نموذج تدريسى مقترح قائم على مدخل التحليل الأخلاقى لبعض القضايا الجدلية لتنمية مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانوية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

هــدف البحث إلى إعداد نموذج لتدريس موضوعات القـــراءة المتعلقةبالقضايا الأخلاقية الجدلية، قائم على مدخل التحليل الأخلاقى؛ بغية النهوض بمستوى طلاب المرحلة الثانوية فى مهارات القراءة الناقدة والارتقاء بمستوى الذکاء الأخلاقى لديهم، وتم اعتماد المنهجين الوصف التحليلى وشبه التجريبى لإجراء البحث، وتم الاستعانة بالتصميم التجريبى القائم على المجموعة الواحدة، وقامت الباحثة بإعداد النموذج التدريسى وذلک من خلال: ( تحديد الأهداف - اختيار المحتوى - تحديد خطوات النموذج والإطار العام له - تحديد الأساليب والأنشطة التعليمية المناسبة - اختيار المواد والوسائط التعليمية المعينة على تحقيق أهداف النموذج - تحديد أساليب وأدوات التقويم المناسبة - إعداد مادتى التعلم اللازمتين للنموذج ، وشملتا: کتاب الطالب لتعلم القضايا الأخلاقية الجدلية ، دليل المعلم لتدريس القضايا الأخلاقية الجدلية )، کما تم إعداد أدوات البحث وشملت: (اختباراً للقراءة الناقدة ، ومقياساً للذکاء الأخلاقى)، وبعد إجراء التطبيق الميدانى للبحث تأکد أن للنموذج  التدريسى القائم على مدخل التحليل الأخلاقى فاعلية فى تنمية کل من القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى، ووفقاً لذلک قدم البحث بعض التوصيات والمقترحات لإجرء بحوث مستقبلية

الكلمات الرئيسية


نموذج تدریسى مقترح قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة

إعداد : د/ ریم أحمد عبد العظیم (*).

 

هــدف البحث إلى إعداد نموذج لتدریس موضوعات القـــراءة المتعلقةبالقضایا الأخلاقیة الجدلیة، قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى؛ بغیة النهوض بمستوى طلاب المرحلة الثانویة فى مهارات القراءة الناقدة والارتقاء بمستوى الذکاء الأخلاقى لدیهم، وتم اعتماد المنهجین الوصف التحلیلى وشبه التجریبى لإجراء البحث، وتم الاستعانة بالتصمیم التجریبى القائم على المجموعة الواحدة، وقامت الباحثة بإعداد النموذج التدریسى وذلک من خلال: ( تحدید الأهداف - اختیار المحتوى - تحدید خطوات النموذج والإطار العام له - تحدید الأسالیب والأنشطة التعلیمیة المناسبة - اختیار المواد والوسائط التعلیمیة المعینة على تحقیق أهداف النموذج - تحدید أسالیب وأدوات التقویم المناسبة - إعداد مادتى التعلم اللازمتین للنموذج ، وشملتا: کتاب الطالب لتعلم القضایا الأخلاقیة الجدلیة ، دلیل المعلم لتدریس القضایا الأخلاقیة الجدلیة )، کما تم إعداد أدوات البحث وشملت: (اختباراً للقراءة الناقدة ، ومقیاساً للذکاء الأخلاقى)، وبعد إجراء التطبیق المیدانى للبحث تأکد أن للنموذج  التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى فاعلیة فى تنمیة کل من القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى، ووفقاً لذلک قدم البحث بعض التوصیات والمقترحات لإجرء بحوث مستقبلیة.

الکلمات المفتاحیة: نموذج تدریسى - مدخل التحلیل الأخلاقى - القضایا الجدلیة - القراءة الناقدة - الذکاء الأخلاقى.


An Instructional Model Based on the Ethical Approach to Analyzing Debated Issues for Developing Secondary School Students' Critical Reading and Moral Intelligence Skills

Dr. Reem Ahmed Abd Alazeem

Assist Prafessor of curriculum and methads

This research aims at developing an instructional model for teaching debated ethical issues using the ethical approach to foster secondary school students' critical reading and moral intelligence skills. The study used the descriptive and quasi-experimental methods, and it depended on the one-ground experimental design. The researcher prepared the instructional model by: identifying the objectives, selecting the content, identifying the procedures and the framework of the model, identifying the appropriate activities, selecting the teaching aids suitable for accomplishing the objectives of the model, and preparing the instructional materials needed for the model (students' book and teachers' guide). In addition, the researcher developed the study instruments which include: a critical reading test, and a moral intelligence scale. After experimenting the model, the researcher found a significant impact for the instructional model which is on based on the ethical approach to analyzing debated issues with regard to developing secondary school students' critical reading and moral intelligence skills. Based on the results, the research provided some pedagogical recommendations and suggestions for further research.

Keywords: instructional model, ethical analysis approach, debated issues, critical reading, moral intelligence 

نموذج تدریسى مقترح قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة.

إعداد : د/ ریم أحمد عبد العظیم (*).

المقدمة

تعد القراءة الوسیلة الأساسیة للحصول على المعارف المختلفة، فمن خلالها یطلع الإنسان على مختلف المعارف والثقافات الماضیة والحاضرة، وعن طریقها یتصل بمصادر التراث، ویکتسب المعلومات، وبواسطتها یتخطى بفکره حاجزى الزمان والمکان، ومن خلالها تتسع ثقافته، وتتکامل شخصیته، ویصبح أکثر قدرة على التکیف مع المتطلبات المستحدثة فى مجتمعه فى مختلف المجالات، فضلاً عن کونها وسیلته للمتعة الفکریة والذهنیة.

وقد أدى تطور الحیاة المعاصرة علمیاً وتقنیاً، وتغیر أنماطها وأسالیبها تغیراً سریعاً، والإنتاج الفکرى المتزاید یومیاً، والمتنوع معرفیاً وثقافیاً، وما أتاحه ذلک من وفرة وغزارة فى المعلومات، بما تنطوى علیه من اتساق وتناقض، وصحیح وزائف، وأخلاقى وغیر أخلاقى، ومن إثارة للأفکار والآراء، وسیولتها، وعمقها، وتضاربها فى مختلف مجالات الحیاة – کل هذا أدى إلى زیادة الوعى بأهمیة القراءة الناقدة، ومهاراتها، وعملیاتها الذهنیة، لشحذ القدرة على التفکیر الناقد وتطویر مهاراته لدى الأفراد؛ لتکوین الشخصیة المتکاملة، المواکبة لتطورات المعرفة، والقادرة على إعمال الفکر فیما یُقرأ على تنوعه، والتفاعل معه بوعى، ونقده وتقییمه بعقل مرن متفتح، وإعمال قدرات الفرز والانتقاء فیه. 

والقراءة الناقدة نوع خاص من القراءة المرکزة، وهى عملیة عقلیة نشطة ترتبط بالقدرات العقلیة العلیا، فهى جزء من التفکیر الناقد وترتبط بحل المشکلات، ویقوم فیها القارئ بنقد ما یقرأ، أو إبداء الرأى فیه ومناقشته، والاتفاق أو الاختلاف معه، ویقوِّم ما یقرأ من حیث المحتوى، أو السیاق المنطقى، أو مستوى النوعیة، وذلک فى ضوء معاییر محددة (حسن شحاته، 2016، 197-198).

وتتضح أهمیة القراءة الناقدة للمتعلمین فى کونها تؤکد على المشارکة النشطة الفاعلة للمتعلم فى التحاور مع المقروء وکاتبه، واستخلاص النتائج والتبریرات والأمثلة المساندة والمعضدة لوجهة نظر الکاتب، کما تعمل على وضع الطالب فى مواجهة التساؤلات العقلیة، وتحفزه على إعمال فکره فیما یقرأ، ورؤیة ما وراء النص، والاستدلال، وتکوین آراء خاصة حول النص، واتخاذ موقف منه، والحکم علیه، ومعرفة مدى تأثیره على القارئ وسلوکه واهتماماته  (Patesan, 2014, 62) (Marschall & Davis, 2012, 64)

کما تساعد القراءة الناقدة الطلاب على التمییز بین الجید والردىء، والحکم على مدى جودة الموضوعات وکفاءتها ودقتها ومصداقیتها، واکتشاف المغالطات الفکریة، وتحرى الدقة والصواب، واکتشاف أسالیب الدعایة، وتمحیص أفکار المؤلفین وسبر أغوارهم الداخلیة، وتحلیل قیمهم وقدرتهم على توضیح الأفکار؛ فهى تمکن الطلاب من تقویم ما یقع فى أیدیهم من کتابات سواء داخل المدرسة أم خارجها (رشدى طعیمة ومحمد الشعیبى، 2006، 102) (شافى المحبوب ولید الکندرى وعبد الرحیم عبد الرحیم، 2010، 392).

وإذا کانت القراءة الناقدة ذات أهمیة کبیرة لدى جمیع المتعلمین، إلا أن أهمیتها تزداد لدى طلاب المرحلة الثانویة؛ وذلک لأنهم یمتلکون من الخصائص ما یدفعهم إلى حب الاستطلاع والتفاعل مع الآخرین وتعرف آرائهم والإقبال على المصادر القرائیة المختلفة لتعرف کل جدید عما یدور حولهم من تطورات وأحداث؛ لذا أکد (شافى المحبوب وولید الکندرى وعبد الرحیم عبد الرحیم، 2010، 393) أنه یجب العنایة بمهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة حیث تعد مطلباً ملحاً لدیهم لمجابهة تحدیات القرن الحادى والعشرین، کما أشار کل من ( وحید حافظ، 2008، 241) (هدى محمد، 2010، 47) (عبد الرحیم أمین، 2014 ، 118) إلى أهمیة فتح الباب أمام طالب المرحلة الثانویة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة، والتى تمکِّن من توسیع آفاق الفکر لدیه للقدرات التحلیلیة والتفسیریة والترکیبیة والتقویمیة عبر تفاعلها معاً على مستوى النص المکتوب، وتجعله قارئاً إیجابیاً معاصراً یتفاعل مع مجتمعه الذى یعیش فیه، کما یتفاعل مع العوالم المحیطة به، لیکون صاحب فکر ورأى یحدد له هویته العربیة ویحافظ علیها. 

فطلاب المرحلة الثانویة فى أمس الحاجة إلى العنایة بمهارات القراءة الناقدة لدیهم؛ فقد یواجه الطلاب بالعدید من الکتابات التى تتضمن معلومات دقیقة، وأخرى غیر دقیقة، وقیماً مقبولة، وأخرى غیر مقبولة، وکذلک الدعایات والإعلانات التى تسعى للنفاذ إلى قلوبهم وعقولهم؛ بما یستلزم الوقوف عند هذا کله وفحصه فحصا ناقداً، والحکم علیه بموضوعیة بعیداً عن التعصب أو التسلیم بصحة کل ما یُقرأ؛ حتى لا یقعوا فى هذه الفترة من العمر فریسة سائغة لأصحاب الأهداف والنوایا السیئة.

وعلى الرغم من أهمیة العنایة بالقراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة وما یقابل هذه الأهمیة من اهتمام سواء من قبل وزارة التربیة والتعلیم ووضعها لأهداف ومعاییر لتعلیم القراءة تتضمن أهدافاً، ومعاییر، ومؤشرات تتعلق بالفهم الناقد، أو من قبل الباحثین المهتمین بهذا المجال، إلا أن المتتبع لواقعها التعلیمى یدرک أن هناک قصوراً واضحاً فى تدریس القراءة الناقدة؛ مما ترتب علیه ضعف الطلاب فیها، وهذا القصور تعددت الآراء وتباینت وجهات النظر فى توضیح الأسباب المسئولة عنه، غیر أن هناک دلائل تشیر بصورة کبیرة إلى المداخل والاستراتیجیات التى تعالج المحتوى القرائى المقدم للطلاب؛ وعلیه فقد أوصى بحثا کل من (هدى محمد، 2010، 42) (محمد عیسى، 2013، 116) بضرورة العنایة بتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى الطلاب من خلال توظیف المداخل الحدیثة، والاستراتیجیات التى ترکز على العملیات العقلیة فى أثناء القراءة، والمعتمدة على توظیف الخبرات السابقة، والقدرة على معالجة المعلومات، والتحلیل، والتمییز، والتقویم، وإبداء الرأى، وکل ما یجعل القراءة الناقدة ذات معنى، بحیث یؤدى الطلاب فیها أدواراً محددة نشطة ربطاً وتحلیلاً وتقویماً؛ بما یمکِّنهم من إصدار الأحکام واتخاذ القرارات المناسبة فى المواقف المختلفة.

 بالإضافة إلى أن هناک من أرجع ضعف الطلاب فى مهارات القراءة الناقدة إلى المحتوى المقدم لدیهم، والذى لا یشجع على إعمال العقل ومهارات التحلیل والنقد؛ لذا أوصى بحث (السید حسین، 2007، 294-295) بضرورة إعادة النظر فى مناهج تعلیم اللغة العربیة ومقرراتها فى ضوء طبیعة القراءة الناقدة ومهاراتها، وتضمین هذه المناهج بعض الموضوعات التى تشجع على القراءة الناقدة، کما أوصى بحث (محمد عیسى وولید أبو المعاطى، 2013، 272) بضرورة إعادة النظر فى موضوعات اللغة العربیة وتطویر محتوى وأنشطة تعلیمها بمراحل التعلیم المختلفة فى ضوء مهارات القراءة الناقدة.

وفى هذا السیاق أشار التربویون إلى أن هناک عدة اعتبارات یجب توافرها فى اختیار الموضوعات التى تحفز الطلاب على القراءة الناقدة، وفى مقدمتها أن تستعرض هذه الموضوعات القضایا محل الجدل والاختلاف، وأن تترجم وجهات النظر المختلفة، وأن یکون محتوى الموضوعات مرتبطاً بالمشکلات المجتمعیة المتنوعة ویصفها وصفاً دقیقاً؛ حتى یتم تنمیة وعى الطلاب بها وإعدادهم للتعامل معها ومع مستقبل ملىء بالتحدیات (على مدکور، 2009، 149) (مختار عبد اللاه، 2008، 14) (فتحى یونس، 2014، 50) (Perales, 2011, 4).

وذلک فى الوقت الذى تکثر فیه التحدیات والادعاءات الفکریة، وتتعدد فیه الموضوعات التى یغلب علیها الطابع الجدلى والآراء المتنوعة والتوجهات المختلفة؛ وهذا یتطلب العنایة بمهارات القراءة الناقدة عند تناول تلک الموضوعات وتدریب الطلاب على تقویمها والحکم علیها (مختار عبد اللاه، 2008، 59) (إیمان عصفور، 2012، 16-17).

وبالإضافة إلى الحاجة إلى القراءة الناقدة لمجابهة التحدیات المختلفة التى تفرضها التغیرات المعاصرة، فإننا نجد أن هذه التحدیات تشکل خطراً کبیراً فى تأثیرها على تشکیل الوعى الأخلاقى وصیاغة الشخصیة، وعلى القیم، وطریقة التفکیر والتصرف لدى کافة الفئات العمریة وخاصة فى مرحلة تکوین وبلورة شخصیة الطلاب؛ وعلى ذلک فإنه یجب أن یستهدف الأداء التعلیمى أیضاً ترسیخ القیم والمبادئ الأخلاقیة التى تفرضها تلک التحدیات والقضایا الجدلیة، من أجل تحقیق الأمن الأخلاقى عن طریق تنمیة الذکاء الأخلاقى عبر المراحل الدراسیة المختلفة، والذى یعد الأساس للأمن المجتمعى (حزیمة عبد الحمید، 2012، 31).

فتعد الأخلاق من أهم الأسس والدعائم التى یقوم علیها نظام الحیاة البشریة، وینتظم بها سلوک الأفراد وتعاملاتهم، فقد أکد القرآن الکریم والسنة الشریفة على أهمیة الأخلاق الفاضلة، وتربیة النفوس البشریة وتعلیمها معالى الأخلاق؛ حیث تعد ضرورة اجتماعیة لا یستغنى عنها مجتمع من المجتمعات، ووسیط لابد منه لانسجام الإنسان مع غیره .

ونظراً لأهمیة الأخلاق فى تشکیل حیاة الإنسان واستقامتها وتأثیرها فى تنظیم سلوکه؛ فقد اهتم بها التربویون وعلماء النفس ومنهم " میشیل بوربا  Michele Borba"، والتى عنیت عنایة فائقة بالذکاء الأخلاقى "Moral Intelligence"، حیث لاحظت "Borba" من خلال عملها بالمؤسسات التعلیمیة المختلفة ارتفاع معدل الإحصاءات والبیانات التى تعکس العدید من المآسى حول الجرائم والعنف المتنامى لدى الأطفال والشباب، وعدم الاحترام المتزاید للوالدین والمدرسین، لذلک قامت بطرح منظور جدید – مستمد من نظریة الذکاءات المتعددة "لجاردنر" - أطلقت علیه الذکاء الأخلاقى، وعرفته بأنه : القدرة على فهم الصواب من الخطأ، وأن تکون لدینا قناعات أخلاقیة صحیحة نسلک من خلالها، کالإحساس بألم الآخرین، والعطف علیهم، وردع النفس عن القیام بالأعمال غیر الأخلاقیة، والسیطرة على الدوافع، والإنصات لجمیع الأفراد قبل إصدار الأحکام، وتقبل الفروق وتقدیرها، والوقوف فى وجه الظلم، وتمییز الخیارات غیر الأخلاقیة، ومعاملة الآخرین بمودة واحترام (Borba, 2001) (إیمان الخفاف، 2011، 205).

وقد أشار (Clarken, 2010, 4) إلى أن الذکاء الأخلاقى یتضمن الطریقة التى نفکر ونشعر ونسلک بها، ومعرفة الصواب والخطأ والسلوک بمقتضى ذلک، وأنه یتألف من المعارف والأمانى والرغبات وقوة الإرادة، کما عرف الشخص الأخلاقى بأنه الشخص الذى یحترم الآخرین ویوقرهم، ویهتم بسعادتهم، ویتمنى لهم الخیر، ویقوم بمسئولیاته الاجتماعیة، ویتخذ القرارات الخلقیة التى تراعى مصالح الآخرین، ویبحث عن الحلول السلیمة للصراعات.

ومن هنا برزت الحاجة إلى الاهتمام بالذکاء الأخلاقى الذى یمکن تعلمه وتنمیته إذا تم تنشئة الأجیال بشکل واع على أهمیة التأثیر الخلقى فى تفکیرها ومعتقداتها وسلوکیاتها (میشیل بوربا، 2007، 1). وذلک فى الوقت الذى یشهد فیه العالم تحولات وتغیرات شاملة وعمیقة، واکتشافات علمیة وتکنولوجیة تواجه التقالید والأعراف وتهدم القیم وتصدم المعاییر الأخلاقیة، فأصبح العصر الحالى یشهد تراجعاً غیر مسبوق فى المستوى الأخلاقى، وبدأت معدلات الجریمة والعنف والإدمان والمخدرات تتزاید، وبدأنا نشهد تدمیراً منظماً للأخلاقیات (على وطفة، 2011، 88).

وقد عُدَّ موضوع الأخلاق غایة تربویة فى کافة الوثائق التى عنیت بتحدید الأهداف التعلیمیة، کما جاء مرتکزاً أساسیاً تم مراعاته عند وضع المستویات المعیاریة لخریج التعلیم قبل الجامعى، وخاصة طالب المرحلة الثانویة، فجاءت ضمن المؤشرات التى یجب تحقیقها لدى طالب هذه المرحلة، والمرتبطة بمعیار الضمیر والالتزام الخلقى وتحمل المسئولیة، ومعیار القیم الروحیة، ما یلى: ( تتکون لدى الخریج إرادة تحکمها الضوابط والقیم الخلقیة، یتحمل المسئولیة فى تعاملاته دون الإضرار بالآخرین، یتحرر من الانغلاق والجمود والتعصب والجنوح متحلیاً بالتسامح، یلتزم بقیمة العدل فى حیاته وتعامله مع الآخرین، یؤمن بضرورة التعایش السلمى بین جمیع الشعوب والحوار بین الحضارات، یرفض التعصب والتطرف والانغلاق والسلبیة واللامبالاة ) (مجدى قاسم وحسین محمود وأحلام حسن، 2011، 159). وهذه المؤشرات تشمل فى معظمها مکونات الذکاء الأخلاقى المفترض تنمیتها لدى طلاب هذه المرحلة.

فطلاب المرحلة الثانویة فى مرحلة تتسم بالتغیر السریع والتخبط والصراع، ویجب مساعدتهم فى القدرة على التکیف مع المتغیرات الثقافیة والاجتماعیة والاقتصادیة السریعة، واستدخالها فى إطار القیم والأخلاقیات الصحیحة، وذلک فى محاولة إیجاد توازن بین کل ما هو مستحدث وبین القیم الراسخة والأخلاق السلیمة، وذلک فى الوقت الذى یوجد فیه قلة فى الدراسات فى مجال الذکاء الأخلاقى وخاصة فى فترة المراهقة، وقلة البرامج التى تعمل على تنمیته فى تلک المرحلة (سالى قاسم، 2010، 252) (جمعة فرغلى، 2013، 81).

وقد أکد العدید من الأدبیات التربویة أنه یمکن تعلیم الذکاء الأخلاقى من خلال إکساب الدارسین العادات الأخلاقیة، کضبط النفس، والعدل، وإبداء الاحترام، وتطویر الإحساس الداخلى بمفهومى الصواب والخطأ لمواجهة المؤثرات الخارجیة، بالإضافة إلى توفیر بیئة تسودها المناقشات والحوارات التى تخص الموضوعات الأخلاقیة، کما أنه یمکن تحسینه من خلال استخدام البرامج التعلیمیة والمناهج الموجهة نحو القیم والتى تحفز على فحص ومناقشة الأحکام الأخلاقیة. (موفق بشارة، 2013، 412) (سالى قاسم، 2010، 249) (حزیمة عبد الحمید، 2012، 83).

کما أوصت الکثیر من الدراسات السابقة بضرورة التأکید على اهتمام المؤسسات التربویة بغرس فضائل الذکاء الأخلاقى لدى الطلاب وخاصة لدى المراهقین، من خلال اتباع الأسالیب التربویة الصحیحة، حیث إن هذا بدوره یضمن أن تتوافر لدى الطالب منظومة قیمیة مرجعیة لذاته إذا ما أراد التعامل مع الآخرین، ویمکِّن من إیجاد المواطن الصالح الذى یقاوم الإغراءات والثقافات الخارجیة، کما یخلق جیلاً یتمتع بالصفات الإیجابیة، قادراً على العطاء ومتوافقاً نفسیاً ودراسیاً (محمد البحیرى وزینب الشیشینى وزهوة حجاج، 2013، 103) (جمعة فرغلى، 2013، 99) (موفق بشارة، 2013، 416).

وفى مواجهة الدعوة المستمرة لأهمیة العنایة بمهارات القراءة الناقدة، وتنمیتها باستخدام المداخل التدریسیة المناسبة، فضلاً عن تأکید الدراسات والأدبیات على ضرورة الارتقاء بمستوى الذکاء الأخلاقى لدى الطلاب؛ یمکن أن یکون التحلیل الأخلاقى مدخلاً مناسباً تتوافر من خلاله الفرص أمام المتعلمین لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والارتقاء بالذکاء الأخلاقى.

فنظراً لتسارع وتیرة التطور العلمى والتکنولوجى وما صاحبها وتبعها من تغیرات وتحولات فى جمیع مناحى الحیاة البشریة، ظهر الکثیر من القضایا العلمیة والاجتماعیة والأخلاقیة والدینیة التى غرق فیها العالم، وقد تشکلت على الفور الآراء المختلفة المتعلقة بهذا القضایا والتى جاءت ما بین مؤید ومعارض، وبین متفائل ومتشائم، وکان لابد من التحلیل الدقیق لتلک القضایا، واتباع إجراءات وخطوات معینة تساعد على ذلک. حتى یتم التعامل معها بصورة موضوعیة ومنطقیة، وإقامة ضرب من التوازن بین القیم الأخلاقیة والتطورات والتغیرات الجدیدة، من أجل ضبط النظام القیمى، وتحلیل المشکلات الأخلاقیة التى یتم مواجهتها بسبب الهوة الواسعة بین فکر الإنسان وتلک التغیرات.

فظهر مدخل التحلیل الأخلاقى فى التدریس، وذلک لمساعدة المتعلمین على أن یطبقوا التفکیر المنطقى فى عملیة التقییم، من أجل أن یفهموا المواقف والنتائج الخاصة بالقضایا والقیم الأخلاقیة، ویدرکوا الصراعات التى قد تنشأ بین الآراء المختلفة، والأسباب التى قد تنشأ وراء اختیارات معینة دون الأخرى (أحمد أبو شاهین، 2012، 23). فضلاً عن أن التحلیل الأخلاقى مدخل تعلیمى وشکل من أشکال التحلیل المنطقى لتحدید التصرف الصائب والخطأ فیما یتعلق بالقضایا المطروحة، کما أنه یعتمد على التبریرات والحجج التى تبرر لوجهة نظر ما (لیزل وآخرون، 2004، 372).

وقد أشار (Hill, 2004, 137) (Williams, 2013,8) أن مدخل التحلیل الأخلاقى یعد من أکثر المداخل مناسبة لتدریس القضایا التى تحمل مضامین اجتماعیة ومعضلات أخلاقیة، والتى تتطلب اتخاذ مواقف أخلاقیة تجاه المتناقضات أو الجدلیات، وذلک لما یتیحه من فرص للبحث، والنقاش، والحوار، وتفنید الأدلة، وتحدید الإیجابیات والسلبیات للقضیة المطروحة، وتدریب الطلاب على مهارات التمییز، وحل المشکلات، والحکم واتخاذ القرارات، وإقامة جدل علمى أخلاقى حول القضیة المثارة.

وذلک فى الوقت الذى فرضت فیه التحدیات والقضایا المختلفة وجودها على حیاة الناس، وأدت إلى حدوث تغیرات واسعة المدى فى الأخلاقیات والقیم والحقوق والواجبات لکثیر من المجتمعات، وهذا ما ألزم المؤسسات التربویة المختلفة ومطورى المناهج لبذل الجهد کى تؤدى المناهج الدراسیة دورها نحو إدراک الطلاب لهذه القضایا والتحدیات، وتعرف إیجابیاتها، والوقایة مما یُحمل فى طیاتها من سلبیات (مختار عبد اللاه، 2008، 13-14) (عقیلى موسى، 2015، 166-169) (Collmann & Matei, 2016, 115-116).

فالقضایا الجدلیة مجال خصب لتنمیة قدرة الطلاب على القیام بعملیات التحلیل القائم على المناقشات الجدلیة لتلک القضایا فى ضوء الاعتبارات والمبادئ الأخلاقیة، وعلى الرغم من ذلک فهناک قلة فى البحوث العربیة التى تناولت بناء برامج قائمة على مدخل التحلیل الأخلاقى للقضایا الجدلیة (إیناس الملاح، 2014، 46).

هذا وقد أوصى بحث (مختار عبد اللاه، 2008، 122-123) بضرورة تضمین مناهج تعلیم القراءة بالمرحلة الثانویة القضایا المعاصرة، وتدریبهم على تحلیلها ومناقشتها من جمیع زوایاها؛ بما یکفل إثارة تفکیر الطلاب والتفاعل مع القضایا والانفعال بها وتعرف الرأى والرأى الآخر وفهم الآخرین واحترام آرائهم. کما أشار کل من (Tomasek, 2009, 128) (هدى السمالوسى، 2014، 6-7) إلى أن تنمیة مهارات القراءة الناقدة تتطلب مناخاً یشجع الطالب على التعبیر عن أفکاره ومشاعره، ویتحدى قدراته، ویشجع على البحث والتساؤل والاکتشاف لکى یصبح قادراً على الحل الناقد لما یقابله من مشکلات، ومسلحاً بآلیات الفحص والاختبار والتعرف والاختیار والانتقاء والتنقیح والتفاعل واتخاذ القرار، وهذا ما یمکن أن یتیحه مدخل التحلیل الأخلاقى.

ووفقاً لما سبق وما أسفرت عنه الدراسات والبحوث السابقة من ضعف لدى الطلاب فى مهارات القراءة الناقدة وضرورة العنایة بتنمیتها لدیهم، وفى ضوء ما یشهده الواقع من ضعف العنایة بالذکاء الأخلاقى لدى الطلاب؛ تتضح ضرورة الاهتمام بمهارات القراءة الناقدة والارتقاء بالذکاء الأخلاقى والاستعانة فى ذلک بمدخل التحلیل الأخلاقى.

الإحساس بالمشکلة

لقد نبع الإحساس بمشکلة البحث من عدة مصادر جاءت على النحو التالى:

-       نتائج البحوث السابقة التى أکدت على تدنى مستوى طلاب المرحلة الثانویة فى مهارات القراءة الناقدة، وأرجعت تلک البحوث سبب هذا الضعف إلى أسالیب التدریس المستخدمة فى تدریس القراءة، تلک الأسالیب التى تعتمد على المعلم بصورة مباشرة من خلال تلقینه لبعض المعلومات وإجرائه لبعض المناقشات السطحیة التى لا ترتبط بالقراءة الناقدة بمعناها الصحیح، فلم تُراعَ عملیاتها ومهاراتها، أو تُستخدَم الإجراءات التدریسیة التى تتحدى تفکیر الطلاب، أو تحقق لطالب المرحلة الثانویة القدرة على تلقى الفکر وتحلیله وإبداء الرأى فیه بالقبول، أو الرفض، أو الحکم علیه. فضلاً عن ضعف تناول المحتوى القرائى المناسب الذى یحفز الطلاب على التحلیل والنقد والتقویم وإبداء الرأى، کما أکدت البحوث السابقة أن محتوى موضوعات القراءة لا یفى بحاجات المتعلمین لمواجهة التحدیات الاجتماعیة والعلمیة والتکنولوجیة المعاصرة، ولا یزودهم بمهارات التفکیر اللازمة لاتخاذ القرارات، وترتیب الأولویات، واقتراح البدائل والآراء. ومن هذه البحوث: (وحید حافظ، 2008، 197)، (بکر محمود، 2009)، (هدى محمد، 2010، 42)، (أسامة سالمان، 2011، 33) (محمدعیسى، 2013، 115-116)، (هدى السمالوسى، 2014، 10).

