاعیّة مکونة من 30 فرداً من خارج عیّنة الدراسة، حیث تراوحت نسبة ثبات أبعاد الاستبانة بین (0.83) و (0.85) فی حین بلغت قیمة الثبات الکلّی للاستبانة (0.88)، وهذه النسب مناسبة لاعتماد الأداة لجمع بیانات الدراسة. وتم تحدید الاستجابة على فقرات الاستبانة بخمس مستویات، وفقاً لمقیاس لیکرت الخماسی؛ بحیث أعطیت درجة(5) لموافق بشدة، ودرجة(4) لموافق، ودرجة (3) لمحاید، ودرجة (2) لغیر موافق، ودرجة(1) لغیر موافق بشدة، ولتصحیحها وتحدید العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار لدى عیّنة الدراسة، من خلال البیانات التی تحویها الاستجابات تم وضع تقدیرات (درجات قطع) تستند إلى المعادلة التالیة:(5-1) ÷3 = 1.33 ومنها 1+ 1.33 = 2.33، ومن هنا تکون درجة التأثیر منخفضة ما بین 1 –2.33، ومتوسطة ما بین 2.34-3.67، ومرتفعة ما بین 3.68-5.

المقطع 10.01     المعالجة الإحصائیة:

من أجل تحلیل البیانات الأولیة للبحث تم ترمیزها وإدخالها للنظام الحاسوبی SPSS وأجریت لها المعالجات اللازمة للوصول إلى النتائج التی تجیب عن أسئلة الدراسة حیث تم ما یلی:

  • استخدام معامل الارتباط لقیاس درجة ارتباط العبارات بالدرجة الکلّیة للاستبانة.
  • استخدام معادلة (کرونباخ ألفا) للتحقق من ثبات الأداة.
  • استخدام المتوسطات والانحرافات المعیاریة للإجابة عن السؤال الثانی.
  • استخدام تحلیل التباین الأحادی One-way ANOVA))، والاختبار التائی لعینتین مستقلتین (T-test for two independent samples) للإجابة عن السؤال الثالث.

المقالة XI.              نتائج الدراسة ومناقشتها:

  1. للإجابة عن السؤال الأول: ما العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه کما یعرضها الفکر الإداری الحدیث؟ تم الرجوع إلى المصادر العلمیّة والدراسات ذات العلاقة بصناعة القرار واتخاذه، فکانت هذه العوامل تتمثّل فی الآتی، وقد تم عرضها من قبلُ فی الإطار النظریّ:

‌أ.        العوامل الشخصیة: وتتعلق فی مجملها بالعوامل الذاتیة المتعلقة بشخص المدیر کذکائه وقیمه وتربیته، ومنهجه فی النظر للأمور والأحداث، وتفکیره فی المشکلات بطریقة منهجیّة مُنظّمة، والمعاییر الأخلاقیة التی یحتکم إلیها فی أفعاله، والنواحی السیکولوجیة الخاصة به، وطرائق تفکیره.

‌ب.   العوامل التنظیمیّة والإداریّة: وتشتمل هذه العوامل على الهیکلیات الإداریة واللوائح التنظیمیة والقوانین والسیاسات والإجراءات المتبعة فی المنظمة، وتوزیع الأدوار والصلاحیات والمسؤولیات وغیرها من الأمور التنظیمیة والإداریة.

‌ج.     العوامل البیئیة والاجتماعیة: ومن بینها العوامل العشائریة والمحسوبیات، والعادات والتقالید المجتمعیة ووسائل الاعلام، ووسائل التواصل الاجتماعی، والقیم والثقافات السائدة فی المجتمعات.

‌د.       العوامل الإنسانیة: ویدخل ضمنها الحاجات الإنسانیة، والدوافع لمراعاتها عند القرار، وطبیعة العلاقات الإنسانیة فی المنظمة، والقیم الإنسانیة الحاکمة للسلوک العام فیها.

‌ه.    العوامل السیاسیّة: وهذه تتعلق بالنظم السیاسیة والوظائف الرسمیّة العلیا فی الدول، ویختلف تأثیرها فی قرارات المنظّمات بحسب طبیعة النظام السیاسی.

  1. للإجابة عن السؤال الثانی: ما العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی؟ فقد تم استخراج المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریّة والرتبة لهذه العوامل، کما یظهرها تحلیل بیانات کل بعد من الأبعاد الأربعة لأداة الدراسة، کما فی الجدول رقم (7):

جدول 7. المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریة لأبعاد الاستبانة الأربعة

الرقم

البعد

المتوسط الحسابیّ

الانحراف المعیاری

درجة التأثیر

  1.  

العوامل الشخصیّة

28.39

3.787

مرتفعة

  1.  

العوامل الإنسانیّة

24.49

3.328

مرتفعة

  1.  

العوامل التنظیمیّة والإداریّة

28.40

3.744

مرتفعة

  1.  

العوامل البیئیّة والاجتماعیّة

21.42

3.869

متوسطة

       المتوسط الکلّی      

25.60

 

مرتفع

من خلال النظر فی جدول رقم (7) یتضح أن المتوسط الحسابیّ الکلّی لأبعاد الاستبانة الثلاثة الأولى کان مرتفعاً، مما یعکس درجة تأثیر عالیة لهذه العوامل على صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ، ومتوسطة للبعد الرابع المتعلق بالعوامل البیئیّة والاجتماعیّة، والتفصیل فیما یلی من جداول:

جدول 8. المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریة والرتبة لدرجات لبعد العوامل الشخصیّة.

الرقم

 العبارة

المتوسط

الحسابیّ

الانحراف

المعیاری

درجة التأثیر

 

7

یؤثر الانفتاح على الخبرة فی وصول المدیر للقرار المناسب فی الوقت المناسب.

4.33

0.761

مرتفعة

 

6

یؤثر انفتاح المدیر على المعرفة فی سرعة وصوله للقرار المناسب فی الوقت المناسب.

