نظرية التنمية المهنية عند أحمد القلقشندي من خلال کتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

أجابت الدراسة عن الأسئلة الآتية : ما أخلاقيات المهنة عند القلقشندي ؟ وما أبرز الجوانب الوجدانية والمعرفية والمهارية في التنمية المهنية  عند القلقشندي ؟ کما ختمت بتقديم إطار تربوي تطبيقي مستنبط من نظرية القلقشندي في التنمية المهنية . ومن نتائجها إبراز معايير أخلاقيات المهنة عند القلقشندي  ومنها  الجودة والجدارة والنزاهة وحسن السمعة والسرية والإخلاص . کما أظهرت الدراسة فلسفة القلقشندي في عرض مجالات التنمية المهنية  والعلاقة بينها ، وکيفية تنميتها ، وختمت الدراسة بعرض إطار تربوي تطبيقي ، يمکن الاستفادة منه في برامج التنمية للممارسين التربويين .

الكلمات الرئيسية


نظریة التنمیة المهنیة عند أحمد القلقشندی من خلال کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا

إعداد :

د.عبداللطیف بن عبدالعزیز الرباح

ملخص :

أجابت الدراسة عن الأسئلة الآتیة : ما أخلاقیات المهنة عند القلقشندی ؟ وما أبرز الجوانب الوجدانیة والمعرفیة والمهاریة فی التنمیة المهنیة  عند القلقشندی ؟ کما ختمت بتقدیم إطار تربوی تطبیقی مستنبط من نظریة القلقشندی فی التنمیة المهنیة . ومن نتائجها إبراز معاییر أخلاقیات المهنة عند القلقشندی  ومنها  الجودة والجدارة والنزاهة وحسن السمعة والسریة والإخلاص . کما أظهرت الدراسة فلسفة القلقشندی فی عرض مجالات التنمیة المهنیة  والعلاقة بینها ، وکیفیة تنمیتها ، وختمت الدراسة بعرض إطار تربوی تطبیقی ، یمکن الاستفادة منه فی برامج التنمیة للممارسین التربویین .


Abstract:

The study has answered the following questions: What are the professional ethics according to Al_Qalqashandi? What are the most prominent emotional, cognitive and professional sides in regard to the professional development according to Al_Qalqashandi? The study has concluded by providing practical and educational framework derived from the theory of Al_Qalqashandi in professional development. The study has highlighted the standards of professional ethics according Al_Qalqashandi, including the quality and dependability, integrity, good well, confidentiality and loyalty. It has also appointed the Al_Qalqashandi philosophy and approach toward the professional development sides and the relationship between them, and how should it be improved. Finally, the study has concluded by providing an educational and practical framework, which can benefit from the development programs for practitioners and researchers.


نظریة التنمیة المهنیة  عند أحمد القلقشندی من خلال کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا

إعداد :

د.عبداللطیف بن عبدالعزیز الرباح

تمهید :

تقدم النظریة  التربویة إفادات مهمة فی فهم واقع العمل التربوی ، وتسهم فی تشخیصه ، وحل مشکلاته . فآراء الخبراء المنظرین فی المیدان التربوی لاتقدّر بثمن .

إن التطور الواسع فی النظم التعلیمیة ، وضرورة مواکبتها لمعطیات العصر المتجددة والمتسارعة یستدعی ضرورة استمراریة التعلم للمعلم ، وتوسع مفهوم التنمیة المهنیة وضرورة استمراریته یحتم على التربویین إعطاء مزید من الاهتمام بالتنمیة المهنیة . یقول أبو جامع ( 2013)  " لما کان التعلیم الجامعی غیر قادر على مواجهة التحدیات التی تواجهه بمعزل عن العاملین بالجامعة لذا بات من الضروری السعی بتنمیة مهاراتهم على النحو الذی یمکنهم من الاضطلاع بأدوارهم المنسجمة مع متطلبات العصر " . ص 757

لذا فإن الحاجة إلى التنمیة المهنیة یتطلب أساساً نظریاً یکون منطلقا للممارسة فی مجال التنمیة المهنیة . یحفل الموروث العربی بکثیر من النظریات التی تحتاج إلى إعادة صیاغتها وإبراز معالمها ، ومن ثَم توظیفها فی الممارسة التربویة فی المجال المناسب ، وذلک لما تحمله من خبرات وإرشادات وتوجیهات أصیلة تفید الباحث ، والممارس المیدانی للعمل التربوی.

ومن أبرز العلماء الذین قدموا انتاجا علمیا متمیزا فی التنمیة المهنیة القلقشندی فی کتابه الشهیر ( صبح الأعشى فی صناعة الإنشا ) . حیث ذکر ابن العماد ابن العماد ( 1431ه ) أن القلقشندی ( ت 821هـ ) یمتاز بتمکنه من فن الکتابة وممارستها لمدة طویلة ، وإضافة إلى هذه الخبرة العملیة فقد تمکن فکریا من أسسها وآدابها حتى أخرج کتابه الشهیر  صبح الأعشى فی صناعة الإنشا فی 14 مجلدا تضمنت کل ما یحتاجه الراغب فی التمکن من الکتابة . کما عبر صراحة فی ضرورة تطویرها باعتبارها  مهنة فهو إذن یتبنى تمهین الکتابة مما یعنی ضرورة التنمیة المهنیة للکاتب یقول القلقشندی (1340 هـ )  " الکتابة من أشرف الصنائع وأرفعها ، وأربح البضائع وأنفعها ، وأفضل المآثر وأعلاها ، وآثر الفضائل وأغلاها ". (ج1ص6)

وبالنظر فی کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا یتبین شمولیته على الجوانب المهمة لبناء نظریة متکاملة فی التنمیة المهنیة . حیث یشتمل باستفاضة کبیرة على الجوانب المهمة فی التنمیة المهنیة وهی الجانب المعرفی والجانب الوجدانی والجانب المهاری ، کما یمتاز بدقته نظرا لحساسیة المجال الذی کتب فیه واشتغل فیه وهو الکتابة فی دیوان البلاط المملکوی مما یتطلب مستوى عالٍ من الجودة والبعد عن الخطأ ،  وقد کان عرض المعلومات یسیر باتساق ومنهجیة منتظمة ، بحیث یسهل على الباحث استجلاء النظریة ؛ فقد عالج موضوع التنمیة المهنیة بطریقة تربویة منهجیة متمیزة ، واهتم بتطویر الجوانب الأساسیة فی التنمیة المهنیة فیبدأ بالجانب الوجدانی ثم المعرفی ویختم بالمهاری فی تسلسل منطقی ، وتوظیف لکل مجال فی المجالات الأخرى . وهذا الربط والتوظیف متسق ومطرد فی النظریة بشکل عام .


وإذا کان کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا فی مجال محدد کتوجیهات لتنمیة قدرات الکُتّاب فإن النظریة المستنبطة بإذن الله ستکون ذات طابع تربوی یمکن بناء نماذج للتنمیة المهنیة للمشتغلین فی العمل التربوی عامة.

تحدید مشکلة الدراسة :

یحتاج الممارس التربوی لکثیر من المهارات المتجددة التی تتطلبها طبیعة عمله وطبیعة متغیرات العصر . ولکون التنمیة المهنیة أساسا ینبغی أن تنطلق من الممارس نفسه فإن تحدید احتیاجاته من المعلومات والقیم والمهارات یعتمد کثیراً على قدرته على فهم عمله وما یحتاجه انطلاقا من مسلمات التنمیة المهنیة عامة .   وقد أشارت منى الأسمر (1430 هـ) أن برامج التنمیة المهنیة تحتاج إلى ضبط منهجی فأدوارها الحالیة لا تزید عن تقدیم محاولات متواضعة فی شکل دورات یغلب علیها أسلوب المحاضرات النظریة والموضوعات التقلیدیة فی التربیة ، مع غیاب واضح للجانب التطبیقی.  ویلاحظ على معظمها عدم التنظیم والتنسیق، فلیست هناک سیاسات، وخطط، وأهداف واضحة ویؤخذ علی غالبیتها ضعف التخطیط العلمی لها وفق استراتیجیة واضحة . ولاشک أن وجود مرجعیة نظریة یساعد فی حسن الإعداد وترابط أنشطة التنمیة المهنیة ، وانسجامها .

والمطلع على نظریة القلقشندی فی التنمیة المهنیة یجد إنها تتسم بالشمول والترابط والاتساق ، مع الإثراء بالنماذج والأمثلة .  ولذا :

وجود حاجة لإبراز معالم نظریة القلقشندی فی التنمیة المهنیة ، وبیان المجالات التربویة التی یمکن توظیفها فیها " .


أسئلة البحث :

تتمثل أهداف البحث فی مایلی :

  1. ما أخلاقیات المهنة عند القلقشندی ؟
  2. ما أبرز معالم الجانب الوجدانی فی التنمیة المهنیة  عند القلقشندی ؟
  3. ما أبرز معالم الجانب المعرفی فی التنمیة المهنیة  عند القلقشندی ؟
  4. ما أبرز معالم الجانب المهاری فی التنمیة المهنیة  عند القلقشندی ؟
  5. ما الإطار التربوی التطبیقی الذی یمکن استنباطه من نظریة القلقشندی فی التنمیة المهنیة ؟

أهمیة الموضوع :

تمثلت أهمیة البحث فی الجانبین النظری والتطبیقی :

الأهمیة النظریة :

  1. إبراز نظریة لأحد علماء المسلمین الذی یتناول مجالا مهما من المجالات التربویة وهو التنمیة المهنیة .
  2. فتح آفاق جدیدة فی التوجیه الإسلامی من خلال إعادة اکتشاف الموروث التربوی من التراث الإسلامی والعربی والذی یعالج قضایا فنیة وإجرائیة ولیست فکریة فحسب . کما فی نظریة القلقشندی .

الأهمیة التطبیقیة :

  1. إثراء مجال النظریة التربویة بشکل عام بخدمة أحد مجالاتها مما یمکّن من تطویر نظریات فی مجالات تربویة أخرى کالتقویم ، والتعزیز ، والإدارة ، والمناهج ، والتخطیط .
  2. یمکن الإفادة من النظریة فی التنمیة المهنیة لمجالات تطبیقیة أخرى کالإرشاد النفسی والاجتماعی ، والقضاء ، والمحاماة ، وغیرها .