-       ما تم رصده سابقاً أکدته الدراسة الاستطلاعیة التى قامت بها الباحثة، والتى تمثلت فى حضور (سبع) حصص من حصص القراءة مع معلمى اللغة العربیة للصف الأول الثانوى، ومقابلتها معهم لتعرف خلفیاتهم المعرفیة عن القراءة الناقدة ومهاراتها، وتکلیفها لعدد (ثلاثة وعشرین) طالباً بالإجابة عن بعض الأسئلة التى تقیس بعض مهارات القراءة الناقدة، وقد تبین لها أن حصة القراءة تتمثل فى قراءة الطلاب لبعض فقرات الدرس قراءة جهریة، ویصحب ذلک مناقشة لبعض المفردات واستخلاص لأهم الأفکار التى غالباً ما یتبرع المعلم بذکرها، ویتبع ذلک إجابة لبعض أسئلة الکتاب المدرسى، وذلک فى غیاب ممارسة طلاب المرحلة الثانویة لمهارات القراءة الناقدة. فضلاُ عن غیاب الدافع لممارسة مثل هذا النوع من القراءة من قبل المعلمین نتیجة لعدم المعرفة بطبیعة القراءة الناقدة وغیاب التدریب على ممارسة مهاراتها فى السیاقات التدریسیة المتنوعة. کما کشفت الدراسة عن تدنى مستوى الطلاب فى مهارات القراءة الناقدة، وتبین ذلک من خلال نتائج الطلاب فى الإجابة عن الأسئلة المقدمة إلیهم، حیث کشفت النتیجته عن أن (74%) من الطلاب حصلوا على أقل من نصف الدرجة الکلیة للأسئلة.

-       تأکید الأدبیات والبحوث السابقة على قصور الاهتمام بتنمیة الذکاء الأخلاقى، وعدم إتقان المؤسسات التعلیمیة والمناهج الدراسیة لدورها فى العنایة به لدى الطلاب، على الرغم من أن المؤشرات فى المیدان التربوى والاجتماعى لا تفصح عن مستوى مقبول من القدرة على هذا الذکاء، هذا بالإضافة إلى انتشار العدید من المشکلات التى تواجه المجتمع مثل التطرف، والعدوان، والظلم، والإهمال، والتعدى على حقوق الغیر، والنمو المتصاعد لوتائر الانحلال الأخلاقى داخل المؤسسات التعلیمیة وخارجها، فجاءت دعوتها إلى الحاجة الماسة إلى العنایة بالتربیة الأخلاقیة بأبعادها الإنسانیة وتجلیاتها الاجتماعیة عامة والذکاء الأخلاقى بصفة خاصة، ومنها: (سالى قاسم، 2010، 250)، (على وطفة، 2011، 87 - 92)، (موفق بشارة، 2013، 406)، (مسعد صالح، 2014، 382)، (إیمان عصفور، 2014، 23) (شیماء حامد، 2016، 5).

-       تقدیم استبانة مفتوحة لبعض معلمى المرحلة الثانویة لتعرف آرئهم عن مدى امتلاک الطلاب لفضائل الذکاء الأخلاقى، وذلک بعد تعریفهم بتلک الفضائل، وقد کشفت استجاباتهم عن أن کثیراً من الطلاب یفتقدون امتلاک تلک الفضائل، وأننا بحاجة إلى توجیههم إلیها وإکسابهم لها من خلال برامج تستهدف ذلک، وتدعیماً لآراء المعلمین قامت الباحثة بإجراء دراسة استطلاعیة على عینة مکونة من (23) طالباً من طلاب الصف الأول الثانوى استهدفت تحدید مستوى ممارسة الطلاب لفضائل الذکاء الأخلاقى، فقدمت إلیهم استبانة مکونة من 37 بنداً موزعة على الأبعاد الستة للذکاء الأخلاقى، وقد أشارت نتائج تطبیق الاستبانة ضعف مستوى الطلاب فى ممارسة فضائل الذکاء الأخلاقى التى شملتها الاستبانة حیث کانت النسب کالآتى: التعاطف 34%، والضمیر 36%، وضبط الذات 21%، والاحترام 29%، والتسامح 25%، والعدل 32%.

تحدید مشکلة البحث

مما سبق تتمثل مشکلة البحث فى ضعف العنایة بمهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة، وقصور العنایة بإکساب الطلاب فضائل الذکاء الأخلاقى وتوجیههم إلیها، والذى یتضح فى غیاب استخدام المداخل والنماذج التدریسیة المناسبة لتنمیتهما والارتقاء بهما لدى الطلاب، وإهمال تناول القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى یمکن من خلالها تطبیق وتوظیف مهارات القراءة الناقدة وتحلیل الطلاب لمضمونها الأخلاقى؛ وترتب على ذلک ضعف الطلاب فى مهارات القراءة الناقدة وانتشار القیم والسلوکیات الأخلاقیة الخطأ فیما بینهم؛ لذا یستوجب الأمر إعداد نموذج لتدریس موضوعات القراءة المتعلقة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة، قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى؛ بغیة النهوض بمستوى الطلاب فى مهارات القراءة الناقدة والارتقاء بمستوى الذکاء الأخلاقى لدیهم، وهو ما یسعى إلیه البحث الحالى.

وعلیه یحاول البحث الإجابة عن التساؤل الرئیس التالى :

کیف یمکن بناء نموذج تدریسى قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة؟

ویتفرع عن هذا التساؤل الرئیس التساؤلات التالیة :

1-     ما مهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب المرحلة الثانویة؟

2-     ما القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى یمکن من خلالها توظیف مدخل التحلیل الأخلاقى لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة؟

3-     ما مدى توافر القضایا الأخلاقیة الجدلیة بمحتوى القراءة المقدم لطلاب المرحلة الثانویة؟

4-     ما أسس بناء نموذج تدریسى قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة؟

5-     ما النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة؟

6-     ما تأثیر النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة على تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة؟

7-     ما تأثیر النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة على تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة؟

حدود البحث

          اقتصر البحث الحالى على :

1-  مهارات القراءة الناقدة، التى حظیت بنسبة اتفاق (75%) فأکثر من خلال آراء السادة المحکمین؛ لأن تنمیة جمیع المهارات یحتاج إلى وقت طویل وجهد کبیر.

2- القضایا الأخلاقیة الجدلیة، التى حظیت بنسبة اتفاق (75%) فأکثر من خلال آراء السادة المحکمین؛ لتدریس أکثر الموضوعات مناسبة وأهمیة للطلاب.

3-  طلاب الصف الأول الثانوى، حیث یمثل الصف الأول الثانوى بدایة الانطلاق فى مرحلة التعلیم الثانوى، وإتقان طلاب هذا الصف لمهارات القراءة الناقدة یمکِّنهم من فهم النصوص المقروءة ونقدها فى الصفوف الدراسیة التالیة بصورة أعمق وأفضل، کما أن طلاب هذا الصف یمکن أن یکونوا قد وصلوا إلى مستوى من النضج العقلى یمکِّنهم من التعامل مع القضایا الجدلیة، والقیام بعملیات عقلیة علیا أهمها التحلیل، والتقویم، وإصدار الأحکام، واتخاذ القرارات.

تحدید المصطلحات

     بعد الاطلاع على الأدبیات التربویة تم تحدید التعریفات الإجرائیة التالیة لمصطلحات البحث :

  • §   نموذج تدریس.

هو مجموعة من المراحل والخطوات والإجراءات والفنیات التدریسیة المستندة إلى مسلمات ومبادئ مدخل التحلیل الأخلاقى، والتى تهدف إلى تنمیة مهارات القراءة الناقدة وفضائل الذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى.

  • §   مدخل التحلیل الأخلاقى.

هو مجموعة المسلمات، والتصورات، والافتراضات التى یتم الاستناد إلیها فى وضع المراحل والخطوات والإجراءات التدریسیة التى یتم من خلالها تناول القضایا الأخلاقیة الجدلیة المقدمة لطلاب الصف الأول الثانوى، والتى تقوم على الاهتمام بتفکیک القضایا الرئیسة إلى فرعیاتها أو جزئیاتها، وفهم بنائها التنظیمى، ومناقشتها، وتعرف الآراء حولها سواء بالتأیید أو المعارضة، وفحص الحجج والتبریرات التى تدعم أو تدحض تلک الآراء، والاستناد فى معالجة تلک القضایا إلى التفکیر المنطقى والمعاییر والاعتبارات الأخلاقیة؛ بما یعین على تنمیة القراءة الناقدة والارتقاء بفضائل الذکاء الأخلاقى لدى الطلاب.

  • §  القضایا الجدلیة.

هى الموضوعات والمشکلات التى یغلب علیها الطابع الجدلى، حیث تثیر نقاشاً وجدلاً بین الأفراد، وتتنوع حولها الآراء والتوجهات، فلا یوجد اتفاق علیها ولم یتم التوصل فیها إلى حکم قاطع، والتى فرضت نفسها نتیجة للتغیرات الاجتماعیة والتقدم العلمى والتکنولوجى، ویمثل الجانب الأخلاقى عنصراً أساسیاً فیها.

  • §   القراءة الناقدة .

هى عملیة عقلیة تتضمن تحفیز ذهن طلاب الصف الأول الثانوى على التفکیر فى محتوى المادة المقروءة من أجل تحلیله ونقده وإبداء الرأى فیه، وإصدار أحکام موضوعیة علیه مبنیة على مبادئ العقل والمنطق وبعیدة عن الرؤى الشخصیة والانفعالات الذاتیة، والاستعانة فى ذلک بالخبرات السابقة والمعلومات الجدیدة المتضمنة فى النص المقروء، وتستلزم هذه العملیة تَمکُّن الطالب من عدد من المهارات .

  • §  الذکاء الأخلاقى.

هو قدرة طلاب الصف الأول الثانوى على التمییز العقلى بین الصواب والخطأ، والسلوک بمقتضى ذلک فى جمیع التعاملات، من خلال التحلى بمجموعة فضائل أخلاقیة تتمثل فى: التعاطف مع الآخرین، واحترامهم، والتسامح إزاء أفعالهم، وتحکیم الضمیر فى العمل، والضبط الذاتى، والعدل فى الحکم.

خطوات البحث وإجراءاته

لحل مشکلة البحث والإجابة عن تساؤلاته تم اتباع الخطوات التالیة :

1)     إعداد قائمة بمهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى، وذلک بالاطلاع على الأدبیات والبحوث السابقة المرتبطة بمجال القراءة عامة والقراءة الناقدة بصفة خاصة، وأهداف تعلیم القراءة بالمرحلة الثانویة، والمستویات المعیاریة للفهم القرائى، وقد تم ضبط القائمة ووضعها فى صورتها النهائیة.

2)     إعداد قائمة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة لطلاب المرحلة الثانویة، وذلک بالرجوع إلى الأدبیات والبحوث السابقة التى تناولت المشکلات والقضایا الأخلاقیة، وعمل استطلاع رأى لتعرف آراء الخبراء والمتخصصین، واستطلاع رأى الطلاب حول تلک القضایا، وقد تم ضبط القائمة ووضعها فى صورتها النهائیة.

3)     تحلیل محتوى موضوعات القراءة المقررة على طلاب الصفوف الثلاثة بالمرحلة الثانویة؛ لتعرف مدى توافر القضایا الأخلاقیة الجدلیة به.

4)     تحدید أسس بناء النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة، والذى یستهدف تنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة، وتم ذلک من خلال:

- دراسة الأدبیات التى تناولت مهارات القراءة الناقدة وتنمیتها، والذکاء الأخلاقى واکتساب فضائله.

- دراسة الأدبیات التى تناولت مدخل التحلیل الأخلاقى وعرضت لطبیعته، ومبادئه، وأسسه.

- دراسة طبیعة وخصائص نمو طلاب المرحلة الثانویة.

5)     بناء النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة لتنمیة القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة، وذلک من خلال:

أ- تحدید الأهداف.

ب- اختیار المحتوى.

ج- تحدید خطوات النموذج والإطار العام له.

د- تحدید الأسالیب والأنشطة التعلیمیة المناسبة.

هـ- اختیار المواد والوسائط التعلیمیة المعینة على تحقیق أهداف النموذج.

و- تحدید أسالیب وأدوات التقویم المناسبة.

ز- إعداد مادتى التعلم اللازمتین للنموذج ، وشملتا:

v     کتاب الطالب لتعلم القضایا الأخلاقیة الجدلیة .

v     دلیل المعلم لتدریس القضایا الأخلاقیة الجدلیة .

  ح- عرض النموذج على المحکمین؛ للتأکد من صلاحیته للتطبیق، وتعدیله فى ضوء ما قدموه من آراء .

6)     قیاس فاعلیة النموذج التدریسى المقترح فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى ، ولتحقیق ذلک تم المرور بالإجراءات التالیة:

أ‌-   إعداد أدوات البحث وشملت:

  • ·          اختباراً للقراءة الناقدة من إعداد الباحثة، والتأکد من صدقه وثباته.
  • ·          مقیاساً للذکاء الأخلاقى من إعداد الباحثة، والتأکد من صدقه وثباته.

ب‌-     تحدید التصمیم التجریبى للبحث، وشمل اختیار مجموعة من طالبات الصف الأول الثانوى، بإحدى مدارس محافظة القاهرة.

ج‌-    تطبیق أداتى البحث على المجموعة المختارة قبلیاً.

د‌-      تدریس الموضوعات المرتبطة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة لمجموعة البحث وفق النموذج المقترح .

هـ- تطبیق اختبار القراءة الناقدة، ومقیاس الذکاء الأخلاقى على مجموعة البحث بعدیاً.

7)     المعالجة الإحصائیة لدرجات التطبیقین القبلى والبعدى لأداتى البحث.

8)     استخلاص النتائج، ومناقشتها، وتفسیرها.

9)     تقدیم التوصیات والمقترحات.

فروض البحث

تحقق البحث من صحة الفرضین التنبُّئِیین التالیین:

  1. توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (0.05) بین متوسطات درجات تلامیذ مجموعة البحث، فى التطبیقین القبلى والبعدى لاختبار القراءة الناقدة، فى المهارات ککل ، وفى کل مهارة على حدة، لصالح التطبیق البعدى .
  2. توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (0.05) بین متوسطات درجات تلامیذ مجموعة البحث، فى التطبیقین القبلى والبعدى لمقیاس الذکاء الأخلاقى وأبعاده المختلفة، لصالح التطبیق البعدى .

أهمیة البحث

ترجع أهمیة البحث إلى أنه قد یفید کلاً من:

  1. المتعلمین: فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة، وتعریفهم بأکثر القضایا الأخلاقیة إثارة للجدل والآراء المختلفة حولها، والارتقاء بفضائل الذکاء الأخلاقى لدیهم.
  2. معلمى اللغة العربیة: فى توجیه أنظارهم إلى ضرورة العنایة بتنمیة مهارات القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاقى لدى المتعلمین، کما یقدم البحث دلیلاً للمعلم وفقاً للنموذج المقترح، واختباراً للقراءة الناقدة، ومقیاساً للذکاء الأخلاقى؛ للاسترشاد بها کنماذج فى التدریس والتقویم.
  3. مخططى مناهج اللغة العربیة ومطوریها: حیث یوجه نظرهم إلى إمکانیة الاستفادة من مدخل التحلیل الأخلاقى والنموذج التدریسى المقترح وما یتضمنه من قضایا جدلیة عند التخطیط وبناء دروس القراءة المقررة على طلاب المرحلة الثانویة، فضلاً عن توجیه أنظارهم إلى توظیف الاتجاهات الحدیثة فى مناهج تعلیم القراءة بما ینمى مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى.
  4. الباحثین: حیث یفتح المجال أمام الباحثین لإجراء بحوث أخرى تتناول بناء نماذج تدریسیة لتنمیة القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى باستخدام مداخل واتجاهات حدیثة، فضلاً عن البحث فى تأثیر مدخل التحلیل الأخلاقى فى جوانب مختلفة فى تعلیم اللغة العربیة، وذلک فى مراحل تعلیمیة متنوعة.

الإطار النظرى : مدخل التحلیل الأخلاقى ودوره فى تنمیة القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاقى.

یهدف الإطار النظرى إلى استعراض متغیرات البحث؛ من أجل تحدید أسس بناء نموذج قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة؛ لتنمیة مهارات القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى، والتوصل إلى التصور المقترح للنموذج التدریسى، ولتحقیق هذا الهدف یتم عرض العناصر التالیة :

أولاً : القراءة الناقدة، وتنمیة مهاراتها. ثانیاً : الذکاء الأخلاقى، والارتقاء بفضائله.

ثالثاً : مدخل التحلیل الأخلاقى، وتوظیفه فى العملیة التعلیمیة.              

    وفیما یلى عرض مفصل للعناصر التى تضمنها الإطار النظرى:

أولاً : القراءة الناقدة، وتنمیة مهاراتها.

یهدف هذا العنصر إلى تحدید مهارات القراءة الناقدة المفترض تنمیتها لدى طلاب الصف الأول الثانوى، وذلک من خلال تناول مفهوم القراءة الناقدة وطبیعتها، وأهمیة تعلیمها، ومهاراتها، ومتطلبات وأسس تعلیمها. وبیان ذلک تفصیلاً کما یلى:

أ- مفهوم القراءة الناقدة، وطبیعتها:

ما زالت القراءة الناقدة وستبقى فى صدارة مهارات القراءة التى یجب العنایة بها وتنمیتها لدى الدارسین، فى عصر أصبح فیه النقد والتقویم مطلباً ضروریاً یفرضه الواقع بما یشهده من صراعات وقفزات معلوماتیة متلاحقة، یکاد الإنسان أمامها ألا یکون له هم إلا أن یُعمل عقله کى یستطیع رؤیة الأشیاء بشکل أعمق وأوضح وأوسع، ولیمیز بین الغث والثمین، محصناً نفسه ضد الغزو الفکرى والثقافى.

ویقصد بالقراءة الناقدة: القراءة المکثقة، والتفکیر بعمق بشأن ما هو مکتوب، الأمر الذى یتطلب من القارئ أن یدع جانباً رد فعله المباشر نحو العمل المقروء، ویتعمق فیما تحت المظهر الخارجى لألفاظه ومعانیه، لیتمکن من الحکم على معقولیة اللغة المکتوبة – صدقها وأخلاقیاتها وإجادتها وکفاءتها – حکماً یقوم على معیار معین، وهى بذلک تقویم عقلانى یطبق على المادة المقروءة (رشدى طعیمة ومحمد الشعیبى، 2006، 101-102).

ویعرف قاموس Webester's القراءة الناقدة بأنها: المجهود المتطلب لرؤیة المعلومات الواردة بالمحتوى المقروء بوضوح وبدقة؛  لکى  یتم الحکم علیها بعدل، ودون تحیز. (Copeland et al., 2007, 310)   

وعرفها (على مدکور، 2009، 148) بأنها: القدرة على تحلیل وتفسیر المادة المقروءة ونقدها وتقویمها، ثم قبولها أو رفضها تبعاً لذلک.

واتفق کل من (شافى المحبوب وولید الکندرى وعبد الرحیم عبد الرحیم، 2010، 394) (محمد عیسى وولید أبو المعاطى، 2013، 250) فى تعریفهم للقراءة الناقدة بأنها: نشاط عقلى یقوم به القارئ فى موقف الأداء القرائى، من خلاله یتفاعل مع النص المقروء لتحلیله وتفسیره والحکم علیه وإبداء الرأى فیه، فى ضوء معاییر موضوعیة توضح مدى صحته أو قیمته أو نفعه، مبنیة على مبادئ العقل، والمنطق، والخبرة السابقة، والخبرة الجدیدة فى النص المقروء.

وأشار (محمد الظنحانى، 2011، 69) أن القراءة الناقدة هى: إصدار حکم على المقروء لغویاً، ودلالیاً، ووظیفیاً، وتقویمها من حیث جودتها ودقتها ومدى تأثیرها فى القارئ، وفق معاییر مضبوطة ومناسبة.

وعرفها (Marschall & Davis, 2012, 64) بأنها: نوع من القراءة المرکزة المتعمقة، یستخدم فیها القارئ مجموعة من العملیات الذهنیة النشطة، مستعیناً فى ذلک بدمج خبراته السابقة بالخبرات الجدیدة بالنص، لیتمکن من اشتقاق المعنى الضمنى للنص، واختبار العلاقات بین أجزائه، ونقده وتکوین رأى حوله، وتقریر ما یقتنع به من أجل فعله وتطبیقه فى حیاته.

وعرفها (عبد الرحیم أمین، 2014، 125) بأنها: عملیة عقلیة تستهدف تحلیل النص المقروء بغیة فهمه واستیعابه، والوقوف على مضامینه وأفکاره، واکتشاف حججه، ومدى منطقیتها، والحکم علیها فى ضوء تفاصیله، ومقارنة هذه الحجج فى نصوص أخرى ذات صلة، وإصدار حکم على الآراء والأفکار التى یتضمنها هذا النص مع ذکر تبریرات منطقیة لهذا الحکم.

وبتأمل تعریفات القراءة الناقدة یمکن التوصل إلى ما یلى:

-      القراءة الناقدة عملیة عقلیة تفاعلیة تتطلب القیام بعدد من العملیات الذهنیة، ولا یصل القارئ إلیها إلا بمعایشة النص، والتفاعل النشط مع محتواه.

-      تَحقُق القراءة الناقدة یستلزم قدرات عقلیة علیا یوظفها القارئ فى أثناء تفاعله مع النص المقروء، مستدعیاً فى ذلک خبرته السابقة، التى تتفاعل مع مضمون النص لبناء المعرفة حوله.

-      تتطلب القراءة الناقدة الاحتکام إلى معاییر علمیة وموضوعیة مناسبة عند تحلیل، وتفسیر، وتقویم المقروء.

وعلیه یمکن تعریف القراءة الناقدة بأنها: ذلک النشاط العقلى الذى یسلکه القارئ لتحلیل وتفسیر المقروء، والتعمق فیما بین الکلمات، والجمل، والتعبیرات، وما وراءها من معان؛ تمهیداً لتقییم المادة المقروءة، والحکم علیها، واتخاذ قرارات مناسبة متعلقة بها، وفق مجموعة من المعاییر والمؤشرات الموضوعیة والمنطقیة التى تبتعد عن الأهواء والرؤى الذاتیة.

فنجد بذلک أن القراءة الناقدة تستند إلى التفکیر الناقد وتتفاعل مع مهاراته، والذى یعد أحد أسالیب التفکیر المهمة التى تساعد الفرد على دراسة الأفکار والآراء وتمحیصها، ثم یستخلص منها رأیاً محدداً، ویصدر حکماً علیها، و یسمح للقارئ بمراقبة فهمه لما یقرأ، فخلال قراءة المواد المکتوبة تثار تساؤلات إما بالقبول لما هو مکتوب أو الرفض له، وعندئذ نقرر إذا کنا نقدِّر ونحترم ونتفق مع ما نقرأه، أو نخالفه (Mendelman, 2008, 300)، ولا یهتم التفکیر الناقد بالجانب السلبى فى الموضوع المقروء، کأن یظهر الفرد النقائص والعیوب ومواطن الضعف فیه على حساب المزایا ومظاهر القوة فى الموضوع محل الفکر أو القراءة، وإنما یهتم بالدقة فى ملاحظة الوقائع التى تتصل بالموضوع المقروء، وتقویم هذا الموضوع، واستخلاص النتائج منه بطریقة منطقیة سلیمة، دون تحیز مع أو ضد ما نفکر فیه أو نقرؤه (رشدى طعیمة ومحمد الشعیبى، 2006، 101).

وفی ضوء ما سبق، ومن خلال المفاهیم المختلفة للقراءة الناقدة وطبیعتها، یمکن أن نستخلص بعض الخصائص والأبعاد التى تمیز القراءة الناقدة فیما یلى:

1-    التفاعل : ویقصد به استجابة الفرد للمقروء والتأثر به بعد استیعابه وإدراکه إدراکاً متقناً.

2-    التحلیل : ویشمل معالجة أفکار الکاتب عقلیاً حتى یتم التمکن من إدراک العلاقات، وتحدید النقاط الرئیسیة تبعا لعلاقاتها وقوتها، وتکوین صورة عقلیة واضحة للمکتوب .

3-    التقییم أو الحکم : ویعنی إصدار حکم على قیمة الموضوع المقروء من حیث صدقه وموضوعیته ومدى اتساق معلوماته وانسجامها، ومدى کفاءة المؤلف المهنیة، ومدى ارتباط أفکاره بالموضوع .

4-    وجود معیار صحیح للحکم : ومن خلال هذا المعیار یتمکن القارئ من إصدار أحکامه الصحیحة، ویتکون هذا المعیار أو یتشکل من خلال الخبرات والمعارف السابقة للفرد.

کما طرح التربویون مجموعة من الخصائص للقارئ الناقد، وتمثلت فیما یلى : (Wallace, 2003, 95) (Patesan, 2014, 63-65)  

-        الرغبة فى قضاء وقت للتأمل فى الأفکار المطروحة والواجبات التى یقوم بإنجازها.

-        القدرة على التقییم وحل المشکلات فى أثناء عملیة القراءة، أکثر من جمع المعلومات لحفظها.

-        المیل إلى التفکیر بطرق تتفق وقواعد المنطق.

-        البحث عن وجهات نظر بدیلة حول قضیة ما.

-        الرغبة فى البحث عن الحقیقة.

-        الانفتاح نحو الأفکار الجدیدة.

-        القدرة على إدراک الأخطاء فى التفکیر، والإقناع، والجدل.

-        القدرة على تأسیس الأحکام استناداً على الأفکار والأدلة.

-        الرغبة فى اتخاذ موقف ناقد حول القضایا المطروحة.

-        القدرة على طرح الأسئلة المحفزة للتفکیر وتقییم الأفکار.

-        القدرة على إدراک العلاقات بین المواضیع المطروحة والخبرات والقراءات الأخرى.

ب- أهمیة القراءة الناقدة:

تزداد أهمیة القراءة الناقدة فى العصر الحالى وذلک بسبب ما یتمیز به من ثورة معلوماتیة وتقدم هائل فى تکنولوجیا المعلومات والاتصالات، وما یشهده العالم من طوفان المعرفة بفعل التطورات المتلاحقة فى شتى المجالات، وتزاید عدد الوسائط المقروءة سواء أکانت ورقیة أم إلکترونیة، والتى تعبر فى مضمونها عن وجهات نظر مختلفة ومتباینة، تهدف للتأثیر فى أفراد المجتمع ومعتقداتهم من خلال ما تحمله فى طیاتها من آراء خفیة، لذا فقد أصبح تسلح الفرد بمهارات القراءة الناقدة أمر لا غنى عنه من أجل مواجهة هذا الکم الهائل من المعرفة الإنسانیة المتطورة والمتسمة بالتغیر السریع.

وتشیر الاتجاهات المعاصرة إلى أن القراءة الناقدة هى مفتاح النجاح فى مجتمع المعرفة سواء فى التداول مع القضایا المختلفة، أو فى الدراسة النظریة والعملیة، أو فى التعایش الاجتماعى والمواطنة والمشارکة الفاعلة فى التنمیة، إذ إن التمکن من القراءة الناقدة یرتقى بدرجة الوعى والإدراک ومستوى التفکیر لدى القارئ، ویحقق لدیه فهماً أعمق للمقروء، ویساعده على تقدیم آراء ذکیة حوله فى ضوء خبراته، والإفادة منه فى تعلیم نفسه، وفهم العالم حوله (Wallace, 2003, 156-157) .

فالقراءة الناقدة تسهم فى تکوین الشخصیة الواعدة وفى إعداد القادة وأصحاب القرارات إعداداً سلیماً، بما تحققه من إشعال للخیال واتساع للمدارک ومعرفة طریقة التفکیر السلیم، ومن خلالها یمکن الولوج إلى عالم الدیمقراطیة الرحب، حیث یتعود الأفراد من خلالها تقبل وجهات النظر المتباینة وحل مشاکلهم الاجتماعیة واختیار الحل الأمثل فى ضوء معاییر موضوعیة للتقویم، وإهمال تنمیة القراءة الناقدة لدى الأفراد یجعلهم عرضة للتغریب والتغییب، ویجعلهم ضعاف الشخصیة، غیر قادرین على مواجهة ما یتعرض له مجتمعهم من غزو ثقافى، وعولمة، وسماوات مفتوحة، وإنترنت وما وراء ذلک من برامج وأفکار وآراء قد تکون مضللة (حسن شحاته، 2016، 203).

فضلاً عن أنها تسهم فى تنمیة تفکیر الأفراد، فتکسبهم القدرة على فهم هدف الکاتب، وتمحیص أفکاره، وتقدیر قوة أدلته، وإبراز المفاهیم المختلفة من خلال قراءتهم للکلمة وللعالم من حولهم قراءة ناقدة؛ مما یساعدهم على الاستقلال الفکرى، والتحرر من التأثر بآراء الآخرین، ومن الانسیاق الأعمى وراء الأفکار (Patesan, 2014, 63).

وفى ضوء استقراء مفهوم القراءة الناقدة وطبیعتها، یمکن تحدید أهمیتها للمتعلمین فیما یلى:

-        القراءة الناقدة تمکِّن الطلاب من مواجهة متطلبات المستقبل متمثلة فى اکتسابهم الأسالیب المنطقیة والعقلیة التى تؤهلهم للتعامل مع معطیات الحیاة، وما تتطلبه من ممارسة لمهارات التفکیر المختلفة کالاستنتاج، والتحلیل، والمقارنة، والتقویم، وحل المشکلات.

-        تؤدى تنمیة مهارات القراءة الناقدة إلى استقلال الطالب فى تفکیره، وتحرره من التبعیة والتمحور الضیق حول الذات، فترفع مستوى الاستیعاب والفهم لدیه نحو القضایا والمسائل اعتراضاً أو تأییداً، وتنمى لدیه روح التساؤل والبحث والتحرى والاستکشاف للحقائق.

-        تؤدى تنمیة مهارات القراءة الناقدة إلى القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، وحل المشکلات بطرق مختلفة، وتحصین الطالب ضد التأثیرات الإقناعیة المغلوطة.

-        تساعد القراءة الناقدة الطالب على أن یصبح متفتح العقل، وأن یحترم وجهات نظر الآخرین، وأن یکون على استعداد لتغییر آرائه فى ضوء المعلومات الجدیدة .

-     تؤدى دوراً مهماً فى تشکیل شخصیة الطالب، وتنمیة قدرته على التأمل والتفکیر، ومناقشة القضایا والأفکار المطروحة، وإبداء الرأى فیها، وفحص وجهات النظر، والموازنة بین الأفکار وتقویمها، والاختیار بینها بما یوافق العقل والمنطق، ومواکبة التطور المعرفى، والانطلاق نحو حریة التفکیر والإضافة والإبداع.

وفیما یتعلق بالدور الأکادیمى للقراءة الناقدة، فقد أثبتت بعض الدراسات دور مهارات القراءة الناقدة فى تنمیة فهم المقروء فى مختلف مجالات الدراسة، وتنمیة الاتجاه نحو القراءة والانتفاع بها فى الحیاة العامة، والتفوق الدراسى والأکادیمى، وتنمیة قدرة الطلاب على الکتابة، والانطلاق نحو الإبداع، ومن هذه الدراسات دراسة کل من: (نایل الشرعة وفارس محمد، 2004)، (مروى عبد الوهاب، 2006)، (إسماعیل ربابعة وعبد الکریم أبو جاموس، 2012)، (ابتهال أبو رزق وسعاد الوائلى، 2013)، (Tsai, 2013).