4.30

0.863

مرتفعة

 

5

یؤثر تفاؤل المدیر على صناعة القرار فی مدرسته.

4.20

0.815

مرتفعة

 

2

تتأثر قرارات المدیر بدرجة تفانیه فی للعمل.

4.00

0.852

مرتفعة

 

1

تتأثر قرارات المدیر برسالته فی الحیاة.

3.93

0.785

مرتفعة

 

3

تؤثر الحالة المزاجیة للمدیر فی قراراته.

3.79

1.084

مرتفعة

 

4

یؤثر توتر المدیر فی المواقف الحاسمة على درجة صحة قراراته.

3.79

1.116

مرتفعة

 

المتوسط الحسابیّ الکلّی

4.05

 

مرتفع

                 

یتضح من الجدول رقم (8) أن المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة على عبارات بعد "العوامل الشخصیّة" کانت مرتفعة ًکلّها، وأن هذه المتوسطات تراوحت ما بین (3.79، 4.33) حیث کانت عبارة: (یؤثر الانفتاح على الخبرة فی وصول المدیر للقرار المناسب فی الوقت المناسب) فی المرتبة الأولى، ونالت متوسطاً مقداره (4.33) وهذه النتیجة تعکس توجهاً نحو التشارکیّة فی صناعة القرار لدى أفراد عیّنة الدراسة، کما تعکس عدم استئثارهم بکل إجراءات صناعة القرار، وهو أمر إیجابی تعززه الدراسات السابقة والإطار النظری لهذه الدراسة. وکانت العبارتان: (تؤثر الحالة المزاجیة للمدیر فی قراراته) و (یؤثر توتر المدیر فی المواقف الحاسمة على درجة صحة قراراته.) فی المرتبة الأخیرة، وکان متوسط کل منهما الحسابیّ(3.79)، کما کان المتوسط الکلّی للبعد مرتفعاً (4.05) مما یعکس درجة تأثیر عالیة لعوامل هذا البعد على صناعة القرار واتخاذه لدى عیّنة الدراسة، ولکن بالنظر للعبارتین الأخیرتین وما تحملانه من وصف لتأثر المدیر وقراره بالحالة المزاجیة وکذلک تأثر قراره بالتوتر الذی یعتریه فی المواقف الحاسمة مما یؤثر على صحة قراراته، سنجد أنهما تعکسان حاجة لتطویر مهارات القرار لدى المدیرین لتلافی هذه النتیجة، ولعلّ واقع المدیرین من حیث التنمیة والتطویر اللذین یتعرضون لهما لا یکفی، خصوصاً وأن المدیر فی واقع الحال هو معلّم أوکِلت له مهمّات إداریة تستوجب أن یقدم له برامج تأهیلیة وتطویریة مناسبة لنوعیّة الدور الجدید وحجمه، ونجد أن الوزارة تقرُّ باحتیاج المدیرین لهذه البرامج، وکان ذلک واضحاً فی وثیقة خطتها الاستراتیجیة(2018-2022)، وتلتقی هذه النتیجة مع نتائج دراسة العضیّانی، (2014) التی بیّنت أن التدریب المقدم للمدیرین یزید من مقدراتهم فی مجال اتخاذ لقرار.

جدول9. المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریة والرتبة لدرجات بعد العوامل الإنسانیّة.

الرقم

العبارة

المتوسط

الحسابیّ

الانحراف

المعیاری

درجة

التأثیر

13

للتواصل الفاعل بین المدیر والمعلّمین دور فی وصوله للقرار المناسب.

4.35

0.734

مرتفعة

11

اهتمام المدیر بحاجات المدرسین الإنسانیّة یشجعهم على الإسهام فی صناعة القرار المناسب.

4.21

0.820

مرتفعة

8

تحددُ طبیعةُ العلاقات بین المعلّمین مقدار َإشراک المدیر لهم فی صناعة القرار.

4.05

0.828

مرتفعة

9

تؤثر درجة تقبل المدیر لوجهات النظر المختلفة للمعلّمین فی صحة قراره.

4.05

0.801

مرتفعة

12

تؤثر الحالة الاقتصادیة لأهل المنطقة فی طبیعة القرارات التی یتخذها المدیر.

3.99

0.927

مرتفعة

10

یضع المدیر فی حسبانه التنوع فی سمات المعلّمین الشخصیّة عند اتخاذ القرار.

3.80

0.949

مرتفعة

 

المتوسط الحسابیّ الکلّی

4.08

 

مرتفع

یتضح من الجدول رقم (9) أن المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة على عبارات بُعد "العوامل الإنسانیّة" کانت کلّها مرتفعةً، وأن هذه المتوسطات تراوحت ما بین (3.80، 4.35) حیث کانت العبارة: (للتواصل الفاعل بین المدیر والمعلّمین دور فی وصوله للقرار المناسب) فی المرتبة الأولى، وقد نالت متوسطاً قدره (4.35) وکانت العبارة: (یضع المدیر فی حسبانه التنوع فی سمات المعلّمین الشخصیّة عند اتخاذ القرار) فی المرتبة الأخیرة، وقد نالت متوسطاً قدره(3.80) وقد کان المتوسط الکلّی للبعد مرتفعاً حیث کان (4.08) مما یعکس درجة تأثیر عالیة لعوامل هذا البعد على عملیّة صناعة القرار واتخاذه، وفی الحقیقة یعکس درجة اعتبار المدیرین للعلاقات الإنسانیّة فی إدارتهم لشؤون المدرسة، وهذا ما توصلت إلیه دراسة أبو حمدی وبطاح (2005)، ودراسة العجمی (2006). ومن الأمور التی یمکن أن تفسر هذه النتیجة طبیعة التواصل فی الرّیف کما تم بیانه فی الإطار النظری، حیث أن العلاقات بین أبناء المجتمع الریفی الواحد هی علاقات مترابطة، وإذا علمنا أن مدیر المدرسة فی الرّیف الأردنی فی الغالب یکون من نفس القریة أو البلدة الرّیفیة التی تقع فیها المدرسة وکذلک المعلّمون، مما یعنی أن لروابط القربى والمعرفة والتواصل الاجتماعی الدائم تأثیرها فی شکل وطبیعة التواصل الإداری المفضی إلى صناعة قرار یراعی النواحی الإنسانیة لمجتمع المدرسة کله، کما أن اعتبار المدیر للحالة الاقتصادیة لأهل المنطقة یکون له مدلولاته الإنسانیة؛ کون الحالة الاقتصادیة لأبناء المجتمع الرّیفی فی الغالب تکون متواضعة مما یحد من خیارات المساهمة فی الأنشطة اللامنهجیة والوفاء بمتطلباتها المالیة.