حدود البحث : اقتصر البحث على ماله صلة مباشرة فی التنمیة المهنیة من خلال کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا . التی عالجها فی مجمل الکتاب المکون من 14 جزءً  اعتمادا على الطبعة الأولى الصادرة من دار الکتب المصریة عام 1340هـ / 1922م .

منهج البحث :

نظرا لأن أجابة أسئلة البحث تتطلب دراسة النصوص فی کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا فإن المنهج المناسب لذلک هو المنهج الاستنباطی الذی عرّفه فودة وعبدالله ( 1410هـ ) بأنه "الطریقة التی یقوم فیها الباحث ببذل أقصى جهد عقلی ونفسی عند دراسة النصوص بهدف استخراج مبادئ تربویة مدعمة بالأدلة الواضحة " ص 42

المصطلحات : 

النظریة التربویة: یعرفها مور ( 1986 ، ص 23 ) بأنها "مجموعة من المبادئ المنظمة المترابطة وإرشادات الموجهة إلى المعنیین بالممارسة التربویة ، وهی نشاط من مستوى أعلى تهدف إلى توجیه الأنشطة التربویة فی المؤسسات التعلیمیة " ، وهذا یعنی أن النظریة تشکل منطلقا مهماً للممارسات والنشطة والفعالیات ، وتأتی أهمیتها بأنها توجه وتضبط الممارسات ، وإلا کانت عرضة للعشوائیة والتناقض وعدم الاتساق .

ویمکن تعریفها إجرائیا بأنها : المبادئ المنظمة المترابطة والإرشادات المستنبطة من کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا للقلقشندی التی یمکن للمربین توظیفها فی مسیرتهم العملیة .

التنمیة المهنیة : یعرفها عبد الحمید ( 2000 ، ص 161) بأنها " عملیة مستمرة على مدى سنوات الخدمة تشمل مجموعة من الخبرات والأنشطة التی تمکن المعلمین من تحسین کفاءتهم المهنیة فی تدریس الطلاب والقیادة وتأهیلهم لمواجهة ما یستحدث من تطورات تربویة وعلمیة ، وذلک من خلال التخطیط العلمی والتقویم المستمر "

ویمکن تعریف نظریة التنمیة المهنیة إجرائیا  : مجموعة المبادئ ، والإرشادات ، والتوجیهات ، والأنشطة المترابطة المستنبطة من کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا التی تسهم فی تمکُّن الممارس من تحسین کفاءته فی عمله ، وتأهیله المستمر لمواجهة المتغیرات ، وفق خطة علمیة مدروسة وتقویم مستمر .

الإطار المفهومی :

سوف یتناول الحدیث فی هذا الجزء : التعریف بالمؤلف ، ثم التعریف بالکتاب ، وعرض مفهوم النظریة وأهمیتها فی التربیة ، والتنمیة المهنیة ودورها الفعال فی الوقت الحاضر للتربویین عامة .

أولا : التعریف بالقلقشندی :

یعد أبو العباس شهاب الدین أحمد بن علی بن أحمد القلقشندی ( نسبة لبلدة فی مصر) المولود سنة 756هـ والمتوفى سنة 821هـ .  من أشهر علماء عصره وردت ترجمته عند الکتانی (1402هـ ) ، والسخاوی (1412هـ )   وابن العماد (1413هـ ) ، ویمکن إبراز معالم شخصیته فی:

  1. الموهبة والإبداع : القلقشندی شخصیة موهوبة وصاحب جدارة علمیة متمیزة ،  فقد حفظ القرآن صغیرا ، کما درس التفسیر  والحدیث والفقه ، أما الأدب والبلاغة وفکان رائدا فیهما مما لفت إلیه الأنظار بجمال أسلوبه وسیطرته على البیان فتم ترشیحه للکتابة فالتحق بدیوان الإنشاء فی عهد السلطان الظاهر برقوق سنة 791هـ .
  2. البیئة العلمیة : نشأ القلقشندی فی بیئة علمیة متمیزة فوالده وجده کانا من علماء عصرهما ، وقد لاحظا النبوغ والتمیز فی شخصیته ، فحرصا على تعلیمه . بل إن والده وجده من أشهر شیوخه الذین تلقى علیهم .
  3.  التکوین العلمی : تجمعت عدة عوامل مثل المناخ العلمی والموهبة التی أثرت فی الشخصیة العلمیة للقلقشندی ؛ فقد جمع بین علوم الشریعة وعلوم اللغة  فحفظ القرآن ، وکثیراً من الأحادیث النبویة ، مما ساهم فی قوة قدراته اللغویة التی عززها بحفظ کثیر من النصوص الشعریة والنثریة ودارسة البلاغة والأدب .
  4.  ممارسة التدریس : لما بدت مواهبه وقدراته العلمیة ، ولمکانة أسرته فقد تم ترشیحه للتدریس فی أشهر مدارس ومساجد القاهرة ، فقد اشتغل شیخا فی الدواداریة ، وخزانة الکتب الأشرفیة ، ودرّس الحدیث بجامع ابن طولون ، ودرَّس التفسیر فی الجمالیة   والفقه فی السکریة ، وهذه المدارس من أشهر المدارس فی القاهرة آنذاک ، ولا یدرّس فیها إلا العلماء المتمیزین .
  5. ممارسة العمل فی الکتابة : نظرا لجزالة لفظه وقوة بیانه ، فقد تم اختیاره کاتبا فی البلاط المملوکی ، وهی وظیفة من أرقى الوظائف فی دولة الممالیک ، وأکثرها حساسیة مما أکسبه درجة عالیة من تجوید العمل وإتقانه ، والتعرف على واقع صنعة الکاتب  ومشکلاتها وما یحتاجه الکاتب من معلومات وقیم ومهارات تسهم فی تطویر المهنة والمشتغلین فیها فأخرج کتابه الرائع صبح الأعشى فی صناعة الإنشا .

ثانیا : کتاب صبح الأعشى فی صناعة الإنشا : یرکز الکتاب على التنمیة المهنیة للکاتب ، واهتمام القلقشندی بذلک واضح جدا فهو قد أکد ابتداء على أن الکتابة صنعة  یقول : "والمؤلفون فی هذه الصنعة قد اختلفت مقاصدهم فی التصنیف وتباینت مواردهم فی الجمع والتألیف  " (ج 1 ص 7) . والصنعة هی المهنة التی تحتاج من ممارسها استمرار التنمیة وتطویر الذات.

سبب التألیف: کتب مقامة ذکر فیها أن أی إنسان بحاجة لحرفة یتعلق بها ومعیشة یتمسک بسببها ، ثم ذکر أهمیة مهنة الکتابة وأنها تلیق بطالب العلم . ثم نصحه بعض أصدقائه بالتفصیل والتوسع فی هذا الباب  یقول : " أشار علی من رأیه مقرون بالصواب ، ومشورته عریَّة عن الارتیاب أن أُتبعها بمصنف مبسوط یشتمل على أصولها وقواعدها ویتکفل بحل رموزها وذکر شواهدها لیکون کالشرح لها " ج1 ص 9

جاءت کتابة القلقشندی مفصلة للغایة  بذکر ما یتعلق بالإعداد والتأهیل والمعلومات التخصصیة فی مجال الکتابة والمعلومات الثقافیة العامة التی تتصل بالمهنة مباشرة أو غیر مباشرة  . اشتمل الکتاب على مقدمة کبیرة جاءت فی خمسة أبواب وثلاثة عشر فصلا . أبدع فیها فی الحدیث عما مایجب معرفته قبل ممارسة مهنة الکتابة کتهیئةٍ وترغیبٍ فیها ، ثم اتبعها بعشر مقالات فصل فیها الحدیث عن العلوم التی یحتاجها الکاتب کالنحو والتصریف والمعانی والبدیع ، والحدیث ، والشعر ، والخط ، والفلک ، والجغرافیا ، والتاریخ ، والوصایا ، والعقود ، وغیرها ، وقد طبع قدیما (1340) فی أربعة عشر مجلد .  وقد أطال فیها کثیرا وتحدث عن علوم کثیرة متنوعة ، ولو إنه اکتفى بذکر أهمیتها ونماذج منها ، ثم الإحالة إلى مظانِّها لأمکن خدمة الکتاب بالتحقیق .

وجانب التنمیة المهنیة ظاهر بارز فیه بل إن الکتاب عرضٌ مفصلٌ لنظریته فی التنمیة المهنیة .

ثالثا : أهمیة النظریة التربویة : النظریة هی المرجعیة التی توجه الممارسات التربویة ، ولأن التربیة نشاط یرتبط بالإنسان ذلک الکائن شدید التعقید . فمن المهم أن تستند هذه الممارسات إلى أساس نظری تنطلق منه ، ویوجّه مسارها . یرى عبدالعال ( 1411هـ ) أن تقدم التربیة یتطلب اهتماما متزایدا بالنظریة واعترافا حقیقیا بضرورتها کما أن مصطلح النظریة یستخدم بطریقة واسعة فضفاضة .

وبعیدا عن الخوض فی تفاصیل الاتجاهات فی مفهوم النظریة . فإن الباحث یرى أن النظریة التربویة مجموعة مترابطة من المبادئ والقواعد والمفاهیم تستند إلى أصول عقدیة وتشریعیة ، ومحصلة من خبرات الخبراء والممارسین . وهذا یعنی أن النظریة التربویة لیست مهمتها کشف الحقائق وتفسیرها . بل تقدم إفادات وتوجیهات وإرشادات قابلة للنقد والتقویم والتطویر.