ونظراً لأهمیة القراءة الناقدة فقد عنیت بتنمیتها بعض البحوث، منها بحث (السید حسین، 2007) والذى استهدف إعداد برنامج قائم على نظریة التلقى لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى التلامیذ المتفوقین بالمرحلة الإعدادیة، وسعى بحث (وحید حافظ، 2008) إلى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة باستخدم الخریطة الدلالیة، أما بحث (بکر محمود، 2009) فقد استخدم طریقتى الاکتشاف الموجه والتعلیم التعاونى لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة، وهدف بحث (Tomasek, 2009) إلى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الجامعیة باستخدام نموذج تدریسى یتضمن المراحل التالیة: تحدید القضیة المقروءة، والاطلاع على عناصرها، وتفسیر الأدلة، وتحلیل ومناقشة الافتراضات والآراء المختلفة حولها، وعمل تطبیقات عقلیة ونقدیة مرتبطة بالقضیة، وتکوین رأى حولها، ووظف بحث (هدى محمد، 2010) استراتیجیة القبعات الست فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب الصف الأول الثانوى، واستخدم بحث (أسامة سالمان ، 2011) استراتیجیة ما وراء الذاکرة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب الصف الثانى الثانوى، فى حین تناول بحث (سناء أحمد، 2011) أنشطة الذکاءات المتعددة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى تلامیذ الصف السادس الابتدائى، واستهدف بحث (Perales, 2011) تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب الجامعة من خلال تحلیل ونقد النصوص ذات الأیدیولوجیا الاجتماعیة والثقافیة استناداً إلى تعرف أنماطها اللغویة واستراتیجیاتها الخطابیة، ووظف بحث (إیمان عصفور، 2012) التصور العقلى لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى الطالبات المعلمات شعبة الفلسفة والاجتماع، فى حین استخدم بحث (سعید المرقاقى، 2013) مدخل التعلم الخلیط فى تدریس القراءة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى تلامیذ الصف الخامس الابتدائى، واستخدم بحث (محمد عیسى، 2013) استراتیجیة مقترحة قائمة على مدخل القراءة الاستراتیجیة التعاونیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة، کما أعد (عبدالرحیم أمین، 2014) برنامجاً قائماً على التلمذة المعرفیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب شعبة اللغة العربیة، وسعى بحث (مختار عبداللاه ، 2014) إلى إعداد برنامج تدریبى قائم على القراءة الإلکترونیة الحرة الموجهة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى الطلاب معلمى اللغة العربیة، فى حین استهدف بحث (هدى السمالوسى، 2014) تناول استراتیجیتى التساؤل الذاتى ومراقبة الاستیعاب کاستراتیجیتین من استراتیجیات القبلیات العرفانیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والاتجاه نحو القراءة لدى طلاب المرحلة الثانویة، وتوصل بحث (Karabay, 2015) إلى تأثیر استراتیجیات القراءة الخارجیة مثل تدوین الملحوظات والمقارنة بین النصوص والتلخیص على تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى المعلمین قبل الخدمة ، واستهدف بحث (فوزى عبد الباقى، 2015) إعداد برنامج إثرائى قائم على النظریة البنائیة لتنمیة مهارات القراءة النقدیة لدى تلامیذ المرحلة الإعدادیة، فى حین استهدف بحث (سید إبراهیم، 2016) تنمیة مهارات الفهم الناقد لدى تلامیذ المرحلة الإعدادیة باستخدام نموذج تدریسى قائم على النظریة التأویلیة النقدیة.

وبالنظر إلى البحوث السابقة التى عنیت بتنمیة مهارات القراءة الناقدة یلاحظ ما یلى:

-        الاهتمام بتنمیة مهارات القراءة الناقدة فى المراحل التعلیمیة المختلفة.

-        تنویع الاستراتیجیات والطرائق التى یمکن من خلالها تنمیة القراءة الناقدة، وإن کان معظم البحوث تناولت استراتیجیات وطرائق حددت الأدبیات التربویة إجراءاتها وخطواتها.

-        تَوجُه عدد قلیل من البحوث نحو تقدیم محتوى قرائى جدید للدارسین لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدیهم، بخلاف الموضوعات المقررة علیهم.

ج- مهارات القراءة الناقدة:

نظراً لأهمیة ومکانة القراءة الناقدة فقد حظیت باهتمام التربویین؛ فحددوا مهاراتها وتناولوها بالدرس والتحلیل والتصنیف، وقد اختلفت تلک التصنیفات، وسوف یتم إلقاء الضوء على بعض تلک التصنیفات للوقوف على طبیعة مهارات القراءة الناقدة؛ تمهیداً للخروج منها بقائمة القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى.

فهناک من قسم القراءة الناقدة إلى عدة مهارات، ونظر البعض إلى القراءة الناقدة باعتبارها مهارة کبرى تتضمن عدة مهارات فرعیة مثل: ( استنتاج غرض الکاتب - استنتاج أسالیب الإقناع التى استخدمها الکاتب – استنتاج الدلالات والمعانى الضمنیة فى النص – استنتاج مدى ملاءمة الألفاظ والتراکیب لفکرة النص - استنتاج التفاصیل الداعمة – استنتاج علاقة السبب والنتیجة – تحدید المبالغات: المقبولة والمرفوضة – التمییز بین ما یتصل بالموضوع وبین ما لا یتصل به – التمییز بین الحقیقة والرأى – تحدید مدى منطقیة الأفکار – التمییز بین الحقیقة والخیال – التمییز بین الفکرة الشائعة والفکرة المبتکرة – التمییز بین الحجج القویة والحجج الضعیفة – التمییز بین المصادر الأولیة والمصادر الثانویة – الحکم على مدى أصالة النص ومعاصرته – تحدید منطقیة الاستنتاجات واتساقها – تحدید اتجاهات الکاتب من خلال أفکاره وعباراته). (بکر محمود ، 2009) (أسامة سالمان ، 2011) (سناء أحمد، 2011) (إیمان عصفور، 2012) (سعید المرقاقى، 2013) (عبدالرحیم أمین، 2014) (هدى السمالوسى، 2014) .

وحدد کل من (محمود الناقة ووحید حافظ ، 2006، 216-217) مهارات الفهم النقدى والذى یعبر عن مهارات القراءة الناقدة فیما یلى: (التمییز بین المعقول وغیر المعقول من الأفکار – التمییز بین الفکرة الشائعة والفکرة المبتکرة – تحدید مدى منطقیة الأفکار وتسلسلها – تحدید مدى مصداقیة الکاتب – الحکم على مدى أصالة المادة ومعاصرتها – تکوین رأى حول الأفکار والقضایا المطروحة فى النص).

فى حین قسم (السید حسین، 2007، 331) مهارات القراءة الناقدة إلى عدة محاور أساسیة یتفرع من کل محور عدد من المهارات الفرعیة، وتمثلت تلک المحاور فى : ( تحدید أفق التوقعات – مقاربة النص – ملء فجوات النص -  الاستنتاجات الموسعة) .

وقسم بحث (فوزى عبد الباقى، 2015) مهارات القراءة الناقدة إلى مهارتین عامتین یندرج تحت کل منهما عدد من المهارات الفرعیة، هما: (مهارة التمییز – مهارة الحکم والتقویم)، فى حین قسم (وحید حافظ، 2008، 232) (محمد عیسى، 2013، 196) (محمد عیسى وولید أبو المعاطى، 2013، 261) مهارات القراءة الناقدة إلى ثلاث مهارات عامة، وتمثلت فى: ( مهارات الاستنتاج – مهارات التمییز - مهارات التقویم وإصدار الأحکام)، وأضاف بحث (مختار عبد اللاه، 2014، 61) مهارة رابعة وهى: (مهارة المقارنة).

وهناک من قسم مهارات القراءة الناقدة إلى قسمین، الأول یتعلق بکاتب النص، ویشمل :( تحدید هدف الکاتب، ونقد أسلوبه، والحکم على کفایته، وتقویم مدى مصداقیته)، والآخر یتعلق بالنص المقروء، ویشمل: (الکشف عن زمن المادة المقروءة، والحکم على صحتها وکفایتها، وتحدید مدى ملاءمة المادة المقروءة للموضوع والهدف منه). (Olson, 2007, 32-33)

وبالنظر إلى مهارات القراءة الناقدة التى عرضتها الأدبیات وحددتها الدراسات السابقة نجد أن هناک مهارات ترتبط بالمستوى الاستنتاجى والذى یمثل مرحلة أدنى من مرحلة النقد والتقویم، والتى تفرضها طبیعة القراءة الناقدة، وعلیه سیتم الاسترشاد بما تم عرضه من مهارات فى إعداد القائمة الخاصة بمهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى مع استبعاد مهارات الاستنتاج، وهذا لا یقلل من مهارات الاستنتاج للطلاب بل هى مهارات أساسیة سیتم الترکیز علیها والتأسیس لها تمهیداً لتحقیق النقد والتقویم وإصدار الحکم حول المحتوى المقروء.

د- متطلبات وأسس تعلیم القراءة الناقدة:

القراءة من أجل النقد هدف من أرقى الأهداف التعلیمیة، إذ یتمثل فیه الوعى والقدرة على التعلیل والموازنة وإصدار الحکم على المادة المقروءة، ولذلک فهو هدف له بعض المتطلبات والأسس التى یجب مراعاتها عند تحقیقه لدى الدارسین.

وقد أشار (رشدى طعیمة ومحمد الشعیبى، 2006، 103-104) إلى أن هناک عدة عملیات یقوم بها القارئ عندما تکون القراءة بهدف النقد والحکم، والتى یجب مراعاتها فى أثناء التدریس وتوجیه المتعلمین إلیها، وتشمل:

-        التحلیل: وهى عملیة یتم فیها تقسیم النص إلى أجزائه لفهم تفاصیل النص ککل، ویستخدم التحلیل لشرح مکونات النص، کالمفاهیم والحقائق والأحداث أو البیانات الواردة فیه، ولکى یرى القارئ تفاصیل أو عناصر ما یقرأ، فإنه یطرح على نفسه أسئلة توضح غرضه من عملیة التحلیل.

-        التفسیر: یتم فى هذه العملیة فحص العلاقات بین أجزاء النص والنص ککل، وعلیه یبدأ القارئ عملیة تفسیر المعانى أو المغازى من التفاصیل، تمهیداً لإدراک المعنى العام من النص کاملاً.

-        الترکیب: وهى العملیة التى یتم من خلالها عمل ترابطات بین الأجزاء والکل، وعن طریق ذلک یصل القارئ إلى استنتاجات مقبولة حول العلاقات وتضمیناتها، ومن جانب آخر فالترکیب یمکِّن القارئ من دعم الأفکار بأدلة محسوسة من داخل النص أو من خبرته السابقة.

-        التقویم: وفى هذه العملیة یُتوقع من القارئ الناقد أن یصدر حکماً على قیمة وجودة ما یقرأ، مستنداً فى أحکامه إلى مجموعة من المعاییر، ویساعده فى ذلک إتقانه لعملیات التحلیل والتفسیر والترکیب سالفة الذکر.

وهذا یستوجب من الطالب الذى یقرأ قراءة ناقدة شدة التأنى والدقة، وتمحیص المقروء، وإمعان النظر فیه، وذلک حتى یتمکن من التعامل مع المقروء بوعى، ویصدر أحکاماً نقدیة على أسس سلیمة وبحیثیات قویة (Mendelman, 2008, 301).

وقد أشار کل من (حسن شحاته، 2016، 210) (Marschall & Davis, 2012, 66) إلى أن هناک مجموعة من الأسس التى یجب أن تراعى عند تدریس القراءة الناقدة، وتتمثل فیما یلى:

1- تهیئة البیئة المناسبة للطلاب التى تساعدهم على التواصل الفکرى مع النص المقروء، وربطه بخبراتهم السابقة، ونقده بعیداً عن التسلطیة والفوضى.

2- تعلیم القراءة الناقدة فى مواقف طبیعیة حتى تؤدى اللغة وظیفتها، وحتى یتم استثارة دوافع الطلاب وتحفیزهم، ویتکون لدیهم الدافع النفسى للتحلیل والنقد.

3- إبداء الطلاب لآرائهم وعرض أفکارهم ومشاعرهم تجاه قضایا مجتمعهم بحریة ودون خوف أو تهدید.

4- تنوع موضوعات القراءة التى یتم تدریب الطلاب على تحلیلها ونقدها ، وذلک من حیث الحجم والنوع.

5- تسلیم المعلم بأن کل متعلم لدیة الملکة على النقد، ویمکن تنمیتها لدیه.

6- إشراک الطلاب فى وضع أهداف محددة للقراءة، وطرح أسئلة حول محتوى النص القرائى، واختبار توقعاتهم حوله.

7- تشجیع الطلاب على المشارکة الفاعلة، والعمل بطریقة فردیة وتعاونیة، وتدوین الملاحظات حول مهام القراءة الناقدة.

وقد استفادت الباحثة من هذا العنصر فى التوصل إلى قائمة مبدئیة بمهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى ، وتحدید الأسس الفلسفیة المرتبطة بطبیعة القراءة الناقدة، والتى یجب مراعاتها عند بناء النموذج التدریسى المقترح .

 ثانیاً : الذکاء الأخلاقى، والارتقاء بفضائله.

حیث إن البحث یهدف إلى الارتقاء بالذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى؛ کان من الضرورى التعرض لطبیعة الذکاء الأخلاقى وتعرف أهم ملامحه، ومکوناته، وأهمیة العنایة به، وأسس تنمیته؛ للوقوف على أساس نظرى وعلمى صحیح یساعد على تحدید أبعاد وبنود مقیاس هذا النوع من الذکاء، وذلک من خلال تناول ما یلى:

أ‌-   مفهوم الذکاء الأخلاقى، وأهم ملامحه:

إن مجتمعنا الیوم یمر بالعدید من التحدیات التى تتمثل فى ثورة تکنولوجیا المعلومات والاتصالات والغزو الثقافى والفکرى الناتج عن العولمة وغلبة الجانب المادى على الجانب الأخلاقى والروحى، مما نتج عنه تغیرات اجتماعیة وثقافیة واقتصادیة، أثرت على أفراد المجتمع وعلى طرائق واستراتیجیات تفکیرهم، بدرجة أدت إلى التذبذب وعدم الاستقرار فى منظومة الأخلاق، بل وعدم مقدرة عدد کبیر من أفراد المجتمع وخاصة الشباب على التمییز بین ما هو صواب وما هو خطأ، ومن ثم ضعفت مقدرتهم على الانتقاء والاختیار من القیم المتصارعة الموجودة، فاختلت السلوکیات الأخلاقیة لدیهم، مما أثر على سلوکهم بشکل عام؛ وهذا دعا إلى السعى إلى مناهضة ذلک، ومحاولة الارتقاء بالمستوى الأخلاقى للأفراد والدارسین من خلال تنمیة الذکاء الأخلاقى لدیهم.

ویشیر "الذکاء" فى المعجم الوسیط إلى القدرة على التحلیل، والترکیب، والتمییز، والاختیار، والقدرة على التکیف إزاء المواقف المختلفة، ویقال فلان ذکى بمعنى: ذکا عقله ، والجمع أذکیاء (مجمع اللغة العربیة، 2008، 325). وموطن الذکاء بصفة عامة هو الدماغ الإنسانى، أما قدراته المتنوعة فهى عبارة عن سیالات عصبیة کیموکهربیة تتکون فى خلیة أو مجموعة منها أو أکثر، وتنتقل بسرعة لا تتعدى أجزاء محدودة من الثانیة من مصادرها الخلویة إلى أعضاء الجسم المختلفة المعنیة عادة بالسلوک المطلوب. وقد تنوعت مفاهیم الذکاء بتنوع وجهات نظر المربین والمختصین، فقد عرفه عالم النفس الشهیر "بینیه Binet" بأنه: قدرة الفرد على الفهم والابتکار والتوجیه الهادف للسلوک والنقد الذاتى، ویعرفه عالم النفس الأمریکى "جوادارد Goddard" بأنه القدرة على الاستفادة من الخبرات السابقة فى حل المشکلات الحاضرة والتنبؤ بالمشکلات المستقبلیة، ویرى "ستودارد "Stoddard أن الذکاء نشاط عقلى یتمیز بالصعوبة، والتعقید، والتجرید، والاقتصاد، والتکیف الهادف، والقیمة الاجتماعیة، والابتکار، مع الحفاظ على هذا النشاط فى الظروف الى تستلزم ترکیز الطاقة العقلیة ومقاومة العوامل الانفعالیة (ماهر یسرى، 2005، 42-43).

وتُعرَّف "الأخلاق" فى المعجم الوجیز بأنها: علم موضوعه أحکام قیمیة تتعلق بالأعمال التى توصف بالحسن أو القبح، و"الأخلاقى" : ما یتفق هو وقواعد الأخلاق، أو قواعد السلوک المقررة فى المجتمع، وعکسه لا أخلاقى، أما "الخُلُق" فهو: حالة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خیر، أو شر، من غیر حاجة إلى فکر ورویة (مجمع اللغة العربیة، 2011، 209).

ویأخذ بن مسکویه بالتعریف الذى یرى بأن الأخلاق: حال للنفس داعیة لها إلى أفعالها من غیر فکر ولا رویَّة، وهذه الحال تنقسم إلى قسمین: منها ما یکون طبیعیاً من أصل المزاج والسجیة والطبع، کالإنسان الذى یحرکه أدنى شىء نحو الغضب ویثور من أقل سبب، وحاله کحال الذى یفزع من أدنى صوت یطرق سمعه أو یرتاع من خبر یسمعه، ومنها ما یکون مستفاداً بالعادة والتدریب، وربما کان مبدؤه الفکر، ثم یستمر علیه أولاً فأول حتى یصیر ملکة وخلقاً (ابن مسکویه، د.ت، 51).

وتوظف الثقافة الغربیة أربع کلمات متداخلة للإشارة إلى مفهوم الأخلاق: Morale"، Ethique، Deontologie، "Axiologie، ویصعب الفصل بین دلالة هذه الکلمات التى تترادف وتتداخل وتتقاطع بصورة مستمرة للتعبیر عن الأخلاق کنظام أو علم أو فلسفة، ویبلغ هذا التداخل أشده بین کلمتى Morale"، Ethique"، وهما مفهومان مترادفان فى مستوى الاشتقاق متداخلان فى الدلالة والمعنى. ولقد اشتقت لفظة الأخلاق "Morale" من الأصل اللاتینى "Moralis" ، وتشیر الکلمتان إلى الأخلاق والآداب والقیم السائدة فى المجتمع بصورة عامة ، أما لفظة "Ethique" فهى مشتقة من اللفظة الإغریقیة "Ethikos" ویقابلها فى اللاتینیة "Ethica" وتعنى أیضاً فى استخداماتها العامة النظام الأخلاقى المعیارى لجماعة أو مجتمع محدد، ولکن بعض العلماء یمیزون بین الکلمتین تمییزاً واضح المعالم حیث یوظفون کلمة "Morale" للتعبیر عن نسق القیم والمعاییر والمبادئ الأخلاقیة التى توجه سلوک الفرد والجماعة، أما کلمة "Ethique" فتوظف للدلالة على النظریة الأخلاقیة أو الفلسفة الأخلاقیة السائدة فى المجتمع، وغالباً ما توظف کلمة "Ethique" للتعبیر عن نمط نقدى فى التفکیر الأخلاقى الذى یتجه نحو تقییم السلوک الأخلاقى وشروطه الحیویة فى مجتمع ما، أما کلمة "Deontologie" فتعنى علم الواجب فى الفرنسیة وهى قریبة فى معناها من کلمة "Ethique" علم الأخلاق، ویعد مفهوم الأکسیولوجیا "Axiologie" أکثر وضوحاً من المفاهیم الثلاثة السابقة، حیث بدأ استخدامه مع بدایات الفلسفة الیونانیة خصوصاً عند سقراط وأفلاطون وأرسطو، ویعود هذا المصطلح إلى الأصل الإغریقى "Axia ou Axios" ویعنى فى الأصل علم القیم الأخلاقیة وفى الفلسفة یعنى مبحث نظریة القیم (على وطفة، 2013، 98-99).

 ویقصد "بعلم الأخلاق" معرفة الفضائل، وکیفیة اقتنائها، لتزکو بها النفس، ومعرفة الرذائل لتتنزه عنها النفس، وهناک من الأخلاق ما هو نسبى، وما هو مطلق، حیث تتمثل "الأخلاق النسبیة" فى مجموع قواعد السلوک المقررة فى زمان معین لمجتمع معین، فیقال: أخلاق العرب وأخلاق الروم. فلکل شعب أخلاقه التى تتفق مع شروط وجوده، ولا یمکن حمله على أخلاق غیر أخلاقه دون تعریض نظام حیاته للاضطراب والفساد. أما "الأخلاق المطلقة" فتتمثل فى مجموع قواعد السلوک الثابتة التى تصلح لکل زمان ومکان، وعلم الأخلاق ینقسم إلى قسمین، الأول عام یشتمل على مبادئ السلوک الکلیة، والآخر خاص یشتمل على تطبیق هذه المبادئ فى مختلف نواحى الحیاة الإنسانیة، وجماع هذا کله تحدید ما یجب أن یکون، لا وصف ما هو کائن فى الواقع (إیمان عصفور، 2014، 37).

وبالنظر إلى التطور التاریخى لنشأة الذکاء الأخلاقى وُجد أن "بیاجیه "Piaget (1932) قد اقترح مدخل النمو المعرفى الذى أسس علیه "کولبرج Kohlberg" (1976) مدخله فى النمو الإنسانى ، والذى جاء فى ست مراحل، وهى: (الطاعة والخوف من العقاب، والمنفعة النسبیة، والتوافق الشخصى مع معاییر السلوک العام، والتمسک الصارم بالقانون والأصول الاجتماعیة، والنظرة النسبیة لشرعیة القانون، وأخیراً المبادئ الخلقیة العامة)، وکان الهدف من التربیة الخلقیة فى رأى کل من " "Piagetو "Kohlberg" هو إثارة النمو الطبیعى لطاقات الحکم الخلقى لدى الفرد، ولیس الاستجابة الأخلاقیة، لأنه لو تم الترکیز على الاستجابة الأخلاقیة یکون قد تم تجاهل مغزى السلوک، لأن نفس الاستجابة یمکن أن تصدر لسببین مختلفین، أى أن الاهتمام یجب أن یکون بالعملیات التى تکمن وراء الحکم الخلقى، وبالتالى مساعدة الفرد على استخدام حکمه الأخلاقى فى ضبط سلوکه. ثم طور کل من "Hersh"، "Reimer"، "Paolitto" (1979) عدة أسالیب للتربیة الخلقیة بناءً على أعمال کل من " "Piagetو "Kohlberg"، وفى عام (1986) اقترح "Oser" إقامة محادثات أخلاقیة بین المعلم والتلامیذ لحل الصراعات الخلقیة بهدف تنمیة المستویات العلیا من التفکیر الأخلاقى، کما عرض "Gardner" نظریة الذکاءات المتعددة فى کتابه الشهیر "أطر العقل"، وقد اهتم بدراسة الذکاء الإنسانى وأورد عدة أنواع تمیزه، وفتح الباب لمزید من الدراسات ودعا إلى التوصل إلى عدة أنواع من الذکاء مثل: الذکاء الوجدانى، والذکاء الروحى، والذکاء الأخلاقى. ثم أتت بعد ذلک جهود میشیل بوربا والتى تعد أشهر التربویین الذین اهتموا بالذکاء الأخلاقى (Clarken, 2009, 1) .

وقد نشر "Coles" أول مقالة علمیة تتناول مصطلح "الذکاء الأخلاقى" عام 1997، وجاءت بعنوان (الذکاء الأخلاقى للأطفال)، وقد تضمنت أول تعریف للذکاء الأخلاقى، وقد عرفه بأنه: القدرة على التمییز الواضح بین الصواب والخطأ، والقدرة على صنع قرارات مدروسة، تعود بالفائدة على الفرد والآخرین المحیطین به (Coles, 1997).

ویرى جاردنر (Gardner, 2003) أن الذکاء الأخلاقى هو: احترام الإنسان لذاته وللآخرین، وقدرته على إدراک الألم لدیهم، وردع النفس عن القیام بالنوایا القاسیة، ویعتقد ""Gardner أن هذا الذکاء لا ینفصل عن الذکاء الاجتماعى، فهو یتضمن مدى امتلاک الفرد للقیم، والمیول، والضمیر، واحترام الآخرین، والعطف علیهم، والتسامح معهم، والعدل، وإن هذه الخصائص جمیعها تنبثق من العلاقات الاجتماعیة للفرد مع الآخرین.

ویُشار إلى الذکاء الأخلاقى على أنه: القدرة على فهم الصواب من والخطأ، وهذا یتطلب توافر قناعات أخلاقیة قویة، بحیث یتصرف الفرد بموجبها، وأن هذه القدرة تتضمن عدة سمات حیاتیة جوهریة (میشیل بوربا،2007، 1).

وعرف (Clarken, 2010, 2) الذکاء الأخلاقى بأنه: تطبیق المبادئ الخلقیة على الأهداف، والقیم والسلوکیات الشخصیة، والقدرة على معرفة الصواب من الخطأ، والسلوک بطرق أخلاقیة.

فى حین عرفOlusola & Ajayi, 2015, 33) ) الذکاء الأخلاقى بأنه: القدرة العقلیة التى تحدد کیفیة تطبیق المبادئ الأخلاقیة التى تجمع بین المصالح الفردیة والمسئولیات الاجتماعیة، وهى تتضمن عنصرین أساسیین، وهما: الأخلاق الشخصیة، وتتألف من السلوک الفردى والفضائل الخاصة التى تبنى الشخصیة، والأخلاق الاجتماعیة وتشمل القیم العامة التى تبنى المجتمع وتعزز القرارات الاجتماعیة.

کما عرف (مسعد صالح، 2014، 387) الذکاء الأخلاقى بأنه: قدرة الفرد على التمییز بین الصواب والخطأ، والحق والباطل، وامتلاک قناعات أخلاقیة قویة تحددها المبادئ الإنسانیة العالمیة والثقافة التى ینتمى إلیها الفرد، والتصرف بناءً على ذلک، بحیث یأتى السلوک صحیحاً وموافقاً للقیم والمبادئ الأخلاقیة.

وعرفته (سماح إبراهیم، 2016، 74) بأنه: القدرة على فعل الصواب بطریقة أخلاقیة، دون التعرض لآثار سلبیة تؤدى إلى ضرر یقع على الفرد ذاته أو یقع على الآخرین.

وباستقراء التعریفات السابقة یمکن تعریف الذکاء الأخلاقى بأنه: ذلک المکون العقلى من الأبعاد والاستعدادات التى تحث الفرد على فعل الخیر، والتمییز بین الصواب والخطأ، والإلمام بالمعاییر التى بمقتضاها یفکر بطریقة صحیحة وأخلاقیة، وتجعله یتحکم فى سلوکه ویصبح مسئولاً عنه قبل أن یصدره، بحیث یصدر موافقاً للمبادئ والقیم الأخلاقیة التى أقرتها الأدیان السماویة واستقرت فى ضمیر المجتمعات الإنسانیة کافة، والتى یتم التعبیر عنها سلوکیاً وبطریقة صحیحة، مما یساعده على التفاعل مع الآخرین بشکل جید، ویحقق للفرد التوافق النفسى والاجتماعى، ویتحقق لدیه تقدیره لذاته.

وقد أوضحت "میشیل بوریا" أن هناک مجموعة من المعتقدات الخطأ لدى المربین حول الذکاء الأخلاقى، منها : (محمد محمد، 2009، 4)

-        یتطور الذکاء الأخلاقى طبیعیاً.

-        عدم القدرة على إحداث التغییر المطلوب فى سلوک الأفراد بسبب ترکیبهم الوراثى ومزاجهم الفطرى.

-        الأطفال الأذکیاء یظهرون ذکاءً أخلاقیاً.

-        الاعتقاد بتوقف النمو الخلقى لدى الأفراد فى سن معینة.

-        الاعتقاد بأن تأثیر الأقران فى النمو الخلقى للأفراد أکثر تأثیراً من آبائهم.

-        تبدأ بدایات النمو الخلقى فى عمر المدرسة، ویعد هذا خطأ إذ لابد من إکساب الأطفال العادات الخلقیة منذ إدراکهم لما یدور حولهم.        

ووفقاً لذلک نجد أنه من الضرورى استهداف الذکاء الأخلاقى لدى المتعلمین بالتنمیة والتوجیه، والسعى إلى إکسابهم العادات الخلقیة الصحیحة، وذلک فى جمیع المراحل التعلیمیة، ومنذ بدایة قدرتهم على الإدراک.

ب‌-   مکونات الذکاء الأخلاقى:

أرست Michele Borba"" فکرة تنمیة الذکاء الأخلاقى من خلال سبعة مکونات (فضائل) أساسیة، تمثل أساس الشخصیة المتماسکة، والمواطنة الصالحة، هذه الفضائل تتیح للفرد أن یخوض التحدیات الأخلاقیة والضغوط التى یواجهها فى مسار حیاته، وتساعده على التصرف بصورة صحیحة، وهى: التعاطف، والضمیر، والضبط الذاتى، والاحترام، والتسامح، والعطف، والعدل. ویتم توضیحها فیما یلى: (Borba, 2001) (Borba, 2003) (محمد محمد، 2009، 6-7) (محمد حسین، 2005، 318-319 ) (مسعد صالح، 2014، 387)

1-   التعاطف Empathy: وهو الانفعال الأخلاقى الأساسى الذى یتیح للفرد مشارکة الآخرین فیما یشعرون به من مشاعر ضیق وألم وحزن وفرح، والاشتراک فى المیول والعواطف والتوافق فى الأفکار، کما أنه یدفع الفرد لفعل ما هو صحیح، ویمنعه من التصرف السئ، لکونه یعلم أثر الألم العاطفى على الآخرین، والتعاطف یعنى التمثل أو التفهم العاطفى، والقدرة على فهم اهتمامات الآخرین والشعور بها، وأن یکون المرء أکثر حساسیة إزاء حاجات ومشاعر الآخرین، ویتفهم المشاعر الوجدانیة المصاحبة للحظات الألم والفرح لدیهم، ورؤیة الأمور من منظورهم، ومساعدتهم. وله صورة جسدیة تقوم على انتقال الحرکات والأفعال من شخص إلى آخر بالتقلید العفوى، کالمشارکة فى الضحک والمجاراة فى السیر، وله أیضاً صورة نفسیة مصحوبة بالوعى کاشتراک شخصین أو أکثر فى حالات نفسیة متماثلة، کالحزن أو السرور أو الغضب. وقد أشار (Max Schelr) أن أعلى درجات التعاطف هى تقمص "أنا" الآخر، وأدناها اقتصار التعاطف على مجرد فهم انفعالى، فیعى المرء معاناة سواه دون أن یستغرق فى مشارکته مشاعره. ومن الأفعال الدالة على التعاطف: أفهم ما تشعر به، أنا حزین لما أصابک من أذى . ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال: تعزیز الوعى بالمفردات العاطفیة، وتعزیز الحساسیة تجاه مشاعر الآخرین، وتطویر التمثیل العاطفى لوجهة نظر الآخر.