 جدول 10. المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریة والرتبة لدرجات البعد الثالث المتعلق بالعوامل التنظیمیّة والإداریّة.

الرقم

العبارة

المتوسط

الحسابیّ

الانحراف

المعیاری

درجة

التأثیر

14

یساعد وضوح المهام وتوزیعها فی اتخاذ المدیر للقرار المناسب.

4.43

0.663

مرتفعة

19

یؤثر الرضا الوظیفی للمعلّمین فی درجة فاعلیّة مشارکتهم لمدیرهم فی صناعة القرار.

4.33

0.751

مرتفعة

16

تؤثر طبیعة التواصل والاتصال بین المدیریة والمدرسة فی قرار مدیر المدرسة.

4.18

0.815

مرتفعة

15

یؤثر وضوح الهیکل التنظیمی فی الوزارة ومدیریة التربیة إیجاباً فی صناعة القرار لدى مدیر المدرسة.

4.15

0.759

مرتفعة

20

وجود الخلافات بین المعلّمین یؤثر سلباً على عملیّة صناعة القرار فی المدرسة.

4.01

0.982

مرتفعة

17

یتأثر قرار المدیر بحجم الخلافات بین المعلّمین

3.68

1.031

مرتفعة

18

یؤثر الالتزام الحرفیّ بالنظام فی اختیار المدیر للقرار المناسب للموقف المناسب.

3.60

1.144

متوسطة

 

المتوسط الحسابیّ الکلّی

4.05

 

مرتفع

یتضح من الجدول رقم (10) أن المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة على عبارات البعد الثالث المتعلق بالعوامل التنظیمیّة والإداریّة کانت مرتفعة ًکلّها، إلا عبارة واحدة کانت متوسطة، وأن هذه المتوسطات تراوحت ما بین (3.60، 4.43) حیث کانت العبارة: (یساعد وضوح المهام وتوزیعها فی اتخاذ المدیر للقرار المناسب) فی المرتبة الأولى، وکان متوسطها الحسابیّ (4.43) وجاءت العبارة: (یؤثر الالتزام الحرفیّ بالنظام فی اختیار المدیر للقرار المناسب للموقف المناسب) فی المرتبة الأخیرة، وقد کان متوسطها (3.60)، وقد کان المتوسط الکلّی للمجال مرتفعاً حیث بلغ (4.05) مما یعکس درجة تأثیر عالیة للعوامل التنظیمیّة والإداریّة خصوصاً تلک المتعلقة بالهیکل التنظیمیّ والأنظمة، وهذه الدرجة من وجهة نظر المدیرین والمعلّمین لا تتفق مع ما جاء فی تقاریر الوزارة التی تم الرجوع إلیها فی هذه الدراسة، والتی تشیر إلى مشکلات عدیدة فی القرار المدرسی، لذا یرى الباحث أن نتیجة الدراسة المیدانیّة التی جاءت تعکس وجهة نظر أفراد العیّنة إنما هی محصورة فی القرارات والإجراءات الروتینیّة التی لا تحتاج إلى مهارات عالیة، أو إجراءات خاصة تراعی معاییر القرار الرشید، ویؤید هذا التفسیر ما ذکرته خطة الوزارة الاستراتیجیة (2022-2018) من التحدیات المتعلّقة بالقرارات واتخاذها، وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة أبو حمدی وبطاح (2005)، ودراسة العجمی(2006)، التی جاءت العوامل التنظیمیّة فیهما فی المرتبة الأولى فی التأثیر على قرارات مدیری المدارس، کما تتفق مع نتائج دراسة سیزر (Sezer, 2016) فی مجملها، لکنها تختلف عنها فیما یتعلق بالالتزام الحرفیّ بالنظام فی اختیار المدیر للقرار حیث جاء مرتفعاً عند سیزر، فی حین جاء متوسطاً فی الدراسة الحالیّة، مما یعکس شیئاً من المرونة لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ فی تعاملهم مع التعلیمات والأنظمة المعمول بها، بحسب طبیعة القضایا التی تحتاج منهم إلى قرار.


جدول 11. المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریة والرتبة لدرجات البعد الرابع المتعلق بالعوامل البیئیّة والاجتماعیّة

الرقم

العبارة

المتوسط الحسابیّ

الانحراف المعیاری

درجة التأثیر

23

تؤثر العوامل الثقافیة (من قیم وعادات وتقالید) فی طبیعة القرار الذی یتخذه المدیر.

4.01

0.848

مرتفعة

21

یراعی المدیر الظروف المعیشیة للمعلّمین عند اتخاذه القرار.

3.59

1.014

متوسطة

25

لکون المعلّمین من أبناء المنطقة أثر فی طبیعة القرارات التی یتخذها مدیر المدرسة

3.58

1.058

متوسطة

24

تؤثر الإدارات المحلیة (الحاکم الإداریّ والجهات الرسمیّة الأخرى) فی بعض قرارات مدیر المدرسة.

3.53

1.018

متوسطة

22

تؤثر ظاهرة المحسوبیات والوساطات على قرارات مدیر المدرسة.