رابعا : أهمیة التنمیة المهنیة فی التربیة : نظرا لسرعة التغیر والتبدل فی الحیاة الاجتماعیة ولارتباط العملیة التربویة بالواقع الاجتماعی وتکیفها معه ، ولضرورة استیعاب التغیرات التقنیة المؤثرة فی المجتمع ؛ فإن مهنة التعلیم بحاجة إلى تنمیة قدرات المعلمین ، وتطویر مهاراتهم ومعلوماتهم باستمرار . ومع التغیرات المتسارعة على الصعید الاجتماعی المحلی والدولی وظهور مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم علیها والانفجار المعرفی ، وتعدد أدوار المعلم کل ذلک أکد على أهمیتها .  والتنمیة المهنیة مفهوم واسع یدخل تحته عدة أنواع من الأنشطة الهادفة لتطویر أداء المعلم فی مجالات عدة کالتدریب ، والتعلیم المستمر ، والتربیة الذاتیة ، والنشاط الشخصی فی القراءة والاطلاع ، وحضور الندوات والمؤتمرات ، وورش العمل المتخصصة .

الدراسات السابقة :

تتکون الدراسات السابقة فی المجال من محورین :

1. دراسات تناولت النظریة التربویة .

2. دراسات تناولت التنمیة المهنیة .

أولا: دراسات فی النظریة التربویة :

  1.  دراسة الحسین ( 1399هـ ) عن النظریة التربویة عند ابن خلدون ، وقد هدفت إلى تحدید  النظریة التربویة عند ابن خلدون الذی ألمح إلیها أو صرح بها أی تحدید الفروض التی یقوم علیها فکر ابن خلدون التربوی ، وتمثلت أسئلة البحث فی التعرف على الأصول الفلسفیة والفکریة التی یستند إلیها الفکر التربوی عند ابن خلدون ، وخصائص الفکر التربوی لابن خلدون ؟ استخدم المنهج التحلیلی فی دراسته . وقد أبرزت الدراسة نظریة الوجود عند ابن خلدون ، والطبیعة الإنسانیة ، والنظریة الاجتماعیة ، ونظریة المعرفة ، ومفهوم التعلم والأساس النفسی الذی یُبنی علیه هذا المفهوم ، وعن مفهوم التعلیم ، وطرق التعلیم وأسالیبه ، وخصائص التعلیم الجید . کما تحدث عن النظریة التربویة عند ابن خلدون من حیث مفهوم التربیة ووظیفتها وغرضها تحقیق الوجود الإنسانی فی إطار اجتماعی ، وتناول العملیة التربویة وطبیعتها وخصائصها العامة والمنهج التربوی . لکن الدراسة لم تشر إلى نتائج للبحث .
  2. دراسة عبدربه ( 1992) عن النظریة التربویة للفارابی مبیناً الفرق بین النظریة التربویة والنظریة العلمیة ، والفرق بین النظریة التربویة وفلسفة التربیة وعن بنیة النظریة التربویة عند الفارابی وذکر أنها تتکون من أربعة أنواع من الافتراضات : افتراضات عن الأهداف ، وافتراضات عن الطبیعة الإنسانیة ، وافتراضات عن المعرفة ، وافتراضات عن طرق التدریس  ، ومن أهم توصیاته : إعادة تنظیر الفکر التربوی العربی الإسلامی وتحدید مستواه فی ضوء النظریة التربویة ، وفی ضوء إطاره عند المفکرین والفلاسفة المسلمین ، وتحدید مستوى الإطار النظری للتربیة فی المدارس والجامعات .
  3. دراسة قدورة  ( 1992 ) عن الکتابة ومفهوم الاتصال المکتوب عند القلقشندی . وقد أجاب فی دراسته عن الأسئلة الآتیة : ما ممیزات نظام الاتصال المکتوب عند القلقشندی ؟ ما عناصر الخطاب المکتوب ونظام الرسم ؟ وما وظیفة الکتابة فی المجتمع ؟ وما مکانة الکاتب فی المجتمع ؟ وما العلوم المتصلة بعلم النص المکتوب ؟ ومن نتائجها أن نظام الاتصال المکتوب عند القلقشندی تناول الموضوعات التالیة : لغات الحرکات والکلام والخط ، وأن الألفاظ تتکون من مرحلتین : مرحلة الصورة المعقولة الباطنة ومرحلة الصورة المحسوسة الظاهرة . ومن نتائجها أیضا أن الهدف من الکتابة : تثبیت الکلام ، وحفظه من التغییر والضیاع ، ونقل الخطاب الإلهی والبشری ، وتنظیم العلاقات الاجتماعیة والاقتصادیة ، ونشر المعرفة . کما تحدثت الدراسة عن مایحتاج إلیه الکاتب من المواد العلمیة ، ومایحتاج إلیه من الأمور العملیة وهو الخط وتوابعه .
  4. دراسة أحمد ( 1995 ) عن نظریة ماک جریجور فی الإدارة المدرسیة  ، وأجاب عن الأسئلة التالیة : مافروض نظریة ماک جریجور فی الإدارة المدرسیة ، وما فاعلیة نظریة ماک جریجور فی الإدارة المدرسیة ؟ وما أوجه النقد لنظریة ماک جریجور ؟ وما التصور المستقبلی لزیادة فاعلیة الإدارة المدرسیة فی ضوء فکر ماک جریجور ؟ ، وقد وأبرزت الدراسة موقع نظریة ماک جریجور من نظریات الدوافع ، وعن علاقة نظریات الدوافع بنظریة ماک جریجور  ، وعن فاعلیة نظریة ماک جریجور فی الإدارة المدرسیة ، ثم عن النقد الموجه لهذه النظریة  ، ومعالجة القصور فیها ، وقدم تصوراً لتطویر الإدارة المدرسیة من خلال فکر ماک جریجور ، ثم ختمت الدراسة باقتراح بعض الدراسات المستقبلیة .
  5.   دراسة حسنین ( 1997 ) عن الحاجة لبناء نظریة عربیة فی التدریس ، وقد تحدث عن مفهوم النظریة ، ثم تحدث عن الملامح العامة للنظریة فی التدریس  ، ثم تحدث عن أهمیة بناء نظریة عربیة للتدریس ، ومن أهم توصیاتها : أن تتبنى أحد الجامعات العربیة بناء نظریة عربیة للتدریس ، وتشجیع الجهود الفردیة للباحثین حول بناء نظریة فی التدریس ، وعقد الندوات والمؤتمرات النوعیة المتخصصة فی مجال بناء نظریة التدریس .
  6. دراسة إنصاف أحمد ( 1430هـ)  عن النظریة التربویة عند ابن سحنون والقابسی دراسة مقارنة . هدفت الدراسة إلى التعرف على النظریة التربویة عند کل من ابن سحنون والقابسی ، وإبراز المکانة العلمیة لکل منهما ، والاستفادة من الدراسات المقارنة ، وإحیاء التراث الفکری الإسلامی . استخدمت المنهج الوصفی فی دراستها ، وقد تناولت مفهوم النظریة عند التربویین ، ومفهوم النظریة التربویة الإسلامیة تحدیدا ، ومن أهم نتائجها التأکید على أهمیة رسائل ابن سحنون والقابسی خاصة فی موضوع تعلیم الأطفال ، والتأکید على أهمیة التعلیم فی مرحلة الطفولة المبکرة ، والترکیز على حفظ القرآن  ، والتأکید على عدم الاختلاط فی التعلیم حتى فی مرحلة الطفولة کما أکدت الدراسة على مکانة المعلم فی التربیة الإسلامیة وفی فکر ابن سحنون والقابسی ، ومن أهم توصیاتها : التأکید على أهمیة الترکیز على تراث الأمة عند التخطیط للتربیة ، والاهتمام باللغة العربیة فی التعلیم ، والترکیز على تعلیم القرآن الکریم ، والاهتمام بتعلیم الأطفال ، وضرورة دراسة التراث التربوی الإسلامی .

ثانیاً : دراسات فی التنمیة المهنیة :

  1. دراسة أندیجانی والحربی (  2005 ) عن أخلاقیات مهنة التعلیم فی ضوء مفهوم التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم  . أجابت الدراسة عن الأسئلة الآتیة : ما مفهوم أخلاقیات مهنة التعلیم ؟ ما أخلاقیات التنمیة المهنیة المستدامة عند المعلم ؟ ما الآثار المترتبة على الالتزام بأخلاقیات التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم ؟ اُستخدم المنهج الوصفی التحلیلی . وقد خلصت الدراسة إلى أن أخلاقیات مهنة التعلیم هی الأعمال المتصفة بالأخلاق الحسنة التی یقوم بها المعلم فی التربیة والتعلیم لکی یحقق الأهداف المرجوة منه من أجل مرضاة الله تعالى ووفقا لهدیه المنزل إلى الناس لسعادتهم فی الدنیا والآخرة . أما أخلاقیات التنمیة المستدامة فتتمثل فی تقوى الله  والصدق والأمانة والعدل والإحسان . أما عن آثارها فإن أخلاق مهنة التعلیم هی المحور المشترک الذی یربط بین نظام العمل المهنی ومسؤولیاته ومحاولة تحقیق الأهداف التی یکتسبها المعلم من أجل مرضاة الله ووفقا لشریعته . وقد أوصت بتدریس مقرر باسم أخلاقیات مهنة التعلیم فی برامج إعداد المعلمین وفی برامج تدریبهم المستمر أثناء الخدمة ، وعقد ندوات ومؤتمرات تهتم بأخلاقیات مهنة التعلیم بشکل مستمر متطور إلى الأفضل ، والتشجیع المعنوی والمادی لکل من یسهم فی نشر وتعلیم أخلاقیات مهنة التعلیم التی تساعد على التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم  .
  2. دراسة العیاصرة (  2005 )  عن التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم وذکر أن أهداف التنمیة المهنیة تحقق أربعة أهداف : إضافة معارف مهنیة جدیدة إلى المعلمین ، وتنمیة المهارات المهنیة لدیهم ، وتنمیة القیم المهنیة القیم المهنیة الداعمة لسلوکهم وتأکیدها ، وتمکینهم من تحقیق تربیة ناجعة لطلبتهم . رأت الدراسة هذا وقد أوضحت  الدراسة أن التنمیة المهنیة تتکون من ثلاث مکونات رئیسة هی : التدریب المهنی ، والتربیة المهنیة ، والمساندة المهنیة . کما تحدث عن مجالات التنمیة المستدامة للمعلمین ، وهی  : مجال الثقافة العامة ، والمجال الأکادیمی التخصصی ، والمجال التربوی المسلکی ، کما أشارت الدراسة لآلیة تنفیذ برامج التنمیة المهنیة المستدامة للمعلمین  من خلال منحیین : الأول من القمة إلى القاعدة والثانی من القاعدة إلى القمة  . ثم ختمت الدراسة ببعض الإجراءات التی تعزز التنمیة المعنیة للمعلم  وهی : تقدیم حوافز للمعلمین على التنمیة المهنیة المستدامة ، وتوکید جودة التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم  .
  3. دراسة العنزی ( 2014)  عن الممارسات المهنیة لإعداد وتنمیة أعضاء هیئة التدریس فی جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة . وأجاب عن الأسئلة الآتیة : ما الممارسات السائدة لإعداد وتنمیة أعضاء هیئة التدریس ؟ ، وما الممارسات السائدة اللاحقة لتنمیة أعضاء هیئة التدریس؟ ، وما الممارسات السائدة للإعداد والتنمیة المهنیة بالتوازی مع الدراسة لدرجتی الماجستیر والدکتوراه ؟ وقد استخدم المنهج المسحی ، ومن نتائجها أن درجة موافقة أفراد عینة الدراسة على بعد الممارسات السائدة کانت عالیة ، وأن درجة موافقة أفراد عینة الدراسة على بعد الممارسات السائدة اللاحقة لتنمیة أعضاء هیئة التدریس کانت عالیة ، وأن درجة موافقة أفراد عینة الدراسة على بعد الممارسات السائدة للإعداد والتنمیة المهنیة بالتوازی مع الدراسة لدرجتی الماجستیر والدکتوراه کانت عالیة جدا . وأهم توصیاتها : العمل على تأصیل أهمیة وقیمة عضو هیئة التدریس ، وتوجیه عملیة الإعداد والتنمیة نحو التوازی مع دراسة الماجستیر والدکتوراه ، وإنشاء هیئة وطنیة لأعداد وتنمیة أعضاء هیئة التدریس .