2-   الضمیر Conscience: یعرف الضمیر فى المعجم الوجیز بأنه: ما یضمره الفرد فى نفسه، ویصعب الوقوف علیه، وهو استعداد نفسى لإدراک الخبیث والطیب من الأعمال والأقوال والأفکار، والتفرقة بینها، واستحسان الحسن واستقباح القبیح منها (مجمع اللغة العربیة، 2011، 382)، وهو القوة الداخلیة الذاتیة والصوت الداخلى القوى الذى یمکِّن الفرد من إصدار الحکم بالحلال والحرام والصواب والخطأ والخیر والشر ، والتمسک بالفعل الأخلاقى، ویشعره بالذنب فى حال انحرافه عن الفعل الصحیح أو تمادیه فى الخطأ، فهو ینمى الأمانة والمسئولیة والاستقامة، وهو أساس المواطنة الصالحة والسلوک الأخلاقى. والضمیر قد یکون مطمئناً وقد یکون قلقاً، ویطلق اصطلاح الضمیر المطمئن على شعور المرء بأنه لم یأت فعلاً یستحق علیه اللوم، أما الضمیر القلق فیطلق على الشعور بالشکوک الشدیدة إزاء شرعیة بعض الأفعال.  ومن الأفعال الدالة على الضمیر: لا یغشون ولا یکذبون لمعرفتهم بالخطأ، یعترفون حین یخطئون، یطیعون القواعد لأنها صواب. ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال: تحدید إطار للنمو الأخلاقى، وتعلیم الفضائل وتوجیه السلوک، واستخدام الضبط الأخلاقى بهدف التمییز بین الصواب والخطأ.

3-   الضبط الذاتى Self - Control: ویقصد به القدرة على کبح جماح الاندفاع، والتفکیر بالسلوک قبل فعله، والسیطرة على النفس، بحیث یسلک الفرد سلوکیات صحیحة تکون نابعة من ذاته، وهو أحد المکونات الأساسیة للنمو الأخلاقى، حیث إنه یزود الفرد بقوة الإرادة لممارسة الصواب، ویعطى له القدرة على مقاومة الإغراء وکبح الدوافع وتأخیر الإشباع، وأن یتحکم فى رغباته وعاداته حتى وإن لم توجد رقابة خارجیة، کما أنه یساعد على تنظیم الأفکار والسلوکیات بطریقة تشعر الفرد أنه یعرف الصواب ویفعله، وهو یمکِّن الأفراد من تنظیم سلوکهم والوعى بالتناقضات فى أفعالهم، ومقاومة الضغوط الداخلیة والخارجیة، ووقف الأفعال الخطأ من خلال إعطاء فرصة للفرد للتأنى والتفکیر فى العواقب المحتملة لها. ومن الأفعال الدالة على ضبط النفس: یتصرفون جیداً وإن لم یراقبهم أحد، یخططون لما یراد فعله أو اتباعه. ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال : تکوین نموذج للفرد، والتفکیر قبل العمل.

4-   الاحترام Respect : وهو إبداء اعتبار تجاه شخص أو شىء ما، وهو مکون یضغط علینا لمعاملة الآخرین باحترام، والاحترام شعور خاص یتضمن الاعتراف بما لبعض الأشخاص أو المثل العلیا من قیمة أخلاقیة، ومن معانى الاحترام : الامتناع عن التفریط فیما یجب القیام به فى حق القوانین أو الأشخاص أو الأشیاء، فیقال: احترام الإنسان، واحترام الحریات، واحترام الحقوق. والاحترام هو الفضیلة التى تقود الفرد لمعاملة الآخرین بالطریقة التى یرید هو أن یُعامل بها، وأن یحب لهم ما یحب لنفسه، وإشعار الآخرین بالأهمیة والجدارة من خلال معاملاتهم بطریقة تتضمن الود والتقدیر، وتنمیة الاحترام أمر حیوى لتنمیة المواطنة والعلاقات الرصینة بین الأشخاص، فهو حجر الأساس للوقایة من العنف والظلم والکراهیة، ومن المظاهر السلبیة لافتقاد فضیلة الاحترام ما یلى: التورط فى سلوکیات تفتقر للیاقة، وعدم احترام السلطة، والتعدى على القوانین، والفظاظة، والسوقیة، والترصد لهفوات الآخرین. ومن الأفعال الدالة على الاحترام: ینصتون دون مقاطعة، یحترمون الکبار، یهتمون بممتلکات الآخرین. ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال: العمل بشکل محترم، وإظهار الاحترام لصغار أو کبار السن.

5-   التسامح Telerance: وهو شعور عکس الانتقام حیث یضبط الإنسان الرغبة فى الانتقام ویستبدلها بعفو وصفح جمیل، وفیه یتم تقدیر الخصائص لدى الآخرین، والانفتاح على الآراء والمعتقدات، کما أنه محاولة إیجاد الخیر لدى الآخرین، ویعنى أیضاً تقبل التنوع، سواء کان هذا التنوع فى العرق أو الطبقة الاجتماعیة أو الاقتصادیة وفى المعتقدات والأدیان السماویة، کما حُدد کأحد القیم الثقافیة الأساسیة للمجتمع، والتى یجب أن یحرص التعلیم على تنمیتها فى أفراده من أجل الحصول على مواطنین جیدین ومجتمع صالح، والتسامح فضیلة أخلاقیة مهمة تساعد على تلاشى الکراهیة والعنف والحقد، ویتطلب هذا المکون الاحترام لکل من الکرامة الإنسانیة وحقوق الإنسان، ومراعاة وتفهم الفروق بین الأفراد. ومن الأفعال الدالة على التسامح: یتجنب المشارکة فى نشاطات تسخر من الآخرین، یرفض استثناء الآخر لأنه لا تجربة له فى أمر ما، یتجنب المحاباة والتحیز، یرفض البغضاء. ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال : تعلیم معنى التسامح، ورفض التعصب.

6-    العطف Kindness : یُعرف "العطف" فى المعجم الوجیز بالشفقة والرحمة، وعطف عطفاً: مال وانحنى، والعَطوف: الشدید العطف (مجمع اللغة العربیة، 2011، 423)، وهو شعور مرکب من الرحمة بین البشر والرعایة والرفق بالآخرین ومساعدتهم، ویتضح العطف فى القدرة على إبداء الاهتمام براحة الآخرین، وبالمشاعر غیر السعیدة لهم، ومساعدتهم فى محنهم، والشفقة علیهم، وتبین الجوانب الإیجابیة والمهمة فى حیاتهم، وتجنب أسالیب التحقیر والقسوة فى التعاملات، فهو یقوم على نوایا فعل الخیر بدلاً من الأذى. ومن الأفعال الدالة على العطف: یعرضون المساعدة لشخص محتاج، یهتمون بالشخص الحزین، یفکرون باحتیاجات الآخرین. ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال: تعلیم معنى اللطف وأثره الإیجابى، واللین مقابل القسوة.

7-   العدل Fairness: ویعنى به الإنصاف، وهو إعطاء الفرد ما له وأخذ ما علیه، وهو التعامل مع الآخرین بنزاهة قویمة، دونما تحیز فى المواقف المختلفة، وبحیث یصبح الفرد أکثر التزاماً بالقواعد وتبادل الأدوار، فهو یمنح الفرد الشجاعة للدفاع عن المظلومین، واعتبار الأفراد متساوین، فأساس العدالة المساواة، ومبدؤها التوسط بین طرفى الإفراط والتفریط، ویتطلب هذا المکون الأخلاقى أخذ الدور، والمشارکة، والتفاوض، والمساومة. وللعدالة باعتبارها فضیلة جانبان، أحدهما فردى والآخر اجتماعى، فإذا نُظر إلیها من جانبها الفردى دلت على هیئة راسخة فى النفس تصدر عنها الأفعال المطابقة للحق، وجوهرها الاعتدال، والتوازن، والامتناع عن القبح، والبعد عن الإخلال بالواجب، وإذا تم النظر إلیها من جانبها الاجتماعى دلت على احترام حقوق الآخرین، وعلى إعطاء کل ذى حق حقه، ومن المظاهر السلوکیة السلبیة الناتجة عن ضعف هذه الفضیلة التنافس، والجشع، وتکریس الثروة، وتشجیع مبدأ الفوز بأى ثمن. ومن الأفعال الدالة على العدل: یعملون بعدالة فى جمیع الأوقات والظروف، یستمعون إلى الأطراف قبل الحکم. ویمکن تنمیة هذا المکون من خلال: تعلیم معنى الشخص العادل، وما الذى یجعله کذلک.

ج- أهمیة العنایة بالذکاء الأخلاقى:

یحتاج المجتمع فى هذا العصر إلى تطویر فى البنیة الأخلاقیة لأبنائه خاصة للطلاب فى المراحل التعلیمیة المختلفة، نظراً لما تعانیه المجتمعات من تغیرات فکریة للمعتقدات وفهم خاطئ للحریات، ومن ثم ظهور الکثیر من مظاهر العنف والعدوان والتعدى والبذاءة فى الأقوال والأفعال، وانتشار الزیف، واختلاط الحق بالباطل، وکثرة الجرائم بمختلف أنواعها بل وبصور أبشع لم تکن مسبوقة من قبل؛ لذا أصبح الاهتمام بتنمیة الذکاء الأخلاقى ضرورة ملحة، وذلک لما للذکاء الأخلاقى من أهمیة تتمثل فیما یلى: (Borba, 2001) (Clarken, 2010, 4-5) (جمعة فرغلى، 2013، 80) (سماح إبراهیم، 2016، 102)

  • إکساب الطلاب العدید من المهارات الفکریة والحیاتیة مثل: حل المشکلات، واتخاذ القرار، والإقناع، والاتصال، والتعامل مع الضغوط، واحترام العمل، والموضوعیة، وتحمل المسئولیة.
  • التحلى بالفضائل الأخلاقیة والسلوک بموجبها، فیساعد على تفعیل الرقابة الذاتیة، والتحکم فى الانفعالات، والتفکیر فى عواقب الأمور، والصبر والتأنى عند مواجهة المشکلات، والتحلى بالتعاطف والتسامح والشعور بالطمأنینة.
  • یقوم بدور الضابط الذى یحدث التوازن بین الاهتمامات والمصالح الشخصیة ومصالح الآخرین، لتحقیق الصالح العام، ووضع الأمور فى موضعها الصحیح.
  • الفضائل السبعة للذکاء الأخلاقى تعد خصائص جیدة وأساسیة لإرشاد الأبناء طیلة حیاتهم ، وبناء شخصیات ذات خصائص تصمد أمام تقلبات الحیاة .
  • الحمایة ضد سموم المجتمع وانحرافاته الأخلاقیة، فالذکاء الأخلاقى یکون بمثابة مؤشر أخلاقى یوجه الأبناء، ویدعم اختیاراتهم الأخلاقیة المتفقة مع مبادئهم.
  • یدفع الذکاء الأخلاقى لتعلیم مهارات نقدیة للحیاة، ففضائله تحمى الطلاب فى عالم ملىء بالمتناقضات، فیساعد على حل الصراعات ومعرفة الصحیح من الخطأ، والسیطرة على الغضب والتحمل والتفاوض بإنصاف .
  • الذکاء الأخلاقى یعطى للفرد حصانة أخلاقیة، ومناعة ذاتیة، وقوة على مقاومة الغوایات والإغراءات الداخلیة والخارجیة التى سیتم مواجهتها حتماً فى هذا العصر.
  • تنمیة الذکاء الأخلاقى خطوة سابقة وضروریة لتحقیق الذکاء الاجتماعى، وضمان العلاقات الطیبة المتماسکة بین أفراد المجتمع، وتنمیة روح المواطنة الصالحة لدیهم.
  • العمل على منع العنف والقسوة بین الأفراد، وخاصة فى مرحلة المراهقة، تلک المرحلة التى یتخللها العدید من المشکلات التى تجعل المراهق غیر قادر على الشعور بالراحة، والتکیف النفسى والتعبیر عن ذاته، لذا فهو بحاجة إلى بناء نفسى، وشعوره بالأمن والرعایة والاحترام، وإشباع حاجاته، وتحقیق ذاته، وشعوره بتقدیر الآخرین، ویتحقق ذلک من خلال الذکاء الأخلاقى.
  • یعد الذکاء الأخلاقى الذکاء المرکزى للأفراد، فهو الموجه للأنواع الأخرى من الذکاءات لفعل الأشیاء المجدیة، وبدونه سیقدم الأفراد على القیام بأشیاء وتجربة أحداث، ولکنها تفتقر إلى المعنى، فبالذکاء الأخلاقى یعرف الفرد لماذا یفعل ما یقوم به .

ونظراً لأهمیة الذکاء الأخلاقى فقد تناولته البحوث والدراسات بالبحث والدراسة وأکدت أهمیته وسعت إلى تنمیة فضائله، ومنها: بحث (سالى قاسم، 2010) والذى استهدف بناء برنامج إرشادى لتنمیة الذکاء الأخلاقى لدى طلاب کلیة التربیة، وبحث (هبة عبد الحمید، 2012) وقد أثبت دور الإرشاد المعرفى السلوکى فى تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى المراهقین الصم، وبحث (مها شعیب، 2012) والذى استهدف تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى عینة من الأطفال من خلال برنامج مقترح، وأثبت تأثیر الذکاء الأخلاقى على تحقیق التوافق النفسى وتقدیر الذات والسلوک العدوانى لدى الأطفال، ودراسة (جمعة فرغلى، 2013) والتى أثبتت وجود علاقة ارتباطیة دالة بین الذکاء الأخلاقى والصحة النفسیة لدى المراهقین، کما أثبتت دراسة (محمد البحیرى وزینب الشیشینى وزهوة حجاج، 2013) وجود ارتباط موجب بین الذکاء الأخلاقى وکل من المهارات الاجتماعیة، والتفاعل الاجتماعى الإیجابى مع الآخرین، وأنماط السلوکیات اللفظیة وغیر اللفظیة، والاستقلالیة لدى المراهقین المکفوفین، وأکدت دراسة (مسعد صالح، 2014) وجود علاقة بین الذکاء الأخلاقى بأبعاده المختلفة وأبعاد تقدیر الذات والتحصیل الدراسى للطلاب، کما أثبتت دراسة (Faramarzi et al., 2014)  أن الذکاء الأخلاقى یسهم فى التنبؤ بمشاکل الصحة النفسیة لدى طلاب الرعایة الصحیة، واستهدف بحث (إیمان عصفور، 2014) تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى الطالبة المعلمة من خلال إعداد برنامج فى التربیة بالحب قائم على مبادئ المدخل الإنسانى، وأثبتت دراسة (Olusola & Ajayi, 2015)  أن الذکاء الأخلاقى یعزز من إدراک طلاب المرحلة الثانویة للممارسات السلوکیة الخطأ فى المجتمع وصنع القرار الصحیح تجاهها، وکشفت دراسة (سماح إبراهیم، 2016) عن وجود تأثیر للذکاء الأخلاقى وأبعاده المختلفة على أبعاد الحکمة، والمتمثلة فى قدرة الفرد على إدارة أمور الحیاة بشکل هادف فى سیاق اجتماعى وأخلاقى، کما استهدف بحث (شیماء حامد، 2016) تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى طلاب کلیة التربیة من خلال إعداد برنامج إلکترونى قائم على القصص القرآنى.

د- أسس تنمیة الذکاء الأخلاقى:

حتى یستهدف المعلم تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى الطلاب بصورة علمیة صحیحة علیه أن یسترشد بمجموعة الأسس والمبادئ التى یمکن تلخیصها فیما یلى: (Chua & Crawford, 2000) (Borba, 2003)

1-   تدریب الطلاب فى أثناء التدریس على اتخاذ القرارات القائمة على مبادئ أخلاقیة، وتحمل مسئولیتها.

2-   تنمیة الوعى الأخلاقى لدى الطلاب باستخدام طرائق وأسالیب تدریس متنوعة، مثل: أسلوب القص، والتفسیر، والنمذجة، والمعضلات الخلقیة، والمناقشات.

3-   مساعدة الطلاب على اکتساب الفضائل الخلقیة طوال الوقت، ویمکن تحقیق ذلک من خلال: (استخدام لغة التحاور الإیجابى، واستخدام العطف عندما یخفق الطلاب فى شىء لتشجیعهم على تجاوز ما أخفقوا فیه والمضى فى طریق التقدم، وبث الثقة فى نفوسهم ومساعدتهم على النجاح).

4-   تکوین الحس الأخلاقى لدى الطلاب من خلال توضیح المعاییر والقیم الخلقیة، وتفسیر الأسباب والمبررات العقلیة للاختیارات الخلقیة.

5-   الاهتمام بالمصطلحات الوجدانیة التى تعزز الإحساس بمشاعر الآخرین، والتعاطف مع وجهات نظرهم.

6-   تکوین عادات تساعد الطلاب على التفکیر والسلوک بطرق أخلاقیة مناسبة.

7-   ضرورة أن یکون المعلمون نموذجاً یحتذى به فى ضبط الذات.

8-   استخدام المعلمین أسالیب مختلفة لإثارة دافعیة الطلاب، ومراعاة التعامل معهم بطرق عادلة تتمیز بالاحترام والتقدیر.

وقد استفادت الباحثة من هذا العنصر فى تحدید الأبعاد التى یتم فى ضوئها بناء مقیاس الذکاء الأخلاقى ، وهى : التعاطف، والضمیر، والضبط الذاتى، والاحترام، والتسامح، والعدل. وقد تم الاقتصار على هذه الأبعاد الستة، وعدم تخصیص بُعد سابع (للعطف) نظراً للتداخل الکبیر فى المعنى والهدف بین العطف والتعاطف، وباعتبار أن التعاطف یشمل العطف، کما توصلت إلى الأسس الفلسفیة المرتبطة بطبیعة الذکاء الأخلاقى وتنمیة فضائله، والتى یجب مراعاتها عند بناء النموذج المقترح .

 

ثالثاً : مدخل التحلیل الأخلاقى، وتوظیفه فى العملیة التعلیمیة.

إذا کان البحث یستهدف تنمیة مهارات القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى من خلال نموذج مقترح قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى؛ فاستکمالاً لتناول متغیرات البحث سیعرض هذا العنصر مدخل التحلیل الأخلاقى من حیث تعریفه وأهم ملامحه، وأهدافه، ومبادئه، وأهمیته فى مجال التعلیم، وإجراءات التدریس وفقاً له، ودور کل من الطالب والمعلم عند توظیفه، وعلاقته بکل من القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى.

وفیما یلى عرض مفصل لمحتویات هذا العنصر .

أ- التعریف، وأهم الملامح :

یعد مدخل التحلیل الأخلاقى من الاتجاهات التربویة التى تنادى بها التربیة الحدیثة، وقد ظهر نتیجة الطفرات الواسعة فى المجالات العلمیة والتکنولوجیة المتنوعة، والتى ألقت بظلالها على مختلف جوانب الحیاة، وأخذ کل من یتابع ذلک یتنبأ بالتأثیرات العلمیة والاجتماعیة والأخلاقیة بل والسیاسیة التى ستحدثها، وقد کان طبیعیاً أن تستثیر هذه المستحدثات والتطبیقات وما ترتب علیها من قضایا ومشکلات أخلاقیة وقانونیة وشرعیة حفیظة الخبراء والمتخصصین فى مجالات عدیدة سواء على المستوى المحلى أو الدولى، وتشکلت منظمات وهیئات تحتضن هذه القضایا، کل منها تدافع عن وجهة نظرها بین مؤید ومعارض، وکان من اللازم أن یعنى میدان التربیة بهذه القضایا، ویسعى إلى تعریف الدارسین بها، خاصة ما یرتبط منها بحیاتهم واهتماماتهم، ومساعدتهم على المشارکة فى فهمها، وتنمیة القیم الشخصیة والاجتماعیة والأخلاقیة المتعلقة بها, وإکسابهم مهارة الحکم علیها واتخاذ القرارات المناسبة حولها .

وفى ضوء ذلک فرض البحث والتحلیل الأخلاقى نفسه مطلباً علمیاً وتربویاً وحضاریاً، وشکَّل هذا المطلب منطلقاً للدراسات المختلفة، وهو یبحث فیما یجب أن یکون، وفیما هو کائن على المستوى القیمى والأخلاقى فى المجتمع الإنسانى، وقد تشکل هذا العلم تحت تأثیر الاحتیاجات الأخلاقیة المتنامیة للمجتمع، حیث یقوم على دراسة الأنظمة الأخلاقیة والفضائل والقیم المتعلقة بالقضایا والموضوعات المختلفة، کما یقوم على دراسة أفعال الإنسان تجاه هذه القضایا من حیث اتصافها بالفضیلة والرذیلة أو من حیث انسجامها مع الضمیر الأخلاقى للمجتمع (على وطفة، 2013، 92-93).

  ویعرَّف المدخل التدریسى بأنه: تصور یقترن فیه الجانب الفکرى النظرى بالتطبیق العملى، ویستند ذلک التصور إلى دعائم مختارة من روافد شتى، تستوجب تعدد المفردات التى یتألف منها المدخل، ولکنها جمیعاً تتناسج وتتلاحم وتتناغم فى سیاق الموقف التعلیمى مرجحة احتمال نجاح المدخل. فهو – إذن – مرکب یتألف من أبعاد ثلاثة بینها تأثیرات متبادلة، هى :

أ‌-      تصور واضح لبنیة ما یراد تعلمه وتعلیمه .

ب‌-   معرفة کافیة بالبنیة العقلیة والوجدانیة للمتعلمین .

ج- تصور واضح للطرق والأعمال والإجراءات التى ینهض بها المتعلمون والمعلم فى سیاق المواقف الطبیعیة، شریطة أن تنسجم مع البعدین السابقین؛ لتحقیق التعلم الذى هو غایة التعلیم ( صفاء محمود، 2008 ، 65 ).

وعلى ذلک یمکن القول بأن المدخل التدریسى یتضمن التصورات والافتراضات التى تنبثق من مصادر مختلفة لتکون الهیکل العام للموقف التعلیمى، وترتبط بکل من المادة التعلیمیة، والمتعلم، وما یرتبط بعملیة التعلیم والتعلم من إجراءات وتطبیقات .

والتحلیل بمعنى عام هو: تلک العملیة التى تهدف إلى فک الکل إلى أجزائه، أو بمعنى آخر فک القضایا المرکبة إلى قضایا بسیطة، کما یعرف بأنه: قدرة الفرد على الفحص المدقق لمادة علمیة ما وتجزئتها إلى عناصرها، وتحدید ما بینها من علاقات، وفهم البناء التنظیمى لها، کما أنه یشمل قدرة الفرد على تجزئة مشکلة ما إلى مرکباتها وعناصرها للتمییز بین المعلومات التى لها علاقة بها (حسن شحاته وزینب النجار، 2003، 90).

والتحلیل الأخلاقى یعرف بأنه: شکل من أشکال التحلیل المنطقى لتحدید التصرف الصائب والخطأ، کما أنه یعتمد على التبریرات والحجج التى تبرر لوجهة نظر ما یمیل الناس إلى تقبلها. (لیزل وآخرون، 2004، 372)

وفیما یتعلق بالتحلیل الأخلاقى کمدخل للتدریس فقد عرفته (منال خلیل، 2006، 62) بأنه: تتابع منظم من الأحداث والسلوکیات التى تشکل خبرات مناسبة فى المواقف التعلیمیة، ویتم من خلالها عرض المعلومات مع الاهتمام بتناول الأبعاد الاجتماعیة والسیاسیة والأخلاقیة حول الفرضیات الأخلاقیة، مع السعى إلى تحقیق فهم وتفسیر وتحلیل القیم التى تؤهل المتعلم للتعامل مع القضایا الأخلاقیة.

وعرفه (أحمد أبو شاهین، 2012، 27) بأنه: تتابعات تدریسیة منظمة یتم من خلالها تناول القضیة مع الاهتمام بجوانبها العلمیة والاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة والأخلاقیة المختلفة، ویستند فى معالجته للقضیة المطروحة لمجموعة من المعاییر والقیم الأخلاقیة.

فى حین عرفت (إیناس الملاح، 2014، 41) التحلیل الأخلاقى کمدخل للتدریس بأنه: مجموعة إجراءات یتبعها المعلم بغرض تحقیق مجموعة من الأهداف التعلیمیة، بطریقة تتطلب مزیداً من التفکیر العلمى.

کما یُعرف مدخل التحلیل الأخلاقى بأنه: أحد المداخل التدریسیة المناسبة لتعلیم المستحدثات العلمیة والقضایا الاجتماعیة التى تحمل مضامین ومعضلات أخلاقیة، وتتطلب اتخاذ مواقف شخصیة أخلاقیة تجاه المتناقضات أو الجدلیات الناجمة عند التعامل معها (Hill, 2004, 137).

وعلیه یمکن تعریف مدخل التحلیل الأخلاقى بأنه: التصورات والافتراضات التى تشکل الموقف التعلیمى وإجراءاته، ویتم من خلاله تناول القضایا الأخلاقیة بالدراسة من خلال تحلیلها وتفکیکها إلى جزئیاتها وعناصرها المختلفة، وفهم بنائها التنظیمى، والتمییز بین المعلومات التى ترتبط بها، وتعرف  الآراء المتعلقة بها سواء بالتأیید أو المعارضة، وفحص الحجج والتبریرات التى تدعم أو تدحض الآراء المطروحة حول القضیة المثارة، والاستناد فى ذلک إلى التفکیر العلمى وإجراءاته التنظیمیة، مع مراعاة المعاییر والاعتبارات الأخلاقیة.

وفى ضوء ما سبق یتبین أن عملیة التحلیل الأخلاقى تتطلب فى جوهرها معضلة أخلاقیة، أو موقفاً مشکلاً أخلاقیاً، وتعرف المعضلة الأخلاقیة بأنها موقف یثیر مسائل وآراء أخلاقیة ویتضمن صراعات وتوجهات مختلفة، ویمکن أن یخرق هذا الموقف أساساً من الأسس الأخلاقیة کالاحترام أو الاستقلالیة أو العدل... إلخ، وترتبط تلک المواقف بعدد من المجالات الأخلاقیة، أهمها: القضایا التى تشتمل علیها فکرة حقوق الإنسان، القضایا التى ترتبط بمبادئ العدالة والمساواة، القضایا التى ترتبط بسلامة الإنسان ورفاهیته، القضایا المرتبطة بالحفاظ على النسل البشرى ( إسلام عبدالحلیم، 2007، ص157) (إیناس الملاح، 2014، 37).

وقد حدد (محمد الشهرى، 2009، 93) بعض الصفات التى یجب أن تمیز المشکلات والقضایا عند دراستها باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى، وتمثلت فى:

-      أن تکون المشکلات مستمدة من الحیاة الواقعیة للمجتمع المعاصر.

-      أن تکون مفتوحة (جدلیة) ، بمعنى ألا یوجد لها إجابة واضحة ومتفق علیها.

-      أن تکون ذات مغزى أخلاقى.

-      أن تکون بسیطة غیر معقدة.

-      أن تتعرض لمختلف الحلول وتطرح العدید من الأسئلة.

وبناءً على ذلک یکون مدخل التحلیل الأخلاقى مناسباً لتدریس القضایا الجدلیة، وهذا ما أوصت به بعض البحوث، وأکدت علیه من خلال ما توصلت إلیه من نتائج، ومن هذه البحوث : (محمد الشهرى، 2009) (Quinn, 2012) (تهانى محمد، 2013) (Williams, 2013) (إیناس الملاح، 2014).

وقد یکون أحد الأسباب التى دعت الباحثین إلى اعتبار مدخل التحلیل الأخلاقى من المداخل المناسبة لتدریس القضایا الجدلیة هو التزامه بالخطاب المنطقى، الذى یبتعد عن العاطفة والمشاعر التى قد تؤثر على آراء المتعلم وقراراته حول قضیة أخلاقیة ما، وهو ما أشار إلیه (لیزل وآخرون، 2004، 372) من أن الأخلاقیات شکل من أشکال التحلیل المنطقى لتحدید التصرف الصائب والخطأ، وذلک من خلال تفحص ودعم الافتراضات حول القضیة، ودعم التفسیرات أو الفروض المقترحة وهو ما یسمى بالتبریر والذى بدونه تفشل عملیة التحلیل الأخلاقى، کما أن الحجج التى تبرر وجهة نظر ما یمکن أن یقبلها أى شخص عاقل بغض النظر عن اعتقاداته الخاصة.

 وهذا ما أکدته أیضاً (Hill, 2004, 138-143) من أن مدخل التحلیل الأخلاقى یُغلِّب جانب المنطق على جانب المشاعر والتوجهات الشخصیة الأخرى، وأن أساسه النظرى یقوم على التفکیر المنطقى والتفکیر الناقد والاستقصاء العلمى لدى المتعلمین.

ویوفر مدخل التحلیل الأخلاقى أشکالاً متعددة من طرائق التدریس لعرض وتقدیم المعلومات تتناسب وطبیعة القضایا المتعلمة التى تسهم فى استخدام المتعلم لمهارات التفکیر العلمى من خلال عملیات التعلم، وتتیح تنظیم المعلومات فى علاقات تسهل الربط بین العناصر المتعلمة، وإدخالها فى بناء معرفى أکبر کما فى طرائق : دراسة الحالة، حل المشکلات، التعلم التعاونى، العصف الذهنى، التعلم بالعمل، المواقف المحیرة، استخدام المخططات، المحاکاة وتمثیل الأدوار (منال خلیل، 2006، 62-63).

ب- أهداف ومبادئ مدخل التحلیل الأخلاقى فى التعلیم :

یستهدف التحلیل الأخلاقى فى العملیة التعلیمیة إکساب المتعلمین ما یلى: (إسلام عبدالحلیم، 2005، 163)

-        معرفة علمیة للأحکام الأخلاقیة العاقلة، والأدوار والقیم الاجتماعیة، والقیم العلمیة.

-        اتجاهات واعیة وتلقائیة لکى یفکر المتعلم ویحکم بشکل أخلاقى، ویتصرف طبقاً للأحکام الأخلاقیة، مثل: التفتح الذهنى، والأمانة، والتروى قبل إصدار الأحکام، والمبادأة، واحترام کرامة البشر.