3.51

1.115

متوسطة

26

تشکّل وسائل التواصل الاجتماعی عوامل ضغط على صانع القرار فی المدرسة.

3.20

1.002

متوسطة

 

المتوسط الحسابیّ الکلّی

3.57

 

متوسط

یتضح من الجدول رقم (11) أن المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة على عبارات البعد الرابع المتعلق بالعوامل البیئیّة والاجتماعیّة کانت ًکلّها متوسطة، إلا عبارة واحدة کانت مرتفعة، وأن هذه المتوسطات تراوحت ما بین (3.20، 4.01) حیث کانت العبارة: (تؤثر العوامل الثقافیة من قیم وعادات وتقالید فی طبیعة القرار الذی یتخذه المدیر) فی المرتبة الأولى، وکان متوسطها الحسابیّ (4.01)، وقد جاءت العبارة: (تشکّل وسائل التواصل الاجتماعی عوامل ضغط على صانع القرار فی المدرسة) فی المرتبة الأخیرة، وقد کان متوسطها (3.20)، فی حین کان المتوسط الکلّی للمجال متوسطاً، حیث بلغ (3.57) مما یعکس درجة تأثیر متوسطة، ولعل ارتفاع متوسط الفقرة الأولى فی البعد یعکس طبیعة المنطقة وبیئتها الثقافیة، خصوصاً وأن المنطقتین اللتین اختیرتا کعیّنة للدراسة هما من مناطق الرّیف الأردنی الذی لا زال یحتفظ بعاداتٍ وتقالیدَ خاصةٍ به، والعاملون فی المدارس غالباً ما یکونون من نفس المنطقة، وهذا ما یشکّل أحد التحدّیات التی تواجه الوزارة کما بیّنت فی خطتها الاستراتیجیة(2022-2018)، على أن التحدّی هنا مقصور فی الجوانب السلبیة لأثر العادات والتقالید، ذلک أن هذه التقالید لها إیجابیاتها فی الرّیف الأردنی، إذ تشکل وسیلة هامّة من وسائل الضبط الاجتماعی، ویمکن استثارة الهمم والدافعیّات للإنجاز أحیانا من خلالها. وهذا ما یجعل من تنمیة مهارات مدیری المدارس فی تلک المناطق ضرورة، خصوصاً المهارات التحلیلیة التی تمکّنهم من تحلیل بیئاتهم وإدارة المعرفة فیها، لتطویر أداء المدرسة وإدارتها دون تجاهل للمشارکة المجتمعیّة. وتتفق نتائج هذا البعد فی مجملها مع دراسة العجمی(2006) التی جاءت العوامل البیئیّة فیها فی المرتبة الأخیرة من حیث تأثیرها فی عملیّة اتخاذ القرار لدى المدیرین، کما تتفق مع بعض نتائج دراسة هارت، وولتر(Hart, Walter, 2018) المتعلقة بتأثر متخذ القرارات بتوقعاته حول قبول المجتمع لهذه القرارات، کما تتفق مع دراسة أبو حمدی وبطاح (2005) فیما توصلت إلیه من تأثیر القیم الدینیّة والأعراف والتقالید فی عملیّة اتخاذ القرار لدى مدیری المدارس، وکذلک دراسة التویم (2010) فیما توصلت إلیه من تأثیر العوامل البیئیّة على متخذ القرار فی المدرسة.

النتائج المتعلقة بالسؤال الثالث:

هل هناک فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة (α 0.05) فی العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی تُعزى لمتغیّرات: الجنس، والوظیفة، والخبرة العملیّة؟

لقد تمت الإجابة على السؤال الثانی من خلال التحلیلات اللازمة، وبحساب المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة تبعاً للمتغیّرات الأربعة وکما یلی:

‌أ.        متغیّر الجنس

تم استخراج المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریّة للعوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ من وجهة نظر المدیرین والمعلّمین تبعاً لمتغیّر الجنس، واستخدم الاختبار التائی لعینتین مستقلتین (T-test for two independent samples)، والجدول رقم (12) یبیّن نتیجة الاختبار، وکانت الفرضیّة الصفریة تنص على أنه: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة ( α ≤ 0.05) بین أفراد العیّنة فی استجاباتهم على مقیاس العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ تُعزى لمتغیّر الجنس.

جدول 12. المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة تبعاً لمتغیّر الخبرة الجنس

الجنس

العدد

المتوسط الحسابیّ

الانحراف المعیاری

قیمة(ت) المحسوبة

مستوى الدلالةSig

ذکر

41

104.37

13.481

0.920

0.256

أنثى

141

102.10

11.419

 

 

ومن خلال النظر فی نتائج الاختبار کما یبیّنها الجدول رقم (12) یتضح أن الفروق لیست دالة إحصائیاً، مما یعنی صحة الفرضیّة الصفریّة، وبالتالی عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائیة تُعزى لمتغیّر الجنس عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05) بین أفراد العیّنة فی استجاباتهم على مقیاس العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ. وتتفق هذه النتیجة مع نتائج دراسة العجمی(2006). ولعل هذه النتیجة تعود لتشابه الممارسات الإداریة القائمة على إجراءات روتینیة یلتقی علیها کل من الذکور والإناث من مدیری المدارس، وربما تکون النتیجة عائدة لطبیعة القرارات التی تعوّد علیها المدیرون وهی قرارات روتینیة لمشکلاتٍ مهیکلةٍ (مبرمجة)، بمعنى أن القرارات تکون مکررة مما یجعل من تشابه الإناث والذکور فیها أمراً یسیراً.

 

 

‌ب.   متغیّر الوظیفة

أجریت التحلیلات اللازمة لاستخراج المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریّة للعوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ من وجهة نظر المدیرین والمعلّمین تبعاً لمتغیّر الوظیفة، واستخدم الاختبار التائی لعینتین مستقلتین (T-test for two independent samples) والجدول رقم (13) یبیّن نتیجة الاختبار، وکانت الفرضیّة الصفریة تنص على أنه: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة ( α ≤ 0.05) فی درجة تُعزى لمتغیّر الوظیفة.