ومن خلال عرض مجموعة من الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة الحالیة یتضح أن مرور المجتمعات بالعدید من المتغیرات والتحدیات بات من الضروری الاستمرار فی تطویر کافة المجالات  بوجه عام وفی مجال التنمیة المهنیة للمعلم بوجه خاص وذلک للدور البارز الذی یقوم به المعلم فی نجاح العملیة التعلیمة بجوانبها المختلفة مع الأخذ فی الاعتبار ضرورة استناد عملیة التنمیة المهنیة لأسس ونظریات تربویة رصینة کما أوصت به مجموعة من الدراسات السابقة مما یؤکد أهمیة الدراسة الحالیة .

أولا : أخلاقیات المهنة (Professional Ethics) عند القلقشندی :

أهمیة أخلاق المهنة :

الممارس لأی مهنة مطالب بالقیام بالأعمال الموکلة إلیه ، وکذلک الالتزام بأخلاقیات المهنة ؛ فالأداء الوظیفی یعنی القیام بالحد الأدنى من المهام المکلف بها العامل أو الموظف ، مع تنفیذ الأوامر الصادرة من رئیسه فقط . وکذا أهمیة القیام بالأداء على الوجه الأکمل، وبأفضل صورة فنیة ممکنة فی إطار المعلومات التی اکتسبها الفرد أثناء سنوات دراسته ، والخبرة العملیة التی تراکمت لدیه ، ولکن إذا اعتبر الفرد أن مهامه تنحصر فی ذلک فقط ، فإن ذلک یُعد خللا فی عمله إذ یتحتم علیه تمثل القیم والأخلاقیات التی تتطلبها المهنة  . والسلوک المهنی یتطلب قیام الموظف أداء التزامات معینة  . أما أخلاقیات المهنة فهی فرع من منظومة الأخلاق  ، والممارس لمهنة معینة یواجه أنواعاً خاصة من المشکلات ذات الطبیعة الأخلاقیة کحسن التعامل مع الجمهور ، والشعور بالمسؤولیة تجاه المهنة والعاملین فیها وتجاه المجتمع کافة  ، ویتعین على الفرد مواجهتها بشکل مستمر ووفق معاییر ثابتة.

معاییر أخلاق المهنة عند القلقشندی  :

تعد المعاییر مرتکزات وأطر مرجعیة للعمل  . وقد تضمنت نظریة القلقشندی ترکیزاً على معاییر أخلاقیات المهنة  ، وهی  :