-        خبرات عاطفیة لالتزام الأحکام الأخلاقیة العقلانیة التى تسهل السلوک الأخلاقى وترَّغب فیه.

-        القدرة على تحلیل المواقف والتفکیر العلمى؛ للتمکن من بناء التعلم ذى المعنى.

-        التهیئة للتعامل مع الثورة المعرفیة وما تحمله فى طیاتها من مشکلات وقضایا علمیة واجتماعیة وأخلاقیة متعددة.

-        القدرة على اتخاذ القرار، وتکوین الأحکام القیمیة.

-        دعم مهارات الاتصال والتعاون، للوصول إلى حکم قیمى عام حول القضایا الأخلاقیة.

ویستند مدخل التحلیل الأخلاقى إلى النظریة البنائیة والتطورات والمستحدثات التربویة من ناحیة، والثورات المعرفیة من ناحیة أخرى، ویقوم مدخل التحلیل الأخلاقى على عدة مبادئ أساسیة اتضحت من الأدبیات التى تناولته، ویمکن تلخیصها فى الآتى : (أحمد أبو شاهین ، 2012، 29-31) (منال خلیل، 2006، 147) (Collmann & Matei, 2016, 119-123)

-        توفیر خبرات متعددة تساعد المتعلم على توظیف ما لدیه من بنیة معرفیة فى تناول المعلومات الجدیدة وبناء المعرفة؛ بما یمکِّنه من تعدیل الارتباطات بین المعلومات، وإضافة المعلومات الجدیدة فى نسقه المعرفى.

-        تنوع الخبرات، حیث یشکل مدخل التحلیل الأخلاقى خبرات متنوعة للمتعلم سعیاً لتحقیق تکامل الخبرة ومقابلة ما بین المتعلمین من فروق فریة، وذلک من خلال استخدام طرائق تدریسیة متنوعة تعنى بالکیف قدر عنایتها بالکم.

-        تحقیق التعلم ذى المعنى والتعلم للاستخدام، حیث یتم تحدید الأهداف وصیاغتها فى ضوء خصائص المتعلم وطبیعة المحتوى العلمى، کما یتم عرض المعلومات فى سیاق واقعى.

-        أن تکون القضایا المطروحة للنقاش متناسبة مع الوقت اللازم لتدریسها، فالمناقشات والتحلیل وجمع الآراء المؤیدة والمناهضة لقضیة ما تتطلب وقتاً مناسبا لتحقیقها.

-        حیث إن التحلیل الأخلاقى للمشکلات لیس بالعملیة السهلة، والطلاب یجدون أنفسهم معنیین بدراسة مشکلة غیر مألوفة لدیهم والتى تتطلب منهم أن یناقشوا بدائل لحل هذه المشکلة تبدوا جمیعها مقبولة ومنطقیة، فیجب على المعلم أن یقدم المعلومات المرتبطة بالقضایا بطریقة متوازنة، ویجب أن یفهم الطلاب جمیع المبادئ والمعاییر فى أى قضیة قبل أن تتخذ الآراء أو القرارارت بشأنها.

-        تحدید المعاییر التى تساعد المتعلم على فهم ومناقشة وتقییم القضایا، وما یقبله ومالا یقبله، وذلک فى ضوء قیم مجتمعه وأعرافه وتقالیده، وهذا یتطلب مراعاة ما یلى: طبیعة المعرفة وما تثیره فى المجتمع من قضایا أخلاقیة ومترتباتها المختلفة، الضوابط الأخلاقیة والدینیة التى تحکم سلوک المتعلمین، طبیعة النمو الأخلاقى للمتعلمین ومراحله، مناقشة القضایا دون تکلف أو افتعال.

-        یؤکد مدخل التحلیل الأخلاقى على الإیجابیة والمشارکة الفعالة للمتعلم فى المواقف التعلیمیة، بما یهیئ فرصاً أفضل للتعلم، ویسعى إلى تحقیق ذلک بدءاً من دراسة خصائص المتعلم والمحتوى العلمى لتحدید أهداف التعلیم وتصمیم الأنشطة التعلیمیة، وانتهاءً بالتقویم.

-        تنویع أسالیب التعلیم ما بین مفرد وجماعى وفى مجموعات صغیرة؛ بهدف زیادة إیجابیة المتعلم وإثارة دافعیته للتعلم.

-        تربیة الطلاب أخلاقیاً من خلال الاکتشاف بالخبرة والمحاولة والخطأ والحوار الصریح، وتشجیع الطلاب على الوصول إلى الاستنتاج والقرار الأخلاقى بحریة واستقلال.

ج- أهمیة مدخل التحلیل الأخلاقى فى مجال التعلیم :

تتحدد القیمة التربویة لمدخل التحلیل الأخلاقى کأحد المداخل التدریسیة التى تسهم فى تناول وعرض ومناقشة القضایا ذات الطبیعة الجدلیة فى تمکین المتعلمین من التفاعل مع الخبرات التربویة بفاعلیة وإیجابیة، بما یحقق لدیهم عدداً من المزایا یمکن عرض أهمها فیما یلى: (إسلام عبدالحلیم، 2007، ص 157) (أحمد أبو شاهین، 2012، 33-35) (Hill, 2004, 141-142)  (Collmann & Matei, 2016, 118)

-        یساعد الطلاب لیصبحوا على وعى بالضمیر الناقد، حیث یمکنهم من طرح وجهات نظرهم الأخلاقیة مع تبریرها من خلال نقاش جماعى عام.

-        مساعدة الطلاب للتعمق فى آرائهم الشخصیة لتحدید القیم والمبادئ التى یتم الاستناد إلیها عند عرض أحکامهم المختلفة.

-        تسلیح الطلاب بمهارات التفکیر الناقد واتخاذ القرار لمناقشة القضایا الجدلیة فى المجتمع.

-        مساعدة الطلاب على بناء نظام قیمى أخلاقى، یمکنهم من صناعة قرارات شخصیة حول القضایا التى یحتمل أن تؤثر فیهم.

-        تنمیة الاتجاهات والقیم الاجتماعیة، والعلمیة، والأخلاقیة، والجمالیة التى تسمو بالفرد والمجتمع.

-        إکساب الطلاب نماذج وأسالیب متنوعة من التفکیر تساعدهم على صیاغة خیارات شخصیة حول القضیة عن طریق استیضاح القیم الأخلاقیة وتقییم ودراسة عواقب ونتائج اختیاراتهم.

-        تحقیق التعلم ذى المعنى، والاهتمام بتوظیف واستخدم ما یتم تعلمه .

-        تفسیر أسباب القضایا المطروحة للنقاش عن طریق المناقشة، والإقناع، وتقبل آراء الآخرین، ودقة الملاحظة، والاستناد إلى الدلیل، وتفنید الأدلة، والمرونة الذهنیة، وعدم التعصب والتریث فى إصدار الأحکام؛ بما یؤدى إلى تنمیة مهارات التفکیر لدى الطالب.

-        من خلال الأنشطة التى یتضمنها هذا المدخل یتم التدریب على الاختیار الحر والبحث الناقد فى البدائل، ودراسة النتائج المتوقعة أو البدائل المتاحة بطریقة علمیة وبتمعن فى نتائج کل بدیل، والتصرف بثبات وفقاً للاختیارات، کل هذا یعمل على تنمیة مهارات الملاحظة والتحلیل والنقد واتخاذ القرار لدى الطلاب.

-        تطویر المهارات الفردیة ومهارات الاتصال والتعاون من خلال العمل الجماعى، والتحول من التعلم التنافسى إلى التعلم التعاونى.

-        مقابلة الفروق الفردیة بین المتعلمین، من خلال تنوع الأنشطة والبدائل التعلیمیة التى تستخدم فى عرض وتوضیح المادة المتعلمة.

-        یثیر حماسة الطلاب للمادة العلمیة المقدمة لما یجدون فیها من تغلب على الملل والرتابة التى تواجههم فى أثناء الدروس الیومیة.

-        تنمیة المهارات الإدراکیة للمتعلم مما یزید من دافعیته للمزید من التعلم والإنجاز، ویؤدى إلى بناء نمو أعمق لتنظیمات المعرفة الأساسیة لدیه.

-        تنمیة الجوانب الوجدانیة للمتعلم من خلال التفاعل مع الخبرات والأنشطة التعلیمیة التى تتناول النسق القیمى والأخلاقى للموضوعات المتعلمة.

-       مساعدة الطلاب على تحمل المسئولیة فى حیاتهم، وذلک من خلال تدریبهم على عملیات التقییم فى صنع قراراتهم الخاصة.

فنجد أن مدخل التحلیل الأخلاقى لا یعنى فقط بتدریس المعلومات والمعارف المتصلة بالقضایا والمشکلات، ولکنه یواجه طموحاً أکثر یتمثل فى جانبین، الأول: إیقاظ الوعى الناقد للعوامل الکامنة وراء القضایا والمشکلات، والثانى تنمیة الاتجاهات والقیم والسلوکیات التى تحسن من طبیعة العلاقة بین الإنسان ومجتمعه.

وقد أشارت (منال خلیل، 2006، 65) إلى أن مدخل التحلیل الأخلاقى یتمیز بإنتاج مخرجات تعلیمیة متنوعة محورها کل من المتعلم والمحتوى العلمى ونواتج التعلم، وقد حددتها فیما یلى:

-        المتعلم: وتتمثل فى إثارة دافعیته للتعلم، وتحقیق الفاعلیة وتیسیر اتخاذ القرار لدیه، وتطویر قدرته على النقد والإبداع.

-        مادة التعلم، وتظهر فى: عرض المعلومات بطرائق متنوعة وفى قوالب إنتاج مختلفة کصور ثنائیة أو ثلاثیة الأبعاد، أو رسومات وتکوینات خطیة، أو رسوم متحرکة، أو مقاطع فیدیو، أو تعلیقات صوتیة، أو عرض غیر خطى للمعلومات، کما یتم تناول أبعاد الجانبین المهارى والوجدانى جنباً إلى جنب مع أبعاد المجال المعرفى.

-        نواتج التعلم، وذلک من خلال: بناء تعلم ذى معنى، وتطویر مهارات التفکیر العلمى والتفکیر الناقد، وتطویر مهارات العمل الفردى والجماعى.

وقد تناولت البحوث مدخل التحلیل الأخلاقى بالبحث والدراسة واستفادت منها الباحثة، ومن تلک البحوث: بحث (أحمد أبو شاهین، 2012) والذى استهدف تنمیة مهارات التفکیر الناقد وقیم المواطنة لدى طلاب المرحلة الإعدادیة باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى، وبحث (Gabali, 2002) والذى أثبت دور مدخل التحلیل الأخلاقى فى تدریب الطلاب على کتابة القضایا الأخلاقیة وزیادة الوعى الأخلاقى لدیهم، وبحث (Quinn, 2012) واستهدف توظیف التحلیل الأخلاقى للقضایا البیئیة لتنمیة التفکیر الناقد لدى الطلاب، وهدف بحث (Williams, 2013) إلى تنمیة السلوک الأخلاقى واتخاذ القرارات الأخلاقیة لدى طلاب المرحلة الثانویة من خلال تحلیلهم لبعض القضایا الأخلاقیة وتعرف آثارها المختلفة، وبحث (تهانى محمد، 2013) والذى استهدف تنمیة اتخاذ القرار وبعض مهارات التفکیر الأخلاقى لدى الطلاب المعلمین بکلیة التربیة من خلال وحدة مقترحة فى "الحرب البیولوجیة" باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى، کما سعى بحث (إیناس الملاح، 2014) إلى تنمیة المعتقدات المعرفیة البیولوجیة واتخاذ القرار الأخلاقى لدى طلاب کلیة التربیة من خلال برنامج قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا البیولوجیة الجدلیة، واستهدف بحث  (Artman, 2016)توظیف مدخل التحلیل الأخلاقى لتحلیل الموضوعات الخاصة بأفلام الرسوم المتحرکة للأطفال من أجل تشکیل السلوک الأخلاقى لدیهم.

د- إجراءات التدریس وفقاً لمدخل التحلیل الأخلاقى، ودور کل من الطالب والمعلم :

لقد تعددت آراء الخبراء والمتخصصین حول خطوات وإجراءات السیر فى التدریس باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى، فأشار (لیزل وآخرون، 2004، 373) إلى أن هناک أربعة عناصر أساسیة یقوم علیها التحلیل الأخلاقى لقضیة أخلاقیة ما عند تدریسها، وهى:

1-     التفسیر: وفیها یتم التعبیر بدقة ووضوح عن القضیة الأخلاقیة، وتعریف المصطلحات وتوضیحها واستخدامها بشکل ثابت.

2-     التحلیل: ویعنى بتحدید طبیعة الأسباب التى یقترحها الطالب کتبریر لوجهة نظره، وطبیعة الأسباب التى یتم اقتراحها تشمل العواقب السیئة أو العواقب الحمیدة، أو أى أسباب أخرى تتعلق ببعض القیم الأخلاقیة مثل قیمة العدل والمساواة أو المشروعیة أو احترام حقوق الفرد وآرائه.

3-     المجادلة: وتعنى تقدیم الأسباب التى تدعم أو تبرر وجهة نظر ما، واختبار صحتها وسلامتها ومصداقیتها، وذلک العنصر من التحلیل الأخلاقى یشتمل على عدة خطوات، هى:

v     تحدید المقدمات المنطقیة التى یتم تأکیدها دعماً للاستنتاج.

v     تفحص مبررات المقدمات المنطقیة، ولماذا یعتقد مقدموها أنها صحیحة.

v     التثبیت مما إذا کان الاستنتاج یتبع المقدمات فعلاً.

4- نقد التبریر: فى هذا العنصر یتم مراجعة العناصر الثلاثة السابقة، وذلک بتوجیه الأسئلة التالیة:

                                          أ‌-    هل الذى قدم التبریر واضحاً وثابتاً فى استخدامه للمصطلحات الأساسیة؟

                                        ب‌-  هل رکز مقدم التبریر على جمیع الاعتبارات الأخلاقیة ذات العلاقة؟

ج‌-   إلى أى مدى کانت حجة التبریر قویة، وقائمة على أساس عقلانى؟

ویوضح (Hill, 2004, 142-145)  أنه یمکن تدریس القضایا الاجتماعیة العلمیة باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى باتباع خطوات رئیسة تمثل الإجراءات التدریسیة لهذا المدخل، وهى:

1-   التوضیح أو التفسیر، ویشمل :

أ‌-      عرض القضیة على الطلاب مع طرحهم للخیارات (البدائل) التى تشجعهم على تفهم طبیعة القضیة، وکل الطرائق الممکنة لتناولها، وذلک من خلال النقاش المفتوح المرن.

ب‌-   تحدید المعاییر والأبعاد الأخلاقیة المناسبة للقضیة، والتى سوف یتم ملاحظتها عند التعامل مع القضیة، ویتم استخدامها لتعین الدارسین على الاختیار بین البدائل المختلفة، ومن تلک المعاییر: العدل، الخیر، الحقوق والواجبات، الضمیر... إلخ .

ج- تقدیم المعلومات المرتبطة بموضوع القضیة، وإدراک الطلاب لحدود تلک المعلومات ومدى کفایتها ومصداقیتها .

2-   التحلیل والنقاش: وفى هذه المرحلة یتم تحلیل القضیة وفهم جوانبها وإدراک ممیزات وعیوب کل بدیل، فیتم فیها الفحص المفصل والمنظم للخیارات التى تم تحدیدها من قبل الطلاب من خلال خطوتین أساسیتین هما: عملیات المسح لتحدید الفوائد والأضرار المتعلقة بالقضیة، ومقارنة الفوائد بالأضرار المرتبطة بموضوع القضیة.

3-   النقد واتخاذ القرار: وتشمل هذه المرحلة الاختیار بین البدائل لاتخاذ قرار معین بخصوص القضیة محل الدراسة، ومراجعة وتقییم القرار فى ضوء المعاییر والأبعاد الأخلاقیة، وفى ضوء ما یستجد من معلومات.

کما یشیر (Neal & Elliott, 2009, 8) إلى أن توظیف هذا المدخل فى تدریس القضایا العلمیة والاجتماعیة والأخلاقیة یتضمن الخطوات التالیة:

1-   تحدید القضیة ذات الأبعاد العلمیة، والاجتماعیة، والأخلاقیة، وتوضیح خلفیاتها ومضامینها المختلفة.

2-   جمع البیانات الملائمة حول القضیة، وتحلیلها، والتثبت من صدقها.

3-   الحکم فى القضیة من خلال إقامة جدل علمى أخلاقى حولها یوضح الفوائد والمضار.

4-   تأکید القیم والمبادئ العلمیة والاجتماعیة والأخلاقیة للقضیة المثارة.

5-   اتخاذ قرارات مناسبة بشأن القضیة، ومراجعة تأثیراتها المختلفة، والقیام بالتصرف المناسب، وتقویم نتائجه.

وحدد بحث(Quinn, 2012)  خطوات التدریس باستخدام التحلیل الأخلاقى فیما یلى:

1-   تحلیل القضیة بقصد التعرف على خلفیتها الثقافیة والاجتماعیة وأوجه الجدل حولها.

2-   ربط القضیة بالتوقعات المستقبلیة للدارسین، وتشجیعهم على تکوین آراء تنبئیة بمنطقیة وعقل متفتح.

3-   تحدید الأسس والرکائز العلمیة للموضوعات والقضایا ومضامینها الأخلاقیة الواقعیة والمستقبلیة، مع الاستعانة فى ذلک بالأدبیات التى تناولتها.

4-   التفکیر الناقد فى الإجابات أو الخیارات المتباینة للقضیة.

5-   التأکید على المعارف والمفاهیم والمبادئ والأخلاقیات التى تسهم فى تقییم وتوجیه التطبیقات المتعلقة بالقضیة فى إطار علمى اجتماعى أخلاقى.

وعرضت (إیناس الملاح، 2014، 45) مجموعة الخطوات المتوافقة ومدخل التحلیل الأخلاقى، وتمثلت فى:

1-   تشخیص القضیة الجدلیة، وتحدیدها تحدیداً دقیقاً مع الترکیز على تحدید المصطلحات المتعلقة بها وتعریفها.

2-   جمع المعلومات والحقائق عن القضیة محل التحلیل.

3-   تحدید مواطن الجدل والخلاف فى القضیة، کأن یکون جدلاً علمیاً، أو أخلاقیاً، أو دینیاً، أو اجتماعیاً، أو جمیع ما سبق.

4-   عمل مجادلة علمیة تقوم على ما یلى: تحدید الآراء المؤیدة والآراء المعارضة للقضیة (عنصر المجادلة)، وتحدید تبریرات کل من الطرفین المؤید والمعارض مع توضیح طبیعة الأسباب الداعمة لتلک التبریرات (عنصر التبریر)، ومناقشة ونقد التبریرات (عنصر نقد التبریر).

5-   اتخاذ القرار الأخلاقى المناسب.

وباستقراء ما طرحته الأدبیات والدراسات السابقة من إجراءات وعناصر للتحلیل الأخلاقى فى العملیة التدریسیة، نجد أنها ترکز على ما یلى:

v    اهتمام القائم بعملیة التحلیل الأخلاقى لقضیة ما بأن یحدد القضیة بدقة، وأن یتعرف جمیع المصطلحات والمفاهیم المرتبطة بها، وأن یعبر عنها بأسلوبه، وأن تکون هذه المفاهیم والمصطلحات ثابتة خلال عملیة التحلیل، وهذا یتطلب بالضرورة الحصول على المعلومات المرتبطة بالقضایا من مصادر معرفیة مختلفة وموثقة.

v    إن جوهر عملیة التحلیل الأخلاقى تکمن فى عمل مهارات التفکیر العلیا وخاصة النقد، والذى یساعد المحلل على تعزیز أو دحض رأى من الآراء حول القضیة الأخلاقیة.

v    الاهتمام بالجدل العلمى القائم على تقدیم المبررات المنطقیة التى تؤید أو تعارض أیاً من الآراء المطروحة.

v    إن عملیة التحلیل الأخلاقى لقضیة ما تحدث بعیداً عن الأهواء والآراء الشخصیة.

وفى ضوء ما سبق یمکن أن نحدد عدة أدوار للطالب فى ظل مدخل التحلیل الأخلاقى، تتمثل فیما یلى:

-        یبحث ویتقصى لجمع المعلومات والبیانات المتعلقة بالموضوعات والقضایا.

-        یشارک فى اتخاذ القرارات والتعبیر عن الرأى حیال القضایا المختلفة.

-        یتعلم بطرائق مختلفة سواء أذاتیاً کان أم متعاوناً مع أقرانه.

-        یحدد درجة تطابق المعلومات مع المواقف والقرارات الأخلاقیة.

-        یقیم علاقات تواصلیة صحیحة مع الآخرین تقوم على التعاطف والتقبل.

-        یشارک بفاعلیة فى الأنشطة التعلیمیة.

-        یتحمل النصیب الأکبر من مسئولیة التعلم.

کما تتعدد أدوار المعلم فى التدریس وفقاً لمدخل التحلیل الأخلاقى کما یلى:

(إسلام عبدالحلیم، 2007، 147-149) (أحمد أبو شاهین، 2012، 52-53) (Collmann & Matei, 2016, 127)،

-        تزوید الطلاب بالمعلومات اللازمة لفهم واستیعاب جوانب القضایا الأخلاقیة وما غمض علیهم.

-        تدعیم ومساعدة الطلاب فى محاولة فهم الموضوعات بأنفسهم.

-        تحدید الأسئلة المرتبطة بموضوع المناقشة.

-        منح الطلاب فرصة للتفکیر الناقد والتأمل بطریقة فردیة فى القضیة قبل طرحها للنقاش العام أو فى مجموعات صغیرة.

-        توفیر بیئة إیجابیة ومناخ مفتوح یشجع الطلاب على النقاش والجدل الموضوعى دون التقلیل من فکر أو سخریة من رأى، فالترکیز یکون على مهارات النقد والتفکیر ولیس ما یعتقد المعلم أنه صحیح أخلاقیاً.

-        تیسیر وتنظیم تبادل الطلاب لوجهات نظرهم وآرائهم، وتشجیعهم على تبادل الأفکار واکتساب المهارات اللازمة للمناقشة الموضوعیة للرؤى والأفکار المتعددة والمتباینة بقدر من الهدوء والتسامح، وأدب الاختلاف.

-        یستمع إلى الطلاب بفهم وتعاطف ویحترم وجهات نظرهم، ویوفر مناخاً یقوم على الأمان والتدعیم والقبول وعدم التهدید.

-        یشجع الطلاب على طرح وجهات نظرهم الخاصة حول القضایا المعروضة، مع إمعان النظر والتدبر فى وجهات نظر الآخرین البدیلة.

-        یبقى المعلم محایداً فى القضیة محل الجدال، ویصبح غیر حیادى فى حال ضعف النقاش ووجهات النظر والآراء من قبل الطلاب، فیؤید رأیا دون آخر مما یثیر الطلاب ویحفزهم على النقاش.

ه- العلاقة بین التحلیل الأخلاقى وکل من القراءة الناقدة، والذکاء الأخلاقى :

فى ضوء العرض السابق لطبیعة وفلسفة مدخل التحلیل الأخلاقى نجد أنه لا یتوقف عند مجرد الاهتمام بتدریس المعلومات والمعارف المتصلة بالقضایا والمشکلات الأخلاقیة فحسب، ولکنه یسعى إلى تنمیة التفکیر الناقد فیما یتعلق بتلک القضایا فضلاً عن تنمیة الاتجاهات والقیم والفضائل الأخلاقیة المرتبطة بها، وذلک من خلال حفزه للطلاب على الملاحظة العلمیة والنقد والتمییز، وتبین الصواب من الخطأ، وإدراک الثغرات، وتحکیم العقل والضمیر للتوصل إلى حلول ورأى نهائى تجاه تلک القضایا یعلو بالمصلحة العامة للأفراد والمجتمع وینحى المصالح الشخصیة جانباً.

فالتحلیل الأخلاقى للقضایا الجدلیة الأخلاقیة یمثل مثیراً حقیقیاً لتفتق الذهن وبزوغ مهارات القراءة الناقدة عند دراسة تلک القضایا والتعامل مع محتواها، فالطالب فى سعیه لتحقیق مهارات القراءة الناقدة فى الموضوعات الجدلیة من خلال تحلیل القضیة المدروسة یسعى إلى التمییز بین الأفکار، ویفرق بین الحقائق التى یمکن إثباتها والادعاءات أو المزاعم القیمیة، ویحدد مدى سلامة المعلومات، ویتعرف المغالطات غیر المنطقیة، ویتخذ قراراً بشأن الموضوع الذى یدرسه، بالإضافة إلى ما یقوم به من طرح أسئلة ذاتیة حول ما یدرسه، والرجوع إلى الکتاب أو المادة العلمیة إذا لم ینجح فى الإجابة عن أسئلته، وتلخیص ما تعلمه من أفکار ومفاهیم وآراء داخل النص المقروء.

کما یمکِّن التحلیل الأخلاقى للموضوعات الجدلیة المقروءة الطالب من التکیف مع المواقف الجدیدة والمعقدة، وتقویم الواقع وتجدیده وإثرائه فى ضوء ما یتم قراءته، ومعرفة المعانى الحقیقیة للمفاهیم، والحکم على درجة مصداقیة المحتوى المقروء، وإدراک الصواب من الخطأ فى الفکر والقول والعمل، وإدراک التباین والتناقض، وهذا یتحقق من خلال الملاحظة المتعمقة والفحص والتقصى والمجادلة التى تفرضها طبیعة هذا المدخل وإجراءاته.

والتحلیل الأخلاقى للمقروء أیضاً یسهم فى تمکین الدارسین من إصدار أحکام موثوق فیها ، والمیل إلى نقد آراء الآخرین، وعدم مجاراة الأخطاء الشائعة، أى أنه یبحث عن الحقیقة، ویمکِّن الطالب من بناء أحکامه على الأدلة والشواهد، ویبحث فى وجهات النظر المتعددة، ویستطیع ملاحظة الأخطاء، والتعرف على سلامة الحجج، وبالتالى یمکن أن تنمو من خلال ذلک مهارات القراءة الناقدة.

کما أن التحلیل الأخلاقى یساعد الطلاب على التعامل مع الحیاة بطریقة أکثر براعة، ومع کافة جوانب الحیاة، فمن خلال الأنشطة التى یتضمنها هذا المدخل یتم التدریب على الاختیار الحر والبحث الناقد فى البدائل، ودراسة النتائج المتوقعة أو البدائل المتاحة بطریقة علمیة، وبتمعن فى نتائج کل بدیل، والتصرف وفقاً للاختیارات التى ترتبط بما یتم تقدیره والاعتزاز به من فضائل وقیم أخلاقیة، والتعامل باستمرار وبثبات وفقاً لهذه الاختیارات؛ وهذا ما یدعم تنمیة الذکاء الأخلاقى.

وإذا کانت القراءة الناقدة للمحتویات الأخلاقیة وتوظیف التفکیر الناقد من خلالها یشتمل على التفکیر حول ماذا نفعل؟ وماذا نعتقد؟، فإن هذا التفکیر یشمل أیضاً معتقدات أخلاقیة تحدد الصواب من الخطأ، فکل من القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى یتطلب تحلیل القضیة، وترکیب وجهات نظر مختلفة وأجزاء من المعلومات مع بعضها البعض وتقییم المخرجات، وهذا یؤکد العلاقة بین القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى، فعندما یتعمق الطلاب فى المحتوى الأخلاقى ویوظفون من خلاله مهارات النقد فلیس المطلوب منهم فقط التعبیر عن آرائهم أو الإدلاء بالقرار النهائى الذى یتخذونه، ولکنهم أیضاً یعطون أسباباً لسلوکهم المتوقع، ویوضحون الخلفیة الفکریة والثقافیة لافتراضاتهم، بما یبرز الذکاء الأخلاقى لدیهم.

کما أن ممارسة التفکیر الناقد یساعد الأفراد على مواجهة کل معوق یقف أمام تبنى الفرد لآراء جدیدة ونافعة، کما یساعد على عدم التسلیم السلبى بالآراء والتوجهات المتعلقة بالقضایا الأخلاقیة العامة الشائعة، وهذا معناه أن التفکیر الناقد یعصم الأفراد من الزلل والخطأ فى إصدار الأحکام الأخلاقیة.

وقد استفادت الباحثة من هذا العنصر فى تحدید الأسس الفلسفیة المرتبطة بمدخل التحلیل الأخلاقى، والتى یجب مراعاتها عند بناء النموذج التدریسى المقترح، کما توصلت إلى إجراءات التدریس التى یمکن الاسترشاد بها وتضمینها فى مراحل وخطوات النموذج.

ویعد ما سبق استعراضاً للإطار النظرى للبحث، ومن خلال تتبع هذا الإطار بعناصره الرئیسة والفرعیة، وبنظرة تحلیلیة لهذه العناصر؛ أمکن التوصل إلى ما یلى :

الأسس الفلسفیة للنموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الجدلیة؛ً لتنمیة مهارات القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاق  لدى طلاب الصف الأول الثانوى ، والتى یمکن إجمالها فى النقاط التالیة :

-        الحرص على تضمین خطوات التدریس إجراءات محددة تعمل على إثارة اهتمام الطلاب بالموضوع المقروء، وتنشیط المعارف والخبرات السابقة حوله، وربطها بما یتضمنه الموضوع من معلومات وأفکار وآراء... إلخ؛ ضماناً للتفاعل معه ومعایشته، دراسة وتفسیراً ونقداً.

-        المحتوى یجب أن یکون مبنیاً على قضایا أخلاقیة مستحدثة من الحیاة الواقعیة للمجتمع المعاصر والخبرات الخاصة بالطلاب، وتتناول مشکلة أو أکثر لها مغزى أخلاقى، وتکون المشکلات مفتوحة لیس لها إجابة واحدة واضحة موافق علیها، کما تعرض المشکلات لمختلف الحلول وتطرح تساؤلات.

-        أهمیة تحفیز الطلاب وتشجیعهم على المحاورة، وإبداء الرأى، وإصدار الأحکام، وتقویم المقروء من خلال أنشطة مثیرة تعمل کمثیرات للتعلم تجعلهم یستنتجون ویقارنون ویقوِّمون ما یتم قراءته، کما تساعدهم على التفاعل مع المقروء من جهة والتفاعل فیما بینهم من جهة أخرى، ویتم تقبل آرائهم مهما کانت لمساعدتهم على التفکیر الذى یصل بهم إلى آفاق رحبة حول النص القرائى.