جدول 13. المتوسطات الحسابیّة لإجابات أفراد العیّنة تبعاً لمتغیّر الوظیفة

الوظیفة

العدد

المتوسط الحسابیّ

الانحراف المعیاری

قیمة (ت) المحسوبة

مستوى الدلالةSig

معلّم

51

103.86

10.895

2.647

0.009

مدیر

34

97.09

14.544

 

 

ومن خلال نتائج الاختبار کما یبیّنها الجدول رقم (13) یتضح أن الفروق دالة إحصائیاً، مما یعنی بطلان الفرضیّة الصفریة، وبالتالی توجد فروق ذات دلالة إحصائیة تُعزى لمتغیّر الوظیفة عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05) بین أفراد العیّنة فی تقدیرهم لدرجة تأثیر العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ، وقد تُعزى هذه النتیجة لطبیعة العلاقة بین المعلّمین والمدیرین بشکل عام، حیث یبقى المدیر محل نقد المعلمین، وقد تکون بعض العلاقات مشوبة ببعض الشدّ والتحفّظ من قبل المعلّمین تجاه مدیریهم، وأحیاناً تتغیر اتجاهات المعلّمین نحو الإدارة وقراراتها، خصوصاً إن کانت تتخذ بمعزل تام عنهم ودون اشراکهم.

‌ج.     متغیّر الخبرة العملیّة

أجریت التحلیلات اللازمة لاستخراج المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریّة للعوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ من وجهة نظر المدیرین والمعلّمین تبعاً لمتغیّر الخبرة العملیّة، واستخدم تحلیل التباین الأحادی (One-way ANOVA)، وقد جاءت نتائجه کما یبینها الجدول رقم (14)

جدول 14. تحلیل التباین الأحادی لإجابات أفراد العیّنة تبعاً لمتغیّر الخبرة العملیّة.

مصدر التباین

مجموع المربعات

درجات الحریة

مربع المتوسط الحسابیّ

ف

قیمة (sig)

بین المجموعات

247.299

1

247.299

1.864

0.174

داخل المجموعات

24278.160

183

140.985

الکلّی

24525.459

184

 

یتضح من نتائج التحلیل کما یبیّنها الجدول رقم (14) أن الفروق لیست دالة إحصائیاً. مما یعنی صحة الفرضیّة الصفریة، وبالتالی عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائیة تُعزى لمتغیّر الخبرة العملیّة عند مستوى الدلالة ( α ≤ 0.05) بین أفراد العیّنة فی تقدیرهم لدرجة تأثیر العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ. وهذه النتیجة تُعزى إلى سهولة إدراک أفراد العیّنة للعوامل المؤثرة فی القرار ودرجة تأثیرها حیث ما إن ینخرط المعلم او الدیر فی العمل فی مدرسة ما حتى یستطیع ان یحدد مناخها التنظیمیّة وطریقة صناعة القرارات فیها، وما یکتنف هذه العملیّة من متغیّرات وعوامل مؤثرة، لذا لم یکن للخبرة العملیّة تأثیر على استجاباتهم عل أداة الدراسة.

ملخص نتائج الدراسة:

  1. أسفرت الدراسة الوثائقیة عن تحدید العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه کما یعرضها الفکر الإداریّ الحدیث؟ فقد تم تحدیدها بالرجوع إلى المصادر العلمیّة والدراسات ذات العلاقة بصناعة القرار واتخاذه، فکانت هذه العوامل متمثلة فی التالی: العوامل الشخصیة، وهی المتعلقة بشخص المدیر کذکائه وقیمه وطریقة تفکیره ومنهجیته فی تناول المشکلات وحلّها. ثم العوامل التنظیمیّة والإداریّة المتعلقة بالهیکلیات الإداریة واللوائح التنظیمیة والقوانین والسیاسات، وتوزیع الأدوار والصلاحیات والمسؤولیات وغیرها من الأمور التنظیمیة والإداریة. ثم العوامل البیئیة والاجتماعیة، کالعوامل العشائریة والمحسوبیات، والعادات والتقالید المجتمعیة وتأثیر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعی، والقیم والثقافات السائدة فی المجتمع. ثم العوامل الإنسانیة بما فیها الحاجات الإنسانیة، والدوافع، وطبیعة العلاقات الإنسانیة والقیم الحاکمة للسلوک العام. واخیراً العوامل السیاسیّة وما یتعلق بالنُظم السیاسیة والوظائف الرسمیّة العلیا فی الدول.
  2. کما أسفرت الدراسة المیدانیّة عن العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنی، ودرجة تأثیرها من وجهة نظر المدیرین والمعلّمین، وذلک من خلال استخراج المتوسطات الحسابیّة والانحرافات المعیاریّة والرتب لاستجابات أفراد عیّنة الدراسة على فقرات أداة الدراسة المبیّنة لهذه العوامل، فکانت کما یلی: جاءت العوامل التنظیمیّة والإداریّة فی المرتبة الأولى فی التأثیر على القرار من وجهة نظر أفراد العیّنة، حیث کانت تقدیراتهم لها مرتفعة، وبمتوسط حسابی مقداره28.40 وبانحراف معیاری مقداره3.744. تلیها العوامل الشخصیّة، وکانت تقدیرات أفراد عیّنة الدراسة لها أیضاً مرتفعة؛ حیث کان متوسطها الحسابی28.39، وبانحراف معیاری مقداره 3.787، ثم جاءت بعدها العوامل الإنسانیّة، وکانت تقدیرات أفراد عیّنة الدراسة لها مرتفعة؛ حیث کان متوسط إجابات أفراد العینة على هذا البعد 24.49وبانحراف معیاری مقداره 3.328. وأما والعوامل البیئیّة والاجتماعیّة فکانت فی المرتبة الأخیرة، حیث کانت تقدیرات أفراد عیّنة الدراسة لها متوسطة، وبلغ مقدار متوسط هذه الاستجابات 21.42وبانحراف معیاری مقداره 3.869، وکان المتوسط الکلّی للاستبانة وابعادها کلها مرتفعاً حیث بلغ 25.60.
  3. کما أسفرت التحلیلات الإحصائیة لاستجابات أفراد العیّنة على فقرات أداة الدراسة عن عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائیة تُعزى لمتغیّری الجنس والخبرة العملیّة، فی حین وُجِدَت فروقٌ ذات دلالة إحصائیة تُعزى لمتغیّر الوظیفة عند مستوى الدلالة (α ≤ 0.05) بین أفراد العیّنة فی تقدیرهم لدرجة تأثیر العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس فی الرّیف الأردنیّ.