  1. الجودة QUALTY)) : اتقان العمل وجودته ، وأدائه بطریقة صحیحة  یعد من أهم معاییر النجاح والکفاءة . وقد نعى القلقشندی (1340 ) بعض الکتاب الذین یقعون فی أخطاء لاتلیق بصاحب المهنة فیقول "  وقد اتسع الخرق فی ذلک ودخل فی الکتابة من لایعرفها  البتة ، وزادوا عن الإحصاء  حتى إن فیهم من لایفرق بین الضاد والظاء .... وصار الآن حد الکاتب عند هؤلاء الجهال أنه یکتب على المجوِّد مدة ویتقن بزعمه أسطرا فإذا رأى من نفسه أن خطه قد أجاد أدنى جودة أصلح بزَّته ، ورکب بغلته ، وسعى فی الدخول إلى دیوان الأنشاء والانضمام إلى أهله ، ولعل الکتابة إنما یحصل ذمها بسبب هؤلاء وأمثالهم" ج1 ص 48 .
  2. الجدارة (( COMPETENCY  : وهی من المفاهیم المعاصرة  فی إدارة الموارد البشریة ، ویقصد بها أن یکون الفرد المرشَّح للوظیفة جدیرا بها أی یحمل صفات تؤهله للقیام بمهامها   ویعرفها رشاد ( 2009 ) بأنها : "السمة الکامنة لدى الفرد التی تؤدى إلى الأداء الفعَّال أو المتمیز" ص 9 . ولاشک أن إعطاء مهام عمل معین لفرد تنقصه الصفات المناسبة یعتبر خلل کبیر ، بل هدم مستمر للعمل . وقد نبه القلقشندی (1340) إلى ضرورة توفر الصفات الذاتیة فی اتقان المهنة بقوله " أول معاون هذه الصنعة الجلیلة القریحة الفاضلة ، والغریزة الکاملة التی هی مبدأ الکمال ومنشأ التمام والأساس الذی یُبنى علیه والرکن الذی یُستند إلیه ؛ فإن المرء قد یجتهد فی تحصیل الآداب ، ویتوفر على اقتناء العلوم واکتستبها ، وهو مع ذلک غیر مطبوع على تألیف الکلام فلا یفیده ما اکتسبه بخلاف المطبوع على ذلک ؛ وذلک أن الطبع یخص الله تعالى به المطبوع دون المتطبّع " ج2 ص 307 ،   وقد عدَّد القلقشندی  بعض الصفات اللازمة للکاتب قائلاً  " من صفات الکاتب وفور العقل ، وجزالة الرأی ؛ فإن العقل أسُّ الفضائل ، وأصل المناقب ، ومن لاعقل له لانتفاع به ، وکلام المرء ورأیه على قدر عقله ؛ فإذا کان تام العقل کامل الرأی ، وضع الأشیاء فی مکاتباته ومخاطباته فی مواضعها ، وأتى بالکلام على وجهه ، وخاطب کل أحد عن سلطانه بما یقتضیه الحال التی یکون علیها ، ومن صفاته الکفایة لما یتولاه ؛ لأن العاجز یدخل الضرر على المملکة ویوجب الوهن فی أمر المسلمین ، وربما عاد علیه عجزه بالوبال ، أو أدى به ضعفه إلى الاضطراب والاختلال  " . ج1 ص 66 – 67 ، وأضاف إلیها أیضا " یجب أن یکون صبیح الوجه فصیح الألفاظ طلق اللسان أصیلا فی قومه رفیعا فی حیه وقورا حلیما مؤثرا للجد على الهزل ، کثیر الأناة والرفق ، قلیل العجلة والخرق نزر الضحک  مهیب المجلس  شدید الذکاء متوقد الفهم سریع الرضا بطیء الغضب " ج 1 ص 104 ، وبالرغم من أهمیة التربیة والإعداد إلا أن الصفات الذاتیة الوراثیة مهمة جدا فی اختیار مدخلات النظم .
  3. النزاهة   ( INTEGRITY ): حینما یقوم العامل بعمله فإنه یلمس بعض الثغرات فی النظام أو الرقابة  مما قد یتیح له الحصول على المال أو غیره دون حق ، وهذا الخلل یقع فیه بعض الموظفین . ویعرف المعاضیدی ( 2008) النزاهة بأنها : " نظافة ذات الید والقدرة على تحصین النفس من سرقة الأموال العامة وضبطها ، والقدرة على حفظ المال العام  " . ومهما بلغت الرقابة الخارجیة من الدقة فإنها لن تستطیع إغلاق منافذ الفساد کالرشوة وغیرها . ولذا تأتی أهمیة التربیة على النزاهة والبعد عن الفساد . یؤکد القلقشندی (1340) على ذلک قائلا : " ومن صفات الکاتب أن یکون شریف الأنفة ، عظیم النزاهة ، کریم الأخلاق مأمون الغائلة "  ج 1 ص 67ویقول أیضا : " ومنها لزوم العفاف والصیانة فیما یتولاه للسلطان من أعماله ، ویتصرف فیه من أشغاله ، والتعفف عن المطامع الذمیمة والمطاعم الوخیمة ، والترفع عن المکاسب اللئیمة " ج1 ص 71
  4. الاستعداد للعمل ( PREPARATION): ینبغی للموظف أن یستعد لعمله قبل الشروع فیه فإن ذلک شرط لجودة العمل وإخراجه کما ینبغی ، وخاصة المهن العلمیة وما یتصل بها . یقول القلقشندی " إذا أردت أن تصنع کلاما فأخطر معانیه ببالک ، ونقِّ له کرائم الألفاظ فاجعلها على ذکر منک لیقرب علیک تناولها ولا یتعبک تطلبها فإذا مررت بلفظ حسن أخذت برقبته ، أو معنىً بدیع تعلقت بذیله ، وتحرَّز أن یسبقک فإن سبقک تعبت فی طلبه " ج 2 ص 312 . " واعلم أن العادة فی الأوقات إذا قصد تألیف شیء أو حفظه أن یختار وقت السحر " ج 2 ص 310 . ولاشک أن من أهم مهام المعلم الاستعداد للدرس بالتحضیر العلمی ، والتخطیط لتنفیذ الدرس ، وإعداد ما یحتاجه من تقنیات ووسائل تعلیمیة .
  5. الاقتصاد ( عدم الإسراف )  ( PROVIDENCE ) : أی أن یبتعد عن الإسراف والتبذیر  ، وأن ینفق من المال العام والخاص بقدر الحاجة یقول القلقشندی (1340)   " ومنها الاقتصاد فی طلب اللذة ، والاقتصار من ذلک على ما یقیم المروءة من أفضل الأخلاق وأشرفها : بأن یکون تناولهم ما یتناولونه من ذلک بسلوک طریقة محمودة یظهر فیها أثر التدبیر السدید والرأی الأصیل من غیر خروج إلى الإقبال على اللذات والانهماک فی الشهوات " ج1ص 72 . والمعلم قدوة لطلابه فینبغی أن یکون قدوتهم فی الاقتصاد والترشید ، وبشکل خاص فیما یتعلق بترشید الطاقة والماء فی المدرسة ، والمحافظة على ممتلکاتها .
  6. السمعة ( REPUTATION : إن سمعة المهنة وسمعة المؤسسة ترتبط بمکانة وسمعة الموظف لذا ینبغی له صیانة عرضه ، وتعزیز سمعته بفعل المکارم والبعد عن ما یخرم المروءة   . یقول القلقشندی (1340) ومن صفات الکاتب مجانبة الریب والتنزه عنها والطهارة منها ؛ فإنها تسخط الله ، وتذهب بمهابة المرء ـ وتسقطه من العیون والقلوب " ج 1 ص 70 .
  7. السریة ( SECRET ): کل عمل من الأعمال أو مهنة من المهن لها معلومات سریة تتعلق بطبیعة العمل ، کالاطلاع على ثغرات فی أخلاق الآخرین أو طباعهم ، ومن أخلاق الموظف الهامة أن یحافظ على أسرار عمله ، ولایحق له نشر سر من أسرار المهنة أو الناس الذین یتعامل معهم یقول القلقشندی " ومنها کتمان السر وهو من أفضل الآداب وأعودها بالفلاح على صاحبها " . ج 1 ص 75 .
  8. الإخلاص  ( HEARTFELT ): أی أن یؤدی العمل الذی کلِّف به کما لوکان له هو  بأن یقدم اقترحات لحل بعض المشکلات ، ومقترحات لتطویر الأداء  ، ویبذل جهد فی نجاح العمل . یقول القلقشندی عن الإخلاص : " هو قِوام الأمر فی المصاحبة فإن من صحب سلطانا بعقیدة مدخولة فی ولایته ومشوبة فی محبته لم ینتظم له ولا لسلطانه أمر  " ج 1 ص 74 . وکذلک المعلم یجب أن یکون له ولاء لرسالته ووظیفته التی تحمّل مسؤولیتها ، وأن یجاهد نفسه فی النصح وبذل الجهد لطلابه ، وزملائه ورؤسائه فی العمل . یقول " ومن آدابه النصیحة وهی تِرْب الإخلاص ، والطریق الموصل إلى التوفیة بها أن یطالع بکل ما یفتقر إلى العلم به من خاص أموره وعامها ، وألا یستر عنه دقیقا ولا جلیلا من أحوال ما فوَّضه إلیه " ج1 ص 75  " ومنها الوفاء وهو أهم الخصال اللازمة وآکدها  إذ هو الطریق إلى صلاح العباد وعمارة البلاد ، والوفاء یکون بإظهار النصیحة وبذل الاجتهاد ، وقصد المخالصة ، ومقابلة کل نعمة تفاض علیه بالنهضة فیما أسند إلیه  " ج1 ص 76 . والوفاء من شیم الکرام وهو تابع للإخلاص وصفاء السریرة ، وحقیق بمن تحلّى برسالة الأنبیاء أن یتسم بالوفاء ویغرسه فی تلامیذه ، ومن لوازم الإخلاص المواظبة فی العمل ، وهو وإن کان قیمة مهمة لکل موظف وعامل فإنه للمعلم أکثر أهمیة ، وغیابه عن عمله بدون سبب قاهر ینتج عنها ضرر متعدی على طلابه ، وعلى جودة العمل فی مدرسته بشکل عام . یقول القلقشندی  " من الآداب المواظبة على العمل ، وصرف الاهتمام إلیه إذ هو أعظم الذرائع إلى نیل الرتب ونیل المآرب " ج 1 ص 78  . وهذا یعنی عدم الانشغال بوظیفة أو مهمة أخرى تأخذ من جهده وطاقته ووقته على حساب الوظیفة الأساسیة .
  9. حسن المعاملة ( JOVIALITY ): إن توثیق العلاقة مع من یتعامل معهم الموظف من رؤساء ومرؤوسین وجمهور جزء مهم من متطلبات العمل ، یجب علیه توثیقها وصیانتها مما قد یعکر صفوها ، وأن یتحلى بالتواضع ، واجتناب الألفاظ النابیة وإن کانت مزاحا ، یقول القلقشندی " ولایحمله فرط النصح على الإضرار بالرعیة ، ولا الرغبة فی إثبات حقه على تضییع حقوقها " ج 1 ص 75  " ومنها الشکر فإنه وإن کان واجبا على الإنسان مع أکفائه ونظرائه فإنه مع السلطان أوجب " ج1 ص 75 ؛ والشکر ینتج عنه تغذیة راجعة تثری العلاقة مع الآخرین ، وینتج عنها مزیدا من المحبة والاحترام وراحة النفس وسکینتها . ومن حسن المعاملة عدم الجرأة على الزملاء والرؤساء فی العمل إن بدا منهم تواضع وتبسط . یقول " ومنها مجانبة الإدلال علیه إذ الدالة على السلطان والرئیس من أعظم مصارع التلف ، وأقرب الأشیاء إلى زوال النعم " . ج 1 ص 77 ؛ فالعلاقات الإنسانیة لاتعنی الجرأة وتخطی الحدود فی العلاقة مع الآخرین .

ثانیا : مجالات التنمیة المهنیة :

تناولت نظریة القلقشندی مجالات التنمیة المهنیة : المجال الوجدانی والمجال المعرفی والمجال المهاری . وقد رتّب القلقشندی فی نظریته المجالات الثلاثة ، دون أن یصرح بذلک لکن ذلک واضح تماما من طریقته فی الحدیث عما یحتاجه صاحب المهنة .

وقد أبرز القلقشندی مجالات التنمیة المهنیة أثناء حدیثه عن اللغة العربیة بدأ بالجانب الوجدانی ؛ فتحدث عن فضل اللغة العربیة وما اختصت به بین اللغات وهذا جانب وجدانی فإشعار الکاتب بممیزات اللغة العربیة وتفوقها مما یحببه بهذه اللغة والحرص على تعلمها واتقانها والاستزادة منها باستمرار ، ثم ینتقل إلى أسلوب وجدانی آخر وهو الحدیث عن احتیاج الکاتب إلى اللغة العربیة وعلومها فی مهنته فربط المعلومات بالمهنة والتأکید على أنها معلومات وظیفیة تدخل فی صمیم عمله مهم للغایة یساعد فی دافعیته للتعلم ، وبعد أن توفرت الدافعیة نحو التعلم یدخل فی تفاصیل المعلومات اللغویة وهو الجانب المعرفی فی التنمیة المهنیة ، ثم یختم بالجانب المهاری الذی یحول المعلومات التی تلقاها الفرد إلى قدرة داخلیة تُترجم إلى سلوک وظیفی متقدم وذلک من خلال تفصیل القلقشندی فی کیفیة تصرف الموظف فی الألفاظ اللغویة ، وکیفیة تصرف الکاتب فی المعلومات النحویة ، وکیفیة انتفاع الکاتب فی علوم البلاغة . لیؤکد أن المعلومات اللغویة لیست ترفا فکریا بل حاجة وظیفیة . هذا مثال على أسلوب القلقشندی فی نظریته وهو تکامل المجالات الوجدانیة والمعرفیة والمهاریة . وفی ما یلی مزید من التفصیل عن مجالات التنمیة المهنیة :

أ‌.     المجال الوجدانی : الجانب الوجدانی من أهم محرکات السلوک الإنسانی وهو محرک داخلی ، ولاشک أن المحرک الداخلی أقوى وأشد ، وأکثر استمراریة من المحرکات الخارجیة کالتعزیز والثواب والعقاب . وقد وظّف القلقشندی المجال الوجدانی بشکل کبیر فی التنمیة المهنیة ؛ حیث رکّز على استثمار الجانب الوجدانی فی تعزیز تنمیة الجانبین المعرفی ، ثم یختم بالجانب المهاری ، وسلک فی ذلک طریقتین :

  1. عامة : حیث رکّز على تکوین اتجاهات إیجابیة نحو المهنة ؛ فقد أطال فی الإشادة بالمهنة بأن صوّر أن مهنة الکتابة هی أرفع الصنائع والمهن  یقول " فلما کانت الکتابة من أشرف الصنائع وأرفعها ، وأربح البضائع وأنفعها ، وأفضل المآثر وأعلاها ، وآثر الفضائل وأغلاها لاسیما کتابة الإنشاء" . ج1 ص 6 ، کما استشهد على مکانتها بالنصوص الشرعیة " أعظم شاهد لجلیل قدرها ، وأقوى دلیل على رفعة شأنها أن الله تعالى نسب تعلیمها لنفسه ، وعدها من وافر کرمه وإفضاله فقال عز اسمه ( اقرأ ووربک الأکرم الذی علّم بالقلم علم الإنسان مالم یعلم ) ، ثم بین شرفها بأن وصف بها الحفظة الکرام من ملائکته فقال جلت قدرته ( وإن علیکم لحافظین کراما کاتبین ) " ج1 ص 35 .