-        تدریب الطلاب على مهارات الفهم المباشر لما یتضمنه الموضوع من أفکار ومعلومات وآراء قبل الشروع فى تحلیله وتقییمه، فیتم توجیههم إلى تحدید أفکار الموضوع، وتعرف معانیه المباشرة ودلالاته؛ لمساعدتهم على استخلاص الدلالات الضمنیة غیر المباشرة ، وکذا الأغراض والمرامى الخفیة للقضایا والسلوکیات الأخلاقیة المختلفة، وهذا یؤکد ضرورة تضمین الخطوات التدریسیة إجراءات محددة تهتم بمهارات الفهم المباشر للموضوع قبل إعمال مهارات النقد والفحص والتقییم له.

-        تصمیم نشاطات وتدریبات تتیح للطلاب تبادل وجهات النظر حول القضایا موضع القراءة، وعمل المناقشات، وإبراز أشکال المعارضة، أو التأیید، وتقدیر الرأى والرأى الآخر.

-        التأکید عل الجانب الأخلاقى للطالب باعتباره رکیزة أساسیة فى إعداد مواطن صالح، وذلک لمواجهة تحدیات العصر المختلفة، ومساعدته على تکوین عادات تمکِّنه على التفکیر والسلوک بطرق أخلاقیة مناسبة.

-        ضرورة إتاحة الفرصة للطلاب لمناقشة المواقف الأخلاقیة، وطرح أفکارهم وآرائهم ومشاعرهم تجاهها بحریة ودون خوف أو تهدید أو عقاب، ومناقشتها بصورة جادة، وعدم الخوف من النقد، وتأکید روح التعاطف والتسامح.

-        تشجیع الطلاب على المشارکة الفعَّالة، والعمل بطریقة فردیة وتعاونیة، وتدوین الملاحظات حول مهام القراءة الناقدة، فالطلاب الذین یقرأون ویکتبون ویتناقشون ویتفاعلون مع محتوى القضیة الجدلیة المقروءة بأسالیب مختلفة یصبحون غالباً مفکرین ناقدین.

-        ضرورة تضمین الخطوات التدریسیة عدداً من الإجراءات التى تساعد الطلاب على معالجة معلومات الموضوع المقروء من خلال توظیف مجموعة من الأسئلة الکاشفة، التى من شأنها المساعدة على إدراک الفروق والاختلافات الممیزة لمعلومات الموضوع، ومن ثم فهمها وتفسیرها.

-        أن یتضمن النموذج فرصاً تمکن الطالب من الوصول إلى المعرفة بصورة مستقلة، وتمکینه من التفاعل معها ونقدها وتوظیفها فى حل المشکلات الحالیة والمستقبلیة .

-        التنوع فى البیئة التعلیمیة التى تقوم على الود والتعاطف والتسامح ونبذ العنف والتعصب.

-       تکوین الحس الأخلاقى لدى الطلاب من خلال توضیح المعاییر والقیم والفضائل الأخلاقیة، وتشجیعهم على تفسیر الأسباب والمبررات العقلیة للاختیارات الأخلاقیة المختلفة، بالإضافة إلى تدریبهم على أداء بعض السلوکیات، مثل: تحمل مسؤولیة الأعمال ونتائجها، والاعتراف بالخطأ والفشل، وفعل الصواب، وقول الحقیقة دائماً، والالتزام بالوعود، والتجاوز عن الأخطاء دون تصلب بالرأى، والاعتناء بالآخرین، واحترامهم، والإحساس بمتاعبهم والاهتمام بها.

-        تنوع طرائق التدریس الموظفة بمراحل وإجراءات النموذج المقترح؛ بما یسهم فى تنوع الخبرات التعلیمیة ومراعاة الفروق الفردیة للطلاب وتنمیة الوعى الأخلاقى لدیهم، لتشمل : دراسة الحالة، حل المشکلات، التعلم التعاونى، العصف الذهنى، المواقف المحیرة، استخدام المخططات، تمثیل الأدوار.

-        تنویع الأنشطة المصاحبة والوسائط التعلیمیة، ویمکن أن تشمل هذه الأنشطة مقابلات ومناظرات تستخدم فیها الدراما التمثیلیة ولعب الأدوار وأسالیب المحاکاة، مع الترکیز على الأساس العلمى لأیة قضیة تُناقش.

-        المرونة فى تنفیذ وتطبیق مراحل النموذج وإجراءاته، بحیث یمکن تعدیل خطواته وإجراءاته وفقاً لما یُلاحظ من فروق فردیة بین الطلاب، وکذلک وفقاً للإمکانات المتاحة داخل الصف.

وبذلک تکون الإجابة قد تمت عن التساؤل الرابع من تساؤلات البحث .

إجراءات تنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى وفق النموذج التدریس القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى.

یتناول هذا العنصر عرضاً للإجراءات المتبعة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى، وفق النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى، وتضمنت تلک الإجراءات ما یلى :

أولاً: إعداد قائمة بمهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى . 

هدفت القائمة إلى تحدید مهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى؛ حتى یتسنى تنمیتها لدیهم من خلال النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى.

وتم استخلاص هذه المهارات وتحدیدها من مصادر عدیدة، منها: (الدراسات والبحوث السابقة المرتبطة بالقراءة الناقدة – الأدبیات التى تناولت طبیعة الفهم القرائى عامة والفهم الناقد بصفة خاصة – أهداف تعلیم القراءة بالمرحلة الثانویة – المستویات المعیاریة لتعلیم القراءة فى المرحلة الثانویة – طبیعة النمو العقلى والمعرفى لطلاب المرحلة الثانویة).

وتضمنت القائمة فى صورتها المبدئیة ثلاث مهارات رئیسة للقراءة الناقدة وهى مهارة التمییز، ومهارة تحلیل الإدعاءات، وأخیراً مهارة التقویم وإصدار الأحکام، وجاء تحت هذه المهارات سبع عشرة مهارة فرعیة، ولضبط القائمة وضعت فى صورتها المبدئیة فى شکل استبانة، وتم عرضها على عدد من السادة المحکمین المتخصصین فى المناهج وطرائق التدریس بالإضافة إلى خبراء المیدان من معلمى اللغة العربیة، وطلب من المحکمین إبداء الرأى حول القائمة من حیث: مدى اتساق المهارات الفرعیة مع المهارة الرئیسة، ومدى أهمیة ومناسبة کل مهارة من هذه المهارات لطلاب الصف الأول الثانوى، وتحدید درجة سلامة الصیاغة اللغویة لهذه المهارات، وإضافة أو حذف أو تعدیل ما یرونه مناسباً لمزید من ضبط هذه القائمة. وقد أُجریت بعض التعدیلات على القائمة فى ضوء آراء السادة المحکمین.

تم حساب الوزن النسبى لمهارات القراءة الناقدة اللازمة لطلاب الصف الأول الثانوى ؛ وذلک للاحتکام إلى هذه النسب فى استبعاد بعض منها، ولقد حُدد معیار لاختیار بعض مهارات القراءة الناقدة اللازمة لهؤلاء الطلاب، وهى المهارات التى حظیت بنسبة اتفاق بین المحکمین بنسب تتراوح من (75%) إلى (100%)، وبالمعالجة الإحصائیة تم التوصل إلى قائمة نهائیة بمهارات القراءة الناقدة الأکثر مناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى، حیث تضمنت أربع عشرة مهارة، وزعت على المهارات الثلاث الأساسیة للقراءة الناقدة، وهى: مهارة "التمییز"  وتضمنت خمس مهارات، ومهارة "تحلیل الإدعاءات" وتضمنت أربع مهارات، ومهارة "التقویم وإصدار الأحکام" واشتملت على خمس مهارات ([1]) .

وبذلک تکون الإجابة قد تمت عن التساؤل الأول من تساؤلات البحث.

ثانیاً: تحدید قائمة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة  لطلاب الصف الأول الثانوى.

هدفت القائمة إلى تحدید القضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى، والتى ینبغى تضمینها فى محتوى النموذج التدریسى المقترح.

وتم الاستعانة بالعدید من المصادر لاشتقاق تلک القضایا، ومنها: الأدبیات والبحوث السابقة التى تناولت المشکلات والقضایا الأخلاقیة، وعمل استطلاع رأى لتعرف آراء الخبراء والمتخصصین حول القضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة للطلاب، کما تم استطلاع رأى مجموعة من طلاب الصف الأول الثانوى بلغ عددهم خمساً وسبعین طالباً وطالبة فى ثلاث مدارس تابعة لإدارة مدینة نصر التعلیمیة بمحافظة القاهرة، بهدف الوصول إلى عدد من القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى یرغبون فى دراستها.

وتضمنت القائمة فى صورتها المبدئیة خمسة عشر موضوعاً أخلاقیاً جدلیاً، تنوعت تلک الموضوعات ما بین قضایا علمیة وقضایا تکنولوجیة وقضایا اجتماعیة وقضایا اقتصادیة، ولضبط القائمة وضعت فى صورتها المبدئیة فى شکل استبانة، وتم عرضها على عدد من السادة المحکمین المتخصصین فى طرائق التدریس، وفى علم الاجتماع، وفى علم النفس؛ لأخذ آرائهم حول ما یلى: مدى اندراج القضایا تحت البعد الأخلاقى الجدلى، ومدى أهمیتها ومناسبتها لطلاب الصف الأول الثانوى، وقد تم مناقشة السادة المحکمین وتعرف آرائهم حول القضایا المطروحة.

ثم تم حساب الوزن النسبى للقضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى ؛ وذلک للاحتکام إلى هذه النسب فى استبعاد بعض منها، وقد تم تحدید القضایا التى حظیت بنسبة اتفاق بین المحکمین بنسب تتراوح من (75%) إلى (100%)، وبالمعالجة الإحصائیة تم التوصل إلى قائمة نهائیة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة الأکثر مناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى، واحتوت ثمانى قضایا أخلاقیة جدلیة ([2]) ، وتم تضمین ست من هذه القضایا فى محتوى النموذج، وهى القضایا التى حصلت على أعلى نسبة اتفاق بین السادة المحکمین، فى حین تم تضمین القضیتین الأخریین باختبار القراءة الناقدة.

وبذلک تکون الإجابة قد تمت عن التساؤل الثانى من تساؤلات البحث.

 

ثالثاً: تحلیل محتوى موضوعات القراءة المقرر ة على طلاب المرحلة الثانویة.

حیث إن البحث اعتمد القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى تم التوصل إلیها کمحتوى للنموذج التدریسى، فقد کان من الضرورى إجراء تحلیل لمحتوى القراءة المقرر على طلاب المرحلة الثانویة، لمعرفة مدى توافر تلک القضایا بالمحتوى، ومدى إمکانیة الاستعانة بالمحتوى فى تدریسها وفقاً لمراحل النموذج، وقد سار التحلیل کما یلى :

 

1-   تحدید هدف التحلیل:

هدف تحلیل محتوى مقرر القراءة للصفوف الثلاثة : (الأول ، والثانى، والثالث) لطلاب المرحلة الثانویة، إلى تعرف مدى توافر القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى تم التوصل إلیها بکتب القراءة المقررة، ومدى عنایة مقرر القراءة بها.

2-   تحدید مجال التحلیل:

وقد تحدد مجال التحلیل فى موضوعات القراءة المتعددة المقررة على طلاب المرحلة الثانویة بصفوفها الثلاثة، والتى تُقدم ضمن کتاب اللغة العربیة بطبعته عام 2015-2016م، وتضمنت (ثمانیة عشر) درساً، موزعة على الصفوف الثلاثة، بواقع ستة دروس لکل صف دراسى.

3-    تحدید فئات التحلیل:

ویقصد بفئات التحلیل العناصر الرئیسة التى یتم فى ضوئها تحلیل موضوعات القراءة المقررة على طلاب المرحلة الثانویة، ومن ثم تحددت فئات التحلیل فى هذا البحث فى القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى تم التوصل إلیها، والتى شملتها القائمة النهائیة للقضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة للطلاب.

4-   تحدید وحدات التحلیل:

تتخذ وحدات التحلیل عدة أشکال أهمها: الکلمة، الجملة، الفقرة ، وبما أن مجال التحلیل فى هذا البحث یتحدد فى موضوعات القراءة ومحتواها، فقد اتخذت الباحثة الکلمة والفقرة کوحدتین لتحلیل محتوى مقرر القراءة للصفوف الثلاثة الثانویة، فاستخدمت وحدة التحلیل "الکلمة" فیما یتعلق بعنوان الموضوع، واستخدمت وحدة التحلیل "الفقرة" فیما یتعلق بمحتوى الموضوع. 

ویعتمد التحلیل باستخدام هاتین الوحدتین على رصد تکرار وتناسب کل کلمة من کلمات عنوان الموضوع مع طبیعة القضایا الأخلاقیة الجدلیة، ومدى تناسب کل فقرة من فقرات المحتوى مع طبیعة القضایا أیضاً، وحساب مدى تکرارها فى فقرات المحتوى.

5-   بناء أداة التحلیل:

ویقصد بأداة التحلیل الاستمارة التى تم تصمیمها لجمع البیانات ورصدها، للوصول إلى القضایا الأخلاقیة الجدلیة المتضمنة بمحتوى مقرر القراءة لطلاب المرحلة الثانویة، ومعدلات تکرارها؛ تمهیداً لتحلیل نتائجها وتفسیرها.

وقد تکونت استمارة التحلیل من ثلاثة أعمدة رئیسة، خصص العمود الأول لفئات التحلیل والتى ضمت القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى سبق تحدیدها، وخصص العمود الثانى لموضوعات القراءة المقررة على الطلاب، وقسم إلى عدة أعمدة فرعیة تعرض لأسماء الموضوعات، وبیان تکرارات القضایا ومدى توافرها بعنوان الموضوع وبمحتواه، وخصص العمود الثالث لمجموع التکرارات.

وتم ضبط أداة التحلیل من خلال عرضها على السادة المحکمین؛ وذلک لإبداء الرأى حول مدى صلاحیتها ومناسبتها لتحقیق الهدف منها، وقد أشار المحکمون بصلاحیة الأداة.

6-   خطوات التحلیل: تمت خطوات التحلیل کما یلى:

-       تحدید القضیة التى سیتم حساب عدد مرات تکرارها.

-        قراءة عنوان الموضوع، ووضع علامة (√) فى الخانة الخاصة بعنوان الموضوع باستمارة التحلیل فى حال ارتباط عنوان الموضوع بالقضیة.

-       قراءة فقرات الموضوع بترکیز وانتباه وتعرف مدى ورود أى فقرة ترتبط بالقضیة محل التحلیل، ووضع علامة (√) فى الخانة الخاصة بمحتوى الموضوع باستمارة التحلیل فى حال ارتباط المحتوى بالقضیة ، ویتم وضع عدد تکرارات القضایا فى الخانة الخاصة بها باستمارة التحلیل فى حال وجود تکرار لها.

-        تفریغ نتائج التحلیل لجمیع الدروس، ثم بیان تکرار القضایا، مع حساب النسب المئویة لها ([3]) .

7-   حساب ثبات التحلیل:

للتأکد من ثبات التحلیل استُخدمت طریقة إعادة التحلیل؛ حیث حللت الباحثة المحتوى، وبعد مرور ثلاثة أسابیع بعد التحلیل الأول قامت بتحلیل المحتوى مرة أخرى ([4])، ثم تم حساب ثبات التحلیل من خلال معادلة هولستى (Holisti, 1996, 140) لتحدید معامل ثبات التحلیل الذى یساوى معامل الاتفاق بین التحلیلین الأول والثانى، وقد اتضح من حساب معامل ثبات التحلیل أن تحلیل محتوى مقرر القراءة لطلاب المرحلة الثانویة یتمتع بدرجة ثبات کبیرة یمکن الوثوق بها.

وقد أسفر التحلیلان عن الآتى:

أ ) نتائج تحلیل محتوى موضوعات القراءة للصف الأول الثانوى:

-        إجمالى موضوعات القراءة التى تم تحلیلها: (6) موضوعات.

-        إجمالى عدد الصفحات التى تم تحلیلها (18) صفحة.

 اتفق التحلیلان على أنه لم یتم تناول أیاً من القضایا الأخلاقیة الجدلیة بالموضوعات المقررة على الطلاب، سواء فى عناوین الموضوعات أو فى فقرات المحتوى .

ب ) نتائج تحلیل محتوى موضوعات القراءة للصف الثانى الثانوى:

-        إجمالى موضوعات القراءة التى تم تحلیلها: (6) موضوعات.

-        إجمالى عدد الصفحات التى تم تحلیلها (19) صفحة.

 اتفق التحلیلان على أنه لم یتم تناول أیاً من القضایا الأخلاقیة الجدلیة بالموضوعات المقررة على الطلاب، سواء فى عناوین الموضوعات، أو فى فقرات المحتوى .

ج ) نتائج تحلیل محتوى موضوعات القراءة للصف الثالث الثانوى:

-        إجمالى موضوعات القراءة التى تم تحلیلها: (6) موضوعات.

-        إجمالى عدد الصفحات التى تم تحلیلها (20) صفحة.

 اتفق التحلیلان على أنه لم یتم تناول أیاً من القضایا الأخلاقیة الجدلیة بالموضوعات المقررة على الطلاب، سواء فى عناوین الموضوعات، أو فى فقرات المحتوى .

وبناءً على ما سبق یمکن القول إنه لا توجد عنایة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة فى موضوعات القراءة المقررة على طلاب المرحلة الثانویة بصفوفها الثلاثة، وبذلک یمکن اعتماد نتیجة هذا التحلیل لتحدید القضایا الأخلاقیة الجدلیة التى تم التوصل إلیها کمحتوى للنموذج التدریسى یتم تدریسها لهم بعیداً عن الموضوعات المقررة علیهم.

وبذلک تکون الإجابة قد تمت عن التساؤل الثالث من تساؤلات البحث.

 

رابعاً: بناء النموذج التدریسى المقترح.

لبناء النموذج المقترح لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى وفق مدخل التحلیل الأخلاقى، تم السیر وفق الخطوات التالیة:

(أ‌)   تحدید أهداف النموذج:

لقد تمثل هدف البحث فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة، والارتقاء بالذکاء الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة، من خلال نموذج تدریسى قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى، واستند البحث فى تحدیده لأهداف النموذج على قائمة مهارات القراءة الناقدة التى تم التوصل إلیها من قبل، وفضائل الذکاء الأخلاقى التى تم عرضها فى الإطار النظرى، وقد حُددت الأهداف العامة للنموذج فیما یلى:

  1. تعریف الطلاب بأهم القضایا الأخلاقیة الجدلیة المرتبطة بمجتمعهم وواقعهم واهتماماتهم.
  2. تزوید الطلاب بالممارسات اللازمة لتحلیل القضایا الأخلاقیة الجدلیة؛ بما یمکِّن من تعرف أبعادها المختلفة؛ من أجل فهمها، واستیعابها، والقدرة على نقدها، والحکم علیها.
  3. إتقان الطلاب لمهارات تمییز المقروء.
  4. إتقان الطلاب لمهارات تحلیل الإدعاءات المرتبطة بالموضوعات المقروءة.
  5. إتقان الطلاب لمهارات التقویم وإصدار الأحکام على المقروء.
  6. تمکین الطلاب من ممارسة فضائل الذکاء الأخلاقى، والمتمثلة فى: (التعاطف، والضمیر، والضبط الذاتى، والاحترام، والتسامح، والعدل).
  7. تمکین الطلاب من التعامل الواعى مع القضایا الأخلاقیة الجدلیة المختلفة؛ بما یساعد على تطبیق التفکیر المنطقى، لتحدید الصائب والخطأ فیما یتعلق بالقضایا المطروحة.
  8. تعمیق روح البحث والتقصى لدى الطلاب، وتوظیف خطوات التفکیر العلمى المنطقى عند التعامل مع القضایا الأخلاقیة الجدلیة.
  9. ترسیخ القیم والمبادئ الأخلاقیة لمواجهة التحدیات والقضایا الجدلیة المعاصرة، والحرص على تحقیق الأمن الأخلاقى لدى الدارسین.
  10. تکوین اتجاهات واعیة لدى الطلاب نحو التفکیر والحکم بشکل أخلاقى، والتصرف وفقاً للأحکام الأخلاقیة.

أما الأهداف الإجرائیة الخاصة بالنموذج فجاءت فى بدایة کل درس من دروسه، وذلک وفقاً للمهارات المستهدفة من الدرس، وما یُتوقع من المتعلمین أداؤه بعد المشارکة فى الأنشطة المتضمنة به.

(ب‌)    تحدید محتوى النموذج :

حُدد محتوى النموذج وفقاً للقضایا الأخلاقیة الجدلیة التى تم التوصل إلیها سابقاً، فجاء محتوى النموذج متضمناً ست قضایا أخلاقیة جدلیة، وهى القضایا التى حصلت على أعلى نسب اتفاق لدى السادة المحکمین، وتمثلت فى: (بیع وزراعة الأعضاء البشریة - التدخین والمخدرات - الزواج العرفى - الاستنساخ – ختان الإناث – الإجهاض)، وقد تم تجمیع المعلومات المرتبطة بتلک القضایا من مصادر علمیة موثوقة، فتم الرجوع إلى الکتب والموسوعات العلمیة والمواقع الإلکترونیة ذات المصداقیة، وروعى أن تکون المصادر حدیثة قدر الإمکان، وأن تکون الخبرات والمعلومات والمعارف المرتبطة بتلک القضایا صادقة وذات أهمیة، وأن یتناسب المحتوى مع مستوى الطلاب العقلى والنفسى والاجتماعى، کما روعى عند اختیار وتنظیم عناصر المحتوى أن یرتبط بمهارات القراءة الناقدة؛ بما یمکن من توظیفها والتدریب علیها، وموافقته لفلسفة التحلیل الأخلاقى وإجراءاته وعناصره التنظیمیة.

(ج‌)    تحدید خطوات النموذج، والإطار العام له:

لقد سار النموذج التدریسى وفق المراحل والخطوات التالیة :

المرحلة الأولى: استقبال القضیة الأخلاقیة.

وهى مرحلة الاتصال الأولى مع النص المقروء، وتمر بالخطوات التالیة:

  • یتم عرض القضیة الأخلاقیة على الطلاب، وذلک من خلال استخدام الوسائل المختلفة التى تعین على ذلک، مثل تناول القضیة فى صورة مشکلة، أو موقف محیر، أو طرح القضیة من خلال ربطها بحالة أو موقف افتراضى، أو بواسطة طرح تساؤل یثیر تفکیر الطلاب حول القضیة ... وغیرها من الوسائل التى تجذب انتباه الطلاب، وتحفزهم نحو قبولها ومعایشتها ومحاولة التفاعل معها.
  • بالتعاون مع الطلاب یتم تحدید القضیة وصیاغتها بدقة وتعرف معناها، وتعرف القضیة الرئیسة والقضایا الفرعیة المرتبطة بها.
  • یتم تشجیع الطلاب على تکوین آراء تنبئیة حول القضیة بمنطقیة وعقلانیة، من خلال ربط القضیة بالخبرات المعرفیة السابقة للطلاب ، ویطرح الطلاب آراءهم الشخصیة حول القضیة، ویتعرف المعلم الآراء المختلفة ( المؤیدة والمعارضة والمحایدة )، دون إصدار حکم على أى رأى.
  • یتناقش المعلم مع الطلاب حول الطرائق الممکنة لتناول القضیة، لتحلیل تلک الآراء وتعرف مدى مصداقیتها، وتستند تلک المرحلة وما تتضمنه من إجراءات على النقاش المفتوح المرن وتقبل الآراء ووجهات النظر المختلفة، دون تعلیق أو نقد أو حکم علیها.

المرحلة الثانیة: طرح المعاییر والأبعاد الأخلاقیة المتعلقة بالقضیة.

فى هذه المرحلة یناقش المعلم الطلاب حول المعاییر الأخلاقیة التى ترتبط بالقضیة، والتى سوف یتم ملاحظتها وبیان مدى توافرها عند قراءة القضیة والتعمق فى محتواها. والمعاییر والمبادئ الأخلاقیة تختلف من قضیة إلى أخرى، وتتحدد وفقاً للأبعاد والمحاور المختلفة للقضیة، والمجالات التى تتأثر بها، والتى قد تکون شخصیة، أو اجتماعیة، أو دینیة ... إلخ، ومن هذه المعاییر: العدل، والوفاء، والمساواة، والمشروعیة، والحق، والخیر، والتسامح، والتعاطف ... إلخ.

المرحلة الثالثة: القراءة من أجل التوضیح والتفسیر.

وفى هذه المرحلة یتم الآتى:

  • یبدأ الطلاب بالاطلاع على القضیة وقراءتها، أو یکلفوا بجمع معلومات عنها، ثم یتناولونها بالقراءة، والهدف من تلک القراءة إدراک القضیة وتعرف عناصرها وأبعادها المختلفة، وفى تلک المرحلة یمکن للمعلم أن یوجه الطلاب لأداء بعض المهام التى تعینهم على استیعاب القضیة مثل: تحدید الألفاظ والتراکیب الغامضة المتعلقة بالقضیة والتى تحول بینهم وبین فهم مضمونها، وتحدید عناصر القضیة، وأفکارها الرئیسة والفرعیة ... وغیرها من الإجراءات التى تمکِّن الطلاب من ألفة القضیة وفهم معانیها.
  • یعرض المعلم على الطلاب المعلومات المتاحة عن القضیة، والتى توضح خلفیاتها ومضامینها المختلفة التاریخیة، والعلمیة، والاجتماعیة، والسیاسیة، ثم یتناولها معهم بالمناقشة لتوضیح ما تتضمنه من عناصر، وتعرف أوجه الجدل حولها، ویستوضح معهم الغامض من الألفاظ والمعانى والتراکیب، ویستخلص معهم الفکرة العامة للقضیة وما تتضمنه من أفکار فرعیة، وذلک لمساعدتهم على فهم المعنى العام والمباشر لها.

المرحلة الرابعة: استکشاف خفایا القضیة، والأخلاقیات المتضمنة بها.

وفى هذه المرحلة یتم اتباع الآتى:

  • إعادة قراءة الطلاب لمحتوى القضیة من أجل فحصه، وتحلیله، وتقویمه، والتأکد من کفایته ومصداقیته وترابطه، وتحدید المتناقضات والمغالطات الواردة بالمحتوى، مع مراعاة التمییز بین الحقائق والآراء، وتعرف المعانى الموحیة لبعض الکلمات والعبارات والتى لم یتم التصریح بها، والوقوف على مدى انحیاز الکاتب للقضیة.
  • فحص المعلومات والأدلة والشواهد المتعلقة بوجهات النظر المطروحة حول القضیة، وتحدید مدى أهمیتها ومنطقیتها وکفایتها، وتقویم ما طرحه الکاتب من حجج وأدلة، ومدى قدرته على توظیفها بدقة من أجل الإقناع، ومناقشتها وتحلیلها فى ضوء المعاییر الأخلاقیة الموضوعة سابقاً، مع الترکیز على المعیار أو المبدأ أو البعد الأخلاقى؛ بغرض مساعدة الطلاب على تکوین رأى صائب حول القضیة المطروحة.

المرحلة الخامسة: النقد والمجادلة.

وتتم هذه المرحلة وفق الخطوات التالیة:

  • تقویم ممیزات وعیوب کل بدیل أو رأى من الآراء المطروحة حول القضیة، والحکم على مدى ارتباطه وتوظیفه للمبادئ والقیم الأخلاقیة المختلفة، والتوصل إلى العواقب الحمیدة أو العواقب السیئة للبدیل المختار.
  •  یمکن للطالب أن یثرى معرفته حول القضیة وبدائلها بالاطلاع على نصوص ومعلومات جدیدة متعلقة بها؛ للتأکد من مدى کفایة المعلومات، ومدى التزام الکاتب بالأمانة العلمیة عند کتابته حول القضیة.
  • یتبنى الطالب رأیاً محدداً حول القضیة، مع مراعاة أن یکون هذا الاختیار منطقیاً ویقوم على أساس عقلانى، فیقدم الأسباب التى تدعم أو تبرر وجهة نظره، ویوضح مدى ارتباط البدیل المختار بالمعاییر الأخلاقیة.

 (د) تحدید الأسالیب، والأنشطة التعلیمیة المستخدمة فى النموذج:

تنوعت أسالیب التدریس الموظفة فى النموذج بما یتوافق وفلسفة التحلیل الأخلاقى وطبیعة المحتوى، فشملت : دراسة الحالة، وحل المشکلات، والعصف الذهنى، والمواقف المحیرة، واستخدام المخططات، وتمثیل الأدوار، والمناقشات الفردیة والجماعیة، والتعلم التعاونى.

 کما تحددت أنشطة النموذج، وقد روعى فى تلک الأنشطة أن تسهم إسهاما فعالاً فى تحقیق الأهداف المرجوة، وأن تتوافق مع مبادئ التحلیل الأخلاقى وإجراءاته، بحیث تشجع الطلاب على التفکیر المنطقى، وتنشط الخبرات والمعارف السابقة لدیهم، وتشجعهم على تبادل وجهات النظر حول القضایا الأخلاقیة المدروسة وعمل المناقشات حولها، وإبراز أشکال المعارضة، أو التأیید، وتقدیر الرأى والرأى الآخر، وتمنحهم الثقة بالنفس وتحمل مسؤولیة التعلم، کما روعى ارتباط الأنشطة باهتمامات الطلاب ودوافعهم، واختیار الأنشطة ذات المعنى والقیم التربویة التى تحفز على الذکاء الأخلاقى، مع إتاحتها الفرصة لجمیع الطلاب للمشارکة الإیجابیة، ومراعاتها للفروق الفردیة لدیهم، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة ما بین فردیة وجماعیة، وتنوعها لتشمل أنشطة تتم داخل الصف وأخرى تنفذ خارجه، وروعى أیضاً عند إعدادها استهداف عدة مهارات مثل: الاستنتاج، والتحلیل، والتمییز، والمقارنة، وإبداء الرأى، والتقویم، والتلخیص، والتخطیط وجمع المعلومات من عدة مصادر.

 (ه) المواد والوسائط التعلیمیة­ الموظفة فى النموذج: 

تم استخدام مواد ووسائط تعلیمیة متنوعة فى تدریس النموذج، منها: اللوحات والأشکال التوضیحیة، والبطاقات التعلیمیة، والصور، والوقائع الحیاتیة المنشورة بالصحف، والمقالات، والتحقیقات الصحفیة، وبعض الکتب والموسوعات العلمیة المبسطة، بالإضافة إلى جهاز کمبیوتر متصل بشبکة الإنترنت، وأسطوانات مدمجة، وشاشة عرض لعرض شرائح العروض التقدیمیة على الطلاب p p t)).