التوصیات

واستناداً إلى نتائج الدراسة قُدّمت التوصیات التنفیذیّة التالیة:

  1. إنشاء وحدة إداریة فی وزارة التربیة والتعلیم معنیة بمتابعة الشراکة المجتمعیة بین المدرسة وأولیاء الأمور بشکل خاص، والمجتمع المحلی بشکل عام، من أجل إشراکهم فی صناعة القرار المتعلق بأبنائهم الطلبة، بحیث تکون هذه الشراکات عوناً لمدیری المدارس فی عملیات التخطیط وتقییم الأداء بما فی ذلک المساعدة فی تقییم نواتج التعلّم التی یکتسبها الطلبة، علما بأن الاتجاهات الحدیثة فی التعلیم والقائمة على حرکة المعایرة (Standardization Movement) تؤکد على دور الأطراف الأخرى بما فیهم أولیاء الأمور فی عملیات تقییم أداء المؤسسة التعلیمیة وبرامجها وأنشطتها المختلفة، وتزداد الحاجة لهذه الوحدة خصوصاً مع خلو الهیکل التنظیمی لوزارة التربیة والتعلیم من وحدة ترعى شؤون هذه الشراکة، على أن یکون من مهام هذه الوحدة ما یلی:
  2. تحدید مجالات التعاون والشراکة بین إدارة المدرسة ومجتمعها المحلی.
  3. وضع آلیات التعاون بین المدرسة وأولیاء الأمور فیما یخص تعلّم الطلبة وسلوکهم.
  4. التوجیه المستمر للتواصل الفاعل بین الإدارات المدرسیة ومجتمعاتها المحلیة بما فیهم أولیاء أمور الطلبة للوصول إلى قرارات رشیدة تخدم القضایا المشترکة، وبما یزید من فاعلیّة المدرسة فی مجتمعها لتلافی الفجوة فی التقاریر السنویة لهذه الشراکات کما ظهرت فی تقاریر الوزارة مؤخراً.
  5. متابعة وتقییم نتائج الشراکات وتأثیرها على العملیّة التعلیمیّة وأداء المدرسة وتطویر المجالات التی تحتاج إلى تطویر.
  6. توجیه المعنیین بالتطویر الإداری فی وزارة التربیة والتعلیم للاستفادة من حصر الدراسة الحالیة للعوامل المؤثرة فی صناعة القرار واتخاذه لدى مدیری المدارس، من أجل تطویر الممارسات الإداریة وبما یعود على النظام التعلیمی الأردنی بالفائدة، ولیکون ذلک مؤشراَ من مؤشرات تطور هذا النظام.
  7. إنشاء وحدة معنیة بدعم القرار المدرسی فی کل مدیریة من مدیریات التربیة والتعلیم: ویکون من مهامّها ما یلی:
  8. دعم مدیری المدارس بالمعرفة اللازمة لاتخاذ قراراتهم بما فی ذلک تسهیل مهمتهم فی الحصول على المعلومة التی یریدون وفی الوقت المناسب لذلک.
  9. تقدیم التدریب التأهیلی والتطویری لمدیری المدارس ومدیراتها لإکسابهم مهارات حل المشکلات واتخاذ القرار فی الممارسة العملیّة الیومیة، وتطویر کفایاتهم فی مجال التعامل مع العوامل المؤثرة فی صناعة القرار المدرسی.
  10. دراسة نوعیة المشکلات التی تتعرض لها المدارس فی الریف الأردنی، إلى جانب دراسة إمکانیة تطویر التعامل المرن مع اللوائح والأنظمة الصادرة عن الوزارة، فی ضوء ما تسفر عنه عملیات صناعة القرار وفق ظروف کل مدرسة ومجتمعها المحلی.
  11.  أن ترکّز وزارة التربیة والتعلیم ممثلة بأمانة الوزارة للشؤون الإداریة والمالیة على تطویر اللوائح والتنظیمات بما یطور من آلیات صناعة القرار واتخاذه بحسب الظروف والعوامل المختلفة مع مراعاة الاختلاف بین البیئات الثلاث للمدرسة الأردنیة (البادیة والریف والحضر).
  12.  تبنّی الوزارة لمشروع مرکزی یتضمن برامج تدریبیة وورش عمل تستهدف القیادات ومدیری المدارس لإکسابهم المهارات اللازمة لاتخاذ القرار الرشید، مع تنمیة قدراتهم على التعامل مع المتغیّرات المختلفة والعوامل المؤثرة فی القرارات کما بیّنتها هذه الدراسة.
  13. تتبنّى وزارة التربیة والتعلیم ممثلة بالوحدات المعنیّة بقیاس أداء مدیری المدارس تطویر مؤشرات الأداء التی على أساسها یتم تقییم أداء مدیری المدارس لتشمل مهارات المدیرین فی صناعة القرار واتخاذه، مع الوضع فی الحسبان قدرتهم على التعامل مع المؤثرات والمتغیّرات المختلفة فی عملیات صناعة القرار واتخاذه، بحیث یستفاد من تحلیل نتائجهم على هذه المؤشرات فی خطط التحسین والتطویر المستمر لکفایات مدیر المدرسة الأردنیّة.
  14. على مدیری التربیة والتعلیم فی مناطق الرّیف الأردنی عقد ورش عمل دوریة وبمشارکة مساعدیهم للشؤون الإداریة والمالیة، والشؤون الفنیّة ومدیری المدارس لمناقشة المشکلات والعوامل المؤثرة فی قرارات مدیر المدرسة فی مناطقهم التعلیمیّة، للاستفادة من التأثیرات الإیجابیة لهذه العوامل، واکتساب المهارات التی یمکن بها تحیید الآثار السلبیة أو تجاوزها.
  15. زیادة الاهتمام بمدارس الریف ومراعاة ظروفها الاجتماعیة والاقتصادیة والبیئیة.
  16. یوکل لأمانة الوزارة للشؤن الإداریة والمالیة أمر إعادة النظر فی اللوائح والأنظمة بحیث توّسع الصلاحیات الممنوحة لمدیری المدارس لتمکینهم من اتخاذ قرارات تخدم مدارسهم، وتراعی ظروف هذه المدارس.