ومن أسالیبه العامة فی تکوین الاتجاهات الإیجابیة الثناء على الکاتب ، وبین رفعة قدره ومکانته الاجتماعیة الممیزة " مرتبته فی زماننا أرفع مرتبة ، ومحله أعظم محل  "  ج1 ص 101، ثم یؤکد على أهمیة إعداد نفسه وتطویر قدراته ، لأن هذه المنزلة العالیة تستحق مزیدا من التنمیة والتطویر " ومن کانت هذه مرتبته فالسبب الذی رتبه فیها أفضل الأسباب وأجدرها بالتقدیم على الاستحقاق والاستیعاب " ج1 ص 102 أی أن الأسباب الموجبة لهذه المکانة هی أفضل أسباب الجهد والعمل ، ولذلک تستحق هذه الوظیفة تنمیة مهنیة مستمرة  بناء علیه  .

  1. خاصة : وهی فی فروع نظریته  ؛ فعندما یشرع فی الحدیث عن  أحد الموضوعات المعرفیة أو المهاریة فإنه یبدأ بالتأکید على فضله وأهمیته ومکانته ، مما یرغب فی اکتسابه وتحصیله  ، ویسهم فی تکوین الاعتزاز بالمهنة والشعور بالولاء لها ، فمثلا حینما أراد التوجیه للتوسع فی المعرفة اللغویة بدأ بالحدیث عن أهمیتها یقول : " النوع الأول المعرفة باللغة العربیة ، وفیه أربعة مقاصد : المقصد الأول فی فضلها وما اختصت به على سائر اللغات " ، ثم یفصل فی فضلها مستشهدا ببعض الآثار ، وبعد الحدیث عن فضلها ینتقل إلى الحدیث عن أمر مهم فی تکوین الاتجاهات ، وهو التأکید على الاحتیاج إلیها یقول : " المقصد الثانی فی وجه احتیاج الکاتب للغة  . لامریة فی أن اللغة هی رأس مال الکاتب وأٍسُّ کلامه وکنز إنفاقه من حیث إن الألفاظ قوالب المعانی التی یقع التصرف فیها بالکتابة " ج1 ص 150 ، ولاشک أن إدراک العامل لأهمیة مجالات التنمیة المهنیة ، وفوائدها مما یزید من اهتمامه بها والحرص علیها ووجود الدافع لتحصیلها .ومثله حینما تحدث عن المعرفة بالنحو بدأ ببیان وجه الاحتیاج إلیه .

ب‌.    المجال المعرفی : نظرا لأن الکتابة من المهن العلمیة التی تتطلب إثراء مستمرا وتنوعا فی المجالات المعرفیة فقد کان اهتمام القلقشندی بالجانب المعرفی کبیرا ، وبحکم خبرته الطویلة ، وثقافته الموسوعیة فقد ضمّن کتابه معلومات دقیقة وواسعة ومتنوعة عن العلوم التی یحتاجها الکاتب ، فبدأ بالمعلومات الجغرافیة الطبیعیة على مستوى العالم عن الأرض والبحار وما فیها .ثم عن التاریخ السیاسی بذکر الخلفاء والحکام فی التاریخ الإسلامی ، ثم عن تفاصیل جغرافیة دولة الممالیک ، ثم المعلومات الفنیة التی یشترک فیها کل الکتّاب کمعرفة الألقاب الرسمیة ونحوها. ویؤکد على الاهتمام بخصوصیات الثقافة ، والمصطلحات السائدة فی المهن والطبقات المختلفة " إن صاحب هذه الصنعة یحتاج إلى التشبث بکل فن من الفنون حتى إنه یحتاج إلى معرفة ماتقوله النادبة بین النساء ، والماشطة عن جلوة العروس ، وإلى مایقوله المنادی فی السوق على السلعة فما ظنک بما فوق هذا ، وذلک أنه مؤهل أن یهیم فی کل وادٍ ، فیحتاج أن یتعلق بکل فن" .ج1 ص 145  . کما رکّز على ضرورة معرفة المصطلحات الخاصة بکل علم کالطب والهندسة  ، وحتى مصطلحات الدارجة بین الفئات الأقل  یقول " وربما احتاج إلى معرفة مادون ذلک فی الرتبة کمعرفة مصطلح الفتیان ومعرفة مصطلح سفل الناس " ج 1 ص 146 . والمراد أن یکون عارفا بکل مایدور حوله من مصطلحات وتقلیعات متجددة .کما أشار إلى أهمیة تعلم اللغات الأجنبیة " اعلم أن الذی ینبغی تعلمه من اللغات العجمیة هو ما تتعلق  به حاجته فی المخاطبة والمکاتبة " . ج1 ص 166 . فتعلم اللغات مهم لکنه لیسا ترفا أو تمیزا وإنما مرتبط بالحاجة الوظیفیة إلى ذلک .

ت‌.    المجال المهاری :

المهارة مکون أساس للشخص الناجح تمتلک بالممارسة . یعرفها شحاته والنجار ( 1424هـ) بأنها " القیام بعملیة معینة بدرجة عالیة من السرعة والاتقان مع اقتصاد فی الجهد المبذول " ص 302 . فالمهارة طاقة کامنة تمکن الفرد من أداء العمل بأعلى درجة من الاتقان وأقل تکلفة فی الوقت والجهد واکتسابها یزید من فاعلیة الفرد وقدرته على الانتاج بکفاءة عالیة مع توفیر الجهد. والمهارة تکتسب بالممارسة والتدریب ، وقد اهتم القلقشندی باکتساب المهارات من خلال توجیهه لکیفیة توظیف المعلومات ، واکتساب القدرة على أداء العمل بأفضل صورة .

وقد تمیزت نظریته بربط المهارات بالمعارف والمعلومات ؛ فبعد أن یذکر المعلومات التی یحتاجها الکاتب یبصّر الکاتب فی کیفیة تأثیر المعلومة على شخصیته . فمثلا بعد أن تحدث عن أهمیة الثروة اللفظیة من الکلمات والمصطلحات تحدث عن کیفیة توظیفها فیقول : " المقصد الرابع : فی کیفیة تصرف الکاتب فی الألفاظ اللغویة وتصریفها فی وجوه الکتابة لاخفاء أنه إذا أکثر من حفظ الألفاظ اللغویة ، وعرف الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد والمتقاربة المعانی تمکّن من التعبیر عن المعانی التی یضطر إلى الکتابة فیها بالعبارات المختلفة ، والألفاظ المتباینة ، وسهل علیه التعبیر عن مقصوده " ج1 ص 163، ثم ذکر مثالا لرسالة فی التهنئة بمولود ملیئة بالعبارات الجزلة بألفاظ مختلفة ، ثم علّق علیها بأنه یمکن کتابة عدة رسائل فی التهنئة مشتقة منها ؛ فهو هنا یشیر إلى المحاکاة والاقتباس والتدرب علیها مما یعزز مهارة الکاتب ویقوی ملکته . بل إنه صرّح بالمهارة فی قوله " إذا مهر فیها وعرف طرقها أتى فی کلامه بالسحر الحلال ، وصاغ من ألفاظه ومعانیه مایقضی له بالفصاحة التامة والبلاغة الکاملة من وجوه تحقیق الکلام وتحسینه وتدبیجه وتنمیقه ، وإذا فاتته هذه العلوم ، أو کان ناقصا فیها نقصت صناعته بقدر ماینقص من ذلک" ج1 ص 185 ، وفی اکتساب مهارة الاستفادة من آیات القرآن العظیم أشار إلى کیفیة تضمین الآیات فی الرسائل  مع التنبیه علیه ، ثم ذکر بعض الأمثلة التی یمکن النسج على منوالها ، ومثله فی الأحادیث النبویة ذکر أنها تضمّن الرسائل وذکر بعض النماذج . ولاشک أن الفرد إذا تزوّد بمعلومة بغرض توظیفها یختلف عن الاطلاع بقصد زیادة المعرفة فقط . ویؤکد على نواتج التعلم على المتعلم من تطویر مهاراته وقدراته فی موضع آخر قالاً : " وأما النظر فی رسائل البلغاء من فضلاء الکتاب فلما فی ذلک من تنقیح القریحة ، وإرشاد الخاطر وتسهیل الطرق والنسج عل منوال المُجید ، والاقتداء بطریقة المحسن " ج 1 ص 277 . وهذا مما یبرز مکانة المهارة وأثرها فی التمکن من المهنة .

کما أشار إلى بعض المهارات الاجتماعیة والمعرفیة الضروریة لکل من یقوم بوظیفة عامة ، ومنها :

1. مهارة الاقتباس :  الاقتباس فی الکتابة الأدبیة مصطلح مختلف المعنى عن الاقتباس فی الکتابة العلمیة ، وقد عرفه ابن فارس ( 1399هـ ) "القَبَسُ فی اللغة : شعلةٌ من النار یقتبسها أی: یأخذها من معظم النار" ج5 ص 48. وعرفه القلقشندی اصطلاحا : " هو أن یضمِّن الکلام شیئا من القرآن ، ولا ینبّه علیه  . وقد تحدّث عنه مطولا وذکر أنواعه وکیف یوظفه  بل إنه فی حدیثه عن التنمیة المهنیة وتدریب الکاتب کان یستخدم الاقتباس ویستشهد به یقول : " ومنه قولی فی خطبة هذا الکتاب فی الإشارة إلى فتح الدیار المصریة : فتوجهت إلیها عزائم الصحابة زمن الفاروق فجاسوا خلال الدیار ، وعرها وسهلها واقتطعتها أیدی المسلمین من الکفار وکانوا أحق بها وأهلها " ج 1 ص 199 ولاشک أن تضمین آیة أو جزء منها فی النص یعطیه قوة فی التعبیر  ،  وبلاغة فی الکلام ، وتأثیرا فی السامع . یوحی بقدرة الکاتب على السیطرة على ثروته اللغویة وحسن توظیفها .  