(و) تحدید أسالیب وأدوات تقویم النموذج :

  تنوعت أسالیب تقویم الطلاب لتشمل ما یلى:

  • ·   التقویم القبلى: ویتم قبل تدریس موضوعات القراءة، من خلال تطبیق اختبار القراءة الناقدة، ومقیاس الذکاء الأخلاقى.
  • ·   التقویم البنائى: ویتم فى أثناء التدریس من خلال تقویم الطلاب فى بدایة کل درس، وفى أثناء مناقشتهم وتفاعلهم مع المعلم، وعند أدائهم للأنشطة المصاحبة، فضلاً عن تقویم مدى اکتسابهم للخبرات المتضمنة بکل درس، وذلک من خلال إجابتهم عن أسئلة التقویم التى تعقب دراسة کل موضوع، بالإضافة إلى متابعة أدائهم للأنشطة الإثرائیة للدرس.
  • ·   التقویم البعدى: ویتم بعد الانتهاء من تدریس موضوعات القراءة، من خلال التطبیق البعدى لاختبار القراءة الناقدة، ومقیاس الذکاء الأخلاقى.

(ز) إعداد کتاب الطالب، ودلیل المعلم لدراسة النموذج المقترح.

حیث تم إعداد کتاب لطلاب الصف الأول الثانوى؛ بهدف تعلیمهم مهارات القراءة الناقدة وتدریبهم على ممارسة فضائل الذکاء الأخلاقى، وفق مراحل وإجراءات تدریسیة قائمة على مبادئ التحلیل الأخلاقى، وتضمن الکتاب مقدمة للدارس توضح له الهدف منه، ومحتویاته، والإرشادات التى یجب أن یتبعها حتى یحقق الکتاب الهدف المرجو منه ، ثم اشتمل الکتاب على ستة دروس، یتضمن کل درس الأهداف التعلیمیة الخاصة به، ومحتوى القضیة الأخلاقیة الجدلیة المدروسة، والأنشطة والمهمات التعلیمیة اللازمة لتحقیق أهداف الدرس، وأسئلة التقویم، والأنشطة التوسعیة المرتبطة بالدرس.

کما تم إعداد دلیل للمعلم لتدریس الکتاب المقدم لتعلیم وتدریب طلاب الصف الأول الثانوى على مهارات القراءة الناقدة وفضائل الذکاء الأخلاقى وفق مراحل النموذج التدریسى القائم على التحلیل الأخلاقى، وقد اشتمل الدلیل على مقدمة تتضمن : نبذة عن کل من (القراءة الناقدة ومهاراتها، والذکاء الأخلاقى وفضائله، ومدخل التحلیل الأخلاقى)، والتعریف بأهداف تدریس موضوعات الدلیل سواء العامة أو الإجرائیة، ومراحل وخطوات التدریس وفق النموذج المقترح، والوسائط التعلیمیة المعینة فى التدریس، والأنشطة التعلیمیة المستخدمة، وأسالیب التقویم، والخطة الزمنیة لتدریس موضوعات القراءة، وبعض الإرشادات والتوجیهات للمعلم، ثم تم عرض خطة السیر فى کل درس على حدة، هذا وتم ضبط کتاب الطالب ودلیل المعلم بعرضهما على السادة المحکمین، وأجریت بعض التعدیلات وفقاً لملاحظاتهم، کما تم عمل تجربة استطلاعیة للدلیل والکتاب من خلال تطبیق ثلاثة دروس على (سبع وعشرین) طالبة من طالبات الصف الأول الثانوى من غیر طالبات مجموعة البحث الأساسیة، وکشفت نتائج التطبیق عن سلامة موضوعات الکتاب والدلیل ومناسبتهما للدراسة، کما تم تحدید الزمن اللازم للتدریس حیث استغرق تدریس کل درس ثلاث حصص، وبذلک أصبح کتاب الطالب فى صورته النهائیة ([5])، وکذلک دلیل المعلم([6]).

وکان ما سبق استعراضاً للنموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا الأخلاقیة الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى؛ وبذلک تکون الإجابة قد تمت عن التساؤل الخامس من تساؤلات البحث .

خامساً: إعداد اختبار مهارات القراءة الناقدة . 

تم بناء الاختبار لقیاس مهارات القراءة الناقدة لطلاب الصف الأول الثانوى، واستهدف الاختبار قیاس أربع عشرة مهارة وهى المهارات التى حظیت باتفاق بین السادة المحکمین بنسبة تتراوح من (75%) إلى (100%)، وتکوَّن فى صورته الأولیة من موضوعین قرائیین یتعلقان بقضیتین أخلاقیتین غیر القضایا التى تم تضمینها بمحتوى النموذج التدریسى، وهما : "الاختلاط بین الجنسین، الطاقة النوویة والتسلح"، وتضمن ثمانى وعشرین مفردة بواقع مفردتین لقیاس کل مهارة، وزعت على النحو التالى:

  • (أربعة وعشرین) سؤالاً (اختیار من متعدد) لقیاس (اثنتى عشرة) مهارة من مهارات القراءة الناقدة، ولقد خصص لکل سؤال من هذه الأسئلة درجة واحدة.
  • (أربعة) أسئلة مقالیة لقیاس مهارتین من مهارات القراءة الناقدة، وخصص لکل سؤال درجتان؛ نظراً لطبیعة الإجابة عن هذا الأسئلة، والتى تتطلب إبداء الرأى والتعلیق والتوضیح کتابة، فضلاً عن صعوبة قیاس هاتین المهارتین فى صورة اختیار من متعدد، أو أى شکل آخر من الأسئلة الموضوعیة.

وتم التأکد من صدق الاختبار من خلال عرضه على مجموعة من السادة المحکمین المتخصصین فى طرائق تدریس اللغة العربیة علاوة على خبراء المیدان؛ لتحدید ما یلى : [ مدى مناسبة الأسئلة لقیاس مهارات القراءة الناقدة، ومدى ملاءمتها لمستوى طلاب الصف الأول الثانوى، ومدى ملاءمة محتوى الموضوعین القرائیین المتضمنین بالاختبار، والتحقق من صحة البدائل الاختباریة لکل سؤال من الأسئلة الموضوعیة، والتحقق من سلامة الصیاغة اللغویة للأسئلة وللبدائل، ومدى کفایة ووضوح تعلیمات الاختبار، وإبداء آرائهم بالإضافة أو الحذف أو التعدیل على هذا الاختبار ] ، وتم تعدیل الاختبار فى ضوء آراء السادة المحکمین.

تم إجراء التجربة الاستطلاعیة للاختبار على مجموعة عددها "إحدى وثلاثون طالبة" من طالبات الصف الأول الثانوى بمدرسة نبویة موسى الثانویة، بإدارة شرق مدینة نصر التعلیمیة بمحافظة القاهرة؛ للأغراض التالیة:

أ‌-      حساب زمن الاختبار: وکان متوسط الزمن الذى استغرقته الطالبات خمساً وثمانین دقیقة، متضمنة خمس دقائق لقراءة التعلیمات.

ب‌-  حساب معامل القوة التمییزیة للاختبار: ومن خلال المعالجة الإحصائیة تبین أن معامل القوة التمییزیة لاختبار القراءة الناقدة هو (0.92)، وهو معامل تمییز قوى یُطمئن على القوة التمییزیة للاختبار.

ج- حساب معامل السهولة والصعوبة لمفردات الاختبار : وتم من خلال المعالجة الإحصائیة لدرجة کل مفردة من مفردات الاختبار، وتعد المفردة الاختباریة صعبة إذا بلغ معامل صعوبتها (0.8) أو أکثر، کما أن المفردة تعد سهلة إذا بلغت أو قلت عن(0.3)، ومن خلال حساب معامل السهولة والصعوبة لأسئلة الاختبار اتضح وجود ثلاثة أسئلة فى حاجة إلى تعدیل وهى: السؤال الرابع حیث بلغ معامل صعوبته (0.84)، والسؤال الخامس عشر حیث بلغ معامل صعوبته (0.91) ، أما السؤال السهل فهو السؤال الرابع والعشرون حیث بلغ معامل سهولته (0.27)، وقد تم تعدیل هذه الأسئلة بما یتلاءم مع مستوى طلاب الصف الأول الثانوى.  

د- حساب ثبات الاختبار : تم حساب ثبات الاختبار من خلال إعادة تطبیقه على نفس الطالبات بفارق زمنى قدره أسبوعان، وبحساب معامل الارتباط بین أداء الطالبات فى التطبیقین؛ تبین أن معامل ثبات الاختبار یساوى (0.85)، وهو یشیر إلى أن الاختبار یتمتع بدرجة مناسبة من الثبات.

هـ- التأکد من وضوح تعلیمات الاختبار: ولم توجد أیة استفسارات من قبل الطالبات.

 هذا وقد وضع الاختبار فى صورته النهائیة ([7]) ،ویوضح الجدول (1) مواصفات اختبار القراءة الناقدة فى صورته النهائیة.

      جدول (1)

مواصفات اختبار مهارات القراءة الناقدة

م

المهارة

أرقام المفردات التى تمثلها

عدد الأسئلة

الوزن النسبى

الدرجة

المخصصة

1

التمییز بین الأفکار الرئیسة والأفکار الفرعیة فى الموضوع المقروء.

1 - 15 

2

7.14%

2

2

التمییز بین الحقیقة والرأى فى المقروء.

2 - 16

2

7.14%

2

3

التمییز بین الأسباب والنتائج المرتبطة بها.

3 - 17

2

7.14%

2

4

التمییز بین المعانى الصریحة والمعانى الضمنیة فى الموضوع المقروء.

4-     18

2

7.14%

2

5

التمییز بین الأفکار المرتبطة بالموضوع وغیر المرتبطة به.

5 - 19

2

7.14%

2

6

تعرف الأفکار المنحازة.

6 - 20

2

7.14%

2

7

تحدید الکلمات والمواضع المعبرة عن تحیز الکاتب أو موضوعیته.

7 - 21

2

7.14%

2

8

تحدید أسالیب التأثیر والإقناع التى تناولها الکاتب لإثبات رأى معین.

 8 - 22

2

7.14%

2

9

تحدید الأدلة والحجج والشواهد التى استخدمها الکاتب.

9 - 23

2

7.14%

2

10

کشف الآراء المتناقضة والمغالطات الواردة فى الموضوع المقروء .

10 - 24

2

7.14%

2

11

تقویم الحجج والأدلة الواردة فى الموضوع المقروء.

11 - 25

2

7.14%

2

12

تقویم مهارة الکاتب على الاستشهاد فى حینه.

12-     26

2

7.14%

2

13

الحکم على مدى کفایة المعلومات والأدلة الواردة فى الموضوع.

13 - 27

2

7.14%

4

14

الحکم على مدى التزام الکاتب بالأمانة العلمیة فى الموضوع.

14 - 28

2

7.14%

4

المجموع

14

28

28

100%

32

سادساً: إعداد مقیاس الذکاء الأخلاقى . 

هدف المقیاس إلى تعرف مستوى الذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى مجموعة البحث.

وتم الاستعانة بالعدید من المصادر لاشتقاق محاور المقیاس ومفرداته ومنها: (الدراسات والبحوث السابقة التى تناولت بناء مقاییس الذکاء الأخلاقى، والأدبیات المتعلقة بالذکاء الأخلاقى وطبیعته وکیفیة قیاسه).

وقد تکون المقیاس فى صورته المبدئیة من (ثمان وثمانین) مفردة جاءت فى صورة عبارات تقریریة على لسان الطلاب تعبر عن استعداداتهم وقدراتهم وقناعاتهم الأخلاقیة التى یتصرفون بموجبها، والتى تنظم سلوکهم فى المواقف المختلفة. وقد تضمن المقیاس ستة أبعاد تمثلت فى: ( التعاطف – الضمیر– الضبط الذاتى – الاحترام – التسامح – العدل ) وقد روعى أن یکون نصف عدد مفردات المقیاس عبارات موجبة والنصف الآخر عبارات سالبة، وحُددت أربعة مستویات لقیاس تلک المفردات وهى: ( تنطبق عادة– تنطبق أحیاناً – تنطبق نادراً – لا تنطبق ) ، والعبارات الموجبة تصحح بإعطاء أربع درجات لتنطبق عادة، وثلاث درجات لتنطبق أحیاناً، ودرجتین لتنطبق نادراً، ودرجة للا تنطبق، والعبارات السالبة یعکس تصحیح إجاباتها، وقُدم للطلاب فى مقدمة المقیاس بطاقة تعلیمات تشرح لهم المطلوب منهم، وکیفیة الإجابة عن مفرداته.

ولضبط المقیاس تم عرضه فى صورته المبدئیة على مجموعة من السادة المحکمین المتخصصین فى طرائق التدریس وفى علم النفس؛ لإبداء الرأى فى سلامة صیاغة مفردات المقیاس، وصلاحیتها لقیاس أبعاد الذکاء الأخلاقى التى تندرج تحتها، وملاءمتها لمستوى طلاب الصف الأول الثانوى، ومدى کفایة ووضوح تعلیمات المقیاس، وتم تعدیل المقیاس فى ضوء آراء السادة المحکمین.

وتم إجراء التجربة الاستطلاعیة للمقیاس على مجموعة بلغت "إحدى وثلاثین طالبة" من طالبات الصف الأول الثانوى بمدرسة نبویة موسى الثانویة، بإدارة شرق مدینة نصر التعلیمیة بمحافظة القاهرة، ومن خلالها تم ما یلى:

-        حساب  زمن المقیاس: وکان متوسط الزمن الذى استغرقته الطالبات خمساً وخمسین دقیقة .

-         التأکد من وضوح تعلیمات المقیاس: فلمتوجد أیة استفسارات من قبل الطالبات.

-        حساب صدق التجانس الداخلى: فقد تم حساب معاملات الارتباط بین درجة کل عبارة من عبارات المقیاس ودرجة البعد الذى تنتمى إلیه لدى أفراد المجموعة الاستطلاعیة، وقد تراوحت قیم معامل الارتباط ما بین 0.79- 0.85، وهى دالة إحصائیاً عند مستوى 0.01، وکذلک تم حساب معامل الارتباط بین درجة کل بعد من أبعاد المقیاس والدرجة الکلیة له، وجاءت قیم الارتباطات لأبعاد المقیاس دالة إحصائیاً عند مستوى 0.01.

-         حساب ثبات المقیاستم حساب ثبات المقیاس بطریقة ألفا کرونباخ، والجدول (2) یوضح معاملات (ألفا کرونباخ) لکل بعد من أبعاد مقیاس الذکاء الأخلاقى والدرجة الکلیة له.

جدول (2)

معاملات ثبات ألفا کرونباخ للأبعاد، والدرجة الکلیة لمقیاس الذکاء الأخلاقى

   م

البعد

معامل ألفا

1

التعاطف

0.694

2

الضمیر

0.716

3

الضبط الذاتى

0.711

4

الاحترام

0.691

5

التسامح

0.744

6

العدل

0.782

الدرجة الکلیة

0.795

یتبین من الجدول (2) أن قیم معامل الثبات لجمیع أبعاد المقیاس والدرجة الکلیة تراوحت بین (0.691- 0.795) ، وهى قیم مرتفعة، وهذا یدل على أن المقیاس یتمتع بدرجة مرتفعة من الثبات .

وتکون المقیاس فى صورته النهائیة من (أربع وثمانین) مفردة ([8])، ویوضح الجدول (3) مواصفات مقیاس الذکاء الأخلاقى فى صورته النهائیة.

                                        


جدول (3)

أبعاد المقیاس

عدد  المفردات

أرقام المفردات الموجبة

أرقام  المفردات السالبة

الوزن النسبى

للمفردات

التعاطف

14

1-3-6-9-11-13

2-4-5-7-8-10-12-14

16.6%

الضمیر

14

1-3-5-7-8-10-12-13

2-4-6-9-11-14

16.6%

الضبط الذاتى

14

2-5-7-9-11-13

1-3-4-6-8-10-12-14

16.6%

الاحترام

14

3-4-6-8-9-11-13

1-2-5-7-10-12-14

16.6%

التسامح

14

1-3-5-7-8-10-12-14

2-4-6-9-11-13

16.6%

العدل

14

1-3-5-6-8-10-12

2-4-7-9-11-13-14

16.6%

  المجموع

84

42

42

100%

مواصفات مقیاس الذکاء الأخلاقى

سادساً : التطبیق المیدانى للبحث .

 وقد مر التطبیق المیدانى للبحث بالمراحل التالیة:  

أ ) اختیار مجموعة البحث، والتطبیق القبلى لاختبار القراءة الناقدة ومقیاس الذکاء الأخلاقى.

وقد تم اختیار مجموعة البحث عشوائیاً من طلاب الصف الأول الثانوى بمدرسة السعیدیة الثانویة التابعة لإدارة غرب مدینة نصر التعلیمیة بمحافظة القاهرة، وذلک فى العام الدراسى 2016/ 2017م، وقد تکونت من سبعة وثلاثین طالباً، وتم التطبیق القبلى لاختبار القراءة الناقدة على المجموعة المختارة یوم الثلاثاء الموافق الثامن عشر من أکتوبر (2016م)، کما تم تطبیق مقیاس الذکاء الأخلاقى على المجموعة نفسها یوم الخمیس الموافق (عشرین) من أکتوبر (2016م) ([9]) ، وذلک قبل البدء فى تدریس موضوعات القراءة؛ لتحدید مستوى الطلاب فى مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى.

ب ) تدریس موضوعات القراءة لمجموعة البحث.

تم مقابلة الطلاب (مجموعة البحث) وتعریفهم بالنموذج التدریسى، والهدف منه، والخطوات والإجراءات التى سوف یتم السیر فى ضوئها فى أثناء التدریس، وقد تم البدء فى تدریس موضوعات القراءة وفق مراحل وخطوات النموذج المقترح القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لطلاب مجموعة البحث یوم الأحد الموافق الثالث والعشرین من أکتوبر (2016م)، وانتهى التطبیق یوم الخمیس الموافق الثامن من دیسمبر (2016م)، بمعدل ثلاث حصص أسبوعیاً.

ج ) التطبیق البعدى لاختبار القراءة الناقدة، ومقیاس الذکاء الأخلاقى.

بعد الانتهاء من تدریس موضوعات القراءة، تم تطبیق کل من اختبار القراءة الناقدة ومقیاس الذکاء الأخلاقى على مجموعة البحث یومى الأحد والإثنین، الموافقین الحادى عشر والثانى عشر من دیسمبر (2016م).

د ) المعالجة الإحصائیة لنتائج التطبیق.

استعانت الباحثة بحزمة البرامج الإحصائیة Spss ، حیث استعانت بمعادلة معامل الارتباط لبیرسون، والاستعانة بالمتوسطات والانحرافات المعیاریة، بالإضافة إلى حساب قیمة اختبار (ت)       T. Test لمجموعتین مرتبطتین؛ للکشف عن الفروق فى أداء مجموعة البحث فى القیاسین القبلى والبعدى لاختبار القراءة الناقدة ومقیاس الذکاء الأخلاقى، وأخیراً تم حساب حجم تأثیر النموذج المقترح.

 

نتائج البحث ، وتوصیاته ، ومقترحاته.

 

 یهدف هذا المحور إلى عرض النتائج التى تم التوصل إلیها، ومناقشتها وتفسیرها، وتقدیم التوصیات والمقترحات، وذلک کما یلى:

أولاً: نتائج البحث . 

فى ضوء مشکلة البحث وللإجابة عن تساؤلیه السادس والسابع، والتحقق من صحة فروضه، جاءت نتائج البحث على النحو التالى :

[1] النتائج المتعلقة باختبار القراءة الناقدة.

للإجابة عن التساؤل الفرعى السادس للبحث، والذى یتعلق بتأثیر النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى على تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب الصف الأول الثانوى؛ تم تحلیل البیانات واستخراج المتوسطات والانحرافات المعیاریة المتعلقة بالتطبیقین القبلى والبعدى لاختبار القراءة الناقدة، وتمت المقارنة بین أداء الطالبات فى القیاسین، وذلک فى کل مهارة على حدة من مهارات القراءة الناقدة ، وفى المهارات ککل، ویعرض الجدول (4) نتائج تحلیل البیانات.

 

جدول (4)

 المتوسطات الحسابیة، والانحرافات المعیاریة، وقیم (ت) لدرجات مجموعة البحث

فى التطبیقین القبلى والبعدى لاختبار القراءة الناقدة.

المهارة

العامة

   المهارات الفرعیة

التطبیق القبلى

التطبیق البعدى 

  قیمة

  "ت"

الدلالة عند مستوى

  (0.05)

 حجم التأثیر

   م 1

   ع1

   م2

  ع2

مهارات التمییز

التمییز بین الأفکار الرئیسة والفرعیة فى المقروء.

 0.90

 0.76

1.72

 0.45

23.36

     دالة

0.93

التمییز بین الحقیقة والرأى فى المقروء.

 0.70

 0.59

 1.62

 0.81

20.06

     دالة

0.91

التمییز  بین الأسباب والنتائج المرتبطة بها.

 0.80

 0.55

 1.59

 0.46

19.48

     دالة

0.91

التمییز بین المعانى الصریحة والمعانى الضمنیة فى الموضوع المقروء.

1.00

 0.10

 1.54

 0.50

18.54

     دالة

0.90

التمییز  بین الأفکار المرتبطة بالموضوع وغیر المرتبطة به.

 0.80

 0.20

 1.56

 0.50

18.98

     دالة

0.90

مهارات تحلیل الادعاءات

تعرف الأفکار المنحازة

0.90

 0.43

 1.54

 0.51

18.16

     دالة

0.90

تحدید الکلمات والمواضع المعبرة عن تحیز الکاتب أو موضوعیته.

0.90

 0.00

 1.48

 0.50

17.84

     دالة

0.89

تحدید أسالیب التأثیر والإقناع التى تناولها الکاتب لإثبات رأى معین.

0.60

 0.30

 1.45

 0.50

17.57

     دالة

0.89

تحدید الأدلة والحجج والشواهد التى استخدمها الکاتب.

0.60

 0.32

 1.45

 0.51

18.16

     دالة       

0.90

 


تابع جدول (4)

 المتوسطات الحسابیة، والانحرافات المعیاریة، وقیم (ت) لدرجات مجموعة البحث

فى التطبیقین القبلى والبعدى لاختبار القراءة الناقدة.

المهارة

العامة

المهارات الفرعیة

التطبیق القبلى

التطبیق البعدى

قیمة

"ت"

الدلالة عند

مستوى

(0.05)

حجم التأثیر

   م 1

   ع1

   م2

  ع2

مهارات االتقویم وإصدار الأحکام

کشف الآراء المتناقضة والمغالطات الواردة فى الموضوع المقروء.

0.80

 0.21

 1.47

 0.50

17.56

     دالة

0.89

تقویم الحجج والأدلة الواردة فى الموضوع المقروء.

0.70

 0.32

 1.43

 0.51

17.34

     دالة

0.89

تقویم مهارة الکاتب على الاستشهاد فى حینه.

0.90

 0.55

1.37

 0.49

17.05

     دالة

0.88

الحکم على مدى کفایة المعلومات والأدلة الواردة فى الموضوع المقروء.

 1.22

 0.46

2.48

 0.83

18.06

     دالة

0.90

الحکم على مدى التزام الکاتب بالأمانة العلمیة فى الموضوع.

 1.07

 0.27

2.29

 0.77

17.98

     دالة

0.89

المهارات ککل

 11.89

4.56

23.08

5.12

27.37

     دالة       

0.95

یتضح من الجدول (4) أنه:

1-   توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (0.05) بین متوسطات درجات الطالبات مجموعة البحث فى التطبیقین القبلى والبعدى لاختبار القراءة الناقدة لصالح التطبیق البعدى، وذلک فى کل مهارة على حدة وفى المهارات ککل ؛ وبذلک یُقبل الفرض الأول للبحث .

2-   یوجد حجم تأثیر کبیر للنموذج التدریسى فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة ککل، وفى کل مهارة من مهاراتها على حدة.

ویمکن إرجاع النتائج التى تم التوصل إلیها إلى الأسباب التالیة :

v    بالنظر إلى مراحل النموذج التدریسى وإجراءاته نجد أنها قد ساهمت فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى الطالبات، حیث منحت لهن الفرصة لمعالجة الموضوعات والقضایا الأخلاقیة بوعى وفق خطوات منظمة، تبدأ بتحدید الموضوعات والقضایا الأخلاقیة وتنشیط

 

v    المعرفة السابقة حولها ووضعها فى بؤرة الاهتمام، انتقالاً إلى إدراک عناصر القضیة وأبعادها المختلفة واستیعاب معانیها وأفکارها الکلیة والجزئیة وأوجه الجدل حولها، وصولاً إلى نقد وتقییم معلوماتها وأفکارها والحکم علیها.

v    لاقى محتوى النموذج قبولاً کبیراً من الطالبات وکان هناک شعور من جانبهن بالرغبة فى دراسة موضوعاته لاتصالها بالواقع الحیاتى المعاصر، وارتباطه بالقضایا والمشکلات الأخلاقیة التى یتم مواجهتها فى المجتمع، واتضح ذلک من حرصهن على حل جمیع التدریبات، والقیام بالأنشطة المتضمنة بکتاب الطالب، والمبادرة بالمشارکة والتفاعل فى أثناء تدریس موضوعات القراءة.

v     أتاح المحتوى للطالبات الفرصة للربط بین معلومات الموضوع المقروء وتفسیرها فى ضوء الواقع؛ مما ساعدهن على الفهم العمیق للقضایا والموضوعات، وأعانهن ذلک على توظیف مهارات الاستنتاج والتفسیر والتحلیل والحکم على المحتوى المقروء.

v    وفر النموذج السیاق الضرورى واللازم للطالبات لکى یتفاعلن مع الموضوع، حیث اهتم بربط المعلومات الجدیدة التى یتضمنها الموضوع المقروء بالمعرفة السابقة لدیهن، وقدم موضوعات القراءة بصورة غیر تقلیدیة تتسم بالإثارة والتشویق والوظیفیة، وأتاح الفرصة للتفاعل والمشارکة الإیجابیة وتبادل الآراء والأفکار وتوظیف العملیات العقلیة المعرفیة، وإیقاظ الوعى الناقد للعوامل الکامنة وراء القضایا والمشکلات الجدلیة، والذى مکَّن الطالبات من التمییز بین الأفکار، والتفریق بین الحقائق التى یمکن إثباتها والادعاءات أو المزاعم، ومکَّنهن أیضاً من الوقوف على مدى انحیاز الکاتب للقضیة الواردة بالموضوع، وتحدید مدى سلامة المعلومات، والتأکد من کفایتها ومصداقیتها وترابطها، وتعرف المغالطات غیر المنطقیة، واتخاذ قرار بشأن القضایا التى یتم دراستها.

v    منح النموذج الفرصة لخلق مناخ یسوده التأمل الواعى للأفکار، والقیام بالعدید من الأنشطة الاستقصائیة التى أتاحت للطالبات فرصة الوصول إلى المعرفة بصورة مستقلة، وتمکینهن من التفاعل معها، وتوظیفهن لمهارات الملاحظة والاستنتاج والتفسیر؛ وهذا حسَّن من أدائهن لمهارات القراءة الناقدة.

v    توجیه النموذج للطالبات لأداء کم هائل من الأنشطة التى مکنتهن من تبادل وجهات النظر حول القضایا الجدلیة المقروءة، والبحث الناقد فى البدائل، ودراسة النتائج المتوقعة أو البدائل المتاحة بطریقة علمیة، وعمل مناقشات حولها، وإبراز أشکال المعارضة أو التأیید فیها، وتقدیر الرأى والرأى الآخر، فضلاً عما استلزمته هذه الأنشطة من تحلیل للموضوعات وربط المعلومات والأفکار مع بعضها البعض، وتقویم هذه المعلومات والأفکار فى ضوء ما لدیهن من خبرات سابقة، وکل هذه مخرجات ترتبط بمهارات القراءة الناقدة.

v    تشجیع النموذج للطالبات على المناقشة والحوار البنَّاء مع تقبل آرائهن المختلفة، وتوفیر مناخ یقوم على الأمان والتدعیم والقبول وعدم التهدید، وهذا وفر جواً من الحریة فى التعامل مع ما تتضمنه الموضوعات المقروءة، وساعدهن على الوصول إلى أفکار رحبة حول النص القرائى دون قید أو ضغط؛ مما ساهم فى نقده وتقییمه والحکم علیه بصورة موضوعیة.

v    تنوع طرائق التدریس الموظفة بمراحل وإجراءات النموذج، والتى راعت فلسفة ومبادئ التحلیل الأخلاقى، بما ساهم فى تنوع الخبرات التعلیمیة ومراعاة الفروق الفردیة للطالبات، وإثارة دافعیتهن لأداء المهارات المستهدفة، فضلاً عن أن توظیف مجموعة من الأسئلة الکاشفة مکَّن الطالبات من إدراک الفروق والاختلافات الممیزة لمعلومات القضایا المقروءة الأمر الذى أدى إلى تحسن قدرتهن على الاستنتاج، والتمییز، والمقارنة، والنقد، والتقویم.

v    توفیر التغذیة الراجعة من قبل المعلم عن طریق التوجیه والإرشاد والتشجیع والاستحسان من خلال الأسئلة المتنوعة التى یوجهها للطالبات؛ مما ساعد على زیادة الحافز لدیهن على الترکیز والوعى الناقد بالقضایا المقروءة والتعایش مع محتواها.

هذا وقد اتفقت هذه النتیجة مع نتائج العدید من البحوث التى أثبتت أن لمدخل التحلیل الأخلاقى دوراً فى تناول وعرض ومناقشة القضایا ذات الطبیعة الجدلیة، وأنه یمکِّن من التفاعل مع الخبرات التربویة بفاعلیة وإیجابیة، کما أنه یعین على تنمیة مهارات التفکیر والنقد والحکم واتخاذ القرار ومنها بحوث:      (إسلام عبدالحلیم، 2005) (أحمد أبو شاهین، 2012) (Quinn, 2012) (تهانى محمد، 2013) (Williams, 2013) (إیناس الملاح، 2014).

کما تتفق مع البحوث التى أثبتت دور المناقشات، والتفاعل الواعى، والبحث، والتعلم المتمرکز نحو الطالب، والأنشطة التى تقوم على التحلیل والربط والتفکیر، وإسهامها فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة، ومنها بحوث کل من: (وحید حافظ، 2008) (بکر محمود ، 2009) (Tomasek, 2009) (Perales, 2011) (محمد عیسى، 2013) (مختار عبد اللاه، 2014) (Karabay, 2015) (سید إبراهیم، 2016).

 [2] النتائج المتعلقة بمقیاس الذکاء الأخلاقى.

للإجابة عن التساؤل الفرعى السابع للبحث، والذى یتعلق بتأثیر النموذج التدریسى القائم على مدخل التحلیل الأخلاقى على تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى طلاب الصف الأول الثانوى؛ تم تحلیل البیانات واستخراج المتوسطات والانحرافات المعیاریة المتعلقة بالتطبیقین القبلى والبعدى لمقیاس الذکاء الأخلاقى، وتمت المقارنة بین أداء الطالبات فى القیاسین، وذلک فى کل بعد على حدة من أبعاد المقیاس، وفى المقیاس ککل، ویعرض الجدول (5) نتائج تحلیل البیانات.