10.یمکن للباحثین إجراء مزید من الدراسات حول العوامل المؤثّرة فی صناعة القرار واتخاذه فی لدى مدیری المدارس فی المدن الکبیرة فی المملکة لمعرفة الاختلافات بینها وبین مدارس الرّیف.

 


المراجع

"غضیة الحسینی" رغدة عبد الله حسن. (2000). درجة تحقیق سیاسة القبول الخاصة بالفئات الأقل حظاً للأهداف التربویة فی بعض الجامعات الرسمیّة فی الأردن. رسالة ماجستیر، الجامعة الأردنیة، عمان، الأردن

أبو حمدی، إلهام نایف محمود، وبطاح أحمد محمد. (2005). أثر العوامل الإنسانیّة والبیئیّة والتنظیمیّة على عملیّة اتخاذ القرار لدى مدیری المدارس فی إقلیم الجنوب. رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة مؤته، الکرک/الأردن.

عزام، إدریس، وأبو حوسة، موسى، وربایعه، أحمد. (2010). المجتمع الرّیفی والحضری والبدوی، الشرکة العربیة المتحدة، القاهرة، مصر.

الأصفهانی، أبو القاسم الحسین بن محمد. (1984). المفردات فی غریب القرآن، تحقیق محمد سید کیلانی. بیروت: دار المعرفة.

بارکر، آلن. (1998). کیف تنمی قدرتک على اتخاذ القرار. لندن: ترجمة بیت الأفکار الدولیة.

البصیصی، صلاح جبیر. (2017). النظریة العامّة للقرار السلبی – دراسة مقارنة. ط(1). المرکز العربی للنشر والتوزیع.

التکریتی، سعد غالب یاسین. (2003). نظم مساندة القرار. (ط1). عمان: دار المناهج.

جواد، شوقی ناجی. (2001). صناعة القرار. عمان: دار الحامد.

درکر، بیتر. ف. (2003). ممارسة الإدارة. (ط1). الریاض: ترجمة مکتبة جریر.

رسمی، محمد حسن. (2007). إطار فکری لنظم دعم القرار (الأساسیات، المتطلبات، المحاذیر). مرکز دعم القرار والدراسات المستقبلیة: جامعة القاهرة، مسترجع من موقع: http://cutt.us/VGZdd بتاریخ 16/5/2019

ساعاتی، توماس. ل. (2000). صناعة القرار للقادة. ترجمة أسماء بنت محمد أحمد باهرمز، وسهام بنت علی محمد همشری. الریاض: معهد الإدارة العامّة، مرکز البحوث.

سایمون، هیربرت. أی.(2003).السلوک الإداریّ. دراسة لعملیات اتخاذ القرار فی المنظمات الإداریّة. ترجمة عبد الرحمن هیجان، وعبدالله بن أهنیة. (ط4). الریاض: معهد الإدارة العامّة.

طناش، سلامه. (2012). سیاسات القبول فی الجامعات الأردنیة فی ضوء نتائج الثانویة العامّة الأردن، صحیفة الرأی الأردنیة. عدد19/10/2012، مسترجع بتاریخ 30/8/2019 من: http://alrai.com/article/546307.html

الطویل، هانی عبد الرحمن. (2001). الإدارة التربویة والسلوک المنظّمی. (ط 3). عمان: دار وائل.

الطیب، احمد محمد. (1999). الإدارة التعلیمیّة: أصولها وتطبیقاتها المعاصرة. المکتب الجامعی الحدیث، الإسکندریة، مصر.

العامری، صالح مهدی محسن، والغالبی، طاهر محسن منصور. (2011). الإدارة والأعمال، ط3، دار وائل للنشر والتوزیع، عمان، الأردن

عبابنة، عبدالله. (2014) التعلیم والتنمیة. صحیفة الرأی الأردنیة، عدد الأربعاء 26/11/2014 مسترجع بتاریخ 9/9/2019 من: http://alrai.com/article/683258.html

عبود، عبد الغنی (2000). إدارة المدرسة الابتدائیة، ط3. القاهرة: مکتبة النهضة المصریة، مصر.

العجمی، فلاح سعد طامی. (2006). العوامل المؤثّرة فی عملیّة اتخاذ القرار الإداریّ لدى مدیری ومدیرات المدارس الثانویة فی دولة الکویت من وجهة نظرهم. رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة عمان للدراسات التربویة العلیا، عمّان-الأردن.

العضیانی، باجد بن رفاع. (2004). العوامل المؤثّرة فی اتخاذ القرار لدى المدیرین بوزارة المعارف. مجلة العلوم الاجتماعیّة - الکویت مجلد 32 عدد1، ص 229- 236

عطوی، جودت عزّت. (2004). الإدارة المدرسیّة الحدیثة. (ط1). عمّان: دار الثقافة.

 العلاق، بشیر. (2010) القیادة الإداریّة، دار الیازوری، عمان، الأردن.