2. مهارة التلخیص : مع کثرة تدفق المعلومات وغزارتها تبرز أهمیة التلخیص للترکیز على أصل الموضوع ، وقد رکز على هذه المهارة القلقشندی فبعد أن ذکر الحاجة إلى التلخیص وأهمیته تحدث عن کیفیة التلخیص قائلا : " والطریق إلى کتابة الملخصات أن یحذف مافی صدر الکتاب من الحشو ، ثم یعمد إلى مقاصد الکتاب فیستوفی فصوله ویتصورها بذهنه ثم ینظر فی متعلقات تلک الفصول ... وکیفیة کتابته أن یترک من رأس الوصل قدر ثلاثة اصابع بیاضا ثم قدر أصبعین عن یمینه وقدر أصبعین عن یساره " ثم یدخل فی تفاصیل فنیة إجرائیة للتلخیص .

التوصیات والمقترحات :

أولا : التوصیات :( الإطار التطبیقی لنظریة القلقشندی فی التنمیة المهنیة فی مجال التعلیم ) :

نظرا لإمکانیة تطبیق النظریة وتوظیفها فی مجال التنمیة المهنیة فی التعلیم ؛ ولأنها تتعلق بقطاع واسع من الممارسین التربویین الذین تتنوع خبراتهم وتخصصاتهم ومهامهم ؛ فالمعلم یختلف عن قائد المدرسة وعن المشرف التربوی . کما أن معلم الأطفال یختلف عن  معلم الکبار . لذا فإن الباحث . رأى من المناسب لتوظیف النظریة وضع إطار عام للتنمیة المهنیة للتربویین مشتقا من نظریة القلقشندی . وفیما یلی تفصیل محتویات الإطار .

أ . أخلاقیات مهنة التعلیم :

تتضمن أخلاقیات مهنة التعلیم عدة عناصر أبرزها :

  1. الجودة : الاهتمام بتفاصیل المهام والإجراءات ، والدقة فی تنفیذها  ، وهذا مأخوذ من کثرة تحذیر القلقشندی من دخول المهنة ممن یرتکبون أخطاء فادحة وبلا مبالاة بواجبات المهنة .
  2. الجدارة : أی توفر السمات المناسبة للمهنة بحیث یکون قادرا علمیا ونفسیا وجسدیا للقیام بالمهام المطلوبة ؛ فمهنة التعلیم تتطلب صبرا وجلدا وصلابة نفسیة وسلامة الحواس والخلو من الأمراض . وهذا مأخوذ من تأکید القلقشندی على أن لیس کل من یملک علما ومعرفة قادرا على توظیفها فی مهنته . ومثله المؤهل الجامعی فلیس کل صاحب مؤهل قادرا على تحمل أعباء مهنة التدریس .
  3. النزاهة : إن احترام مهنة التعلیم ، ومکانة المعلم مرتبطة ، مرتبطة بالقیم الرفیعة للنزاهة ، وابرزها العدالة بین الطلاب ، وإغلاق باب الشکوک ؛ فالطلاب کالأبناء تظهر بینهم الغیرة والحسد مما یتطلب من المعلم أن یکون دقیقا فی عدالته فی أسئلته وحواراته ونقاشه ، ومن باب أولى تقییمه لهم ، وهذا مشتق من تأکید القلقشندی على التعفف عن المکاسب غیر المشروعة ، والحرص على صیانة السمعة .
  4. الاستعداد للعمل : یعتبر الاستعداد للعمل التعلیمی مهم للغایة من التخطیط الجید ، وتصمیم الأهداف واختیار تقنیات التعلیم ووسائطه المناسبة إلى توثیق کافة الإجراءات ، فعملیة التعلیم أشمل من کونها نقل للمعلومات والمعارف فهی عملیة تفاعلیة مشترکة بین الطلاب ومعلمهم ، وهذا مستنبط من توجیه القلقشندی فی ضرورة الاستعداد والتخطیط واستحضار الأفکار والألفاظ قبل الشروع فی العمل .
  5. الاقتصاد فی المظهر : المعلم قدوة لطلابه فأخلاقه وقیمه ومظهره مجال للتأسی والاقتداء فیجب أن یتحلى المعلم بحسن المظهر وسلامته دون إسراف ، أو ابتذال ، وهذا مأخوذ من توجیه القلقشندی فی حفظ المروءة بعدم الإسراف والانغماس فی الملذات بقوله أو فعله .
  6. حسن السمعة : التعلیم رسالة الأنبیاء ووظیفتهم الأساسیة ، وهی من أشرف المهن وأسماها ومن یشتغل بها ینبغی أن یتحلى بسمعة ومکانة اجتماعیة تتناسب مع مهمته التربویة والتعلیمیة ، وهذا مستنبط من توجیه القلقشندی بمجانبة الریب والتنزه عنها والبعد عن مواطن الشبهة .
  7. حفظ السر : تتطلب مهنة التعلیم معرفة بعض أسرار تلامیذه ، وظروفهم الأسریة والاجتماعیة وغیرها فیجب علیها حفظ هذه الأسرار وعدم إفشائها ونشرها ، أو التندر بها . کما أن قیمه وأخلاقه المهنیة تقتضی حفظ أسرار العمل ؛ فمن الأخطاء التی بدأت تنتشر فی عصر التواصل الاجتماعی وأدواته السریعة تعمد القلة من المعلمین بتوثیق بعض المواقف داخل المدرسة بالتصویر ثم النشر بین الناس ، وهذا فیه من المخاطر والأضرار والإساءة للآخرین الشیء الکثیر وقد یدخل فی إشاعة المنکر فی المجتمع التعلیمی ، وتشویه المؤسسات التعلیمیة ومنسوبیها من معلمین وطلاب . وهذا مشتق من توجیه القلقشندی إلى أهمیة کتمان السر ، وتحذیره من مخاطر نشر أسرار المهنة .
  8. الإخلاص : مهنة التعلیم من أکثر المهن خطورة ؛ نظرا لأنها ترتبط بصناعة الإنسان ، وصناعة مستقبل الأمة ؛ ولأن نتائج الخطأ والقصور لاتظهر سریعا ، ویصعب تدارکها ، ومخرجات العملیة التعلیمیة متداخلة ومعقدة بعضها یسهل قیاسه وتقویمه ، وکثیرا منها یصعب قیاسه والتحکم به ؛ لذا فإن تحلی المعلم بالإخلاص والتفانی فی عمله من القیم المهمة لقیام نظام تعلیمی متمیز ، وهذا مستنبط من تأکید القلقشندی على الإخلاص وأثره فی نجاح العامل فی مهنته . مع تأکیده على إظهار النصح وبذل الجهد فی إنجاز العمل .
  9. حسن المعاملة : التعلیم وظیفة اجتماعیة تقوم على التفاعل بین المعلم وطلابه وهذه العلاقة أساسها حسن الخلق من البشاشة ، والتواضع ولین الجانب ؛ فالتعلیم لایتم بطریقة صحیحة إلا فی محضن یتسم بالدفء ورقی الأخلاق بین المعلم وطلابه ومع زملائه فی العمل ، وهذا مأخوذ من تأکید القلقشندی على التوازن فی ضبط العمل وإجراءاته ، وبین لین الجانب وحسن التعامل ، والموازنة بین حقوقه وحقوق الآخرین ، وعدم الإدلال والجرأة على رؤسائه.
  10. تطویر الذات : مهام المعلم فی تجدد مستمر سواء فی المعلومات التی یحتاجها الطالب ، أو المشکلات والمواقف التی یتصدى لها المعلم ، أو فی طرائق التدریس ووسائله وأسالیبه وتقنیاته ، أو فی الانفتاح على المجتمع بما فیه من متغیرات متجددة ، فلا یکتفی المعلم بطول خبرته ، واستیعابه للمادة العلمیة . بل یستمر فی التزود بالمعرفة وبکل ما هو جدید یثری خبرته ویفید طلابه ، وهذا مأخوذ من توجیه القلقشندی إلى أهمیة الاطلاع المستمر فی العلوم والمعارف مما له صلة بمهنته .

ب . المجال الوجدانی : رکّز القلقشندی کثیراً على ضرورة تکوین اتجاه إیجابی بین المهنة وبین تطویر المعلومات والمعارف والمهارات ورفع الکفاءة الذاتیة فیما له علاقة بأداء الموظف ، ویمکن توظیف نظریته فی الجانبین المعرفی والمهاری ، باعتبار أن الجانب الوجدانی محرک للسلوک نحو إثرائهما . وقد اعتمد أسلوب الإسهاب والتفصیل فی بیان مکانة المهنة التی ینتمی لها الفرد ، وما تتمیز به عن المهن الأخرى .

ولاشک أن مهنة التعلیم تتحلى بمکانة سامیة بین المهن الأخرى ، فهی صناعة الإنسان ومؤشر تقدم الأمة . والقلقشندی حینما تحدث عن مهنة الکتابة أکثر فی إطرائها حتى کان یوحی للمشتغلین بها أنها أفضل المهن مستشهدا بنصوص شرعیة عن أهمیة الکتابة وأثرها فی الحیاة . کما رکّز على بیان أهمیة المشتغل بالکتابة حتى یخیل للقارئ أنها أم المهن یقول : " ومهنته فی زماننا أرفع مرتبة ومحله أعظم محل " . ولا شک أن مهنة الکتابة لاتقارن بالتعلیم منزلة وشرفا ، فینبغی التأکید على شرف المهنة ، ولیس کثیرا أن یخصص لها مقرر ضمن مقررات الإعداد التربوی یعنى بمکانتها فی الماضی والحاضر مع ذکر نماذج من سیر المعلمین الأفذاذ . کما ینبغی أخذ کافة التدابیر التی ترفع من مکانة المعلم الاجتماعیة والأدبیة ؛ فتدنی مکانته وسمعته تطرد الأکفاء وأصحاب القدرات إلى مهن أکثر تمیزا فی المجتمع . ومن ذلک عدم تمکین الضعفاء من الخریجین من مهنة التدریس . وتطویر مقاییس واختبارات اجتماعیة ونفسیة لاختیار المؤهلین لحمل رسالة المعلم .