جدول (5)

 المتوسطات الحسابیة والانحرافات المعیاریة وقیم (ت) لدرجات مجموعة البحث فى التطبیقین القبلى والبعدى لمقیاس الذکاء الأخلاقى.

أبعاد المقیاس

التطبیق القبلى

التطبیق البعدى

قیمة

"ت"

الدلالة عند مستوى

(0.05)

حجم التأثیر

 

   م 1

   ع1

   م2

  ع2

التعاطف

19.75

 2.20

47.59

 2.39

54.53

دالة

0.98

الضمیر

18.64

 2.37

 44.45

 2.29

50.40

دالة

0.98

الضبط الذاتى

16.21

 2.05

45.13

 2.34

56.83

دالة

0.98

الاحترام

19.64

 2.17

 47.83

 2.21

55.85

دالة

0.98

التسامح

17.27

 1.96

 46.78

 2.12

58.58

دالة

0.98

العدل

21.05

 1.17

 48.32

 1.91

64.67

دالة

0.99

المقیاس ککل

112.8

11.27

280.1

12.49

84.18

دالة

0.99

یتضح من الجدول (5) أنه:

1-   توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (0.05) بین متوسطات درجات الطالبات مجموعة البحث فى التطبیقین القبلى والبعدى لمقیاس الذکاء الأخلاقى لصالح التطبیق البعدى، وذلک فى کل بعد على حدة من أبعاد المقیاس، وفى الأبعاد ککل، وبذلک یُقبل الفرض الثانى للبحث .

2-   یوجد حجم تأثیر کبیر للنموذج التدریسى فى الارتقاء بالذکاء الأخلاقى بأبعاده المختلفة.

ویمکن إرجاع النتیجة السابقة إلى ما یلى :

v    اشتمال محتوى النموذج على قضایا ومشکلات تتضمن مغزًى أخلاقیاً، وتفسیر وتحلیل ونقد  المعلومات والأخلاقیات المتعلقة بها بشکل صحیح، والبحث والدراسة وإعمال العقل حولها، وتفنید الأدلة والحجج المتعلقة بها، وغیر ذلک مما قدمه مدخل التحلیل الأخلاقى؛ کل هذا ساعد على تعزیز تعلم الفضائل والمبادئ الأخلاقیة، واکتساب السلوک الموافق لها.

v    مبادئ استخدام مدخل التحلیل الأخلاقى، والتى منحت الفرصة للطالبات للحوار والمناقشة وإبداء الرأى لفهم القضایا الجدلیة الشائکة، ووضع الحلول، واقتراح البدائل والمفاضلة بینها، واتخاذ القرار السلیم بشأنها؛ مما أتاح للطلاب الفرصة للطالبات لتعرف الصواب من الخطأ، وصنع القرارات الصحیحة.

v    تشجیع النموذج التدریسى بمراحله وإجراءاته على تحدید المعاییر الأخلاقیة الصحیحة المتعلقة بالقضایا الأخلاقیة الجدلیة، وإتاحة الفرصة للطالبات لمناقشة المواقف الأخلاقیة المتضمنة بالقضایا الجدلیة فى ضوئها، وطرح أفکارهن وآرائهن ومشاعرهن تجاهها بحریة ودون خوف أو تهدید أو عقاب، ومساعدتهن على صیاغة خیارات شخصیة حول القضیة عن طریق استیضاح القیم الأخلاقیة وتقییم ودراسة عواقب ونتائج اختیاراتهن، وتفسیر الأسباب والمبررات العقلیة للاختیارات الأخلاقیة المختلفة؛ مما أدى إلى تکوین الحس الأخلاقى لدى الطالبات وامتلاک القناعات التى تجعلهن یسلکن سلوکاً أخلاقیاً.

v    توفیر بیئة تعلیمیة تقوم على التواصل الفعّال بین المعلم والطالبات، والطالبات بعضهن البعض، والمبنى على الود والتعاطف والتسامح وتقبل آراء الآخرین واحترامها ونبذ العنف والتعصب، بالإضافة إلى الأنشطة والمهمات التعلیمیة التى حثت الطالبات على تحمل المسؤولیة وتقبل الاختلاف والاعتراف بالخطأ والتجاوز عن أخطاء الأخریات، وهذه جمیعها سلوکیات ترتبط بفضائل الذکاء الأخلاقى وتدعمها لدى الطالبات.

وتتفق النتیجة السابقة مع نتائج العدید من البحوث التى أثبتت تأثیر مدخل التحلیل الأخلاقى ومکوناته واستراتیجیاته على الارتقاء بمهارات التفکیر التى تدعم السلوک الأخلاقى لدى الطلاب، ومساهمته فى بناء نظام قیمى أخلاقى یمکِّن الطلاب من صناعة القرارات والسلوکیات الأخلاقیة الصحیحة وتجنب ما هو خطأ، ومنها بحوث (Gabali, 2002) (تهانى محمد، 2013) (Williams, 2013) (إیناس الملاح، 2014) (Artman, 2016).

 

 

 

ثانیاً: توصیات البحث

          فى ضوء مشکلة البحث وما کشفت عنه من نتائج یمکن تقدیم التوصیات التالیة:

1-      لما کان البحث الحالى توصل إلى قائمة بمهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى؛ لذا یوصى بإعادة النظر فى أهداف تعلیم القراءة لدى طلاب المرحلة الثانویة، وتضمین تلک القائمة على مستوى الأهداف، والمحتوى، وکذا الأنشطة والتقویم.

2-      عقد دورات تدریبیة وورش عمل لمعلمى اللغة العربیة فى المرحلة الثانویة تستهدف تعریفهم بماهیة القراءة الناقدة ومهاراتها، والمداخل والاستراتیجیات الحدیثة والأنشطة التدریسیة التى یمکن أن تساهم فى تنمیتها لدى الطلاب .

3-      تبصیر واضعى مناهج اللغة العربیة بأهمیة تطویر أهداف ومحتوى تعلیم القراءة فى المرحلة الثانویة، وتضمینها بعض الموضوعات المتعلقة بالتربیة الأخلاقیة، بالإضافة إلى تضمین أدلة معلم اللغة العربیة توجیهات لاستخدام التحلیل الأخلاقى فى أثناء تدریس تلک الموضوعات.

4-      تضمین القضایا الأخلاقیة الجدلیة بمحتوى القراءة المقرر على طلاب المرحلة الثانویة.

5-      الإفادة من اختبار القراءة الناقدة الذى قدمه البحث فى تطویر أسالیب تقویم مهارات القراءة الناقدة ، وتشخیص مستوى أداء الطلاب فى ضوئه.

6-      التأکید عل الجانب الأخلاقى للطالب عند تعلیم اللغة العربیة، باعتباره رکیزة أساسیة فى إعداد مواطن صالح، ولتمکینه من مواجهة تحدیات العصر المختلفة بسلوک مناسب.

7-      عقد دورات تدریبیة لمعلمى اللغة العربیة لتوعیتهم بأهمیة العنایة بالجانب الأخلاقى لطالب المرحلة الثانویة، بما یتضمنه هذا الجانب من ذکاء أخلاقى أو ممارسة سلوکیات أخلاقیة.

ثالثاً: مقترحات البحث . 

فى ضوء ما أسفر عنه البحث من نتائج وتوصیات یمکن اقتراح إجراء البحوث المستقبلیة التالیة:

1-     نموذج تدریبى للطلاب المعلمین بشعبة اللغة العربیة فى ضوء مدخل التحلیل الأخلاقى لتنمیة الفهم الناقد والوعى بالقضایا الأخلاقیة.

2-     دراسة أثر برنامج قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى فى تنمیة مهارات الاستماع الناقد واتخاذ القرار الأخلاقى لدى طلاب المرحلة الثانویة.

3-     دراسة أثر تعلیم القراءة باستخدام إجراءات التحلیل الأخلاقى لتنمیة الفهم القرائى والقیم الأخلاقیة لدى الطلاب فى المراحل التعلیمیة المختلفة.

4-     دراسة العلاقة بین أداء الطلاب لمهارات الذکاء الأخلاقى والقدرة على اتخاذ القرار الأخلاقى لدیهم.


مراجـع البحـث

أولاً: المراجع العربیة:

1-       ابتهال محمود أبو رزق وسعاد عبد الکریم الوائلى (2013): أثر التدریب على مهارات القراءة الناقدة فى تحصیل طالبات الصف العاشر الأساسى واتجاهاتهن نحو قراءتها، مؤتة للبحوث والدراسات، سلسلة العلوم الإنسانیة والاجتماعیة، المجلد الثامن والعشرون، العدد السادس.

2-       ابن مسکویه (د.ت): تهذیب الأخلاق وتطهیر الأعراق، ط2، بیروت، دار مکتبة الحیاة للطباعة والنشر.

3-       أحمد شلبى أبو شاهین (2012): فاعلیة مدخل التحلیل الأخلاقى فى الدراسات الاجتماعیة فى تنمیة مهارات التفکیر الناقد وقیم المواطنة لدى طلاب المرحلة الإعدادیة، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة، جامعة المنصورة.

4-       أسامة کمال الدین سالمان (2011): فعالیة استراتیجیة ما وراء الذاکرة فى تنمیة التحصیل وبعض مهارات القراءة الناقدة والکتابة الإبداعیة فى مادة البلاغة لدى طلاب الصف الثانى الثانوى، مجلة بحوث التربیة النوعیة، جامعة المنصورة، العدد الثالث والعشرون، أکتوبر، الجزء الأول.

5-      إسلام الرفاعى عبد الحلیم (2005): فاعلیة برنامج للأخلاقیات الحیویة فى تنمیة المعرفة والقیم البیولوجیة ومهارات التفکیر الناقد لدى معلمى الأحیاء قبل الخدمة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة بکفر الشیخ، جامعة طنطا.

6-      إسلام الرفاعى عبد الحلیم (2007): الأخلاقیات الحیویة مدخلاً لتعلیم المفاهیم البیولوجیة المعاصرة، القاهرة، دار الفکر العربى.

7-       إسماعیل ربابعة وعبد الکریم أبو جاموس (2012): أثر برنامج تعلیمى فى القراءة الناقدة فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة والکتابة الناقدة والإبداعیة لدى طلبة الصف العاشر فى الأردن، مجلة جامعة النجاح للعلوم الإنسانیة، فلسطین، المجلد السادس والعشرون، العدد الخامس .

8-       إیمان حسنین عصفور (2012): استخدام التصور العقلى فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى الطالبات المعلمات شعبة الفلسفة والاجتماع، مجلة الجمعیة التربویة للدراسات الاجتماعیة، العدد السادس والأربعون، سبتمبر.

9-       إیمان حسنین عصفور (2014): برنامج فى التربیة بالحب قائم على مبادئ المدخل الإنسانى لتنمیة الذکاء الأخلاقى ومهارات التواصل الصفى لدى الطالبة المعلمة شعبة الفلسفة والاجتماع، دراسات عربیة فى التربیة وعلم النفس، رابطة التربویین العرب، العدد الرابع والخمسون، أکتوبر.

10-    إیمان عباس الخفاف (2011): الذکاءات المتعددة "برنامج تطبیقى"، الأردن، دار المناهج للنشر والتوزیع.

11-  إیناس محمد الملاح (2014): فاعلیة برنامج قائم على مدخل التحلیل الأخلاقى لبعض القضایا البیولوجیة الجدلیة فى تنمیة المعتقدات المعرفیة البیولوجیة واتخاذ القرار الأخلاقى لدى طلبة کلیة التربیة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة الزقازیق.

12-    بکر إسماعیل محمود (2009): فاعلیة طریقتى الاکتشاف الموجه والتعلیم التعاونى فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة، جامعة الأزهر.

13-    تهانى محمد محمد (2013): فاعلیة وحدة مقترحة فى الحرب البیولوجیة باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى فى تنمیة القدرة على اتخاذ القرار وبعض مهارات التفکیر الأخلاقى لدى الطلاب المعلمین بکلیة التربیة، مجلة التربیة العلمیة، الجمعیة المصریة للتربیة العلمیة، المجلد السادس عشر، العدد الثانى.

14-    جمعة فاروق فرغلى (2013): الذکاء الأخلاقى وعلاقته بالصحة النفسیة لدى عینة من المراهقین، مجلة کلیة التربیة، جامعة الأزهر، العدد الرابع والخمسون بعد المائة، المجلد الثانى ، یولیو.

15-    حزیمة کمال عبد الحمید (2012): تنمیة الذکاء الأخلاقى فى ظل العولمة، المؤتمر العلمى العربى التاسع لرعایة الموهوبین والمتفوقین،شباب مبدعإنجازاتواعدة، المجلد الثانى، المجلس العربى للموهوبین والمتفوقین، الأردن، 10-11 نوفمبر.

16-    حسن سید شحاته (2016): المرجع فى فنون القراءة العربیة لتشکیل إنسان عربى جدید، القاهرة، دار العالم العربى.

17-  حسن شحاته وزینب النجار (2003): معجم المصطلحات التربویة والنفسیة، القاهرة، الدار المصریة اللبنانیة.

18-    رشدى أحمد طعیمة ومحمد علاء الدین الشعیبى (2006): تعلیم القراءة والأدب استراتیجیة مختلفة لجمهور متنوع، القاهرة، دار الفکر العربى.

19-    سالى صلاح قاسم (2010): فاعلیة برنامج إرشادى متکامل لتنمیة الذکاء الأخلاقى لدى طلاب کلیة التربیة، مجلة کلیة التربیة بالإسماعیلیة، العدد السابع عشر، مایو.

20-    سعید السید المرقاقى (2013): فاعلیة استخدام مدخل التعلم الخلیط فى تدریس القراءة على التحصیل وتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى تلامیذ الصف الخامس الابتدائى، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة بالغردقة، جامعة جنوب الوادى.

21-    سماح محمود إبراهیم (2016): النمذجة البنائیة للعلاقات بین الحکمة والذکاء الأخلاقى والذکاء الشخصى والذکاء الاجتماعى لدى طالبات المرحلة الجامعیة، دراسات عربیة فى التربیة وعلم النفس، رابطة التربویین العرب، العدد السادس والسبعون، أغسطس.

22-    سناء محمد أحمد (2011): فاعلیة استخدام أنشطة الذکاءات المتعددة على تنمیة مهارات القراءة الناقدة والکتابة الإبداعیة والدافع للإنجاز لدى تلامیذ الصف السادس الابتدائى، المجلة التربویة لکلیة التربیة بسوهاج، العدد الثلاثون، یولیو.

23-    السید حسین حسین (2007): فاعلیة برنامج مقترح قائم على نظریة التلقى فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى التلامیذ المتفوقین بالمرحلة الإعدادیة العامة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة بدمیاط، جامعة المنصورة.

24-    سید رجب إبراهیم (2016): نموذج لتدریس القراءة قائم على النظریة التأویلیة النقدیة لتنمیة مهارات الفهم الناقد لدى تلامیذ المرحلة الإعدادیة، دراسات فى المناهج وطرق التدریس، الجمعیة المصریة للمناهج وطرق التدریس، العدد الحادى عشر بعد المائتین، ینایر.

25-    شافى فهد المحبوب ولید أحمد الکندرى وعبد الرحیم عبد الهادى عبد الرحیم (2010): صعوبات تنمیة مهارات القراءة الناقدة من وجهة نظر معلمى اللغة العربیة بالمدرسة الثانویة بدولة الکویت، مجلة کلیة التربیة، جامعة عین شمس، العدد الرابع والثلاثون، الجزء الثانى.

26-    شیماء حسن حامد (2016): فاعلیة برنامج إلکترونى قائم على القصص القرآنى فى تنمیة بعض المفاهیم العقائدیة والذکاء الأخلاقى لدى طلاب کلیة التربیة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة بالغردقة، جامعة جنوب الوادى.

27-  صفاء محمد محمود (2008) : مهارات التفکیر فى تعلم اللغة العربیة وتعلیمها وفقاً للمدخل "الفکرى – الوظیفى – اللغوى" ، الأسکندریة ، مؤسسة حورس الدولیة.

28-    عبدالرحیم عباس أمین (2014): برنامج قائم على التلمذة المعرفیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب شعبة اللغة العربیة، مجلة کلیة التربیة، جامعة طنطا، العدد الخامس والخمسون، یولیو.

29-    عقیلى محمد موسى (2015): برنامج مقترح فى اللغة العربیة قائم فى ضوء التحدیات القرائیة المعاصرة وأثره على تنمیة مستوى التنور اللغوى والبیئى لدى طلاب المرحلة الثانویة، دراسات عربیة فى التربیة وعلم النفس، رابطة التربویین العرب، العدد الثانى والستون، یونیو.

30-    على أحمد مدکور (2009): تدریس فنون اللغة العربیة "النظریة والتطبیق"، الأردن، دار المسیرة للنشر والتوزیع والطباعة.

31-    على أسعد وطفة (2011): مرتکزات التربیة الأخلاقیة فى عصر متغیر، مجلة الطفولة العربیة، الکویت، العدد التاسع والأربعون، المجلد الثالث عشر.

32-    على أسعد وطفة (2013): فى مفهوم الأخلاق : قراءة فلسفیة معاصرة، مجلة شؤون اجتماعیة، الشارقة، جمعیة الاجتماعیین بالشارقة، العدد التاسع عشر بعد المائة، السنة الثلاثون.

33-    فتحى على یونس (2014): اتجاهات حدیثة وقضایا أساسیة فى تعلیم القراءة وبناء المنهج، القاهرة، مکتبة وهبة.

34-    فوزى عبد الغنى عبد الباقى (2015): برنامج إثرائى قائم على النظریة البنائیة لتنمیة مهارات القراءة النقدیة والتعبیر الکتابى الإبداعى لدى تلامیذ الحلقة الإعدادیة، رسالة دکتوراه، کلیة الدراسات العلیا للتربیة، جامعة القاهرة.

35-  لیزل وآخرون (2004): تدریس العلوم فى المدارس الثانویة "استراتیجیات تطویر الثقافة العلمیة"، ترجمة: محمد جمال الدین عبد الحمید وآخرون، العین، دار الکتاب الجامعى.

36-    ماهر یسرى (2005): اختبارات الذکاء وسائل القیاس العقلى، الجیزة، دار طیبة للطباعة.

37-    مجدى عبد الوهاب قاسم وحسین بشیر محمود وأحلام الباز حسن (2011): المستویات المعیاریة لخریج التعلیم قبل الجامعى فى الألفیة الثالثة، القاهرة، دار الفکر العربى.

38-    مجمع اللغة العربیة (2008): المعجم الوسیط، الطبعة الرابعة، القاهرة، مکتبة الشروق الدولیة.

39-    مجمع اللغة العربیة (2011): المعجم الوجیز، القاهرة، الهیئة العامة لشئون المطابع الأمیریة.

40-    محمد إبراهیم محمد (2009): نظریة الذکاء الأخلاقى، علم النفس التربوى، http://www.minshawi.com/vb/showthread.php?t=5511 ، تم الاطلاع علیه فى 15/8/2016.

41-    محمد أحمد عیسى (2013): استراتیجیة مقترحة قائمة على مدخل القراءة الاستراتیجیة التعاونیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة، دراسات فى المناهج وطرق التدریس، الجمعیة المصریة للمناهج وطرق التدریس، العدد السادس والتسعون بعد المائة، یولیو.

42-    محمد أحمد عیسى وولید محمد أبو المعاطى (2013): مستوى القراءة الناقدة والوعى باستراتیجیاتها لدى طلبة الدراسات العلیا بکلیة التربیة فى ضوء بعض المتغیرات، مجلة کلیة التربیة، جامعة الأزهر، العدد السادس والخمسون بعد المائة، الجزء الأول ، دیسمبر. 

43-    محمد رزق البحیرى وزینب محمد الشیشینى وزهوة منیر حجاج (2013): الذکاء الأخلاقى وعلاقته بالمهارات الاجتماعیة لدى عینة من المراهقین المکفوفین، مجلة دراسات الطفولة، مصر، المجلد السادس عشر، العدد الستون، سبتمبر.

44-  محمد صالح الشهرى (2009): تقویم محتوى کتب الأحیاء بالمرحلة الثانویة فى ضوء مستحدثات علم الأحیاء وأخلاقیاتها، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة أم القرى.

45-    محمد عبد الهادى حسین (2005): مدرسة الذکاءات المتعددة، العین، دار الکتاب الجامعى.

46-    محمد عبید الظنحانى (2011): فنیات تعلیم القراءة فى ضوء الأدوار الجدیدة للمعلم والمتعلم، القاهرة، عالم الکتب.

47-    محمود کامل الناقة ووحید السید حافظ (2006): تعلیم اللغة العربیة فى التعلیم العام مداخله وفنیاته، القاهرة، کلیة التربیة، جامعة عین شمس.

48-    مختار عبدالخالق عبداللاه (2008): تدریس القراءة فى عصر العولمة "استراتیجیات وأسالیب جدیدة"، کفر الشیخ، دار العلم والإیمان للنشر والتوزیع.

49-    مختار عبدالخالق عبداللاه (2014): فاعلیة برنامج تدریبى قائم على القراءة الالکترونیة الحرة الموجهة فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة والاتجاه نحو القراءة لدى الطلاب معلمى اللغة العربیة، مجلة القراءة والمعرفة، الجمعیة المصریة للقراءة والمعرفة، العدد الثامن والأربعون بعد المائة، فبرایر.

50-    مروى محمد عبد الوهاب (2006): أثر تنمیة مهارة القراءة الناقدة فى الاتجاهات نحو القراءة لدى تلامیذ المرحلة الابتدائیة، رسالة ماجستیر، معهد الدراسات والبحوث التربویة، جامعة القاهرة.

51-    مسعد عبد العظیم صالح (2014): دراسة لمکونات الذکاء الأخلاقى وعلاقتها بتقدیر الذات وبعض المتغیرات لدى طلاب الجامعة، مجلة کلیة التربیة بأسوان، العدد الثامن والعشرون، إبریل.

52-    منال محمد خلیل (2006): أثر برنامج مقترح فى بعض القضایا البیولوجیة المستحدثة على تنمیة فهم العلم والتحصیل والاتجاهات نحو تلک القضایا لدى الطالب المعلم، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة عین شمس.

53-    مها جلال شعیب (2012): فاعلیة برنامج مقترح لتنمیة الذکاء الأخلاقى وأثره على بعض المتغیرات النفسیة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة المنوفیة.

54-    موفق بشارة (2013): أثر برنامج مستند إلى نظریة بوربا فى تنمیة الذکاء الأخلاقى لدى أطفال قرى SOS فى الأردن، المجلة الأردنیة فى العلوم التربویة، المجلد التاسع، العدد الرابع.

55-    میشیل بوربا (2007): بناء الذکاء الخلقى "الفضائل الجوهریة السبعة"، ترجمة: سعد الحسنى، مجلة الحوار المتمدن، العدد التاسع والستون بعد الألفین.

56-    نایل درویش الشرعة وفارس صالح محمد (2004): أثر القراءة الناقدة على التعبیر الکتابى لدى طلاب الصف العاشر الأساسى، دراسات العلوم التربویة، الأردن، المجلد الحادى والثلاثون، العدد الأول.

57-    هبة جابر عبد الحمید (2012): فاعلیة برنامج إرشادى معرفى سلوکى لتنمیة الذکاء الأخلاقى وتأکید الذات فى تعدیل بعض السلوکیات الدالة على الجنوح الکامل لدى عینة من المراهقین الصم، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة سوهاج.

58-    هدى فهمى السمالوسى (2014): فاعلیة استراتیجیات القبلیات العرفانیة فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة والاتجاه نحوها لدى طلاب المرحلة الثانویة، رسالة دکتوراه، معهد الدراسات التربویة، جامعة القاهرة.

59-   هدى وزیر محمد (2010): فاعلیة استخدام استراتیجیة القبعات الست فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب الصف الأول الثانوى، مجلة القراءة والمعرفة، الجمعیة المصریة للقراءة والمعرفة، العدد الثانى بعد المائة، إبریل.

60-    وحید السید حافظ (2008): فاعلیة استراتیجیة الخریطة الدلالیة فى تنمیة مهارات القراءة الناقدة لدى طلاب المرحلة الثانویة، دراسات فى المناهج وطرق التدریس، الجمعیة المصریة للمناهج وطرق التدریس، العدد الحادى والثلاثون بعد المائة، مارس.

ثانیاً: المراجع الأجنبیة:

61-         Artman , N. (2016): From Eric to Tarzan: An Ethical Analysis of Lead Male Characters in Disney Animation Films Produced During the Company’s Renaissance Era, Ph.D. Thesis, Indiana University of Pennsylvania, Dissertation/thesis number: 10239873

62-    Borba, M. (2001): Building Moral Intelligence: The Seven Essential Virtues that Teach Kids to Do the Right Thing, San Francisco, Jossey – Bass

63-    Borba, M. (2003): Tips for Building Moral  Intelligence in Students, Curriculum Review, Vol. 42, Issue 7, Mar.

64-    Chua, T. & Crawford, L. (2000): Developing The Moral Intelligence of Children, Singapore, National Institute of Education.

65-         Clarken, R. (2009): Moral Intelligence in the School, Paper presented at the Annual Meeting of the Michigan Academy of Sciences, Arts and Letters,  Wayne State University.

66-    Clarken, R. (2010): Considering Moral Intelligence as Part of a Holistic Education, Paper presented at the Annual Meeting of the American Educational Research Association,  Denver, CO, 30 April - 4 May .

67-    Coles, R (1997): The Moral Intelligence of Children, New York, Random House, Inc.

68-         Collmann, J. & Matei, S. (2016): Ethical Reasoning in Big Data An Exploratory Analysis, U.S.A, Springer International Publishing,

69-    Copeland, R. et al. (2007) : Merriam - Webster’s Collegiate Dictionary, (Eleventh ed.), U.S.A., Jungle Publications, Merriam Webster, Incorporated Springfield , Massachusetts.

70-     Faramarzi, M. et al. (2014): The Role of Moral Intelligence and Identity Styles in Prediction of Mental Health Problems in Healthcare Students , Health, Vol. 6, Issue 8.

71-         Gabali, C. (2002): Ethical Perspectives on an International Service Learning Program: A Comparative Content Analysis, Ed.D. Thesis, University of San Francisco, Dissertation / thesis number: 3072266

72-    Gardner, H (2003). Multiple Intelligences After Twenty Years, U.S.A, American Educational Research Association.

73-         Hill, A. (2004): Ethical Analysis in Counseling: A Case for Narrative Ethics, Moral Visions, and Virtue Ethics, Counseling and Values, Vol .48,  No .2 , Jan.

74-         Holisti, O. (1996): Content Analysis for the Social Sciences and Humanities, London Massachusetts, Addison - Wesley Publishing Company.

75-         Karabay, A. (2015): The Guiding Effects of a Critical Reading Program on the Use of External Reading Strategies When Confronting an Ironical Text, Educational Research and Reviews, Vol. 10, No.16, Aug.

76-         Marschall, S. & Davis, C. (2012): A Conceptual Framework for Teaching Critical Reading to Adult College Students, Adult Learning, Vol. 23, Issue 2.

77-         Mendelman, L. (2008): Critical Thinking and Reading, Journal of Adolescent & Adult Literacy, Vol. 51, Issue 4.

78-         Neal, C. & Elliott, T. (2009): The Ethics of Setting Course Expectations to Manipulate Student Evaluations of Teaching Effectiveness in Higher Education: An Examination of the Ethical Dilemmas Created by the Use of SETEs and a Proposal for Further Study and Analysis,Contemporary Issues in Education Research, Vol. 2, No.3 .

79-         Olson, L. (2007): Homegrown Tests Measure Core Critical-Reading Skills, Education Week, Vol. 26, No.35, May.

80-         Olusola, O. & Ajayi, O. (2015): Moral Intelligence: An Antidote to Examination Malpractices in Nigerian Schools,Universal Journal of Educational Research, Vol. 3, No.2.

81-    Patesan, M. (2014): Critical Reading, Revista Academiei Fortelor Terestre, Vol. 19, Issue 2.

82-     Perales, M. (2011):Teaching and Learning Critical Reading with Transnational Texts at a Mexican University: An Emergentist Case Study, Ph.D. thesis, University of Michigan, Dissertation / thesis number : 3476671

83-         Quinn, C. (2012): Studies on Critical Thinking for Environmental Ethics, Ph.D. Thesis, The University of Nebraska – Lincoln, Dissertation / thesis number: 3512814

84-         Tomasek, T. (2009):  Critical Reading : Using Reading Prompts to Promote Active Engagement with Text, International Journal of Teaching and Learning in Higher Education, Vol. 21, No.1.

85-         Tsai, P. (2013): Effects of Prompting Critical Reading of Science News on Seventh Graders' Cognitive Achievement, International Journal of Environmental and Science Education, Vol. 8, No.1, Jan .

86-         Wallace, C. (2003): Critical Reading in Language Education, New York, Palgrave Macmillan UK.

87-         Williams, M. (2013): A Normative Ethical Analysis of School Discipline Practices, Ph.D. Thesis, University of Rochester, Dissertation / thesis number : 3561048

 

 

 

 



(*) أستاذ المناهج وطرق تدریس اللغة العربیة المساعد بکلیة البنات – جامعة عین شمس .

(*) أستاذ المناهج وطرق تدریس اللغة العربیة المساعد بکلیة البنات – جامعة عین شمس .

[1] - الملحق (1) قائمة مهارات القراءة الناقدة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى .

[2] - الملحق (2) قائمة القضایا الأخلاقیة الجدلیة المناسبة لطلاب الصف الأول الثانوى .

[3] - الملحق (3) التحلیل الأول لمحتوى موضوعات القراءة للصفوف الثلاثة بالمرحلة الثانویة فى ضوء القضایا الأخلاقیة الجدلیة.

[4] - الملحق (4) التحلیل الثانى لمحتوى موضوعات القراءة للصفوف الثلاثة بالمرحلة الثانویة فى ضوء القضایا الأخلاقیة الجدلیة.

[5] - الملحق (5) کتاب طالب الصف الأول الثانوى لتعلم القضایا الأخلاقیة الجدلیة لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى.

[6] - الملحق (6) دلیل المعلم لتدریس القضایا الأخلاقیة الجدلیة لطلاب الصف الأول الثانوى باستخدام مدخل التحلیل الأخلاقى؛ لتنمیة مهارات القراءة الناقدة والذکاء الأخلاقى .

[7] - الملحق (7) اختبار القراءة الناقدة لطلاب الصف الأول الثانوى.

[8] - الملحق (8) مقیاس الذکاء الأخلاقى لطلاب الصف الأول الثانوى.

[9] - تم حذف مسمى کل بعد من أبعاد المقیاس فى النسخة التى تم تقدیمها للطلاب، کما لم یتم الالتزام بإدراج عبارات کل بُعد أسفل بعضها البعض .