علم الدین، محمد إسماعیل. (1968). تطور فکرة القرار الإداریّ، مجلة العلوم الإداریّة، السنة(10)، العدد 2،1968، ص140 وما بعدها.

علی، حسین علی والساعد، رشاد. (2001). نظریة القرارات الإداریّة مدخل نظری وکمی. عمان: دار زهران.

العواووده، عاطف محمد فالح، ویاغی، محمد عبد الفتاح. (2009). العوامل المؤثّرة فی نمط اتخاذ القرار الإداریّ لدى المدرین فی القطاع العام فی الأردن. مجلة دراسات- العلوم الإداریّة (الأردن)، مجلد 36، عدد 2 ص 275 -295

القروانی، خالد نظمی. (2017). درجة إسهام المعلّمین والمعلّمات فی صناعة القرارات فی مدارس محافظة سلفیت من وجهة نظرهم، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات التربویة والنفسیة، المجلد السادس، ع(20) -تشرین الأول (2017)

قندیل، جواهر أحمد. (2003). اتخاذ القرارات فی مؤسسات التعلیم العام. کلیة التربیة. جامعة الملک سعود. الریاض، المملکة العربیة السعودیة.

کنعان، نواف سالم. (2007). اتخاذ القرارات الإداریّة بین النظریة والتطبیق، ط1 الإصدار السابع: دار الثقافة للنشر والتوزیع، عمان، الأردن.

لجنة المکرمة الملکیة. (2019). المدارس الأقل حظاً، صحیفة الرأی، مسترجع بتاریخ30/8/2019 من: http://alrai.com/article/726631

المخاریز، لافی صالح عقیل. (2018). درجة فاعلیّة المشارکة فی اتخاذ القرارات المدرسیة من وجهة نظر معلمی محافظة المفرق، دراسات العلوم التربویة، الجامعة الأردنیة، عمان الأردن، مج45، ع2، 125-134

 مرسی، محمد منیر. (2001). الإدارة التعلیمیة أصولها وتطبیقاتها، القاهرة عالم الکتب.

المغربی، کامل محمد. (2004). السلوک التنظیمی مفاهیم وأسس، ط3، دار الفکر، عمان الأردن.

مکتب الیونسکو الإقلیمی للتربیة فی الدول العربیة(1993). دور المدرسة فی تنمیة المجتمع المحلی. مسترجع بتاریخ 30/8/2019 من: https://cutt.us/5dwtV

وزارة التربیة والتعلیم. (2013 أ). تقریر المتابعة والتقییم المتعلق بشبکات المدارس. مسترجع بتاریخ من: https://cutt.us/5Pltw

وزارة التربیة والتعلیم. (2013، ب). تقریر المتابعة والتقییم المتعلق بشبکات المدارس. مسترجع بتاریخ من https://cutt.us/sDRxi

وزارة التربیة والتعلیم. (2019). الخطة الاستراتیجیة لوزارة التربیة والتعلیم الأردنیة (2018-2022). مسترجع بتاریخ 5/9/ 2019 من: http://www.moe.gov.jo/ar/node/21815

وزارة التربیة والتعلیم. (2019). تقریر المتابعة والتقییم المتعلق بشبکات المدارس. مسترجع بتاریخ من: https://cutt.us/seV0v

Creating Effective Teaching and Learning Environments: First Results from TALIS. ). Retrieved on 1, 25, 2019 from: https://cutt.us/fdnn

Dietrich, C. (2010). "Decision Making: Factors that Influence Decision Making, Heuristics Used, and Decision Outcomes." Inquiries Journal/Student Pulse, 2(02). Retrieved on 1, 25, 2019 from: http://www.inquiriesjournal.com/a?id=180

Drucker, P. F. The effective decision. Harvard Business Review, January/February1967, Volume 45, Issue 1, pp 92-98

 Glassberg, Pearl Bonnie. (2004). Participatory Decision Making (PDM) and Teacher Job Satisfaction (TJS) in New York City Elementary Schools. Dissertation Abstracts International, Section A: Humanities and Social Sciences, 64 (9-A): 3146.

Griffiths, Daniel E. 1988. Administrative theory, Retrieved on 8/9/2019 from: https://files.eric.ed.gov/fulltext/ED303858.pdf

Hart, Walter H. (2018). Rational or Intuitive? Factors and Processes Affecting School Superintendents' Decisions When Facing Professional Dilemmas. Educational Leadership and Administration: Teaching and Program Development, v29 n1 p14-25 Mar 2018.

Harvey, Jasmin, (2007). Effective decision making. Retrieved on 3, 20, 2019 from https://cutt.us/s7C0G

OECD - Organization for Economic Co-operation and Development. (2019). Creating Effective Teaching and Learning Environments.First Results from TALI. Retrieved on 2, 26, 2019 from: https://cutt.us/ynNa9

Lennick, Doug& Kiel, Fred. (2005). Published by wharton school publishing. Moral Intelligence: enhancing business performance and leadership success. Retrieved 3/3/2019, from: https://cutt.us/Uf6Ag

Lennick, Doug& Kiel, Fred. (2005). Published by wharton school publishing. Moral Intelligence: enhancing business performance and leadership success. Retrieved 31/8/2019, from: https://cutt.us/03FqZ

Senge, P.M. (1996). Rethinking leadership in the learning organization (electronic version). The systems thinker. Retrieved 25/8/2019, fromhttps://cutt.us/irWWv

Sergiovanni, T., and F. Carven. 1974. The New School Executive, Theory of Administration. New York, Dood, Mead and Company

Sezer, S. (2016). School Administrators’ Opinions on Task Priorities and the Factors Affecting Their Decision-Making Process, Inonu University Journal of the Faculty of Education, 17(3), 121-137. DOI: 10.17679/iuefd.17311445.

Spears, L. (1996). Reflections on Robert K. Greenleaf and servant-leadership. Leadership & Organization Development Journal, 17(7), 33-35.