کما رکزت نظریة القلقشندی على تکوین الاتجاهات نحو العلوم والمعارف التی یقترحها فی التنمیة المهنیة ویحتاجها الکاتب ؛ فیفصل باستمرار فی أهمیة العلم قبل التفصیل فیه حتى یشعر الکاتب أن تحصیله لهذا العلم لیس ترفا بل حاجة مهنیة ملحة . فقد کان یخصص جزء فی بدایة حدیثه عن کل علم وفن عن وجه احتیاج الکاتب إلیها . وفی الواقع تعقد الدورات وورش العمل والبرامج التطویریة للمعلمین لکنها تکاد تخلو من حدیث عن الجانب التوظیفی لها . کما أن المعلم ینبغی أن یرکز على هذا الجانب فیمهد لطلابه عن أهمیة المعلومات التی سوف یعرضها فی حیاتهم العامة مما یشعرهم بالحاجة إلیها مما یکون اتجاها موجبا نحو تعلمها.

جـ . المجال المعرفی : تتطلب مهنة التعلیم الاطلاع المستمر على الجدید فی مجال التخصص ومجال المهنة ودورها الاجتماعی وعلاقتها بضبط السلوک وتوجیهه ، ومستجدات العصر ومعطیاته التقنیة الواسعة ذات الاستخدام فی مجال التعلیم ، ومن الأسالیب المهمة فی ذلک تنشیط المؤتمرات والندوات التربویة المحلیة المبسطة التی تعقد فی المدن والمحافظات ، ویشارک فیها المعلمون بأوراق عمل ، وورش تدریبیة ، ولتشجیعهم على ذلک یمکن أن تربط الوظائف القیادیة والإشرافیة بها ، وکذلک حفزهم على المشارکة بأبحاث فی المجلات والدوریات العلمیة المتخصصة . وهذا مأخوذ من توجیه القلقشندی إلى الاطلاع المستمر  فی الإعداد المهنی والإعداد الثقافی العام ، حیث توسع کثیرا فی عرض العلوم والمعارف التی یحتاجها الکاتب .

د. المجال المهاری : یحتاج المعلم لکثیر من المهارات الناعمة کالتواصل الاجتماعی الفعال ، وإدارة الصف ، واکتشاف المواهب ، وصیاغة الأسئلة ، وتوظیف التقنیة فی التعلیم ، وحل المشکلات . مما یتطلب تعلیماً وتدریباً مستمرین ، وتنمیة مهنیة مستدامة لمواکبة ظروف العصر وظروف الطلاب ومعطیاتها ، وقد أکد القلقشندی فی نظریته على تنمیة مهاراته من خلال توجیه الکاتب باستمرار إلى کیفیة توظیف المعلومات فی تطویر أدائه المهنی ، ولذلک فمن المهم فی التدریب التربوی أن توضح نواتج التعلم المستهدفة لتوجه بوصلة التفکیر للوصول إلیها  فذلک أدعى لتحقیقها .

ثانیا : المقترحات :

1. إجراء دراسة عن نظریة القلقشندی فی العلوم والمعارف .

2. إجراء دراسات استنباطیة لأعلام التربیة الإسلامیة لاستجلاء مناهجهم التربویة ؛ فمثلا المنهج التربوی للبخاری فی تبویب کتابه ، وابن الجوزی فی القدرة على التأثیر فی الناس ، وابن تیمیة فی تدریس العقیدة ، وابن القیم فی التفکر والتفکیر . والماوردی فی أخلاقیات المهنة.

3. استنباط نظریات جزئیة فی التربیة الإسلامیة من خلال رؤیة مجموعة من المفکرین والکتاب فی التربیة الإسلامیة . کضبط السلوک ، ومراعاة الفروق الفردیة وتفرید التعلیم ، وتقویم الطلاب.

4. إجراء دراسات فی التنمیة المهنیة للمعلم لدى علماء آخرین ممن لهم اهتمامات بهذا الجانب .


المصادر والمراجع

قائمة المراجع :

  • أحمد ، أحمد إبراهیم  : نظریة ماک جریجور فی الادارة المدرسیة الفعالیة والمقترحات دراسة تحلیلیة مجلة التربیة المعاصرة . القاهرة . السنة 12. العدد  38 .   .. 1995
  • أحمد ، إنصاف محمد سید : النظریة التربویة عند ابن سحنون والقابسی دراسة مقارنة . بحث ماجستیر . معهد أبحاث ودراسات العالم الإسلامی . جامعة أم درمان الإسلامیة . السودان . 1430هـ .
  • أحمد ، حافظ فرج : التنمیة المهنیة المستدامة لأستاذ الجامعة فی ضوء متغیرات العصر . المؤتمر القومی السنوی الحادی عشر . القاهرة . 2004 .
  • الأسمر ، منى : احتیاجات التنمیة المهنیة لأعضاء الهیئة التدریسیة بالجامعات السعودیة رؤیة مستقبلیة . مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربویة والنفسیة . المجلد الأول  العدد الثانی 1430هـ .
  • التوم ، بشیر : مکانة فلسفة التربیة فی النظریة التربویة الإسلامیة . مؤتمر نظریة التربیة الإسلامیة . إربد . 1411هـ
  • جمال ، أحمد : نظریة التربیة الإسلامیة . ندوة الخبراء التربویین . مکة . 1400 هـ .
  • أبو جامع ، إبراهیم : أثر التنمیة المهنیة فی أداء العاملین بجامعة طیبة . مجلة کلیة التربیة بجامعة الأزهر  العدد 156 ج2 . 2013.
  • الحربی ، حامد وأندیجانی نجم الدین : أخلاقیات مهنة التعلیم فی ضوء مفهوم التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم . المؤتمر العلمی السادس لکلیة التربیة بالفیوم  التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم العربی  . مصر . المجد 2  .2005
  • حسنین ، عبدالمنعم : الحاجة لناء نظریة عربیة للتدریس
  • الحسین ، خندف علی: الفکر التربوی ( النظریة التربویة ) عند ابن خلدون . رسالة ماجستیر غیر منشورة . کلیة التربیة . الجامعة الأردنیة . 1399هـ .
  • حسینی ، صلاح الدین : التنمیة المهنیة لمعلمی التعلیم الثانوی العام . مجلة مستقبل التربیة العربیة . العدد 50 إبریل 2008 .
  • حمدان ، محمد : التنمیة المهنیة للمعلم والتدریب لمجتمع المعرفة . مستقبل إصلاح التعلیم العربی لمجتمع المعرفة تجارب ، ورؤى . 2010.
  • خلیل ، نبیل : التنمیة المهنیة للقیادات التربویة . الجمعیة المصریة للتربیة المقارنة . المؤتمر الخامس عشر 2007 .
  • رشاد ، عبدالمنعم :  نموذج الجدارة الوظیفیة وضع القیاسات وتخطیط السیاسات واستخدام الأدوات . بحث غیر منشور . جامعة قناة السویس . الإسماعیلیة . مصر . 2009 .
  • الزیناتی ، أسامة : دور أخلاقیات المهنة فی تعزیز المسؤولیة الاجتماعیة فی المستشفیات الحکومیة الفلسطینیة . رسالة ماجستیر غیر منشورة . جامعة الأقصى . فلسطین . 1436هـ
  • السالوس ، منى : التنمیة المهنیة لعضو هیئة التدریس الجامعی . الثقافة والتنمیة . العدد 11 أکتوبر2004.
  • شحاته ، حسن والنجار ، زینب : معجم المصطلحات التربویة والنفسیة عربی إنجلیزی – إنجلیزی عربی. الدار المصریة اللبنانیة . القاهرة . 1424هـ .
  • عبد الحمید ، أحمد ربیع : التنمیة المهنیة للمعلم اثناء الخدمة . مجلة التربیة . جامعة الأزهر . العدد 88 . 2000م .
  • عبدالغنی ، نسرین : استخدام أسلوب تاریخ الحیاة فی التنمیة المهنیة للمعلمین . مجلة کلیة التربیة ، جامعة الأزهر ، العدد 157 الجزء الثالث  ینایر 2014.
  • عبدالله ، عبدالرحمن : النظریة العامة للتربیة رؤیة إسلامیة . مؤتمر نظریة التربیة الإسلامیة . إربد . 1411هـ .
  • عبدالمطلب ، أمل : التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس الجامعی فی ضوء الخبرة الأسترالیة . مجلة کلیة التربیة . جامعة المنصورة . العدد 75 . ج1 . ینایر 2011 .
  • عبدربه ، فهیم عبدالعزیز : النظریة التربویة للفارابی . بحث ماجستیر . کلیة التربیة . جامعة المنوفیة . 1992م .
  • ابن العماد ، عبدالحی : شذرات الذهب فی أخبار من ذهب . دار ابن کثیر . دمشق . 1413هـ .
  • العنزی ، مشعل العدوانی : الممارسات المهنیة لإعداد وتنمیة أعضاء هیئة التدریس فی جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة . مجلة جامعة طیبة للعلوم التربویة  المجلد 9 . العدد 2 . 2014 .
  • عیاصرة ، أحمد : التنمیة المهنیة المستدامة للمعلمین . مجلة رسالة المعلم . الأردن.  المجلد 43. العدد  3,4 . 2005 .
  • فودة ، حلمی محمد ، و عبدالله ، صالح : المرشد فی کتابة البحاث . ط 6 دار الشروق . جدة .
  • قدورة ، وحید : الکتابة ومفهوم الاتصال المکتوب عند القلقشندی . المجلة العربیة للمعلومات . تونس . المجلد 13. العدد 2 . 1992 .
  • القلقشندی ، أحمد : صبح الأعشى فی صناعة الإنشا . دار الکتب المصریة بالقاهرة . 1340هـ .
  • الکتانی ، عبدالحی : فهرس الفهارس والأثبات . دار الغرب الإسلامی . بیروت . ط 2 . 1402ه.
  • المعاضیدی ، سفیان : بناء مفهوم النزاهة فی المناهج العراقیة . جامعة بغداد . 2008.
  • مور ، ت.: النظریة التربویة، ترجمة (محمد الصادق وعبد المجید شیحة)، مکتبة النهضة المصریة ، القاهرة، 1986.
  • یالجن ، مقداد : معالم بناء نظریة التربیة الإسلامیة . مؤتمر نظریة التربیة الإسلامیة . إربد . 1411هـ .